اسئلة مسيحية

لماذا لم يقم الله بعمل الفداء منذ أيام آدم، حسب وعده الإلهي له؟ لماذا تأخر آلاف السنين، حتى أتم هذا الفداء؟



لماذا لم يقم الله بعمل الفداء منذ أيام آدم، حسب وعده الإلهي له؟ لماذا<br /> تأخر آلاف السنين، حتى أتم هذا الفداء؟

لماذا لم يقم الله بعمل الفداء منذ أيام آدم، حسب وعده الإلهي له؟
لماذا تأخر آلاف السنين، حتى أتم هذا الفداء؟

لم
يكن القصد مجرد عمل الفداء. وإنما بالأكثر إيمان الناس بهذا الفداء، وبالمخلص الذي
يفديهم.و بهذا يخلصون.

وهذا
الأمر كان يلزمه مدي زمني لشرح عملية الفداء وتدريب الناس علي قبولها وعلي محبة
الله الذي يفديهم. ولو أن الأمر قد تم منذ آدم ما كان أحد قد فهمه ولا قبله. ثم من
الذي يموت من أبناء آدم عوضاً عن الكل؟!

 

كان
كل البشرية إذن أن تفهم فكرة الفداء ذاتها وهي:

 

1-
مبدأ الكفارة أي أن نفساً تموت عوضاً عن نفس.

 

علي
شرط أن تكون النفس التي تقوم بعملية الكفارة نفساً بارة بلا خطية. لأن النفس
الخاطئة تموت عن خطيتها فلا تفدي أحداً. أما النفس البارة فيمكنها أن تموت عن
غيرها. ولم يكن في البشرية أحد بار، إذ الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله (مز
14: 1، 2).

 

2-كان
عليهم أن يعرفوا أن الخطية موجهة ضد الله. ومادام الله غير محدود، إذن فالخطية
الموجهة ضده غير محدودة.و الكفارة التي تبذل لمغفرتها ينبغي أن تكون غير محدودة.و
لا يوجد غير محدود إلا الله، لذلك كان يجب أن يقوم الله بهذه الكفارة. فيعطي مغفرة
غير محدودة، تكفي لمغفرة جميع الخطايا لجميع الناس في جميع العصور.

 

3-
وهذا الأمر كان يعني عقيدة التجسد.

 

4-
وكل هذا كان يلزمه مدي زمني طويل لشرحه وتدريب الناس عليه. وهكذا بدأ الله يعلمهم
فكرة الذبائح ولزومها لمغفرة الخطايا. وأخذ الناس يمارسون تقديم الذبائح حتى صارت
هذه عقيدة مستقرة عندهم.

 

5-
وكان يلزم أن يولد الفادي من عذراء، حتى يكون قدوساً في ميلاده، بغير زرع بشر، فلا
يرث الخطية الأصلية التي فسدت بها كل البشرية، واستحقت العقوبة.

 

6-
إذن كان يجب الإنتظار حتى تولد تلك العذراء القديسة التي تحتمل هذا المجد العظيم،
أن تكون وعاء للتجسد الإلهي.. وطبعاً انتظرت البشرية حتى تولد هذه القديسة.

 

7-
وأيضاً كان لابد من انتظار فترة تتكامل فيها النبوات من جهة هذا المولود الفادي،و
الظروف الخاصة به، حتى يمكن أن تتعرف عليه البشرية وتعرف أن هذا هو المسيا المنتظر
الذي سوف يخلصهم ويفديهم، ويؤمنوا به فادياً ومخلصاً.

 

8-
وكان لابد ايضاً الإنتظار حتى يولد المعمدان الذي يهيئ الطريق قدامه بمعمودية
التوبة.و احتاج هذا أيضاً إلي زمن.

 

9-
وكان لا بد من نقل النبوات إلي لغة عالمية لكي يعرفها بها الناس. بل لا بد أن توجد
تلك اللغة العالمية أولاً (أي اليونانية) التي ترجمت إليها كل كتب العهد القديم
وما تحمله من نبوءات ورموز. وكان ذلك في عهد بطليموس الثاني (فيلادلفوس) في القرن
الثالث قبل المسيح.

 

10-
وكان لا بد من الإنتظار أيضاً حتى يولد أولئك الذين يحملون مسئولية الكرازة
وتوصيلها إلي العالم كله بكل أمانة ودقة. وطبعاً استغرق كل ذلك وقتاً.

 

11-
لهذا قال القديس بولس الرسول عن التجسد الإلهي ” ولكن لما جاء ملء الزمان،
أرسل الله إبنه مولوداً من إمرأة تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس ”
(غل 4: 4).

 

هذا
هو ملء الزمان، الذي كملت فيه كل النبوءات والرموز الخاصة بمجئ المسيح للفداء،
وكمل فيه استعداد البشرية لقبول رسالة الفداء، وكمل إعداد الأشخاص الذين يخدمون
الرسالة ونقلها إلي كل الناس.

 

و
بهذا حينما يتم الفداء يفهمه الناس ويؤمنون به. ومن يؤمن به ينال الخلاص الذي اراد
الله تقديمه للناس بالكفارة. وهكذا شرح السيد المسيح لتلاميذه جميع ما تكلم به
الأنبياء من جهته وابتدأ من موسي ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به
في جميع الكتب (لو 24: 26، 27). وأراهم ” أنه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب
عنه في ناموس موسي والأنبياء والمزامير.. أنه كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من
الأموات في اليوم الثالث، وأن يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم
” (لو 24: 44 – 47).

 

تري
لو كان الأمر قد بدأ قبل عصر الأنبياء،و قبل إنتشار فكرة الكفارة والذبيحة والفداء،
من كان سيعرف؟ ومن كان سيؤمن؟!

 

أم
هل المقصود أن يتم الفداء، ولا يلاحظه أحد،و لا يدركه أحد، ولا يؤمن به أحد؟! ولا
يعرف أحد أنه ” هكذا أحب الله العالم، حتى بذل إبنه الوحيد، لكي لا يهلك كل
من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية ” (يو 3: 16).

 

إن
أعمال الله كلها بحكمة…ولست السرعة هي الهدف. إنما الهدف هو إيمان الناس بالفداء
حينما يقوم به الله، لكي بهذا الإيمان يخلص الجميع.و لكي يعرفوا مقدار محبة الله
لهم التي جعلته يفديهم ويخلصهم. وفي هذا قال القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولي
” في هذا هو المحبة: ليس أننا نحن أحببنا الله، بل أنه هو أحبنا، وأرسل إبنه
الوحيد كفارة عن خطايانا ” (1 يو 4: 10). ومن له أذنان للسمع فليسمع.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى