اللاهوت الطقسي

الفصل السابع



الفصل السابع

الفصل السابع

بعض الرموز الروحية لخيمة الاجتماع

V مواد
صنع الخيمة:

تتدرج قيمة
المعادن المصنوع منها أجزاء الخيمة من الخارج إلى الداخل تدرجاً تصاعدياً:

ففى الدار
الخارجية.. نحاس وفضة.

فى القدس
وقدس الأقداس.. فضة وذهب.

ففى الدار
الخارجية لكل إنسان عادى أن يدخل. وإلى القدس يدخل الكهنة فقط. وإلى قدس الأقداس
يدخل رئيس الكهنة فقط.

فكلما دخلنا
للأعماق نكتشف الأمجاد الإلهية.

 

(1) الذهب Gold:

لم يتردد
ذكر أى معدن فى أسفار العهد القديم، ولا تعددت أوصافه، مثل الذهب” وهو بنفس اللفظ ذهب” فى العبرية.

والذهب من
أثمن المعادن وأثقلها. وهو أكثر المعادن قابلية للطرق والسحب. كما أنه قابل للخلط
بالكثير من المعادن الأخرى لصنع السبائك، مثل الفضة والنحاس والبلاتين وغيرها.

وكان الذهب
يُصنع على شكل صفائح رقيقة، وتُقطع بعض هذه الصفائح على شكل أسلاك رفيعة. فالصفائح
تغشى بها أجزاء الخيمة، والأسلاك تُوشى بها ملابس رئيس الكهنة.

أول ذكر
للذهب فى الكتاب المقدس كان فى الجنة (تكوين 2: 1)، فكان فى أرضها ذهب وآخر
مرة يُذكر فيها الذهب فى (رؤيا يوحنا 21: 18 و21) فأورشليم السمائية كلها
ذهب وأحجار كريمة. والمعنى يشير إلى إن ما كان فى الجنة وفقدناه، سنحصل علية ثانية
فى السماء، الذهب يشير إلى مجد الله والسمائيات.. وحيث أن آدم كان يتمتع بمجد الله
فى الجنة قيل أن ذهب تلك الأرض جيد. فالذهب إشارة إلى السماويات من حيث أنه لا
يصدأ، فلا يبلى.

لذلك كان
القدس وقدس الأقداس مغشى بالذهب فى كل مكان من الخيمة والهيكل رمزاً لأورشليم
السمائية، حتى أرضية الهيكل كانت ذهباً (ملوك الأول 6: 30) وفى (رؤيا
يوحنا 21: 15)
نجد قياس المدينة بقصبة ذهب والمعنى أن من يدخل هذه المدينة
لابد أن يكون له مقاييس سمائية.

 

(2) الفضة Silver:

أول مرة يرد
فيها ذكر الفضة فى الكتاب المقدس فى (تكوين 13: 2)، كإعلان عن غنى إبراهيم
وكانت الفضة تستخدم كنقود، فاخوة يوسف باعوه بعشرين من الفضة، وتشير الفضة أيضاً،
لكلمة الله لنقاوتها ولونها الأبيض “كلمة الله كالفضة” (مزمور 12: 6)
ثم نسمع عن فدية الكفارة (خروج 30: 11 – 16)، فقد أمر الرب موسى بأن يأخذ من
الرجال المعدودين الذين تزيد سنهم عن العشرين فدية عن عددهم، نصف شاقل تقدمة للقدس
لئلا يصير فيهم الوباء عند عدهم.

كان مجموع
ما جُمع مائة وزنة، 1775 شاقل (خروج 38: 25)، وبما أن الوزنة 3000 شاقل إذن
عدد ما جمع 301775 شاقل، ولقد كان كل ما دفعه كل فرد من المعدودين هو نصف شاقل،
إذاً عدد من دفعوا الضريبة 301775 × 2 = 603550 وهو يطابق عدد الرجال المذكورين في
سفر العدد (عدد 2: 32). ومن هذه الفضة صُنعت قواعد جدران المسكن.

2 ×
(20+20+8) = 2 × 48 = 96 قاعدة + 4 قواعد للحجاب = 100 قاعدة صُنعت، كل قاعدة من
وزنة من الفضة (خروج 38: 27)، (ومن الباقي صُنعت رزز وقضبان وغشاء رؤوس
أعمدة الدار).

هذه هي فضة
الكفارة التي على أساسها يقوم كل البناء، بل وبها تترابط الأعمدة في دار الخيمة
بقضبان ورزز الفضة وتُتوج رؤوسها بغشاء من الفضة. وهذا كله يشير إلى أن الكفارة هي
أساس كل عمل الله لأجل شعبه، ومحور علاقته بهم، وتاج سكناه في وسطهم. وهو إن كان
قد طالبهم بأن يدفعوا كل واحد فدية عن نفسه للرب للتكفير عن أنفسهم، تقدمة زهيدة
من الفضة يتساوى فيها الفقير مع الغني: “الغني لا يزيدُ والفقير لا
يُنقص” (خروج 30: 15 الترجمة الجديدة)، فلكي يبين أن الجميع في حاجة
إلى الكفارة على حد سواء. فلا فرق بين غني وفقير ولا بين عظيم وحقير، فالكل يتساوى
فيما يختص بالكفارة: ف “الجميع زاغوا وفسدوا معاً.. الجميع أخطأوا وأعوزهم
مجد الله” (رومية 3: 12و23).

ولكن هل
بالفضة يُفتدى الإنسان؟ حاشا، بل لقد افتدى الله شعبه من عبودية مصر وفدى أبكاره
بدم الفصح. بل أعلن بفم إشعياء النبي أنه جعل مصر فدية لشعبه، إذ قال: “لأني
أنا الرب إلهك قدوس إسرائيل مخلصك. جعلت مصر فديتك، كوش وسبا عوضك إذ صرت عزيزاً
في عيني مكرماً وأنا قد أحببتك، أعطي أناساً عوضك وشعوباً عوض نفسك” (إشعياء
43: 3و4).
لذلك أوصى الرب بني إسرائيل بأنهم متى أدخلهم أرض الكنعانيين كما
حلف لهم ولآبائهم وأعطاهم إياها، أنهم يقدمون للرب كل فاتح رحم وكل بكر من نتاج
البهائم التى تكون لهم، الذكور للرب.. وكل بكر إنسان من أولاده يفديه (خروج 13:
11-16).
هذه كانت الفدية التى فدى بها الرب شعبه من بيت العبودية، وطالبهم بأن
يقدموا مقابل فدائهم فدية عن كل أبكارهم. لذلك رنم الشعب عند خروجه من أرض مصر
قائلاً: “ترشد برأفتك الشعب الذي فديته، تهديه بقوتك إلى مسكن قدسك..
(خروج 15: 13).

إذن، فلقد
فدى الله شعبه من بيت العبودية وهداهم بقوته إلى مسكن قدسه، وكل ما يطلبه منهم أن
يثبتوا في طاعته ويخضعوا لربوبيته، والآن يطلب منهم أن يبنوا له مسكناً ليسكن فيه
في وسطهم. أما أساس هذا البيت فهو فضة الكفارة التى يدفعها كل المعدودين من شعبه
فدية عن أنفسهم، لكي يذكروا فدية الرب لهم من كل الأوبئة والضربات التي ضرب بها
المصريين، وآخرها ضربة الأبكار التي مات فيها كل أبكار المصريين، أما أبكارهم فلم
يصبهم أذى. فهذه الفضة، إذن، ليست مقابل التكفير عنهم، ولا هي التى فدتهم، بل إنه
الرب الذي فداهم بقوته، وأراد أن يحفر في وعيهم أن فداءه لهم هو أساس سكناه في
وسطهم وعلاقته بهم وقبوله لعبادتهم وتقدماتهم.

ولكن، ما هي
علاقة الكفارة بالتعداد؟

يتبين من
سفر العدد، أن تعداد الشعب كان بأمر الرب ويتعلق بترتيب سكناهم حول خيمة الاجتماع
وخدمتهم لها، ثم لأجل خروجهم للحرب ضد أعدائهم، ثم لأجل امتلاكهم لأرض الموعد
وتقسيم ميراثها عليهم. ولم يكن إحصاء إسرائيل إلا من حق الله وحده الذي فدى شعبه
لنفسه فصاروا خاصته الذين يعرفهم بأسمائهم ويحدد لكل منهم موقعه أمامه وعمله
وخدمته. هذه الحقيقة نجدها واضحة كل الوضوح في سفر العدد: فإسرائيل هم جند الرب
وخدامه، يوزعهم كما يحلو له، ويعّين لكل واحد العمل الذي يناسبه. وكرجال للحرب،
مخصصين للرب، كانوا يحاربون حروب الرب من أجل مجد اسمه، لأن “الرب رجل الحرب،
الرب اسمه” (خروج 15: 3)، “الرب القدير الجبار، الرب الجبار في
القتال” (مزمور 24: 8).

كل جند
السماء هي له، وكذا جيوش شعبه على الأرض. وكم كانت غيرة الرب عظيمة في حفظه لهذا
الامتياز الذي يخصه حينما أخطأ داود وتعدّى على حق الرب وأحصى الشعب بدون مشورة
الرب وبهدف الافتخار،
كما جاء في سفر أخبار الأيام الأول: “ووقف الشيطان
ضد إسرائيل وأغوى ليحصى إسرائيل. فقال داود ليوآب ولرؤساء الشعب: اذهبوا عّدوا
إسرائيل من بئر سبع إلى دان، وأُتوا إلىَّ فأعلم عددهم. فقال يوآب ليزد الرب على
شعبه أمثالهم مئة ضعف. أليسوا جميعاً يا سيدي الملك عبيداً لسيدي؟ لماذا يطلب هذا
سيدي؟ لماذا يكون سبب إثم لإسرائيل؟ فاشتد كلام الملك على يوآب.. وقبح في عيني
الله هذا الأمر فضرب إسرائيل. فقال داود لله: لقد أخطأت جداً حيث عملت هذا
الأمر. والآن أزل إثم عبدك لأني سفهت جداً” (أخبار الأيام الأول 21:
1-4و7و8)
. وهذا ما فطن إليه يوآب رئيس جيش داود، الذي كان رجلاً جبار بأس
عاتياً، إلا أنه أحسَّ بالخطأ الذي وقع فيه داود وحاول أن يثنيه عنه، مبيناً له أن
بركة الرب تغنى، وأنه ليس بالعدد ولا بالقوة أو بالقدرة بل بروح الرب تكون النصرة.

فالله الذي
فدى شعبه هو الذي له الحق وحده أن يأمر بتعدادهم، لأنه هو ملكهم، وهم خاصته الذين
اشتراهم. أما الفضة التي يقدمها كل واحد من المعدودين للتكفير عن أنفسهم، فهي لكي
يذكروا أنهم ليسوا ملكاً لأنفسهم بل للذي فداهم، وإقراراً منهم بأنهم خطاة وفي
حاجة إلى الفداء، وبأنهم مدينون له بحياتهم ونجاتهم من الموت، ومثولهم في حضرة
الرب واحتسابهم من خاصته. وفي هذا كله إشارة إلي الفداء الذي أتمه المسيح في ملء
الزمان لكي يقتنينا له شعباً خاصاً، كقول القديس بولس الرسول:

E “الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع” (تيموثاوس الأولى
2: 6)
. وهذا ما يؤكده لنا الوحي أيضاً على لسان القديس بطرس الرسول قائلاً:

E “عالمين أنكم افتديتم، لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم
الباطلة التي تقلدتموها من الآباء، بل بدم كريم كما حمل بلا عيب ولا دنس، دم
المسيح معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم، ولكن قد أُظهر في الأزمنة الأخيرة من
أجلكم” (بطرس الأولى 1: 18-20).

 

(3) النحاس:
Copper

أول مرة
ذُكر فيها النحاس كانت في (تكوين 4: 22)، ولكن الذهب ذُكر أولاً، فمجد الله
أولاً.

وقد ذُكر
الذهب قبل السقوط. أما النحاس فُذكر بعد السقوط، والنحاس يوجد في أماكن كثيرة من
العالم. ويوجد مختلطاً بالشوائب غالباً، لذلك يحتاج للتنقية، والتنقية تحتاج
للنار، وهو معدن لونه مائل إلى الأحمرار، لين فيسهل طرقه وتشكيله في شكل أواني أو
ألواح تغطي أشياء أخرى مثل مذبح المحرقة، وأيضاً الصقل واللمعان حتى كانت تُصنع
منه المرائي، كما يتميز بمقاومته العالية للنيران بدرجة تفوق الذهب والفضة، كما
يفوقهما في المتانة. فالنحاس في مقاومته للنار يرمز إلى قوة احتمال حب المصلوب
لنار الدينونة.. يقول الكتاب “من أجل السرور الموضوع أمامه خلاصنا احتمل
الصليب مستهيناً بالخزي” (عبرانيين 12: 2).

والنحاس
يشير إلى القصاص والعدالة وهو يشير للصلابة، فعندما تأثر أيوب بما وقع عليه من
مصائب قال “هل لحمي نحاس” (أيوب 6: 12).

 

(4) خشب
السنط
Acacia wood:

السنط شجر
من الفصيلة القرنية، وهو متين معمر، وليس من السهل على الحشرات أن تنخر فيه. وهو
أسمر يميل إلى الُحمرة، وقد ذُكر ستاً وعشرين مرة في الكتاب المقدس. وقد ذكر
إشعياء النبي السنط بين الأشجار التي ينبتها الله في البرية (إشعياء 41: 19).
وهو يرمز إلى ناسوت الرب يسوع كما في التابوت، لأن السنط:

أ. هو خشب أى
نبت “نبت قدامه كفرخ وكعرق من أرض يابسة” (إشعياء 53: 2).

ب. أنه لا
يفسد “لن تدع تقيك يرى فساداً” (مزمور 16: 10).

ج. الخشب من
نتاج الأرض والمسيح اتخذ له جسداً من الأرض.

وفيما بعد
استخدم سليمان الأرز من لبنان الخضراء لبناء الهيكل. أما الخيمة التي أُقيمت في
برية سيناء فقد اُستخدم في صنعها خشب السنط الذي ينمو بكثرة في سيناء إشارة إلى
برية العالم المقفر التي نبت فيها الرب يسوع كعرق من أرض يابسة. كما تشير البرية
أو الصحراء الخربة إلى كرسي داود الذي خرب، ثم خرج المسيح كغصن نابت في هذه البرية
القاحلة.

 

(5) خشب
مغشى بالذهب:

هذا إشارة
إلى التجسد. فخشب السنط يشير إلى ناسوت المسيح، والذهب يشير إلى لاهوته، وكلاهما
متحد بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير. وكان الذهب مختبئاً داخل المسكن لا يراه
سوى الكهنة فمجد سيدنا ومخلصنا الإلهى داخل حجاب جسده لا يدركه إلا من يدخل للعمق.
كذلك يقدم لنا خشب السنط القليل القيمة، والمغشى بالذهب صورة للمفديين المستترين
في المسيح والمحتمين به.. فهذا الخشب حينما يُغشى بالذهب تختفى كل عيوبه. وهكذا
أيضاً حينما يكسو المسيح النفس البشرية المفدية بذهب بره تختفي كل عيوبها ويعلو
قدرها فيشهد لجمالها ويقول: “كلكِ جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبة” (نشيد
الأناشيد 4: 7).

 

(6) خشب
مغشى بالنحاس:

لقد أثبتت
الدراسات العلمية المعاصرة أن الخشب الُمغلف جيداً بالنحاس هو أقوى ما صنع للصمود
أمام النيران([1])..
هذا دليل واحد ضمن أدلة عديدة تُثبت صدق الوحي في سبقه للاكتشافات العلمية. النحاس
يُغلف خشب المذبح.. والمسيح احتمل الصليب (ما يرمز له النحاس) بجسده (ما يرمز له
الخشب) لقد ذاق الموت بالجسد كما تقول صلاة الساعة التاسعة وسيبقى
هذا الجسد طوال الأبدية يشهد بما يحمله من آثار باقية لجراحات الصليب شهادة على حب
الله العجيب لنا.

هنا يظهر
جانب الدينونة والعدل والقضاء لا المجد.

 

(7)
أسمانجونى
Blue:

والكلمة
فارسية تنقسم لشقين (أسمان – جونى) وأسمان”
تعني سماء،
وجونى”
معناها لون. إذن الكلمة تعنى ما لونه كالسماء أو بلغة الكتاب “كذات السماء في
النقاوة” (خروج 24: 10).

وهذا اللون
كان يُؤخذ من بعض أنواع الحيوانات الرخوية التي تكثر في مياه شواطىء فينيقية،
وتُطلق أيضاً كلمة أسمانجونى على المنسوجات المصبوغة بهذا اللون (خروج 25: 4و
16: 1.. الخ).

وقد اُستخدم
الأسمانجونى بكثرة في الحجاب وسجف وشقق الغطاء الداخلي لخيمة الشهادة في البرية،
وفي ثياب الكهنة ومناطقهم (خروج 28: 5 و39: 28و 29).

كما زُين
قصر الملك أحشويروش “بأنسجة بيضاء وخضراء وأسمانجونية” (أستير 1: 6)،
كما كان اللباس الأسمانجونى
والأبيض” دليلاً على الكرامة الملكية (أستير 8: 15) والعظمة والرفعة (حزقيال
23: 6).

وقد أخذ يهوذا
المكابي من بين الغنائم بعد هزيمة جرجياس “أسمانجونياً” (مكابيين
الأول 4: 23).

والأسمانجونى
يرمز إلي الرب يسوع “الإنسان الثاني الرب من السماء.. وكما هو السماوي هكذا
السماويون أيضاً” (كورنثوس الأولى 15: 47و48) ويرمز إلى كل ما هو
سماوى لأنه لون السماء الصافية (الأزرق).

 

(8) أرجوان Purple:

تخصص
الفينيقيون في صناعة صبغة الأرجوان، وهي صبغة تُستخرج من بعض أنواع القواقع
البحرية، وكانت هذه القواقع تُجمع من على ساحل البحر وتُكسر لإخراج غدة معينة
منها، ثم تُعصر هذه الغدد فيخرج منها سائل لبني يتحول إلى اللون الأرجوانى أو
الأحمر بمجرد تعرضه للهواء.

والملابس
الأرجوانية هي ملابس الأغنياء وأسر الملوك في القديم (قضاة 6: 26، لوقا 16:
19).

فهو لون
يتكلم عن الُملك.. عن المسيح الملك.

 

(9) القرمز Scarlet:

المقصود
بالقرمز في اللغة العبرية التي كُتب بها العهد القديم، عصارة دودة القرمز”
Crimson، وهي دودة كانت تُعصر فتخرج منها عصارة حمراء تُستخدم في صبغ
القماش.

انظر ماذا
يقول ملك الملوك عن نفسه “أما أنا فدودة لا إنسان، عار عند البشر ومحتقر
الشعب” (مزمور 22: 6)، وكلمة دودة هنا في الأصل العبري تولع” أى دودة القرمز التي حين
تُعصر تُعطي صبغة حمراء.. (وهو اللون الأحمر الدودى القاني (أو النبيتي الغامق)).

القرمز يشير
إلى دم الرب يسوع المسفوك على الصليب.

 ويشير أيضاً إلى مجد المسيح كملك إسرائيل. لأن
القرمز كان لباس ملوك إسرائيل. وعندما استهزأ العسكر بالرب يسوع ألبسوه رداءً
قرمزياً وكانوا يجثون قدامه قائلين: السلام يا ملك اليهود (متى 27: 28و29).

 

(10) البوص
المبروم (الكتان الأبيض):
Byssus

البوص هو
الكتان النقى، لأنه يُصنع من ألياف البوص (سيقان نبات الكتان). وقد ذُكر لأول مرة
فى الكتاب المقدس عندما عّين فرعون يوسف حاكماً على كل أرض مصر، وألبسه ثياب بوص (تكوين
41: 42)

كما أن شقق
الغطاء الداخلى للخيمة والحجاب وسجف باب القدس وستائر دار خيمة الشهادة وثياب
الكهنة، كانت تُصنع أساساً من بوص مبروم.

كما يُقال
عن المرأة الفاضلة إن لبسها “بوص وأرجوان” (أمثال 31: 22). وكلمة
مبروم أى أن خيوطه مجدولة من عدة خيوط.

لونه أبيض،
نقى، إشارة للطهارة والنقاوة الكاملة (رؤيا يوحنا 3: 5 و7: 13 و14)، وهو
يرمز إلى نقاوة ناسوت ربنا يسوع، القدوس الذي بلا عيب ولا دنس، الذي لم تكن فيه
خطية ولم يعرف خطية ولم يفعل خطية. كما يشير أيضاً إلى كهنوته في عمل كفارته
العظيم، كما هو الحال مع ثياب الكهنة، وثياب رئيس الكهنة في يوم الكفارة العظيم.

كما يرمز
إلى عمل الروح القدس في حياة المؤمنين فالكنيسة “أُعطيت أن تلبس بزاً نقياً
بهياً لأن البز (الكتان) هو تبررات القديسين” (رؤيا يوحنا 19: 8).

 

(11) شعر
المعزى:
Goats’ hair

وقد صنُعت
الخيمة من شعر المعزى الداكن اللون، الذي يخفي تحته الشقق الجميلة المزركشة، وكأنه
يشير إلى قول العروس في نشيد الأناشيد: “أنا سوداء وجميلة.. كخيام قيدار (في
سوادها)، كشقق سليمان (في جمال زينتها)” (1: 5). وهي في ذلك تمثل
المسيح الذي أخلى ذاته آخذاً صورة عبد بينما هو في الحقيقة ابن الله الوحيد
الممتلىء نعمة وحقاً.

والماعز
الذي يُصنع من شعره هذه الشقق هو الحيوان الذي كان يُقدم دائماً ذبيحة خطية في
شريعة موسى للتكفير عن خطايا كل الشعب (لاويين 16و23، عدد 28و29).

وهكذا يتضح
أن شقق الخيمة المنسوجة من شعر الماعز تشير إلى ذبيحة الخطية التى قدمها الرب يسوع
لأجل خلاصنا، كما تنبأ إشعياء النبي قائلاً: “أما الرب فسر بأن يسحقه بالحزن،
أن جعل نفسه ذبيحة إثم.. وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين” (إشعياء
53: 10و 12)،
وفي هذا يقول القديس بولس الرسول: “لأنه جعل الذي لم يعرف
خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه” (كورنثوس الثانية 21: 5).

 

(12) جلود
الكباش المحمَّرة:
Rams’ Skin dyed red

جلود الكباش
المحمَّرة تمثل رؤية الأب لذبيحة ابنه. فقد كان الكبش هو الذبيحة التى أفتُدى بها
إسحق عندما قيَّده أبوه إبراهيم على المذبح لكى يقدمه محرقة لله طاعة له وخضوعاً
لأمره (تكوين 22: 13). والكبش أيضاً هو الذبيحة التى كانت تُقدم فى تكريس
الكهنة وتقديسهم لخدمة الرب (خروج 29: 26). فهو يدل على تكريس الحياة كلها
لله، إذ كان الكهنة يضعون أيديهم على رأس الكبش المقدم عنهم ذبيحة.

واستخدام
الجلود هنا كغطاء للخيمة يُذكرنا بأقمصة الجلد التى كسا بها الله آدم وحواء عندما
طردهما من الجنة إشارة إلى تصميمه على التكفير عن خطيتهما بذبيحة تستر عريهما. أما
كونها محمَّرة أى مصبوغة فيعبر عن تمام موتها الذى يشير إلى استعداد الرب لبذل
ذاته فدية حتى الموت: “الكأس التى أعطانى الآب لأشربها” (يوحنا 18:
11)
. “وليبذل نفسه فدية عن كثيرين” (متى 20: 28)، “الذى
بذل نفسه لأجلنا لكى يفدينا من كل إثم” (تيطس 2: 14).

 

(13) جلود
التخس:
Dugong Skins

كلمة تخس” العربية قريبة جداً من كلمة
تخش” العبرية، وهى تُطلق
على الدلفين أو على الفقمة أو الأطوم نظراً لتشابهما فى الحجم وفى مكان تواجدها
ولم تُذكر كلمة تخس”
باستثناء الحديث عن خيمة الاجتماع إلا فى نبوة حزقيال (حزقيال 16: 10). وفى
كل هذه المواضع تقريباً – يُذكر التخس”
بإضافة كلمة جلد” إليه.

ويتميز جلد
التخس بمتانته الشديدة، وهو بمثابة وقاية للخيمة من العوامل الخارجية والتأثيرات
الخارجية. فهو بذلك يشير إلى صلابة الرب يسوع.

وجلود التخس
لم يكن لها منظر تشتهيه الأعين، وهذا ما كان ظاهراً أمام أعين بنى إسرائيل، وهكذا
كان الغطاء الخارجى للخيمة، المصنوع من جلود التخس التى بلا منظر ولا جمال يشير
إلى إتضاع الرب واحتماله لكل محقرة واستهزاء، وتخليه عن كل مجد الألوهة وطاعته حتى
الموت.. موت الصليب. كقول إشعياء النبى “لا صورة له ولا جمال فننظر إليه ولا
منظر فنشتهيه. محتقر ومخذول من الناس. رجل أوجاع ومختبر الحزن وكمستَّر عنه
وجوهنا. محتقر فلم نعتدَّ به.. وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا.. ”
(إشعياء 53: 2-5).

 

(14) دار
المسكن:

كان الباب
الذى يؤدى إلى داخل باب المسكن (الساحة الخارجية). عبارة عن ستارة، وليس باباً من
الخشب، إشارة إلى أن الذى يريد أن يدخل فالباب مفتوح، والفرصة موجودة، فهو لا
يحتاج أن يقرع لُيفتح له، بل عليه أن يفتح الستر أو يرفعه ويدخل.. وهكذا الحال مع
المسيح فهو باب الخراف (يوحنا 10: 7 و9). يدعو الكل للدخول إليه فهو يريد
أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون “من يقبل إلىّ لا اخرجه
خارجاً” (يوحنا 6: 37). ومتى دخل الإنسان إلى داخل دار المسكن يجد
نفسه محاطاً بصور من كتان أبيض نقى إشارة إلى كوننا مكملين فيه، وأننا نصير بر
الله فيه.

إن أجمل ما
نلاحظه فى شريعة العهد القديم أنها لم تحرم الغريب النازل فى وسط بنى إسرائيل من
تقديم ذبائحه والدخول إلى دار المسكن الخارجية (بالطبع هناك شروط تسبق ذلك لا يمكن
تجاهلها. وأهمها الأختنان) مثله مثل العبرانى (لاويين 17: 8 و22: 18 و19)،
“أيتها الجماعة لكم وللغريب النازل عندكم فريضة واحدة فريضة دهرية فى
أجيالكم، مثلكم يكون مثل الغريب أمام الرب. شريعة واحدة وحكم واحد يكون لكم
وللغريب النازل عندكم” (عدد 15: 15 و16).

فى وسط هذه
الدار المحاطة بستين عمود وسور من الأستار الناصعة البياض، يسكن المختارون محروسين
بملائكة الله، وبر المسيح يكسيهم ويسترهم.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى