اللاهوت المقارن

69- فلك نوح والطوفان، من رموز المعمودية في العهد القديم



69- فلك نوح والطوفان، من رموز المعمودية في العهد القديم

69- فلك نوح والطوفان، من رموز المعمودية في
العهد القديم

أمر
الله نوح أن يبنى فلكاً. وذلك بسبب حدوث طوفان على وجه الأرض “فقال الله لنوح
نهاية كل بشر قد أتت أمامى لأن الأرض امتلأت ظلماً منهم، فها أنا مهلكهم مع الأرض.
اصنع لنفسك فلكاً من خشب جُفرٍ..” (تك6: 13، 14).

 

لقد
استغرق بناء الفلك ما يقرب من 120 سنة. و في أثناء هذه الفترة كان باقى الشعب
يستهزئ بنوح لأنه يقوم ببناء سفينة الفلك على الأرض اليابسة حيث لا يوجد ماء من
حوله. ولكن نوح كان له الإيمان بأن الخلاص سيتم بواسطة الفلك. وبالفعل دبر الله
الطوفان ولم ينجُ منه غير نوح وامرأته وأولاده الثلاث بزوجاتهم؛ أى ثمانى أنفس فقط
هم الذين خلصوا.

 

لقد
كان الطوفان رمزاً للخلاص بالمعمودية وهو أمر لا يقبل المساومة عند الله.
“وكان الطوفان أربعين يوماً على الأرض. وتكاثرت المياه ورفعت الفلك. فارتفع
عن الأرض.. فمات كل ذى جسد كان يدب على الأرض” (تك7: 17-21).

 

وأخذ
نوح من الحيوانات الطاهرة سبعة أزواج لكى يقدم منها ذبائح للرب، ومن الحيوانات
الغير طاهرة زوجاً واحداً لكى يجدد الحياة مرة أخرى على الأرض “ومن البهائم
الطاهرة والبهائم التى ليست بطاهرة. ومن الطيور وكل ما يدب على الأرض. دخل اثنان
اثنان إلى نوح إلى الفلك ذكراً وأنثى كما أمر الله نوحاً” (تك7: 8، 9).

 

لقد
كانت جميع الحيوانات تطيع نوح لأن الروح القدس كان قد أعطاه –كنبىٍ- القوة
والحكمة، وكيفية التصرف، كما أعطاه سلطاناً على هذه الكائنات. أما الأشرار الذين
لم يقبلوا كرازة نوح فإنهم لم يخلصوا من الطوفان.

 

وقد
ربط معلمنا بطرس الرسول بين الفلك والمعمودية وقال: ” في أيام نوح إذ كان
الفلك يبنى الذي فيه خلص قليلون أى ثمانى أنفس بالماء، الذي مثاله يخلصنا نحن الآن
أى المعمودية” (1بط3: 20، 21).

 

وعندما
أراد نوح أن يعرف إن كانت الحياة قد بدأت تدب على الأرض مرة أخرى أم لا، أرسل
حمامة فعادت ومعها غصن زيتون إشارة بأن الحياة قد بدأت تعود مرة أخرى على الأرض .
فاستطاع نوح وأسرته بالإيمان أن يعبروا في الطوفان دون أن يموتوا، فخرج من داخل
الموت؛ حياة.. وهذه هى فلسفة المعمودية أو معنى المعمودية..

 

لذلك
شرح قداسة البابا شنودة الثالث في كتاب “اللاهوت المقارن” إن المعمودية
لازمة للخلاص لأنها شركة في موت المسيح.. لأنها إيمان بالموت كوسيلة للحياة..
واعتراف بأن أجرة الخطية هى موت؛ فالإنسان يدفن بالمعمودية لكى يبدأ حياة جديدة..
أى يُدفن الإنسان العتيق بالمعمودية، ويخرج الإنسان الجديد.

 

*
ففلك نوح كان رمزاً لجسد يسوع المسيح.. وبتقديم جسد يسوع ذبيحة على الصليب؛ خلصنا
نحن من طوفان بحر العالم، ومن الهلاك الأبدى.

 

*
والحمامة التى دخلت الفلك من الطاقة، هى مثل الروح القدس الذى استقر بهيئة جسمية
مثل حمامة على رأس السيد المسيح في مياه نهر الأردن.

 

*
وغصن الزيتون يرمز إلى زيت الزيتون، وزيت الزيتون هو الذي يستخدم في المسحة
المقدسة في الميرون.. يُرشم المعمد بزيت الميرون المقدس الذي فيه مسحة الروح القدس
بعد العماد، وبذلك يكون ممسوحاً بالروح القدس، ولذلك يدعى “مسيحياً”..

 

فلقب
“إنسان مسيحى” يقترن بفكرة إنه قد تعمد ومُسح بالمسحة المقدسة، وأيضاً
نسبة إلى السيد المسيح الذي هو مسيح الرب الذي مُسح من أجل إتمام الفداء..

 

وبهذا
نرى أن الطوفان يرمز للمعمودية، والحمامة حاملة غصن الزيتون ترمز إلى سر الميرون
الذي يعقب المعمودية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى