علم

الفصل الحادى والعشرون



الفصل الحادى والعشرون

الفصل الحادى والعشرون

لقد
أبيد الموت بموت المسيح
. ولكن لماذا لم يمت المسيح سرًا، أو بكيفية أكثر وقارًا
واحترامًا؟ إنه لم يكن خاضعًا للموت الطبيعى
، بل كان لابد أن يموت بأيدى الآخرين. لماذا مات إذن؟ مات لأنه لأجل هذا قد أتى، ولأجل
هذا وحده. وإلاّ كيف كان ممكنًا أن تكون هناك قيامة بدون موت؟

 

        1
والآن[1]
إذ قد مات مخلّص
 الجميع نيابة عنا[2]
فإننا نحن الذين نؤمن بالمسيح لن نموت[3]
(بحكم) الموت[4]
الذى كان سابقًا[5]
حسب وعيد الناموس
 لأن هذا الحكم قد أُبطل؛ وبما أن الفساد قد بَطُل وأُبيدَ بنعمة
القيامة فإننا من ذلك الوقت وبحسب طبيعة أجسادنا المائتة ننحلّ[6]
فى الوقت الذى حدده الله
[7] لكل واحد،
حتى يمكن أن ننال قيامة أفضل[8].

        2
لأننا كالبذور التى تلقى فى الأرض
 فهكذا نحن لا نفنى عندما ننحلّ بالموت، بل نزرع فى الأرض لنقوم
ثانية، بما أن الموت قد أبيد بنعمة قيامة المخلّص
[9]. لهذا إذن
أخذ المغبوط بولس على عاتقه تأكيد القيامة للجميع إذ يقول ” لأن هذا الفاسد
لابد أن يلبس عدم فساد، وهذا المائت يلبس عدم موت. ومتى لبس هذا الفاسد عدم فساد
ولبس هذا المائت عدم موت فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة اْبتُلِعَ الموت إلى غلبة.
أين ذَنبُك
(شوكتك) يا موت
أين غلبتك يا هاوية [10].

مقالات ذات صلة

        3
وربما تساءل أحد إن كان لابد أن يُسلِّم جسده للموت نيابة عن الجميع، فلماذا لم
يضع هذا الجسد
 (على فراش للموت وفى موضع خاص) كأى إنسان عادى بدلاً من أن يأتى
به إلى موت الصليب
 علنًا؟ فقد كان أكثر لياقة له أن يُسلِّم جسده بكرامة بدلا من أن
يحتمل موتًا مشينًا كهذا.

        4
ولكن لابد أن نتنبه، أن هذه الاعتراضات هى اعتراضات بشريّة أما ما فعله المخلّص
 فهو حقًا عمل إلهي ولائق بلاهوته لأسباب كثيرة. أولاً[11]: إن
الموت الذى يصيب البشر
 عادة يأتيهم بسبب ضعف طبيعتهم وإذ هم لا يستطيعون البقاء لزمن طويل فإنهم ينحلون في الزمن
(المحدد). وبسبب هذا أيضًا تنتابهم الأسقام فيمرضون ويموتون. أما الرب فإنه ليس
ضعيفًا بل هو قوة الله
، وكلمة الله، وهو الحياة عينها[12].

        5
ولو أنه وضع جسده (للموت) فى مكان خاص وعلى فراش كما يموت
 البشر عادة لكان الناس قد ظنوا أنه ذاق ذلك (الموت) بسبب ضعف طبيعته، ولظنوا أيضًا أنه لم يكن فيه ما يميّزه عن سائر البشر[13].
أما وأنه هو الحياة وكلمة الله
، وكان من المحتم أن يتم الموت نيابة عن الجميع، لهذا ولأنه هو
الحياة والقوة فقد نال الجسد
 منه قوة.

        6
هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى فما دام الموت لابد أن يتم فإنه لم يَسعَ بنفسه إلى
الفرصة التى بها يتمم ذبيحته. لأنه لم يكن لائقًا أن يمرض الرب وهو الذى يشفى
أمراض
 الآخرين[14].
ولم يكن لائقًا أيضًا أن يضعف ذلك الجسد
 الذى به قَوّى ضعفات الآخرين.

        7
ولماذا إذن لم يمنع حدوث الموت كما منع المرض من أن يسيطر (على الجسد
)؟ ذلك لأنه لأجل هذا (الموت) اتخذ الجسد، ولم يكن لائقاً أن يمنع
الموت لئلا تتعطل القيامة أيضاً. ولم يكن لائقًا أيضًا أن يسبق المرض موته لئلا يُظن
أن ذاك الذى كان في الجسد كان ضعيفًا. ألم يعان الجوع إذن؟ نعم إنه جاع بسبب أن
(الجوع) هو من خواص جسده[15]،
على أن (هذا الجسد) لم يهلك
 من الجوع لأن الرب لبس هذا الجسد. لهذا فإنه وإن كان قد مات لأجل
فداء الجميع، لكنه لم ير فسادًا[16].
فقد قام جسده سليمًا تمامًا[17]
إذ لم يكن سوى جسد ذاك الذي هو الحياة عينها.



اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى