علم الله

الفصل السابع



الفصل السابع

الفصل
السابع

النُّظم
اللاهوتية الشهيرة

 

1 – ما هي حالة علم اللاهوت في القرون المسيحية الأولى؟

مقالات ذات صلة

*
توجَّه معظم اهتمام الكنيسة في تلك القرون للمحاماة عن حقائق المسيحية دفاعاً ضد
هجوم غير المؤمنين، والهرطقات الغنوسية التي تولدت من الفلسفة الشرقية، ولحلّ
القضايا التي دار عليها الجدل حول أقانيم اللاهوت الأقدس وإثباتها. ولا يظهر
للباحثين في تاريخ تلك القرون أن أهلها قرروا شيئاً محدداً من التعاليم اللاهوتية
في أصل خطية الإنسان ونتائجها، ولا في النعمة الإلهية وعملها، ولا في حقيقة فداء
المسيح وكيفية الحصول عليه بعمل الروح القدس والإيمان. وقد أجمع آباء الكنيسة
الشرقية (اليونانية) بسبب ما كان لأوريجانوس من النفوذ العظيم، على ما يشابه
التعليم “الشبيه بالبيلاجي” وأنكروا أن الإنسان مجرم بسبب الخطية
الأصلية، واعتقدوا في قدرة الخاطئ الذاتية المستقلة على فتح قلبه لقبول النعمة الإلهية
وعلى العمل معها من تلقاء نفسه. ولا يزال ذلك من تعليم تلك الكنيسة في شأن حالة
الخاطئ إلى وقتنا الحاضر. وما قيل في آباء الكنيسة الشرقية يصح على مؤلفي الكنيسة
الغربية. غير أنه في أثناء القرنين الثالث والرابع نشأ بينهم ميلٌ شديدٌ لآراء أصح
مما ذُكر (وهي التي ناضل عنها بعد ذلك أغسطينوس الشهير ونجح) كما يظهر من مؤلفات
ترتليان من قرطاجنة (مات سنة 240م) وهيلاريوس (مات نحو سنة 366م) وأمبروز أسقف
ميلان (مات نحو سنة 396م).

 

2 – كيف تقدَّمت الكنيسة في استجلاء الحق
الإلهي؟ وأية كنائس حدّدت بالتفصيل التعاليم الأساسية في التثليث، وشخص المسيح،
والخطية والنعمة، والفداء وتخصيصه. ومتى كان ذلك؟

*
أدّى ما نشأ في الكنيسة من الجدل إلى تقدمها في إدراك الحقائق الإلهية والتدقيق في
تحديدها. وقد دبرت العناية الإلهية أن تستوفي الكنيسة البحث عن أصول النظام
المُعلَن في أسفار الوحي، وأن يتحدد هذا جيداً في عصورٍ مختلفة وبين أمم وطوائف
كثيرة. وقد اتّضحت قضايا ذات شأن في الله والمسيح نتيجة البحث الوافي من أشخاص
أكثرهم من الأصل اليوناني، وحُكم بها قانونياً في المجامع التي التأمت في القرن
الرابع وما يتلوه. فتحدد لاهوت المسيح ومساواته للآب في الجوهر في مجمع نيقية سنة
325م، وأقنومية الروح القدس ولاهوته في المجمع القسطنطيني الأول سنة 381م (وأما
لفظة “والابن” فأضافها اللاتينيون في مجمع توليدو سنة 589م). ودرس مجمع
أفسس (451م) الكريستولوجيا أي التعليم في المسيح، وأقرّ عقيدة اتحاد اللاهوت
والناسوت في شخصه المجيد. وأقرّ مجمع خلقدونية (451م) أن الطبيعتين بقيتا
متميّزتين. وأقرّ المجمع القسطنطيني السادس (860م) أن للمسيح مشيئة بشرية ومشيئة
إلهية. وقبلت الكنائس من يونانية وباباوية ولوثرية ومُصلحة تلك الأحكام. أما مسائل
الخطية والنعمة المتضمنة في قسم الأنثروبولوجيا (عِلم الإنسان) فقد بحثها في بادئ
الأمر على الغالب اللاتينيون، وحكم بها أولاً حكماً باتاً في جدال أغسطينوس مع
بيلاجيوس في النصف الأول من القرن الخامس. ولم يُستوفَ البحث في مسائل الفداء
وكيفية تخصيصه (السوتيريولوجيا، أي الفكر اللاهوتي في الخلاص) إلا منذ وقت الإصلاح
وما بعده، فقد بحثه كبار اللاهوتيين الألمان والسويسريين، مثل لوثر وزوينجلي وكلفن
وميلانكثون. ولا تزال الكنيسة إلى يومنا تدرس مسائل كثيرة من الإكليسيولوجيا
(الفكر اللاهوتي عن الكنيسة).

 

3 – ما هي أنظمة اللاهوت الثلاثة الشهيرة التي انتشرت على الدوام في
الكنيسة؟

*
لعلم اللاهوت نظامان تامان، كل منهما أجزاؤه متوافقة. أولهما النظام الأغسطيني
المنتهي بالنظام الكلفيني. وثانيهما النظام البيلاجي المنتهي بالنظام السوسيني
(نسبة إلى فوستوس سوسينوس الإيطالي الأصل الذي مات في بولندا سنة 1604م. على أن السوسينيين
أضافوا إلى ضلال بيلاجيوس إنكارهم التثليث ولاهوت المسيح). ونشأ نظام ثالث متوسط
بينهما، هو النظام الشبيه بالبيلاجي وهو ينتهي بالنظام الأرميني.

 

4 – متى وأين وبواسطة مَن اتضحت جيداً المبادئ
الأساسية لنظامي علم اللاهوت العظيمين اللذين يضاد أحدهما الآخر؟

*
برزت قضايا النظامين الأغسطيني والبيلاجي المتناقضة أولاً، وحُدِّدت بسبب ما نشأ
من الجدل في أول القرن الخامس بين أغسطينوس (أسقف هبّو في شمال أفريقيا من سنة
395-430م) وبيلاجيوس (الراهب البريطاني على ما يُظن، والمقيم في روما نحو سنة
400م) وبصحبته تلميذاه كويلستيوس من روما ويوليانوس من أكلانوم في إيطاليا. وقد
رفضت الكنيسة القضايا التي تمسَّك بها بيلاجيوس، ولكن قبِلها السوسينيون. وقد
فنَّد مجمعا قرطاجنة سنة 416 و418م، ومجمع ميليفيوم في نوميديا بشمال أفريقيا سنة
416م، والمجمع المسكوني الذي التأم في أفسس سنة 431م تلك القضايا، مما يبرهن أن
التعليم الأغسطيني كان موافقاً لإيمان الكنيسة منذ نشأتها.

 

5 – ما هي أهم أوجه الاختلاف بين المذهبين الأغسطيني والبيلاجي؟

*
يتضح ذلك من مقارنة بعض تعاليمهما كما يأتي:

(1)
التعليم في الخطية الأصلية:

يقول
الأغسطيني بمعصية آدم الأول، نائب نسله، أخطأ كل البشر، ونالهم كل ما نشأ عن تلك
المعصية من الويل، وفسدوا في الطبيعة والأفعال، وصاروا يولدون بطبيعة فاسدة عاجزة
عن عمل الصلاح.

بينما
يقول البيلاجي إن معصية آدم أضرَّت به وحده، لا بنسله. وكل إنسان يولد بطبيعة
أخلاقية في نفس الحالة التي خُلق عليها آدم، فلا وجود للخطية الأصلية.

(2)
التعليم في حرية الإرادة:

يقول
الأغسطيني إنه بمعصية آدم فَقد الإنسان ما كان له من قدرة الإرادة الذاتية لعمل
الخير، وصار في هذه الحالة الفاسدة تحت تسلط الخطية، عاجزاً عن أن يعمل ما يُرضي
الله. غير أنه لا يزال حراً ومسئولاً.

بينما
يقول البيلاجي إن الإنسان ذو إرادة حرة مطلقة، ويقدر من تلقاء نفسه أن يريد وأن
يعمل الخير أو الشر. فصلاح الإنسان وشره باعتبار طبيعته وأفعاله يتوقّفان عليه
تماماً.

(3)
التعليم في النعمة المجانية:

يقول
الأغسطيني إنه إذا أراد الإنسان في حالته الحاضرة أن يعمل الخير، كان ذلك نتيجة
فعل النعمة الإلهية المجانية وتأثيرها الداخلي السري العجيب فيه. وهي نعمة سابقة
ونعمة مرافِقة. فبالنعمة السابقة يعرف الخير ويريده، وبالنعمة المرافِقة يقدر على
إتمامه. وكما أنه لا يقدر أن يعمل خيراً بدونها كذلك لا يريد أن يقاومها، لأنها
فعّالة لا تُقاوَم. ولما كان الإنسان بطبيعته عديم الاستحقاق، لا ينشأ نواله
النعمة من ميله الأخلاقي إليها ورغبته الذاتية فيها، بل من مشيئة الله ورغبته في
جذبه إليه بتلك النعمة المجانية.

بينما
يقول البيلاجي إن إرادة الإنسان تمكِّنه من اختيار الخير وعمله دون مساعدة إلهية
خاصة، لأن الإنسان ذو قدرة وإرادة حرة لا تزال على حالتها الأصلية، غير أن الله
أعلن له الناموس ومنحه تأثيرات النعمة العجيبة ليسهّل عليه واجباته ويساعده على
ذلك بتعليم المسيح ومثاله. وأما النعمة (أي التأثير الروحي المجاني في النفس)
فتُمنح للذين يستحقونها بسبب استعمال قواهم بأمانة. غير أن الإنسان حرٌّ في أن
يقاومها مقاومة تامة إذا أراد. وربما يميل إلى ذلك ويعمله فعلاً.

(4)
التعليم في التعيين السابق والفداء:

يقول
الأغسطيني إن الله قدّم في محبته الفائقة ابنه الوحيد كفارة عن خطايا العالم. وبما
أن كل البشر يميلون بسبب تسلُّط الخطية عليهم إلى رفض خلاص المسيح، كمَّل الله عمل
محبته بأن اختار حسب رأي مشيئته جانباً عظيماً من البشر وخصّص لهم عمل الفداء
بواسطة الروح القدس وعمله العجيب في قلوبهم في إنارتها وتجديدها وتقديسها وتمكينها
على أن تؤمن بالمسيح. (على أن البعض فهموا أن الرأي الأغسطيني يدل على أن الاختيار
سابق لتدبير الفداء، وأن الفداء معدٌّ للمختارين فقط، وأن المسيح مات لأجلهم دون
غيرهم. وتوجد آيات كتابية كثيرة تثبت عكس ذلك).

بينما
يقول البيلاجي إن قضاء الله يتأسس في الاختيار والرفض على علمه السابق بأخلاق
البشر، فالذين رأى بسابق علمه أنهم يحفظون وصاياه عيَّنهم للخلاص، وأما الباقون
فللدينونة. وإن فداء المسيح عام لكن الأطفال لا يحتاجون إليه، لأن الذين يحتاجون
إليه هم الذين أخطأوا بالفعل.

 

6 – كيف نشأ النظام المتوسط بين الأغسطيني والبيلاجي المُسمّى
بالشبيه بالبيلاجي؟

*
لما اشتدَّ الخصام في شأن النظام البيلاجي شرع يوحنا كاسيانوس في إنشاء نظام متوسط
بين الأغسطيني والبيلاجي سُمّي الشبيه بالبيلاجي. (ويُقال إن كاسيانوس سوري الأصل
تربّى في الكنيسة الشرقية ثم انتقل إلى مرسيليا في فرنسا نحو سنة 412م ليخدم مصالح
الرهبنة). ومبادئ هذا المذهب الجوهرية هي نفس مبادئ النظام المعروف الآن بالأرميني
الذي سيأتي ذكره. وكان من أشهر المناضلين عنه فوستوس أسقف ريز في فرنسا من سنة
427-480م. وقبلت الكنيسة الشرقية جوهر هذا التعليم، واشتهر مدة من الزمان في
الكنيسة الغربية حتى حكم ببطله سنودسان انعقدا في أورانج وفالانسيا في فرنسا سنة
529م. وفي القرن الثالث عشر اشتهر توما الأكويني صاحب كتاب “الخلاصة
اللاهوتية” في المحاماة عن النظام الأغسطيني، على أن الكنيسة الكاثوليكية
مالت منذ زمن الإصلاح إلى النظام الشبيه بالبيلاجي.

 

7 – ما هي علاقة النظام الأغسطيني بالكلفيني؟

*
بعد أن انتشر نظام الشبيه بالبيلاجي اشتهر النظام الأغسطيني بأنه هو إيمان الكنيسة
الغربية. ولم يكن لإنسان من غير رجال الوحي تأثير عام بين الكاثوليك والإنجيليين
كما كان لأغسطينوس. وقد تبع النظام الكلفيني (نسبة إلى جون كلفن الذي عاش من سنة
1509-1564م) النظام الأغسطيني.

 

8 – ما هما القسمان العظيمان اللذان انقسم إليهما كل الإنجيليين؟

*
انقسموا منذ عهد الإصلاح إلى قسمين عظيمين، هما “اللوثريون” الذين تبعوا
في نظامهم اللاهوتي آراء لوثر وميلانكثون.. و”المصلحون” وهم الذين تبعوا
آراء كلفن وقبلوا تفاسيره.

 

9 – في أي وقت وفي أي الأحوال نشأ التعليم الأرميني؟

*
كان يعقوب أرمينيوس أستاذاً لعلم اللاهوت في جامعة ليدن بهولندا من سنة 1602 حتى
موته سنة 1609م. ومع أنه كان راعياً لكنيسة هولندا الكلفينية، إلا أنه حامى أولاً
سراً ثم جهراً عن النظام اللاهوتي الذي أُطلق عليه اسمه، وانتشر بسرعة رغم ما
اعترضه من المقاومة من المعتبَرين في الكنيسة. وبعد فترة قصيرة قدم الأرمينيون خمس
عقائد تعبّر عن إيمانهم بالتعيين السابق والنعمة، فاشتدَّ الجدال في شأن تلك
العقائد بين الكلفينيين والأرمينيين. ولما عجزت كل الوسائط عن تسكيت المختلفين طلب
ديوان الولاية العام انعقاد سنودس في دورت بهولندا، فاجتمع في سنتي 1618 و1619
وحُكم فيه بالإجماع ضد التعليم الأرميني وأُثبت إيمان الكنائس المصلحة العام
الكلفيني.

 

10 – ما هي المبادئ الرئيسية الخاصة في النظامين البيلاجي
والسوسيني؟

*
أخص تلك المبادئ هي:

أولاً:
الثيولوجيا والكريستولوجيا (أي ما يتعلق من التعليم بالله والمسيح):

(1)
وحدة
اللاهوت:

(أ)
هذه الوحدة تنفي الامتيازات الأقنومية في اللاهوت.

(ب)
المسيح هو إنسان فقط.

(ج)
الروح القدس هو مجرد تأثير إلهي لا أقنوم.

(2)
الصفات الإلهية:

(أ)
ليس في الله مبدأ العدل العقابي ولا ما يمنع قبوله الخطاة إذا تابوا.

(ب)
معرفة الحوادث المتوقف حدوثها على حوادث أخرى غير ممكنة، ومعرفة الله السابقة لا
تمتد إليها.

ثانياً:
الأنثروبولوجيا (أي ما يتعلق من التعليم بالإنسان):

(1)
خلق الإنسان بدون طبيعة أدبية ذاتية، وأما صورة الله التي قيل إنه خُلق عليها فلا
تشمل القداسة.

(2)
ارتكب آدم بأكله من الشجرة المنهيّ عنها خطية فعلية، استوجب بها غضب الله. غير أنه
مع ذلك حفظ نفس تلك الطبيعة الأخلاقية وذلك الميل الأخلاقي اللذين خُلِق عليهما
وأوصلهما إلى ذريته.

(3)
لا يُحسب ذنب معصية آدم على ذريته.

(4)
للإنسان الآن قدرة ذاتية على إتمام كل واجباته كما كان في كل حين. ولكن لما كانت
الأحوال التي تتكوَّن فيها الآن طبيعته أقل موافقة من أحوال آدم، كان أضعف من آدم،
فانحط الالتزام والقدرة، لأن الله غير محدود في رحمته. والإنسان خُلق أصلاً قابلاً
للموت وكان عتيداً أن يموت، سواء أخطأ أم لم يخطئ.

ثالثاً:
السوتيريولوجيا (أي ما يتعلق من التعليم بالخلاص):

(1)
القصد الأعظم في رسالة المسيح هو أن يعلِّم ويؤكد الحقائق التي يتردد فيها العقل
البشري، وهو يفعل هذا بواسطة تعليمه ومثاله.

(2)
لم يمارس المسيح وظيفة كاهن على الأرض، ولكنه يمارسها في السماء فقط، بطريقة
نجهلها.

(3)
وظيفة المسيح الخصوصية هي التعليم، فإنه وضع ناموساً جديداً، وأعطى مثالاً حسناً
للحياة المقدسة، وعلَّم ذاتية الله، وأوضح تعليم الحياة الآتية بقيامته.

(4)
كان موت المسيح ضرورياً لأجل الاستعداد لقيامته فقط، وقُصد به أيضاً التأثير
الأخلاقي في الخطاة واستمالتهم إلى التوبة عن الخطية، وتأكيد طول أناة الله لهم،
لأن إرضاء العدل الإلهي غير ضروري (بموجب رأيهم) وهو لا يمكن أن يتم بواسطة آلام
نيابية.

 

11 – ما هي المبادئ الرئيسية في النظامين الشبيه بالبيلاجي
والأرميني؟

*
هي ما يأتي:

أولاً:
الثيولوجيا (أي الكلام في الله):

(1)
العدل العقابي صفة إلهية، غير أن تركه ممكن لأنه اختياري لا ضروري.

(2)
تعيين الله السابق لا يمتد إلى إرادة الإنسان الحرة، واختيار البشر الأزلي للخلاص
غير مطلق، ولكنه يتوقف على معرفة الله السابقة بما يبديه البشر من الإيمان
والطاعة.

ثانياً:
الأنثروبولوجيا (أي عِلم الإنسان):

(1)
لم تُخلَق الطبيعة الأخلاقية في الإنسان، بل هي نتيجة اختيار الإنسان ذاته.

(2)
تستلزم الحرية والمسؤولية بالضرورة أن الإنسان يقدر أن يعمل ما يختاره، سواء كان
خيراً أو شراً.

(3)
يرفضون غالباً حسبان ذنب معصية آدم الأولى على ذريته شرعاً. ولا ينكرون ولادة
البشر عموماً بطبيعة فاسدة.

(4)
الإنسان لا يقدر أن ينشئ عملاً صالحاً ولا أن ينفذه بمجرد قوته دون مساعدة إلهية،
لكن كل إنسان له قدرة من تلقاء نفسه أن يعمل مع النعمة العامة أو يقاومها. والذي
يجعل الخاطئ قديساً هو حُسن أو سوء استعماله للنعمة.

(5)
النعمة الإلهية هي الحثّ الأخلاقي لا فعل إلهي مطلق يجدد النفس ويجذبها إلى الله.

(6)
القديسون على الدوام عرضة للسقوط من النعمة والهلاك.

ثالثاً:
السوتيريولوجيا (أي الفكر اللاهوتي عن الخلاص):

(1)
صنع المسيح بنفسه كفارة نيابية عن البشر الخطاة لكنه لم يَنُب عنهم باحتمال عقاب
الشريعة الكامل ولا ما يعادله تماماً. غير أن الله قَبِل آلامه كرَماً منه عوضاً
عن ذلك العقاب.

(2)
موت المسيح هو عن جميع البشر بلا فرق، ليس فقط لأنه كافٍ ويوافق ذلك، بل لأنه
أيضاً حسب قصد الآب في بَذْل الابن، وقصد الابن في موته. ويوافقهم في هذا القول
عدد ليس بقليل من الكلفينيين.

(3)
قبول نيابة المسيح عن الخطاة وترك إجراء العقاب عليهم يُحسبان تغاضياً عن إجراء
الشريعة الإلهية، لا إتمام ذلك.

(4)
نيابة المسيح عن الخطاة لسبب موافقتها لطبيعة الله ولمصالح حكمه العام مكَّنته من
تقديم الخلاص للبشر بشروط سهلة. وعلى ذلك فالإنجيل شريعة جديدة يطلب الإيمان
والطاعة الإنجيلية بدل المطلوب الأصلي وهو الطاعة التامة للشريعة التي قدمها
المسيح.

(5)
تُمنح تأثيرات الروح القدس الكافية، وعطية النعمة المخلِّصة، والفُرص الكافية
لنوال الخلاص لجميع البشر ذاتياً.

(6)
يمكن لجميع البشر، ومن الواجب عليهم في هذه الحياة أن يبلغوا الكمال الإنجيلي الذي
يوصف بأنه الخلاص التام، الذي ينشأ عن المحبة التامة، ويعملوا كل ما يطلبه الإنجيل
منّا.

 

12 – ما هي باختصار أركان النظام الكلفيني؟

*
هي ما يأتي:

أولاً:
الثيولوجيا:

(1)
الله ذو سلطان مطلق غير محدود في حكمته وبرّه وإحسانه وقدرته، وقد عيَّن منذ الأزل
كل ما يحدث حسب رأي مشيئته.

(2)
العدل العقابي من صفات الطبيعة الإلهية الضرورية الراسخة، وهو يستلزم العقاب التام
لكل خطية. ولا توقِف المشيئة الإلهية إجراءه ولا تعدِل عنه.

ثانياً:
الكريستولوجيا: (الكلام في المسيح)

الوسيط
هو أقنوم إلهي أزلي، وهو إله تام وإنسان تام معاً في شخص واحد. ومع أن طبيعتيه
اتحدتا إلا أنهما لا تزالان غير مختلطتين، وهما متميزتان، وصفات كل منهما متميّزة
وغير ممتزجة.

ثالثاً:
الأنثروبولوجيا: (الكلام في الإنسان)

 

(1)
خلق الله الإنسان في حالة البراءة الطبيعية والعقلية والأخلاقية، وبطبيعة أخلاقية
ذاتية.

(2)
حُسب ذنب معصية آدم الأولى حالاً بقضاء الله الشرعي على كل واحد من نسله منذ وجوده
قبل أن يقوم بأي عمل. على أن ذنبه شرعي لا ذاتي.

(3)
يولد الناس تحت الدينونة شرعاً، ليس لهم من تأثيرات الروح القدس التي تتوقّف عليها
حياتهم الروحية شيءٌ، إلا على سبيل النعمة.

(4)
مِن ثمّ يأتي البشر إلى العمل الأخلاقي خالين من البِر الأصلي الذي خلق عليه آدم،
وبميل سابق غالب في طبيعتهم إلى الخطية. وهو نفسه نوعٌ من الإثم يُعرَف بالخطية
الأصلية ويستحق العقاب. ولكن لا يهلك أحد لمجرد تلك الخطية، بفضل كفارة المسيح.

(5)
تحفظ طبيعة الإنسان منذ السقوط قوى العقل الذاتية (التي جُبلت عليها) من الضمير
والإرادة الحرة وغيرهما، ولذلك لا يزال الإنسان فاعلاً أخلاقياً مسؤولاً، مع أنه
ميت روحياً وخالٍ من كل ميل إلى الطاعة الروحية، وغير قادر أن يغيّر قلبه، ولا هو
كفؤٌ وحده ليتمم شيئاً من الواجبات الناشئة من علاقته بالله.

رابعاً:
السوتيريولوجيا: (الكلام في الخلاص)

(1)
خلاص الإنسان هو من النعمة المجانية لأن لله الحق أن لا يخلّص أحداً، كما أن له
الحق أن يخلّص الكل، وأن يخلّص البعض دون غيرهم حسب مسرَّته.

(2)
مارس المسيح وظيفة وسيط لإتمام العهد الأزلي الذي أُقيم بينه وبين الآب، ولذلك
قدَّم نفسه كفارة عن البشر عموماً. وقد اختار الله له شعباً من جميع الأمم هم
المؤمنون به. وبطاعته وآلامه أكمل كل الواجبات الناتجة عن علاقتهم العهدية
بالناموس، واحتمل عنهم القصاص، وتمم لأجلهم ما كان ينبغي عليهم أن يتمموه من
المطالب الإلهية، ووفّى العدل الإلهي حقه، ونال لهم وعد الحياة الأبدية، وأرسل الروح
القدس لينير قلوبهم ويجددها ويقدسها وينميها في الإيمان والتقوى، ونتيجةً لذلك
يتركون الخطية ويتمسكون بالمسيح بالتوبة والإيمان، ويجاهدون في الحياة الروحية.

والخلاصة
أن المسيح، بواسطة آلامه، احتمل بالنيابة عنهم ما استحقوه من العقاب، وبواسطة
طاعته تمم بالنيابة عنهم مطالب العهد التي عليها تتوقف سعادتهم الأبدية. وبهذا
أرضى الله، وجعل المصالحة ممكنة، وحصَّل التبرير التام والخلاص الأبديّ لكل مَن
يقبله ويؤمن به (راجع فصل 35 س 5).

(3)
فتح المسيح بموته باب المصالحة بالفداء للخطاة جميعاً، وأكَّد خلاص المؤمنين
المختارين. ويخصص الروح القدس الفداء الذي أكمله المسيح لجميع المختارين في الوقت
المعيَّن. وهو يفعل ذلك بعمل قوته الفعَّال الذاتي في طبيعتهم الروحية التي
جدَّدها هو، ويأتي بهم إلى الإيمان والتوبة والطاعة المقبولة. ويتم ذلك كله بتغيير
الإنسان حتى يتوب ويؤمن بإرادته واختياره.

(4)
التبرير هو عمل الله الشرعي الذي به يُحسب لنا بر المسيح الكامل الناتج من طاعته
التامة للناموس، ويعتبرنا ويعاملنا بمقتضى ذلك، فيعلن لنا أن الشريعة قد استوفت كل
ما تطلبه منّا من العقاب، ويمنحنا بنعمته حق الحصول على كل الإنعام والمكافأة
المشروطة في عهد آدم الأصلي بناء على الطاعة الكاملة.

(5)
لا يمكن بلوغ الكمال الأخلاقي المطلق في هذه الحياة. ومع أن تيقُّن الخلاص ليس من
جوهر الإيمان، لكنه ممكن. بل يجب على كل مؤمن أن يجدَّ في الحصول على كمال يقين
خلاصه الشخصي، وأن يترك ما وراءه، ويسعى طالباً الكمال في كل الأشياء.

(6)
مع أن كل مؤمن إذا تُرك لنفسه يسقط حالاً، ومع أن أكثر المؤمنين يسقطون سقطات
كثيرة وقتية، إلا أن الله يحفظ كل المؤمنين حتى أضعفهم من الارتداد الدائم بواسطة
عمل نعمته في قلوبهم، وبموجب شروط عهد النعمة الأزلي وقصد المسيح في موته.

 

13 – ما هي حقيقة الإصلاح الديني الذي بدأ في
القرن السادس عشر، وكيف نشأ، وما هي نتائجه في تاريخ الكنيسة؟

*
نعتبر إصلاح القرن السادس عشر أعظم الحوادث التي جرت في التاريخ المسيحي بعد قيام
المسيحية. ولم يكن إصلاحاً ظاهراً فقط ولا مجرد رجوع إلى الفكر الأغسطيني، بل كان
تجديداً داخلياً عميقاً وتقدماً متسعاً بالغاً زهت فيه الكنيسة وارتقت حالتها فوق
ما كانت في جميع قرونها السالفة منذ موت يوحنا الرسول إلى ذلك الحين. ومع أنه ظهر
في القرن 16 إلا أنه استمد مبادئه وتعاليمه من فم المسيح ورسله الملهَمين، وكان
تعمُّقاً في فهم معنى الإنجيل أبلغ من تعمُّق أغسطينوس، فأدخل المسيحية في طور
جديد تجاه الضلال لم يُرَ له مثيل من قَبل في تاريخ الكنيسة. وكان بالحقيقة
مناداةً بحرية الإنجيل على ما وُصفت في رسالتي بولس إلى أهل رومية وغلاطية،
وتحريراً عظيماً من السلطان البشري في الكنيسة، وختماً للحرية التي حررنا بها
المسيح. وقد رفع شأن الشعب، ونشر عقيدة كهنوت المؤمنين العام، وعلَّم صريحاً شركة
النفس المؤمنة مع المسيح مباشرةً، وأزال الموانع الإكليريكية والطقسية التي حجبت
عن عيون البشر نور الإنجيل الساطع.

ونحن
لا نحتقر كنيسة القرون الوسطى، فقد كانت مُستودع الإصلاح، وحافظة كنوز العلم
القديم، وكانت في وقتها بركة لا توصف لأهل عصرها ونوراً لأهل تلك القرون المظلمة،
وقد غذَّتها بالديانة المسيحية، وإن كانت على هيئة ملكوت يهودي على صورة العهد
القديم، مع كهنوت وشرائع وفرائض وطقوس. وأكملت تلك الكنيسة سعيها في نشر المسيحية
للأمم البربرية في الغرب والشمال وعلَّمتهم. وتمكنت من إزاحة غيوم الجهالة التي
أحدقت بها.

ولو
كان الإصلاح الإنجيلي مجرد إلغاءٍ للبابوية لخسر قوته من عهد طويل. ولكنه كان يبني
حق الإنجيل ويهدم أركان الضلال ويرفع شأن كلمة الله فوق حكمة البشر، فكان عملاً
سامياً في قصده وغايته، وقد نشأ من سؤال الضمير: كيف يتبرر الخاطئ أمام الله؟ الذي
هو نفس السؤال القديم: “ماذا أفعل لكي أخلص؟”. فكان جواب المصلحين: إنه
التبرير بالإيمان، باستحقاق عمل المسيح، كما جاء في الأسفار المقدسة. ولم يكن
قصدهم بالإيمان مجرد التسليم العقلي والخضوع الأعمى لسلطان الكنيسة، بل الإيمان
الحي بالمسيح المثمر في الطاعة الاختيارية واتكال القلب والمحبة الشخصية وتسليم
النفس بدون شروط للمسيح على أنه المخلص من الخطية والموت. فإن رياسة المسيح
وكفايته للمؤمن، وكفاية إنجيله أن يكون دستوراً للإيمان والعمل والحياة الطاهرة،
هي عنصر الإصلاح الحي، وجوهر التعليم الإنجيلي. وقد نشأ عن ذلك الإصلاح تجديد علم
اللاهوت وحياة الكنيسة، وبدء تاريخ جديد للعالم.

وكان
المصلحون من رجال الكنيسة الكاثوليكية، وكان أكثرهم من رجال الإكليروس فيها. ولم
يخطر على بالهم في بادئ الأمر أن يتركوا كنيستهم، بل كان قصدهم الوحيد أن ينقّوها
بواسطة كلمة الله، فبقوا فيها كما بقي الرسل في شركة آبائهم حتى أُخرجوا منها
عنوةً بعد أن رفض البابا إجابة طلبهم في الإصلاح.

 

14 – ما هي أوجه الاختلاف بين الكنائس التقليدية والكنيسة
الإنجيلية؟

تتلخَّص
أوجه الاختلاف في الآتي:

(1)
الكتاب المقدس: يعتقد الإنجيليون بسلطان الكتاب المقدس المطلق وأنه القانون الوحيد
المعصوم للإيمان والعمل. ويعتقد التقليديون أن الكتاب والتقليد هما معاً قانون
الإيمان. ولا يرفض الإنجيليون كل التقاليد على الإطلاق، بل ينكرون منها ما يتعارض
مع الكتاب المقدس.

(2)
التبرير: وهو جوهر الديانة الداخلية، فالإنجيليون يعلّمون أن التبرير بنعمة الله
المجانية، بالإيمان الحي بالمسيح على أنه المخلص الوحيد الكافي، فيُحسَب بر المسيح
الفادي للنفس المؤمنة. ويقول التقليديون إن التبرير يتم بالأعمال الصالحة أكثر من
الإيمان. ويعتقد الإنجيليون بضرورة الأعمال الصالحة على أنها ثمار التبرير
وبرهانه، لا أنها وسائله أو شروطه.

(3)
الكهنوت: فعند الإنجيليين كل المؤمنين كهنة لله (بمعنى اصطلاح العهد الجديد لا
القديم). وعند التقليديين يُحصر الكهنوت في الكاهن. وهكذا تحرَّر الإنجيليون من
العبودية لتعليم الكهنة وسياستهم، وصارت للإنجيليين مشاركة في مصالح كنيستهم، بحسب
تعليم بطرس الذي استعمل كلمة “رعية” (1بط 5: 3) للمؤمنين ودعا كل
المسيحيين حجارة حية في بيت الله الروحي يقدمون ذبائح روحية، وجنساً مختاراً
وكهنوتاً ملوكياً وأمة مقدسة وشعب اقتناء، يخبرون بفضائل الذي دعاهم من الظلمة إلى
نوره العجيب (1بط 2: 5، 9، 5: 1-4 ورؤ 1: 6، 5: 10 و20: 6). ولذلك لا يمكن تحويل
المبادئ الأساسية في الكنيستين الإنجيلية والتقليدية إلى قانون واحد دون رفض تعليم
إحداهما.

غير
أن في المذاهب التقليدية مبادئ إنجيلية، كما أن في تعاليم بعض المذاهب الإنجيلية
ميلاً إلى الطقوس والفرائض البشرية. ولكن إذا نظرنا إلى الصفة الغالبة في كل من
النظامين نرى المقارنات الآتية:

(1)
الإنجيلية هي كنيسة الحرية (غل 5: 1) والتقليدية هي كنائس الخضوع للسلطان
الإكليريكي. والأولى هي على الخصوص ذاتية تجعل الدين من الأمور الشخصية، والثانية
كنسيّة تجعل الكنيسة تنوب عن أفرادها. فالإنجيلي يؤمن بناءً على شهادة أقوال الله
واختباره، والتقليدي يؤمن بناءً على شهادة الكنيسة وإرشادها.

(2)
الكنيسة الإنجيلية كنيسة الإنجيل على بساطته الروحية، والكنيسة التقليدية كنيسة
الناموس والنُّسك والكهنوت والطقوس. فالإنجيلي يلجأ للإعلان الإلهي والعقل
والضمير، والتقليدي يلجأ للكنيسة وآرائها.

(3)
الكنيسة الإنجيلية هي كنيسة الكتاب المقدس، والتقليدية هي كنيسة التقليد. الأولى
توجِّه الشعب إلى رأس النبع، الذي هو الإعلان الإلهي. والثانية توجِّهه لآراء
الكهنوت. فالإنجيلية تجتهد في نشر الكتاب المقدس على أنه كتاب الشعب، والتقليدية
لا تهتم بتعليم الكتاب وتوزيعه بين الشعب، وترفع سلطان التقليد عليه.

(4)
الإنجيلية هي كنيسة شركة النفس مباشرة مع المسيح بواسطة الإيمان الشخصي،
والتقليدية هي الشركة بواسطة الكنيسة، التي تعارض معاشرة المؤمن مع مخلّصه لأنها
تقيم وسطاء ثانويين. فالإنجيلي يصلي مباشرة للمسيح، والتقليدي غالباً لا يقترب
إليه إلا بشفاعة القديسين.

(5)
تضع الكنيسة الإنجيلية المسيح قبل الكنيسة وتحسب الاقتداء به دليلاً على التقوى
الصحيحة. وتضع الكنيسة التقليدية الكنيسة قبل المسيح، وتحسب الأمانة لها شرط
التقوى وقياسها.

(6)
تعلِّم الإنجيلية أن الخلاص يتوقف على الإيمان بالمسيح، وتعلّم التقليدية أن
الخلاص يتوقف على الشركة معها.

(7)
الإنجيلية هي كنيسة الشعب المسيحي، والتقليدية هي كنيسة الكاهن، ولذلك تفرز الكهنة
عن العامة بقدر ما يمكنها، بالتربية والبتولية والملابس.

(8)
الإنجيلية تقوم بالاقتناع العقلي الشخصي والاختبار الداخلي، والتقليدية تقوم
بالفرائض الخارجية وحفظ الطقوس، والطاعة للسلطان الكنسي. الإنجيلية تحسب الإيمان
الحي مبدأ الحياة، والتقليدية تحسب الأعمال الصالحة شرط التبرير.

ومع
ذلك ينبغي ألاّ ننسى أن بين الكنيسة التقليدية وشعبها فرقاً، وأنه يجب على
الإنجيليين أن يكونوا كرماء صابرين طويلي الأناة وعديمي التعصُّب مع الجميع.

 

15 – ما هي وجوه الاتفاق بين الكنائس الشرقية والتقليدية
والإنجيلية؟

*
تتفق هذه الكنائس في قبول الأسفار المقدسة وقوانين الإيمان المسكونية التي تقبلها
كل الفِرق المسيحية تقريباً. وقد توضَّح تفصيلاً في الآتي:

أولاً:
التعليم في دستور الإيمان والأعمال:

يعتقدون
بالوحي الإلهي وبسلطان الأسفار القانونية في ما يتعلق بالإيمان والسلوك (خلافاً
للعقليين).

ثانياً:
التعليم في الله:

(1)
وحدة الجوهر الإلهي (خلافاً للإلحاد أو الاعتقاد بآلهة كثيرة).

(2)
تثليث أقانيم اللاهوت الأقدس وهي الآب والابن والروح القدس الخالق والفادي
والمقدِّس (خلافاً للتعليم الأريوسي والسوسيني وتعليم منكري لاهوت المسيح).

(3)
الصفات الإلهية الكاملة. وهي القدرة على كل شيء، والحضور في كل مكان، والعلم بكل
شيء، والحكمة والقداسة والعدل والمحبة والرحمة الخ.

(4)
خلق الله العالم بكلمة قدرته ومصدر مشيئته، من لا شيء، لأجل مجده وسعادة مخلوقاته
(خلافاً للماديين ومعتقدي ألوهية الكون ومنكري وجود الله).

(5)
يدير الله العالم بعنايته الإلهية (خلافاً لأصحاب نظرية النشوء والارتقاء بصورتها
الكفرية).

ثالثاً:
التعليم في الإنسان:

(1)
البراءة الأصلية. أي أن الإنسان خُلق على صورة الله في العقل والحرية والطهارة
والقداسة، على أنه معرّضٌ للتجربة وقابل للسقوط.

(2)
السقوط. ومن لوازمه الخطية والموت والفساد والاحتياج للخلاص (خلافاً للتعليم
البيلاجي).

(3)
الفداء بالمسيح (مع الفرق العظيم في اتخاذ وسطاء غيره).

رابعاً:
التعليم في المسيح:

(1)
تجسُّد الكلمة الأزلي أي الأقنوم الثاني في الثالوث الأقدس.

(2)
المسيح إله وإنسان معاً.

(3)
قبول تاريخ حياة المسيح الإنجيلي في ما يتعلق بالحَبل العجيب به، وبكماله البريء
من الخطايا، وبصلبه وموته ودفنه وقيامته وصعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الله
الآب، ومجيئه ثانيةً.

(4)
المسيح نبيّنا وكاهننا وملكنا إلى الأبد.

(5)
وساطة المسيح بالكفارة، أي موته لأجل خطايانا وقيامته لأجل تبريرنا.

خامساً:
التعليم في الروح القدس:

(1)
أقنومية الروح القدس الإلهية.

(2)
انبثاقه الأزلي من الآب وإرسال الآب والابن إياه إلى العالم في وقت معلوم.

(3)
عمله الإلهي في التجديد والتقديس.

سادساً:
التعليم في الخلاص:

(1)
التعيين السابق الأزلي واختيار المؤمنين للخلاص.

(2)
الدعوة بواسطة الإنجيل.

(3)
التجديد والرجوع لله، أي ضرورة التوبة والإيمان.

(4)
التبرير والتقديس، أي لزوم مغفرة الخطايا والحياة المقدسة.

(5)
تمجيد المؤمنين في ملكوت الله.

سابعاً:
التعليم في الكنيسة:

(1)
منشأ كنيسة المسيح الجامعة ونظامها هما من الله.

(2)
الصفات الجوهرية للكنيسة الجامعة هي الوحدة والجامعية والقداسة، وعدم إمكان هدمها،
ومحاربتها للشر، وتأكيد انتصارها.

(3)
لزوم خدام الإنجيل (والخلاف هو في المقام والعمل).

(4)
لزوم التبشير بالإنجيل (والخلاف هو في كيفية إجراء ذلك).

(5)
للكنيسة أسرار، والسر هو علامة منظورة وختم، وهو من وسائط النعمة.

(6)
المعمودية علامة لمغفرة الخطايا.

(7)
العشاء الرباني تذكار موت المسيح الكفاري عن الخطايا (والخلاف في تحوُّل الخبز
والخمر إلى لحم ودم).

ثامناً: التعليم في الآخرة:

(1)
الموت بسبب الخطية.

(2)
خلود النفس.

(3)
مجيء المسيح ثانية.

(4)
القيامة العامة.

(5)
المسيح هو ديّان العالم.

(6)
السماء وجهنم أو سعادة القديسين الأبدية وشقاوة الأشرار الدائمة.

 

16 – ما هي التعاليم التي تتفق فيها الكنيستان الشرقية والتقليدية،
والتعاليم التي تختلفان فيها؟

*
أولاً – الاتفاقات هي:

(1)
قبول تعاليم القوانين الثلاثة الأولى المسكونية، أي الرسولي والنيقوي والأثناسي،
ما عدا كلمة “والابن” التي أضافها الغربيون على قانون الإيمان النيقوي،
وكذلك كلمة “والابن” في القانون الأثناسي.

(2)
التعاليم الآتية التي نشأت بعد نشر القوانين المسكونية (وهي مرفوضة عند
الإنجيليين) وهي:

(أ)
سلطان التقليد الكنسي وعقيدة أنه دستور للإيمان مع الكتاب المقدس.

(ب)
شفاعة مريم العذراء والقديسين وصورهم (لا تماثيلهم) وذخائرهم.

(ج)
عصمة الكنيسة، غير أن الكنيسة التقليدية تحصر العصمة في المنصب التقليدي، والكنيسة
الشرقية في المجامع المسكونية السبعة وفي مجمع البطاركة.

(د)
التبرير بالإيمان والأعمال معاً أي أن الإيمان والأعمال شرطان للتبرير.

(ه)
الأسرار السبعة مع فرق زهيد في ما يتعلق بالتثبيت والمسحة.

(و)
التجديد بواسطة المعمودية، وضرورة المعمودية بالماء للخلاص.

(ز)
الحِل الكهنوتي من الخطايا بالسلطان الإلهي.

(ح)
استحالة الخبز والخمر بعد تقديسهما والسجود لهما (انظر فصل 45 س 25 عن الكنيسة
وفرائضها).

(ط)
ذبيحة القداس لأجل الأحياء والأموات. وهذا هو محور العبادة عندهم، وأما التبشير
فثانوي.

(ي)
الصلاة لأجل الموتى.

ثانياً
– ما تختلفان فيه:

(1)
الكتاب المقدس: لم تمنع الكنيسة الشرقية استعمال الشعب للكتاب المقدس كما فعلت
الكنيسة الكاثوليكية.

(2)
انبثاق الروح القدس الأزلي (لا إرساله الزمني) من الابن، فإن الكنيسة الغربية تعتقد
به والشرقية تنكره.

(3)
رياسة البابا وعصمته. فالكنيسة الغربية تعتقد أنهما حجر الزاوية في الإيمان
المسيحي، والشرقية ترفضهما مطلقاً، وتحسبهما من تعاليم ضد المسيح.

(4)
الحبل بمريم العذراء بلا دنس، الذي نادى به الكاثوليك سنة 1854م.

(5)
زواج أصحاب الدرجات الكهنوتية الأقل. فالكنيسة الشرقية تجيزه، والغربية تمنعه
حيثما استطاعت.

(6)
منع كأس الأفخارستيا عن الشعب عند الكاثوليك.

(7)
أسلوب ممارسة عدة من الطقوس والفرائض. ومما تنفرد فيه الكنيسة الشرقية تغطيس
المعتمد ثلاث مرات عوضاً عن السكب أو الرش، واستعمال الخمير في الأفخارستيا عوضاً
عن الفطير، والصلاة للروح القدس ليبارك العناصر المقدسة، وشركة الأطفال في العشاء
الرباني، ودهن الأطفال المعتمدين بالميرون، وتكرار المسحة في المرض.

 

17 – ما هي التعاليم التي تتفق فيها الكنيستان الشرقية والإنجيلية،
والتعاليم التي تختلفان فيها؟

*
أولاً – ما تتفقان فيه:

(1)
الإيمان بالكتاب المقدس وقبول تعاليم قوانين الإيمان الثلاثة الأولى المسكونية
(انظر سؤال 15).

(2)
تتفقان في رفض ما يأتي:

(أ)
رياسة البابا وعصمته. (ب) الحبل بمريم العذراء بلا دنس. (ج) منع الكأس عن الشعب.
(د) بتولية الكهنة والشمامسة الإلزامية. (غير أن الكنيسة الشرقية تمنع زواج الكاهن
ثانية، وتأمر ببتولية الأساقفة).

ثانياً
– ما تختلفان فيه:

(1)
انبثاق الروح القدس الأزلي (لا إرساله الزمني): هل هو من الآب وحده، أو من الآب
والابن معاً. ويتفق الإنجيليون والكاثوليك في انبثاق الروح الأزلي. ولم يكن هذا
الموضوع في عصر الإصلاح موضوع بحث، ولا جرى عليه جدال وخصام، فاتّخذته الكنائس
المصلحة أمراً مسلّماً به. غير أن بعض اللاهوتيين يميلون إلى تقليل أهمية هذه
المسألة كموضوعٍ للخلاف بين الشرقيين والغربيين، كما تبين في قرار مؤتمر بون سنة
1874م المؤلّف من نوَّاب من الكاثوليك القدماء والكنيسة الشرقية وبعض أساقفة وقسوس
الكنيسة الأسقفية. وقد قامت هذه المسألة حاجزاً بين الشرق والغرب منذ أكثر من ألف
سنة: هل انبثاق الروح الأزلي هو من الآب وحده، أو هل هو من الآب والابن معاً؟
فالكنيسة الشرقية (حفظاً لشأن الآب في الثالوث الأقدس) اعتقدت بالانبثاق من الآب
وحده. والكنيسة الغربية (حفظاً لشأن الابن في الثالوث) اعتقدت بالانبثاق من الآب
والابن معاً. غير أنه لا فرق بينهما في أن الروح القدس مرسَلٌ من الآب والابن معاً
لإتمام مقاصد إلهية في عمل الفداء (يو 14: 26 و15: 26 و16: 7). ولا فرق أيضاً من
جهة عمله الخاص في تجديد القلب وتقديسه.

(2)
التعاليم التي نشأت بعد نشر القوانين الثلاثة الأولى المسكونية: الرسولي والنيقوي
والأثناسي (كما ذكرنا في سؤال 16) فإن الكنيسة الشرقية تتفق فيها مع
الغربية ضد الإنجيليين.

 

18 – ما هي التعاليم التي تتفق فيها الكنيستان التقليدية
والإنجيلية، والتي تختلفان فيها؟

*
تتفقان فيما ذكرناه في إجابة س 15.

وأما
ما تختلفان فيه فهو:

(1)
دستور الإيمان: تعتبر الكنيسة التقليدية أن الكتاب المقدس والتقليد هما معاً دستور
الإيمان. بينما يقول الإنجيليون أن الكتاب المقدس هو القانون الوحيد المعصوم
للإيمان والأعمال، وهو كافٍ لإرشادنا إلى الخلاص وأن له سلطاناً على كل ما سواه.

(2)
الكتاب المقدس: وحوله اختلافات، منها:

(أ)
عدد الأسفار القانونية: فإن أسفار العهد القديم الأبوكريفية تدخل عند التقليديين
في الأسفار القانونية، والإنجيليون لا يحسبونها.

(ب)
مطالعة الشعب للكتاب المقدس ونشره بين الناس: لا تستحسن الكنيسة التقليدية ذلك،
والإنجيلية تنادي بلزومه وتسعى في توزيعه، لأن تعاليمها مؤسسة على الكتاب المقدس
فقط.

(3)
مواضيع العبادة: وهي عند التقليديين:

(أ)
الله (ب) مريم العذراء (ج) الملائكة والقديسون (د) صور القديسين وذخائرهم. وعند
الإنجيليين الله فقط. فالتقليدي يقترب إلى المسيح بوسطاء من البشر، ويجعل عبادته
لمريم العذراء تنوب عن عبادته ليسوع. والإنجيلي يقترب إلى المسيح مباشرة، ويصلي له
باعتبار أنه كاهنه ومخلّصه العظيم الوحيد الكافي له، وشفيعه عن الآب. (لتفصيل
الكلام على الوساطة التقليدية انظر فصل 32 س 6 و7 وفصل 35 س 30 و31).

4
– الحالة الأصلية: “قال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا” (تك 1:
26). تقول الكنيسة التقليدية إن المقصود بكلمة “صورتنا” غير المقصود
بكلمة “شبهنا” فكلمة “صورتنا” تعني أن الإنسان عاقل حرّ
الاختيار، وإن كلمة “شبهنا” تعني أنه يشبه الله بما ناله من موهبة
القداسة الأصلية، فقد وشّحه الله بالبر والقداسة بعد أن خلقه على صورته. أما
الكنيسة الإنجيلية فتقول إن المقصود بكلمتي “صورتنا وشبهنا” هو واحد،
لأن صورة الله التي خُلق عليها الإنسان أصلاً تشمل البر والقداسة.

(5)
الخطية الأصلية: يعلّم التقليديون أن الخطية الأصلية عيبٌ سلبيٌ، أو ضياع موهبة
القداسة الأصلية المشار إليها بكلمة “كشبهنا” (تك 1: 26) (أي ضياع
مشابهة الله لا صورته). وهم يقولون إنه يزول تماماً بالمعمودية. ويعلّم الإنجيليون
أن الخطية الأصلية هي فساد إيجابي كلي يعمّ تشويه صورة الله الأصلية ومشابهته
اللتين خلق عليهما الإنسان، وأن الإنسان يميل دائماً إلى الخطية بعد المعمودية.

(6)
التبرير: يقول التقليديون إنه يتم بالإيمان والأعمال الصالحة معاً، ويقول
الإنجيليون إنه بالإيمان فقط. ومما يختلفان فيه في شأن التبرير: (أ) معنى التبرير
وفعله. يقول التقليديون إن التبرير يجعل الخاطئ باراً في الذات بالتدريج (وعلى ذلك
هو مرادف للتقديس عند الإنجيليين). ويقول الإنجيليون إنه هو قضاء الله وتصريحه بأن
الخاطئ صار باراً شرعاً، فصفح عن الخاطئ التائب بناء على استحقاق المسيح، وعلى شرط
الإيمان به، وأن التقديس يتبعه، وهو عمل متميّز عنه (انظر فصل 42 س 1). (ب)
معنى الإيمان. يقول التقليديون إنه تسليم عقلي وخضوع للسلطان الكنسي النائب عن
الإلهي. ويقول الإنجيليون إنه قبول تعاليم الله بالثقة وإنه الاتكال الشخصي على
المسيح والشركة الحيَّة معه. (ج) المقام المعيَّن للأعمال الصالحة. يقول
التقليديون إنها شروط التبرير. ويقول الإنجيليون إنها برهان التبرير ونتيجته، فهي
ثمار التبرير لا سببه. (د) إمكان التحقُّق من التبرير والخلاص. ينكره التقليديون
إلا إذا أُسند على إعلان خاص من الله عن لسان الكنيسة المعصومة. ويثبته الإنجيليون
على درجات مختلفة (انظر فصل 43 س 12).

(7)
الكنيسة: (أ) يعتقد التقليديون أن كنيسة المسيح الحقيقية هي كنيستهم لا غير،
ويعتقد الإنجيليون أن الكنيسة غير المنظورة واحدة وعامة وتحت رياسة المسيح فقط،
وأن الكنيسة المنظورة مؤلفة من جماعات كثيرة منتظمة تحت أسماء مختلفة. (ب) يعتقد
التقليديون أن صفات الكنيسة هي الوحدة والقداسة والجامعية والرسولية والعصمة وعدم
إمكان السقوط، وأن هذه الصفات اجتمعت في كنيستهم وحدها، فهي الكنيسة الوحيدة
الصحيحة في العالم، ولا خلاص لمن هو خارج عنها. وينكر الإنجيليون بعض تلك الصفات
على المعنى البابوي، ويقولون إن كنيسة المسيح الصحيحة ليست تحت نظام واحد خارجي،
بل هي الكنيسة غير المنظورة الروحية المؤلفة من كل المؤمنين بالحق في كل زمان
ومكان، وأنها جسد المسيح وهو رأسها وربها بغضّ النظر عن نظامها الخارجي.

(8)
البابا: يعتقد الكاثوليك أنه خليفة بطرس، ورأس الكنيسة الجامعة، ونائب المسيح على
الأرض. وينكر الإنجيليون ذلك، ويعتقدون أن المسيح هو رأس الكنيسة الوحيد.

(9)
الأسرار على وجه الإجمال: (أ) تعريف السر: هو إشارة منظورة لنعمة غير منظورة،
مرسوم بأمر صريح في العهد الجديد من المسيح (عند الإنجيليين) أو بمجرد سلطان
الكنيسة (عند التقليديين). (ب) عدد الأسرار: هي سبعة عند التقليديين واثنان عند
الإنجيليين، وهما المعمودية والعشاء الرباني. (ج) فائدة الأسرار: تُنال عند
التقليديين بواسطة ممارستها بواسطة الكهنة خلفاء الرسل، وعند الإنجيليين بواسطة
الإيمان في قلب كل تائب مؤمن يقبلها.

(10)
المعمودية: كلاهما يختلفان في عملها في الخطية الأصلية وفي علاقتها بالتجديد وفي
ضرورتها للخلاص وغير ذلك (انظر فصل 45 س 9-16).

(11)
الأفخارستيا: ما يعتقده التقليديون ويرفضه الإنجيليون: (أ) الاستحالة والسجود
للخبز والخمر. (ب) منع الكأس عند الكاثوليك عن الشعب. (ج) الأفخارستيا ذبيحة
حقيقية، وسمُّوها “غير دموية” وهي تكرار ذبيحة المسيح على الصليب بواسطة
الكاهن لأجل خطايا الأحياء والأموات، أي النفوس في المطهر (انظر فصل 45 س 25 و26).

(12)
الأسرار الخمسة الأخرى هي: التثبيت، والاعتراف أو التوبة، والكهنوت أو الرسامة،
والزيجة، والمسحة الأخيرة: يعتقد التقليديون أنها أسرار حقيقية. ويرفض الإنجيليون
ذلك، غير أن بعضهم يمارس جزءاً منها بغير المعنى التقليدي. (أ) التثبيت: تقبله
الكنائس اللوثرية والأسقفية والمصلحة الألمانية كعملٍ يُضاف لمعمودية الأطفال بعد
تعليمهم التعليم المسيحي. وأما باقي الكنائس الإنجيلية فترفضه، معتقدةً أن الاتحاد
الاختياري بالكنيسة (الاشتراك في العشاء الرباني) بواسطة الاعتراف بالإيمان جهاراً
يغني عنه. (ب) الاعتراف أو التوبة: يعتقد التقليديون أن الاعتراف الشفاهي للكاهن
والحِلّ منه كافيان لغفران الخطايا والآثام القابلة للغفران. وتستحسن قوانين
الكنائس اللوثرية والأسقفية الاعتراف السري للراعي، وفي بعض الأحوال لا توجبه.
والكنائس الأخرى تتركه لاختيار كل شخصٍ. ويرفض جميع الإنجيليين الحِلّ الكهنوتي.
لكن القس عند الأسقفيين يصرّح جهاراً بمغفرة الله للتائبين إذا تمت فيهم شروط
المغفرة. (ج) الكهنوت أو الرسامة: يعتقد التقليديون بالكهنوت الخاص ووجوب الرسامة
من الأساقفة فقط. وعندهم أن الكاهن ينال بتلك الرسامة السلطان الكهنوتي الخاص
بالتقليديين. ويعتقد الإنجيليون بكهنوت جميع المؤمنين بالإجمال وحقهم في الاشتراك
في سياسة الكنيسة، ولا ينسبون إلى خدّام الكنيسة شيئاً من السلطان الكهنوتي. (د)
الزيجة: الفرق بين الفئتين يقوم بنظامها وبقدرة الكنيسة وسلطانها على ما يختص بها
وبمسألة الطلاق. (ه) المسحة الأخيرة: يرفضها الإنجيليون ويحسبون أن المقصود بما
جاء في يع 5: 14 و الصلاة وليس الدهن بالزيت، الذي هو علاج طبيعي (انظر فصل 45
س 28).

(13)
المطهر: هو عند الكاثوليك مكان وحال زمنيان (إلى الدينونة الأخيرة) متوسطان بين
السماء وجهنم لتطهير المسيحيين غير الكاملين الذين يمكن إفادتهم بالصلوات
والقُدّاسات لأجلهم. ويعتقد الإنجيليون أن في العالم الآتي حالتين فقط مختلفتين
جداً، هما السعادة التي لا توصف والشقاوة التي لا توصف، مع التفاوت في درجاتهما.
وكانت الفظائع التي نشأت عن تعليم المطهر الداعي الأول إلى الإصلاح (انظر فصل
47 س 8).

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى