علم التاريخ

52- الطبقة الوسطى (البرجوازية) والإصلاح الديني Bourgeoisie



52- الطبقة الوسطى (البرجوازية) والإصلاح الديني Bourgeoisie

52- الطبقة الوسطى (البرجوازية) والإصلاح الديني Bourgeoisie

 أدى
ظهور الطبقة الوسطى التجارية وسكان المدن في أوربا ألي تغيير وجه الحياة فيها،
فتغيرت نظرة الناس ألي عادات وتقاليد العصور الوسطى في أوربا، فأخذت هذه العادات
والتقاليد تتزعزع أسسها مع انهيار المجتمع الإقطاعي وبناء المتجمع البورجوازي
نتيجة انتعاش التجارة واكتشاف الطرق التجارية براويجوا وإنشاء المدن التجارية
نتيجة تجتمع التجار لتتبادل التجارة، وانتعاش رؤوس الأموال التي أظهرت شخصية هذه
الطبقة في مواجهة الإقطاع والرأسمالية ومنها الكنيسة الكاثوليكية نفسها، مما اخذ
معه البناء السياسي والفكري والديني والقانوني والفلسفي في الانهيار أمام هذا
البناء الجديد في نفس المسارات.

 

فكانت
الكنيسة الكاثوليكية في ظل العلاقات الإقطاعية قد استطاعت، تصوغ الدين في شكل يتفق
مع هذه العلاقات فعملت علي تمجيد حياه الزهد والتقشف والنهي عن التمتع بجمال
الحياة ونعيمها بالنسبة للشعب فقط دون رجالها ودعت هؤلاء الناس إلى تعذيب النفس
وحرمانها استعدادا لنعيم الاخره وذلك بغرض حمل الشعب علي قبول الاستغلال الإقطاعي
في إذعان واستسلام.

 

وكانت
الكتبة تطلب إلى الناس اتباع تعاليمها دون مناقشة الأمر الذي أمات فهم الروح البحث
والابتكار بل والتعليم علي أساس، الجهل يسهل قياده الشعب، واعمي إنسان العصور
الوسطي عن رؤية جمال العالم وفكره وثقافته. فقد كان الجمال في نظره رجساً من عمل
الشيطان ولم تصبح الدنيا في رأيه ألا مضيفه إلى الدار الآخرة، وحببوا أليه الجهل
ليكون مقبولا لدي الله لان في نظرهم – دليل علي صدق العقيدة وقوة الإيمان.

 

وفي
الوقت الذي كانت فيه الكنيسة تقوم بهذا إزاء الجماهير الكادحة كانت تمارس
الاستقلال المادي لهذه الجماهير، بأشد مما كانت تمارسه طبقة النبلاء والإقطاعيين،
وكان الباباوات في روما يعيشون عيشة الترف، وانغمس بعضهم في حمأة الرذيلة كما تمتع
بعض رجال الكنيسة بالكثير من الحقوق والامتيازات الدينية والمدنية التي لم يكن
يتمتع بها سائر أفراد المجتمع آنذاك وكانت الكنيسة إلى جانب امتلاكها ألا قطاعات
واسعه معفاة من الضرائب لها الحق في جمع نوع من الضرائب في شكل العشور.

 

وفي
الوقت نفسه لم تكتفي الكنيسة بما كانت تتمتع به من مركز هام في المجتمع الإقطاعي
بحكم دورها الديني، بل أراد الباباوات إخضاع الأباطرة لسلطتهم وبمعني أخر إخضاع
السلطة المدنية للسلطة الدينية رغم، المسيحية تؤكد، الكنيسة والدوله تستمدان
سلطتهما من الله الذي أوكل لواحدة حكم الروح والأخرى سلطه الإدارة (أعط مال قيصر
لقيصر وما لله لله) الأمر الذي أدى إلى النزاع بين البابوية والامبراطوريه كما مر
بنا هنا في قسم التاريخ بموقع الأنبا تكلاهيمانوت.

 

وقد
كان من الطبيعي مع انهيار المجتمع الإقطاعي وظهور طبقه جديدة علي أنقاض هذا
المجتمع وهي البورجوازية بمفاهيم ومُثَل جديدة وبأسلوب في الحياة والتفكير يختلف
عن أسلوب العصور الوسطي، أن تصحوا أذهان الناس علي مساوئ الكنيسة ومفاسدها وان
تتمرد نفوسهم علي قيودها ونظرياتها فوقعت سلسله من ردود الفعل – رأيناها في
الأوراق السابقة – وبناء هيكل كنسي جديد يتفق مع علاقات الإنتاج الجديدة. وما ترتب
علي هذه العلاقات من قيام بناء علوي جديد.

 

ولقد
لعبت الطبقة البرجوازية
bourgeoisie الدور الرئيس في تحطيم سلطه الكنيسة الكاثوليكية في عصورها الوسطي
هي الطبقة الثورية كما رأينا وكان قد سبق لها، بلغت مركزا مرموقا في المجتمع بفضل
ثرائها القائم علي رأس المال ولكن هذا المركز مع ذلك كان لا يتلاءم مع قوتها
وقدرتها علي التوسع والامتداد وبالتالي لما كان النظام الإقطاعي هو الذي يقف
حائلاً دون نموها وتطورها فقد كان عليها، تحطم هذا النظام.

 

ولكن
الكنيسة الكاثوليكية كانت المركز الدولي العظيم للإقطاع وهي التي وحدت أوروبا
الغربية الإقطاعية وجعلت فيها برغم كل الحروب الداخلية نظاما سياسيا موحد أيقف
إزاء الكنيسة الاغلايقية الأرثوذكسية المنشقة عليها (هذا في رأي الكاثوليك)
والممالك الإسلامية علي حد سواء أحاطت الأنظمة الإقطاعية بهالة من القداسة ونظمت
طبقاتها دفعه النموذج الإقطاعي واخيراً كانت الكنيسة اقوي سيداً اقطاعي وتملكت ثلث
ارض العالم الكاثوليكي ولهذا كان لابد قبل توجية هجوم ناجح إلى النظام الإقطاعي
الفاسد في كل بلد لابد من تحطيم نظامه المركزي المقدس وفضلاً عن هذا فقد صاحب نمو
البرجوازية عملية إحياء العلوم العظيمة من تلك وميكانيكا وطبيعة وتشريح
وفسيولوجياً في حين كان العلم في العصر الإقطاعي الخادم المطيع للكنيسة ولم تكن
تسمح له بان يتخطي الدود التي رسمتها العقيدة رغم، المسيحية دين انفتاح علي
الثقافة والعلوم والتعليم ما دامت لا تبعد الإنسان عن الحياة مع الله.

 

يتبين
من كل ذلك، البورجوازية كانت هي الطبقة التي يعنيها اكثر من غيرها النضال ضد دعاوى
الكنيسة الكاثوليكية ذلك، كل صراع في ذلك الوقت ضد الإقطاع كان لابد، يجري تحت
ستار ديني أي يجب، يكون موجها ضد الكنيسة أولا.

 

ولكن
إذا كانت الضحية بدأت من البرجوازية فقد كان من المحقق، يتردد صداها في طبقات أخرى
فقد تردد صداها في جماهير الفلاحين الذين كان عليهم، يكافحوا من اجل وجودهم ضد
سادتهم الإقطاعيين، كما تردد صداها في طبقة الفرسان الذين كان عليهم، يكافحوا ضد
سيطرة كبار النبلاء

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى