علم المسيح

شهود الزور على المسيح



شهود الزور على المسيح

شهود الزور على
المسيح

 

«وَكَانَ
رُؤَسَاءُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلشُّيُوخُ وَٱلْمَجْمَعُ كُلُّهُ
يَطْلُبُونَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ لِكَيْ يَقْتُلُوهُ، فَلَمْ يَجِدُوا.
وَمَعَ أَنَّهُ جَاءَ شُهُودُ زُورٍ كَثِيرُونَ، لَمْ يَجِدُوا. وَلٰكِنْ
أَخِيراً تَقَدَّمَ شَاهِدَا زُورٍ وَقَالا: «هٰذَا قَالَ إِنِّي أَقْدِرُ
أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ ٱللّٰهِ، وَفِي ثَلاثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيهِ».
فَقَامَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ: «أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا
يَشْهَدُ بِهِ هٰذَانِ عَلَيْكَ؟» وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتاً.
فَسَأَلَهُ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ: «أَسْتَحْلِفُكَ بِٱللّٰهِ
ٱلْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ
ٱللّٰهِ؟» قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضاً أَقُولُ
لَكُمْ: مِنَ ٱلآنَ تُبْصِرُونَ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ جَالِساً
عَنْ يَمِينِ ٱلْقُوَّةِ، وَآتِياً عَلَى سَحَابِ ٱلسَّمَاءِ».
فَمَزَّقَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ حِينَئِذٍ ثِيَابَهُ قَائِلاً: «قَدْ
جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ!
مَاذَا تَرَوْنَ؟» فَأَجَابُوا وَقَالُوا: «إِنَّهُ مُسْتَوْجِبُ
ٱلْمَوْتِ». حِينَئِذٍ بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ، وَآخَرُونَ
لَطَمُوهُ قَائِلِينَ: «تَنَبَّأْ لَنَا أَيُّهَا ٱلْمَسِيحُ، مَنْ
ضَرَبَكَ!» (متى 26: 59-68).

 

أهتم
الرؤساء كثيراً بتدبير شهود زور. لكن لم تتفق شهاداتهم. أخيراً تنسّموا نجاحاً من
شاهدين يشهدان بأن المسيح قال إنه يهدم الهيكل ثم يُقيمه في ثلاثة أيام. وهذا
تحريف لكلام قاله منذ ثلاث سنين في الهيكل لما طهَّره أول مرة، وكان يَقصد به هيكل
جسده. لكن كلام الشاهديْن اختلف فسقطت شهادتُهما، فاحتدَّ الرئيس ووقف في الوسط
وطلب من المسيح أن يدافع عن نفسه جواباً على الشهود. «فلم يجبه بكلمة». فتحققت
نبوة إشعياء القائلة: «ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ»
(إشعياء 53: 7).

 

عند
ذلك قال الرئيس: «استحلفك باللّه الحي أن تقول لنا: أأنت المسيح ابن اللّه؟». لم
يقدر المسيح أن يسكت عند هذا السؤال، لئلا يُؤخذ سكوته دليلاً على رجوعه عن
تصريحاته السابقة بهذا المعنى، أو على خوفه من مضطهديه، لذلك أجاب حالاً بالإِيجاب.
وزاد قوله إنهم سوف يبصرونه كابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب
السماء.كأنه يتنبأ للرئيس وللمحكمة عن يوم يأتي، حين تتبدَّل الأمور، فيكون هو
الديَّان الذي يدين الرئيس وقومه.

 

ما
هذا الكلام الغريب العظيم من مكتوفٍ يُحاكم، يوجِّهه إلى محاكميه الذين بيدهم
حياته؟ وهل يحقُّ لمجرد بشرٍ أن يقول كلاماً كهذا؟ وتظاهر الرئيس بأنه لا يحتمل أن
يسمع كلاماً يعارض العظمة الإلهية، فمزَّق ثيابه وقال: «قد جدف. ما حاجتنا بعد إلى
شهود؟ ها قد سمعتم تجديفه. ما رأيكم؟».

 

لا
يحقُّ لرئيس أن يعلن رأيه في قضية مطروحة لحكم المجلس، لأن ذلك يؤثر تأثيراً مهماً
في الأصوات بعده. وكان القانون العبراني العادل يقضي بأن تُؤخذ في المجالس أصوات
الأصاغر فيه قبل الأكابر. ومن هذا نرى أن قيافا فقد صلاحيته كحاكم في هذا الوقت،
عندما أصدر حكمه أن المسيح جدف، الأمر الذي يعني قتل المسيح. ولكنه حصل على موافقة
جميع زملائه في المجلس أن المسيح يستحق الموت.

 

ولما
رأى الخدم والحرس العسكري أن الرؤساء حكموا بصوت واحد على المسيح بأعظم جريمة
دينية ممكنة، وأنهم مستاؤون منه غاية الاستياء، أطلقوا العنان لميولهم الوحشية،
عالمين أنهم بذلك يسُرُّون الرؤساء. ومع أن المحاكمة الرسمية لم تكن قد بدأت أخذوا
يبصقون في وجه المسيح، ويغطُّون وجهه ويلكمونه، ويقولون: «تنبأ لنا أيها المسيح،
من هو الذي ضربك؟» ثم جلدوه وأجروا عليه أنواع الإستهزاء المُهين، تحقيقاً للنبوة
القديمة القائلة: «بَذَلْتُ ظَهْرِي لِلضَّارِبِينَ وَخَدَّيَّ لِلنَّاتِفِينَ.
وَجْهِي لَمْ أَسْتُرْ عَنِ ٱلْعَارِ وَٱلْبَصْقِ» (إشعياء 50: 6).

 

كانت
محاكمة المسييح في غرفة تشرف على الدار الخارجية، حيث تجمَّع الخدم والعبيد. وفي
أوائل نيسان يشتد البرد قبيل الفجر. فأضرموا جمراً في وسط الدار ليستدفئوا،
وانضمَّ بطرس إليهم. ويظهر أن بطرس لم يعترض على شيء من الكلام المُهين الذي دار
بينهم في حق سيده، فلم ينتقده أحد. لكن بعد حين تقدمت «البوابة» التي فتحت له،
وتفرست فيه، وقالت له: «وأنت كنت مع يسوع الناصري الجليلي. ألست أنت أيضاً من
تلاميذ هذا الإنسان؟». فأنكر قدام الجميع قائلاً: «لستُ أنا (أي لست من تلاميذ هذا
الإنسان). لست أدري ولا أفهم ما تقولين. ولست أعرفه يا امرأة».

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى