علم

الفصل الثانى والعشرون



الفصل الثانى والعشرون

الفصل
الثانى والعشرون

ولماذا
لم يحفظ جسده من اليهود فيمنع عنه الموت: (1) لأنه لم يكن يليق به أن يوقع الموت
على نفسه أو أن يتجنبه. (2) لأنه أتى ليقبل الموت المستحق على الآخرين ويموت
لينتصر على الموت مُقدمًا قيامته دليلاً على انتصاره الأكيد على الموت. وأيضًا
لأنه لم يكن ممكنًا أن يموت
 من الضعف وهو الذي يشفى الآخرين.

 

        1
وقد يقول أحد: كان من الأفضل أن يختفي من مؤامرات اليهود[1]
لكى يحفظ جسده كلية من الموت. فليسمع مثل هذا أن ذلك الأمر أيضًا لم يكن لائقًا
بالرب. لأنه كما لم يكن لائقًا بكلمة الله
 وهو الحياة أن يُوقِع الموت على جسده بنفسه، كذلك لم يكن لائقًا
أن يهرب من الموت الذى يوقعه الآخرون عليه، بل بالحرى أن يتعقبه حتى يقضى عليه.
ولهذا السبب فإنه بطبيعة الحال لم يسلّم جسده من تلقاء نفسه، كما أنه لم يتهرب من
مؤامرات اليهود ضده.

        2
وهذا لم يُظهِر أن الكلمة ضعيف، بل بالحرى بيّن أنه هو المخلّص
 وهو الحياة، إذ إنه أولاً: انتظر إلى أن يأتيه الموت ليبيده[2]
وثانيًا: عندما قُدِّمَ إليه الموت فإنه عجّل بإتمامه لأجل خلاص الجميع.

        3
وفضلاً عن ذلك فإن المخلّص
 لم يأتِ لكى يتمم موته هو بل موت البشر[3]، لذلك لم
يضع جسده ليموت بموت خاص به (إذ إنه هو الحياة وليس فيه موت)، بل قَبِل في الجسد
 ذلك الموت الذى أتاه من البشر لكى يبيد ذلك الموت تمامًا عندما
يلتقى به في جسده.

        4
وهناك اعتبارات أخرى تجعل المرء يدرك لماذا كان يليق بجسد الرب أن يتمم هذه
الغاية. لأن الرب كان مهتمًا بصفة خاصة بقيامة الجسد
 التى كان مزمعًا أن يتممها، إذ إنها دليل أمام الجميع[4] على
انتصاره على الموت[5]،
ولكى يؤكد للكل أنه أزال الفساد، وأنه منح أجسادهم عدم الفساد من ذلك الحين
فصاعدًا. وكضمان وبرهان على القيامة المُعَدّة للجميع فقد حفظ جسده بغير فساد.

        5
ومرة أخرى نقول لو أن جسده كان قد مات نتيجة تعرضه للمرض وانفصل عنه الكلمة
أمام نظر الجميع لكان غير لائق بمن شفى أمراض
 آخرين أن يترك أداته الخاصة (جسده) أن يموت بسبب المرض. فكيف يُصدّق المرء أنه كان يشفى أمراض الآخرين إن كان
هيكله[6]
الخاص قد تعرض للمرض؟ لأنه إما أن يُهزَأ به كأنه غير قادر على شفاء الأمراض
، أو إن كان قادرًا ولم يفعل شيئًا (لحفظ جسده) فيُظن أنه عديم الشفقة
على الآخرين أيضًا.



اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى