علم التاريخ

12- العودة من السبي وبناء الهيكل (538-333 ق



12- العودة من السبي وبناء الهيكل (538-333 ق

12 العودة من السبي وبناء الهيكل (538333
ق.م)

فترة
هدوء وسلام

حينما بدأ شعب إسرائيل يعود من السبي سنة 538 ق.م، بدأوا
فوراً في بناء
الهيكل
سنة 537 ق.م، وظلوا يعملون باجتهاد وحماس نادرين حتى تمَّ بناؤه في 10 مارس سنة 519 ق.م، وذلك بإشراف وإلهام النبي
حجَّي والنبي زكريا.

ومن سفري حجَّي وزكريا نستطيع أن نُدرك أن الشعب بدأ بداية
طيبة بقيادة هذين النبيين، وعاش في سلام كامل مع جيرانه والتفت إلى تعمير البلاد.

ومن الأمور الهامة جداً ما نلاحظه أن الشعب لم يطلب أن يقيم
لنفسه ملكاً بعد السبي، وذلك بسبب ما اكتشفه الأنبياء، وخصوصاً حجَّي وزكريا، أن
الملوك أنفسهم كانوا هم سبب خراب مملكة إسرائيل، لأن الله منذ البدء كان هو الملك
الوحيد على إسرائيل، وذلك يتضح جداً من تعاليم كل من حجَّي وزكريا.

فعدم قيام ملك مشهور على إسرائيل من بعد السبي كان في
الواقع أقرب إلى الوضع الروحي الصحيح. ولكن كان لمجيء عَزْرا الكاتب سنة 457 ق.م،
وكذلك مجيء نَحَمْيَا سنة 444 ق.م، واشتراكهما معاً في قيادة الشعب مثلما كان في
زمن القضاة، أثرٌ كبيرٌ في نهضة ما بعد السبي. فقد اضطلع نحميا بإعادة بناء أسوار
أُورشليم، وتجديد العبادة والشرائع الطقسية، والتدقيق في حفظ السبت والعشور، ومسك
سجلات الأنساب بتدقيق شديد. أمَّا عزرا الكاتب والكاهن فاهتم جداً بالناموس الروحي
واجتماعات الشعب للوعظ وشرح الناموس المختص بالتطهيرات والقداسة.

وظلت إسرائيل تحت الحكم الفارسي من سنة 538 إلى سنة 333 ق.م
تنعم بهدوء وسلام عظيمين، وانتهزت فرصة الهدوء والسلام الداخلي للنمو في المعرفة
الدينية ودراسة الأسفار والتعمُّق في الشرح والتأويل وممارسة الحياة الدينية على
وجه العموم بمستوى روحي عال جداً، كتكميل للعمل العظيم الذي بدأه عزرا الكاتب، كما
هو واضح في سفر ملاخي النبي.

كما بدأت تأثيرات الثقافة اليونانية تظهر في محيط الروحيات
والأبحاث اليهودية، وأغنتها كثيراً، ولكن دون أن تؤثِّر على أصالة الميراث الآبائي
وروح الأسفار المنطوية على أسرار الهيكل والعبادة. وفي ذلك العصر بدأت السلطة
الدينية تتركَّز في شخص رئيس الكهنة الذي أصبح أيضاً مسئولاً عن حالة الشعب أمام
الحكام الفارسيين وعن الضريبة.

وبنهاية هذا العصر بلغ النظام والعبادة في الهيكل أقصاه من
حيث الدقة والاهتمام، كما بدأ أيضاً نظام العبادة والصلوات في المجامع المحلية.
والمدهش حقا أن هذه الحقبة الناشطة روحياً أثمرت ظاهرة جديدة في المحيط الديني وهي
بداية التبشير بالديانة اليهودية في البلاد المحيطة.

على أن الحالة الاقتصادية والتوسُّع في التعمير كان محدوداً
جداً بسبب الضرائب. وكان من أهم النتائج الإيجابية للسبي- الذي تكرر مرتين في هذه
المدَّة- بالنسبة لتاريخ إسرائيل الروحي، وبالتالي بالنسبة للتمهيد لظهور المسيَّا
هو تشتُّت اليهود في كافة البلاد المحيطة، وتأثرهم بالمدنيات والثقافات المجاورة،
وتاثيرهم أيضاً عليها. وكان هذا داخلاً في صميم الخطة الإلهية لرفع مستوى إدراكات
شعب إسرائيل من جهة، والتمهيد لمعرفة الله عند الأُمم من جهة أخرى.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى