علم التاريخ

36- الجامعات الناشئة



36- الجامعات الناشئة

36- الجامعات الناشئة

هذة
التيارات جميعها جعلت الغرب الأوروبي ينشغل عن الكنيسة وتعاليمها وقيودها، ويتجه
نحو حياة اكثر حرية وارحب أفقا وهكذا أحباء وقت اخذ صالح الدولة يبدو اكثر كراهية
من صالح الكنيسة، كما بدأ يسري شعور بان واجب الفرد نحو دولته ووطنه ينبغي، يسبق
واجبه نحو الكنيسة، مما جعل السياسة العلمانية تشكل خطراً جسيماً علي السياسة
الكنيسية.

 

وهناك
فترة في القرن الرابع عشر ظهر فيها تدهور نفوذ البابوية واضحاً بحيث لم يبق لها
سوي القليل من سلطانها الواسع الذي كانت علية في القرن السابق وهذه الفترة ما بين
سنتي 1305- 1377 التي يطلق عليها الإيطاليون الكاثوليك فترة (الآسر البابلي) حيث
كانت البابوية خلالها مقيمة في افيينون شبه أسيرة بحكم خضوعها للملكية الفرنسية،
بعيدة عن مقرها التقليدي في روما، وكانت مسبة تماما كما كان الشعب اليهودي مسبباً
في ارض بابل لمدة سبعين سنه في العهد القديم

 

واول
الباباوات الذين عاصروا فترة السبي هو البابا كلمنت الخامس
Pope Clement V وقد اختاره الكاردنيالات لمنصب البابا لانه كان واحدا من أنبل
الرعايا الذين كانوا يدينون للملك إدوارد الأول ملك انجلترا، وكانوا يعتقدون انه
لهذا السبب سيسلك سبيلاً مغايراً الخط الذي يريده ملك فرنسا مضحياً في سبيل ذلك
بالكثير.

 

وقد
أعلن هذا البابا في اجتماع في عام 1309 انه قد نقل مقرة الي اقينون علي ساحل الرون
وهي مدينه لا يفصلها عن فرنسا سوي مجري النهر وبقاء البابا في هذا المنفي
الاختياري افقد البابوية تأثيرها ومكانتها في أذهان الناس وضمائرهم، وكان الانتقال
أيزانان بضياع نفوذ البابوية وسلطانها وكان هذا رد الفعل لدي الرأي العام في كل
مكان في أوروبا حتى لدي أولئك البسطاء الذين لم يكن لديهم ادني حظ من الثقافة أو
القدرة علي التفكير.

 

ولقد
لعبت السلطات الحاكمة في فرنسا الدور الأكبر في الحط من قدر البابوية في نظر الناس
بجانب ما نالها من تحقير، نتيجة للفساد الذي كان قد امتد إلى القصر البابوي نفسه
كما خسرت البابوية البقية الباقية من الكرامة بسبب الطمع الشديد الذي اتسم به
باباوات افينون.

 

وكانت
أوروبا قد عانت الكثير في ظل بابوية العصور الوسطي، وأن لها، تتمرد، وبدلاً من
حاله الضياع والاتضاع والخضوع التي سادت عليها في فترة طفولتها السياسية بدأت
تتململ إذا أحست أنها تخطت مرحله الطفولة إلى مرحله النضج الفكري.

 

وقبل،
نسترسل فيما أصاب البابوية لنا وقفه لذي الفرق الكبير بين أحوال الكنيسة
الكاثوليكية في الغرب الأوروبي وبين أحوال كنيستنا في مصر في هذه الفترة، ففي
الوقت الذي انفجرت الكنيسة الأوربية من شده الشبع وتخمه ألا رصده المالية والنفوذ
السياسي والروحي، كانت كنيستنا تحت وطأة الضغط السياسي والاجتماعي عليها يأكلها
الفقر وينهشها الاضطهاد ورغم كل هذا كانت تخرج من داخلها جذوا وعنقوا أباء حاذقون
في العبادة لهم صلواتهم ولهم مؤلفاتهم في كل نواحي المعرفة الدينية والعلمية،
والتصقوا بالشعب وشجعوه علي ما كان يعانيه، وقدموا له الزاد الروحي والتشجيع
الأدبي.

 

انتجت
الكنيسة والمجتمع المسيحي في مصر إنتاجا غزيراً من الروحيات وحافظت علي التراث
أضافت إلية، فسرت الكتاب والأهازيج والتراتيل الروحية، فاضت الصحراء بالرهبان وزاد
عدد المصلين في الكنائس، وكان الضغط عليها جعلها تفرز زيت البركة الذي رصدته لنعيش
ألان علي بركته. لم يكن هناك تأمل بين رجال الدين وبين الشعب ولم يبرح الكتاب
المقدس أيدي العامة في حين حرم عليهم في أوروبا امتلاكه.

 

لم
تكن كنيسة تقودها ملائكة وانما كان من بين قادتها من كانوا أصحاب سلبيات ولكن كان
الشعب هو الواعي والحكم وكانت الاراخنة في الكنيسة يتعادلون في جب معهم لتسير
الكنيسة في مجراها السليم.

 

أننا
ندرس تاريخ الكنيسة في أوروبا لا للتشفي ولا كشف عوزه كنيسة شقيقة وانما لتكون
مقياساً لنا لنعرف أين نحن من الحق ونعرف الحق والحق يحررنا. ثم كان، تدهور مركز
البابوية وتدهور واضحاً من القرن الرابع عشر نتيجة للأسر البابلي والانشقاق الديني
الاكبر والمجامع الدينية التي وقفت من البابوية موقفاً عنيداً، مما رتب عليه نمو
الحركات الهرطقية وازدياد عدد اتباعها، ولم تكن كل هذه الحركات التي ظهرت علي
المسرح الأوروبي في القرن 14 جديدة وانما كان بعضها قديماً مثل الوالدنسيون الذين
تم إخماد حركتهم في القرن 12 في جنوب فرنسا قرب الحدود الأسبانية ولكنهم ظلوا
أقوياء في المناطق الواقعة شرقي نهر الرون حيث كان مركزهم الرئيسي حول مدينة ليون.
وكذلك كان الالبيجنسنيين ينتشرون في غرب أوروبا مرة أخرى، وظهرت هناك حركة أخرى
شهدها غرب أوروبا في القرنين 14، 15 هي حركة السياطيين التي جاءت وليدة الذعر الذي
أصاب الشعب عند انتشار الطاعون، واعتقدوا، هذا الوباء الأسود مظهر الغضب وانه لا
سبيل إلى النجاة من ذلك الغضب ألا بتعذيب النفس وضرب الجسد بالسياط، وقد بلغ هذا
التعذيب درجة من التطرف جعلتهم يضربون أنفسهم بسياط ربطت أطرافها بقطع من الحديد
معتقدين، من يواظب علي هذه العملية 33 يوماً ونصف يوم فانه يضمن تطهير نفسه من
جميع ما تعلق به من الأثام، وهكذا انتشرت جماعة السياطيين رجالاً ونساء يوقعون علي
أنفسهم هذا الجزاء ويقتلون كل من يعارضهم من اليهود أو رجال الكنيسة حتى صدر قرار
بابوي بالقضاء عليهم عام 1249 وأن كان قد ظلت مستمرة حتى القرن 15.

 

ولكن
هل كانت الكنيسة التي سارت إلي طريق سدود بهذا الشكل لم يكن فيها من يصلحون من
شانها؟

لا
بل كان فيها من حاولوا ذلك.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى