اسئلة مسيحية

لماذا لم يغفر الرب ليهوذا، مثلما غفر لصالبيه ولبطرس الذي أنكر؟و إن كان يهوذا قد انتحر، ألا يجوز أن نعتبر أنه لم يكن حينذاك متم



لماذا لم يغفر الرب ليهوذا، مثلما غفر لصالبيه ولبطرس الذي أنكر؟و إن كان<br /> يهوذا قد انتحر، ألا يجوز أن نعتبر أنه لم يكن حينذاك متم

لماذا لم يغفر الرب ليهوذا، مثلما غفر لصالبيه ولبطرس الذي أنكر؟و إن
كان يهوذا قد انتحر، ألا يجوز أن نعتبر أنه لم يكن حينذاك متمالكاً لعقله، بحيث
يغفر له ضمن الذين لا تقع عليهم مسئولية بسبب حالتهم العقلية؟

كما أنه أليس الشيطان هو المحرك ليهوذا، فلماذا يتحمل الدينونة؟

 

الرد:

عجيب
كل هذا الدفاع عن يهوذا، الذي ثبت أنه هلك!!

فقد
قال عنه الرب ” ويل لذلك الرجل الذي به يسلم إبن الإنسان. كان خيراً لذلك
الرجل لو لم يولد ” (مت 26: 24). وفي مناجاته للآب قال ” الذين أعطيتني
حفظتهم ولم يهلك منهم أحد، إلا إبن الهلاك ليتم الكتاب ” (يو 17: 12). وفي
كلامه مع بيلاطس، قال له “.. لذلك الذي أسلمني إليك له خطية أعظم ” (يو
19: 11). وعندما غسل الرب أرجل تلاميذه، قال لهم ” أنتم طاهرون،و لكن ليس
كلكم. لأنه عرف مسلمه..”(يو 13: 10، 11). وعندما اختار الآباء الرسل بديلاً
ليهوذا، تذكروا ما قيل عنه في سفر المزامير ” لتصر داره خراباً،و لا يكون
فيها ساكن، وليأخذ وظيفته (أسقفيته) آخر ” (أع 1: 20) (مز 69: 25).

 

أما
عن أن الشيطان كان المحرك ليهوذا:

فهذا
صحيح، إذ قيل عنه يوم الفصح الأخير ” فبعدما أخذ اللقمة دخله الشيطان..”
وأنه بعد ذلك ” خرج للوقت وكان ليلاً ” (يو 13: 27، 30). والشيطان كما
حرك يهوذا، حرك رؤساء الكهنة ايضاً. وهو يحرك أعوانه في كل زمان ومكان. وهو الذي
حرك حواء في الخطية الأولي (تك 3: 1 – 7).

 

ولكن
كان علي يهوذا عدم الخضوع لمشورة الشيطان.

والكتاب
يقول ” قاوموا إبليس فيهرب منكم ” (يع 3: 7). ويقول أيضاً ” قاوموه
راسخين في الإيمان، عالمين أن نفس هذه الآلام تجري علي أخوتكم الذين في العالم
” (1 بط 5: 9). الشيطان عمله أن يحرك الناس نحو الخطية. ولكن عليهم ألا
يستسلموا له، بل يقاوموه بكل قوة. والرسول يوبخ علي عدم الجدية في المقاومة فيقول
” لم تقاوموا بعد حتي الدم، مجاهدين ضد الخطية ” (عب 12 ك 4).

 

أما
عن المقارنة بإنكار بطرس، فنقول: هناك فرق بين خطية الضعف وخطية الخيانة.

بطرس
الرسول كان يحب المسيح من كل قلبه. وقد أنكره عن خوف في حالة ضعف. وبعدها بكي
بكاءً مراً (مت 26: 75). وبعد القيامة قال للسيد ” يا رب، أنت تعلم كل شئ.
أنت تعلم أني أحبك ” (يو 21: 17). أما يهوذا فقد كان خائناً، إ باع سيده
بالمال، وأسلمه إلي أيدي أعدائه بنفسية رخيصة. ولم يبال بكل الإنذارات التي أنذره
بها الرب وهي كثيرة!! وقد قيل في حقارة نفسيته: ” حينئذ ذهب واحد من الإثني
عشر يدعي يهوذا الأسخريوطي وقال: ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم؟ فجعلوا
له ثلاثين من الفضة. ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه ” (مت 26: 14 – 16).

 

فعل
هذا، وكان واحداً من تلاميذه، وفي موقع المسئولية.

إذ
كانت في يده عهدة الصندوق، ليدفع منه للفقراء. وللأسف لم يكن يبالي بالفقراء،
” وكان الصندوق عنده،و كان يحمل ما يلقي فيه ” (يو 12: 6).و لا شك أن
الرب كان يعرف، ولم يشأ أن يكشف سرقته للناس.. ولأنه كان واحداً من الخاصة، قيل عن
الرب إنه ” جرح في بيت أحبائه ” (زك 13: 6). وقيل عنه في المزمور ”
الذي أكل خبزي رفع علي عقبه ” (مز 41: 9). حقاً ما أخس الخيانة، حين تأتي من
الأصدقاء ومن المحسن إليهم!!

 

حقاً،
إنه ندم، ولكن بعد فوات الفرصة.

بعد
أن حكم مجلس السنهدريم بإدانة الرب يسوع وأنه مستحق الموت ” وأوثقوه ودفعوه
إلي بيلاطس البنطي الوالي “. حينئذ لما رأي يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين، ندم
ورد الثلاثين من الفضة… قائلاً: أخطأت إذ أسلمت دماً برئياً..”(مت 27: 1 –
4)… سهل علي الإنسان أن يحتمل احتقار الآخرين له. ولكن من الصعب أن يحتمل احتقار
نفسه. وهذا ما حدث مع يهوذا… وصل يهوذا إلي احتقاره لنفسه. ولم يحتمل. ”
فمض وخنق نفسه “(مت 27: 5).

 

و
لم يخنق نفسه، وهو فاقد العقل…!

بكل
عقل حكم علي نفسه أنه قد أخطأ إذ أسلم دماً بريئاً،و بعقل أعاد المال إلي رؤساء
الكهنة،و اعترف بخطيئته.و لما رفض الكهنة إلغاء الصفقة التي بينهم وبينه، ”
طرح الفضة في الهيكل وانصرف ” (مت 27: 5). وليست هذه تصرفات إنسان فاقد العقل.
بل بكل عقل فعل هذا. وبعدها ” مضي وخنق نفسه “.

أما
قول الرب ” يا أبتاه اغفر لهم، لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون ” (لو 23: 34)،
فإنها لا تنطبق عليه.

 

إنه
بلا شك كان يدري كل ما فعل…

أما
الذين صلبوا السيد المسيح، فقد قال عنهم الرسول ” لأنهم لو عرفوا، لما صلبوا
رب المجد ” (1 كو 2: 8). ومع ذلك فقول السيد لم يكن يعني أن خطاياهم قد غفرت.
إنما يعني أن باب الغفران قد فتح أمام الجميع بصلبه. ومع ذلك كان للغفران شروط: منها
الإيمان (يو 3: 16)،و التوبة والمعمودية (أع 2: 38) (مر 16: 16). ولمزيد من الشرح،
يمكن أن تقرأ كتابنا (الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى