اللاهوت المقارن

هل المسيح هو الملاك ميخائيل؟



هل المسيح هو الملاك ميخائيل؟

هل
المسيح هو الملاك ميخائيل؟

القمص
عبد المسيح بسيط أبو الخير

كاهن
كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد

 

تقديم

لنيافة الأنبا مرقس

أسقف شبرا الخيمة وتوابعها

السبتيين – شهود يهوه

 منذ
فجر المسيحيَّة والبدع تسعي وتحارب لإثبات وجودها، وقد إنتهي أغلبها ولم يعدْ له
وجود، ولكن قلَّة من هذه البدع والهرطقات وجدت لها أرضًا استطاعت أنْ تنموا فيها،
فبدأت بأمريكا وانتشرت في بلادٍ كثيرةٍ.

ومنذ سنوات طويلة وقداسة البابا شنودة الثالث، منذ كان في خدمة
التربية الكنسيَّة ورئيسًا لتحرير مجلَّة مدارس الأحد، وهو يفنِّد ويردّ علي كل
الإفتراءات والبِدَع التي قامت عليها هاتَين الطائفتَين والتي صدر قرارًا من
المجمع المقدَّس بأنَّها خارج المسيحيَّة تمامًا، وقداسته مستمرّ في تعليم الشعب
وإثبات عدم صحَّة معتقداتهم سواء الخاصَّة بشخص المسيح أو الأبديَّة أو حتَّي في
السلوكيَّات.

وقد سعي القسّ عبد المسيح بسيط – كعادته في كتابة كتيِّبات دراسيَّة –
والذي بين أيدينا أحد هذه الكتيِّبات والتي كتبها بدقَّةٍ كبيرةٍ مستندًا فيها إلي
الأدلَّة الكتابيَّة مفنِّدًا آراءهم بحسب ما وصل إليه من مستندات. اللَّه يجعل
هذا الكتيِّب سبب بركة وتأكيدًا للعقيدة التي نعيشها كمؤمنين بالخلاص والفداء
والتثليث. بصلوات معلِّم الجيل وحامي الإيمان البابا شنودة الثالث أطال اللَّه
حياته.

الأنبا مرقس

أسقف شبرا الخيمة وتوابعها

 

مقدمة:

يؤمن كلٌّ من شهود يهوه والأدفنتست السبتيُّون، أدفنتست اليوم السابع،
Seventh Day Adventists، أنَّ الربّ يسوع المسيح هو رئيس الملائكة ميخائيل!! وفي حين يؤمن
شهود يهوه أنَّه مخلوق، يُؤمن الأدفنتست أنَّه، الملاك ميخائيل، وهو اللَّه!!

 

 

أولاً: شهود يهوه

يتساءل شهود يهوه في كتابهم (المباحثة ص 422) ” هل
يسوع المسيح هو الشخص نفسه ميخائيل رئيس الملائكة؟
: ”
ويجيبون ” اسم ميخائيل هذا يظهر خمس مرَّات فقط في الكتاب المقدَّس. والشخص
الروحانيّ المجيد الذي يحمل هذا الاسم يُشار إليه ب ”
هُوَذَا
مِيخَائِيلُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ
“.
الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ“{
دانيال } ” وب “
مِيخَائِيلُ رَئِيسُ
الْمَلاَئِكَةِ
” (دانيال 10/13؛ 12/1 ؛ يهوذا 9).
وميخائيل يعني من هو مثل اللَّه؟ والاسم كما يتَّضح يُشير إلي ميخائيل بصفته الشخص
الذي
يأخذ القيادة في تأييد سلطان يهوه وإهلاك أعداء اللَّه. في
1تسالونيكي 4/16، أنْ أمر يسوع المسيح بابتداء القيامة موصوف ب ” صوت رئيسي
ملائكة ويهوذا 9 تقول أنَّ رئيس الملائكة هو ميخائيل. فهل يكون ملائمًا تشبيه هتاف
يسوع بذاك الذي لشخص أقلّ في السلطة؟ من المنطقيّ. إذًا أنَّ ميخائيل رئيس
الملائكة هو يسوع المسيح
. وبشكل ممتع فإنَّ العبارة ” رئيس ملائكة ”
ليست موجودة أبدًا بصيغة الجمع في الأسفار المقدَّسة، الأمر الذي يدلّ علي أنَّ
هنالك واحد فقط “!! ثم يضيف الكتاب ” يقول الرؤيا 12/7 أن
ميخائيل وملائكته يحاربون الشيطان ويطرحونه وملائكته الأشرار من السماء في ما
يتعلَّق بمنح السلطة الملكيَّة للمسيح. ويجري وصف يسوع فيما بعد كمن يقود أجناد
السماء في حربِ ضد أمم يسوع فيما بعد كمن يقود أجناد السماء في حرب ضد أمم العالم
.
(رؤيا 19/11- 16) أليس معقولاً أنْ يكون يسوع أيضًا الشخص الذي يتَّخذ إجراء ضد
الشخص الموصوف ب ” رئيس هذا ” الشيطان إبليس؟
“!!

 والسؤال الآن هو؛ هل ما يزعمه شهود يهوه عن المسيح صحيح؟! وهل هو
رئيس الملائكة ميخائيل؟.

1– ماذا يزعم شهود يهوه ويقولون عن المسيح؟ وقبل أنْ
نجيب علي هذا السؤال علينا أنْ نعرف أولاً عقيدة شهود يهوه بصفة

عامَّة في المسيح. حيث يقسم شهود يهوه وجوده، الربّ يسوع المسيح، إلي
ثلاث مراحل أو ثلاث حيوات؛ مرحلة الوجود السابق في السماء، ثم مرحلة صيرورته
إنسانًا، وأخيرًا مرحلة عودته ثانيةً إلي السماء. فهم يميِّزون بين حياته قبل أنْ
يصير إنسانًا وبعد أنْ صار إنسانًا ثمَّ بعد أنْ مات وقام
(1):

 

(1) الحياة الأولي، أو المرحلة الأولي لوجوده في السماء:

 يزعم
شهود يهوه أنَّ المسيح هو ” إله ” ولكن ليس هو اللَّه!! بل هو رئيس
الملائكة ميخائيل!! ويؤمنون أنَّه خالق الكون وكل ما فيه، ولكنه هو نفسه، في نفس
الوقت مخلوق!! وأنَّه موجود قبل كلّ خليقة وهو خالق كلّ خليقة، ولكنَّه في نفس
الوقت أحد مخلوقات اللَّه!! ويعلِّلون ذلك بأنَّه كان شريكًا للَّه في الخلق كما
أنَّه شريك للَّه في السيادة علي الكون، بل وقد أعطاه اللَّه السيادة الكاملة علي
الكون باعتباره ملك الملكوت وملك الملوك وربّ الأرباب. ويقولون في كتاب (دروس ج 7
ص81)؛ أنَّ المسيح هو ” إله مخلوق ” أنَّ المسيح خُلق كإله ولكنه ليس
اللَّه يهوه “. هو شبيه بإله وليس هو اللَّه نفسه
(2)!!

 

(2) مرحلة التحوُّل إلي الإنسانيَّة، حالته بعد أنْ صار إنسانًا:

 ويزعم
شهود يهوه أنَّ اللَّه نقل
Transferrd نموذج حياة، نمط حياة، المسيح أو نموذج
لشخصيَّته من السماء إلي رحم مريم العذراء التي حبلت وولدت به كإنسان، تحوَّل هذا
النموذج في رحمها وتغيَّر إلي إنسان، إنسان بمعني الكلمة لا صلة له بما كان عليه
في السماء قبل هذا التحوُّل!! وقد نسي كلّ ما كان عليه في السماء قبل هذا
التحوّل!! وبهذا المفهوم لم يعد هناك استمراريَّة بين اِبن اللَّه في حالته
الروحيَّة قبل أنْ يصير إنسانًا وبين حالته بعد أنْ صار إنسانًا!! ولم يعد الطفل
الذي وُلد من مريم العذراء حقًا هو نفس الكائن الذي وجد سابقًا في السماء، الإله
الذي خلق به اللَّه الخليقة!!
(3)
والعجيب أنَّه لا تُوجد لديهم أيَّة إجابه واضحة وبعيدة عن الغموض لتعليل هذا
الهراء!! بل ومن الصعب إيجاد إجابة واضحة علي هذا السؤال في كتاباتهم! فهم
يتحدَّثون كثيرًا وتكرارًا عن وجوده السابق في السماء قبل أنْ يصير إنسانًا وأنَّه
كان في السماء، مع اللَّه، في حالته الروحيَّة قبل أنْ يصير إنسانًا وأنَّه كان
فقط اٍبن اللَّه الوحيد الذي صار إنسانًا. وفى نفس الوقت تؤكِّد الفقرات الكثيرة
من كتاباتهم عدم وجود استمراريَّة بين الكائن السمائيّ الروحيّ والإنسان المولود
من مريم العذراء، الإنسان الكامل!!

 

(3) مرحلة ما بعد الإنسان، الكائن الروحيّ الأسميّ في السماء:

 ويزعم شهود يهوه أيضًا أنَّه عندما مات المسيح علي الخشبة فقد مات
إلي الأبد، روحًا ونفسًا وجسدًا، وإنتهي وجوده تمامًا!! ولم يعدْ له أيّ وجود علي
الإطلاق إلاَّ في ذاكرة اللَّه!! ثمّ أقامه اللَّه من الموت بخلق كائن جديد علي
نفس صورته ونموذجه من الذاكرة، ذاكرة اللَّه!!
(4)
“ليس كاِبن بشريّ، بلّ كاِبن روحيّ خالد قدير”!! ويُنكرون قيامته
الجسديَّة تمامًا ويقولوا أنَّه لم يقمْ بنفس الجسد الذي كان فيه علي الأرض بل
كاِبنٍ روحيٍّ ” اِبن روحيّ أو لم يعدْ جسدًا “
(5).

 وهذا
يؤدِّي بشهود يهوه، إلي الاعتقاد بوجود ثلاثة أشخاص لا شخص واحد يزعمون أنَّهم
المسيح!! الأوَّل هو الخالق الذي كان مع اللَّه في السماء، الملاك ميخائيل، وهذا
إنتهي من الوجود تمامًا بتحوّله داخل رحم العذراء وتغيّره إلي شخص ثاني هو
المسيح!! والثاني هو المسيح الذي وُلد من العذراء وقد انتهي أيضًا من الوجود
تمامًا وتلاشي وصار عدمًا عندما مات علي الصليب ودُفن في القبر!! والثالث هو الذي
قام من الموت بعد أنْ خلقه اللَّه ككائنٍ جديدٍ من ذاكرته علي نفس صورة ومثال الذي
مات!! ومع ذلك يقولون أنَّه عاد إلي حالته الأولي التي كان عليها قبل أنْ ينقل
اللَّه حياته إلي رحم العذراء؟!!

 ولنا هنا عدة أسئلة:

1– إذا كان هذا الإله، الروح، قد تحوَّل في رحم العذراء إلي مُجَرَّد
إنسانٍ، وهم لا يؤمنون بوجود روح حيَّة في الإنسان ويعتقدون أنَّ الروح هي مثل
الكهرباء، قوَّة حياة غير عاقلة، مُجَرَّد طاقة!! وتحوَّل إلي كائن آخر هو يسوع
المسيح فكيف يزعمون أنَّ المسيح ما يزال هو الملاك ميخائيل؟!!

2– وإذا كان المسيح، كما يزعمون، قد مات وإنتهي تمامًا وتلاشي من الوجود
وصار عدمًا إلي الأبد! فكيف عاد بعد القيامة إلي ما كان عليه قبل الموت، علي الرغم
من أنَّه، كما يزعمون، لم يقمْ من الموت؟!!

3– وإذا كان الذي قام من الأموات، كما يزعمون، هو شخص آخر خُلق علي صورة
ونموذج المسيح وكانت بدايته هي لحظة خلقه بعد موت المسيح! فكيف يكون هو المسيح؟!!
فالأوَّل إنتهي بالتحوّل والثاني بالموت، حسب زعمهم! فكيف يكون الذي تحوّل وإنتهي
وجوده نهائيًا كالملاك ميخائيل، والذي مات وفني وصار عدمًا كالمسيح، والذي خُلق
علي نموذج المسيح، هم نفس الشخص الواحد بالرغم من الأوَّل تحوّل إلي آخر والثاني
صار عدمًا؟!!

 أليس ما يبتدعه هؤلاء ويزعمونه مُجرَّد هراء وتخاريف؟!!

 

2 – المسيح ليس هو الملاك ميخائيل:

 فالكتاب المقدس يؤكِّد لنا أنَّ السيِّد المسيح لم يكنْ هو الملاك
ميخائيل ولا أي ملاك آخر.
أولاً؛ فهو بحسب
أقوال شهود يهوه، خالق جميع المخلوقات بما فيهم الملائكة جميعًا ومن ضمنهم الملاك
ميخائيل.
ثانيًا؛ يقول الكتاب عنه أنَّه الذي تسجد له
كل الخليقة ”
لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ
رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ

(
في 2/10 وعلي رأس
هذه الخليقة جميع الملائكة، وأيضا ”
وَأَيْضاً
مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ
مَلاَئِكَةِ اللهِ
” (عب 1/6).
كما أنَّ الفرق بين المسيح والملائكة جميعًا هو الفرق بين الخالق والخليقة،
مخلوقاته التي خلقها، بين اللَّه ومخلوقاته، وهذا ما يقوله الكتاب في المقارنة بين
المسيح والملائكة جميعًا؛ ”
لأَنَّهُ لِمَنْ مِنَ
الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: «أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ»؟
وَأَيْضاً: «أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً»؟ وَأَيْضاً
مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: «وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ
مَلاَئِكَةِ اللهِ»
. وَعَنِ الْمَلاَئِكَةِ يَقُولُ: «الصَّانِعُ
مَلاَئِكَتَهُ رِيَاحاً وَخُدَّامَهُ لَهِيبَ نَارٍ». وَأَمَّا عَنْ الاِبْنِ:
«كُرْسِيُّكَ يَا أَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ
. قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ
قَضِيبُ مُلْكِكَ. أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ
مَسَحَكَ اللهُ إِلَهُكَ بِزَيْتِ الاِبْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ شُرَكَائِكَ». وَ«أَنْتَ
يَا رَبُّ فِي الْبَدْءِ أَسَّسْتَ الأَرْضَ، وَالسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ
يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ وَلَكِنْ أَنْتَ تَبْقَى، وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى،
وَكَرِدَاءٍ تَطْوِيهَا فَتَتَغَيَّرُ. وَلَكِنْ أَنْتَ أَنْتَ، وَسِنُوكَ لَنْ
تَفْنَى». ثُمَّ لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: «اِجْلِسْ عَنْ يَمِينِي
حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟» أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ
أَرْوَاحاً خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ
يَرِثُوا الْخَلاَصَ
!
” (عب 1/5- 14).

 ليس هناك أي وجه للمقارنه بين المسيح، الخالق، وبين الملائكة
المخلوقين، خليقته الذي خلقهم. ويقول دانيال النبي أنَّ ميخائيل مُجَرَّد رئيس من
رؤساء الملائكة، واحد من كثيرين ”
هُوَذَا مِيخَائِيلُ
وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ جَاءَ لإِعَانَتِي

(
دا 10/13) الإله والمسيح هو الإله الوحيد الجنس:

اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ
الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ
” (يو
1/ 18
).

لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ
حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ
بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ
” (يو
3/16
).

اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ وَالَّذِي
لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ
” (يو 3/18).

بِهَذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ
اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ

” (
1يو 4/9).

 

ثانيًا: الأدفنتست السبتيون

أمَّا السبتيون أو أدفنتست اليوم السابع SDA فيزعمون، مثل شهود يهوه، أنَّ رئيس الملائكة
ميخائيل هو نفسه الربّ يسوع المسيح ولكن، علي عكس ما يقول شهود يهوه، يزعمون أنَّه
غير مخلوق وعلي رتبة الله!!
وهذا الفكر
الهرطوقيّ لم يَقُلْ به أحد مطلقًا منذ فجر المسيحيَّة الباكر، سواء من خلفاء رسل
المسيح وتلاميذهم وبقيَّة آباء الكنيسة في كلِّ العصور ولا حتَّي من الهراطقة،
سواء الذين قلَّلوا من لاهوت المسيح أو الذين بالغوا في الحديث عن لاهوته وتجاهلوا
ناسوته، أو الذين قالوا أنَّ المسيح له جوهر شبيه بجوهر اللَّه مثلما نادي أريوس
في القرن الرابع وقال، مثل شهود يهوه، أنَّ المسيح هو الكائن الوحيد الذي خلقه
اللَّه الآب وأعطاه السلطان أنْ يخلق الكون كلَّه ويديره.

 وتقول
التقاليد اليهوديَّة أنَّ الملاك ميخائيل هو ملاك إسرائيل الحارس؛ فقد جاء في سفر
أخنوخ الأبوكريفي أنَّ ميخائيل هو أحد الرؤساء الأربعة ” ميخائيل وسرائيل
وجبرائيل وأورئيل أو فنوئيل” (1: 9؛9: 40)، أو السبعة ” ميخائيل وسرائيل
وجبرائيل وأورئيل ورافائيل ورجوئيل وروئيل” (20: 1- 7)
(6)،
ويوصف ميخائيل في ” كتاب الحروب ” (من لفائف البحر الميت)، وفي بعض
الكتب الأبوكريفيَّة الأخري من عصر ما بين العهدَين، بأنَّه المدافع عن قضيَّة
الأبرار، أو الملاك الحارس لإسرائيل
(7).
وتقول أساطير الترجوم بأنَّه أحد أربعة رؤساء ملائكة، هم ميخائيل وجبرائيل وأوريل
ورافائيل، يجلسون حول عرش اللَّه في السماء
(8).

 ولكن
عندما جاء وليم ميلر، في بداية القرن التاسع عشر، والذي تبنَّي الأدفنتست
السبتيُّون
SDA، ثمَّ شهود يهوه  William Miller، بعد ذلك، تعاليمه ظهر هذا الفكر الغريب وجاءت إلين هوايت التي
زعمت أنَّها نبيَّة تتلقَّي الوحي من اللَّه في شكل رؤي مثل رؤيا يوحنَّا!!
وكرَّرت هذا التعليم الفاسد فقالت في كتاب ” مشتهي الأجيال ص 80 و 81 “؛
” ثم أنَّ قول الملاك: ” أنا جبرائيل الواقف قدَّام اللَّه ” يدلّ
علي أنَّ له مركزًا رفيعًا ومقامًا ممتازًا في السماء. وعندما أتي هو نفسه برسالة
إلي دانيَّال قال: ” ولا أحد يتمسك معي هؤلاء إلاَّ ميخائيل (المسيح)
رئيسكم
“. وزعمت أنَّ رئيس الملائكة ميخائيل الذي هو المسيح قد أقام موسي
النبيّ من الموت وأصعده إلي السماء!! فقالت في كتاب “
Early
writings p. 146

لقد طالب الشيطان المجرّب بجسد موسي بسبب خطاياه: ولكن المسيح أقامه من القبر.

فقد مرَّ موسي خلال الأرض ولكن ميخائيل نزل إليه وأعطاه حياة قبل أنْ
يري جسده فساد. وقد حاول الشيطان أنْ يمسك الجسد قائلاً أنَّه له؛ ولكن ميخائيل
أقام موسى وأخذه إلي السماء
. وقد لام الشيطان اللَّه بمرارة واصفًا إيَّاه
بالظلم لسماحه بأنْ تُؤخذ فريسته منه؛ ولكن المسيح لم يُوبِّخه علي تجديفه”!!
وهنا تصل هذه النبيَّة المزعومة إلي قمَّة التجديف والتخريف حيث تزعم أنَّ
ميخائيل، الذي تزعم أنَّه المسيح، قد أقام جسد موسي النبيّ من الموت وصعد به إلي
السماء!!
(9). وهذا
التخريف لا وجود له لا في الكتاب المقدَّس ولا حتَّي في
الكتب
الأبوكريفيَّة ولا في تاريخ الكنيسة!! فمن أين أتت به؟!! كما تزعم أنَّه أقامه من
الموت قبل أنْ يري جسده، جسد موسي، فسادًا!! فإذا كان هو المسيح هل يعجز أنْ يُقيم
الميِّت بعد أنْ يتعفَّن جسده ويرى فساد كما أقام لعازر من الموت بعد أربعة أيام
من موته وبعد أنْ أنتن جسده ورأى فسادًا؟؛؛

 

(1) الخلط بين الظهورات الإلهيَّة المسيانيَّة والظهورات الملائكيَّة:

 ويقول
هولاء الهراطقة فى نبذة لهم، مأخوذة عن عدَّة كتب من كتبهم، بعنوان ” من هو ميخائيل
رئيس الملائكة؟ ” تحت عنوان ” هل من المعقول أنْ يكون ميخائيل رئيس
الملائكة هو الربّ يسوع بعينه؟ ” ؛ ” إذا درسنا آيات الكتاب المقدَّس
التي تُشير إلي ميخائيل، فنجد أنَّ ” ميخائيل ” ما هو إلاَّ الربّ
يسوع المسيح.

ولتوضيح الأمر نبدأ بدراسة يشوع 5/13– 15 ” وَحَدَثَ
لَمَّا كَانَ يَشُوعُ عِنْدَ أَرِيحَا أَنَّهُ رَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ,
وَإِذَا بِرَجُلٍ وَاقِفٍ قُبَالَتَهُ, وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ بِيَدِهِ. فَسَارَ
يَشُوعُ إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ: «هَلْ لَنَا أَنْتَ أَوْ لأَعْدَائِنَا؟» فَقَالَ:
«كَلاَّ, بَلْ أَنَا رَئِيسُ جُنْدِ الرَّبِّ. الآنَ أَتَيْتُ». فَسَقَطَ يَشُوعُ
عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ, وَقَالَ لَهُ: «بِمَاذَا يُكَلِّمُ
سَيِّدِي عَبْدَهُ؟» فَقَالَ رَئِيسُ جُنْدِ الرَّبِّ لِيَشُوعَ: «اخْلَعْ
نَعْلَكَ مِنْ رِجْلِكَ, لأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ هُوَ
مُقَدَّسٌ». فَفَعَلَ يَشُوعُ كَذَلِكَ
“. ويري هولاء الهراطقة
فى هذه الآيات برهانًا علي أنَّ رئيس جند الربّ هو الملاك ميخائيل! كما يرون فى
سجود يشوع لرئيس جند الربّ برهانًا علي أنَّه المسيح؟ فيقولون
لذلك
يتحتم علينا ان الاستنتاج بان رئيس جنود (ملائكة) الرب الذي قبل السجود من يشوع لم
يكن على رتبة ملاك (مخلوق) . وانما كان على رتبة الله
“.
وهنا يلعب السبتيون الأدفنتست
SDA بالألفاظ والكلمات ويخلطون بين الظهورات الإلهيَّة المسيانيَّة،
التي ظهر فيها المسيح، كلمة اللَّه، الأقنوم الثاني من الذات الإلهيَّة، قبل
التجسُّد، لإبراهيم ولإسحق ويعقوب وموسي 00 إلخ، والتي إتَّخذت أشكال عديدة، وبين
ظهورات الكائنات الروحيَّة الملائكيَّة التي لها رتب محدَّدة وأسماء عُرفت بها بين
البشر.

 

 وفى هذه الظهورات وغيرها ظهر اللَّه للآباء فى هيئات جسميَّة مرئيَّة
مختلفة؛ فى شبه بشر أو ملائكة 00 إلخ، وبنفس الطريقة أيضًا ظهر ليشوع بن نون خادم
موسي النبيّ علي أنَّه رئيس جند الرب وقال له ”
نَعْلَكَ
مِنْ رِجْلِكَ, لأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ هُوَ مُقَدَّسٌ
” (يش5/13– 15). وهذا نفس
ما سبق أنْ قاله اللّضه لموسي فى العليقة ”
اخْلَعْ
حذائك مِنْ رِجْلِيكَ لأَنَّ اَلمْوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ هُوَ
أَرْضٌ مُقَدَّسٌة
“. وعند
الإنتهاء من المهمَّة التي استدعت الظهور الإلهيّ كانت تنتهي مهمَّة الهيئات
الجسميَّة التي لازمتها، فقد كانت ظهورات مؤقتَّة ” شبه ” كما
قيل عن موسي النبىّ ”
وشِبْهُ اَلْرَبِّ يُعَايِنُ
” (
عدد 12/8)، أو كما يقول القديس لوقا الإنجيلي عن حلول
الروح علي الربِّ يسوع المسيح فى العماد ”
فِي
هَيْئَةٍ جِسْمِيَّة مِثْلٌ حَمَامَةٍ
” (لو
3/22
)، وحلول الروح القدس على التلاميذ فى شكل السنة منقسمة ” وَكَأَنَّهَا
مِنْ نَارٍ
” (أع 2/3) .

 

(2) اسم ميخائيل يعني ” شبيه باللَّه ” أم ” من مثل
اللَّه “؟

 ثمَّ يزعم السبتيٌُّون فى كتاباتهم أنَّ ميخائيل هو المسيح لأنَّ
اِسمه، كما يزعمون، يعنى “شبيه باللَّه“!! فتقول نبذتهم ”
من هو ميخائيل رئيس الملائكة؟”: ” الآن دعونا ننتقل إلي العهد الجديد،
إلي سفر يهوذا بالذات، والعدد التاسع:

وَأَمَّا مِيخَائِيلُ رَئِيسُ الْمَلاَئِكَةِ،
فَلَمَّا خَاصَمَ إِبْلِيسَ مُحَاجّاً عَنْ جَسَدِ مُوسَى، لَمْ
يَجْسُرْ أَنْ يُورِدَ حُكْمَ افْتِرَاءٍ، بَلْ قَالَ: «لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ».
“.
وهذه التسمية في الأصل تعني الذى هو شبيه بالله ” . أي
أنَّ رئيس الملائكة ميخائيل هو شبيه بالله
” 000 الذي هو يسوع
المسيح بذاته “.

 وهنا يزعمون أنَّ ميخائيل هو المسيح لأنَّ اسمه يعني ” شبيه
بالله
” بحسب زعمهم!! فهل كون اسم ميخائيل يعنى
” شبيه الله ” يكون هو اللَّه بالفعل؟!! أليس هذا مجرَّد لعب بالألفاظ
وتقرير عقائد بدون سند أو دليل؟!!

فقد ورد اسم ” ميخائيل ” فى الكتاب المقدَّس 15 مرة منها
عشرة مرَّات لأسماء رجال من بنى إسرائيل هم:

(1) ميخائيل الذي كان اِبنه ” ستور ” ممثلاً لسبط أشير في
الإثنى عشر رجلاً الذين أرسلهم موسي من بريَّة فاران لاستكشاف أرض كنعان (
عد
13/13
).

(2) ميخائيل أحد أبناء ابيجايل بن حوري من سبط جاد، وأحد الذين استوطنوا
فى أرض باشان (
1أخ 5/13- 14).

(3)
ميخائيل بن يشيشاى (
1أخ 5/14).

(4)
ميخائيل بن بعسيا – وأبو شمعي وأحد اللاويِّين من بني قهات، وأحد أسلاف آساف أحد
المغنِّين في بيت الرب فى أيَّام داود الملك (
ا أخ 6/40).

(5)
ميخائيل أحد أبناء يزرحيا من سبط يساكر (1أخ 7/3).

(6)
ميخائيل أحد أبناء بريعة من سبط بنيامين (
1أخ8/16)
.

(7)
ميخائيل أحد رؤوس ألوف سبط منسي، الذين اِنضمُّوا إلي داود فى صقلع، وكان هاربًا
من وجه شاول الملك (
1أخ12/20).

(8)
ميخائيل أبو عمري الذي أقامه داود الملك رأسًا لسبط يساكر (
1أخ
2/18
) .

(9)
ميخائيل أحد أبناء يهوشافاط ملك يهوذا (
2أخ 21/4)
.

(10)
ميخائيل أحد أبناء أو أحفاد شفطيا من الذين جاءوا مع عزرا عند العودة من السبي
البابلي (
عز 8/8) .

 فهل
يكون كل واحد من هؤلاء هو اللَّه، المسيح، لأنَّ اِسمه ميخائيل ويعني، بحسب زعم
السبتيون ” شبيه بالله “؟!!
كما أنًَّ
عبارة ” شبيه بالله ” هي عبارة مرفوضة كنيسيًا ولاهوتيًا؛
أولاً:
لأنَّها ليست الترجمة الحقيقيَّة لإسم ميخائيل فإسم ميخائيل يعني
حرفيًا ”
مَنْ مِثْل اللَّه – مَنْ كاللَّه
وليس ” شبيه باللَّه ” كما يزعمون.

ثانيًا: لا يعنس شبيه باللَّه أنَّه اللَّه،
وقد رفضت الكنيسة مثل هذه
العبارة في
مجمع نيقية سنة 325 م، عندما قال آريوس عن المسيح ” مشابه للآب في الجوهر
“، وكان يؤمن أنَّ الابن هو المخلوق الأوَّل الذي خلقه اللَّه الآب من جوهر
مشابهٍ لجوهره، وهذا عكس الإيمان المسلَّم مرَّة للقدِّيسين والذى يؤكِّد أنَّ
الاِبن مساوٍ للآب في الجوهر، وواحد معه في الجوهر، ومن ذات جوهره، فهو نورٌ من
نورٌ، إلهٌ حقٌّ من إلهٍ حقٍّ.

 كما كان اسم ميخا والذى تكرَّر في العهد القديم حوالى إلي 79
مرَّة يعني أيضًا ”
من مثل يهوه
” مثل ميخائيل والذى يعنى اسمه أساسًا ” ”
مَنْ
مِثْل اللَّه
مَنْ كَاللَّه)
“. وكان اسم ميخا اسمًا لتسعة رجال من بنى إسرائيل منهم ميخا بن يملة النبي
في عهد أخاب الملك (
1مل22/1-28؛2أخ18/2-27) وميخا
المورشتي النبي الذي كان معاصرًا لأشعياء النبيّ وصاحب سفر ميخا. فهل يعني ذلك
أنَّ كلٍّ منهم هو اللَّه لأنَّ اسمه يعني من مثل اللَّه أو ” شبيه باللَّه
” كما يزعم السبتيون؟!! واسم جبرائيل أيضًا يعنى ”
اللَّه
عظيم أهم جبار
“، فهل يعني ذلك أنَّه هو أيضًا اللَّه؟!!

 

(3) صوت رئيس ملائكة:

 ويزعم السبتيون، أدفنتست اليوم السابع SDA، في كتاباتهم أنَّ صوت رئيس الملائكة الذي
سيكون مع المسيح في مجيئه الثاني هو المسيح!! فيقولون: “وإليكم دليلٌ آخرٌ
وقاطع بأنَّ ميخائيل رئيس الملائكة، ما هو إلاَّ الربّ يسوع المسيح الخالق، وليس
سواه. يقول الرسول بولس ”
لأَنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ سَوْفَ
يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ
اللهِ
، وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً.

(
1تس4/16). وهنا يوضِّح الرسول بولس بأنَّ الأموات عند
سماعهم صوت رئيس الملائكة سيقومون من قبورهم. وفي إنجيل يوحنَّا (
5/25)
يُخبرنا الربُّ يسوع المسيح بأنَّ الأموات عندما يسمعون صوت اِبن اللَّه سيحيون
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ
الآنَ حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللَّهِ وَالسَّامِعُونَ
يَحْيَوْنَ
” . . ومن هنا نجد أنَّ صوت رئيس الملائكة
الذي أشار إليه بولس في 1 تسالونيكي 4/16، والذي عند سماعه يقوم الأموات من
قبورهم، ما هو إلاَّ صوت اِبن اللَّه
.
فواضحٌ مما سبق أنَّ الكتاب المقدَّس يُعلن لنا بطريقةٍ جليَّةٍ أنَّ ميخائيل،
رئيس الملائكة هو الرب يسوع المسيح، الذي عند سماع صوته سيقوم الأموات من قبورهم
“.

 وهنا يلعبون بالألفاظ والكلمات، كعادتهم،
فالكتاب يقول هنا ”
لأَنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ
(1)بِهُتَافٍ
(2) و ” بِصَوْتِ
رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ
(3)
وَبُوقِ اللهِ “، ” سَوْفَ
يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ
“، كقوله ” فَيُرْسِلُ
مَلاَئِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ الصَّوْتِ فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ
الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا.

(
مت24/31)، أي أنَّ الربّ يسوع المسيح سيكون معه عند
مجيئه جميع الملائكته القدِّيسين ”
وَمَتَى
جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ
مَعَهُ
فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ

(
مت25/31)، وسيُصاحب مجيئه هتافٌ وصوت بوقٍ وأيضًا صوت
رئيس ملائكة، أي أنَّ صوت رئيس الملائكة هو جزء من مظاهر المجيء، ولو قلّنا أنَّ
المسيح هو رئيس الملائكة لأنَّ صوت رئيس الملائكة سيكون مصاحبًا لمجيئه، فهل نقول
أيضًا أنَّ الهتاف هو المسيح والبوق هو المسيح لأنَّهما سيكونان مصاحبان له في
مجيئه؟!!

 وإذا كان هؤلاء الهراطقة يتَّخذون من تشابه قوله ” لأَنَّ
الرَّبَّ نَفْسَهُ سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ
رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ
وَبُوقِ اللهِ، وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ
سَيَقُومُونَ أَوَّلاً
” (1تس4/16
وقول الربّ يسوع المسيح ”
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ
لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ
ابْنِ اللَّهِ وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ
” (يو5/25).
فقد أساءوا الاختيار والمقارنة لأنَّ الربّ يسوع المسيح كان يكلِّم السامعون الذين
كانوا يسمعونه وكان يتحدث عن القيامة من الموت الروحيّ!! بدليل قوله ”
تَأْتِي
سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ
“، وَالسَّامِعُونَ
يَحْيَوْنَ
” .

 

ثانيًا: هناك فرق بين ” صوت رئيس
الملائكة ” وصوت ابن اللَّه، فصوت رئيس الملائكة هو أحد الأصوات المصاحبة
للربِّ في مجيئه الثاني ولا دور له في قيامة الموتي، ليس هو صوت اِبن اللَّه الذي
يُحيي الموتي.

 

(4) ميخائيل الرئيس العظيم لبني إسرائيل:

 ثم
تقول كتاباتهم ” كما يعلن لنا الكتاب المقدس في سفر دانيال أنَّ ميخائيل
الرئيس العظيم، هو الذي سيقوم (يحمي) شعبه في زمان الضيق الذي سيسبق المجيء الثاني
وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَقُومُ مِيخَائِيلُ الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ
الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ وَيَكُونُ زَمَانُ ضِيقٍ لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ
أُمَّةٌ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يُنَجَّى شَعْبُكَ كُلُّ
مَنْ يُوجَدُ مَكْتُوباً فِي السِّفْرِ
” (دانيال12/1).
فهل يعقل أنْ تُعطي مسؤولية حماية شعب اللَّه في زمان الضيق لملاك
مخلوق؟ بالطبع لا. فالملائكة ليسوا إلاَّ

أَرْوَاحاً خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ
يَرِثُوا الْخَلاَصَ
!” (عبرانيين1/14).
والذي يتولَّي توجيه الملائكة لحماية أبناء الله المؤمنين ما هو إلاَّ الربّ يسوع
المسيح، المدعو ميخائيل، رئيس الملائكة
.

 وهنا يزعم الأدفنتست SDA أنَّ حماية بني إسرائيل لا يقدر أنْ يقوم بها مُجرَّد ملاك مخلوق
إنما يقوم بها اللَّه نفسه، الربّ يسوع المسيح، وبالتالي يزعمون أنَّ الملاك ميخائيل
هو المسيح!! في حين يقول لنا الكتاب أنَّ ملاك واحد أضاء الأرض كلِّها ”
ثُمَّ
بَعْدَ هَذَا رَأَيْتُ مَلاَكاً آخَرَ نَازِلاً مِنَ السَّمَاءِ، لَهُ سُلْطَانٌ
عَظِيمٌ. وَاسْتَنَارَتِ الأَرْضُ مِنْ بَهَائِهِ
” (رؤ18/1
وأنَّ اللَّه أرسل ملاكًا واحدًا ليُهلك أورشليم ”
وأَرْسَلَ
اللَّه مَلاكًا عَلَي أُورْشَلِيمِ لإِهْلاكِهَا
” (1أخ21/15
فهل يعجز رئيس ملائكة عن حماية شعب صغير جدًا كشعب إسرائيل؟!!

 وقد جاء في سفر دانيال أنَّ ميخائيل هو أحد مجموعة من رؤساء الملائكة
وَرَئِيسُ مَمْلَكَةِ فَارِسَ وَقَفَ مُقَابِلِي وَاحِداً
وَعِشْرِينَ يَوْماً وَهُوَذَا مِيخَائِيلُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ
الأَوَّلِينَ جَاءَ لِإِعَانَتِي وَأَنَا أُبْقِيتُ هُنَاكَ عِنْدَ مُلُوكِ
فَارِسَ
” (دا10/13)، وأنَّ
ملاك إسرائيل الحارس ولا يرأس غيرهم “
وَلَكِنِّي
أُخْبِرُكَ بِالْمَرْسُومِ فِي كِتَابِ الْحَقِّ. وَلاَ أَحَدٌ يَتَمَسَّكُ مَعِي
عَلَى هَؤُلاَءِ إِلاَّ مِيخَائِيلُ رَئِيسُكُمْ
” (دا10/21).
أمَّا المسيح فهو ملك الملوك ورب الأرباب ”
رَبُّ
الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ
” (رؤ17/14
وَلَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ اسْمٌ مَكْتُوبٌ: «مَلِكُ
الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ
” (رؤ19/16).

 ويزعم الأدفنتست SDA أنَّ الرؤساء المقصودين هنا في قوله ” وَاحِدٌ
مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ
“، هم الثالوث الأقدس
الآب والابن

والروح القدس!!

وهذا قمَّة التجديف لأن الآب والابن والروح القدس هم إلهٌ واحدٌ
لاهوتٌ واحدٌ، ثلاث صفات أساسيَّة في الذات الإلهيَّة؛ الأب في الابن والابن في
حضن الآب والروح القدس منبثق من الآب وفي ذات الأب كما زعموا، أيضًا، أنَّ الرؤساء
المقصودين هم المذكورين في سفر دانيال ”
رَئِيسِ
الْجُنْدِ
” (دا8/11)، ” رَئِيسِ
الرُّؤَسَاءِ
” (د81/35)، ” الْمَسِيحِ
الرَّئِيسِ
” (دا9/25)، ” وَرَئِيسُ
مَمْلَكَةِ فَارِسَ وَقَفَ مُقَابِلِي وَاحِداً وَعِشْرِينَ يَوْماً وَهُوَذَا
مِيخَائِيلُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ جَاءَ لإِعَانَتِي وَأَنَا
أُبْقِيتُ هُنَاكَ عِنْدَ مُلُوكِ فَارِسَ
“(دا10/13
رَئِيسُ الْيُونَانِ “(دا10/20)،”
مِيخَائِيلُ رَئِيسُكُمْ” (دا10/21
رَئِيسُ الْعَهْدِ“(دا11/22)!!
وهؤلاء الرؤساء منهم ملائكة أشرار كرئيسي مملكة فارس واليونان، ومنهم رئيس كهنة
اليهود ومنهم رئيس شعب إسرائيل، ومنهم المسيح نفسه ”
الْمَسِيحِ
الرَّئِيسِ
” ومنهم اللَّه نفسه.

فهل يُعقل أنْ يكون هذا الخليط من الذين وُصفوا بلقب رؤساء متساوون؟!!
وإذا كان هو أحد هؤلاء الرؤساء فإلي أي فئة ينتسب؟!

 وبرغم أنَّ الربّ يسوع المسيح وُصف برئيس الحياة (أع3/15
ورئيس كهنة فلا يعني ذلك أنَّه رئيس ملائكة، فالملائكة هم ملائكته، خليقته وهو
ربُّهم ومعبودهم ولا يمكن أنْ يكون رئيسهم، فرئيسهم لابدّ أنْ يكون منهم، مثلهم
وواحدٌ منهم. كما أنَّ ميخائيل لم يجرؤ أنْ ينتهر الشيطان ”
وَأَمَّا
مِيخَائِيلُ رَئِيسُ الْمَلاَئِكَةِ، فَلَمَّا خَاصَمَ إِبْلِيسَ مُحَاجّاً عَنْ
جَسَدِ مُوسَى، لَمْ يَجْسُرْ أَنْ يُورِدَ حُكْمَ افْتِرَاءٍ، بَلْ قَالَ:
«لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ»
” (يه1/9)، في حين أنَّ الربّ
يسوع كان ينتهر الشياطين وهي تصرخ أمامه؛ ”
وَإِذَا
هُمَا قَدْ صَرَخَا قَائِلَيْنِ: «مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللَّهِ؟
أَجِئْتَ إِلَى هُنَا قَبْلَ الْوَقْتِ لِتُعَذِّبَنَا؟»
” (مت8/29
وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أَيْضاً تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ
تَصْرُخُ وَتَقُولُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ!» فَانْتَهَرَهُمْ
وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ.

(
لو4/41).

 

(5) حرب في السماء بين ميخائيل والشيطان:

 ويزعم الأدفنتست SDA أنَّ ما جاء في رؤيا 12 ” وَحَدَثَتْ
حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ.
وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ وَلَمْ يَقْوُوا، فَلَمْ يُوجَدْ مَكَانُهُمْ
بَعْدَ ذَلِكَ فِي السَّمَاءِ. فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ
الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ
كُلَّهُ – طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ.

(
رؤ12/7-9). يدلّ علي أنَّ ميخائيل هو المسيح. ولكن هذا
الزعم غير صحيحٍ، فميخائيل يُحارب هنا كرئيس ملائكة اللَّه، وهو ليس أكثر من
مجرَّد رئيس ملائكة. وتُصوِّر الآيات السابقة في نفس الإصحاح الربّ يسوع المسيح
.

 

فَوَلَدَتِ ابْناً ذَكَراً عَتِيداً أَنْ
يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصاً مِنْ حَدِيدٍ. وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى
اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ
” (رؤ12/5
كما أنَّ الربّ يسوع المسيح لم يُدعَ أبدًا بملاك سواء في العهد الجديد أو في سفر
الرؤيا.

 

(1) يمكنكم أن تحيوا إلى الأبد في الفردوس على الأرض ص 66و67و72 .

(2) من الفردوس المفقود إلى الفردوس المردود ص 126و127.

(3) الحق الذي يحرركم ص 249 و Religion of
Mankind p .231

(4) يقولون في كتاب (ليكن الله صادقا ص 51-54) ؛ ” بذل بشريته
مفارقا إياها إلى الأبد 000 نعم بذل يسوع حياته البشرية مضحيا بها إلى الأبد 000
بقي يسوع ميتا ثلاثة أيام 0 وفي صباح اليوم الثالث ذكره الله، الخالد الوحيد،
وأعاده إلى الوجود، ولكن لا إلى المستوي الإنساني كابن بشري لله، بل إلى المستوي
الروحاني، وكابن روحي خالد وقدير 0 ودفع له الله كل قوه وسلطان في السماء وعلي
الأرض “.

(5)
Religion
of Mankind p. 259
.

(6) مخطوطات – قمران البحر الميت ج
2: 32و39مع
The Apocryphal O T p.192,208

(7) دائرة المعارف الكتابية ج 7 .

(8) David Brauce
Michael the Archangel
. p. 5

(9) وقد
بنت ألين هوايت النبية المزعومة زعمها بأن ميخائيل أقام موسى النبي من الموت بناء
على فهم خاطئ لما جاء في بعض التقاليد والكتابات اليهودية التي كانت منتشرة في
القرن الأول الميلادي والتي تقول أن موسى كان قدوساً لدرجة أن الله لم يجد سبباً
يسمح له بالوت، وكان السبب في موت موسى هو خطية آدم التي جلبت الموت . وعند موت
موسى حدث صراع بين الملاك ميخائيل والشيطان، فقد طالب الشيطان بموته لأنه خاطئ
وخطيته هي أنه قتل المصري، وكانت حجة الملاك ميخائيل أن الشيطان هو سبب الخطية .
وهناك تقليد آخر جاء في أحد كتب اليهود ويدعى ” صعود موسى “، كما يؤكد
ذلك اكليمندس الإسكندري وديديموس الضرير وأوريجانوس في تفسيرهم لما جاء في رسالة
يهوذا 9 ” وأما ميخائيل رئيس الملائكة فلما خاصم إبليس محاجاً عن جسد موسى لم
يجسر أن يورد حكم افتراء بل قال لينتهرك الرب ” ويقول، التقليد، ” عندما
مات موسى أرسل الله ميخائيل رئيس الملائكة ليدفن الجسد ولكن الشيطان أحتج عليه
وأدهى أنه هو صاحب الحق في دفنه لأن موسى كان قاتلاً فقد قتل المصري الذي رآه يقتل
أخاه العبراني (خر12: 2)، ومن ثم فجسد موسى يخصه هو، وبناء عليه يقع جسد موسى ضمن
المادة ” . وأخترع، ابتدع، ادفنتست اليوم السابع
SDA قصة إقامة موسى من الموت ليبرروا ظهوره هو
وإيليا مع الرب يسوع المسيح على جبل التجلي!!

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى