اللاهوت المقارن

الفصل السابع



الفصل السابع

الفصل السابع

هل خلص هؤلاء في لحظة؟!

65- هل خَلُصَ هؤلاء في لحظة؟!

نبذة بغير توقيع

أرانى أحدهم نبذة بروتستانتية عنوانها من الخارج
هو: (بدعة الخلاص في لحظة) أما في داخلها، فدفاع عن هذه البدعة يختتم بعبارة: ,,
إذن الخلاص في لحظة حقيقة مؤكدة..!!

 

وعرفت أن القصد من عنوان النبذة هو محاولة
لإعطائها صورة أرثوذكسية من الخارج تغرى الأرثوذكسي بقراءتها، كما لو كانت صادرة
من الكنيسة! بينما في داخلها تعليم غير أرثوذكسى!!

 

ولست حالياً بصدد الحكم على هذا الأسلوب في
النشر، ومدى روحانيته، ومدى صراحته في الإيمان (1تى 1: 2) إنما سأتعرض للموضوع
ذاته، وأناقش النقاط الأساسية فيه.

 

وسنتناول الأمثلة التي ذكرها الكاتب بالتتابع.
وفى مقدمتها: العشار والابن الضال، وهل خلص كل منهما في لحظة؟

 

للمثلين هدف آخر:

لم يكن السيد المسيح في أى من هذين المثلين يشرح
عقيدة الخلاص، إنما كان في أحدهما يتحدث عن أهمية الاتضاع، وفى الثانى يتحدث عن
أهمية التوبة.

 

هل يرى أخوتنا البروتستانت أن الاتضاع والتوبة
هما سبب الخلاص؟! إذ لم يذكر في مثل العشار، ولا في مثل الابن الضال، أى شئ عن
الإيمان، ولا عن الفداء والكفارة ودم المسيح!

 

وذلك لأن لكل منهما هدفاً آخر. فلماذا إذن
يستخدم كلام الكتاب في غير موضعه؟! وما هى المناسبة الخاصة بكل من هذين المثلين؟

 

66- هل خلص العشار في لحظة؟

أما عن مثل العشار، فيقول القديس لوقا الإنجيلى
عن الرب:

(وقال لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار، ويحتقرون
الآخرين، هذا المثل: إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا، واحد فريسى والآخر عشار) (لو
18: 9، 10) وانتهى المثل بعبارة: (لأن كل من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع)

 

هنا إذن تركيز على مقارنة بين الكبرياء والاتضاع..
أو مقارنة بين الافتخار والانسحاق.. وكيف أن الإنسان ينخفض ويدان بالكبرياء والافتخار،
بينما يتبرر بالاتضاع والانسحاق.

 

ولكن الاخوة البروتستانت الذين ينادون بأن
التبرير بالإيمان، يركزون هنا على عبارة: (نزل إلى بيته مبرراً دون ذاك) التي قيلت
عن العشار بسبب اتضاعه وانسحاقه!

 

فهل هم يؤمنون أن التبرير يكون بالاتضاع؟!

 

إن الاتضاع عمل، والانسحاق عمل، والاعتراف
بالخطية عمل. فهل يخلص العشار بأعماله؟‍وما مركز الدم والكفارة والفداء؟ حيث لا
إشارة إلى شئ من كل هذا!!

 

إن عبارة: (نزل مبرراً دون ذاك) تعنى ببساطة أن
الرب يقبل توبة المتضعين المستحقين بقلوبهم، ويرفض افتخار المتكبرين. أو تعنى أن
الله يرفع المتضعين، ويخفض المتكبرين، كما يفهم من ختام هذا المثل (لو 18: 14)

 

إن الرب لم يضرب هذا المثل إطلاقاً ليشرح قضية
الخلاص، أو ليذكر أن الخلاص يمكن أن يتم في لحظة.

 

ومع ذلك فإن في هذا المثل معنيين أرثوذكسيين:

 

أولهما الاعتراف بالخطية، والثانى هو الصلة
بالهيكل (بالكنيسة).

 

لقد ذهب العشار إلى بيت الرب، ليعترف بخيئته،
ويشرح عدم استحقاقه وقف من بعيد، لا يشاء أن يرفع عينيه إلى السماء، ثم قرع واعترف
بخطيته لم (يطالب بحقوقه) كما يفعل البعض!! إنما طلب الرحمة في إنسحاق، وشعور بعدم
الاستحقاق..

 

هنا يعترض البعض بأن العشار خلص بدون معمودية
وتناول!

 

فنرد عليهم بأنه ما كان ممكناً في هذا المثل
التحدث عن أسرارالكنيسة، لأنها لم تكن قد تأسست بعد، فأسرار الكنيسة تأسست على دم
المسيح، الذي لم يكن قد سفك بعد!!

 

المعمودية هى موت وقيامة مع المسيح (رو 6: 4، 5)
والمسيح عندما قال هذا المثل، لم يكن قد مات بعد.. ما كان ممكناً للعشار أن يقول
عن المسيح مع الرسول: (مدفونين معه بالمعمودية) (كو 2: 12) وهكذا أيضاً عن باقى
الأسرار التي تأسست على استحقاقات دم المسيح..

 

كذلك لم يكن الحديث عن الأسرار هو هدف هذا المثل.

 

إنما كان قصده تبكيت قوم (واثقين بأنفسهم أنهم
أبرار، ويحتقرون الآخرين) ومع كل هذا،، لا مانع من أن نرجع إلى السؤال الأساسى
ونرد عليه وهو:

 

هل يفهم من المثل أن العشار نال الخلاص في لحظة؟

 

إن إنسحاق العشار وتوبته واعترافه وطلبه الرحمة،
كل ذلك يعطيه استحقاقاً للمغفرة، كأى استحقاق للمغفرة فى العهد القديم، ينتظر دم
المسيح لسداد أجرة الخطية..

 

فلو عاش منسحق وتائب ومعترف مثل هذا أيام المسيح،
لكان عليه لكى ينال الخلاص متى تأسست الكنيسة، بعد الفداء وحلول الروح القدس.. أن
يذهب ويعلن إيمانه بالمسيح المصلوب القائم، وينال المعمودية لمغفرة الخطايا (أع 2:
38)

 

وبهذا لا يكون قد خلص في لحظة، لأنه (بدون سفك
دم لا تحصل مغفرة (عب 9: 22)

 

أما لو كان هذا العشار قد عاش ومات قبل صلب
المسيح، لكان عليه أن ينتظر في الجحيم، إلى أن يخرجه الرب بعد الصلب مع آدم
والأنبياء وباقى القديسين، ولا يكون قد خلص في لحظة..

 

67- هل خلص الابن الضال في لحظة؟!

كما كان هدف مثل العشار هو التواضع، وليس الخلاص
(لو 18: 9)، كذلك مثل الابن الضال، بل كل الاصحاح، عن التوبة (لو 15) وليس عن
الخلاص.

 

كان الفريسيون والكتبة قد تذمروا لأن المسيح
يقبل إليه العشارين والخطاة (لو 15: 1، 2) فذكر لهم الرب ثلاثة أمثلة عن رجوع
الخطاة، هى الخروف الضال والدرهم المفقود، وارلابن الضال كلها قص عن سعى الرب وراء
الخطاة وردهم، وقبول الراجعين منهم..

إنها قص عن التوبة، وليست قواعد عقائدية للخلاص..

ومع ذلك، فإن قصة الابن الضال، تحوى رمزواً
عميقة..

فلنتأمل إذن هذا المثل، ونفحص التوبة التي فيه.

لقد مرت على الأبن لحظات مصيرية، جلس فيها إلى
نفسه، وبحث حالته ومصيره، وقرر التوبة.

إنها لحظات مقدسة بلا شك، ولحظات مصيرية، ولكنها
ليست لحظات خلاص لأن الخلاص لا يتم في لحظة ولا لحظات!

 

إن الجلوس مع النفس شئ، وتقرير المصير شئ،
والتوبة شئ ولكن الخلاص شئ أكبر من هذا كله وهنا يبدو الفرق الواضح العميق بين
التفكيرين الأرثوذكسى والبروتستانتى.

 

فى التفكير البروتستانتى: الخلاص مجرد علاقة
فردية بين الإنسان والله، لذلك يرون أنه يمكن أن يتم في لحظة.

 

أما في العقيدة الأرثوذكسية، فإن للكنيسة دوراً
في الخلاص، باعتبارها أمنية على نعم الروح القدس التي في الأسرار المقدسة.

 

وهكذا يكون للكهنوت دور، كوكيل لله (تى 1: 7)
وبالتالى لا يمكن أن يتم الخلاص في لحظة.

 

لقد جلس الابن الضال مع نفسه، واستعرض سوء حالته،
وقرر التوبة ولكن هذه اللحظات المصيرية المقدسة، لم تكن لحظات خلاص.. فلماذا؟

 

أولا، لأنه كان لا يزال في أرض بعيدة، بعيداً عن
الآب وعن حضن الآب، وعن بيت الآب الذي هو الكنيسة. ولا يمكن أن يتم الخلاص، وهو
بعيد عن الآب..

 

وقد شعر هو بهذا وبأهميته، فقال: أقوم واذهب إلى
أبى، وأقول له أخطأت) (لو 15: 18) وقام وذهب إلى أبيه.

 

رجوعه إلى بيت الآب، معناه رجوعه إلى الكنيسة
فالخلاص يتم في بيت الآب لذلك اشترك العبيد في القصة، وهم يرمزون هنا إلى الكهنة.

 

قال الأب لعبيده: (اخرجوا الحلة الأولى والبسوه
واجعلوا خاتماً يتم في يديه، وحذاء في رجليه وقدموا العجل المسمن واذبحوه، فنأكل
ونفرح) وقال هذا قبل أن يقول: (لأن ابنى هذا كان ميتاً فعاش، وكان ضالاً فوجد).

 

لنرى ماذا تحمل هذه التفاصيل، من رموز وطقوس؟

لبس الحلة الأولى يرمز إلى المعمودية، وإلى البر.

 

يرمز إلى المعمودية، إن كان المثل عن غير
المؤمنين. فالابن الضال يرمز إلى الأمم الذين تغربوا عن الرب في كورة بعيدة، بينما
الابن الأكبر يرمز إلى اليهود..

 

ولبس الحلة هنا يذكرنا بقول الرسول: (لأنكم
جميعاً الذين اعتمدتم للمسيح، قد لبستم المسيح) (غل 3: 27).

 

والحلة الجديدة ترمز أيضاً إلى (تبررات
القديسين) بالنسبة إلى المؤمنين (رؤ 19: 8، حز 16: 10، أف 6: 14) ونلاحظ أن هذا
البر في (حز 16) جاء بعد المعمودية والميرون. بعد (فحممتك بالماء) أى المعمودية
(ومسحتك بالزيت) أى الميرون. ثم (ألبستك..) (حز 16: 9، 10)

 

أما الأكل من العجل المسمن المذبوح، فيرمز إلى
الافخارستيا.

 

ونلاحظ أن هذا قد تم في مثل الابن الضال بعد
التوبة والاعتراف وانسحاق القلب. بعد قوله: (أخطأت.. ولست مستحقاً أن أدعى لك
ابناً)

 

ونلاحظ أيضاً أن ذبح وتقديم العجل المسمن، تم
بواسطة عبيد الآب، أى رجال الكهنوت، الذين لهم دور في القصة.

 

كما أن ذبح العجل يعنى سفك الدم، ويذكرنا بقول
الرسول: (بدون سفك دم لا تحصل مغفرة) (عب 9: 22)

 

ما كان ممكناً للآبن الضال أن يخلص قبل ذبح
العجل المسمن، وسفك دمه والتناول منه..

 

أما الخاتم في يده فيرمز إلى البنوة، وإلى أن
نفسه قد صارت عروساً للمسيح. والحذاء في رجليه، يرمز إلى حفظ الوصايا (أف 6: 15)

 

وهكذا نرى أنت قصة الابن الضال قد شملت:

أ الرجوع إلى النفس ولومها، والتوبة، والاعتراف
والأنسحاق.

ب الرجوع إلى الكنيسة، وإلى بيت الآب وحضن الآب

ج المعمودية، والبر.

د التناول من سر الافخارستيا، وحفظ الوصايا.

ه مشاركة عبيد الآب الذين هم رجال الكهنوت.

وواضح أن كل هذا، لم يتم في لحظة..

ومن له اذنان للسمع فليسمع.. (مت 13: 9)

 

68- هل خلص زكا في لحظة؟!

قصة زكا تشبه قصة سجان فيلبي فى عبارة: (اليوم
حصل خلاص لهذا البيت) (لو 19: 9) وتزيد عليها تفاصيل عديدة في قصة توبة زكا، لا
يمكن أن تتم في لحظة.

 

ومع أن كلمة (اليوم) لا تعنى كلمة (لحظة)، إلا
إننا سنبحث تفاصيل القصة لنرى على أى شئ تدل؟

 

تشرح القصة: سعى زكا إلى المسيح.. رغبته، بساطته،
صعوده إلى الجميزة، ودعوة الرب له: (اسرع وانزل لأنه ينبغى أن أمكث اليوم في بيتك)
وأسرع زكا ونوله، وقبوله للرب فرحاً. وحتى بعد كل ذلك لم يكن الرب قد قال: (اليوم
حصل خلاص لهذا البيت)

 

وإنما زكا أخذ الرب إلى بيته، ودخل الرب بيته.
(فلما رأى الجميع ذلك تذمروا قائلين: إنه دخل ليبيت عند رجل خاطئ) (لو 19: 17)

 

ومع أن اللقاء عند الجميزة، وما قبل الجميزة من
مشاعر، والدعوة، والذهاب إلى البيت.. لا يمكن أن يتم كل ذلك في لحظة.. إلا أن الرب
لم يكن قد قال بعد: (اليوم حصل خلاص لهذا البيت) ثم جاءت توبة زكا واعترافه، وعزمه
على رد الظلم.. هل كل ذلك، يمكن أن تشمله كلمة (لحظة؟!

 

ومع ذلك فإن لنا ثلاثة ملاحظات على عبارة: (اليوم
حدث خلاص لهذا البيت): الأولى هى عبارة: (لهذا البيت) فأهل ذلك البيت لا يمكن أن
يكونوا قد خلصوا في لحظة بتوبة واحدة منهم إنما تكون توبته بدء علاقة مع الرب تؤدى
إلى خلاصهم. وهذا لا يتم في لحظة.

 

الملاحظة الثانية هى اننا لا يمكن في هذا المثل
أن نتكلم عن الأسرارالكنسية لأنها لم تكن قد تأسست بعد..

 

الملاحظة الثالثة: هى أن زكا لا يمكن أن يكون قد
خلص إلا بعد صلب المسيح، لأنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عب 9: 22)

 

فالعبارة التي قالها الرب لا تعنى سوى وعد
بالخلاص، او اعلان أن هذا البيت مستحق للخلاص الذي سيتم بعد حين على الصليب.. إن
زكا وأهل بيته قد أخذوا وقتذاك صكاً للخلاص الذي لم ينالوه إلا بعد صلب المسيح،
وبشرط..

 

يقيناً أن زكا وأهل بيته لم ينالوا الخلاص إلا
بعد إتمام الفداء، وإيمانهم بهذا الفداء، وعمادهم في العصر المسيحى لمغفرة الخطايا
(أع 2: 38)

 

فبدون الإيمان بدم المسيح لا يمكن أن يخلص أحد.

 

لابد أن يكونوا قد اعتمدوا وغسلوا خطاياهم، حسب
نصيحة حنانيا لشاول الطرسوسى (أع 22: 16) فاستحقاق الخلاص شئ، ونواله شئ آخر..

 

إذن لا يمكن أن يكون زكا قد نال الخلاص في لحظة.

 

إن القول بأن أحداً نال الخلاص قبل الصلب، هو
هدم صريح لعقيدة الخلاص بالدم التي يؤمن بها اخوتنا البروتستانت!

 

حسن هو هذا الإيمان. ولكن يناسبه التبيق بالأكثر.

 

ولا يصح أن يأخذ أحد آيات الكتاب حرفياً،
(فالحرف يقتل) كما يقول الكتاب (2كو 3: 6) بل ينبغى أيضاً أن نمزح بنص الآية الفهم
اللاهوتى السليم، وإلا قادتنا الحرفية إلى السطحية.

ومن له اذنان للسمع فليسمع (مت 11: 15)

 

69- هل خلص سجّان فيلبّي في لحظة؟!

فى قصة سجان فيلبي، نقرأ أن بولس وسيلا قد قالا
له: (آمن بالرب يسوع المسيح، فتخلص أنت وأهل بيتك) (أع 16: 31)

فهل إيمان فيلبى، خلص أهل بيته في لحظة؟

لاهوتياً وعملياً، من المستحيل أن يتم هذا في
لحظة.

إنما إيمان شخص، قد يؤدى إلى خلاص أهل بيته، في
حالة ما إذا كان يقودهم ذلك إلى الإيمان، أى يتبعونه في إيمانه ويكون إيمانه هو
الخطوة الأولى التي تقود إلى الخلاص بعد حين.

 

وهذا واضح في قصة خلاص سجان فيلبي وبيته. يقول
سفر أعمال الرسل: (وكلماه وجميع من في بيته بكلمة الرب. فأخذهما في تلك الساعة من
الليل، وغسلهما من الجراحات، واعتمد في الحال، هو الذين له أجمعون) (أع 16: 32 34)
وبعد العماد يقول الكتاب: (وتهلل مع جميع بيته)

 

فلو كان مجرد إيمانه قد خلصه، ماذا كانت الحاجة
إلى تبشيره وكل بيته بكلمة الله في تلك الساعة من الليل؟! وماذا كانت الحاجة إلى
أن يعتمد في الحال، هو والذين له أجمعون؟! ثم بعد ذلك يتهلل وعبارة: (اعتمد في
الحال) تعنى ضمناً أهمية المعمودية لخلاصه.. ولذلك فى الحال اعتمد هو الذين له
أجمعون، لكى ينالوا الخلاص حسب قول السيد الرب: (من آمن واعتمد خلص) (مر 16: 16)
وكما اعتمد الخصى الحبشى بعد إيمانه مباشرة (أع 8: 37، 38)

 

وطبيعى أن كل ذلك لم يتم فى لحظة.

لم يقل الرسولان لسجان فيلبي: مادمت قد آمنت،
تهلل إذن فقد خلصت، وصرت إبناً لله، بمجرد قبولك!!

إنما كانت هناك كرازة، وأعمال حسنة تدل على توبة،
ثم عماد.. هل يجرؤ أحد إذن أن يقول إن سجان فيلبى قد خلص هو وأهل بيته في لحظة؟!

أو هل يجرؤ أحد أن يقول إن سجان فيلبي، قد خلص
بدون الكنيسة، أو بدون المعمودية؟!

 

70- هل خلص اللص في لحظة؟!

مثال خلاص اللص على الصليب، هو من الأمثلة
الشهيرة، التي يحاول البعض استخدامها، لاثبات الخلاص في لحظة، ولعدم ضرورة
المعمودية والكهنوت. وهم في ذلك يقدمون الاعتراض الآتى المكون من ثلاث نقاط:

 

إعتراض

1 لقد خلص اللص في لحظة، حينما قال له الرب: (اليوم
تكون معى في الفردوس) (لو 22: 43)!

2 وقد خلص بدون معمودية!

3 وقد خلص أيضاً بدون كهنوت وبدون تدخل الكنيسة!

فلماذا إذن تشترطون الكهنوت والكنيسة
والمعمودية؟

 

الرد على الاعتراض

لا يمكن أن يكون اللص قد خلص فى لحظة.. ونقدم
لذلك الأدلة الآتية:

1 لا يمكن أن يكون اللص قد خلص بمجرد الوعد
الإلهى، قبل موت المسيح على الصليب.

 

وذلك لأن أجرة الخطية هى موت (رو 6: 23) فلابد
أن يموت المسيح أولا ليخلص اللص..

 

وواضح أن السيد المسيح قد بقى على الصليب ربما
حوالى ساعتين بعد أن قال وعده للص. لأن ذلك الوعد كان هو الكلمة الثانية من كلمات
المسيح السبع على الصليب. ربما قالها في الساعة الأولى من الساعات الثلاث التي
قضاها على الصليب من السادسة إلى التاسعة. فهل خلص اللص بعد موت المسيح مباشرة؟
هنا ونقول:

 

2 كان لابد للص أن يموت مع المسيح لكى يخلص.

وموته مع المسيح هو معمودية فى أعمق صورها.

لأنه ماهى المعمودية؟ يقول الرسول: (أم تجلهون
أننا، كل من أعتمد ليسوع المسيح، أعتمدنا لموته، فدفنا معه بالمعمودية للموت) (رو
6: 3) ويقول: (لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته، نصير أيضاً بقيامته،
عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صلب معه ليبل جسد الخطية) (رو 6: 5، 6).

 

وواضح أن اللص صلب مع المسيح صلب حقيقياً، ومات
معه موتاً حقيقياً، وليس مجرد على (شبه موته) من هنا كان موته هذا معمودية مثالية
هى مثال لكل معمودية.

 

فكيف يجرؤ أحد أن يقول إن اللص لم يعتمد؟!

 

إن من ينال هذه البركة العظمى مع المسيح يكون
بلا شك في وضع مثالى، لعل بولس الرسول اشتهاه اشتهاء حينما قال: (مع المسيح صلبت)
(غل 2: 20)

 

إن الوحيد في جميع قديسى الأرض الذي يقول هذه
العبارة لفظاً ومعنى هو طبعاً اللص اليمين..

 

يليه بصورة مشابهة، القديسون الشهداء، الذين لم
يموتوا مع المسيح حرفياً، إنما ماتوا من أجله، فاعتبروا كأنهم ماتوا معه.

 

ونحن نعتبر أن الذين آمنوا بالمسيح واستشهدوا
قبل معمودية الماء، إما قد نالوا معمودية الدم، بالموت معه.

 

وهنا نسأل: متى نال اللص هذه المعمودية ومات على
الصليب؟

إن الكتاب يشرح لنا أن المسيح مات في الساعة
التاسعة (مت 27: 45 50، مر 15: 33 37، لو 23: 44 46).

 

والمعروف أن جسد المسيح انزل من على الصليب في
الساعة الحادية عشرة.. يقول متى الرسول إنه: لما كان المساء) (مت 27: 57). ويقول
القديس مرقس: (لما كان المساء، إذ كان الاستعداد أى قبل السبت) (مر 15: 42) ويقول
القديس لوقا: (وكان يوم الاستعداد والسبت يلوح) (لو 23: 54) ويقول يوحنا: (إذ كان
استعداد، فلكى لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت..) (يو 19: 31).

 

ووقت أنزال جسد المسيح من على الصليب، لم يكن
اللصان قد ماتا، فكسر الجند أرجلهما: (أما يسوع فلما جاءوا إليه، لم يكسروا ساقيه
لأنهم رأوه قد مات) (يو 19: 33)

 

إذن اللص مات بعد الحادية عشر، أى بعد ساعتين من
موت المسيح. وبهذا يكون قد نال الخلاص وقتذاك، بعد موته. وتكون قد مرت حوالى أربع
ساعات بعد الوعد الإلهى بدخوله الفردوس.

 

إذن لم يخلص اللص في لحظة. ولم يدخل الفردوس عقب
الوعد الإلهى مباشرة، بل بعده بأربع ساعات.

 

مادمنا قد أثبتنا أن اللص لم يخلص في لحظة، ولم
يخلص بدون معمودية، تبقى إذن الإجابة على الاعتراض الثالث الخاص بالكهنوت والكنيسة.

 

لقد نال اللص خلاصه عن طريق المسيح رأس الكنيسة
ورئيس الكهنة الأعظم، الذي يمثل الكنيسة تماماً في ذلك الوقت، الذي لم يكن فيه
الكهنوت المسيحى قد تأسس بعد، ولم تكن الكنيسة قد تأسست بعد.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى