الارشاد الروحىالبنيان

هل يسوع غشنا وقال في الأرض سيكون لكم راحة وسلام وسط الأشرار

سلام ومحبة من إلهنا الحي الذي لم يعدنا بشيء سوى ملكوته ومجده وأنه يكون معنا كل الأيام ليحفظنا من الشرير وينقلنا لمجد ملكوته الفائق بالصبر والتعزية وسط الضيق مع أن الضيق يستمر موجود ولن يُرفع…

أنا مندهش يا إخوتي من كل الذين ينظرون للحياة مع الله على أساس أنها أرضية مريحة، لأننا ننظر لله على مستوى العهد العتيق الذي يتكلم عن البركة الأرضية، أن يحدث بركة في الأكل والشرب والعمل والفلوس والزواج.. الخ الخ… وأن لم يتحقق ذلك في حياته يقول أن ليس هناك الله وأنه لا ينظر إلينا ولا يستجيب، أنا لم أعد أؤمن به، لأني طلبت كثيراً ولم يستجيب !!!
واعتمدنا على هذا يجعلنا نفشل حتماً وتضيع منا الحياة الأبدية وقد نصل للإلحاد، لأن فهمنا المغلوط يضيع علينا معرفة الله الحقيقية، لأن حتى ولو كان حاضراً معنا فلن نراه، لأننا نُريد مسيح الأرض والجسد، وأن يُحقق لنا ما نطلب على الأرض ليكون لنا، وان ينتقم لنا ويولع في الأعداء وتنزل نار من السماء لتأكلهم، وإن أصابتهم مصيبة أو دخلوا في مشاكل نفرح ونقول ربنا نصفنا، فنسقط فوراً من النعمة وتفارقنا قوة الله، لأننا فقدنا المحبة وطرحناها بعيداً عنا !!!!

+ فصرخت سوسنة بصوت عظيم وقالت أيها الإله الأزلي البصير بالخفايا العالم بكل شيء قبل أن يكون (دانيال 13: 42)
+ أقول لكم الآن قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون إني أنا هوَّ (يوحنا 13: 19)

يا إخوتي يسوع لم يغشنا، ولم يقل في العالم سأكون معكم لأُعطيكم كل ما على الأرض من غنى ومجد وسألعن لاعنيكم وأُهين من يضطهدونكم وسأقتلهم وأنتقم منهم، وستكونون في أعلى المراكز الاجتماعية والعالم سيفرح بكم ويقبلكم، فهذا لم يكن يسوع قط، بل هذا كله رؤية الإنسان الساقط الذي لم يرتفع بعد لمجد الإله الواحد، هذا هو الإنسان المتعلق بالأرضيات والحسيات والغير فاهم التدبير الإلهي ولم يدخل في الإيمان الحي بعد لأن كل تعلقه على الأرض مع أنه مكتوب:

[ فأن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله، اهتموا بما فوق لا بما على الأرض، لأنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله ] (كولوسي 3: 1 – 3)

فلماذا نعود للعهد القديم، ونطلب ما على الأرض من راحة وإنصاف، ونظن أن لنا هنا مدينة باقية، ونطلب بركة الأرض، والأنتقام من أعدائنا وأن نعيش حياة رغدة هُنا، والرب نفسه لم يوعدنا قط بهذا على وجه الإطلاق، وللأسف وكأننا لم نقرأ الإنجيل ولم نعرف بكلام الرب يسوع ولا الرسل عن الألم والضيق لكل من يحيا بالتقوى ويحب الرب في عدم فساد، وكأننا لم نقم مع المسيح، فأن كان رب المجد الله الحي الظاهر في الجسد فعلوا فيه كل ما رأوه مش شر ليتخلصوا منه بكل مكيده فكم نكون نحن، فالرب نفسه قال لنا: [ لأنه أن كانوا بالعود الرطب يفعلون هذا، فماذا يكون باليابس ] (لوقا 23: 31)

وليتنا نقرأ الإنجيل قراءة صحيحة وننتبه للكلام المكتوب بالروح القدس: [ صادقة هي الكلمة أنه إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضاً معه. أن كنا نصبر فسنملك أيضا معه، أن كنا ننكره فهو أيضاً سيُنكرنا. أن كنا غير أُمناء فهو يبقى أميناً لن يقدر أن يُنكر نفسه ] (2تيموثاوس 2: 11 – 13)
[ فأن كنا أولاداً فأننا ورثة أيضاً ورثة الله ووارثون مع المسيح، أن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضاً معه ] (رومية 8: 17)
[ لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم ] (يوحنا 15: 19)
[ لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير ] (يوحنا 17: 15)
[ ليسوا من العالم كما إني أنا لست من العالم ] (يوحنا 17: 16)
[ أنظروا اية محبة أعطانا الآب حتى نُدعى أولاد الله من أجل هذا لا يعرفنا العالم لأنه لا يعرفه (1يوحنا 3: 1)

فيا إخوتي أن كان هناك محبة حقيقية لله الحي لقلنا مع الرسول بسهولة: [ من سيفصلنا عن محبة المسيح أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عُري أم خطر أم سيف، كما هو مكتوب إننا من أجلك نُمات كل النهار قد حُسبنا مثل غنم للذبح، ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا، فإني متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا ] (رومية 8: 35)

فأن أحب أحد الرب فهو يبيع كل شيء حتى نفسه لأجل أن يربح المسيح ويوجد فيه، ولن يهمه شيء في الدنيا غير أنه يرضي حبيبه الخاص ويمتلئ من محبته، ولن يهمه فقر ولا عمل ولا غنى ولا أي شيء في هذا العالم لأن رجاءه حي بربنا يسوع ناظراً للعلو الحلو الذي للقديسين، بلد المُحبين، لأن هنا على الأرض هو غريب ونزيل وشاهد لعمل الله، وعمله أن ينشر ملكوت الله الظاهر في حياته ومحبته للجميع، فلا شيء يزعزع إيمانه قط أو يحزن لفقدانه لأنه لابس الثوب الجديد وممتلئ قلبه بالكنز السماوي الروح القدس، وهذا ليس بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق، وعلى مستوى الخبرة الشخصية المُعاشة، لأن كل هذا القلق والاضطراب وعدم القدرة على الحياة بالوصية ولا محبة الله ولا الآخرين، وانعدام الرؤية الإيمانبة الحقيقية يدل على أن الإنسان لازال يحيا في السقوط ولم يتذوق قوة التوبة بعد، ولم يرتدي بعد الثوب السماوي، بل ولم يدخل في خيرة حقيقية مع الله الحي بل كانت كلها أفكار مقتنع بها وعند أول محك سقط وتعرى الإنسان لتنكشف الحقيقة أمام ضميره قبل أي شيء آخر، لذلك يلعن لاعنيه ويُريد أن ينتقم من أجل كرامته وذاته، وفي هذه الحالة ينسى الوصية وينكر عمل الله ويرفض الصليب…

يا إخوتي فرحنا بكلمة الله ليس دليل على أننا عشناها، لأن ما يسقط على القلب الغير جيد، الأرض المشققة، تنبت الكلمة فيه إلى حين، وعند أول ظهور للشمس، ييبس العشب ويسقط زهره، لأن ليس له أصل يتحمل حرارة الشمس الحارقة في ظهر الصيف القاسي !!!

لذلك أن مررنا بالتجارب وشعرنا اننا فقدنا إيماننا، لنعلم أن هذا الإيمان لم يكن إيمان حي، بل إيمان نظري اعتمد على العاطفة الجسدية المتقلبة، لأن الإيمان الحي يظهر وقت الأزمات راسخ كالشجرة الضخمة التي تضرب جذورها في أعماق الأرض، لا يهمها الريح التي تهزها لأنها قوية كالصخر يستحيل اقتلاعها قط…..

ومن يبني بيته الروحي فليبنيه على الصخر، صخر الدهور، لكي حينما تأتي الأمطار ورياح الشر وعواصف الاضطهاد لا يسقط بل يثبت بالمحبة الفائقة المنسكبة بروح الحياة الجديدة في المسيح يسوع، أما البناء على الرمل من مجرد مشاعر وأحاسيس عاطفية وشكل عبادة خارجية وخدمة الآخرين بالعاطفة ومجرد دراسات وأفكار، فهذا حتماً سيسقط وسقوطة سيكون عظيماً

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى