اللاهوت الطقسي

+ العهد والوعد:



+ العهد والوعد:

+ العهد والوعد:

بعد أن وجد التابوت
مكاناً لراحته فى الخيمة التى نصبها له داود (صموئيل الثانى 17: 6)، بدأ
الملك داود يوجه كل اهتمامه لأجل بناء بيت الرب، ولكن فى الوقت ذاته كانت الشقق
المتواضعة عزيزة جداً على قلبه إذ يقول:
يارب أحببت محل بيتك،وموضع
مسكن مجدك” (مزمور 26: 8).ولما سكن فى بيته المبنى من الأرز، عّز عليه
أن يبقى تابوت الله ساكناً فى شقق. وهوذا (مزمور 132) يرسم لنا أشواقه
الملتهبة من هذه الناحية.

مقالات ذات صلة

ثم عّبر عن رغبته هذه لناثان النبى، لكن هذا –
بغير أن يسأل الرب
قال للملك: اذهب
افعل كل ما بقلبك لأن الرب معك” (صموئيل الثانى 7: 3). ولم يكن ما
قاله ناثان النبى بسلطان إلهى. وكان الرب يعلم كل ما يدور فى فكر الملك، فبينما
كان النبى يشجع داود على المضى فى تحقيق رغبته المقدسة. كان الله يريد شيئاً آخر.
فى تلك الليلة كان كلام
الله إلى ناثان قائلاً: اذهب وقل لعبدى داود هكذا قال الرب، أأنت تبنى لى بيتاً
لسكناى، لأنى لم أسكن فى بيت منذ يوم أصعدت بنى إسرائيل من مصر إلى هذا اليوم بل
كنت أسير فى خيمة وفى مسكن،.. والرب يخبرك أن الرب يصنع لك بيتاً، ومتى كملت أيامك
واضطجعت مع آبائك أقيم بعدك نسلك الذى يخرج من أحشائك وأثبت مملكته، هو يبنى بيتاً
لاسمى وأنا أثبت كرسى مملكته إلى الأبد” (صموئيل الثانى 7: 4
13).

وإذا تأملنا الصلاة التى صلاها داود بعدما سمع
هذا الكلام (أخبار الأيام الأول 17: 16

27)

نجدها تفيح بنسمات التكريس العميق لله، لقد كانت له نظرة متواضعة إلى نفسه فنسب كل
شىء لنعمة الله. لقد كان قلبه مفعماً بالشكر فكانت الصلاة كصدى وُجد فى قلبه
لإحسانات الله العظيمة معه. أنه لم يعد يفكر الآن فى بناء بيت للرب، لكن قلبه
امتلأ بالشكر للرب الذى وعده أن يبنى له بيتاً وتكلم عن هذا البيت إلى زمان طويل،
وقد صار الآن فى حضرة الرب كعابد يسكب قلبه بالشكر والامتنان:
من أنا ياسيدى الرب وما
هو بيتى حتى أوصلتنى إلى ههنا، والآن ياسيدى الرب أنت هو الله وكلامك هو حق، وقد
كلمت عبدك بهذا الخير، فالآن ارتض وبارك بيت عبدك ليكون إلى الأبد أمامك لأنك أنت
ياسيدى الرب قد تكلمت فليبارك بيت عبدك ببركتك إلى الأبد” (صموئيل الثانى
7: 18 و28و29).

لم يشعر داود بالراحة
وهو يسكن فى بيت فاخر من خشب الأرز بينما تابوت الله موضوع فى خيمة، وأية لذة يمكن
أن تكون لنا فيما حققناه من نجاح إن كنا لا نطلب خير أورشليم!

فمنذ عهد الخروج والرب يسير مع الشعب من خيمة إلى
خيمة ومن مسكن إلى مسكن، ولم يأمر القضاة الذين أقامهم أن يبنوا له مسكناً بل
أمرهم أن يرعوا الشعب، لكن الله فى نعمته قد امتدح الغاية النبيلة التى كانت فى
قلب داود
وإن كان قد حول فكره عن تنفيذها.

لقد آمن داود بكل ما
تكلم به الرب على فم ناثان إن داود لن يقوم ببناء البيت، لكنه يجب أن يعد العدة
لبنائه، ويكفيه ذلك، كما جاء موسى بالشعب إلى مشارف أرض كنعان ثم سلم القيادة
ليشوع لكى يدخل بهم إلى الأرض.

كم كان اهتمام داود عظيماً وكيف كان يجرى
الاستعداد على قدم وساق لتدبير كل ما يلزم لإقامة البيت، وبحسب فكر داود فإن
البيت الذى يبنى للرب
يكون عظيماً جداً فى الاسم والمجد فى جميع الأراضى” (أخبار الأيام الأول
22: 5)
، لكى يناسب عظمة الله سيد كل الأرض، وقد كان البيت رمزاً لرب المجد
يسوع الذى فيه سر أن يحل كل الملء (كولوسى 2: 9)، والمذخر فيه جميع كنوز
الحكمة والعلم (كولوسى 2: 3). وفى تلك الأيام كان على الناس أن يتعلموا
بوسائل محسوسة وقد قصد بعظمة البيت أن تعطى العابدين رهبة مقدسة، وأن تمتد شهرة
مجده إلى كل الأراضى، وقد تنبأ داود بما سيكون لذلك البيت من تأثيرات عظيمة فى قوله:
من هيكلك
فوق أورشليم لك تقدم ملوك هدايا” (مزمور 68: 29).

لقد كان قلب داود يشتعل بالغيرة لأجل تمجيد الرب
الذى اختبر نعمته ورحمته والذى حفظه وجعله ناجحاً كل أيامه إذ يقول:
وأنا بكل قوتى
هيأت لبيت إلهى.. سررت ببيت إلهى” (أخبار الأيام الأول 29: 2و3).

لقد كانت تقدمات الشعب لعمل الهيكل كثيرة جداً.
فإن داود كان قد أعد ذهباً وفضة ونحاساً وحديداً وخشباً وأحجاراً كريمة بكثرة،
أكثرها من غنيمة الحروب. ولكن فضلاً عن ذلك أعطى مما له شخصياً كميات كبيرة من
الذهب والفضة. والرؤساء إذ تشجعوا بالنموذج الذى أعطاه داود، قدموا تطوعاً معادن
وأحجاراً كريمةً، واشترك الشعب فى هذه التقدمات. إذ يقول داود:
الآن شعبك الموجود هنا
رأيته بفرح ينتدب([1])
لك” (أخبار الأيام الأول 29: 17). والأمم أيضاً أتوا بنصيبهم، وخصوصاً
خشب لبنان (أخبار الأيام الثانى 2: 16).

من الخزانة           مائة ألف وزنة([2])
ذهباً.

وكذلك                ألف
ألف (مليون) من الفضة (1 أى 22: 14).

ومن الملك           ثلاثة الآف وزنة ذهب.

وكذلك                سبعة الآف وزنة فضة (1 أى 29: 4).

ومن الرؤساء.. ألخ  خمسة الآف وزنة ذهب.

وكذلك                عشرة الآف وزنة من الفضة.

وفى الكتاب المقدس إحصاء دقيق للأموال
والمجوهرات التى أرصدها داود لهذا الأمر المقدس (أخبار الأيام الأول 22 و28: 11
– 29: 9).

كانت
القيمة الإجمالية لتلك التقدمات ضخمة بصورة مذهلة. ولما وقف داود ليعلن شكره لم
يفاخر بسخائه، بل قال:
ولكن من أنا ومن هو شعبى حتى
نستطيع أن ننتدب هكذا. لأن منك الجميع ومن يدك أعطيناك”
(أخبار
الأيام الأول 29: 14).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى