سفر اعمال الرسل

الإصحاح الخامس



الإصحاح الخامس]]>الإصحاح الخامس

 

العظة على الجبل

تشملالإصحاحات5، 6، 7 منإنجيل معلمنا متى العظة على الجبل وهى كما يسمونها دستور الحياة المسيحية، ألقاهاالمسيح لكى تلتزم بها مملكته وقد ألقاها المسيح من على جبل، كان جالساً على جبل،والجبل رمز للسماويات فى إرتفاعه، وهذه التعاليم لو نفذناها نحيا السماويات علىالأرض. ولقد لخص معلمنا لوقا بعض تعاليم المسيح فى هذه العظة أمّا القديس مرقس فلميورد منها شيئاً فمرقس لم يهتم بالتعاليم قدر إهتمامه بإبراز قوة المسيح الجبارةفهو يقدمه للرومان الذين يهتمون بالقوة وليس بالتعاليم.

هذهالعظة فيها كل المبادئ السامية اللازمة للحياة المسيحية الكاملة ومن يلتزم بها يرثالحياة الأبدية. ونرى فيها الإنتقال من الناموس للنعمة، الناموس كان يعطى قوانينولكن النعمة هى أن المسيح يعطينا حياته، فنستطيع أن نحيا هذه الفضائل، فالمسيحقادر أن يعطينا فيه الكمال المسيحى. ولنلاحظ أن معلمى اليهود زادوا الشعب هماً علىهمه وإستخدموا الناموس ليخيفوا الناس من الله، أما المسيح هنا فهو يصالح الناس علىالله بأن يعلن لهم أن الله يريد لهم الطوبى والبركة. المسيح يعلن لهم هنا عن قلبالله الرحيم.

 

آية(1):-

ولمارأى الجموع صعد إلى الجبل فلما جلس تقدم إليه تلاميذه.

لمارأى الجموع= رآها فى حاجة للتعليم حتى لا تهلك من عدم المعرفة.

صعدإلى الجبل = ليسمعه ويراه الجميع. ونلاحظ أن المسيح يعلن دستوره من علىجبل وموسى صعد إلى جبل ليستلم شريعة العهد القديم، فالجبل رمز للسمو والعلو والثباتوالإرتفاع عن الماديات والأرضيات فلما جلس = كمشرع يعلن شريعة العهد الجديدووصايا الحق.

 

آية(2):-

ففتحفاه وعلمهم قائلا.

ففتحفاه = الله تكلم قديماً بأفواه الأنبياء والآن يكلمنا فى إبنه (عب1:1،2)

 

آية(3):-

طوبىللمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات.

طوبى= أىالبركة والسعادة لهؤلاء. ونلاحظ أن المسيح لم يبدأ تعليمه بأن يتحدث عن الممنوعات،بل هو يبدأ بالجانب الإيجابى، والحياة الفاضلة كاشفاً عن مكافأتها ليحثهم عليها.والصفات التى طوبها المسيح فى هذه الآية والآيات التالية ليست صفات منفصلة بلمتكاملة، فالمسكين بالروح هو بلا شك وديع، وصانعو السلام بلا شك هم رحماء والذينيجوعون ويعطشون للبر والملكوت يكشف جوعهم وعطشهم عن قلب نقى بلا جدال والمضطهدونمن أجل البر هم باكون حتماً وبالنهاية يتعزون بالضرورة.

المساكينبالروح = ليسواهم المعتازين مادياً ولكن هم من يشعرون بفقرهم الشديد بدون الله، ويشعرون بحاجتهملله، وأنه كل شئ لهم لذلك فهم يطلبونه بإنسحاق شديد،وهذا هو مفهوم الإتضاع، وهؤلاءيرفعهم الله لملكوته ويسكن عندهم (أش 15:57). الكبرياء يسقطنا من الملكوت والإتضاعيرفعنا إليه. والإتضاع والمسكنة بالروح ضد مفاهيم الفريسيين.

 

آية(4):-

طوبىللحزانى لأنهم يتعزون.

الحزانى=لايقصد الذى يحزن لضياع ما له أو ممتلكاته فهذا حزن باطل، بل من يحزن على خطاياهويحيا حياة التوبة. بل يبكى على خطايا الآخرين ويحزن على هلاكهم، هؤلاء حزنهم مقدسوالله يحوله لفرح روحى ( يو 22:16 + 2كو 10:7). فمن يزرع بالدموع يحصد بالإبتهاج(مز 5:126) = لأنهم يتعزون

ولنلاحظ الترتيب فالمتضع أى المسكين بالروح يسكنالله عنده فينير بصيرته فيعرف خطاياه ويراها فيحزن عليها، فيحول الله حزنه إلىفرح. ونلاحظ أن السيد المسيح ذُكِرَ عنه أكثر من مرة أنه بكى ولم يذكر عنه أنهضحك، مرة واحدة قيل عنه تهلل بالروح إذ رأى عمل الله فى تلاميذه.

 

آية(5):-

طوبىللودعاء لأنهم يرثون الأرض.

الودعاء= مرةأخرى لاحظ الترتيب، فالحزين على خطاياه، حزنه يصقله ويصير وديعاً. الودعاء هم ذوىالقلوب المتسعة البسيطة التى تحتمل إساءات الآخرين، ولا تقاوم الشر بالشر، همالذين فى ثقة فى مسيحهم يقابلون من يعاديهم بإبتسامة وديعة، لا تربكهم إساءاتالآخرين فيفقدوا سلامهم، ليس عن ضعف (فالمسيح القوى كان وديعاً)، بل ثقة فى قوةالمسيح يرثون الأرض = هذه مثل إن أرضت الرب طرق إنسان جعل أعداؤه يسالمونه،فالوديع يتمتع بحب الناس فيعيش فى هدوء وسكينة.

والكلمةاليونانية هنا المترجمة ودعاء تستخدم لوصف الحيوانات الأليفة المستأنسة، وكأنالسيد يطوب طبيعة المؤمن التى كانت قبلاً شرسة وقد خضعت لله فروضها فتحولت لكائنأليف وديع.

 

آية(6):-

طوبىللجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون.

الجياعوالعطاش إلى البر= نلاحظ الترتيب فالتطويب حتى الآن كان لنفس متضعهسكن فيها الله ورأت خطاياها فحزنت، وحول الله حزنها فرح، وبدأ المسيح يشفيها منشراستها فتغيرت طبيعتها. مثل هذه النفس قطعاً ستشتاق للمزيد، والبر هنا هو برالمسيح، فهو صار لنا برأ من الله. وطوبى لمن يشتاق أن يشبع من الله، طوبى لمن يجوعللطعام الروحى أى معرفة الله ومعرفة المسيح. وكما أن الجوع الجسدى علامة صحة،فالجوع الروحى علامة صحة روحية. ومعرفة الله والمسيح حياة (يو 3:17)، كما أن الشبعبالطعام يعطى حياة للجسد. ومن يجوع ويعطش لله يشبعه الله ويرويه، يعطيه الله الروحالقدس ليثبته فى المسيح ويعرفه المسيح ويشبعه بالمسيح (يو 37:7-39) هكذا صرخالمرنم ” كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه هكذا تشتاق نفسى إليك يا الله (مز1:42).الجوع والعطش إلى الله هو شعور دائم بالإحتياج لله وللإمتلاء به.

 

آية(7):-

طوبىللرحماء لأنهم يرحمون.

الرحماء=كلمانتلامس مع الله ونعرفه ونشبع به نتمتع بسماته خاصة الرحمة. “كونوا رحماء كماأن أباكم أيضاً رحيم لو 36:6”. والذى لا يرحم أخاه لن يذوق من رحمة الله.والرحمة تشمل الفقراء والمحتاجين وأيضاً تشمل الخطاة فلا ندينهم بل نصلى لأجلتوبتهم وخلاصهم. وكما يغير المسيح طبعنا الشرس لطبع وديع، هكذا يغير قساوتنا إلىطبع رحيم.الرحمة هى الإحساس بالآخر ومشاركته مشاعره. وتسديد إحتياجاته.

 

آية(8):-

طوبىلأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله.

أنقياءالقلب= نحنأمام نفس يتعامل معها الله، حولها للوداعة وتشبهت به فصارت رحيمة، وماذا بعد؟ كيفنرتقى لدرجة أعلى؟

ينقىالله القلب فيصبح بسيط، والبسيط عكس المركب، أى أن القلب البسيط لا ينقسم بين محبةالله ومحبة العالم، يصبح هذا القلب غير محباً للخطية.وأصل كلمة النقاوة فىاليونانية تشير للغسل والتطهير كإزالة الأوساخ من الملابس، وتعنى أيضاً تنقيه ماهو صالح مما هو ردئ كفصل الحنطة عن التبن هكذا قلب المؤمن، يغسله ربنا يسوع المسيحبدمه من كل شائبة.

يعاينونالله = هذهلا تعنى أننا نرى الله بضرورة مجسمة، فالله فوق الحواس بل أن من تطهر من حب الخطيةتنفتح بصيرته الداخلية فيعاين الله، فالخطية هى التى تحجب رؤية الله، وبدون قداسةلن يرى أحد الرب (عب 14:12). الله يُرى ويُحَس ويُحَبْ بالقلب إذا تصفى من شوائبمحبة العالم والخطية. أمّا من يعيش للخطية يصبح قلبه غليظاً لا يشعر ولا يحب الرب.لذلك هتف داود ” قلباً نقياً فىّ يا الله “. مثل هذا الإنسان الذى لهالقلب البسيط يقال عنه أيضاً أن له عين بسيطة لا تبحث إلاّ عماّ هو لله، هذاالإنسان يكون جسده كله نيراً، أى يكون نوراً للعالم يرى الناس الله من خلاله فاللهنور. وهذه يصل لها من من يقمع جسده وأهواءه ويضبط شهواته ويصلب نفسه عن العالم.

 

آية(9):-

طوبىلصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون.

صانعىالسلام= من يعاين الله يشتهى أن يعمل فى كرم الله ولحساب مجد الله، والمسيح هو رئيسالسلام جاء ليؤسس ملكوته على الأرض وهو ملكوت السلام. وإبن الله يعمل لحساب هذاالملكوت ويؤسس مع المسيح ملكوته بين الناس. أبناء الله ملأ الله قلبهم سلاماًفإندفعوا يعملونه بين الناس، متشبهين بالمسيح الذى صنع سلاماً بين السماء والأرض.وكل من يصنع سلاماً فهو إبن لله، ومن يزرع خصاماً فهو ليس إبناً لله.

 

آية(10):-

طوبىللمطرودين من اجل البر لان لهم ملكوت السماوات.

المطرودينمن أجل البر= أبنا الله المتحدين بالإبن البكر يسوع المسيح ينالهم ما نالالمسيح، فكما طارد الشيطان المسيح، هكذا سيطارد المؤمنين فالشيطان والعالم يبغضونالمسيح أى يبغضون البر وبالتالى يبغضون كل من يطلب البر ويحرمونه من ملكوت الأرضلكن الله يعطيه ملكوت السموات والمطرودين من أجل البر هم المضطهدين لأجلبرهم. نلاحظ هنا أن المطرودين لأجل البر هم من أصحاب الطوبى الذين سبقوا. فكل منطوبه المسيح يكرهه العالم. فحامل الطوبى يعمل لحساب الله ولكن العالم لا يعمللحساب الله فهو لا يعرف الله (يو 25:17).

 

آيات(11-12):-

طوبى لكم إذا عيروكموطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين. افرحوا وتهللوا لان أجركمعظيم في السماوات فانهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم.

هناالسيد يوجه كلامه للسامعين = طوبى لكم= وهذا تشجيع لهم لأن يكونوا منالمؤمنين، وأن يحتملوا ما سيواجهونه من ضيق كأولاد لله عيروكم = شتموكم فىوجودكم…. قالوا عليكم = فى غيابكم. كلمة شريرة = إتهامات باطلة.

ولنلاحظفى النهاية أن الجزاءات التى قالها السيد عن حالة ليست منفصلة بل هى متكاملة، هىتمس حياتنا الداخلية الواحدة من جوانب مختلفة، فمن المؤكد أن الرحماء يُدعون أبناءالله وأن صانعى السلام يُشبعون وهكذا قال القديس أغسطينوس هذا التشبيه ليشرح تكاملالتطوبيات:-

مثالذلك أعضاء الإنسان الجسدية متعددة ولكن لكل منها عملها الخاص فنقول طوبى لمن لهمأقدام لأنهم يمشون، ولمن لهم أيدى لأنهم يعملون. هكذا نحن سنعاين الله بسبب نقاوةالقلب. ولكن نقى القلب هو صانع سلام، لكن لن يعاين الله بسبب صنعه السلام لكن سببنقاوة قلبه. ونقى القلب هو رحيم ولكنه لن يعاين الله بسبب رحمته ولكن بسب نقاوةقلبه وهكذا.

 

(لو17:6-26)

ونزل معهم ووقف في موضعسهل هو وجمع من تلاميذه وجمهور كثير من الشعب من جميع اليهوديةوأورشليم وساحل صوروصيدا الذين جاءوا ليسمعوه ويشفوا من أمراضهم. والمعذبون من أرواح نجسة وكانوايبراون. وكل الجمع طلبوا أن يلمسوه لان قوة كانت تخرج منه وتشفي الجميع.ورفع عينيهإلى تلاميذه وقال طوباكم أيها المساكين لان لكم ملكوت الله. طوباكم أيها الجياعالآن لأنكم تشبعون طوباكم أيها الباكون الآن لأنكم ستضحكون. طوباكم إذا أبغضكمالناس وإذا افرزوكم وعيروكم واخرجوا اسمكم كشرير من اجل ابن الإنسان. افرحوا فيذلك اليوم وتهللوا فهوذا أجركم عظيم في السماء لان آباءهم هكذا كانوا يفعلونبالأنبياء. ولكن ويل لكم أيها الأغنياء لأنكم قد نلتم عزاءكم. ويل لكم أيهاالشباعى لأنكم ستجوعون ويل لكم أيها الضاحكون الآن لأنكم ستحزنون وتبكون. ويل لكمإذا قال فيكم جميع الناس حسنا لأنه هكذا كان آباؤهم يفعلون بالأنبياء الكذبة

واضح أن هناك خلافات فى النص الوارد فى تطوبياتإنجيل متى مع تطوبيات إنجيل لوقا. فمثلاً يقول فى متى طوبى للمساكين بالروح وفىلوقا يقول طوباكم أيها المساكين.. وهكذا. وحل هذا الإشكال سهل جداً. فنحن نسمع فىإنجيل متى أن المسيح ألقى عظته على الجبل 1:5 ولكننا نسمع فى لوقا أن المسيح قالعظته الثانية بعد ان نزل من على الجبل وذهب إلى سهل 17:6. فعظة إنجيل متى من علىالجبل وعظة إنجيل لوقا فى سهل.وسبب إختلاف المعانى أن الجمع الذى إحتشد حول المسيحبعد نزوله من على الجبل كان مكوناً من تلاميذه الذين تركوا كل شىء وتبعوه، ومنكثيرين من المتألمين والمرضى والمعذبين، فكان كلام المسيح لهؤلاء يختلف عن كلامهلمن كانوا على الجبل، كان كلام المسيح على الجبل (والجبل رمز للسماويات ) موجهاًللنواحى الروحية مثل الإتضاع وهو المسكنة بالروح، والجوع والعطش للبر. أماً كلامالمسيح فى السهل ( والسهل رمز للمستوى الروحى الأدنى ) فقد كان متأثراً بحالةالجموع المعذبة، هؤلاء الذين يحيون فى ذل وشقاء ونجد هنا المسيح يتحنن عليهمويشفيهم، ويطوبهم على إحتمالهم ما هم فيه. لم يكلمهم المسيح عن المسكنة بالروح بلطوبهم على إحتمالهم المسكنة وأنهم تبعوه ويسمعونه،أى هم يبحثون عن الحق. وطوب هؤلاءالجياع لأنهم إحتملوا جوعهم بلا تذمر. وقطعاً فالمسيح لن يطوب إنساناً مسكيناً فقطلأنه مسكين وفقيرة، إن لم يكن له روحيات ترضى المسيح كتسليم حياته لله، والشكر علىما هو فيه، وعدم التذمر. المسيح فى عظة إنجيل لوقا يرفع من معنويات هؤلاء المساكين(راجع قصة الغنى والعازر). وبعد أن يرفع معنوياتهم، يرفع روحياتهم بأن يكلمهم عنالمسكنة بالروح. المسيح كان يشفى أمراضهم ويحررهم من الأرواح النجسة أولاً وبعدذلك يكلمهم عن الجوع والعطش إلى البر.

ونلاحظ أن هناك من صار فقيراً وجائعاً فعلاًلأجل المسيح كالرهبان وعلى رأسهم الأنبا أنطونيوس الذى باع كل ما يملكه وصارفقيراً ليتشبه بسيده الذى إفتقر وهو غنى ( 2كو 9:8).

عظة إنجيل لوقا فى السهل هى الدرجة الأولى فىالسلم الروحى يليها الدرجة الأعلى على الجبل فى إنجيل متى. ونزل معهم=هونزل معهم لكى يرفعهم.وهو تحنن عليهم إذ جاءوا ليسمعوه… وطلبوا أن يلمسوه..لذلكإذ طلبوه بصدق طوب فقرهم وجوعهم وعلمهم( مر 34:6 ) لأن قوة كانت تخرج منه وتشفىالجميع=فالسيد المسيح هو القوة الخالقة، هو الذى به كان كل شىء وبغيره لم يكنشىء مماّ كان، وهو القوة المصححة الشافية للخليقة، لهذا تجسد.

طوباكم =طوبى بمعنى يسعد وينعموتعنى الغبطة. وفى عظة الجبل كان السيد يقول طوبى، وهنا يوجه السيد كلامه لسامعيهمن المساكين ليشجعهم أيها المساكين=العالم يفهم أن السعادة والغبطة هىللأغنياء، والسيد هنا يقول إن الطوبى للمساكين فلهم ملكوت الله، لهم السعادة فىالسماء أما الأغنياء فقد إستوفوا أجرهم على الأرض ( قصة لعازر واغنى) هنا المسيحيرفع المساكين والمتألمين لشركة أمجاده. ومن آية 24 يقدم المسيح بعض الويلات،مثلاً للأغنياء ونلاحظ:-

1-   المسيح بدأ بالتطويبات قبل الويلات فهدفه تشجيعالسامعين وبث الرجاء فيهم.

2-   المسيح ليس ضد الأغنياء ولكن ضد الأغنياء قساةالقلوب أو الذين يعتمدون ويتكلون على أموالهم (مر 19:4+ مر 24:10).

3-   المسكين مادياً ولكنه متكبر مثلاً لن يكون لهنصيب فى الملكوت.

أيها الباكون =المقصود بهم المظلومينوالمقهورين، ومن ظلمهم العالم سينصفهم الله.

أفرزوكم = هو حكم يصدر من المجمع،فلا يحق للمحكوم عليه دخوله 30-90 يوماً.

وعيروكم= الحكم الأول أفرزوكمهو حكم دينى، وهذا الحكم عيروكم حكم مدنى.

أخرجوا إسمكم كشرير= هذا حكمأدبى يُحرم فيه الإنسان من حقوقه الدينية والمدنية والشخصية.

من أجل إبن الإنسان =مبارك منيُحكم عليه بما سبق لكونه مسيحى.

كانوا يفعلون بالأنبياء = الصليبوالإضطهاد واقع على كل أولاد الله.

الأغنياء=المتكلين على أموالهم،وقلوبهم بلا رحمة، الشباعى=من مسرات العالم.

الضاحكين = يلهيهم العالمبإغراءاته عن طلب التوبة بدموع.

قال فيكم جميع الناس حسناً =هؤلاء الذينيسعون وراء المجد الباطل

 

(مت 13:5-16)

آية 13:-

انتم ملح الأرض ولكن أن فسد الملح فبماذا يملحلا يصلح بعد لشيء إلا لان يطرح خارجا ويداس من الناس.

صفات الملح 1) يعطى طعماً ويبرز نكهة الطعام لوذاب بكمية معقولة

 2) يحفظ بعض الأطعمة من الفساد

 3) نقى وابيض.

وبهذا التشبيه فالسيد المسيح يدعو المؤمنينللذوبان فى المجتمع، فالطبيعة البشرية فسدت وفقدت نكهتها بسبب الخطية. وعلىالمؤمنين أن يعيشوا بحياتهم النقية (بيضاء كالملح) وسط المجتمع. وهم قادرونبالمسيح الذى فيهم أن يؤثروا فيمن حولهم ويكونوا قدوة، وبهذا يتقدس العالم ويمتنع عنهالفساد. ولكن على المؤمنين أن يذوبوا فى حياة الآخرين بإعتدال فلا يفقدوهمشخصياتهم ومواهبهم ( كمن يضع كمية كبيرة من الملح فى الطعام فتفسده ) أما لو فسدالملح لصار خطراً وبيلاً على من يستعمله، والقدوة لو فسدت فأثرها لا يُطاق كالملحالفاسد. ولذلك طلب السيد المسيح من الآب ألاّ يأخذهم من العالم بل أن يحفظهم منالشرير (يو15:17) فهم لهم عملهم ودورهم كملح للعالم.

 

آيات (14-16):-

انتم نور العالم لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعةعلى جبل. ولا يوقدون سراجا ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذينفي البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكمالذي في السماوات.

النور الحقيقى هو المسيح، جاء ليضىء للعالم،وجعل تلاميذه يعكسون نوره كما يعكس القمر نور الشمس، فيكونوا كمصباح يضىءللعالم.والنور يعنى أن يرشد الآخرين فى حياتهم ويكشف الشر، وهذا هو عمل أولادالله.

مدينة موضوعة على الجبل = المدينةالموضوعة على جبل هى أورشليم، فهى مبنية على جبل صهيون. وأورشليم هى رمز للكنيسةوللنفس البشرية المؤسسة على صخر الدهور وطالما المسيح فيها (فى النفس) تكون نوراًللعالم، لا يمكن إخفاؤه.

يوقدون سراجاً= السراج يوقدونه بالزيتوفتيلة تحترق. وهكذا أولاد الله يوقدون بزيت النعمة ويحترقون أى يقدموا أجسادهمذبائح حية والروح القدس يشعلهم ويجعلهم نوراً، هو يعكس نور المسيح الذى فيهم.والنور الذى فينا يختبىء بالخطية، لذلك نسمع قول بولس الرسول ” لا تطفئواالروح. ويطفىء النور أيضاً الماديات والمقاييس المادية= المكيال. فكثيراًما تقف حساباتنا البشرية عائقاً أمام الإيمان، الأمر الذى يفقد صلواتنا حيويتهاوفاعليتها، لذلك حينما أرسل السيد تلاميذه للكرازة سحب منهم كل إمكانيات مادية فلايكون لهم ذهب ولا فضة…. ولا عصا لكى ينزع عنهم كل تفكير مادى، ويكون هو غناهموقوتهم.

والمكيال أيضاً يشير لحجب النور باللذات الجسديةفيُحرم الإنسان من الإشتياقات الأبدية.يتحول الجسد إلى عائق للروح عوضاً عن أنيكون معيناً لها خلال ممارسته العبادة وتقديس كل عضو فيه لحساب المسيا الملكوالمصباح يجب أن يوضع على منارة = ليصل نوره لكل مكان. والمنارة هى الكنيسة(أى ليرتبط المؤمن بكنيسته)

المسيح إذاً بحلوله فينا وبإمتلائنا بالروحالقدس، يظهر نور المسيح الذى فينا والهدف أن يتمجد الله حين يرى الناس أعمالناالحسنة، وما يطفىء هذا النور

1) الخطية        2) الإنغماس فى ملذات العالم      3)الحسابات البشرية.

 

الآيات (17-48):-

موضوع هذه الآيات هو أن المسيح جاء ليكملالناموس فما معنى هذا ؟

1-   أولاً : المسيح يعلن أنه ليس ضد الناموس كماأشاعوا عنه. وكيف ينقضه وهو واضعه فهو الله الذى تجسد ليكمله.

2-  هويكمل عجز وصايا الناموس، هو يرفع المستوى لمستوى النعمة التى للعهد الجديد، ومعزيادة الإمكانيات أى مع وجود النعمة زاد المطلوب (فطالب سنة أولى إبتدائى إذا حفظجدول الضرب صار هذا معجزة ولكنه إذا أتم دراسته الجامعية سيطالب بأكثر من هذاكثيراً ) ففى العهد القديم لم يطلب الله سوى الإمتناع عن الزنا، أما فى العهدالجديد صارت النظرة والشهوة ممنوعة. وبهذا فالسيد المسيح لم ينقض الناموس، إذ أننقض الناموس يعنى مثلاً السماح بالزنا. فى العهد القديم منع الناموس القتل، أما فىالعهد الجديد يمنع الغضب باطلاً. إذاً التكميل يعنى هنا الوصول لأعماق الخطية داخلالنفس ونزع جذورها

3-  تكميلالناموس أيضاً يعنى أن فى المسيح تحققت كل النبوات، وظهر معنى الطقوس والفرائض،ففرائض الذبائح والختان كانت رمزاً لشئ سيحدث وبحدوثه إنتهت هذه الفرائض.

4-  السيدالمسيح أكمل الناموس بخضوعه لوصاياه دون أن يكسر وصية واحدة ” لأنه هكذا يليقبنا أن نكمل كل بر ( مت 15:3+ غل4:4) ولذلك قال السيد ” من منكم يبكتنى علىخطية ( يو 46:8 + يو 3:14).

5-  السيدالمسيح لم يكمل الناموس فى نفسه فحسب وإنما هو يكمله أيضاً فينا ( رو 4:10+ رو3:8،4). فالناموس كان مساعداً للإنسان لكى يسلك فى البر، لكن الناموس عجز عن هذا.فأتى المسيح ليدخل بالإنسان لطريق البر مثبتاً غاية الناموس.

6-   أكمل المسيح الناموس بموته، إذ بموته إستنفذعقوبة الناموس على البشر.

7-  أكملالمسيح الناموس أنه كشف روح الحب فى الوصية ” من يحبنى يحفظ وصاياى، فهوأعطانا أن نتجاوب مع وصايا الناموس ونتممها عن حب، وهذا كان بسكب روح المحبة فىقلوبنا بالروح القدس (رو5:5)، أى جعلنا نطيع الناموس ليس خوفاً من عقاب بل حباًفيه= اكتبها فى قلوبهم (عب 10:8).

 

آية (17) :-

لا تظنوا أنى جئت لانقض الناموس أو الأنبياء ماجئت لانقض بل لأكمل.

إنى جئت= هذا يعنى أنه جاء مننفسه وليس كالأنبياء أرسلهم الله.فهو بهذا القول يظهر نفسه أعظم من الأنبياء.

 

آية (18):-

فأنى الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرضلا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل.

إلى أن تزول السماء والأرض= إستعداداًلظهور السماء الجديدة والأرض الجديدة (رؤ 1:21). وربما يشير هذا لإنتهاء اللعنة أوأن هذا العالم الملعون منذ خطية آدم ستتغير صورته إلى صورة مجد (رو 21:8،22).

الحق أقول لكم= تعبير يعنى أن ماسيقال شىء مهم، ولم يستعمله سوى المسيح له المجد

حرف واحد أو نقطة واحدة=الأصلاللغوى لا يزول حرف ( i) واحد. وحرف ( i ) هو أصغر الحروف الهجائية فهو مجرد خط صغير وفوقه نقطة. وإضافةالنقطة فوق الحرف تغير المعنى تغييراً جوهرياً، والسيد بهذا يظهر أن لأصغر الأجزاءفى الناموس قيمة، هذا تعبير عن كمال الناموس.

حتى يكون الكل= أن يتم الغرض منالناموس، فالناموس يحمل معه المكافأة على طاعته والقصاص على عصيانه.

 

آيات (19،20):-

فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناسهكذا يدعى اصغر في ملكوت السماوات وأما من عمل وعلم فهذا يدعى عظيما في ملكوتالسماوات. فأنى أقول لكم أنكم أن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلواملكوت السماوات.

لقد ظن الفريسيين أنهم يحفظون الناموس خلالغيرتهم بالتعليم، ولم يدروا أنهم ينقضونه بحياتهم الشريرة، فالتعليم بغير عمليُحسب كنقض للناموس، والتعليم يفقد فاعليته بدون أن يكون المعلم قدوة، بل نفهم منقول السيد هنا أن العمل بالتعليم دون أن يكون المعلم قدوة فى حياته، هذا يقلل منمكافأته. هنا دعوة من السيد لنا أن نلتزم بتكميل الناموس فى حياتنا العملية. بل أنيزيد برنا على الكتبة والفريسيين، أى لا نتمسك بحرفية الناموس بل نعبد الله بروحالحب، ولا نمتنع فقط عن الخطايا بالفعل بل نمتنع عن الأفكار الشريرة والإرادةالمنحرفة…. ولماذا لا والله أعطانا النعمة تعيننا.

الوصايا الصغرى =هى ما يراها الناس أنهاوصايا صغيرة مثل النظرة أو الغضب فى مقابل الوصايا الكبرى كالزنا والقتل التى هىخطايا الفعل. واليهود كانوا يرتبون الوصايا فهناك وصية أكبر وأعظم من وصية وهكذا.

 

آيات (21،22):-

قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكونمستوجب الحكم.وأما أنا فأقول لكم أن كل من يغضب على أخيه باطلا يكون مستوجب الحكمومن قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم.

نرى السيد المسيح هنا يتتبع البواعث الداخلية التىتدفع للخطية ليقتلع أصول الشر من النفس. والباعث على القتل هو الغضب، والسيد يحددهنا ثلاث درجات.

1-  الغضبالباطل= تحرك الغضب فى القلب وقوله أنه باطل أى صادر عن قلب شريرحاقد يفضى للعراك والقتل، وهناك غضب حميد قال عنه بولس الرسول ” إغضبوا ولاتخطئوا”(أف 26:4) ولكن عموماً فغضب الإنسان لا يصنع بر الله (يع 20:1) وهذاالغضب الباطل يستوجب الحكم. والحكم هنا يعنى محاكم القرى وتتكون من (3-23) عضواًوقد يعنى الغضب الباطل، الغضب بسبب أمور تافهة وزمنية مهما بدت ذات قيمة، والغضبالمطلوب هو غضب أب يغضب على إنحراف إبنه أو غضب معلم يغضب على إهمال تلميذه.

 ولاحظ أن الدرجة الأولى هى غضب داخلى لميصاحبه التفوه بكلمات إهانة.

2-  منقال لأخيه رقا= هنا خرج الغضب إلى الخارج فى صورة كلمة استهزاءللآخر. وكلمة رقا كلمة سريانية تعبير عن إنفعال الغضب، كلمه إمتهان يمتهن بهاالشخص على سبيل الإحتقار ( بدلاً من قوله أنت يقول رقا) وقد تعنى باطل أو فارغ أوتافه، أو كمن يستهزئ بأحد ويقول “هئ” فى هذه الحالة يستوجب الشخص أعلىهيئة قضائية فى ذلك الحين وهى السهندريم= المجمع وهو مكون من 70 شيخ، وهذاله أن يحكم الرجم. وكان حكم محاكم القرى يمكن نقضه أمام المجمع، ولكن حُكم المجمعلا يُنقض.

3-  منقال يا أحمق = هنا الشخص يعبر عن غضبه بكلمة ذم. فكلمة رقاكلمة بلا معنى ولكن هنا الحال أسوأ فكلمة أعمق كلمة جارحة، ومثل هذا يستوجب عقاباًأشد. فجهنم هى مكان إبليس الذى كان قتالاً للناس، ومن يترك نفسه للغضب يتشبه بإبليسفيكون معه فى جهنم. وكلمة جهنم تنقسم لقسمين

أ-جيه وعنى أرض ومنها GE OGRAPHY علم خرائط الأرض، GEOLOGY علم طبقات الأرض.

ب- هنوم وهو وادى تلقى فيه الفضلات ويحرقونها،فهو نار متقدة دائماً. ويصير معنى جهنم (جيه هنوم) أى وادى أو أرض هنوم وهو مكاننار مستمرة ودود مستمر، وهذا يشير للعذاب الأبدى. عموماً وصية العهد الجديد هىالمحبة، وأى خروج عن المحبة هو خطية وعصيان لوصية الله أى المحبة، حتى الشتيمةالبسيطة تجرح المحبة وتسىء إلى الله. ولاحظ أن الشتيمة البسيطة قد تثير عراك يفضىإلى القتل.

أما أنا فأقول = لا يجرؤ نبى أن يقولهذا، فالنبى يقول ” هكذا يقول الرب” أماّ المسيح واضع الناموس فيقولهذا.

 

آيات (23،24):-

فان قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أنلأخيك شيئا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب أولا اصطلح مع أخيك وحينئذتعال وقدم قربانك.

يختمالسيد كلامه هنا عن عدم الغضب بضرورة مصالحة الإخوة قبل تقديم ذبيحة حب له.والمعنى أننا قد نخطىء فى حق الآخرين ولكن هذا ليس معناه فقدان الرجاء فى عفوالله، بل علينا أن نذهب ونعتذر ونتصالح ونفهم من قول السيد هذا أن الغضب والخصومةتمنعنا من الصلاة والتناول فإن قدمت قربانك = ذهبت للتناول وقد تشير لذبائحالتسبيح والعبادة. فالمحبة للناس هى أعظم ذبيحة لله ودليل حبنا لله (1يو 20:4)وبدونها لا تُقبل أى ذبيحة.

آيات(25،26):- لهاتفسيران 1) حرفى   2) رمزى

التفسيرالحرفى:-أن هاتين الآيتين هما إمتداد للأيات السابقة، ومعناهما حث المسيح لنا أن نصطلح معالآخرين، فهذا خيرٌ من تطور الأمور حتى السجن إذا حدث غضب وتهور وإنتقام.

التفسيرالرمزى:- هوتفسير القديس أغسطينوس. ويقول أن الخصم هو الضمير إذا – يجب أن ترضى ضميرك سريعاً. والقاضى هو الله. والسجن هو جهنموالشرطى هو الملاك الموكل بالهاوية. وعبارة حتى توفى الفلس الأخير = هىتعبير يدل على الاستحالة، يوضع إلى جوارها “ولن توفى” فمستحيل علىالإنسان أن يوفى العدل الإلهى مهما قضى فى السجن فخطايانا غير محدودة لأننا أخطأنافى حق الله الغير محدود، لذلك تجسد الإبن لكى يوفى عنا. هو ناب عن البشرية فى دفعثمن الخطية ووفاء العدل الإلهى فمن لم يؤمن ويقدم توبة لن يستفيد من دم المسيح.وبالتالى سيلقين القاضى فى جهنم التى لا خروج منهما، فما دام لم يستفد من دمالمسيح، كيف سيوفى وهو ملقى فى السجن. ويكون معنى كلام المسيح أنه من الأفضل أنتصطلح مع أخيك ههنا وأنت فى حياتك على الأرض، قبل أن تلقى بسبب ذلك فى السجن الذىن تخرج منه [ والخصم قد يكون الوصية الإلهية التى يجب طاعتها. فالوصية الإلهية هىضد رغبة الإنسان العتيق] الفلس: هو أصغر عملة.

 

آيات(27-30):-

المسيحهنا أيضاً لا ينقص وصية لا تزن بل يطلب طهارة القلب فالزنا يبدأ من داخل القلب.وإنه من السهل مقاومة الخطية وهى فى مراحلها الأولى أى داخل القلب وذلك بأن يمتنععن النظر بشهوة وبهذا يثير حواسه ويتلذذ بالنظر.

فأن كانت عينك اليمنى = لا يمكنفهمها حرفياً وإلاّ لأغمضنا العين اليمنى ثم ننظر باليسرى. ولكن اليمنى تشيرللخطية والشهوة المحبوبة. واليد تشير للعمل. ومعنى كلام السيد المسيح لا نفهمهبقطع اليد أو قلع العين فعلاً، لكن المقصود أن نضبط نظراتنا وشهواتنا وأفعالنا،نحيا كأموات أمام الخطية وهذا ما قاله بولس الرسول ” إحسبوا أنفسكم أمواتاًعن الخطية ” (رو 11:6) وأيضاً ” أميتوا أعضائكم التى على الأرض الزناالنجاسة….” (كو 5:3) ونصلب الأهواء والشهوات ونقمع الجسد ونستعبده، وهذا هوالجهاد، وهذا هو التعصب الذى يخطف ملكوت السموات (غل 24:5 + اكو 27:9 + مت 12:11+غل 20:2) بهذا نقدم أجسادنا ذبيحة حية (رو 1:12). ولاحظ أن من يفعل يعينه الروحعلى هذا ” إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد ” (رو 13:8) ” فالروحيعين ضعفاتنا ” (رو 26:8)

العين اليمنى= تعنى النظر بلذة إلىمنظر محبوب، وبشهوة

اليد اليمنى= تعنى تنفيذ ما إشتهاهالإنسان ( هنا خرجت الخطية خارجاً)

 

آيات (31،32):-

وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما أنافأقول لكم أن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني ومن يتزوج مطلقة فانهيزني.

المرأة فى اليهودية كانت مهانة، وكانالرجال يصلون يوماً “أشكرك يا رب لأنك خلقتنى رجلاً وليس إمرأة، خلقتنى حراًوليس عبداً….” وهذا يعبر عن قساوة قلوبهم من ناحية المرأة، ولقساوة قلوبهمهذه سمح لهم موسى بالطلاق (تث 1:24). ولقد شاع الطلاق عند الأمم واليهود علىالسواء. ولقد هناك مدرستان عند اليهود، مدرسة شمعى وهى تسمح بالطلاق فى حالة فقدانالعفة، أماَ مدرسة هليل فتوسعت فى أسباب الطلاق حتى أنها سمحت بالطلاق إن أفسدتالطعام أو خرجت عارية الرأس أو عموماً إن إنجذب الرجل لإمرأة أخرى. وجاء المسيحليقدس الزواج ويرتفع به لمستوى المسئولية الجادة، فلا يسمح بالطلاق إلاّ لعلةالزنى.

كتاب طلاق= هو شهادة بطهارة الزوجةالمطلقة 1) حتى لا ترجم 2) به يمكنها أن تتزوج رجلاً أخر. ولذلك يكون كتاب الطلاقهذا وسيلة لتهدئة مشاعر الزوج ورجوعه عن الطلاق، إذ يشعر الرجل حين يكتب هذاالكتاب ان إمرأته ستصير لآخر فيرجع عن نيته بطلاقها.

 

آيات (33-37):-

أيضا سمعتم انه قيل للقدماء لا تحنث بل أوف للرباقسامك. وأما أنا فأقول لكم لا تحلفوا البتة لا بالسماء لأنها كرسي الله. ولابالأرض لأنها موطئ قدميه ولا بأورشليم لأنها مدينة الملك العظيم. ولا تحلف برأسكلأنك لا تقدر أن تجعل شعرة واحدة بيضاء أو سوداء. بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لاوما زاد على ذلك فهو من الشرير.

سمح الله لليهود فى طفولتهم الروحية بأنيستخدموا إسمه فى القسم :

1)    حتى يرتبطوا به ولا يرتبطوا بالآلهة الوثنية إذيقسمون بها.

2)    حتى لا يحنثوا بوعودهم بل يلتزمون بأن يوفواأقسامهم أمام الرب

وكان اليهود حتى يتجنبوا شر القسم بالله وحتى لايعاقبهم الله إن حنثوا بما أقسموا عليه، قد سمحوا بالقسم بالسماء وبالأرضوبأورشليم وبرأس الإنسان وإعتبروا أن هذه الأشياء لا علاقة لها الله. ولكن السيدالمسيح هنا يعلمنا أن كل خليقة الله لها علاقة بالله. وفى العهد الجديد ما عاد أحديعبد آلهة غريبة، وبالتالى ما عاد القسم بالله علامة التعبد لله، فلا داعى إذاً لأنيقسم أحد بالله، خصوصاً أن اسم الله أسمى من أن نتعامل به فى الأمور الماديةالعالمية، بل يذكر فى العبادة فقط. والمسيحى له سمة مميزة، هى أنه لا يُقسم بليكون كلامه نعم ولا = أى الصدق فقط. وما زاد عن الصدق أو قل عنه فهو كذب،والكذب هو من الشرير الكذاب وأبو الكذاب يو 44:8.

 

آيات (38-42):-

سمعتم انه قيل عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقوللكم لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً. ومن أراد أنيخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاً. ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين.من سالك فأعطه ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده.

قيل عين بعين= وصايا الناموس هذه تصلحلشعب بدائى، لا يملك النعمة التى تعطى المسيحى أن يحب أعداءه. ولكن هذه الوصاياكانت لازمة لمنع التوحش والإنتقام الرهيب، إذ أن الإنسان البدائى مستعد أن يقتل منيفقده عينه. وجاء المسيح ليطلب أن نقابل الشر بالخير وهذه درجة عالية جداً، لايملك الإنسان البدائى أن ينفذها، فما يساعدنا الآن على تنفيذها هو حصولنا علىالنعمة. لا تقاوموا الشر= المقصود الشخص الشرير وتقاوم فى اليونانية تعنىأن تقف فى حرب ضد من يقاومك مجاهداً أن تنتصر عليه خدك الأيمن = المقصود بهالكرامة الشخصية. الآخر= رُبما يكون المقصود به هو أن تترك لهُ سبب الخلافالذى أدى للإهانة. فلو أهانك أحد بسبب خلاف على شئ 1) سامحه          2) تنازل عنهذا الشئ.

وهناك من طبق الوصية حرفياً فهزم الشيطان. إذذهب أحد القديسين ليصلى لفتاة بها روح شرير، ولما فتحت هى له الباب تحرك فيهاالشطان ولطمت القديس فحول لها الخد الآخر، فخرج الشيطان حالاً صارخاً هزمتنىبتنفيذك للوصية، ولقد رأيت شخصياً أحد الإخوة غير المسيحيين، حين لطمه أحد أصدقائهفى مشادة فسكت بل طأطأ رأسه، وبعد دقائق إنهار من لطمه طالباً الصفح وباكياً. ولكنالمهم هو الفهم الروحى وليس التطبيق الحرفى، فالسيد المسيح حين لُطِمَ قال للعبدالذى لطمه…. فلماذا تضربنى يو 23:18، فهو لم يقدم خده الآخر بل هو كان مستعداًأن يصفح بل أن يموت عمن لطمه. من سخرك ميلاً = كان اليهودى تحت الحكمالرومانى – مهدداً فى أى لحظةأن يسخره جندى رومانى ليذهب حاملاً رسالة معينة على مسافة بعيدة وهذا كان النظامالبريدى المتبع فى ذلك الحين. أو كانوا يسخرون أحداً لعمل معين كما سخروا سمعانالقيروانى ليحمل صليب المسيح. والسيد هنا يطلب أنه إن سخرك أحد لمسافة ميل وتضطرأن تعمله بنظام العبودية فبحريتك سر معه ميل آخر علامة المحبة. والميل الآخر سيزيلمرارة عبودية الميل الأول. أى كن مستعداً للعطاء والبذل بحب، وهذا لخصه السيدبقوله من سألك فأعطه

نفهم من كلام السيد هنا هو أن لا نهتم بدرجةكبيرة بحقوقنا الشخصية بل نقل البذل والتضحية والعطاء بحب، والتسامح مع حتى منيوجه لنا إهانة وإن أخذ أحدٌ منك شئ فإتركه واترك غيره لتستريح من مشاكل القضاء أىإشتر راحتك وسلامك = اترك الرداء أيضاً فتربح وقتك وفكرك وربما تربح منيخاصمك بحبك له.والرداء عادة أغلى ثمناً. عموماً لن يستطيع هذا إلا من حسب مع بولسأن كل شئ فى العالم نفاية (فى 8:3)

 

آيات (43-48):-

سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. وأما أنافأقول لكم احبوا أعداءكم باركوا لأعنيكم احسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذينيسيئون إليكم ويطردونكم. لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسهعلى الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين. لأنه أن أحببتم الذين يحبونكمفأى اجر لكم أليس العشارون أيضاً يفعلون ذلك. وأن سلمتم على اخوتكم فقط فأى فضلتصنعون أليس العشارون أيضاً يفعلون هكذا. فكونوا انتم كاملين كما أن أباكم الذي فيالسماوات هو كامل.

الله محبة، وفى العهد الجديد عهد النعمة يسكبالله روح المحبة فى قلوبنا، ومن ثماره المحبة (رو 5:5 + غل 22:5). وكمال الإنسانالمسيحى أن يمتلئ محبة لله أولاً ولكل الناس حتى لمن هم يعادونه، فى العهد الجديديتصور المسيح فينا ( غل 19:4) فلا نستطيع سوى أن نحب الجميع تحب قريبك وتبغضعدوك = الناموس لم يأمرهم أن يبغضوا أعداءهم ولكن تحب قريبك هذه وصية الناموس،أماّ تبغض عدوك فهى تعليم الكتبة. فوصية الناموس الأولى والعظمى هى المحبة.فالقريب فى نظرهم هو اليهودى. أما تفسير المسيح فنرى فيه أن السامرى هو قريبى.ونلمس فى الناموس بعض الوصايا التى تشير لمحبة العدو (خر 4:23،5 + تث 7:23،8) وقدنجد بعض الأيات التى قد تفهم على أنها كراهية للأعداء مثل (تث 6:23) وغيرها ولكنحتى نفهم هذه الأيات يجب أن نعلم أن الشعب اليهودى فى هذه المرحلة ما كان يميز بينالخطية والخاطئ، فحين يطلب منهم الله أن يكرهوا خاطئاً فكان هذا ليكرهوا الخطيةالتى يعملونها فلا يعملونها هم أيضاً أحبوا أعدائكم = هذه ليست فى قدرةالإنسان العادى فكيف ننفذها ؟

1.    فى عهد النعمة، يعطينا الروح القدس هذهالإمكانية، وهى ليست بإمكانيات بشرية ؟ بل هى عطية إلهية.

ولكن النعمة لا تعطى إلاّ لمن يجاهد فى سبيلهالذلك فالسيد حدد شروط الجهاد حتى نحصل على هذه النعمة باركوا… أحسنوا… صلوالأجل…

باركوا لا عنيكم = تكلموا عنهم وأمامهمبكل ما هو صالح (بالغصب طبعاً) أحسنوا إلى مبغضيكم = قدموا لهم ما أمكنخدمات وأعمال محبة ومجاملات صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم = أطلبوا بركةالله لهم ولذويهم فى صلواتكم وربما يتساءل البعض.. هل أصلى وأقدم خدمة وأبارك شخصأساء لى، وقلبى مملوء غضباً عليه ؟ نقول نعم فهذا هو الجهاد، فالجهاد هو أن تغصبنفسك على شئ حسن صالح، لا رغبة لك أن تعمله، وفى مقابل جهادك تنسكب النعمة فيك.فتجد نفسك قادراً على حب عدوك، بل ستجد نفسك غير قادر أن تكرهه. وهذه الآية تثبتصحة وجهة نظر الأرثوذكسية فى أنه لا نعمة بدون جهاد. فالمحبة هى عطية من الله أىنعمة، وهذه لا تنسكب فينا بدون الجهاد الذى ذكره السيد المسيح.

لكى تكونوا أبناء أبيكم= حتىتستطيعوا أن تستمروا وتظهروا هكذا أمام الناس والملائكة، وتكونوا مشابهين فىالمحبة لله أبيكم. هذا هو الكمال المسيحى. فالله يعطى من بركاته للجميع حتىالأشرار = يشرق شمسه على الأشرار. والسيد يعطينا أن يكون المثل الذى نقيسعليه هو كمال الآب السماوى، ومن يفعل يفرح الله.

أحببتم الذين يحبونكم = فهذه يصنعهاحتى الأشرار، هذه تنتمى للإنسان العتيق، إنسان العهد القديم، الذى هو بدون نعمة.

العشارون= كانوا يجمعون الجزية،ولكنهم استغلوا وظيفتهم فى إبتزاز الناس لذلك صار إسم عشار يرادف أحط الأشياءوأحقرها.

 

(لو 27:6-36):-

لكني أقول لكم أيهاالسامعون احبوا أعداءكم احسنوا إلى مبغضيكم. باركوا لأعنيكم وصلوا لأجل الذينيسيئون إليكم. من ضربك على خدك فاعرض له الآخر أيضاً ومن اخذ رداءك فلا تمنعه ثوبكأيضاً. وكل من سالك فأعطه ومن اخذ الذي لك فلا تطالبه. وكما تريدون أن يفعل الناسبكم افعلوا انتم أيضاً بهم هكذا. وأن أحببتم الذين يحبونكم فأي فضل لكم فان الخطاةأيضاً يحبون الذين يحبونهم. وإذا أحسنتم إلى الذين يحسنون إليكم فأي فضل لكم فانالخطاة أيضاً يفعلون هكذا. وأن أقرضتم الذين ترجون أن تستردوا منهم فأي فضل لكمفان الخطاة أيضاً يقرضون الخطاة لكي يستردوا منهم المثل. بل احبوا أعداءكم واحسنواواقرضوا وانتم لا ترجون شيئا فيكون أجركم عظيما وتكونوا بني العلي فانه منعم علىغير الشاكرين والأشرار. فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضا رحيم.

هنا نجد نفس تعاليم السيد التى قالها فى عظةالجبل، يكررها القديس لوقا ونفهم منها أن نعمل الخير للآخرين دون إنتظار مقابلونرد العداوة بحب وهذا لا يستطيعه سوى من صار فى المسيح خليقة جديدة 2 كو 17:5 وقديقول قائل وهل أنا المسيح لأفعل ذلك؟ حقاً يجب أن نعلم أن المسيح يسكن فيناويعطينا حياته ” لى الحياة هى المسيح فى 21:1″ + مع المسيح صلبت فأحيالا أنا بل المسيح يحيا فىّ غل 20:2.

من ضربك على خدك = نكرر، ليس المفهوم أنلا يدافع المسيحى عن نفسه بل أن يحتمل بقدر إمكانه، وبمحبة، الآخر لكى يربحهللمسيح، المطلوب أن يكون الرد بوداعة ولطف وحكمة، فكل موقف له رد، ولكن المفهومالعام هو أن نحتمل ضعفات الآخرين لأجل المسيح، ونحاول جذبهم إلى السلام. والمسيحيضع هنا حكمة ذهبية كما تريدون أن يفعل الناس بكم إفعلوا أنتم أيضاً بهم هكذا =أى لا نرد على إخوتنا بمثل ما يفعلون بنا من شر، بل بحسب ما نحب أن يفعلوا همبنا.

نحن الآن لا نحيا بحسب الإنسان العتيق، فمثل هذايحب من يحبه ويعطى من يرجو منه خيراً أما إنسان العهد الجديد المملوء نعمة فهوقادر أن يحب حتى من يكرهونه ويعادونه.

لم يذكر القديس لوقا موضوع من سخرك ميلاً، فهومكتوب لليونان والرومان فهذا الموضوع لا يخصهم، فلن يسخرهم أحد.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى