اللاهوت الطقسي

+ تدشين الهيكل:



+ تدشين الهيكل:

+ تدشين الهيكل:

أ إصعاد التابوت:

نظراً
لأن الهيكل قد تم في الشهر الثامن من السنة الحادية عشر
(ملوك الأول 6: 37و 38) فمن المرجح أن حفلات التدشين أقيمت في الشهر السابع من السنة الثانية
عشرة وليس في شهر سابق وهذا يعنى توفير الوقت للإعداد لمثل هذا الحدث التاريخي
العظيم
(ملوك
الأول 8: 1
9، أخبار الأيام الثاني 5: 2 7: 22).

كان
عيد المظال
وهو المناسبة التي استرجع فيها بنو
إسرائيل ذكريات

العبودية والترحال في البرية وقدموا فيها الشكر لله بعد
الحصاد
ويشير أحد علماء الكتاب المقدس(1)
إلي أن حفلات التدشين أقيمت خلال الأسبوع السابق لعيد المظال واستمرت الاحتفالات
أسبوعين
(أخبار
الأيام الثاني 7: 4- 10)
، وشارك فيها شعب إسرائيل
كله بواسطة ممثلين لجميع الفئات
(ملوك الثاني 8: 63)
إلي أن 100.000 من الآباء و20.000 من الشيوخ حضروا هذا الاحتفالات. وترأس سليمان
احتفالات التدشين، فبعد أن كمل البيت، أدخل سليمان مدخرات أبيه من فضة وذهب وأوان،
وجعلها في خزائن بيت الله
(ملوك الأول 7: 51).
لم يبق سوي إصعاد التابوت من مدينة داود لكي يوضع في مكانه في محراب البيت
أي قدس الأقداس تحت أجنحة الكروبان الكبيران حينئذ جمع سليمان شيوخ إسرائيل وكل رؤوس الأسباط رؤساء الآباء من بني
إسرائيل إلي الملك سليمان في أورشليم لإصعاد تابوت عهد الرب من مدينة داود”
(ملوك الأول
8: 1).

وحمل
الكهنة التابوت بالعصي فوق أكتافهم كما أوصي الرب موسى، و
الملك سليمان وكل جماعة إسرائيل المجتمعين أمام التابوت كانوا يذبحون من
الغنم والبقر ما لا يحصي ولا يعد من الكثرة وأدخل الكهنة تابوت عهد الرب إلي مكانه
في محراب البيت في قدس الأقداس إلي تحت جناحي الكروبين”
(ملوك الأول
8: 6)
، وأخيراً وجد التابوت مكان راحته (مزمور 123: 8).وجذبوا العصي التي كان يحمل بها التابوت،وذلك للمرة الأولي إذ كان الرب
قد أمر موسى أن تبقي العصوان في مكانها
(خروج 25: 15)،
لكن الآن بعد أن وجد التابوت مكان راحته وانتهي زمان الترحال فقد جذبوا العصي
وتركوها هناك تذكاراً لأمانة الرب الذي قاد شعبه في البرية وأتي بهم إلي موضع
الراحة.

ولم
يكن بالتابوت سوي لوحي الشريعة، لوحي الحجر اللذين وضعهما موسى هناك.أما عصا هارون
وقسط المن فلم يوجد لهما أثر في التابوت.

وكم
كان منظراً بديعاً أن يقف آساف وهيمان ويدوثون علي رأس اخوتهم وبنيهم لابسين
الكتان الأبيض وهم يرنمون بالصنوج،
واقفين شرقي المذبح ومعهم من
الكهنة مائة وعشرون ينفخون في الأبواق”
(أخبار الأيام الثاني 5:
11
13)، الجميع كرجل واحد أعطوا صوتاً واحداً.

وكان
النشيد الذي رددوه يتكون من مقطع واحد:
احمدوا الرب لأنه صالح لأن
إلي الأبد رحمته” وعندما وُضع أساس البيت الثاني في أيام زربابل بن شالتئيل
ويشوع بن يوصاداق تغنوا بنفس هذه التسبحة
(عزرا 3: 11).ولا يجب أن ننسي أن داود قد ختم مزموره النبوى الذي يفيض بالحمد بهذه
الكلمات:
احمدوا الرب لأنه صالح لأن إلي الأبد رحمته.. مبارك الرب من الأزل وإلي
الأبد. فقال كل الشعب آمين وسبحوا الرب”
(أخبار الأيام الأول 16:
34
36)، وفي مزمور (136) تتكرر هذه العبارة 26 مرة: لأن إلي الأبد رحمته”.وكم
كانت رحمته عظيمة لشعبه إذ قادهم كل الأيام القديمة، وأعطاهم الغلبة علي كل
أعدائهم، وجعلهم يبنون بيتاً لاسمه.

وعندما
ارتفع صوت التسبيح للرب وكان الجميع بنفس واحدة استجابت السماء وامتلأ البيت
سحاباً، وجاءت العلامة المميزة لحضور الرب تماماً كما سبق أن جاءت عند تدشين
الخيمة
(خروج
40: 34
35) ذابح الحمد يمجدني” (مزمور 50: 23).وكان
لظهور مجد الرب في السحاب الذي ملأ البيت معناه:

1 –
أن ذلك العهد كان مظلماً إذا ما قورن بعهد نور الإنجيل الذي فيه ننظر مجد الرب
بوجه مكشوف كما في مرآة.

2 –
أن هذا الزمان الحاضر بعد مظلماً إذا ما قورن بالدهر الآتي عندما يستعلن مجد الله
ويراه كل بشر.

 

ب – خطاب سليمان للشعب
وصلاته للرب:

في
البداءة حول الملك وجهه إلي قدس الأقداس.الذي غطته سحابة من مجد الرب
حينئذ تكلم سليمان: قال الرب أنه يسكن في الضباب، وإني قد بنيت لك سكني
مكاناً لسكناك إلي الأبد”
(ملوك الأول 8: 13)،
وشرع يرفع صلاة تكريسية وشفاعية في غاية القوة والعظمة، إذ بدأ كلامه باعترافه بأن
الله هو الخالق غير محدود، وأن سماء السموات لا تسع مجده، لكنه إن كان سيسكن في ذلك
البيت الذي بناه سليمان له فهذا تنازل منه لأن الله
لا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي، ولا يخدم بأيادي الناس كأنه محتاج إلي
شئ”
(أعمال
الرسل 17: 24 و35).
ويبدأ سليمان صلاته الثانية باعترافه
بعظمة الله:
لا إله مثلك في السماء والأرض”، وبأمانته في مواعيده وخاصة ما وعد به داود أن يكون له ابن يجلس علي
كرسيه ويبني بيت الرب:
الذي قد حفظت لعبدك داود أبي
ما كلمته به فتكلمت بفمك وأكملت بيدك كهذا اليوم” وفي صلاته يعترف سليمان
بعدالة أحكام الله الذي يحكم علي المذنب فيجعل طريقه علي رأسه ويبرر البار فيعطيه
حسب بره، لكن سليمان يطالب الرب أن يترك الباب مفتوحاً أمام الخطاة التائبين
الراجعين، فيقول:
اغفر لشعبك ما أخطاؤا به
إليك” وقد تضمنت صلاة سليمان طلبة لأجل الغريب والأجنبي إذا جاء وصلي في ذلك
البيت:
فاسمع أنت من السماء مكان سكناك وافعل حسب كل ما يدعوك به الأجنبي لكي
يعلم كل شعوب الأرض اسمك فيخافوك” وفي هذه الكلمات نجد نبوة عن المستقبل
عندما تأتي أمم الأرض وتلتصق بشعب الرب ويكون الجميع خاضعين للملك
(زكريا 2: 11
و8: 23)
.

ثم
توسل سليمان من أجل الشعب والغرباء إذا قصدوا الهيكل في الأمور الآتية:

1 –
إقامة العدل الإلهي بينهم.

2 –
غفران خطاياهم إذا اخطاؤا وهزموا من أعدائهم.

3 –
الصفح إذا حل الجفاف لأجل خطاياهم.

4 –
إنقاذهم من ضيقاتهم.

5 استماع صلاة الغريب.

6 –
الاستماع لصلوات الجنود قبل ذهابهم للحرب.

7 الاستماع لصلوات الشعب إذا أسروا لخطاياهم.

وبعدما
ينتهي سليمان من سرد كل حالة يطالب الرب أن
اسمع أنت من السماء واغفر” وذلك بفرض أنهم في كل مرة يرجعون ويعترفون
بخطيتهم ويصلون ويتضرعون أمام الرب في ذلك البيت وكأن سليمان قد أراد أن يترك
لشعبه نموذجاً للصلاة.وفي كل مرة يجب أن يكون الإعتراف بالخطية أولاً قبل طلب
الغفران ويعترف سليمان أن الخطية هي سبب كل المتاعب والنكبات التي تحل بالناس،
لكونهم أخطاؤا إليك”.وكل من يدرس تاريخ يهوذا يجد
فيه أمثلة عديدة لمثل هذه الاستجابات ويختتم سليمان صلاته هنا:
والآن قم
أيها الرب الإله إلي راحتك أنت وتابوت عزك. كهنتك أيها الرب الإله يلبسون الخلاص
وأتقياؤك يبتهجون بالخير، أيها الرب الإله لا ترد وجه مسيحك اذكر
مراحم
داود عبدك
(أخبار الأيام الثاني 6: 41و 42) ومن الواضح أن هذه الكلمات قد جاءت في (مزمور 137: 8 10).

بعد
أن فرغ سليمان من تقديم صلاته أظهر الرب ذاته لهم وتمجد وسطهم بطريقة غير عادية، فقد
ظهر السحاب أولاً وملأ البيت ولم يستطيع الكهنة أن يقفوا للخدمة بسبب السحاب.وبعد
ذلك نزلت النار من السماء وأكلت المحرقة والذبائح، وبنفس هذه الطريقة شهد الله
لتقدمات موسى
(لاويين
9: 24)
، وجدعون (قضاة 6: 21)،
وداود
(أخبار
الأيام الأول 21: 26)
، وإيليا (ملوك الأول 18: 38).وقد استجاب الله صلاة سليمان وقبل تقدماته.

وهذه
النار تعلن عن مجد الله،
لأن إلهنا نار آكلة” (عبرانيين
12: 29)
وهو مهوب حتى في مقادسه ولابد أن ذلك المنظر جعل الخطاة
يرتعدون، فقالوا:
من منا يسكن في نار
آكلة؟”
(إشعياء
33: 14)
، ولكنها من الجانب الآخر تعلن أن غضب الله قد ارتد عنهم وأكل
المحرقة.

وامتلأ
البيت من مجد الرب، فخر جميع الشعب علي وجوههم إلي الأرض وسبحوا الرب بالترنيمة
الخالدة:
احمدوا الرب لأنه صالح وإلي الأبد رحمته” ثم شرعوا يقدمون الكثير من
ذبائح السلامة، وكان الكهنة يقومون بخدمتهم واللاويون يسبحون الرب بالآت الغناء
وهم يرددون أناشيد داود، واحتفلوا بتدشين المذبح سبعة أيام من اليوم الثاني إلي
التاسع.واليوم العاشر كان يوم الكفارة حيث كان يجب أن يتذللوا بسبب خطاياهم، الأمر
الذي لم يكن يتناسب مع مظاهر البهجة وفي اليوم الخامس عشر احتفلوا بعيد المظال
سبعة أيام إلي اليوم الثاني والعشرين وفي اليوم الثالث والعشرين ذهب الشعب إلي
خيامهم
فرحين وطيبي القلوب”، وأكمل سليمان بيت الرب.

وفي
هذا المشهد الرائع والبديع يظهر الرب لسليمان مرة ثانية ليعلن عن أمرين:

أولاً: أنه سُر أن يكون له مرة أخري موضع يضع اسمه فيه إن الرب تراءى لسليمان ثانية كما تراءى له في جبعون وقال له الرب قد سمعت
صلاتك وتضرعك الذي تضرعت به أمامي. قدّست هذا البيت الذي بنيته لأجل
وضع اسمي فيه إلي الأبد” (ملوك الأول 9: 2 و3).

ثانياً: أنه صار هذا الموضع هو المكان الوحيد الذي تقدم فيه الذبائح له تراءى الرب لسليمان ليلاً وقال له قد سمعت صلاتك واخترت هذا المكان لي بيت
ذبيحة
(أخبار الأيام الثاني 7: 12).

والرب
في نعمته يؤكد لسليمان أنه إذا جاءت التأديبات علي شعبه من جفاف أو جراد أو وبأ ثم
تواضعوا أمامه،
صلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن
طرقهم الردية، فاننى اسمع من السماء واغفر خطيتهم وابرئ أرضهم”، فالرب يرجع
عندما نرجع، والشعب الذي أخطا ينبغي أن يتضع أولاً ويصلوا ويطلبوا وجه الرب
ويرجعوا عن طرقهم الردية وفي
(أخبار الأيام الثاني 7: 19 22) نجد تحذيرات الرب لسليمان والشعب من التمرد والعصيان: ولكن أن انقلبتم وتركتم فرائضي ووصاياي.. فإني أقلعهم من أرضي التي
أعطيتهم إياها وهذا البيت الذي قدسته لاسمي اطرحه من أمامي واجعله مثلاً وهزأه في
جميع الشعوب”
ولم تمضي أيام كثيرة حتى حدث هذا كله.

وقد أقيم الهيكل في نحو
عام 869 ق. م. وكان ثمة ضريبة سنوية مفروضة علي اليهود مقدار نصف شاقل يدفعها كل
يهودي لخدمة الهيكل (خروج 38: 26).



(1),
op. cit., p.81.

Edersheim

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى