علم المسيح

17- حقيقة ملكوت الله عند المعمدان



17- حقيقة ملكوت الله عند المعمدان

17- حقيقة ملكوت الله عند المعمدان

أول حقيقة طرحها المعمدان عن الملكوت هي رفض وإسقاط
المعلومة الشائعة لدى الأُمة كلها أن كل
الذين انحدروا من إبراهيم كأولاد
بالنسل التسلسلي، الذين يحفظون السبت والختان وأشكال العبادة الطقسية التي للآباء،
سيدخلون حتماً ملكوت المسيَّا. وبذلك يتبقَّى المرفوضون وهم أهل الأُمم أي
الوثنيون.

وعلى
النقيض فإنه يجعل الملكوت القادم وقفاً على الذين يتحتَّم عليهم أن يكونوا قد
أكملوا توبتهم إلى الله وأصلحوا أخلاقهم وسلوكهم وأدركوا مدى خطورة الخطية
وإفسادها للحياة بالاعتراف بخطاياهم كضرورة حتمية، ليتهيَّأوا لقبول العماد بالروح
القدس والنار الذي سيجيء المسيَّا ليهبه للذين أكملوا توبتهم إلى الله. وقد أجمل
هذا المعنى كله في مفهوم التوبة إلى الله، بمعنى الرجوع عن الخطايا وعبادة الأصنام
وطاعة وصاياه.

ولكنه كان يفهم الملكوت الآتي أنه منظور ومُعاش على الأرض
بشبه مملكة داود، وأنه الأرض الهنية والبهيَّة‍، ولكنها تكون روحية على نوع ما،
يقودها ويعطيها روح الله، يكون المسيح هو الملك عليها كملك منظور وممجَّد كابن
الله. وكان يعتقد أن الأُمم سيكون لهم نصيب عوض المرفوضين من اليهود. وبظهور
المسيح سيفرز غير المستحقين. وكان يعتقد أن الذين حوَّلوا قلوبهم إلى الله
واستعدُّوا بالانتظار والإيمان بمجيء المسيَّا، سيتعرَّفون عليه لحظة مجيئه
ويتبعونه وينالون منه الحياة الأبدية. أمَّا الذين رفضوا التوبة والعودة إلى الله
سينكرونه وسيمكث عليهم غضب الله. وأوضح قولٍ قاله في هذا المضمار:

+
“الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع، وما رآه وسمعه به يشهد، وشهادته ليس أحد
يقبلها. ومَنْ قَبِلَ شهادته فقد ختم أن الله صادقٌ، لأن الذي أرسله الله يتكلَّم
بكلام الله. لأنه ليس بكيلٍ يعطي الله الروح. الآب يُحب الابن وقد دفع كل شيء في
يدهِ. الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية، والذي
لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله.” (يو 3: 31
36)

هكذا
كان وعي المعمدان الروحي على أقصى انفتاحه في إدراك المسيَّا وملكوته: فالمسيَّا
هو ابن الله المحبوب الذي دفع الله كل شيء في يده، وملكوته حياة أبدية، والذي
تأهَّل للمجيء إليه ينال الحياة الأبدية، أمَّا الذين يرفضونه فسيمكث عليهم غضب
الله، بمفهوم أنهم يبقون ويدومون في عقاب الموت الذي وقع عليهم مع آدم واللعنة
التي أصابتهم. وهذا يدخل في معنى أن المسيَّا سيرفع عقوبة الموت واللعنة، أي غضب الله،
عن الذين يؤمنون به، وينالون الحياة الأبدية معه.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى