اللاهوت الطقسي

الفصل الثانى



الفصل الثانى

الفصل الثانى

التصميم الإلهى لخيمة الاجتماع

مقالات ذات صلة

إن الخيمة التي أقامها موسى في البرية، هى من
أجمل وأحسن الأبنية التي وُجدت في العالم، لأن مهندسها وواضع رسمها هو الله، وهو
الذي قبل إنشائها دعا موسى إلى قمة جبل سيناء وهنالك آراه رسمها ومثالها وبعد أن
شرح له كيفية صنع كل جزء منها قال له: “أنظر أن تصنع كل شيء حسب المثال الذي
أُظهر لك في الجبل” (خروج 26: 4، عبرانيين 8: 5). لتكون محوراً لعبادة
بنى إسرائيل الذي وضع على كاهله أن يحمل للعالم كله بشارة الخلاص وعودة العلاقة
المنقطعة بين الله والبشر، لكي يعود الله إلهاً وأباً للبشرية يجد راحته في وسط
شعبه وأبنائه، ويسترد الإنسان وجوده الدائم في حضرة الله، هذا الذي فقده عند طرده
من الفردوس بسبب مخالفة آدم لوصية الله.

كان يوم تنصيب الخيمة فى البرية، بوضعها البدائى
المتنقل على الرمال وجلودها الخشنة، تعبيراً واقعياً عن اقتناء الله لأول كنيسة
للإنسان، كنيسة البرية الخشنة، شعب إسرائيل الصلب الرقبة، الذى يمثل كل شعب، بل كل
نفس، يوم أن يلاقيها الله أول مرة وهى تائهة شريدة فى برية العالم منجَّسة فى
خطاياها.

سوف نرى كيف بدأت وتأسست عبادة بنى إسرائيل
للإله الحى في خيمة متنقلة تُلازمهم في كل ترحالهم عبر البرية، لكى تحمل لهم حقيقة
وجود الله معهم كل حين دون ارتباط بزمان أو مكان، وتشير لهم في سيرها معهم إلى
ضرورة الانطلاق والتقدم المستمر نحو المدينة السماوية التي صانعها وبارئها الله،
وذلك بأن يتبعوا الله بكل قلوبهم ويخافوه ويطلبوا وجهه ويطيعوه على الدوام.

وقد أُقيمت الخيمة أول الشهر الأول من السنة
الثانية لخروج بنى إسرائيل، بعد أن استغرق الصناع في تنفيذها مدة 9 أشهر، وتم
تدشينها بعد ذلك. وكانت تنصب مدة السفر في البرية وسط المحلة وتحيط بها خيام
الكهنة واللاويين على شكل صليب صغير ثم بقية الأسباط حواليهم على شكل صليب كبير (عدد
2: 2
34 و3: 21- 38).

 

V تقدمات لأجل الخيمة (خروج 25: 1-9):

بعد نحو خمسة عشر شهراً من خروجهم من أرض مصر..
“كلم الرب موسى قائلاً: كلم بنى إسرائيل أن يأخذوا لى تقدمة من كل من يحثه
قلبه تأخذون تقدمتى” (خروج 25: 1).

كانت التقدمات
اختيارية، ولم تكن إجبارية لأن الله يريد أن نقدّم باختيارنا وبدافع حبنا له.

لم تُفرض ضرائب على الشعب للحصول على تكاليف
الخيمة وموادها، بل قدم الشعب كل شيء بسخاء وسماحة قلب وبهجة (انظر خروج 35:
21-29)
. الرجال والنساء، جاءوا بخزائم وأقراط وخواتم وقلائد وأمتعة من ذهب.
النساء غزلن شعر المعزى والرؤساء جاءوا بحجارة الجزع وحجارة الترصيع وبالأطياب
والزيت.. وتبرع الشعب بأكثر من حاجة العمل بكثير، حتى أمر موسى أن يكفّوا عن إحضار
التقدمات (خروج 36: 5).

 

V التقدمات المطلوبة:

 أمعادن:
ذهب – فضة – نحاس.

 بأقمشة:
أسمانجونى سماوى– أرجوان بنفسجى” – قرمز أحمر”–
البوص المبروم كتان أبيض– شعر معزى.

ججلود: كباش محمَّرة – جلود تخس

 دخشب:
خشب السنط خشب ناشف جداً”.

 هزيت
وأطياب
: زيت المنارة – أطياب لدهن المسحة – البخور العطر.

 

V المنظر العام:

كانت تلك الخيمة، مستطيلة الشكل، طولها ثلاثون
ذراعاً عبرانية ([1])
(13.5 متر)، وعرضها عشر أذرع (4.50متر) وارتفاعها عشر أذرع (4.50متر). وكانت
قسمين، الأول في المقدمة والثانى وراءه ويدعى الأول القدس وطوله عشرون ذراعاً،
والثانى أصغر منه هو قدس الأقداس وطوله عشر أذرع أى أنه مكعب طوله بقدر العرض بقدر
الارتفاع. يفصلهما عن بعض حجاب من أسمانجونى موشى بالذهب معلق على أعمدة، وكانت
مكونات القدسان من مواد واحدة.

كان القدس، حيث يكهن الكهنة، فيه مائدة خبز
الوجوه عن يمين الداخل، والمنارة الذهبية على يسار الداخل، ثم مذبح البخور الذهبي
بين الاثنين أمام الحجاب
الذي يؤدى إلى قدس الأقداس.

أما قدس
الأقداس فكان به تابوت العهد وبداخله لوحا الشريعة وقسط المن وعصا هارون التي
أفرخت.

كانت حوائط ([2]) الخيمة تتكون من 48
لوحاً قائماً – كل لوح عرضه ذراع ونصف وارتفاعه عشر أذرع (وسمكها ثلاث بوصات،
طبقاً لما ذكره يوسيفوس). عشرون لوحاً موضوعاً من جهة الجنوب، وعشرون لوحاً في جهة
الشمال، وست ألواح في جهة الغرب. وهناك لوحان مزدوجان لزاويتى المسكن في المؤخرة
من جهة الغرب يتداخلان مع الألواح الأخرى ويقويان الزوايا. فتكون جملة الألواح
التي في الغرب ثمانية.

والألواح مصنوعة من خشب السنط ومغشاة بالذهب،
وكانت الألواح مثبتة في أسفلها بقواعد من فضة لكل لوح قاعدتان تحت رجليه([3])
أى قائمتان يقوم عليها، وكانتا داخلتين في حفرتين في القاعدة عند طرف اللوح على
بعد واحد من كل لوح وكانت الألواح في كل من جانبي المسكن والمؤخرة مرتبطة في وسطها
بخمس عوارض من خشب السنط مغشاة بالذهب. اثنتان منها في الجزء الأعلى من الألواح
واثنتان في الجزء الأسفل وعارضة وسطى في وسط الألواح تنفذ من الطرف إلي الطرف (خروج
26: 15-30و 36: 20-34)
. ولذلك كان يوجد بكل لوح ثلاث حلقات من ذهب لتكون
بيوتاً للعوارض. وكانت الحلقات والعوارض غالباً من الخارج.

أما الحجاب
الذي كان يفصل القدس عن قدس الأقداس، فقد كان مصنوعاً من كتان نقى محلى بخيوط من
أسمانجونى وأرجوان وقرمز صنعه حائك حاذق يصنعه على شكل كاروبيم، ويحمل الحجاب
أربعة أعمدة من خشب السنط المغشى بالذهب، ترتكز على أربع قواعد من فضة، وفي قمتها
رزز من ذهب يتدلى منها الحجاب.

أما جهة
الشرق فهي الباب. وليس بها ألواح بل خمسة أعمدة من خشب السنط مغشاة بالذهب، وكذلك
رؤوسها وقضبانها مغشاة بالذهب وقواعدها من نحاس ورززها (خطاطيف) من ذهب.

والباب عبارة عن سجف (ستارة) من أسمانجونى
وأرجوان وقرمز وبوص مبروم صنعة الطراز ومعلقة في الأعمدة (خروج 26: 36و37).

كان للحجاب
أربعة أعمدة، أما السجف فله خمسة أعمدة ولعل سبب ذلك أن السجف كانت تحتاج إلى
دعامة أقوى بالنسبة لكثرة استعماله كمدخل للكهنة.

أما الأرضية فكانت رمال البرية أى أن المسكن كان
على الأرض مباشرة (عدد 5: 17).

 

كانت هذه الألواح أو سور الخيمة مغطى بأربعة
أغطية مفروشة فوق بعضها:

 

1- الغطاء
الأول: (خروج 26: 1-6 و36: 8-13):

كان مصنوعاً من عشر شقق من بوص مبروم وأسمانجونى
وأرجوان وقرمز، مطرز عليها كروبيم صنعة حائك حاذق. وكانت كل شقة 28 ذراعاً طولاً،
وأربعة أذرع عرضاً، وكانت كل خمس منها موصولة ببعضها في قطعة واحدة. وكانت
القطعتان تتصلان ببعضهما بواسطة خمسين عروة في حاشية كل منهما، لتتصل بواسطة خمسين
شظاظا ([4])من
ذهب، فيصير المسكن واحداً.

كانت تُفصل
الستارة الواحدة عن الأخرى أثناء التنقل، وعندما تُوضع هذه الستائر على طول السقف
تكون سطحاً منبسطاً، فعلى ذلك تكون الثمانية والعشرون ذراعاً تغطى عشرة منها عرض
سقف الخيمة وتتدلى فوق الألواح مسافة 9 أذرع على جانبي الخيمة تاركة مسافة معراة
من الألواح قدرها ذراع واحد من جهة الأرض.

أما عرض الستائر العشر المتصلة. عرض كل واحد
منها 4 أذرع فيكون مجموعها 40 ذراعاً. فكانت تغطى طول الخيمة لمسافة 30 ذراعاً
والعشرة أذرع الباقية كانت تغطى الألواح الموجودة من الناحية الغربية. لاحظ أن
الأشظة الذهبية تأتى فوق الحجاب. فطول القدس 20 ذراع وطول الشقة الأخرى 20 ذراع.
أى أن إحدى الستارتين تغطى القدس والثانية تغطى قدس الأقداس.

 

2- الغطاء
الثاني: (خروج 26: 7-13):

كان مكون من
ستائر مصنوعة من شعر المعزى، لأن النسيج المصنوع من شعر المعزى يتحمل الفك والربط
المتكرر في حركة تنقلات المخيمات. وعددها احدى عشر، طول كل منها 30 ذراعاً وعرضها
4 أذرع وهذه الستائر متصلة بعضها ببعض وتكون مجموعتين، مجموعة كل منها تتكون من
خمس ستائر وأخرى ستة ستائر، وتتصل كل من المجموعتين بالأخرى بنفس الطريقة كما في
الستائر الكتانية إلا أن الأشظة كانت من نحاس وليس من ذهب. لكن كان طولها أزيد
بمقدار ذراعين ولذلك كانت تغطى الجانبين وتحميها حتى إلى الأرض. وكان عرضها كعرض
الستائر الكتانية تماماً إلا أن الستارة الزائدة جعلت القياس أكبر في هذه الحالة
بمقدار أربعة أذرع، كان نصف هذه يُطوى في وجه الخيمة عند الباب من جهة الشرق على هيئة
مدلى، أما الذرعان الآخران فقد كانا ساترين لمؤخرة الخيمة من ناحية الغرب.

 

3- الغطاء الثالث والغطاء الرابع:

كضمان أكثر
للحماية من الريح والمطر والشمس والعواصف الرملية. كانت هذه الستائر تُغطَى أيضاً
بغطائين هما الغطاء الثالث من جلود كباش محمَّرة (مصبوغة بالأحمر) لا تُذكر
أبعاده، والغطاء الرابع من جلود تخس، لا تُذكر أبعاده أيضاً. ولعل مساحة هذين
الغطاءين كانت كمساحة الستائر المصنوعة من شعر المعزى.

 

4- الفناء أو دار المسكن (خروج 27: 9-19):

كان عبارة
عن ساحة منبسطة، تحيط بالخيمة. وكان الجانبان الطوليان يواجهان الشمال والجنوب، أى
يمتدان من الشرق إلى الغرب (خروج 27: 9-19 و38: 9-20). كان مدخل الخيمة من
الجهة الشرقية منها، والداخل إلى الخيمة يجد أمامه مذبح المحرقة أو المذبح النحاسي
في فناء الخيمة ثم تليه المرحضة بينه وبين سجف المسكن الذي كان يقوم في الجزء
الغربي من الفناء.

كان سور المسكن عبارة عن حائط من الكتان طوله
100 ذراع (45 متر)، وعرضه 50 ذراع (22.5 متر)، وارتفاعه 5 أذرع (2.25 متر)، وكان
الكتان يرتكز على أعمدة من نحاس لها قواعد من نحاس (خروج 27: 9-15)، ورؤوس
الأعمدة مغشاة بفضة ولها رزز من فضه لتعليق الأستار، ولزيادة تمكينها كانت موصلة
بقضبان من الفضة (خروج 27: 17)، وكانت الرزز تربط هذه القضبان الواحد
بالآخر.

 

كان عدد الأعمدة من جهة الشمال عشرون عموداً،
ومن جهة الجنوب عشرون عموداً، ومن جهة الغرب عشرة أعمدة، ومن جهة الشرق عشرة أعمدة
فتكون جملة الأعمدة ستين عموداً. ويوجد بين العمود والعمود قطعة من الأستار (بوص
مبروم غير مطرز) وكانت هذه الستائر متصلة ببعضها.أما من جهة الشرق، فكان ثلاثة
منها على يمين الداخل طول أستارها 15 ذراعاً (6.75 متر)، وثلاثة على يسار الداخل
طول أستارها 15 ذراعاً، وفي الوسط الباب به أربعة أعمدة وهو مقابل لسجف باب خيمة
الاجتماع والحجاب تماماً ومن نفس نسيج السجف وبذات ترتيب ألوانه (خروج 27: 6).
طولها 20 ذراعاً (9متر)، وارتفاعها 5 أذرع (2.25 متر).

وهناك أوتاد لأعمدة الدار والباب حواليها. وهذه
الأوتاد من نحاس تتصل بالأعمدة بواسطة أطناب (أحبال) (خروج 27: 19و 38: 20)،
تشد الأعمدة وتُثبتها في أرض البرية حتى تقف مقابل الزوابع والعواصف فلا تقتلعها.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى