علم الخلاص

35- متى تم الإتحاد بين الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية؟



35- متى تم الإتحاد بين الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية؟

35- متى
تم الإتحاد بين الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية؟

ج:
أدعى الأبيونيون أن مريم العذراء ولدت يسوع الإنسان، فهو مجرد إنسان لا غير، وسار
يسوع في وصايا الله حتى بلغ الثلاثين من عمره، وفي الثلاثين أثناء عماده من يوحنا
نزل عليه المسيح (اللاهوت) فدُعي يسوع المسيح، وظل يخدم ويعلم ويرشد الشعب ويصنع
معجزات حتى تعرض للصلب، ففارقه المسيح وصعد إلى السماء، وتأسئ الله على يسوع الذي
يقاد للموت وهو برئ فأسقط شبهه على آخر، ورفع يسوع إلى السماء، وكذلك قال شهود
يهوه بأن الإتحاد تم وقت العماد.. فمتى تم الإتحاد هل في بطن العذراء أو بعد ولادة
الطفل أو في وقت العماد؟ لقد تم الإتحاد في اللحظة التي بشر فيها رئيس الملائكة
الجليل جبرائيل العذراء مريم، وقبلت هي البشارة قائلة ” هوذا أنا أمة الرب
” (لو 1: 28) فحلَّ عليها الروح القدس، ففي هذه اللحظة بدأ الإتحاد، فلم تمر
لحظة واحدة على بداية تكوين الناسوت وكان اللاهوت منفصلاً عنه، ولم ينتظر اللاهوت
حتى تكوَّن الجنين، ولم ينتظر حتى وُلِد الطفل من بطن العذراء، ولا انتظر حتى وقت
العماد ثم اتحد به.. إن الناسوت وُجِد في الإتحاد باللاهوت، وكأن اللاهوت كان
منتظراً فاتحاً أحضانه لاستقبال الناسوت منذ اللحظة الأولى لتكوينه لكيما يتحد به.

ولهذا
دعت الكنيسة العذراء مريم بمعمل الإتحاد لأن في أحشائها تم إتحاد اللاهوت بالناسوت،
فنصلي في التسبحة قائلين ” السلام لمعمل الإتحاد، غير المفترق الذي للطبائع،
التي أتت معاً إلى موضع واحد، بغير اختلاط ” (ثاؤطوكية الأربعاء) ولأن السيدة
العذراء حملت في أحشائها جمر اللاهوت لذلك تشبهها الكنيسة بالعليقة، وتدور
ثاؤطوكية الخميس كلها حول هذا المعنى، ومن أجل هذا صرخت أليصابات عند لقائها
بالعذراء مريم قائلة ” من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلىَّ ” (لو 1: 43).

ويقول
القديس يعقوب السروجي ” مضت مريم لتنظر حقيقة الأمر.. إعتنت بالكلام وأخذت
طريقها إلى أليصابات لتنظر هناك الدهش العظيم..

إلتقى
الصباح والمساء ليقبّلا بعضهما!

 

الصبية
الصباح حبلى بشمس البر، وأليصابات المساء حاملة كوكب النور..

أتى
الصباح ليسلم على المساء صاحبه، وتحرك المساء لينظر الصباح ويقبّله..

فاض
الروح القدس من إبن الله، وحلَّ في الكاروز (يوحنا) وهو في بطن أمه، لأن سلام مريم
كان هنا موضع الكاهن، وأليصابات صارت كمثل حضن المعمودية، وإبن الله أرسل الروح من
أزليته وعمَّد الطفل (يوحنا) بالروح القدس.. ” (1)

 

ولأن
السيدة العذراء ولدت الله الكلمة المتأنس، لذلك فانها ولدته بدون زرع بشر، وبدون
ألم ” قبل أن يأخذها الطلق ولدت. قبل أن يأتي عليها المخاض ولدت ذكراً”
(أش 66: 7) وبسبب إتحاد اللاهوت بالناسوت ولدت العذراء إبنها وبكوريتها مختومة
” فقال لي الرب هذا الباب يكون مغلقاً لا يُفتَح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب
إله إسرائيل قد دخل فيه فيكون مغلقاً ” (حز 44: 2) وفي التسبحة نقول ”
وبعدما ولدته، بقيت عذراء، بتسابيح وبركات نعظمك” (ثاؤطوكية الأحد) وفي قسمة
عيد الميلاد يصلي الآب الكاهن قائلاً “الكائن في حضنه الأبوي كل حين آتى
وحلَّ في الحشا البتولي غير الدنس. ولدته وهي عذراء وبكارتها مختومة” وبسبب
الإتحاد دُعيت العذراء مريم والدة الإله “ثيؤطوكوس”.

 

وقال
أغناطيوس زكا الأول في مؤتمر القدس سنة 1959 والذي عُقِد من أجل وحدة الكنائس
” غير انه لا اللاهوت وُجِد في أحشاء العذراء قبل وجود الناسوت فيها، ولا
الناسوت وُجِد قبل اللاهوت. بل كلاهما وجدا معاً في لحظة واحدة فاتحدا إتحاداً
ذاتياً طبيعياً جوهرياً اقنومياً بدون اختلاط ولا امتزاج ولا استحالة، بسر لا
يُدرك، وولدته العذراء بعد تسعة أشهر وهي بتول، فصار الكلمة جسداً (يو 1: 14)
ودُعي عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا (مت 1: 23) ” (1)

 

ويقول
نيافة الأنبا بيشوي مطران دمياط وسكرتير المجمع المقدَّس ” كلمة الله اتحد
بالناسوت في لحظة تكون الجنين التي تسمى بالأنجليزية
From the very moment of incaration كمثل حد السيف، أي في زمن قيمته صفر تم التجسد الإلهي. تكوَّن
الجنين واتحد اللاهوت بالناسوت، وهذا يحل مشكلة كبيرة لمن يقولون إننا نؤله
الإنسان. نحن نؤمن بإله تجسد وليس بإنسان تأله، فيسوع ليس إنساناً صار إلهاً،
لكننا نقول أن كلمة الله الذي ظهر في الجسد..

 

إذاً
فقد تم إتحاد اللاهوت بالناسوت منذ اللحظة الأولى للتجسد، لكنني أفضل أن أقول {
اتحد اللاهوت بالناسوت في التجسد } وأفضل تعبير هو أن نقول { لقد وُجِد الناسوت في
الإتحاد } أي أن الناسوت وُجِد داخل عملية الإتحاد. أو أن حدوث الإتحاد كان في
أثناء تكوُّن الناسوت من العذراء بدون وجود فاصل زمني بينهما، بمعنى أنه حدث في
لحظة الإتحاد نفسها ” (2).

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى