عهد قديم

الإصحاح الثالث



الإصحاح الثالث]]>الإصحاح الثالث

 

آية(1): “وأما موسى فكان يرعى غنم يثرون حميه كاهن مديان فساق الغنم إلى وراءالبرية وجاء إلى جبل الله حوريب.”

إلىوراء البرية= إلى الأراضي المراعي خلف منطقة الرمال الواسعة. جبل حوريب غالباً هوجبل موسى حالياً بسيناء.

 

آية(2): “وظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليقة فنظر وإذا العليقة تتوقدبالنار والعليقة لم تكن تحترق.”

مقالات ذات صلة

ملاكالرب= كلمة ملاك تعنى مرسل وتشير للأقنوم الثاني الابن الذي أرسل من الآب(يو37:5). وبحسب الفكر اليهودي فكل من ينزل من السماء فهو ملاك لأنه مرسل. ومايثبت أنه الأقنوم الثاني وليس ملاكاً عادياً (آية6) “قوله أنا إله أبيك..” بلهيب نار= إلهنا نار آكله (عب29:12). ولقد حل الروح القدس على التلاميذعلى هيئة ألسنة نار. وظهر لإبراهيم على شكل مصباح نار (تك15) وظهر للشعب على الجبلعلى شكل نار. وهو نار إحراق وتطهير وهو نور ومحبة نارية؟ ولهيب النار كان من وسطعليقة العليقة هي شجرة شوك ضعيفة. وهو ترمز لإسرائيل وقد أحاطت بها أشواك وآلامالعبودية في مصر ولكن الله في وسطها فلا تحترق، وتشير للكنيسة التي اشتعلت فيهانار الاضطهاد ولم تفنى وكانت الأشواك رمز للآلام والاضطهاد ولكنها كانت ملتهبة بنارالروح الإلهي فلم تمت. والعليقة كانت ترمز للعذراء مريم التي حملت في بطنهاالأقنوم الثاني بناسوته المتحد بلاهوته الناري ولم تحترق. لذلك فالعليقة حملت سرالتجسد الإلهي. ولاحظ أن الله ظهر وسط شجرة ضعيفة وليست شجرة أرز فالله يسكن عندالمتواضعين (اش15:57). وقارن مع (2كو7:4). وقال القديس أمبروسيوس “لماذانيأس، إن الله يتحدث في البشر، هذا الذي تكلم في العليقة المملوءة أشواكاً، أنه لميحتقر العليقة، أنه يضئ أشواكي.

 

آية(3): “فقال موسى أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم لماذا لا تحترقالعليقة.”

أميلالآن لأنظر= إعلانات الله كثيرة لكن على كل واحد أن يميل وينظر في جلسة هادئة أوصلاة أو خلوة مع الله. هنا دخل موسى إلى مرحلة جديدة هي مرحلة اللقاء مع الله.فحياة موسى 120سنة تنقسم إلى 3مراحل [1] 40 سنة في القصر. [2] 40 سنة في البرية[3] 40 سنة بعد أن تقابل مع الله وكان هذا سر قوته وعظمته.

 

آية(4): “فلما رأى الرب انه مال لينظر ناداه الله من وسط العليقة وقال موسى موسىفقال هأنذا.”

اللههو الذي يدعوه. حقاً كان المتحدث ناراً آكلة لكنها لا تؤذيه بل تسنده وتلهبه كمافعل الروح القدس مع التلاميذ فأحرق ضعفاتهم وأعطاهم قوة للحياة الجديدة.

 

آية(5): “فقال لا تقترب إلى ههنا اخلع حذاءك من رجليك لأن الموضع الذي أنت واقفعليه أرض مقدسة.”

كانتالأحذية ومازالت تصنع من جلود الحيوانات الميتة. وخلع الحذاء يشير لخلع محبةالأمور الزمنية الميتة عنا لنلتصق بالسماويات. ولذلك فحتى الآن نخلع أحذيتنا قبلدخول الهيكل لنذكر هذه المفاهيم أن الله يريد قداستنا وهو يدعونا لكننا لا يمكن أننعاينه إلا بالقداسة (عب14:12).

 

آية(6): “ثم قال أنا إله أبيك إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب فغطى موسى وجههلأنه خاف أن ينظر إلى الله.”

إلهأبيك= المقصود بها إله كل آبائك وهكذا فهمها أسطفانوس (أع32:7) فغطى موسى وجهه=حتى لا يموت إذ رأى الله. وهكذا يصنع السيرافيم إذ يغطون وجوههم.

 

آية(7): “فقال الرب أني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر وسمعت صراخهم من اجلمسخريهم أني علمت أوجاعهم.”

مايعزينا جداً في ضيقاتنا أن الله شاعر بنا عالم بما نقاسيه.

 

آية(8): “فنزلت لأنقذهم من أيدي المصريين وأصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيدةوواسعة إلى أرض تفيض لبناً وعسلاً إلى مكان الكنعانيين والحثيين والاموريينوالفرزيين والحويين واليبوسيين.”

إلىأرض تفيض لبناً وعسلاً= أي مكان خيرات. الكل يجد فيه شبعه حتى الأطفال الذينيتغذون على اللبن والعسل إشارة إلى حياة الشبع واللذة الروحية إشارة لكلمة اللهالحلوة في أفواهنا وهي لنا كلمة تعليم نتغذى بها. لذلك كان المعمدون في الكنيسةالأولى يشربون أثناء طقس المعمودية لبناً ويأكلون عسلاً، إذ صار لهم حق الدخول إلىكنعان السماوية الموعود بها. مكان الكنعانيين= لشرورهم وفجورهم.

 

آية(11): “فقال موسى لله من أنا حتى اذهب إلى فرعون وحتى اخرج بني إسرائيل منمصر.”

منأنا حتى اذهب= هنا وصل موسى إلى أعلى مستوى من الإعداد إذ شعر أنه لا شئ. وهو الآنبينما هو أكفأ رجال عصره الذي أعطه الله طويلاً لهذا العمل، لكنه الآن في تواضعهيشعر أنه لا شئ.

 

آية(12): “فقال أني أكون معك وهذه تكون لك العلامة أني أرسلتك حينما تخرج الشعبمن مصر تعبدون الله على هذا الجبل.”

أنيأكون معك= هذا هو سر قوة موسى وكل خدام الله (يش5:1 + أر16:1 + مت20:28) والعلامةالتي أعطاها له الله أنهم يعبدون في هذا الجبل أي أن الله سيرافقهم حتى يصلوا إلىهذا الجبل ويقيمون خيمة الاجتماع ويعبدون الله هناك لمدة سنة.

 

الآيات(13،14): “فقال موسى لله ها أنا آتى إلى بني إسرائيل وأقول لهم إله آبائكمأرسلني إليكم فإذا قالوا لي ما اسمه فماذا أقول لهم. فقال الله لموسى اهيه الذياهيه وقال هكذا تقول لبني إسرائيل اهيه أرسلني إليكم.”

اسمالله يهوه

طبيعةموسى الضعيفة المتأثرة بالفشل السابق حين خرج متكلاً على ذراعه البشري جعلته يترددفي قبول الدعوة. وكان لا يجب أن يعتذر موسى بعد أن سمع الله يقول له “أنيأكون معك” وكان أول سؤال لموسى عن اسم الله. والله في محبته أجاب موسى عنسؤاله. أهية ويهوه الإسمان بمعنى واحد في صيغتين مختلفتين من فعل الكينونة فيالعبرية هو أو هيا = To BE. فأهية هو صيغة المضارع للمتكلم الفرد أكون أو أنا هو = I AM. وبذلك يكون معنى أهية الذي أهية= أكون الذي أكون. كما أن يهوه هيصيغة المضارع للغائب= HE IS= يكون.

إذاًالمعنى أن الله وحده هو الإله الكائن وكل الآلهة غيره آلهة كاذبة وأنه وحده هوالكائن الواجب الوجود أي الذي لابد أن يكون وهو كائن بذاته ولم يوجده أحد ولايعتمد في وجوده على أحد فهو ليس مخلوقاً وهو الكائن بذاته ولم يوجده أحد ولا يعتمدفي وجوده على أحد فهو ليس مخلوقاً وهو الكائن دائماً الأزلي الأبدي وفيه كلالكفاية. وهو الكائن وحده الذي بجواره يكون الكل كأنه غير موجود. وكأن الله أرادأن موسى يخبرهم بهذا الاسم ليدركوا الفرق بين من هو كائن وما هو ليس بموجود.والاسم يعني أنه إذا قورنت كل الأمور الزمنية بالله تصير باطلاً أو لا شئ.والعبارة تعلن عن الله بكونه الوجود الأول والسامي غير المتغير، وهو حاضر علىالدوام، ليس فيه ماضٍ انتهى ولا مستقبل منتظر، لكنه فوق الزمن (حاضر دائم) وفيهنجد لنا ملجأ من كل تغيرات الزمن. وإن كان الله هو الوجود الدائم فمن يأخذ الاتجاهالمضاد لله إنما يسير نحو العدم.

واليهودخافوا من نطق اسم يهوه فسموه الرب وباليونانية كيريوس. وهناك فرق بين الاسمين اللهوالرب. فالله يفهم منها أنه هو رب الخليقة كلها، مثلث الأقانيم كلي القدرةوالألوهية، الخالق والمسيطر على كل الخليقة وحده. وأما اسم الرب أو يهوه، فبهذاالاسم يخاطب شعبه وخاصته كمهتم بهم، كإله محب مشبع لاحتياجاتهم وكما نقول في أوشيةالإنجيل “لأنك أنت هو حياتنا كلنا، خلاصنا كلنا، رجاؤنا كلنا، شفاؤنا كلنا،قيامتنا كلنا” فهو واهب النعمة والمواعيد. وفي آية (12) أكون معك هي نفسهاأهية.

وأسماءيهوه التي أتت في الكتاب المقدس هي:

يهوهيرأه= الرب يرى ويرتب.

يهوهنسى= الرب رايتي

يهوهشالوم= الرب يرسل سلاماً.

يهوهصدقينو= الرب برنا.

ولكنأهيه تشمل كل هذا، فهو كل شئ لنا، أي كل ما نحتاجه نجده فيه، (هو لنا شيك علىبياض) وهذا ما قاله المسيح أنا هو نور العالم، أنا هو الراعي…. من قبل إبراهيمأنا كائن وباختصار أنا هو الألف والياء= أي أنا كل شئ. ويسوع المسيح هو هو أمسواليوم وإلى الأبد فهو كائن دائماً. ويهوه ترجمت باليونانية أنا هو= إيجو إيمي.لذلك قال المسيح حين ترفعون ابن الإنسان ستعرفون أني أنا هو (إيجو إيمي) (يو28:8)أي ستعرفون أني أنا يهوه. ولذلك حين جاء يهوذا ليسلمه مع العساكر سألهم يسوع منتطلبون قالوا يسوع قال أنا هو فسقطوا على وجوههم فكان المسيح بقوله هذا يعلنلاهوته وأنه هو يهوه. ولكن إذا حاولنا أن نعرف أكثر من ذلك لن نستطيع وسنسمع”لماذا تسأل عن إسمي وهو عجيب”.

وأثارموسى بعد ذلك عدة تساؤلات واعتراضات وأعطاه الله آيات تسنده أمام الشعب وحين اعتذربكونه ثقيل الفم واللسان أفهمه الله أنه هو الذي خلق الفم واللسان ولما رفض بعدذلك حمى غضب الله عليه. ولنلاحظ أنه هناك فرق بين التواضع وبين رفض الخدمة. وماكان لموسى أن يعتذر بعد أن سمع أن الله معه.

 

آية(15): “وقال الله أيضاً لموسى هكذا تقول لبني إسرائيل يهوه إله آبائكم إلهإبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب أرسلني إليكم هذا اسمي إلى الأبد وهذا ذكري إلى دورفدور.”

إلهإبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب= عجيب هو الله الذي ينسب نفسه لخاصته الأحباء ولاحظتكرار هذا اللقب 3 مرات في لقاء الله مع موسى (آية 6،15،16). وهذا علامة صداقةالله مع الإنسان فمع أن الله هو إله العالم كله، إله السمائيين والأرضيين، لكنهينسب نفسه لأصدقائه من البشر، هو لا يود أن يكون سيداً بل صديقاً فنراه يكلم موسىوجهاً لوجه ويقبل ضيافة إبراهيم ويتصارع حتى الفجر مع يعقوب. وإذ نربط الاسمينمعاً يهوه وإله إبراهيم.. نقول أن الله غير المدرك ولا متغير الذي هو فوق حدودالزمن يقدم ذاته للبشرية ليتعرفوا عليه كإلههم الخاص المشبع لاحتياجاتهم. فهوالصديق والعريس والأخ والمخلص والخبز والقيامة والباب والطريق والحق.

 

آية(16): “اذهب واجمع شيوخ إسرائيل وقل لهم الرب إله آبائكم إله إبراهيم واسحقويعقوب ظهر لي قائلا أني قد افتقدتكم وما صنع بكم في مصر.”

افتقدتكم=زرتكم بمعنى عرفت أحوالكم وهي نفس كلمة يوسف للشعب (تك24:50).

 

آية(18): “فإذا سمعوا لقولك تدخل أنت وشيوخ بني إسرائيل إلى ملك مصر وتقولون لهالرب إله العبرانيين التقانا فالآن نمضي سفر ثلاثة أيام في البرية ونذبح للربإلهنا.”

ثلاثةأيام= لقد طلب فرعون أن يذبحوا في مصر ولكن موسى أصر على السفر 3 أيام؟! فالطريقالذي يخرج فيه الشعب ليقدم لله ذبيحة إنما هو السيد المسيح نفسه الذي قام في اليومالثالث، وخلال عبادته تقبل كل عبادة وتقدمة منا للآب. والثلاثة أيام هي التي قضاهاالمسيح في القبر لذلك علينا أن نموت عن كل شهوة للعالم (1يو15:2،16) فمصر تشير للعالموسفر 3 أيام من مصر يشير للموت عن ملذات العالم وخطاياه، وإن فعلنا سنختبر قوةالقيامة فلن نعرف قوة القيامة ما لم نصلب الأهواء مع الشهوات. ومحاولات فرعون منعالشعب من السفر 3أيام هي محاولات إبليس إغرائنا بملذات العالم فنحبه وبالتالي لانختبر قوة القيامة. وطبعاً كان السبب الوجيه الذي يقدمه موسى لفرعون ليسمح لهبالسفر أن العبادة تقتضي ذبح حيوانات يقدسها المصريون فلا يصح الذبح أمامهم.

وخبرةالثلاثة أيام اختبرها من قبل إبراهيم حين سار 3أيام ليقدم ابنه ذبيحة وعاد بعدهاوقد اختبر قوة القيامة وخلال ال3 أيام كان يقدم ابنه ذبيحة حب.

 

آية(19): “ولكني اعلم أن ملك مصر لا يدعكم تمضون ولا بيد قوية.”

اللهيسبق ويخبر موسى بعناد فرعون حتى لا ييأس.

 

آية(20): “فأمد يدي واضرب مصر بكل عجائبي التي اصنع فيها وبعد ذلك يطلقكم.”

وأمديدي = أي أظهر قوتي الإلهية.

 

آية(22): “بل تطلب كل امرأة من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهبوثياباً وتضعونها على بنيكم وبناتكم فتسلبون المصريين.”

كانتالعادة أن المسافر أو المهاجر يعطيه جيرانه عطايا تساعده خلال سفره لكن الله أعطىنعمة لشعبه فأعطاهم المصريين الكثير فالله لا يريد أن يصرفهم فارغين تسلبونالمصريين= تعبير مجازي يعني أنهم يأخذون منهم عطايا كثيرة يستوفون بها أجرهم عنسنين العبودية والسخرة. وهم كأنهم كانوا في حرب مع المصريين وانتصروا فيها وماأخذوه هو أسلاب المنتصر. وهكذا روحياً فمن يغلب روحياً يحمل معه غنائم كثيرة منطاقاته الداخلية ودوافعه وأحاسيسه، يصير كل ما في داخله مكرساً لله

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى