اللاهوت المقارن

ذبيحة القداس



ذبيحة القداس

ذبيحة
القداس

“أما هذا فبعدما قدم
عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله” (عبرانيين 10: 12).

تعلم
الكنيسة الكاثوليكية أن الكاهن بعد أن يكرس الخبز والخمر المستعملين في القداس
تتحولان إلى جسد ودم ونفس ولاهوت المسيح ابن الله، أي إلى الله بالذات. وقد أعلن
في مجمع ترنت
Trent: “في سر الأوخارست الطاهر المقدس، وبعد تكريس الخبز والخمر،
تتحول هذه إلى ذات المسيح – الإله والإنسان. وهذه الحقيقة متضمنة تحت الأشياء
الظاهرة المنظورة”.

وتعلم
هذه الكنيسة أيضاً أنه يقدم في القداس ذبيحة طاهرة عن الأحياء والأموات، وأن هذه
الذبيحة تكرر عند ممارسة كل قداس، وأن الذبيحة في القداس هي ذبيحة جسد ودم يسوع
المسيح الغير دموية. ولكن هذا القول “ذبيحة جسد ودم يسوع المسيح الغير
دموية” هو قول غير معقول ومتناقض، لأنه لا يوجد شيء يدعى “ذبيحة دم غير
دموية”. يصرح الكتاب المقدس أنه “بدون سفك دم لا تحصل مغفرة”.
وبدون دم لا توجد ذبيحة. وبالتأكيد فإنه لا يوجد أي دم في “ذبيحة
القداس”.

إن
الشركة المقدسة والعشاء السري هي أسماء مختلفة لنفس السر. وقد أمر به الرب لكي
نمارسه كذكرى ذبيحة نفسه على الصليب من أجلنا. فالعشاء السري يسمى الشركة المقدسة
أو الأوخارست.

إن
فكرة القداس على ما هي عليه لم تخطر على بال أحد في أيام الرسل، فآباء الكنيسة لم
يعرفوا شيئاً عن هذه العقيدة في القرون الأولى. وعقيدة الاستحالة تقرر كعقيدة إلا
عام 1215 في مجمع لاتيران الرابع
Lateran برئاسة البابا إنوسنت الثالث. فالآباء الذين جاءوا قبل انعقاد
مجمع نيقية كتبوا خلال القرون الثلاثة الأولى عن موضوع العشاء السري ولكننا لا
نستدل في كتاباتهم إلى ما يشير أنهم آمنوا بعقيدة الذبيحة في القداس. فهناك جستن
مارتير
Justin Martyr الذي يصف اجتماع المؤمنين الأسبوعي وصفاً دقيقاً ويوضح اشتراكهم
في هذه الوجبة البسيطة المؤلفة من الخبز والخمر (العشاء الرباني) لذكرى موت
المخلص. وفي الرسالة التي أرسلها بليني
Pliny، عندما كان حاكماً
على بيثينيا
Bythinia، والتي يستفسر فيها عن الشرور التي اقترفها المسيحيون ليستحقوا
الموت، وقد وجهها إلى الإمبراطور تراجان
Trajan، يقول بليني إن
جواسيسه الذين بثهم بين جماعات المسيحيين قالوا عن المسيحيين يجتمعون لقراءة
الكتاب المقدس والصلاة والترانيم، وأيضاً للاشتراك في وجبة طعام بسيطة جداً مؤلفة
من خبز وخمر (العشاء السري).

وعليه
يظهر أن عقيدة الذبيحة في القداس لم يعلمها الرسل ولا عرفها المسيحيون في القرون
الأولى، إذ أن العقيدة اخترعت وتطورت بعد عدة مئات من السنين كنتيجة لزيادة احتكاك
الوثنية بالكنيسة والتأثير عليها.

وكأي
كنيسة مسيحية، تسلم الكنيسة الكاثوليكية بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله الموحى
بها بالروح القدس. إذاً لنرجع إلى هذا المصدر الإلهي لنرى ما يقوله في هذا
الموضوع:

“إن
المسيح بعدما أقيم من الأموات لا يموت أيضاً” (رومية 6: 9).

“قد
مات للخطية مرة واحدة” (رومية 6: 10).

“الذي
ليس له اضطرار كل يوم، مثل رؤساء الكهنة، أن يقدم ذبائح أولاً عن خطايا نفسه، ثم
عن خطايا الشعب، لأنه فعل هذا مرة واحدة إذ قدم نفسه” (عبرانيين 7: 27).

“وأما
المسيح، وهو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة… دخل مرة واحدة إلى الأقداس”
(عب 9: 11، 12).

“لأن
المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقية، بل إلى السماء عينها، ليظهر
الآن أمام وجه الله لأجلنا. ولا ليقدم نفسه مراراً كثيرة… ولكنه الآن قد أظهر
مرة عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه… هكذا المسيح أيضاً بعد ما قدم
مرة لكي يحمل خطايا كثيرين” (عب 9: 24 – 28).

“…
نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحد” (عب 7: 10).

“وأما
هذا فبعدما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله” (عب 10:
12).

إن
حقيقة جلوس المسيح هو للدلالة على أن عمله قد أكمل. هذا العمل الكفاري الكامل الذي
لا يتكرر ولا يعاد، ولا يمكن للمسيح أن ينزل من ذلك المكان العظيم ليقدم ذبيحة على
أي مذبح، لأنه قد عمل “ذبيحة واحدة من أجل خطايانا إلى الأبد”.

“لأنه
بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين” (عب 10: 14).

“ولن
أذكر خطاياهم وتعدياتهم فيما بعد. وإنما حيث تكون مغفرة لهذه لا يكون بعد قربان عن
الخطية” (عب 10: 17، 18).

“فإن
المسيح تألم مرة واحدة من أجل الخطايا، البار من أجل الأثمة، لكي يقربنا إلى
الله…”
(1 بط 3: 18).

وهكذا
فإنه بحسب كلمة الله “لا يموت المسيح أكثر من مرة واحدة” و “مات
مرة واحدة من أجل الخطايا” وقدم المسيح نفسه “مرة واحدة من أجل
الجميع” وكانت “ذبيحة واحدة من أجل خطايانا إلى الأبد” لذلك
“لا تكون ذبيحة أكثر من أجل الخطية”. كيف يكون إذاً هذا الذي تعمله
الكنيسة الكاثوليكية بأن المسيح يقدم ذبيحة في كل قداس؟ مع أن كلمات العهد الجديد
تعلن للملأ عن الذبيحة الكاملة الفعالة الغير متكررة التي قدمها المسيح على عود
الصليب مرة واحدة، متمماً بذلك قصد الله وخطته. إن الإيمان بذبيحة المسيح الكفارية
يمحو جميع الآثام ويغفر كل الخطايا “وأما حيث تكون مغفرة هذه لا يكون بعد
قربان عن الخطية” (عب 10: 11)، والذبيحة الخالية من الدم في القداس هي بدون
قيمة أبداً لأنه “بدون سفك دم لا تحصل على مغفرة”.

إن
الوسيلة الوحيدة لمغفرة الخطايا والتطهير الكامل هي ذبيحة المسيح الوحيدة على
الصليب. هذا ما تعلنه كلمة الله. فأي الأمرين تقبل – حكمة الله أم عقيدة روما؟

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى