اللاهوت المقارن

القديسة الطوباوية مريم



القديسة الطوباوية مريم

القديسة
الطوباوية مريم

“لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله
والناس والإنسان يسوع المسيح” (1 تيموثاوس 2: 5)

تصلي
الكنيسة الكاثوليكية لله ولكنها تصلي لمريم أكثر مما لله، كما وأنها تصلي لعدة
قديسين آخرين. وبما أن الكنيسة تعتبر مريم “رئيسة” القديسين، فإننا إذا
أثبتنا أنه من الخطأ الصلاة إليها، حينئذ يكون واضحاً. أيضاً أنه من الخطأ أن نصلي
إلى أي قديس آخر.

يقول
كهنة الكنيسة الكاثوليكية أحياناً إن كنيستهم وحدها هي التي تؤمن بمريم. إن هذا
القول غير صحيح فإن الكنائس الإنجيلية تقدر وتحترم مريم المباركة كأم يسوع بحسب
الجسد. وتؤمن أن مريم مباركة ومحترمة ومطوبة أكثر من أي امرأة أخرى وأنها نقية
ومقدسة، وإن لم تكن كذلك لما اختارها الله لتكون أم طبيعة المسيح البشرية. فقد
أعلى الله شأنها لأنها كانت عذراء صالحة.

تعلم
الكنيسة الكاثوليكية أن مريم ولدت بدون خطية وأنها كانت خالية تماماً من كل خطية.
لكن الكتاب المقدس يخبرنا أن ولادة مريم المباركة كانت بنفس الطريقة كأي إنسان آخر
وبنفس الدوافع والضعفات والضروريات والحدود البشرية وأنها بحاجة إلى خلاص.

يقول
الكتاب المقدس: “المولود من الجسد جسد هو” (يوحنا 3: 6).

“من
يخرج الطاهر من النجس؟ لا أحد” (أيوب 14: 4).

لقد
ورثت مريم المباركة ذات الطبيعة والخطية الأصلية مثل أي شخص آخر. فإن يسوع وحده لم
يرث هذه الطبيعة لأنه كان ابن الله، وقد ولد بدون خطية خلال عملية الروح القدس في
مريم. فلو أن مريم ولدت بدون خطية أصلية فهذا يعني حتماً أن والديها كانا خاليين
هما أيضاً من الخطية الأصلية، لا بل وجدودها وجدود جدودها أيضاً. أليس كذلك؟ هذا
أمر مستحيل وغير معقول ومناقض للكتاب.

“لأنه
لا فرق إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله” (رو 3: 23).

“وهكذا
اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع” (رو 5: 12).

“فقالت
مريم: تعظم نفسي الرب. وتبتهج روحي بالله مخلصي. لأنه نظر إلى تواضع أمته”
(لوقا 1: 46 و 48). أدركت مريم خطيتها الخاصة، وعرفت أنها محتاجة إلى مخلص، وأن
الله كان مخلصها. فإن لم تكن قد ولدت بالخطية لما احتاجت إلى مخلص.

وتعلم
الكنيسة الكاثوليكية أن مريم هي “أم الله” وبذلك تجعلها أم الطبيعة
الإلهية للمسيح. لم تكن مريم أم لاهوت المسيح ولكنها كانت أم الطبيعة البشرية فقط.
وعندما نقول أن مريم هي “أم” الله نعتبرها موجودة قبل الله ونجعل الله
بداية، مع العلم أنها مخلوقة بشرية خلقها الله كباقي الناس. صحيح أن أليصابات قالت
لها: “أم ربي” في لوقا 1: 43، ولكن ذلك لا يعني أنها أم يهوه، “أم
الله” إذ في اللغة اليونانية، لغة الإنجيل الأصلية، كلمة “رب” تشير
إلى يسوع كمولود في العالم وليس إلى يهوه. والقصد الحقيقي من تسمية مريم “أم
الله” هو رفعها وتمجيدها بينما هي مخلوقة بشرية والكتاب المقدس لم يطلق عليها
هذا اللقب.

وتعلم
الكنيسة الكاثوليكية أن مريم قادرة على كل شيء، وأنها غير محدودة في الرحمة، وتصلي
إليها كملكة السماء والملائكة، وتدعوها ملجأ الخطاة وباب السماء وأم الرحمات.
وتعلم أن الخلاص ينال عن طريق مريم وحدها، وهي بالتالي الشفيعة العظيمة بين الله
والإنسان. ولم تعرف هذه التعاليم في القرون الأربعة الأولى ولم يتقرر هذا كعقيدة
إلا عام 1854.

وتطلب
الكنيسة الكاثوليكية من أعضائها وتشجعهم أن يصلوا إلى مريم كرئيسة النجاة، ويدّعون
أنها أقوى من أي شخص آخر وسريعة لنجدة وخلاص الخطاة. ويدّعون أنها لم تمت، ولكنها
اختطفت إلى السماء. وهناك هي ملكة جالسة على عرش الله مع الآب والابن والروح
القدس. وهي الرجاء الوحيد للخطاة، ولا خلاص إلا بها، مع انه لا يوجد حرف واحد من
هذا التعليم في الكتاب المقدس، وهذا يظهر تناقض كنيسة روما مع كلمة الله وبعدها عن
الديانة الحقيقية.

إن
مريم لا تستطيع أن تسمع صلواتنا، ولا أي قديس آخر يستطيع أن يسمعنا، لأنهم لا
يستطيعون أن يروا ويقرؤوا القلوب ويعرفوا كل الأفكار ليميزوا إن كانت الصلاة من
القلب أم لا. وهم لا يستطيعون معرفة القلوب لأن الله فقط يعرف قلوب وأفكار الناس،
فاحص القلوب والكلى.

“فاسمع
أنت من السماء مكان سكناك، واغفر واعمل واعط كل إنسان حسب كل طرقه كما تعرف قلبه،
لأنك أنت وحدك قد عرفت قلوب كل بني البشر” (أخبار الأيام الثاني 6: 30).

لا
يستطيع القديسون الراحلون أن يسمعوا الصلاة، “أما الموتى فلا يعملون شيئاً،
وليس لهم أجر، لأن ذكرهم نسي… ولا نصيب لهم بعد إلى الأبد في كل عمل تحت
الشمس” (جا 9: 5، 6).

خلق
الله مريم كباقي البشر وعبادة المخلوق والصلاة إليه تعتبر خطية. تقول كلمة الله
المقدسة إن الغضب سيستعلن على “الذين استبدلوا حق الله بالكذب واتقوا وعبدوا
المخلوق دون الخالق، الذي هو مبارك إلى الأبد” (رومية 1: 25).

تصلي
الكنيسة الكاثوليكية إلى الله كما تصلي إلى مريم وباقي القديسين، ولكنها تنسى أن
الله لا يريد عبادة مجزءة ومقسمة، وهو يمنعنا من عبادة أي مخلوق من خليقته. إنه لا
يقبل مريم شريكة له ولم يقسم مجده معها. يقول النبي أشعيا 42: 8 “أنا الرب
هذا اسمي، ومجدي لا أعطيه لآخر، ولا تسبيحي للمخلوقات”. تكلمت مريم عن حالتها
المتواضعة وعن المسيح مخلصها عندما قالت: “تبتهج روحي بالله مخلصي، لأنه نظر
إلى تواضع أمته” (لوقا 1: 47، 48).

الصلاة
لمريم خطية، فليس بوسع مريم أن تستجيب، إذ أنها لا تسمع. إن عملها قد انتهى عندما
ولد يسوع منها في الجسد واعتنت بحاجاته الزمنية عندما كان على الأرض. وهي محتاجة
إليه كما كان كل واحد من الرسل أمام المسيح (اقرأ مرقس 9: 14 – 25).

لم
يكن لمريم علاقة بعمل المسيح ورسالته على الأرض ولم يكن لها تأثير عليه في شيء.
وعندما حاولت أن تؤثر عليه لم يعمل بحسب إرادتها، وقد حاولت ذلك ثلاث مرات: أول
مرة في لوقا 2: 48 – 49 والثانية في مرقس 3: 31 – 33 والثالثة في يوحنا 2: 3 – 4.

وليس
في السجل المقدس إلا وصية واحدة لمريم، وهي أن نطيع أوامر الرب يسوع: “مهما
قال لكم فافعلوه” (يوحنا 2: 5). لم تطلب من أي إنسان أن يأتي أو يطلب إليها،
فقد عرفت أن يسوع هو ابن الله ومخلص العالم الوحيد، وأرادت من كل شخص أن يطيعه
ويخدمه ويثق به للخلاص كما عملت هي. فهو المخلص والشفيع والمحامي.

“لأنه
يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح، الذي بذل نفسه
فدية لأجل الجميع” (1 تي 2: 5، 6).

“وليس
بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن
نخلص” (أعمال الرسل 4: 12).

“قال
له يسوع: أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي” (يوحنا
14: 6). إن الطريقة الوحيدة التي تأتي فيها إلى الآب هي بواسطة المسيح والذين
يثقون بغير يسوع للخلاص سيهلكون إلى الأبد.

“عطية
البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح” (رو 5: 17).

“لنا
شفيع عند الآب يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط بل لخطايا
كل العالم أيضاً” (1 يوحنا 1: 1 – 2).

“فمن
ثم يقدر (يسوع المسيح) أن يخلص إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حي في
كل حين ليشفع فيهم” (عبرانيين 7: 25).

إن
المسيح وحده هو كوكب الصبح المنير، الذي قال “أنا أصل وذرية داود. كوكب الصبح
المنير” (رؤ 22: 6). هو النور الحقيقي الوحيد، والذين يتبعونه بحسب وعده لا
يسيرون في الظلمة ولكنهم سينالون نور الحياة. قال يسوع: “أنا هو نور العالم،
الذي يتبعني لا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة” (يوحنا 8: 12). يسوع
وحده هو نور العالم، وهو وحده باب الخراف. قال يسوع: “أنا هو الباب. إن دخل
بي أحد فيخلص” (يوحنا 3: 9). نرى بأن يسوع يوبخ الذين يذهبون إلى غيره، فقد
قال: “الحق الحق أقول لكم إذ الذي لا يدخل من الباب إلى حظيرة الخراف، بل
يطلع من موضع آخر، فذاك سارق ولص” (يو 10: 1). يجب أن ندخل السماء من خلال
الباب الوحيد، يسوع المسيح حتى نخلص ولكن الذين يحاولون التسلق من مكان آخر
سيطرحون خارجاً في الظلمة الأبدية كاللصوص وقطاع الطرق.

المسيح
وحده هو رجاء الخطاة، لا مريم.

“طوبى
لمن رجاؤه على الرب إلهه” (مز 146: 5).

“أنت
رجائي يا سيدي الرب” (مز 71: 5).

“مبارك
الرجل الذي يتكل على الرب” (إرميا 17: 7).

“الرب
ملجأ لشعبه” (يوئيل 3: 16).

“ربنا
يسوع المسيح رجاؤنا” (1 تي 1: 1).

“المسيح
فيكم رجاء المجد” (كولوسي 1: 27).

“إيمانكم
ورجاؤكم هما في الله” (1 بط 1: 27).

لا
يسجل الكتاب المقدس شيئاً عن ألوهية مريم ولا صفاتها كسلطانة ورئيسة. لم يخبرنا
يسوع ولا التلاميذ أن نصلي إلى مريم.

نحن
لسنا بحاجة إلى مريم ولا إلى أي إنسان، ولكن حاجتنا الوحيدة هي إلى الرب يسوع
المسيح، وحده الشفيع بين الله والإنسان، وهو إله محب ويريد مساعدة أولاده بكل
طريقة صالحة.

“الله
محبة” (1 يو 4: 8).

“الرب
إله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الإحسان والوفاء” (خروج 34: 6).

“رحمتك
عظيمة” (مزمور 57: 10).

“لأنك
أنت يا رب صالح وغفور وكثير الرحمة لكل الداعين إليك” (مزمور 86: 5).

“لأن
الرب صالح. إلى الأبد رحمته، وإلى دور فدور أمانته” (مز 100: 5).

فلنسمع
المسيح المخلص الوحيد يقول لكل خاطئ: “الحق الحق أقول لكم إن كل ما طلبتم من
الآب باسمي يعطيكم. إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي. اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم
كاملاً” (يوحنا 16: 23 و 24).

“ومهما
طلبتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد الآب بالابن. إن سألتم شيئاً باسمي فإني
أفعله” (يوحنا 14: 13 و 14).

“تعالوا
إلي أيها المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم” (متى 11: 28).

هل
تريد أن تخسر نفسك؟ حينئذ ضعها عند غير يسوع!

هل
تريد أن تخلص نفسك؟ إذاً ضعها بين يدي يسوع. لقد أضاعت مريم يسوع عندما كان صبياً
في هيكل أورشليم، ولم تعرف أين تجده وفتشت عليه مدة طويلة حتى وجدته. وهي ستضيع كل
نفس تثق بها الآن، ليس لأنها تريد ذلك، ولكن لأنه ليس بوسعها أن تخلص البشر. لكن
يسوع سيخلص إلى النهاية كل الذين يأتون إلى الله باسمه.

يحسن
بالمسيحي إذاً أن يستبدل صلاة “السلام عليك يا مريم” بصلاة ليسوع رب
المجد: تكون في انسجام مع إرادته الإلهية ومع كلمته المحيية، إذا كانت هكذا:
“مبارك أنت يا يسوع ابن الله، مخلص العالم، الذي أحببتنا نحن الخطاة، وأسلمت
نفسك لأجلنا. اغفر لنا خطايانا وخلصنا الآن وفي ساعة موتنا. آمين”.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى