اللاهوت المقارن

33- زوائد القديسين | زوائد الفضائل



33- زوائد القديسين | زوائد الفضائل

33- زوائد القديسين | زوائد الفضائل

نحن
مؤمن بالقديسين، وببركتهم وشفاعتهم، ونمجد حياتهم الفاضلة، ونحتفل بأعيادهم، وندشن
أيقوناتهم، ونبنى الكنائس على أسمائهم، ونتلو قصصهم في كتاب السنكسار أثناء
القداسات على المؤمنين، ونذكرهم في ألحاننا وفي القداس الإلهى. ولكننا على الرغم
من كل ذلك نسأل:

 

1-
هل يمكن أن تكون للقديسين زوائد؟ أو زوائد فضائل؟

إن
المطلوب هو الكمال، فهل زاد أحد من القديسين على الكمال؟

يقول
ربنا يسوع المسيح في العظة على الجبل “فكونوا أنتم كاملين، كما أن أباكم الذي
في السموات هو كامل” (متى5: 48). فهل أستطاع أحد من القديسين أن يصل إلى هذا
الكمال المطلوب؟! هوذا القديس بولس الرسول يقول ” إن المسيح جاء إلى العالم،
ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا” (1تى1: 15). والقديس يوحنا الرسول يقول ”
إن قلنا إنه ليس لنا خطية، نصل أنفسنا وليس الحق فينا” (1يو1: 8). والقديس
يعقوب الرسول يقول ” لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنا” (يع3: 2). وهوذا
الرب نفسه يقول:

 

متى
فعلتم كل ما أمرتم به، فقلوا إننا عبيد بطالون” (لو17: 10).

 

 من
فينا تمم جميع الوصايا، ووصل إلى رتبة عبيد بطالين؟! فإن كنا لم نفعل بعد جميع ما
قد أمرنا الرب به، فأين هو الكمال إذن. ولا أقول أين هي الزوائد؟ فلنسمع القديس
بولس الرسول يقول:

 

“ليس
إنى قد نلت أو صرت كاملاً، ولكنى أسعى لعلى أدرك” (فى3: 12).

 

ويكرر
العبارة قائلاً “أنا لست أحسب نفسى أنى قد أدركت، ولكنى.. أمتد إلى ما هو
قدام، أسعى نحو الغرض” (فى3: 13، 14). فإن كان هذا القديس الذي تعب أكثر من
جميع الرسل (1كو15: 10)، وصعد إلى السماء الثالثة (2كو12: 2، 4) يقول إنه لم يصل
إلى الكمال، ولم يدرك، وإنه لا يزال يسعى لكى يدرك. فهل يعقل أن نقول عن قديس إن
زوائد؟ أو أن له فضائل فوق المستوى المطلوب؟!

 

فإن
كان هذا المعنى غير مقبول، ننتقل إلى الآخر:

 

2-
هل يعقل أن إنساناً ينال غفراناً فوق احتياج خطاياه، فيزيد عن حاجته؟!

 

وإن
كانت خطاياه كلها قد غفرت. فما معنى أن تمنحه الكنيسة غفراناً ليس هو في حاجة إليه،
فيزيد عن احتياجه ويبقى رصيداً يستخدمه لصالح غيره من النفوس المطهرية!! وإن كان
في غير حاجة إلى غفران، فلماذا يطلب مغفرة خطاياه كل يوم في الصلاة الربانية.

 

بصراحة
إن عبارة زوائد القديسين، هي عبارة زائدة.

 

يبقي
بعد ذلك التفسير الثالث لزوائد القديسين وهو:

 

3-
إن هذا القديس تلا تلاوات كثيرة أخذ عليها غفرانات، وزار كثيراً من الأماكن
المقدسة التي تحسب لها غفرانات، وأصبح له من كل ذلك رصيداً يسمى زوائد.

 

والأمر
لا يتعلق بفضائل زائدة، ولا بخطايا مغفورة!

 

وكل
إنسان يستطيع أن يقوم بمثل هذه التلاوات والزيارات والاحتفالات المقدسة، ويكون له
رصيداً من غفرانات لا يحتاج إليها. ويبقى اللاهوتى يحتاج إلى تفسير.. ثم نسأل
سؤالاً آخر:

 

4-
هل يمكن لإنسان أن يعطى من زوائد لغيره؟

 

ويجيب
الرب عن هذا السؤال في مثل العشر عذارى: حيث قالت الخمس الجاهلات للخمس الحكيمات
“أعطيننا من زيتكن فإن مصابيحنا تنطفئ”. فأجابت الحكيمات قائلات ”
لعله لا يكفى لنا ولكن. بل أذهبن إلى الباعة وأبتعن لكن” (متى25: 8، 9). في
مسألة الخلاص والمغفرة لابد من التوبة لكل أحد. وإلا فإن “بر البار عليه يكون.
وشر الشرير عليه يكون” (حز18: 20).

 

5-
كل ما نقوله إن القديسين يتشفعون. ولكن لا يعطون من (زوائد!) لآخرين..

 

لا
أحد من القديسين له زوائد. ولا فضائل أحد يمكن أن تعطى لغيره.. إنما هم يشفعون..
ولعل البعض هنا يسأل: ألم يتفوق القديسون على غيرهم ويزيدون؟ نقول نعم، من جهة
المقارنة بغيرهم يزيدون عن غيرهم. ولكنهم أمام الله لم يصلوا بعد إلى الكمال
المطلوب، كما قال بولس عن نفسه (في 3: 12- 14).

 

6-
كما أن تفوق القديسين لا يوهب للغير، إنما له منزلته، وله أكاليله.

 

وفي
هذا يقول الكتاب إن ” نجماً يمتاز عن نجم في المجد” (1كو15: 41). وقال
بولس الرسول عن نفسه وجهاده ” وأخيراً وضع لى أكليل البر الذي يهبه لي في ذلك
اليوم الرب الديان العادل..” (2تى4: 8). بولس أخذ إكليل الجهاد، وإكليل
البتولية، وإكليل البر، وأيضاً إكليل الشهادة. وقديسون آخرون بعضاً من هذه
الأكاليل، كل حسب مرتبته. ولكنهم لم يهبوا من أكاليلهم لآخرين.

إنما
هم يصلون من أجلنا، وصلاة البار تقتدر في فعلها (يع5: 16).

إنهم
يعطوننا من بركتهم وصلواتهم. وليس من زوائد!

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى