اسئلة مسيحية

الديانة المسيحية والفرعونية

 

الديانة
المسيحية والفرعونية

جاءنا
من أحد القراء إنه قرأ في أحد الكتب:

إن
مصر كانت أسرع بلد في تقبل البشارة بالمسيحية، فاختلطت فيها العقائد المسيحية
بالعقائد الفرعونية.

فقد
عرف التجسد عند المصريين فقد كانوا يعتقدون بتجسد العجل أبيس في منف من عجلة بكر،
بعد حلول روح الإله فتاح فيها!! كذلك كان عندهم تثليث كما في قصة أيزيس وأوزوريس
وحورس.

وكان
عندهم الصليب ممثل في عنخ وهو رمز الحياة. كما كان عندهم الكهنة في خدمة الآلهة.
وقد تخرج على أيدي كهنة مصر كثير من العلماء. وكفاهم فخراً أن موسي النبي تهذب
بحكتهم كما ورد في سفر الأعمال (أع7: 22). وبهذه العقائد اختلطت المسيحية في مصر
بالديانات الوثنية، فانحرفت عن مسارها الحقيقي كما رسمه المسيح “. لذلك أرجو
التوضيح مع الشكر:

 

الرد:

تريد
أن تقول إن مصر فيما قرأته كانت أسرع بلد في تقبل المسيحية، لأنها وجدت في عقائدها
الدينية الفرعونية ما يشبهها: من حيث الإيمان بالتجسد والتثليث والصليب والكهنوت!!

 

وفي
الرد على هذه النقاط نقول:

1- لم تكن مصر
أسرع بلد في تقبيل المسيحية:

إن
أول بلد قبلت المسيحية هي أورشليم (القدس)، حيث بشر الرسل أولاً، ومنها إلى باقي
بلاد اليهودية. ثم لما تشتتوا خارج أورشليم، بشروا في السامرة (أع8: 5، 14) وبعد
ذلك في أنطاكية، حيث دعي التلاميذ مسيحية لأول مرة (أع11: 26). وبعد ذلك بشروا
بالمسيحية في بلاد عديدة.. كل ذلك حسب وصية السيد المسيح لرسله القديسين ”
ولكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم. وحينئذ تكونون لي شهوداً في أورشليم،
وفي كل اليهودية، والسامرة، وإلى أقصي الأرض ” (أع1: 8). فبدأوا بنفس أورشليم،
وفي كل اليهودية، والسامرة، وإلى أقصي الأرض قبل أورشليم واليهودية. ثم السامرة
فلما بشروا في بلادهم، وكثرت الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة، وكان لها
سلام وكانت تبني.. ” (أع9: 31)، أنحدروا إلى لدة ويافا (أع9: 32 42). ثم إلى
أنطاكية (أع11: 19 27).. كل ذلك قبل مصر.

 

ثم
أنحدر بولس وبرنابا إلى قبرص. وبشروا في سلاميس وبافوس (أع13: 4 6) وكان معهما
مرقس كشاب صغير. ولم يكمل الرحلة مع بولس. كل تلك البلاد وغيرها من بلاد آسيا
وأوربا، قبلت المسيحية قبل مصر، دون التأثر بعقائد فرعونية.

 

2- إن عقائد
التجسد والتثليث والصليب والكهنوت تؤمن بها كل بلاد المسيحية في العالم أجمع. فما
معني حشر العقائد المصرية الوثنية في موضوع قبول المسيحية.

كلهم
قبلوا الصليب دون أن يكون عندهم حرف (عنخ) الموجود في الألفا فيتا المصرية.

 

 فالقديس
بولس الرسول يقول ” حاشا لي أن افتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح، الذي به قد
صلب العالم لي، وأنا للعالم ” (غل6: 14). وتحدث عن الصليب، فقال إن السيد
المسيح ” أطاع حتى الموت الصليب ” (في8: 2)، وأنه كان عاملاً الصلح بدم
صليبه ” (كو1: 20). وأنه ” احتمل الصليب مستهيناً بالخزى ” (عب12: 2).
كل ذلك والقديس بولس ما كانت له علاقة بمصر ولا تأثر بعقائدها

 

3- لماذا إذن
حشر حرف عنخ المصري في عقيدة الصليب التي تؤمن بها المسيحية في كل بلاد العالم،
دون أن يعرفوا الأبجدية الفرعونية.

 

نفس
الوضع بالنسبة إلى التثليث. إنه لا توجد علاقة على الإطلاق بين التثليث في
المسيحية، وبين ما يمكن أن يسمي تثليثاً في عقيدة مصرية أو غير مصرية. وقصة
أوزوريس وأيزيس وحورس. عبارة عن أب، وأم، وإبن، من تناسل جسداني. ولا يوجد في
المسيحية تثليث بهذا المعني فيه أن وتناسل جسداني. وقصة شرحنا هذا الموضوع
بالتفصيل في الكتاب الثاني من مجموعة ” سنوات مع أسئلة الناس ” ابتداء
من (ص48 إلى ص51) يمكن الرجوع إليه…

 

4- وعقيدة
التثليث يؤمن بها العالم المسيحي كله، ولم تستند على عقيدة مصرية فرعونية بل تحدث
عنها السيد المسيح نفسه.

 

وذلك
حينما قال لتلاميذه القديسين ” اذهبوا وتلمذوا الأمم، وعمدوهم باسم الاب
والإبن والروح القدس ” (أع28: 19). فهل تأثر السيد المسيح أيضاً بالعقائد
الفرعونية؟! كما أن كلمات والأبن والروح القدس موجودة ومتكررة مرات عديدة جداً في
الأناجيل وباقي كتب العهد الجديد، مما لا علاقة له بمصر…

 

5- أما عن
الكهنوت، فهو عقيدة موجودة منذ القديم في بلاد عديدة جداً. كانت في مصر، وفي كل
بلاد اليونان والرومان، وفي كثير من بلاد الشرق. وكانت في اليهودية أيضاً، ليس فقط
في أيام موسي، بل قبل موسي بمئات السنين. وكانت في أيام أبينا إبراهيم حينما قابل
ملكي صادق كاهن الله العلي (تك14: 18). وقبل ذلك بالآف السنين في كل ما أقامه
الآباء من مذابح، وكل ما قدموه من ذبائح ومحرقات. فما دخل مصر الفراعونية بكنهوتها
في تسهيل المسيحية أسرع من أى بلد آخر.؟!

 

6-
أما كون موسى قد تهذب بكل حكمة المصريين (أع 22: 8) بمعنى أنه أخذ من حكمة الكهنة
عقائدها فهذا أمر مرفوض تماماً لأسباب عديدة.

 

أولاً:
المقصود بقول الكتاب أنه ” تهذب بكل حكمة المصريين ” أى بكل ما عندهم من
معرفة وعلم، سواء في القراءة والكتابة أو الكيمياء والصيدلة والطب، أو الهندسة
والفلك والفن والرياضة.. وليس من جهة العقائد الدينية. والكتاب قد قال ” بكل
حكمة المصريين ” وليس ” بكل حكمة الكهنة “…

 

ثانياً:
فهم هذه العبارة عقيدياً، هي ضد الوحي الإلهي. فموسى أخذ من الله مباشرة – عن طريق
الوحي – كل ما سلمه للناس من عقيدة وتعليم ديني.

 

ثالثاً:
لم يظهر في لوحة الشريعة، ولا في كل توراة موسى، أى أثر من العقائد الفرعونية، ولا
ألهتهم

 

رابعاً:
العقائد المسيحية لم ترد في كتب موسى إلي عن طريق الرمز. كما أن الكنهوت في توراة
موسى من حيث سبط لاوي وبنى هارون، ومن حيث تقديم الذبائح الحيوانية، كل هذا لا
علاقة له بالمسيحية إلا من حيث الرمز إلي ذبيحة المسيح.. وكل هذا لا علاقة له
بالكهنوت الفرعوني.

 

7-
جميع المسيحيين في العالم كله يؤمنون بقانون إيمان واحد. لم يحدث أن كنيسة أختلطت
فيها عقائدها بعقائد في بلادها.

 

 وإلا
كانت باقي الكنائس قد قامت ضدها وحكمت عليها. والتاريخ يقص علينا أنه حينما كان
يحدث أي إنحراف عن إيمان في أية كنيسة من كنائس العالم، كان ينعقد مجمع مسكوني،
ويبحث الأمر من الناحية الإيمانية ويصدر قراره.

 

8-
عبارة سهولة قبول المسيحية في مصر لاتفاقها مع عقائد مصر الوثنية، أمر خاطئ من
الناحية التاريخية أيضاً.

 

 ذلك
لأن مصر لم تقبل المسيحية بهذه السهولة، وإلا لماذا بدأت المسيحية بعصر من
الاستشهاد. استمر حتى سنة 313 م حينما أصدر قسطنطين الملك مرسوم ميلان الذي سمح
بالحرية الدينية. ونفس القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية مات شهيداً…

 

9-
إن المسيحية كما أرادها السيد المسيح، هي نفس المسيحية في أيامنا. فلا توجد عقيدة
واحدة ضد تعليم المسيح الذي قال لرسله القديسين ” وعلموهم أن يحفظوا جميع ما
أوصيتكم به ” (تث 20: 28)… وقد كان ما أراد.

 

 وقد
حافظ المسيحيون على هذا التعليم. وفي ذلك قال القديس يوحنا الرسول في حزم ”
إن كان أحد يأتيكم، ولا يجئ بهذا التعليم، فلا تقبلوه في البيت، ولا تقولوا له
سلام. لأن من يسلم عليه، يشترك في أعماله الشريرة ” (2يو10، 11).

 

وقد
قال القديس بولس الرسول بأسلوب أشد ” إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير
ما بشرناكم به، فليكن أناثيما (أي مح
روماً) (غل1: 9).

 

إذن
فعبارة ” انحرفت المسيحية عن مسارها الحقيقي كما رسمه المسيح ” (هي
عبارة ظالمة، لا تنطبق على الحق ولا التاريخ “.

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى