بدع وهرطقات

3 – كرازتهم المُضلّة ودحضها



3 – كرازتهم المُضلّة ودحضها

3 – كرازتهم المُضلّة ودحضها

«لأَنَّهُ
سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ
شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً
مَسَامِعُهُمْ، فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى
الْخُرَافَاتِ» (2 تيموثاوس 4: 3-4).

 

تصوّر
لنا العبارات أعلاه حالة العالم، الذي أخذ يعير سمعه لسفسطات شهود يهوه، الذين
يقدمون له تعاليم مبتدعة تتّفق مع الميول الجسدية، وتنسجم مع النزعات المخالفة
لنواميس الله. ولكي يبلغوا الغاية التي تطوّعوا من أجلها، عبّأوا كل طاقاتهم
الفكرية لجذب الناس إلى فخاخهم. وتحقيقاً لذلك، أخذوا لأبحاثهم عناوين ضخمة من
الكتاب المقدس، وحشوها بعبارات اقتطعوها منه، وتصرّفوا بها بحذف بعض ألفاظها،
وتحوير معانيها، متنقلين بين ترجمات الكتاب المتعددة.

مقالات ذات صلة

 

أمّا
طريقتهم في تفسير ما جاء في الكتاب المقدس فغريبة جداً. فأول شيء، يرفضون كل فكرة
ترمي إلى التمييز بين العهد القديم والعهد الجديد. إذ يقولون إنّ الناس يرتكبون
خطأ فادحاً بإعطائهم اسم العهد القديم للأسفار المكتوبة بالعبرية. الكتاب المقدس،
ليس فيه عهدان (الحق يحرّركم صفحة 192-193).

 

وفي
تفاسيرهم نجد خلطاً بين المذهبين العقلي والإشراقي، مما يجعل المتتبع تفاسيرهم في
حالة بلبلة.

 

«المذهب
العقلي: مذهب فلسفي يعتمد بشكلٍ أساسي وكلّي على العقل دون الحاجة إلى فلسفات أخرى
لأنّ العقل هو مصدر كل معرفة».

 

«المذهب
الإشراقي: مذهب فلسفي مرتكز على فلسفة الإشراق، أي أنّ العالم يفيض عن الله
(الأفلاطونية الحديثة) وحكمة الفلسفة المشرقية شاملة».

 

وفي
مباحثاتي معهم، تبيّن لي أنهم استولوا على طائفة من النصوص الكتابية التي لها صلة
بعقائد المسيحيين بعد تجريدها من قرائنها، حتّى إذا جابههم مسيحي مخلص بآيات تهدم
نظرياتهم، لجأوا إلى تلك الآيات، لإقامة أي جدل يسعفهم للتخلّص من المأزق الحرج.

 

في
ما يلي نماذج من زوانهم المبذور، مع الحجج الكتابية، التي تسقط القناع الجذاب الذي
ألبسوه لأبحاثهم:

 

 أولا:
ملكوت الله (العالم الجديد – التيوقراطية)

«إنّ
ذوي الإرادة الحسنة من الناس الذين ينتظرون العيش على أرض العالم الجديد قد تحرروا
من كل عاطفة تربطهم بالعالم القديم الشيطاني، وذلك رغبة منهم في الحياة على أرض
العالم الجديد، حتى أصبح الملكوت بالنسبة لهم أهم ما في حياتهم على الإطلاق» (ليكن
الله صادقاً صفحة 137).

 

الواقع
أنّ كرازة شهود يهوه تكاد تقتصر على المناداة بالملكوت، ضاربين صفحاً عن كل ما له
علاقة بوجوب التوبة والقداسة، التي بدونها لا يقدر أحد أن يرى الرب.

 

صحيح
أنّ الإنجيل أمر بوجوب الكرازة باقتراب ملكوت الله، وأنّ ربنا المبارك أوصانا أن
نطلب أولاً ملكوت الله وبرّه. على أنّ دخول هذا الملكوت، متوقّف على الولادة من
فوق. فقد قال الرب يسوع للفريسيّ نيقوديموس: «الحَقَّ الحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ
كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللّهِ»
(يوحنّا 3: 3).

 

لقد
سبق لرجل الله يوحنّا المعمدان أن بشّر بملكوت الله أيضاً. ولكنّه استهلّ كرازته
بكلمة التوبة: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ» (متّى
3: 2).

 

منذ
سنوات اقتحم منزلي أحد فتيان شهود يهوه وبشّرني بالملكوت، دون أن يذكر التوبة.
فقلت له: أنت تكلّمني عن شيء اسمه ملكوت الله. وأنا تلقّيت من المسيح هذا التأكيد:
«إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ
اللّه» (يوحنّا 3: 3) فأنت تحمّل نفسك مسؤولية كبرى بدعوة الناس إلى ملكوت لا
يستطيع أحد أن يصير من رعاياه إلا إذا تاب عن خطاياه وولد من الله. فهل أنت تائب؟
فأجاب: «أنا لست بتائب، ولا أظن أنّ عدم توبتي يمنعني من أن أكون شاهداً ليهوه
ومبشراً بالملكوت». فقلت: وماذا تعمل بالقول الإلهي: «وَلِلشِّرِّيرِ قَالَ اللّه:
«مَا لَكَ تُحَدِّثُ بِفَرَائِضِي وَتَحْمِلُ عَهْدِي عَلَى فَمِكَ، وَأَنْتَ قَدْ
أَبْغَضْتَ التَّأْدِيبَ وَأَلْقَيْتَ كَلاَمِي خَلْفَكَ. إِذَا رَأَيْتَ سَارِقاً
وَافَقْتَهُ وَمَعَ الزُّنَاةِ نَصِيبُكَ؟» (مزمور 50: 16-18). سمع هذا فغضب، ثم
خرج مسرعاً، ولم يعد.

 

ولشهود
يهوه طريقة فذّة في تحوير ألفاظ الكتاب المقدس حتى يجعلوها تسند آراءهم في موضوع
الملكوت. فمثلاً بعد جولة طويلة وبهلوة بارعة بين ترجمات الكتاب المقدس، ومرورهم
بكتاب الديكلاط، خرجوا بالآية 3: 16 من إنجيل يوحنّا، وقد ألبسوها ثوباً جديداً
تناوله الحذف والتحوير، والإضافة حتى صارت الآية هكذا: «إنّ الخالق العظيم نفسه
أحبّ العالم الجديد، إلى هذا الحد، حتى أنه أعطى ابنه الوحيد وعيّنه ملكاً فيه
وعليه» (ليكن الله صادقاً صفحة 158).

 

 ثانيا:
نهاية العالم (معركة هرمجدون)

يعلّقون
على هذه النبوة الواردة في سفر رؤيا يوحنّا 16: 16 بعبارات تثير الهلع في القلوب،
إذ يتكلّمون في تفسيراتهم عن انقلابات مخيفة ستمر بالعالم. وهذا ما جاء في النشرة
«تحذير» التي دبجتها يراعة (حماقة) القاضي رتفورد، خليفة شارل رسل: إنّ ويلات
معركة هرمجدون «هرمجدون اسم عبري معناه جبل مجدّو الذي يقع في مرج ابن عامر في
فلسطين» ستكون هائلة ومخيفة جداً، حتى ليعجز اللسان عن وصفها. في الواقع أنّ
العالم يقف اليوم أمام كارثة لم يسبق لها مثيل في التاريخ، حتى أخذ رجال الفكر
يبذلون الجهود الجبارة لكي يكشفوا عن أسبابها، وعن أنجع الطرق للخروج منها، فمن
لهم بمخبر؟ (تحذير صفحة 3و6).

 

على
هذه الصورة يمهّدون السبيل لتعليم النفوس المضطربة طريقاً للخلاص، موحى بها من أبي
الكذابين إبليس، «ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ
يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ» (يوحنّا 8: 44).

 

ثالثا:
طريق الخلاص

نقرأ
أيضاً في هذه النشرة: «لقد وعَد يهوه أن يمنح كل من يفتش عن البرّ ملجأً أميناً
يركن إليه في أثناء الانقلابات المخيفة، التي ستحل بالعالم قريباً. وتبعاً لذلك،
أوكل الله نشر هذه الرسالة إلى أناس يطيعون الوصايا الإلهية، حتى بواسطتهم يستطيع
كل من يرجو نوال البرّ، أن يجد طريق الخلاص» (صفحة 4 و5).

 

«إنّ
سيطرة الشيطان وقواه، وصلت إلى نهايتها. بينما سلطة المسيح ملك البر قد ابتدأت،
بحيث أنّ الذين يهربون باتجاه الملكوت سيحيون، وسيحصلون على التبرير باسم يهوه».

 

فيا
لها من مزاعم تقف بنا أمام تناقض هائل بين تعليم شهود يهوه المعقّد العسر الفهم،
وبين تعليم الكتاب المقدس السهل، الذي يبسط طريق الخلاص بغاية من الوضوح، إذ يقول:
«لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ» (أفسس 2: 8) فليتنا نحترس
لأنفسنا من التفاسير الخادعة، التي تحاول أن تغيّر وجه الحق وتوقع بالبسطاء.
ولنذكر قول الرسول بولس: «أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ
بِمَكْرِهَا، هكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ»
(2 كورنثوس 11: 3).

 

ولربّ
مستوضح يسأل: إذاً ما هو طريق الخلاص الحقيقي الذي عيّنه الإنجيل؟ إنّه ربنا
ومخلصنا يسوع المسيح الذي قال: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ.
لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي» (يوحنّا 14: 6).

 

والمؤسف
في الأمر، أنّه فيما يوجّه الكتاب المقدس الأنظار إلى شخص ربنا يسوع، يطلب شهود
يهوه بإلحاح الانتساب إلى منظمتهم، مدّعين بأنها الوسيلة الوحيدة التي تتيح الخلاص
(ليكن الله صادقاً ص43)، بينما الكتاب المقدس يشير إلى يسوع، ويقول صراحة:
«وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ،
قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أعمال الرسل 4:
12).

 

وهناك
نقطة مهمة تجب الإشارة إليها، وهي أنّ شهود يهوه يربطون بين الخلاص بالانتساب إلى
شيعتهم وبين الغاية من مجيء المسيح الثاني (ليكن الله صادقاً صفحة 329)، وهذا
الزعم ليس له نصيب من الحقيقة، لأنّ الخلاص صار للبشر نتيجة مباشرة لمجيء المسيح
الأول، ليصنع الفداء بذبيحة نفسه. ولنا في العبارة الأخيرة التي تلفّظ بها المسيح
على الصليب «قَدْ أُكْمِلَ» (يوحنّا 19: 30) أكبر الأدلّة على أنّ الخلاص أُكمل
بمجيء المسيح الأوّل.

 

ويقيناً
أنّه لا توجد عبارة في الكتاب المقدس، تقول إنّ الرب يُرجئ خلاصنا إلى أن تنتهي
سلطة إبليس على الأرض. لأنّ برّه وحقّه يأبيان ترك البشر عرضة للحيرة، أو تحت رحمة
تفاسير شهود يهوه. يكفي أن نفتح الكتاب المقدس لكي تطل علينا آياته البيّنات التي
تؤكد لنا أنّ المسيح بذبيحة نفسه «قَدْ أَكْمَلَ إِلَى الأَبَدِ المُقَدَّسِينَ»
(عبرانيين 10: 14).

 

 رابعا:
الكنيسة الحقيقية

يقولون:
«جاء في سفر الرؤيا بدون أي غموض أنّ عدد المقبولين في الكنيسة السّماوية سيكون
بحسب القرار الإلهي 144000. وهذا يعني أنّ الكنيسة الحقيقية مقتصرة على هذا العدد
من المختارين، الذين هم (جسد المسيح) أو عروس الحمل. أمّا بقية الخلائق الأخرى ممن
يحصلون على الحياة من الله، بفضل الأعمال الحسنة التي يؤدونها للملكوت السماوي،
فلن يكونوا من الكنيسة، وإنما سيسكنون هذه الأرض التي ستحكمها السّماء بواسطة
المسيح وكنيسته» (ليكن الله صادقاً صفحة 121).

 

هل
هذا ممكن؟ هل نستطيع أن نصدّق هذا عن الله الفائق الحب؟ وهل يليق ببره وحقه أن
يقصر عدد المخلَّصين على هذا النحو، الذي لا يقره المنطق السليم؟ حاشا لله أن
يقرّر هذا! وإلا فما معنى قوله: «اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ
أَقَاصِي الأَرْضِ لأَنِّي أَنَا اللّه وَلَيْسَ آخَرَ» (إشعياء 45: 22).

 

ومن
منّا لم يقرأ قول السيد الرب: «لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللّه الْعَالَمَ حَتَّى
بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ
تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» (يوحنّا 3: 16).

 

هكذا
قال رسوله المغبوط بولس: «لأَنَّ هذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا
اللّه، الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ
يُقْبِلُونَ» (1 تيموثاوس 2: 3-4).

 

والرب
نفسه كان ذبيحة كفارية للجميع، كما هو مكتوب: «وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا.
لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضاً» (1
يوحنّا 2: 2).

 

ونقرأ
أيضاً: «وَيَكُونُ كُلُّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ» (أعمال الرسل 2:
21) – «فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ
لِلدَّيْنُونَةِ، هكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ،
لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ» (رومية 5: 18).

 

ليست
هذه الأكاذيب وقفاً على شهود يهوه وحدهم، بل هي أيضاً في صلب عقيدة جمعية «أصدقاء
الإنسان» وجمعية «رسل الفجر الألفي» وهذا ما يحملنا على الجزم بأنّ الشيع الثلاث
هي من عائلة واحدة أبوها شارل تاز رسل.

 

خامساً:
الصف السّماوي (جسد المسيح)

تتناول
هذه التسمية القطيع الصغير (144000) إذ يقولون إنّ المقبولين في العهد لأجل
الملكوت (الكنيسة السّماوية)، لا يُختطفون حالاً في السّحب ليشتركوا مع رئيس
الكنيسة، بل سينامون في القبور إلى حين القيامة الأولى (ليكن الله صادقاً صفحة
120).

 

ومما
يجب الإشارة إليه في هذا الموضوع، هو أنّ المشايعين حتى سنة 1935م.، أملاً في
الارتقاء إلى صف الملكوت، كانوا يتخلّون عن شؤونهم الأرضية ويهبون كل ما يملكون
للجماعة ثم يتفرّغون لخدمة توزيع المنشورات.

 

وهؤلاء
وحدهم كان لهم الحق بممارسة المعمودية بالتغطيس، والاشتراك في السر المقدس مرة كل
سنة في يوم خميس الأسرار.

 

ويسلّم
شهود يهوه بأنهم لن يذهبوا جميعاً إلى السماء، لأنّ هذا الامتياز هو من نصيب عدد
محدود من المؤمنين. وهم يزعمون أنّ هذا العدد هو الذي أطلق عليه المسيح اسم
«القطيع الصغير» (لوقا 12: 32)، الذي سيملك معه في ملكوته السماوي. ويقولون إنّ
بقية من هذا القطيع ما زالت هنا على الأرض (ليكن الله صادقاً صفحة 237-238).

 

لقد
تخبّط شهود يهوه في تفسير ما كتبه يوحنّا في رؤيا 7. وفي سبيل دعم تعليمهم حوّروا
الحقيقة بالحذف كما هو مشهور عنهم. وكل من يقرأ هذا الفصل من سفر الرؤيا، لا بد أن
يحكم بعدم أمانتهم في النقل. فالعدد 144000 ليس سوى رقم رمزي للمختارين من أمة
اليهود، وذلك على النحو التالي:

 

«وَسَمِعْتُ
عَدَدَ الْمَخْتُومِينَ مِئَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفاً، مَخْتُومِينَ
مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا اثْنَا عَشَرَ
أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ رَأُوبِينَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ
سِبْطِ جَادَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ اثْنَا عَشَرَ
أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ نَفْتَالِي اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ
سِبْطِ مَنَسَّى اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ شَمْعُونَ اثْنَا
عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ لاَوِي اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ.
مِنْ سِبْطِ يَسَّاكَرَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ زَبُولُونَ اثْنَا
عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ يُوسُفَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ.
مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ» (رؤيا يوحنّا 7: 4-8).

 

ومما
ينقض أكاذيب شهود يهوه في هذا الموضوع من أساسها هو ما ورد في (الأعداد 9-15) من
الفصل نفسه، إذ نقرأ:

 

«بَعْدَ
هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ،
مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ
أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْحَمَلِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي
أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «الْخَلاَصُ
لإِلهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْحَمَلِ». وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ
كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالشُّيُوخِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ،
وَخَرُّوا أَمَامَ الْعَرْشِ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لِلّهِ قَائِلِينَ:
«آمِينَ! الْبَرَكَةُ وَالْمَجْدُ وَالْحِكْمَةُ وَالشُّكْرُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ
وَالْقُوَّةُ لإِلهِنَا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ» وَسَأَلَنِي وَاحِدٌ
مِنَ الشُّيُوخِ: «هؤُلاَءِ الْمُتَسَرْبِلُونَ بِالثِّيَابِ الْبِيضِ، مَنْ هُمْ
وَمِنْ أَيْنَ أَتُوا؟» فَقُلْتُ لَهُ: «يَا سَيِّدُ أَنْتَ تَعْلَمُ». فَقَالَ
لِي: «هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَتُوا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا
ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوهَا فِي دَمِ الْحَمَلِ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ هُمْ أَمَامَ
عَرْشِ اللّه وَيَخْدِمُونَهُ نَهَاراً وَلَيْلاً فِي هَيْكَلِهِ، وَالْجَالِسُ
عَلَى الْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ».

 

 سادساً:
الصف الأرضي (الجمهور الكبير)

 يقصدون
بذلك خِرافاً أُخر يطلقون عليهم اسم «خراف يهوناداب» تيمّناً بالرجال الذين أقامهم
يهوناداب، رفيق ياهو الملك لإبادة عبدة البعل (2 ملوك 10: 15-27) أو خراف الرب
الأُخر (يوحنّا 10: 16) وهم يخدمون الآن على الأرض كشهود يهوه. ولكنهم لا يرجون
السماء، لأنّ الوعد الذي أُعطي لهم يقتصر فقط على الحياة على الأرض. وسيكون لهم
الامتياز أن يُخضعوا الأرض ويجمّلوها، ويملأوها بالنسل، بشرط وحيد، هو أن يثبتوا
عملياً أمانتهم كشهود يهوه، وذلك قبل نشوب معركة هرمجدون (ليكن الله صادقاً صفحة
238).

 

فشهود
يهوه كما تقدّم لا يرجون كلهم الذهاب إلى السماء، أي أنّه ليس لهم جميعاً الرجاء
الواحد… بخلاف مختاري يسوع، الذين قال الرسول بولس إنهم في «رجاء دعوة واحدة»
(أفسس 4: 4).

 

والمسيح
نفسه، قال: «وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ، يَنْبَغِي
أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضاً فَتَسْمَعُ صَوْتِي، وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ
وَرَاعٍ وَاحِدٌ» (يوحنّا 10: 16).

 

والعجيب
في تصرّف شهود يهوه، أنهم يوصون محبذيهم، الذين يريدون الاكتفاء بالميراث الأرضي،
أن يخرجوا من المجموعات الدينية التي ينتمون إليها… وهذا نموذج من النصائح التي
يقدّمونها لهم:

 

«لكي
تكرّس ذاتك شاهداً ليهوه، لا تحتاج إلى الانتماء لأيّة منظمة بشرية. ففي الوحدة
ضمن جدران بيتك يمكنك أن تحيا أميناً ليهوه ولملكوته» (ملك البر صفحة 24).

 

تعمّق
في معرفة الحقيقة، بمطالعة كتب القاضي روتفورد. ابتعد عن التظاهرات لأنّ لا فائدة
منها (ملك البر صفحة 27).

 

إن
كنت عضواً في الجسم الأكليركي، أو نزّاعاً للسياسة فانسحب، واقطع كل علاقة لك مع
هذه المنظمات الباطلة (ملك البر صفحة 54).

 

لا
تحمّل نفسك عناء الاحتفاظ بمركزك في أية جمعية خيرية كنسية، لأنّ الكنائس هي من
العالم وللعالم (ملك البر صفحة 55 و56).

 

 سابعاً:
القيامات المختلفة

1
– القيامة السّماوية (القيامة الأولى)

يقولون:
«إنّ القيامة الأولى هي الأهم»، كما هو مكتوب: «مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ
نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ الأُولَى» (رؤيا يوحنّا 20: 6) ثمّ يقولون إنّ الكتابات
المقدسة تشير إلى أنّ الذين لهم نصيب في القيامة الأولى ليسوا بكثيري العدد، فهم
القطيع الصغير المؤلف من 144000 عضواً.

 

وقد
تأكد أنّ أحداً من رسل وتلاميذ المسيح لم يقم من الأموات قبل مجيء المسيح. هذا
اليوم المنتظر، هو يوم الرب، الذي بدأ مع دخول السيد إلى الهيكل عام 1918م. إنّ
الذين لهم نصيب في القيامة الأولى سوف لا يُبعثون مطلقاً بالجسد، بل يقومون
بالروح. وهذه الكائنات الروحية ستكون مثل المسيح، غير منظورة من الناس.

 

إنّ
أعضاء هذا الصف السّماوي الذين يموتون اليوم في حضور المسيح الغير المنظور لن
يرقدوا، بل في لحظة في طرفة عين يتغيرون، ويتحولون إلى أرواح، أي خلائق روحية
(ليكن الله صادقاً صفحة 290، 291، 292).

 

وهذا
الاعتقاد من أكبر الأخطاء التي يرتكبها شهود يهوه، إذ به يتجنّون على إحدى الحقائق
الكبرى.

 

إنهم
يحدّدون عدد الذين لهم نصيب في القيامة الأولى بمائة وأربعة وأربعين ألفاً. ويبدو
شططهم الفظيع في الزعم بأنّ هذه القيامة حدثت في عام 1918م.، وبأنّ أعضاء هذا الصف
الذين يموتون، سيتحولون سريعاً إلى خلائق روحية.

 

2
– القيامة الأرضية الفضلى

يزعمون
أنّ الخراف الأُخر، الذين يموتون الآن، سيُحسَبون من صف فعلة الخير. ويتوقع أن
يقوموا بعد معركة هرمجدون، بوقت قريب.

 

3
– القيامة الأرضية العامة

يقولون
إنّ فعلة الشرّ سينالون نصيباً في القيامة العامة التي ستشمل جميع الأموات، وأنهم
سيُدانون، كل واحد بحسب أعماله المقبلة على الأرض، التي أُخضعت لملكوت الله…
وأمّا يوم الدينونة هذا فسيكون طويلاً، بمقدار أنّه سيتيح للمقامين أن يقوموا
بأعمال سيُدانون بموجبها.

 

أمّا
الذين فعلوا السيّئات بمحض إرادتهم ولم يكن إصلاحهم ممكناً، فسوف يرقدون إلى
الأبد. ولكن سيكون خلاص لجميع الذين سيؤمنون (ليكن الله صادقاً صفحة 293-296).

 

وخلاصة
ما تقدم أنّ شهود يهوه يتكلمون عن ثلاث قيامات بينما الكتاب المقدس يذكر اثنتين
فقط: قيامة الحياة وقيامة الدينونة. وستحدث قيامة الحياة عند مجيء المسيح (1
تسالونيكي 4: 16) وستعقبها قيامة الذين قُتلوا من أجل شهادة يسوع ومن أجل كلمة
الله (رؤيا يوحنّا 20: 4).

 

وقد
أخطأ شهود يهوه في ما يختص بزمن هاتين القيامتين، إذ يقولون إنّ كل الأموات
سيقومون قبل الحكم الألفي. بينما الكتاب المقدس يؤكد أنّ الأشرار سيقومون بعد
الألف سنة، لكي يأتوا إلى الدينونة الأخيرة إذ يقول: «وَأَمَّا بَقِيَّةُ
الأَمْوَاتِ فَلَمْ تَعِشْ حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ» (رؤيا يوحنّا 20:
4-6).

 

وكذلك
يزعم شهود يهوه أنّ كل الذين لا يمكن إصلاحهم سيرقدون إلى الأبد. بينما الكتاب
المقدس يؤكد بأنّ الأشرار سيقومون وسيحضرهم الله إلى الدينونة، ويرسلهم إلى العذاب
الأبدي (رؤيا يوحنّا 20: 11-15).

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى