اللاهوت المقارن

159- لا تدعو لكم أباً على الأرض



159- لا تدعو لكم أباً على الأرض

159- لا تدعو لكم أباً على الأرض

بعد
كل هذا الحديث لا يعترف البروتستانت بالكهنوت مفسرين خطأ الآية التى قالها السيد
المسيح لتلاميذه “ولا تدعوا لكم أباً على الأرض لأن أباكم واحد الذي في
السماوات” (مت23: 9).. ولنقرأ معاً هذه الفقرة كاملة من إنجيل معلمنا متى:

 

“حينئذ
خاطب يسوع الجموع وتلاميذه قائلاً: على كرسى موسى جلس الكتبة والفريسيون. فكل ما
قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه، ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون
ولا يفعلون.. ويحبون المتكأ الأول في الولائم، والمجالس الأولى في المجامع،
والتحيات في الأسواق، وأن يدعوهم الناس سيدى سيدى. وأما أنتم فلا تُدعَوا سيدى لأن
معلمكم واحد المسيح وأنتم جميعاً إخوة. ولا تَدعُوا لكم أباً على الأرض لأن أباكم
واحد الذى في السماوات. ولا تُدعَوا معلِّمين لأن معلمكم واحد المسيح. وأكبركم
يكون خادماً لكم. فمن يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع” (مت23: 1-12).

 

جزء
من كلام السيد المسيح موجّه إلى الجموع “فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه
وافعلوه” وجزء مخصص للآباء الرسل كما هو واضح من المكتوب “خاطب يسوع
الجموع وتلاميذه” لذلك قال للتلاميذ (أى الرسل) “فلا تُدعَوا سيدى.. ولا
تُدعَوا معلمين” فمعنى ذلك أنه ينهاهم عن أن يطالبوا الناس بأن يدعوهم سيدى.
لأنه يقول إن الكتبة والفريسيين “يحبون.. التحيات في الأسواق وأن يدعوهم
الناس سيدى سيدى” لذلك يقول لهم “وأكبركم يكون خادماً لكم. فمن يرفع
نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع” فهنا يحارب السيد المسيح الكبرياء. فعبارة
“فلا تُدعَوا سيدى” أى لا تطالبوا الناس أن يدعونكم “سيدنا”،
فالاحترام ينبع من الآخر ولا يُفرض عليه.. وهكذا في عبارة “لا تُدعَوا
معلمين” فلا تلزموا أحداً أن يدعوكم هكذا..

 

لكن
هل هذا الكلام يتناقض مع كلام الكتاب المقدس نفسه عندما يقول “فوضع الله
أناساً في الكنيسة أولاً رسلاً، ثانياً أنبياء، ثالثاً معلمين، ثم قوات وبعد ذلك
مواهب شفاء أعواناً تدابير وأنواع ألسنة” (1كو12: 28) إذاً أقام الله في
الكنيسة معلمين .. فهم لا يطلبون من الناس أن يدعوهم معلمين لكن إن كان الله قد
أعطاهم مواهب فيقول “ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا؛ أنبوة
فبالنسبة إلى الإيمان، أم خدمة ففي الخدمة، أم المعلم ففي التعليم، أم الواعظ ففي
الوعظ، المعطى فبسخاء، المدبر فباجتهاد، الراحم فبسرور” (رو12: 6-8) وأيضاً
“وهو أعطى البعض أن يكونوا رسلاً، والبعض أنبياء، والبعض مبشرين، والبعض رعاة
ومعلمين” (أف4: 11) فقد أعطى الله البعض أن يكونوا معلمين فلا يوجد خطأ إن
دُعى معلم لأن الله نفسه قد أعطاه هذا اللقب!!! ولكن عندما قال السيد المسيح
لتلاميذه “لا تُدعَوا معلمين” كان يكلمهم عن التواضع، وأن لا يطالبوا
الناس بأن يدعوهم هكذا.. فعندما يتكلم الإنسان لا يقول أنا سيدكم، لأنه يجب أن
يشعر في داخله أنه لا يستحق، بل هو خادم للجميع.

 

في
الصعيد يقولون للجد يا سيدى لأنه أب آباء، والجد فعلاً له مقام محترم في الأسرة
لكن يتعامل مع الآخرين مثل إخوته.

 

ويقول
قداسة البابا شنودة الثالث هذه النصيحة دائماً (كن أخاً في وسط أولادك وابناً في
وسط إخوتك) فلا تتعظّم.

 

أما
عن قوله “لا تَدعُوا لكم أباً على الأرض” فقد خصص الرب الكلام هنا
للآباء الرسل الذين هم بمنزلة البطاركة، والبطاركة هم رؤساء آباء
patria,rchj (باتريارشيس) التى
تعنى “أب لأمة” فكلمة
patria,
(باتريا) تعنى “أسرة-عشيرة-شعب-أمة” وكلمة
avrch, (آرشى) بمعنى “رئيس”، ليس هناك أبوة على الأرض تعلو
أبوة البطريرك فهو أب الآباء فيقول لهم “لا تَدعُوا لكم أباً على الأرض”
لأنكم أنتم الآباء في الكنيسة وكل أبوة بعد ذلك تأتى متدرجة منكم.

 

فبولس
الرسول يقول لتلميذه تيموثاوس “إلى تيموثاوس الابن الصريح في الإيمان نعمة
ورحمة وسلام من الله أبينا والمسيح يسوع ربنا” (1تى1: 2) وكذلك “هذه
الوصية أيها الابن تيموثاوس أستودعك إياها” (1تى 1: 18).. وهكذا أيضاً يدعو
تيطس “إلى تيطس الابن الصريح حسب الإيمان المشترك” (تى1: 4).

 

قال
السيد المسيح لا تُدعَوا سيدى ولا تُدعَوا معلمين أى لا تفتخروا بالتعليم لكن
بالنسبة للأبوة لم يقل لهم لا تُدعَوا آباء لأن الأبوة شئ جميل لذلك يتحدث بولس
الرسول إلى أهل كورنثوس فيذكّرهم أنه أبوهم بقوله “لأنه وإن كان لكم ربوات من
المرشدين في المسيح لكن ليس آباء كثيرون، لأنى أنا ولدتكم في المسيح يسوع
بالإنجيل” (1كو4: 15) الربوة عشرة آلاف فهو يقول لهم: لكم عشرات الآلاف من
المرشدين لكن ليس آباء كثيرون لأنه هو الذي ولدهم في المسيح بالإنجيل ويقول
للمؤمنين أيضاً “يا أولادى الذين أتمخض بكم أيضاً إلى أن يتصور المسيح
فيكم” (غل4: 19). فالمخاض يحدث عندما تلد المرأة. فهو يتألم ويعانى في خدمتهم
ورعايتهم المستمرة حتى يتصور المسيح فيهم، أى إلى أن تتضح صورة المسيح بقوة فيهم،
بعد أن لبسوا المسيح في المعمودية بالإيمان الذي بشرهم به بولس الرسول.

 

وأيضاً
استخدم يوحنا الرسول كلمة “يا أولادى” وكلمة “أيها الأولاد”
كثيراً.. قال: “يا أولادى أكتب إليكم هذا لكى لا تخطئوا وأن اخطأ أحد فلنا
شفيع عند الآب يسوع المسيح البار” (1يو2: 1). وقال أيضاً “يا أولادى لا
نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق” (1يو3: 18).. وكرر كلمة “أيها
الأولاد” في رسالته الأولى (1يو2: 12، 18، 28، 3: 7،5: 21).

 

فمن
يستطيع أن يحارب الأبوة في الكنيسة؟! هل يستطيع البروتستانت أن لا يدعوا آباءهم
الجسديين يا أبى، فلنسأل البروتستانت في جميع أنحاء العالم إن كان يوجد فيهم شخص
واحد لا يقول لأبيه يا أبى فإن كان يقول لأبيه الجسدى يا أبى، فهل كثيراً أن يدعو
الأب الروحى يا أبى؟! وكيف يطبقون الآية التى تقول “لا تدعوا لكم أباً على
الأرض”؟.

 

السيد
المسيح نفسه دُعى أب “لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه
ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام” (إش9: 6).
أبوة السيد المسيح شئ مفهوم بالنسبة لنا وأبوة الكهنة هى أبوة مستمدة من أبوة
السيد المسيح.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى