اللاهوت المقارن

الفصل العاشر



الفصل العاشر

الفصل العاشر

وساطة الكنيسة

77 وساطة الكنيسة في رأي
البروتستانت

78 الإيمان ووساطة الكنيسة

79 المعمودية ووساطة الكنيسة

80 التعليم ووساطة الكنيسة

81 الولادة من الله

82 منح الروح القدس

83 إقامة خدّام الرب

84 الرعاية والتوبة في الكنيسة

 

77- وساطة الكنيسة في رأي البروتستانت

قال القديس بولس عن عمل السيد المسيح الكفارى في
الفداء: (يوجد.. وسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه
فدية من أجد الجميع) (1تي5: 2ؤ. وواضح هنا أن الكلام عن الفداء.

 

وبنفس المعني قال القديس يوحنا الرسول: (إن أخطأ
أحد فلنا شفيع عند الله الآب: يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا. ليس
لخطايانا فقط، بل لخطايا العالم كله) (1يو2: 1،2). وواضح أن الكلام عن الكفارة
والشفاعة الكفارية.

 

إذن الوساطة التي تحدث عنها بولس الرسول خاصة
بالفداء.

والشفاعة التي تحدث عنها الرسول خاصة بالكفارة..

 

ولكن أخوتنا البروتستانت يستخدمون هاتين الآيتين
إستخداماً واسعاً يخرجهما عن موضوع الكفارة والفداء، إلي أنكار كل ما يعتقدونه
وساطة بين الله والناس.

 

فيعتقدون بعلاقة مباشرة بين الله والناس..

تجعلهم في غير حاجة إلي الكهنوت ووساطة الكنيسة.!

هم يعتبرون الكهنوت وساطة، فلا يؤمنون به!!

وكذلك شفاعة القديسين وساطة. فلا يعتقدون بها!

 

وأيضاً الإعتراف، والتحليل هما من عمل الكهنوت،
فلا حاجة لهم بهما، إنها في علاقة مباشرة يعترفون علي الله، ويأخذون المغفرة منه
مباشرة..

 

وحتي بعد الوفاة، لا أهمية في نظرهم للصلاة علي
الموتي، لأنها شفاعة من الكنيسة فيهم..‍! ولون من الوساطة!

 

ولنضرب مثلاً آخر بالمعمودية.

الولادة الجديدة التي ننالها في المعمودية (يو3:
5، تي 3،5)، وكذلك التبرير وغفران الخطايا بالمعمودية (أع2: 38،22: 16). يعتقد
الإنسان البروتستانتي أنه ينال كل هذا بمجرد إيمانه. ويدخل الأمر إذن في علاقته
المباشرة مع الله، ولا حاجة إلي الكهنوت والكنيسة..

 

كأن المعمودية لا قيمة لها، ولا علاقة لها
بموضوع الخلاص!! وكأن السيد المسيح لم يقل (من آمن واعتمد خلص) (مر16: 16). مع
باقي الآيات التي تربط بين المعمودية والخلاص، مثل (1بط3: 20،21). (تي5: 3).

 

وهكذا يصل إلي الخلاص اللحظي، أو الخلاص في
لحظة!

 

ولأن المعمودية تتم عن طريق الكهنوت والكنيسة،
إذن لا دخل لها في موضوع خلاصه الذي يتوقف في اعتقاده علي مجرد العلاقة المباشرة
بينه وبين الله، دون وساطة الكنيسة! أي بإيمانه الشخصي..

 

78- الإيمان ووساطة الكنيسة

وهنا أحب أن أسأل سؤالاً بخصوص هذا الإيمان.

 

الإيمان الذي يري المسيحي البروتستانتي، أنه
ينال به التبرير والتجديد والتبني ومغفرة الخطايا، والخلاص عموماً‍‍‍‍‍‍‍‍‍…

 

حتي يقول البعض (كله بإيمان).

كيف ينال الإنسان الإيمان؟ أليس عن طريق
الكنيسة؟

 

يقول القديس بولس الرسول في شرح عبارة (كل من
يدعو بأسم الرب يخلص) (رو13: 10). (فكيف يدعون بمن لم يؤمنوا به؟ وكيف يؤمنون بمن
لم يسمعوا به؟ وكيف يسمعون بلا كارز؟ وكيف يكرزون لإن لم يرسلوا؟ (رو10: 14،15).
لإذن لابد من كارز يكون واسطة للإيمان. وهذا الكارز لابد أن ترسله الكنيسة.. إذن
الكنيسة هي الوسيط الذي يوصل الإيمان إلي الناس، والإيمان بالله. هوذا بولس الرسول
يقول لهل كورنثوس عن وساطته هو وزميله أبلوس:

 

(فمن هو بولس؟ ومن هو أبلوس؟ بل خادمات آمنتم
بواسطتهما) (كو3: 5).

 

إذن كان بولس وأبلوس وسيطين، عن طريقهما وصل
الإيمان إلي أهل كورنثوس. ونفس الوضع قيل في الإنجيل عن يوحنا المعمدان الكاهن
(هذا جاء للشهادة ليشهد للنور، لكي يؤمن الكل بواسطته) (يو7: 1). هذه إذن هي أول
وساطة بين الله والناس: توصيل الناس إلي الإيمان بالله..

 

وإن لم يكن هناك وسطاء بين الله والناس، فماذا
كانت إذن وظيفة الأنبياء والرسل والمعلمين؟‍‍‍‍!

 

هوذا الكتاب يقول عن الرب (وهو اعطي البعض أن
يكونوا رسلاً، والبعض أنبياء والبعض مبشرين، والبعض رعاة ومعلمين) (أف11: 4).
لماذا؟ ما هو عمل كل هؤلاء، إلا أن يكونوا وسطاء بين الله والناس. وذلك قال عن
عملهم (لأجل تكميل القديسين، لعمل الخدمة، لبنيان جسد المسيح) (اف12: 4). إنهم
ينقلون الإيمان إلي الناس..

 

فهل إن آمنوا يتركونهم؟‍! كلا، بل يعمدونهم؟

 

وهكذا قال السيد المسيح لرسله القديسين (اذهبوا
إلي العالم أجمع. وإكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن واعتمد خلص) (مر16: 15،16).
وقال لهم أيضاً (أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم. وعمدوهم باسم الآب والأبن والروح
القدس. وعلموهم جميع ما أوصيتكم به) (مت28: 19،20).

 

79- المعمودية ووساطة الكنيسة

وبعمل الكنيسة في الكرازة والتعليم، إنتشر
الإيمان.

وكانت الكنيسة تعمد كل من يؤمن..

الذين آمنوا في يوم الخمسين منن اليهود، عمدهم
الرسل وكانوا نحو ثلاثة آلاف (أع2: 37-41(. وعمدوا أهل السامرة لما آمنون) (أع8: 12،16).
والخصي الحبشي لما آمن اعتمد (أع8: 37،38).. وسجان فيلبي الذي قال له بولس الرسول
(آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك) (أع31: 16). هذا (اعتمد في الحال، هو والذي
له أجمعون)رأع33: 16). وكذلك اعتمدت ليديا بائعة الأرجوان هي وأهل بيتها (أع15: 16).

 

إذن كانت الكنيسة واسطة في نشر الإيمان، وفي
تعميد المؤمنين وأهلهم..

 

هل يجرؤ أحد إذن أن يقول – في غير موضوع الكفارة
والفداء – لا وسيط بين الله والناس؟ الكنيسة إذن كان من عملها الكرازة ونشر
الإيمان. وكان يقومون أيضا بتعميد المؤمنين. والكتاب كان يسميهم أحيانا (سفراء)
(2كو20: 5). أو (وكلاء الله) (تي7: 1). أو (وكلاء سرائر الله) (1كو1: 4) وماذا
أيضاً؟

 

عهد الرب إليهم ايضاً بالتعليم، الذي لم يعهد به
لكل احد.

 

80- التعليم ووساطة الكنيسة

بعد أن عهد الرب لتلاميذه بالكرازة والتعميد،
قال لهم:

(وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به) (مت20: 8).

وهكذا عطف الرسل علي (خدمة الكلمة) (أع4: 6).
الكلمة التي قال عنها القديس يعقوب الرسول (شاء فولدنا بكلمة الحق) (1يع18: 1)..
الكلمة توصل إلي الإيمان، والإيمان يوصل إلي المعمودية، والمعمودية بها الميلاد
الثاني. والأصل هو كلمة التعليم.

 

وكما قال القديس بولس الرسول عن علاقة المسيح
بالكنيسة (لكي يقدسها مطهرا إياها بغسل الماء بالكلمة) (أف26: 5). فالكلمة توصل
الإيمان، والإيمان يوصل إلي المعمودية وغسل الماء. وهذا الغسل من الخطايا يؤدي إلي
التطهير والتقديس.

 

وكما أن المعمودية والإيمان لهما علاقة بالخلاص
(مر6: 16). كذلك كلمة التعليم..

 

هي التي توصل إلي الإيمان والمعمودية، ومن ثم
إلي الخلاص.أو توصل إلي التوبة فالخلاص. هكذا قال القديس بولس الرسول لتلميذه
تيموثاوس الأسقف (لاحظ نفسك والتعليم وداود علي ذلك. لأنك إن فعلت هذا، تخلص نفسك
والذين يسمعونك أيضاً) (1تي16: 4).

 

81- الولادة من الله

إذن الكنيسة تلد الناس بالإيمان والمعمودية.

تلدهم بالروح القدس (من الماء والروح) (يو5: 3).
تلدهم لله، فيصرون أبناء الله.. وفي هذا المعني يقول القديس بولس الرسول في رسالته
إلي فليمون (أطلب إليك من أجل ابني أنسيموس، الذي ولته في قيودي) (فل10).وبولس
الرسول كان بتولاً وهو هنا يقصد الولادة الروحية لأنسيموس. وبالمثل يقول لأهل
كورنثوس (وإن كان لكم ربوات من المرشدين، لكن ليس آباء كثيرون. لأني أنا ولدتكم في
المسيح يسوع بالإنجيل) (1كو15: 4).

 

للكنيسة عمل آخر غير ولادة أبناء الله، وهو:

 

82- منح الروح القدس

الكنيسة هي الوسيط في منح الروح القدس للمؤمنين
المعمدين.

هل يستطيع أحد ان يحيا حياة روحية بدون عمل
الروح القدس فيه؟ وإن كان هذا أمراً حيويا لكل مؤمن، فكيف ينال الروح القدس؟

 

يقول الكتاب أنه لما علم الرسل أن أهل السامرة
قبلوا الإيمان، أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا لإعطائهم الروح القدس (حينئذ وضعا
الايادي عليهم، فقبلوا الروح القدس) (أع17: 8). وبالمثل حدث لأهل افسس بعد عمادهم
(لما وضع بولس يديه عليهم، حل الروح القدس عليهم) (أع6: 19).

 

ثم صار منح الروح القدس بالمسحة المقدسة)1يو2: 20،27).

 

وكيف ينال المؤمن هذه المسحة؟ بواسطة الكنيسة
طبعاً، لنه لا يمسح نفسه.. هل نقول إذن: لا وسيط؟! لقد نلت الروح القدس عن طريق
هذا الوسيط..

 

والمسحة لها تاريخ طويل في العهد القديم، منذ أن
أمر الرب موسى بعملها (دهناً مقدساً للمسحة) (خر52: 30). ليمسح بها خيمة الإجتماع
والمذابح والأواني (ويقدسها فتكون قدس أقداس)، ويمسح بها هرون وبنيه كهنة (خر30: 25-30،40:
9-16). وبالمسحة المقدسة مسح صموئيل الملوك فحل عليهم الروح القدس (1صم10: 10،16: 13).

 

وهنا يذكرنا بوساطة أخري للكنيسة، وهي إقامة
خدام للرب.

 

83- إقامة خدّام الرب

لا يمكن أن يبني ملكوت الله بدون خدام للرب.
والله عهد بهذا الأمر إلي الكنيسة. خذوا مثلاً لذلك في إقامة برنابا وشاول للخدمة.
يقول الكتاب (وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس: أفرزوا لي برنابا
وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه) (أع2: 13).

 

علي الرغم من هذه الدعوة الإلهية إلا أن ذلك كان
لابد أن يمر من خلال القنوات الشرعية، أعني الكنيسة ووضع اليد..

 

يقول الكتاب (فصاموا حينئذ وصلوا، ووضعوا عليهما
الأيادي وأطلقوهما فهذان إذ أرسلا من الروح القدس انحدرا إلي سلوكية) (أع4: 13).
فلم يعتبروا مرسلين من الروح القدس، فلا بعد أن نالا وضع اليد من الكنيسة.

 

نفس الوضع تقريبا نراه بالنسبة إلي تيموثاوس
الأسقف.

 

يقول له القديس بولس الرسول (أذكرك أن تضرم أيضا
موهبة الله التي فيك بوضع يدي) (2تي6: 1). إنها موهبة من الله. ولكنها تنال بواسطة،
وهي وضع اليد من سلطة كهنوتية في الكنيسة.

 

84- الرعاية والتوبة في الكنيسة

ومع أن البروتستانت يؤمنون بوضع اليد في إقامة
الخدام – والقياس مع الفارق – إلا أنهم لا يتكلمون عن الكنيسة كوسيط بين الله
والناس (مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ) (إنجيل متى 11: 15؛ متى 13:
9، 43؛ إنجيل مرقس 4: 9، 23؛ مرقس 7: 16؛ إنجيل لوقا 8: 8؛ لوقا 14: 35).

 

هل ترك الله خرافه بدون رعاة؟! كلا.

يقول الرسول: وإحترزوا لأنفسكم ولجميع الرعية
التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة، لترعوا كنيسة الله التي أقتناها بدمه) (أع28:
20).

 

أقامهم الله للاهتمام بأولاده، فهم وكلاؤه.

 

ولعل من أهم الأمور مصالحتهم مع الله بقيادتهم
إلي التوبة. وفي هذا يقول القديس بولس الرسول (وأعطانا خدمة المصالحة.. إذن نسعي
كسفراء عن المسيح، كأن الله يعظ بنا. نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله)
(2كو5:
18،20).

أليست هذه وساطة؟! في عمل صلح بين الله والناس.

ليتنا إذن نقرأ هذا المقال من أوله.. ونري عناصر
الوساطة التي تقوم بها الكنيسة.

وكلها وساطة خاصة بالخلاص.

 

وهكذا يقول الرسول في قيادة الناس إلي التوبة
(من رد خاطئاً عن ضلال طريقة يخلص نفساً من الموت، ويستر كثرة من الخطايا) (يع20: 5)

 

وايضاً (وخلصوا البعض بالخوف، مختطفين من النار)
(يه23).

كما أن قيادة الناس للإيمان والمعمودية هي
للخلاص أيضاً (مر16: 16).

والتعليم أيضا هدفه الخلاص كذلك (1تي16: 4).

وكذلك باقي الأمور التي تقوم بها الكنيسة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى