اللاهوت الطقسي

12- سر التناول: 3) قصبة القياس (الاستحقاق)



12- سر التناول: 3) قصبة القياس (الاستحقاق)

12- سر التناول: 3) قصبة القياس (الاستحقاق)

يقول الرائى “ثم أعطيت قصبة شبه عصا، ووقف
الملاك قائلاً لى: قم وقس هيكل الله والمذبح والساجدين فيه” (رؤ 11: 1).

 

وتفسير ذلك أن القصبة أعطيت ليوحنا للاشارة الى
أنه قد أعطى لخدام المسيح حق قياس المؤمنين، يحلون من يستحق الحل ويربطون من يستحق
الربط، يقدمون لسر التناول من يرون قياسهم قانونيا، ويمنعون من يرون قياسهم ناقصا.
فلا يليق بمن يتقدم للتناول ويمنعه الاب الكاهن أن يغضب ويثور، بل يجب أن يستمع
للنصائح ويقبل التوجيهات. والجدير بالذكر من سلطانه أن يمنع ابنه فى الاعتراف من
التناول عموما مدة من الزمان كقانون تأديبى عن خطية اعترف بها، ولكن ليس من حق
الكاهن أن يمنع أحدا من المؤمنين من التناول فى أى كنيسة أخرى أو من أى كاهن آخر،
فهذا من سلطة الاسقف فقط.

 

للاستحقاق معانى كثيرة منها:

1- الايمان الصحيح بربنا يسوع المسيح، فيجب أن
يكون المتقدم للتناول مؤمنا مسيحيا أرثوذكسيا معمدا فى الكنيسة الارثوذكسية، كذلك
يكون مؤمنا ايمانا قويا بتحول الخبز الى جسد المسيح والمزيج الى دم المسيح وأنه
يتناول جسد الرب يسوع ويشرب دمه لا محالة.

 

2- التوبة: فيجب أن يكون المتقدم للتناول يمارس
التوبة والاعتراف بانتظام على اب اعتراف كاهن شرعى وقانونى، ويمكن للكاهن خادم
الذبيحة أن يسأل المتقدم للتناول الذى لا يعرفه جيدا: هل تمارس سر الاعتراف؟ فإن
جاوبة بالايجاب ناوله وان جاوبة بالنفى منعه حتى يعترف، وهذا فى صالح الشخص نفسه
وفى صالح الكاهن أيضا الذى ينفذ وصية الكهنوت بدقة حتى يكون فى الجانب السليم وفى
ذلك يقول معلمنا بولس الرسول “ليمتحن الانسا نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب
من الكأس” (1 كو 11: 28). وامتحان النفس هو محاسبتها عن خطاياها وأخطائها ثم
الاعتراف بها بأمانة، فى ذلك يقول القديس يوحنا ذهبى الفم “فلا يتقدم أحد
غافلا ولا متراخيا بل فلنبادر جميعا بحماس وحمية ونكون ساهرين (مستعدين) لأن
القصاص المعد للمشتركين بدون استحقاق ليس صغيرا”. الايمان الصحيح والتوبة
النقية هما بداءة الحياة مع المسيح كما يقول معلمنا بولس الرسول “كلام بداءة
المسيح التوبة عن الاعمال الميته والايمان بالله” (عب 6: 1).

 

3- الصلح مع الاخرين: يجب على من يتقدم للتناول
أن يكون متصالحا مع الاخرين وليس بينه وبين أحد خصومات، ونصيحة الرب فى هذا المجال
واضحة وصريحة “ان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك
(خصومة أو ظلم) فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولا اصطلح مع أخيك وحينئذ
تعال وقدم قربانك” (مت 5: 23، 24). وتقرأ فى قوانين القديس باسيليوس
“اذا كان قوم من العلمانيين متعادين (بينهم عداوة) ويعلم الاكليروس ذلك فى
تعطى لهم الاسرار ولا يقبل منهم قرابين حتى يتصالحوا” (ق 91).

 

4- لا يكون متجاسرا على التناول كإنه يتناول
طعاما عاديا: او يتناوله لمجرد البركة فقط بل يكون عارفا مقدار وعظمة جسد الرب
ودمه الاقدسين. فالتناول يشبة الجمرة التى قدمها السيرافيم لاشعياء النبى بعد أن
اعترف بخطيته ونجاسة شفتيه “فقلت ويلى لى انى هلكت لانى انسان نجس الشفتين..
فطار الى واحد من السيرافيم وبيده مجمرة قد أخذها بملقط من على المذبح ومس بها
فمى، وقال أن هذه قد مست شفتيك فانتزع اثمك وكفر عن خطيتك” (اش 6: 5 – 7).
السيرافيم يرمز للكاهن خادم الذبيحة والملقط يرمز لاصابع ويد الكاهن التى يأخذ بها
الجوهرة (مثال المجمرة) من الصينية التى على المذبح ويضعها بين شفتى المتناول.

5- الاستحقاق هو الشعور بعدم الاستحقاق وشعور
الانسان بانه خاطئ: أن القدسات للقديسين وهو لم يصل بعد الى القداسة، بل يجاهد
لبلوغها. مهما كان الانسان تائبا ومعترفا فليعتنق فكر معلمنا بولس الرسول المتضع
المنسحق القائل “فانى لست أشعر بشئ فى ذاتى لكننى لست بذلك مبررا” (1 كو
4: 4).

 

يقول الكاهن: “أجعلنا مستحقين كلنا يا
سيدنا أن نتناول من قدساتك”. كما يصلى سرا فى صلاة الحجاب قائلا “نسأل
ونتضرع الى صلاحك يا محب المبشر أن لا يكون لنا دينونة ولا لشعبك أجمع هذا السر
الذى دبرته لخلاصنا بل محوا لخطايانا وغفران لتكاسلنا..”.

 

ويقول الشماس: “صلوا من أجل التناول
باستحقاق” لكى يأخذ المتناولون بركة ونعمة وتعمل الاسرار مفاعيلها الروحية فى
حياتهم.

 

وتوجه صيغة قديمة لاعتراف الشماس ما زالت
مستعمله فى بعض البلاد، صيغة فيها كلمات قوية ومؤثرة، نكتبها هنا كما هى:

 

“آمين آمين آمين. أومن أومن أومن. وأعترف
أن هذا هو بالحقيقة آمين. شركة جسد ودم يسوع المسيح ابن الله الاتى الى العالم
الذى قال أنا هو خبز الحياة، من يقبل الى فلا يجوع ومن يؤمن بى فلن يعطش أبدا. من
يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فى وأنا فيه، لأن جسدى مأكل حق ودمى مشرب حق. من يأكلنى
يحيا بى وأنا أقيمة فى اليوم الخير”.

 

أما من يتقدم الى هذا الجسد المقدس والدم الكريم
بغير تمييز يصير مثل يهوذا اللعين مطرودا من وسط التلاميذ.

 

“من كان طاهرا فليتقدم.. ومن كان عنده أثر
البغضة فليهرب لئلا يحترق بنار اللاهوت. من له أذنان للسمع فليسمع”.

 

“رتلوا بنشيد الليلويا.. صلوا من اجل
التناول باستحقاق من هذه الاسرار المقدسة الكريمة لمغفرة الخطايا. يا رب
ارحم”.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى