علم التاريخ

أنبياء التعليم والإنذار



أنبياء التعليم والإنذار

أنبياء
التعليم والإنذار

مقدِّمة
عامة:

دور
الأنبياء عامة في تاريخ شعب إسرائيل:

كان
الله حاضراً دائماً في وسط الشعب، ولكنه لا يتدخَّل إلاَّ عند الانحراف عن الوصايا
المحدَّدة ومعاندة إرادته العليا. وأدواته التي يتكلَّم بها ليوصِّل صوته للإنسان
كثيرة ولكن أبسطها هم الأنبياء.

والنبوَّة في مجملها إلهام سماوي من فوق من الله للإنسان،
يتهيأ لها النبي بطرق شتى، ربما يكون من قبل ولادته مثل يوحنا المعمدان وإرميا
النبي، أو في اللحظة والتو مثل عاموس وإشعياء وميخا ودانيال وغيرهم، إذ دُعوا
للنطق دون أي استعداد أو إعداد سابق! والإلهام دفقة معرفة فائقة تحل مباشرة على
النبي فيتقبَّلها العقل، وهي تأتي في المعنى من عمق الواقع أو تأتي كنتيجة لهذا
الواقع، أي أنها ترتبط بالواقع من قريب أو بعيد. والنبوات في حصيلتها الكلية هي
سيَّالٌ روحي رافق الإنسان منذ البدء ليشكِّل من أعمال الإنسان تاريخاً يضمن أن
يأتي في النهاية، وفي إطار حرية الإنسان،
خاضعاً لإرادة الله ومطابقاً لمشيئته العليا.

وهكذا
فإن صياغة التاريخ الإنساني في العهد القديم لا تعتمد على تتابع الأحداث والآباء
والملوك والقوَّاد وسقوط وقيام ممالك فقط، إذ يدخل هذه الصياغة عنصر النبوَّة
ليعدِّل مسار التاريخ لينضبط ميزانها باستمرار بين عاملين أساسيين وهامين للغاية
القصوى:

العامل
الأول: مواعيد الله
التي تبقى ثابتة ثبات الله نفسه، لأنه دائماً
أبداً يضمن وعده بنفسه- وهنا مربط الإيمان.

العامل
الثاني: أخطاء الإنسان
التي قد تزيد لتشمل الدولة كلها أو العالم، وقد
تقل لتنحصر في فاعلها بمفرده. وهنا يقف دور الأنبياء في مواجهة الخطأ والشر أينما
كان مصدره، سواء الملوك أو الكهنة أو الرؤساء أو الشعب، كضرورة مُلحَّة حتى تبقى
لشعب إسرائيل مواعيد الله ثابتة، وتستمر عنايته، وخصوصاً في الأوقات العصيبة.

والدور
الذي اضطلع به الأنبياء في تحذير الشعب وتوجيه الملوك والرؤساء وتحذير الخطاة
لتلافي المصائب لو حاولنا استبعاده لتعرَّى التاريخ، فالأنبياء دخلوا في تاريخ شعب
إسرائيل كعنصر متميِّز جداً وفعَّال، ربما أكثر فاعلية من المُلْك نفسه!

فالأنبياء
كانوا دائماً ومنذ بداية تكوين شعب إسرائيل عناصر أساسية في التكوين العضوي للدولة، بل إن في العصور
الأُولى كان النبي هو كل شيء. فإبراهيم
أبو الآباء كان هو النبي الذي يحل عليه روح الله، يسمع من الله مباشرة ويعمل حسب أوامره بلا تفريط، وكان هو الكاهن الذي
يقدِّم الذبيحة،
وكان هو الملك الذي يحكم ويدبِّر ويقود- ولو في حدود
قبيلة. وكذلك موسى بصورة أوضح ومفصَّلة. ولكن بعد ذلك تفرَّدت السلطات وتخصَّصت فصار الله هو الذي يعيِّن الملك بواسطة
النبي فيقوم الكاهن بمسحه وتنصيبه.

أمَّا
تعيين النبي فكان دائماً عملاً خارقاً للطبيعة، وليس له أي تمهيدات أو علامات أو
قدرات سابقة، ففي لحظة يبدأ الشخص يتكلَّم كلاماً يفوق كل قدراته وكل قدرات بني
البشر، إذ يشعر السامع أن هذا ليس كلام إنسان بل كلام الله. حيث التنبؤ يكون
واضحاً، والكلام نفسه يخرج كموجات من نور وهَّاج موزوناً وزناً شعرياً، وبقوة وطلاقة
وسرعة تقتحم القلوب مهما أُحكم غلقها، وتهز الضمائر وتسيل الدموع من المآقي، ويكون
النبي قادراً أن يعيده بالحرف الوحد بالرغم من أن يكون الكلام على مستوى سفر
بأكمله، وبالرغم من أن الشخص قد يكون أميًّا وليس له دراية بالكلام أو الشعر. وهذا
ما حدث لإرميا النبي بالحرف الواحد:

+
“فدعا إرميا باروخ بن نيريَّا فكتب باروخ عن فم إرميا كل كلام الرب
الذي كلَّمه به في درج السفر.. ثم سألوا باروخ قائلين: أخبرنا كيف كتبت كل هذا
الكلام عن فمه؟ فقال لهم باروخ: بفمه كان يقرأ لي كل هذا الكلام وأنا كنت أكتب في
السفر بالحبر..

وكان
الملك جالساً في بيت الشتاء في الشهر التاسع، والكانون قدَّامه مُتقدٌ، وكان لمَّا
قرأ يهودي ثلاثة شُطُورٍ أو أربعة أنه شقَّه بمبراةِ الكاتب وألقاه إلى النار التي
في الكانون حتى فني كل الدَرج..

ثم
صارت كلمة الرب إلى إرميا بعد إحراق الملك الدَرْج والكلام الذي كتبه باروخ عن فم
إرميا قائلةً: عُدْ فَخُذْ لنفسك دَرجاً آخر واكتب فيه كل الكلام الأول الذي كان
في الدَرْج الأول الذي أحرقه يهوياقيم ملك يهوذا” (إر 4: 3632)

كذلك
ما يقوله النبي يكون مطابقاً لواقع الحال، وكأن الله نزل ورأى وسمع ثم تكلَّم بفم
النبي موبِّخاً ومتحدِّياً كل سلطة، سواء سلطة الملك أو الكهنة، أو حتى الأنبياء
الأدعياء الآخرين الذين كانت تستخدمهم الدولة، الذين كانوا يُحكمون فتاويهم لكي
ترضي أفكار الملوك، ويقلِّدون تحركات وكلمات الأنبياء الصادقين، فكانوا يُضلُّون
الشعب فعلاً:

+
“هكذا قال الرب على الأنبياء الذين يُضِلُّون شعبي، الذين ينهشون بأسنانهم
وينادون سلام.. لذلك تكون لكم ليلة بلا رؤيا، ظلام لكم بدون عرافةٍ، وتغيب الشمس
عن الأنبياء ويظلم عليهم النهار.. لكنني أنا ملآنٌ قوَّةَ روح الربِّ وحقًّا
وبأساً لأُخبر يعقوب بذنبه وإسرائيل بخطيته” (مي 5: 38)

هذا
بالإضافة إلى دور الأنبياء من جهة تثقيف الشعب وتوعيته على أساس الشريعة والناموس
والتقليد، لحراسة وصايا الله من جهة السلوك الاجتماعي والتعاملات الاقتصادية
والسياسية، وتصرُّف الملوك والكهنة والأغنياء إزاء الشعب وخاصة الفقراء. كل هذه
القيم كان يحمل أعباءها الأنبياء بغيرة مُلتهبة وحساسية شديدة، فصار دورهم في
تاريخ الأُمة يفوق كثيراً دور الملوك والكهنة والكتبة، لأنهم كانوا يُحْسَبون
بالفعل كعيني الله وأذنيه ولسانه، فكانت كلمتهم كما من فم الله.

والعجيب
حقا أن النبي كان دائماً أبداً محبوب الشعب، كان يستطيع أن يُلهب قلب الشعب
بكلمة.كان النبي يمثِّل حضوراً إلهياً ساخناً في وسط المتعبين والمظلومين والفقراء
المسحوقين، فيرفع من معنوياتهم، بل ويرفع من قيمتهم، فهو يؤكِّد لهم ولظالميهم
أنهم الأقرب إلى الله والأحب. وكان الشعب لا يُخطئ قط بأحاسيسه المرهفة في إدراك أن
النبي يحمل لهم ليس محبة وتحيات من عند الله وحسب، بل قوة معنوية وخيراً وبركة،
فكان بمثابة من يردّ لهم النصيب الضائع. لذلك كان الأنبياء بالنسبة للشعب المنهوك
والمطحون يُحسبون كمنقذين وباباً جديداً مفتوحاً للرجاء.

وحتى
لو كانت كلمات النبي مؤنِّبة أو محذِّرة ومملوءة بالسخط من أجل فساد العامة منهم،
فإنهم غالباً ما يذعنون لها، وبإذعانهم القلبي كانت تحدث معجزات التغيير والتجديد.

والعجيب
حقا أنه لم تقم كارثة إلاَّ وسبقها صوت نبي بمدَّة كافية جداً للتوبة والرجوع، ولم
تحدث مصيبة إلاَّ وكان معها أصوات التعزية من الأنبياء مع رنَّة رجاء للثقة
والتمسُّك بمواعيد الله. ولكن كان صوتهم مستتراً لا يُسمع إلاَّ في أوقات الضيق
الشديد والمواقف الحرجة، أو عند انحلال الشعب وطغيان الفساد والابتعاد عن الله.

وكل
هذه السمات الصادقة نجدها متحققة في شخصية عاموس النبي وهو أول نبي ظهر في منتصف
القرن الثامن قبل الميلاد لينذر بالمصير المحتوم:

1
فهو يشهد لنفسه أنه ليس نبيًّا أصلاً أي ليس محترفاً وليس ابن نبي. لم يأخذ
النبوَّة بالميراث ولكن الله هو الذي أرسل كلمته في قلبه لينطقها: “فأجاب
عاموس وقال لأمصيا (الكاهن) لست أنا نبيًّا ولا ابن نبي (أي لست من زمرة الأنبياء
المأجورين) بل أنا راعٍ وجاني جميز، فأخذني الرب من وراء الضأن وقال لي الرب: اذهب
تنبأ لشعبي إسرائيل” (عا 14: 7و15)

2
وهو يقرِّر أنه ينطق بنفس كلمات الله التي ينطقها الله في قلبه وهو ليس له قدرة أن
يحبسها ولا ينطق بها: “إن السيد الرب لا يصنع أمراً إلاَّ وهو يُعلن سرَّه
لعبيده الأنبياء.. السيد الرب قد تكلَّم فمن لا يتنبأ؟
” (عا 7: 3و8)

3
وهو يتكلَّم ضد الملك علناً وأمام كل الشعب وفي طول البلاد وعرضها، لأن يربعام
الثاني بن يهوآش ملك إسرائيل آنئذ قد أساء إلى وظيفته وعمل الشر أمام الله:
“وعمل الشر في عيني الرب. لم يحد عن شيء من خطايا يربعام بن نباط الذي جعل
إسرائيل يخطئ
” (2مل 24: 14). أي أنه ضلَّ وعبد الأوثان وأضل الشعب
وجعلهم يعبدون الأوثان، فكان كلام عاموس ضد الملك: “فأرسل أمصيا كاهن بيت
إيل
إلى يربعام ملك إسرائيل قائلاً: قد فَتَنَ عليك عاموس في وسط بيت إسرائيل،
لا تقدر الأرض أن تطيق كل أقواله! لأنه هكذا قال عاموس: يموت يربعام بالسيف
ويُسبَى إسرائيل عن أرضه” (عا 10: 7و11)

ولمَّا
احتج أمصيا الكاهن على أقوال عاموس وخاصة أنه أذاعها في بيت إيل وهي مراكز اختصاص
أمصيا الكاهن، لم يتورَّع عاموس من أن يوجِّه إلى أمصيا الكاهن أفظع الكلام:

+
“فقال أمصيا لعاموس: أيها الرائي اذهب اهرب إلى أرض يهوذا وكُل هناك خبزاً
وهناك تنبأ وأمَّا بيت إيل فلا تَعُدْ تتنبأ فيها.. فأجاب عاموس وقال لأمصيا.. الآن
اسمع قول الرب: أنت تقول لا تتنبأ على إسرائيل.. لذلك هكذا قال الرب: امرأتك تزني
في المدينة وبنوك وبناتك يسقطون بالسيف وأرضك تُقسَّم بالحبل وأنت تموت في أرض
نجسة وإسرائيل يُسبى سبياً عن أرضه” (عا 12: 717)

ومن
هنا يتضح أن في النبي قوةً دافعةً تجعله ينطق ولا يرهب إنساناً، ويشعر أن كل ما
عليه هو أن يوصِّل الرسالة ولو تحت تهديد السيف والموت.

إن
ظهور نبوَّة عاموس في أحرج الأيام بالنسبة لإسرائيل كان بداية لتوظيف الأنبياء في
خط جديد بالنسبة لتاريخ إسرائيل، كمعلمين لتوعية الشعب ورفع مستواه الديني
وإدراكاته لمفهوم وحدانية الله، ثم زجرهم لرداءة سلوكهم. وكانت كلماتهم كالسياط
على ظهور الملوك والكهنة، فكانوا يمثِّلون صوت الله الحقيقي الصافي والنقي
والجريء. وكانت تتحقَّق نُبوَّاتهم بصدق أمام الشعب مما أدخل الرعب في قلوب العصاة
سواء من الشعب أو الرؤساء.

وهكذا
حلَّ النبي في وسط الشعب بالكلمة عوض تابوت عهد الله، إذ نجح النبي بالفعل أن
يمثِّل حضور الله ليصحِّح مسار الأُمة كلها. وظلَّ خط النبوَّة التعليمية يمتد في
مسيرته الفعَّالة من أيام عاموس حتى إلى ثلاثة قرون.

صحيح
أن الأنبياء المعلمين كان يعوزهم أعمال البطولة التي كانت لأنبياء العصور الأُولى،
كموسى ويشوع وصموئيل وإيليا وإليشع، أنبياء المعجزات الباهرة. ولكن احتفظ الأنبياء
المعلمون بالخط التقليدي الروحي الموروث من الأنبياء السابقين دون استحداث قط،
والتزموا بالتراث المسلَّم إليهم في عبادة الله ومخافته وبكل الطقوس. وكانت معظم
خدمات الأنبياء ذات طابع رسمي وفي حدود أماكن العبادة. غير أنه كان منوطاً بهم أن
يطوِّروا المسلَّمات التقليدية إلى أوضاع جديدة تحتِّمها الظروف الجديدة. كان
النبي يشير إلى ضرورة الخضوع والتسليم للعدو المُحاصِر للمدينة حتى ينجو الشعب
والملك من الذبح والفناء، وهذه كانت تتطلَّب حكمة وشجاعة صلبة.

والأنبياء
المعلِّمون ولو أنهم كلهم كانت لهم رؤاهم الخاصة (إش 6)، ولكن كانت تعاليمهم عن
صحو ولغتهم تخرج بموسيقى شعرية في غاية الإحكام والوزن، وكانت تُدوَّن بدقة، لذلك
خرجت نبواتهم في أسفار مكتوبة على مستوى الإملاء. وبالرغم من أن بعضهم كان من سلك
الكهنوت، إلاَّ أنهم لم يمارسوا الكهنوت ولا الطقس قَط، إذ صارت النبوَّة في
إسرائيل تخصُّصاً عالياً بحد ذاته يشرف على كافة التخصصات الأخرى، حتى ولو كان
النبي من الحُفاه مثل هذا الراعي عاموس، فلا مانع من أن يوبِّخ الملك ورئيس الكهنة
معاً، لأنه كان يشعر بأنه يمثِّل رب القوات
وأنه يعلن كلمة
الله.

وبالرغم
من الكلمات النارية التي كانت تخرج من أفواههم، والتي كانت قادرة دائماً أن تحدث
تجديداً بل ثورة في الشعب، إلاَّ أنهم لم يشتركوا قط في ثورة أو عمل ضد الدولة.

وكانت
تعاليم الأنبياء تنحصر في نقاط رئيسية: أن لا يخالط الشعب الأجانب لأنه فخ لعبادة
الأوثان، التي هي السوس الذي نخر في عظم الأُمة حتى أسقطها، ثم الالتزام بالناموس
بمقتضى عهد الله الذي يقيّم السلوك العام والخاص، والذي على أساسه وبَّخ ناثان
الملك داود الذي اغتصب امرأة آخر، وعلى نوره وبَّخ إيليا أخآب في جريمته لقتل
نابوت اليزرعيلي واغتصاب بستانه على أنه اشتهى ما لغيره!! وبالنسبة لعبادة آلهة
غريبة كان مَثَل إيليا وذبحه لأنبياء البعل صورة واضحة لا تفارق ذهن النبي.

وهكذا
كان الخط العام للتعليم مرسوماً أمام أنبياء التعليم على أساس ما استلموه من
الأنبياء السابقين نبيًّا عن نبي: عاموس عن ميخا بن يمله (1مل 8: 22) عن
إيليا عن أخيَّا الشيلوني (1مل 29: 11) عن ناثان عن صموئيل عن يشوع عن موسى عن
الله في جبل حوريب      !! وكأن قوة الروح التي حلَّت على موسى لم تفارق إسرائيل
قط، تنتقل من جيل إلى جيل بلا انقطاع، والتي من خلالها كان صوت الله يحكم في الشعب
له أو عليه، وكان الأنبياء هم رسل الدينونة لمحكمة الله العليا، حتى ينتبه كل رئيس
أو ملك أن الله هو وحده الحاكم على شعبه إسرائيل، وأن يلتزم الجميع بإرادة الله.

وفي
حال ما أدرك النبي أن الشعب مع الملك تمرَّدوا على الله، وجنحوا وراء شهواتهم
ومشوراتهم ورفضوا صوت الله، كانت كلمات الأنبياء عنيفة ونارية كما حدث بعد منتصف
القرن الثامن قبل الميلاد. ولكن عندما بالغ الشعب في خروجه عن الناموس ورفضه
للتوجيه واستقرت في وعي الأُمة بملكها وكهنتها الاستهانة بحدود العهد التي وضحت في
عبادة آلهة الأُمم الصنمية عوض عبادة الله، كان منطوق الرسالة السماوية التي جاء
بها الأنبياء ينحصر في بنود حكم الدينونة، حيث يُنصِّب الله نفسه كعنصر الاتهام
وعنصر القضاء معاً، وقد أعدَّ العقوبة وما بقي إلاَّ النطق بها. فعوض بركات العهد
التي تنعَّموا بها تكون لعناته، أمَّا وعوده التي وعدها بقسم بخصوص حبه ولطفه
وبركاته فدفعها الله إلى الأمام في المستقبل البعيد لتتخطَّى أجيال الغضب، فلا
تكون من نصيبهم بل تأخذ أبعاداً أخرى أعظم وأوسع.

والآن
وقد رأينا أُمَّة إسرائيل في القرن الثامن قبل الميلاد تزداد قوة حتى تبلغ في
منتصف القرن أوج اتساعها وعظمتها ورخائها، ولكن بلغ العفن في العبادة والأخلاق
مبلغ العطب الذي لا شفاء منه.

أمَّا
بالنسبة لإسرائيل في الشمال فقد أعلن الله تخلِّيه عنها وحان غروب شمسها لتدخل
عتمة ليلها الطويل.

وأمَّا
يهوذا أختها في الجنوب فقد أُعطيت زماناً قليلاً بعد وإن كانت تسير في نفس المصير
ولكن ببطء.

أمَّا
في غرفة مشورة الله الأزلية فقد أُعِدَّت خطة لتجديد

إيمان
إسرائيل بصورة أخرى لتدخل الحياة بدفعة جديدة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى