اللاهوت المقارن

الفصل الخامس



الفصل الخامس

الفصل الخامس

إكرام العذراء ودوام بتوليتها

35 إكرام العذراء ودوام بتوليتها

36 إكرام السيدة العذراء

37 ألقاب السيدة العذراء

38 أعياد السيدة العذراء

39 العذراء هي الكرمة

40 العذراء باب الحياة

41 هل نصلي للعذراء؟

42 دوام بتولية العذراء

43 إبنها البكر

44 عبارة إمرأتك

45 قبل أن يجتمعا

46 لم يعرفها حتى..

47 عبارة “أخوته”

 

35- إكرام العذراء ودوام بتوليتها

1- البروتستانت لا يكرمون السيدة العذراء، ولا
يطلبون شفاعتها وربما كرد فعل لمبالغة الكاثوليك في إكرامها، يبالغون هم أيضاً في
إكرامها، حتي ليقول بعضهم أنها مثل قشرة البيضة لا قيمة لها بعد خروج الحي منها.
وهم طبعاً لا يحتفلون بأي عيد من أعيادها.

 

2- وتجرأ البعض فقلا أنها أختنا..

 

3- وبالإضافة إلي هذا يقولون إنها بعد ميلاد
السيد المسيح عاشت مع يوسف النجار كزوجة وانجبت منه أولاداً تسموا (أخوة يسوع) أو
أخوة الرب).

 

4- وهو أيضاً يهاجمون بعض ألقاب تلقبها بها
الكنيسة.

 

5- ومن مظاهر عدم إكرامهم لها، أنهم بدلاً من
تلقيبها بالممتلئة نعمة كما بشرها الملاك، يغيرون الترجمة إلي (المنعم عليها)..

 

6- كذلك كثيراً ما يستخدمون لقب (أم يسوع) بدلاً
من لقب والدة الإله (ثيئؤطوكوس).

 

36- إكرام السيدة العذراء

يكفي قولها الذي سجله الإنجيل (هوذا منذ الآن
جميع الأجيال تطوبني) (لو48: 1). وعبارة (جميع الأجيال) تعني أن تطويب العذراء هو
عقيدة هامة استمرت من الميلاد وستبقي إلي آخر الزمان.

 

ولعل من عبارات إكرام العذراء التي سجلها الكتاب
أيضاً قول القديسة اليصابات لها (وهي شيخة في عمر أمها تقريباً): (من أين لي هذا
أن تأتي أم ربي إلي. هوذا حين صار سلامك في أذني، أرتكض الجنين في بطني) (لو44: 1).
والعجيب هنا في عظمة العذراء، أنه لما سمعت اليصابات سلام مريم أمتلأت اليصابات من
الروح القدس (لو41: 1). مجرد سماعها صوت القديسة العذراء، جعلها تمتلئ من الروح
القدس.

 

والعذراء لم تنل الكرامة فقط من البشر، وإنما
أيضاً من الملائكة. وهذا واضح في تحية الملاك جبرائيل لها بقوله (السلام لك أيتها
الممتلئة نعمة. الرب معك. مباركة أنت في النساء) (لو28: 1). وعبارة(مباركة أنت في
النساء) تكررت أيضاً في تحية القديسة اليصابات لها (لو43: 1).

 

ونلاحظ أن أسلوب مخاطبة الملاك للعذراء فيه
تبجيل أكثر من أسلوبه في مخاطبة زكريا الكاهن (لو13: 1).

 

وهنا نبوءات كثيرة في الكتاب تنطبق علي السيدة
العذراء، ومنها (قامت الملكة يمينك أيها الملك (مز9: 45). وفي نفس المزمور يقول
عنها الوحي الإلهي (كل مجد ابنة الملك من داخل) (مز13: 45). فهي إذن ملكة وابنة
الملك.. ولذلك فإن الكنيسة القبطية في أيقوناتها الخاصة بالعذراء، تصورها كملكة
متوجة، وتجعل مكانها باستمرار عن يمين السيد المسيح له المجد.

 

والكنيسة تمدح العذراء في ألحانها قائلة (نساء
كثيرات نلن كرامات. ولم تنل مثلك واحدة منهن). وهذه العبارة مأخوذة من الكتاب
(أم29: 31).

 

والسيدة العذراء هي شهوة الأجيال كلها، فهي التي
استطاع نسلها أن يسحق رأس الحية) محققاً أول وعد لله بالخلاص (تك15: 3).

 

والعذراء من حيث هي أم المسيح، يمكن أن أمومتها
تنطبق علي كل ألقاب السيد المسيح.

 

فالمسيح هو النور الحقيقي (يو9: 1). وهو الذي
قال عن نفسه (أنا هو نور العالم) (يو12: 8). إذن تكون أمه العذراء هي أم النور. أو
هي أم النور الحقيقي.

 

ومادام المسيح قدوساً (لو53: 1) تكون هي القدوس
ومادام هي المخلص، حسبما قيل للرعاة (ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح
الرب) (لو11: 2). وحسب أسمه (يسوع) أي مخلص، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم (مت21: 1).
إذن تكون العذراء هي أم المخلص.

 

ومادام المسيح هو الله (يو1: 1) (رو5: 9) (يو28:
20). إذن تكون العذراء هي والدة الإله.

 

ومادام هو الرب، حسب قول اليصابات عن العذراء
(أم ربي) (لو43: 1). إذن تكون العذراء هي أم الرب. وبنفس القياس هي أم عمانوئيل
(مت23: 1) وهي أم الكلمة المتجسد (يو14: 1).

 

وإن كانت العذراء هي أم المسيح، فمن باب أولى
تكون أماً روحية لجميع المسيحيين. ويكفي أن السيد المسيح وهو علي الصليب، قال عن
العذراء للقديس يوحنا الرسول الحبيب (هذه أمك) (يو27: 19). فإن كانت اماً لهذا
الرسول الذي يخاطبنا بقوله يا أولادي (1يو1: 2). فبالتالي تكون العذراء هي أم لنا
جميعاً. وتكون عبارة (أختنا) لا تستحق الرد. فمن غير المعقول ولا المقبول أن تكون
أماً للمسيح وأختاً لأحد ابنائه المؤمنين باسمه..!

 

إن من يكرم أم المسيح، إنما يكرم المسيح نفسه.
وإن كان إكرام الأم هو أول وصية بوعد(أف2: 6) (خر12: 20) (تث16: 5). أفلا نكرم
العذراء أمنا وأم المسيح وأم أبائنا الرسل؟! هذه التي قال له الملاك (الروح القدس
يحلي عليك، وقوة العلي تظللك. لذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعي أبن الله) (لو35:
1). هذه التي طوبتها القديسة اليصابات بقولها (طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها
من قبل الرب) (لو45: 1). والتي جميع الأجيال تطوبها..

 

وعبارة (مباركة أنت في النساء) التي قيلت لها من
الملاك جبرائيل ومن القديسة اليصابات، تعني أنها إذا قورنت بكل نساء العالم، تكون
هي المباركة فيهم، لأنه لم تنل واحدة منهن مجداً نالته في التجسد الإلهي. ولا شك
أن الله قد اختارها من بين كل نساء العالم، لصفات فيها لم تكن تتوافر في واحد منهن.

 

ومن هنا يظهر علو مكانتها وإرتفاعها. لذلك لقبها
اشعياء النبي بلقب (سحابة) أثناء مجيئها إلي مصر (أش1: 19).

 

37- ألقاب السيدة العذراء

ومن حيث سكني الله في العذراء، في التجسد،
تسميها الكنيسة بالسماء الثانية وتشبهها بخيمة الإجتماع (القبة) أو قبة موسى.

 

ومن حيث سكني الله فيها، تسميها الكنيسة (مدينة
الله) أو صهيون كما قيل في المزمور (صهيون الأم تقول أن أنساناً وأنساناً صار فيها.
وهو العلي الذي أسسها إلي الأبد) (أعمال مجيدة قد قيلت عنك يا مدينة الله) (مز87).

 

ولما كان السيد المسيح قد شبه نفسه بالمن
باعتباره الخبز الحي النازل من السماء (يو58: 6). لذلك فالكنيسة تلقبها بقسط المن.

 

وكذلك من حيث بتوليتها تلقبها بعصا هارون أفرخت
(عدد17).

 

وقد شبهت العذراء بالمنارة الذهبية (خر25: 31-40).
لأنها تحمل المسيح الذي هو النور الحقيقي.

 

وشبهت أيضا بتابوت العهد (خز25: 10-22)، الذي هو
مغشي بالذهب من الداخل والخارج رمزاً لنقاوة العذراء وعلو قيمتها. ولأنه من خشب
السنط الذي لا يسوس الخبز الحي النازل من السماء (يو58: 6). ولوحا الشريعة اللذان
يرمزان إليه باعتباره كلمة الله (يو1: 1).

 

شبهت العذراء أيضاً بسلم يعقوب التي كانت منصوبة
علي الأرض، وواصلة إلي السماء. والعذراء أيضاً كانت تمثل هذه الصلة بين السماء
والأرض، في ميلاد المسيح. فكانت هي الأرض التي حلت فيها السملء، أو كانت وهي علي
الأرض تحمل السماء داخلها. (انظر تك12: 28). عن سلم يعقوب.

 

والعليقة التي رآها موسى، والنار تشتعل فيها دون
أن تحترق (خر3). ترمز إلي السيدة العذراء التي حل فيها الروح القدس بنار اللاهوت،
دون أن يحترق.

 

وإن كان اتحاد اللاهوت بالناسوت في السيد المسيح،
يشبه باتحاد الفحم بالنار فإن مريم التي كانت تحوي داخلها هذا الاتحاد، تشبه بالحمامة
في بساطتها، وفي حلول الروح القدوس فيها. والروح ظهر بشكل حمامة (مت16: 3). كما
تشبه بحمامة نوح التي حملت إليه بشري الخلاص ورجوع الحياة إلي الأرض (تك8: 10،11).

 

وما أكثر التشبيهات والرموز التي تشير إلي
العذراء في الكتاب المقدس وفي طقوس الكنيسة، يعوزنا الوقت أن نسردها جميعاً. وكلها
تعتمد علي نص كتابي. بل أنها تشبه بالكنيسة. وبعض النبؤات تطبق علي العذراء وعلي
الكنيسة في نفس الوقت.

 

المهم أن الكنيسة تكرم العذراء لحلول الروح
القدس ولأنها والدة الإله ولأنها بتول دائمة البتولية، ولقداستها وشهادة الكتاب
عنها، ولأن الرب نفسه قد أكرمها كما تكرمها الكنيسة كذلك من أجل معجزاتها
وظهوراتها المقدسة.

 

وهذا التكريم يظهر في طقس الكنيسة وتسابيحها
وألحانها، وفي التشفع بالعذراء وذكرها في صلواتنا، كما يظهر في الاحتفال بأعياد
كثيرة لها. وفي تقديس أحد أصومنا علي اسمها.

 

38- أعياد السيدة العذراء

1- عيد نياحتها (21طوبة). ويوم 21 من كل شهر
قبطي.

2- عيد ميلادها (أول بشنس).

3- البشارة بميلادها (7 مسرى).

4- دخولها الهيكل (3 كيهك).

5- دخولها أرض مصر (24 بشنس).

6- صعود جسدها (16 مسرى).

7- بناء كنيسة فيلبي باسمها (21بؤنة).

8- عيد ظهورها في الزيتون (2 أبريل) وقد أضافت
الكنيسة هذا العيد أخيراً.

 

39- العذراء هي الكرمة

سؤال

1- كيف يمكن أن ندعو العذراء بالكرمة في صلاة
الساعة الثالثة، ويقول (يا والدة الإله، أنت هي الكرمة الحقانية الحاملة عنقود
الحياة)، بينما السيد المسيح هو الكرمة. وقال بوضوح (أنا الكرمة الحقيقية وأبي
الكرام.. أنا الكرمة وأنت الأغصان (يو15: 1،5).

2- كيف ندعو العذراء في صلاة نصف الليل (الهجعة
الثالثة) قائلين لها (يا باب الحياة العقلي) بينما الباب هو المسيح. وهو الذي قال
عن نفسه (أنا باب الخراف) (يو7: 10).

 

الجواب

تلقب العذراء بالكرمة لا يتعارض مع لقب السيد
المسيح إطلاقا.

فهو الكرمة بمعني، وهي الكرمة بمعني آخر. هو
الكرمة حينما نكون نحن الأغصان، أي أنه الأصل، ونحن كانا منه. وهو الرأس ونحن
الأعضاء.

 

أما العذراء فهي – حسب مدائح الكنيسة – التي
(وجد فيها عنقود الحياة، أبن الله بالحقيقة هي الكرمة التي لم تشخ ولم يفلحها أحد
ما).

 

ونحب أن نسجل ملاحظة هامة وهي:

العذراء هي الكرمة

* السيد المسيح كثيراً ما يمنحنا بعض ألقابه:

1* فهو يقول أنه هو الراعي (يو10: 11،12). وهذا
اللقب يطلقه داود مزاميره علي الرب (الرب لي راعي) (مز1: 22). ويلقب به الرب في
سفر حزقيال (خر15: 34).

 

ومع ذلك فإن الرب يقيم بعض أولاده رعاة، مع
اهتمامه بأن تكون الكنيسة كلها (رعية واحدة لراع واحد) (يو16: 10). فيقول لبطرس
الرسول ارع غنمي.. ارع خرافي) (يو21: 15،16). وفي العهد القديم يقول الرب (واعطيكم
رعاة حسب قلبي) (أر15: 3). وقد اصبح لقب الراعي خاصاً بالأساقفة خلفاء الرسل
(ليرعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه) (أع28: 20).

 

ويقول القديس بطرس (ارعوا رعية الله التي بينكم)
(1بط2: 5).

 

2* السيد المسيح لقب نفسه بالنور وقال (أنا هو
نور العالم) (يو12: 8) (يو5: 9). ومع ذلك يقول لتلاميذه (انتم نور العالم) (مت14: 5).
(فليضئ نوركم هكذا قدام الناس) (مت16: 5).

 

لا شك أنه نور بالمعني المطلق. وهو نور، لأنهم
يستمدون النور منه وبنوره يضيئون للآخرين. كذلك هو الراعي بالمعني الكامل للكلمة.
أما هم فرعاة باعتبارهم وكلاء لله، مفوضين منه لعمل الرعاية.

 

3* قيل عن السيد المسيح أنه هو الأسقف (هو راعي
نفوسكم واسقفها) (1بط25: 2).ومع ذلك فإن خلفاء الرسل أقيموا من الروح القدوس
أساقفة (أع28: 20) (1تي2: 3) (في1: 1) (تي7: 1).

 

4* قيل عن السيد المسيح أنه هو الكاهن (كاهن إلي
الأبد علي طقس ملكي صادق) (مز4: 110) (عب6: 5).

 

وما أكثر الآيات التي في الكتاب المقدس عن
الكاهن العظيم ورئيس الكاهن العظيم ورئيس الكهنة، وعن الكهنة الذين أعطاهم الرب
كهنوتاً أبديا في أجيالهم (خر15: 40).

 

(كهنتك يلبسون البر) (مز132: 9،16). وقد قدس
الرب الكهنة (لا12: 8). (وألبسهم ثياباً مقدسة للمجد والبهاء (خر2: 28). وفي العهد
الجديد نري القديس بولس الرسول يدعو نفسه كاهناً (رو16: 15).

 

إن السيد المسيح كاهن بمعني أنه ذاته ذبيحة عنا.
أما الكهنة من البشر فهم خدام ووكلاء السرائر الإلهية يقدمون ذبيحة السيد المسيح
وما كان يرمز إليها قبلاً.

 

5* قيل عن السيد المسيح أنه ابن الله (1يو14: 4).
وقيل عنا أيضا أننا أبناء الله (1يو1: 3). ولكنه ابن من جوهر الله وطبيعته ولاهوته.
أما نحن فابناء بالمحبة، بالتبني.. لذلك دعي السيد المسيح بالابن الوحيد (يو16: 3).

 

كذلك في معني الكرمة.

السيد المسيح هو الكرمة. وقد أطلق الكتاب علي
الكنيسة كلها لقب الكرمة فقد لأنشد الرب عنها في سفر اشعياء نشيد الكرمة (أش5: 1-7).
حيث يقول الرب أحكموا بيني وبين كرمي. ماذا يصنع أيضاً لكرمي (وأنا لم أصنعه له)
ويقول (كرم رب الجنود هو بيت إسرائيل) (أش7: 5).

 

ونفس المعني ينطبق علي مثل (الكرمة والكرامين،
الذي قاله الرب (مت21: 33-41).. وفي هذا المثل: الكرم هو الكنيسة، والكرامون هم
الرعاة، وأما الله فهو صاحب الكرم.

 

ونحن نلقب الكنيسة بالكرمة، مقتبسين نصاً من
الوحي الإلهي في المزامير فنقول للرب (ارجع واطلع من السماء. أنظر وتعهد هذه الكرمة
التي غرستها يمينك) (مز80: 14،15).

 

فهل وصف الكنيسة بالكرمة، تسلب فيه مجد الله،
بينما هذا هو اللقب الذي منحه لها المسيح. وهل تلقيب الشعب بالكرمة سلب لمجد الله؟
بينما هو تعليم الكتاب نفسه؟‍ أم هي مجرد رغبة في مهاجمة الكنيسة التي يقول عنها
الكتاب (غنوا للكرة المشتهاة. أنا الرب حارسها. اسقيها في كل لحظة) (أش27: 2،3).
بل أن لقب الكرمة يطلق علي كل أم مباركة كما يقول المزمور) (أمرأتك مثل كرمة مخصبة
في جوانب بيتك) (مز3: 128).

 

ليس غريباً أن تلقب العذراء القديسة بالكرمة.

 

40- العذراء باب الحياة

السيدة العذراء لقبها الكتاب المقدس بالباب.
فقال عنها سفر حزقيال النبي أنها باب في المشرق دخل منه رب المجد وخرج (خر2: 44).

فإن كان الرب هو الحياة، تكون هي باب الحياة.

والرب د أعلن أنه الحياة في قوله (أنا هو الطريق
والحق والحياة) (يو6: 14) (أنا هو القيامة والحياة) (يو25: 11) فمادامت العذراء هي
الباب الذي خرج منه المسيح، إذن تكون هي باب الحياة.

 

وبنفس الطريق تكون هي باب الخلاص (لأن الرب هو
الخلاص. إذن قد جاء خلاصنا للعالم، يخلص ما قد هلك (لو10: 19).

 

وليس غريباً أن نلقب العذراء بالباب. فالكنيسة
أيضاً لقبت بالباب منذ أقدم العصور. إذ قال أبونا يعقوب أو الآباء عن المكان
المقدس الذي دشنه كنيسة وعرف بأسم بيت إيل، أي بين الله قال عنه (ما أرهب هذا
المكان ما هذا إلا بيت الله وهذا باب السماء) (تك17: 28).

 

41- هل نصلي للعذراء؟

نحن لا نصلي للعذراء. ولكننا نكلمها أثناء
صلاتنا، نتوسل إليها أن تتشفع فينا ونحن لا نخاطب العذراء فقط إنما نخاطب الملائكة
ونخاطب الطبيعة، ونخاطب الناس ونخاطب أنفسنا، ونخاطب حتي الشياطين، وكل هذا يعتمد
علي نصوص كتابية من الوحي الإلهي نفسه. وهذه المخاطبة لا تعتبر صلاة.. فلماذا أمنا
العذراء بالذات لا نخاطبها..؟‍‍‍‍

 

الجواب

1+ إننا نخاطب الملائكة في صلواتنا فنقول
(باركوا يا ملائكته المقتدرين قوة الفاعلين أمره سماع صوت كلامه) (مز103: 20،21)
(سبحوا الرب من السموات، سبحوه في الأعالي. سبحوه يا جميع ملائكته. سبحوه يا كل
جنوده (مز148: 1،‌).

 

2+ ونحن نخاطب الطبيعة في صلواتنا فنقول (سبحيه
أيتها الشمس والقمر سبحيه يا جميع كواكب النور،سبحيه يا سماء السموات، ويا أيتها
المياة التي فوق السموات. سبحي الرب من الأرض يا أيتها التنانين وكل اللجج النار
والبرد، الثلج والضباب. الريح العاصفة كلمته. الجبال وكل الآكام..) (مز148: 3-9).

 

3+ ونحن ننادي مدينة الله المقدسة أن تسبح الله.
فنقول (سبحي الرب يا أورشليم. سبحي إلهك يا صهيون. لأنه قوي مغاليق أبوابك، وبارك
بنيك فيك) (مز147: 12،13).

 

ونقول في مزمور آخر (أعمال مجيدة قد قيلت عنك يا
مدينة الله) (مز3: 87). والبعض يفسر هذا الكلام أنه موجه للعذراء..

 

4+ ونحن في صلواتنا نخاطب الناس فنقول (يا جميع
الأمم صفقوا بأيديكم. هللوا للرب يا كل الأرض) (مز1: 46) (هلموا وانظروا أعمال
الرب التي جعلها آيات علي الأرض) (مز45) (لا تتكلوا علي الرؤساء ولا علي بن آدم،
حيث لا خلاص عنده) (م3: 146) (باركوا الرب يا جميع أعماله في كل مواضع سلطانه
(مز22: 103).ونقول في مزمور آخر (سبحوا الرب أيها الفتيان. سبحوا اسم الرب).

(مز1: 112). ونقول أيضاً: قدموا للرب يا أبناء
الله، قدموا للرب أبناء الكباش. قدموا للرب مجدا وكرامة. قدموا للرب مجدا لاسمه.
اسجدوا للرب في دار قدسه) (مز28: 1-3).

 

5+ والإنسان في صلواته أيضاً يخاطب نفسه فيقول
(باركي يا نفسي الرب وكل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس، باركي يا نفسي الرب ولا
تنسي كل حسناته. الذي يغفر جميع ذنوبك. الذي يشفي كل أمراضك. الذي يفدي من الحفرة
حياتك..) (مز103: 1-5). ونقول في مزمور آخر (لماذا أنت حزينة يا نفسي؟ ولماذا
تزعجينني توكلي علي الله) (مز5: 43).

 

وفي قطع صلاة الليل، يخاطب المصلي نفسه ويقول
(توبني يا نفسي مادمت الأرض ساكنه).

 

6+ بل نحن في صلواتنا نلتفت إلي الشياطين وكل
قواتهم ونخاطبهم. فيقول المصلي (ابعدوا عني يا جميع فاعلي الإثم. فإن الرب قد سمع
صوت بكائي.. فليخز وليضطرب جداً جميع أعدائي. وليرتدوا إلي ورائهم بالخزي سريعاً –
هلليويا) (مز6).

 

فهل نحن نصلي لكل هؤلاء؟ هل نحن نصلي للملائكة
وللطبيعة وللناس ولأنفسنا وللشياطين. حاشا. إنما نحن نخاطبهم اثناء صلاتنا. وهذا
أمر مقبول، وتعليم كتابي. ومن روح المزامير التي قال عنها بولس الرسول (متي
اجتمعتم، فكل واحد له مزمور) (1كو26: 14) (مكملين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح
وأغاني روحية،

 

ومرتلين في قلوبكم للرب) (أف19: 5) (معلمون
ومنذرون بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية) (كو16: 3).

 

ما دمنا نخاطب كل هؤلاء في صلواتنا – حسب تعليم
الوحي الإلهي، فليس خطأ إذن أن نخاطب أمنا العذراء أثناء الصلاة ولا تعتبر هذه
المخاطبة صلاة.

 

42- دوام بتولية العذراء

موضوع دوام بتولية العذراء موضوع قديم جداً،
تحدث عن آباء الكنيسة منذ القرنين الثاني والثالث للميلاد، وكذلك تحدث عنه آباء
القرنين الرابع، والخامس. وقد سبق في 1962 أن ترجمناً مقالاً للقديس إيرونيئوس
(جيروم)
St
Jerome
دافع فيه عن دوام فيه عن
دوام بتولية العذراء ضد رجل يسمي هلفيديوس
Helvidius سنة 383 م. وكل الآراء التي يعتمد عليها البروتستانت حالياً لا تخرج
عن آراء هلفيديوس هذا.

 

ملخص أراء مهاجمي بتولية العذراء:

1* عبارة (ابنها البكر) (لو7: 2) (مت25: 1)
معتمدين أن البكر معناه الأول وسط اخوته.

 

2* عبارة (امرأتك) التي قيلت ليوسف عن العذراء
(مت20: 1). وكلمة امرأة عموماً متي اطلقت علي العذراء (مت24: 1).

 

3* عبارة (لم يعرفها حتي ولدت..) وكذلك (قبل أن
يجتمعا وجدت حبلي من الروح القدس) (مت18: 1).

 

4* الآيات التي وردت فيها عبارة (اخوته) عن
السيد المسيح مثل (مت46: 12) (يو12: 2) و(مت13: 54-56) (مو6: 1-6) (أع14: 1) (غل1:
18،19).

 

وبمعونة الله سنرد في الصفحات المقبلة علي كل
هذه الاعتراضات.

 

43- إبنها البكر

الابن البكر، هو الابن المولود أولا، حسب ترجمة
هذه الكلمة بالإنجليزية
First born
والكتاب المقدس وأضح في تعريف معني البكر، إذا يقو الوحي الإلهي، قبل تأسيس
الكهنوت الهارونى: (قدس لي كل بكر، كل فاتح رحم من الناس، ومن البهائم إنه لي)
(خر2: 13).

 

فكان كل فاتح رحم، يصير مقدساً للرب، مخصصاً
للرب، سواء ولد بعده ابن آخر أو لم يولد. ولا ينتظر أبواه إن كان إنساناً أو
مالكوه أن كان من البهائم حتي يولد له أخوه (يصير بهم بكراً) ثم يخصصونه للرب.
إنما من مولده يصير قدساً للرب، لا لأنه كبير اخوته، إنما لأنه فاتح رحم. وهكذا
يمكن جداً أن يكون الابن البكر هو الابن الوحيد.

 

وهكذا كان السيد المسيح: هو الابن البكر، وهو
الابن الوحيد وقد صدق القديس جيروم حينما قال (كل ابن وحيد هو ابن بكر. ولكن ليس
كل ابن بكر هو ابن وحيد. إن تعتبر البكر لا يشير إلي شخص ولد آخرون. ولكن إلي واحد
ليس له من يسبقه..

 

ولذلك فإن بكر الحيوانات النجسة كان يقبل فداؤه،
من ابن شهر (عدد18: 16،17). وبكر الحيوانات الطاهرة كان يقدم ذبيحة للرب. وما
كانوا ينتظرون حتي يولد أبناء بعده. إنه بكر حتي لو لم يولد بعده لأنه فاتح رحم.

 

ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب زوج
يمام أو فرخي حمام (لو2: 22-24).

 

واضح أن السيد المسيح طبقت عليه شريعة البكر في
يوم الأربعين من مولده، وطبعاً لا علاقة هنا بين البكر وميلاد أخوة آخرين..

 

وهنا يسأل القديس جيروم: هل حينما ضرب أبكار
المصريين، ضرب فقط الأبكار الذين لهم أخوة، أم كل فاتحي الرحم كان لهم أخوة أو لم
يكن.

 

44- عبارة إمرأتك

عبارة (امرأتك) تعني زوجتك. وكانت تطلق علي
المراة منذ خطوبتها. وفي تفسير قول الملاك ليوسف النجار (لا تخف أن تأخذ مريم
امرأتك. لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس) (مت20: 1). يقول القديس يوحنا
ذهبي الفم (هنا يدعو الخطيبة زوجة، كما تعود الكتاب، أن يدعو المخطوبين أزواجاً
حتي قبل الزواج. ويقول أيضاً (ماذا تعني عبارة (تأخذ إليك)؟ معناها أن تحفظها في
بيتك. كمن قد عهد بها إليك من الله وليس مكن أبويها. لأنه قد عهد بها إليك للزواج،
وإنما لتعيش معك، كما عهد بها المسيح نفيه فيها بعد إلي تلميذه يوحنا (تفسير متي
مقالة 11: 4).

 

والقديس جيروم يقول أيضا أن لقب (امرأة) أو زوجة
كان يمنح أيضا للمخطوبات. ويستدل علي ذلك بقول الكتاب (إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة
لرجل، فوجدها رجل في المدينة واضطجع معها.. ارجموها: الفتاة من أجل أنها لم تصرخ.
والرجل من أجل أنه أذل إمرأة صاحبه (تث22: 23،24) (تث7: 20)..

 

وهنا استخدم الكتاب كلمة امرأة عن العذراء
المخطوبة وكلمة امرأة تدل علي الأنوثة وليس علي الزواج.

 

والواقع أن حواء سميت أولاً امرأة لأنها من امرئ
أخزت (تك23: 2). وسميت حواء لأنها أم لكل حي (تك20: 3). فكلمة امرأة تدل علي خلقها
وأنوثتها. وكلمة حواء تدل علي أمومتها

 

دليل أن كلمة امرأة بالنسبة إلي العذراء كانت
تدل علي خطوبتها ووليس زواجها، قول القديس لوقا الإنجيلي (فصعد يوسف أيضاً من
الجليل، ليكتتب مع امرأته المخطوبة وهي حبلي) (لو2: 4،5). إذن عبارة (لا تخف أن
تأخذ مريم امرأتك) معناها خطيبتك..

 

فمريم دعيت امرأة ليس لأنها فقدت بتوليتها، حاشا.
فالكتاب يشهد أنه لم يعرفها. ولكن دعيت هكذا، لأن هذا هو التعبير المألوف عند
اليهود، أن تدعي الخطيبة امرأة. بل الأنثي كانت تدعي امرأة. بدليل أن حواء عقب
خلقها مباشرة دعيت امرأة، قبل الخطيبة والطرد من الجنة والانجاب..

 

ونلاحظ أن الملاك لم يستخدم مع يوسف عبارة
امراتك بعد ميلاد المسيح، وإنما قال له (قم خذ الصبي وأمه) (مت13: 2). وفي عودته
من مصر قال له (قم خذ الصبي وأمه) (مت20: 2).. وفعل يوسف هكذا في السفر إلي مصر
وفي الرجوع (قام وأخذ الصبي وأمه) (مت2: 14،21). ولم يستخدم عبارة امرأته.

 

فمريم دعيت أمرأة ليس لأنها فقدن بتوليتها، حاشا.
فالكتاب يشهد أنه لم يعرفها. ولكن دعيت هكذا، لأن هذا هو التعبير المألوف عند
اليهود، أنم تدعي الخطيبة أمرأة. بل الأنثي كانت أمرأة. بدليل أن حواء عقب خلقها
مباشرة دعيت أمرأة، قبل الخطية والطرد من الجنة والأنجاب.

 

ونلاحظ أن الملاك لم يستخدم مع يوسف عبارة
أمرأتك بعد ميلاد المسيح. وإنما قال له (قم خذ الصبي وأمه) (مت13: 2). وفي عودته
من مصر قال له (قم خذ الصبي وأمه) (مت20: 2). وفعل يوسف هكذا في السفر إلي مصر وفي
الرجوع (قام وأخذ الصبي وأمه) (مت2: 14، 21). ولم يستخدم عبارة أمرأته.

 

عبارة امرأته استخدمت قبل الحمل وأثناءه لكي
تحفظ مريم فلا يرجمها اليهود؛ إذ أنها قد حبلت وهي ليست امرأة لرجل. أما بعد ولادة
المسيح، فلم يستخدم الوحي الإلهي هذه العبارة، لا بالنسبة إلي كلام الملاك مع يوسف،
ولا بالنسبة إلي ما فعله يوسف. ولا بالنسبة إلي المجوس الذين (رأوا الصبي مع مريم
أمه) (مت11: 2). ولا بالنسبة إلي الرعاة الذين (وجدوا مريم ويسوف والطفل مضطجعاً)
(مت16: 2).

 

45- قبل أن يجتمعا

هدف الإنجيلي هو إثبات أن المسيح قد حبل به من
عذراء لم تعرف رجلاً لسببين:

1)- لإثبات أن المولود، لم يولد ولادة طبيعية من
أبوين كباقي الناس، إنما ولادته من عذراء دليل علي لاهوته، إذ يكون قد ولد من
الروح القدس. وهذا ما عبر عنه الملاك بقوله (لأن الذي حبل به فيها هو من الروح
القدس) (مت20: 1).

 

2)- لأن ولادته من عذراء من غير زرع بشر، تجعلنا
نؤمن أنه لم يرث الخطية الجدية. وبهذا يكون قادراً علي خلاصنا، لأنه إذ هو بلا
خطية يمكن أن يموت عن الخطاة.

 

لذلك كان تركيز الرسول هو علي أن العذراء لم
تجتمع برجل قبل ميلاد المسيح لاثبات ميلاده العذراوي، أما كونها بعد ميلاده لم
تجتمع برجل فهذا أمر بديهي لا يحتاج إلي إثبات.

 

46- لم يعرفها حتى..

عبارة حتي، أو (إلي أن) Until تنسحب علي ما قبلها، ولا تعني عكسها فيما بعد.

ومثال ذلك قول الكتاب عن ميكال ابنة شاول الملك
(ولم يكن لها ولد حتي ماتت) (2صم23: 6). وطبعاً بعد أن ماتت لم يكن لها ولد.. وقول
السيد المسيح (هاأنا معكم كل الأيام وإلي انقضاء الدهر) (مت19: 28). وطبعاً بعد
إنقضاء الدهر (متى سيظل معنا، وكذلك قول الرب للمسيح (اجلس عن يميني حتي أضع
أعداءك تحت قدميك) (مز110). وطبعاً بعد هذا سيظل عن يمينه..

 

والأمثلة من هذا النوع كثيراً جداً..

إذن كلمة حتي لا تعني بالضرورة عكس ما بعدها.

فيوسف لم يعرف مريم حتي ولدت ابنها البكر. ولا
بعد أن ولدته عرفها أيضاً لأنه إن كان قد احتشم عن أن يمسها قبل ميلاد المسيح، فكم
بالأولي بعد ولادة، وبعد أن رأي المعجزات والملائكة والمجوس وتحقق النبوءات وعلم
يقيناً أنه مولود من الروح القدس، وأنه ابن العلي يدعي، وأنه القدوس وعمانوئيل
والمخلص.

 

وأنه هو الذي تحققت فيه نبوءة اشعياء النبي
القائل (وهوذا العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل) (اش14: 7). وأيضاً
(لأنه يولد لنا ولد ونعطي ابنا وتكون الرئاسة علي كتفيه، ويدعي اسمه عجيباً مشيراً
إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية علي كرسي
داود وعلي مملكته) (اش9: 6،7). ولعل هذا الجزء الأخير هو الذي اقتبسه الملاك في
بشارته للعذراء (لو1: 31-33).

 

47- عبارة “أخوته”

عبارة أخ في التعبير اليهودي قد تدل علي القرابة
الشديدة كما تدل علي الأخ ابن الأب أو الأم أو كليهما. والأمثلة علي ذلك كثيرة
منها:

 

1)* ما قيل عن اخوة بين يعقوب وخاله لابان:

 

يقول الكتاب عن مقابلة يعقوب وراحيل (فكان لما
أبصر يعقوب راحيل بن لابان خاله وغنم لابان خاله، أن يعقوب تقدم ودحرج عن فم البئر.
وسقي غنم لابان خاله. وقبل يعقوب راحيل ورفع صوته وبكي. واخبر يعقوب راحيل أنه أخو
أبيها (تك29: 10-12). مع أن أباها هو خاله، وقد تكررت عبارة خاله في هذا النص مرات
كثيرة.

 

وهنا استعملت كلمة أخ للدلالة علي القرابة
الشديدة.

 

وبنفس الأسلوب تكلم لابان مع يعقوب لما سأله عن
أجرته، إذ قال له (لأنك أخي تخدمني مجاناً. أخبرني ما أجرتك) (تك15: 29) وهكذا قال
لابان عن يعقوب أنه أخوه مع أنه أبن أخته.

 

1)* مثال آبرام ولوط.

 

كان لوط ابن أخي آبرام (ابن هارون اخته) (تك31: 11).
ومع ذلك يقول الكتاب عن سبي لو ط مع أهل سادوم (فلما سمع آبرام أن أخاه قد سبى، جر
رجاله المتمرنين) (تك14: 14). فاعتبر أن لوطاً أخوه مع أنه ابن اخيه. ولكنها
القرابه الشديدة.

 

وبنفس الأسلوب قيل
(
اخوة
يسوع
) عن أولاد خالته كما سنبين الآن من هم أخوة الرب:

لما ذهب السيد إلي وطنه تعجبوا قائلين: أليس هذا
ابن النجار؟ أليست أمه تدعي مريم؟ واخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا؟ أو ليست
أخواته جميعهن عندنا؟) (مت13: 54-56) (مر6: 1-3).

 

والقديس بولس الرسول يذكر أنه رأي (يعقوب أخا
الرب) (غل9: 1). ويعقوب هذا يسمونه يعقوب الصغير (مر40: 15). لتمييزه عن يعقوب بن
زبدي ويدعي أيضاً يعقوب ابن حلفي (مت3: 10) وكان من الرسل كما ورد في (غل19: 1).

 

والقديس متي الرسول يذكر أنه عند صليب الرب
(نسوة كثيرات كن هناك، ينظرون من بعيد، وبينهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسى،
وأم ابني زبدي (مت27: 55،56).

 

فمن هي مريم أم يعقوب ويوسى هذه؟ هل هي مريم
العذراء؟ وهل يعقل أن العذراء انجبت كل هذه المجموعة الكبيرة من الأنبياء؟!

 

أنها مريم زوجة حلفي أو كلوبا، التي قال عنها
يوحنا الرسول (وكن واقفات عند صليب يسوع: أمه، وأخت أمه: مريم زوجة كلوبا، ومريم
المجدلية) (يو25: 19)- قارن مع (مت27: 55،56).

 

مريم أم يعقوب ويوسي كانت مع مريم المجدلية عند
صليب المسيح (مت27: 55،56). وهما تفسهما: مريم المجدلية أم يعقوب ويوسي كانت
واقفتين وقت الدفن (تنظران أين وضع) (مر47: 15) وهما ايضاً أحضرتا خنوطاً بعدما
مضي السبت (مر1: 16). وهما أيضاً كانت واقفتين عند الصليب مع مريم أمه وهما اللتان
قصدهما يوحنا الإنجيلي بقوله (وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة
كلوبا، ومريم زوجة كلوبا، ومريم المجدلية.

 

إذن اخوة الرب يسوع هم أولاد خالته مريم زوجة
كلوبا أو حلفي أم يعقوب ويوسى وباقي الأخوة.

 

أما عن الخلاف بين أسم حلفى وأسم كلوبا، فإما أن
يكون خلافاً في النطق أو كما قال القديس جيروم: من عدة الكتاب أن يحمل الشخص
الواحد أكثر من أسم فرعوئيل حمو موسى (خر18: 2). يدعي أيضاً يثرون (خر18: 4).
وجدعون يدعي يربعل (قض32: 6). وبطرس دعي أيضا سمعان وصفا، ويهوذا الغيور دعي تداوس
(مت3: 10). واضح إذن أم مريم أم يعقوب ويوسى ليست هي مريم العذراء ولم يحدث مطلقاً
أن الكتاب دعاها بهذا الأسم.

 

ملاحظات

1)* من غير المعقول أن يكون لمريم أم المسيح كل
هؤلاء الأبناء ويعهد بها الرب علي الصليب إلي يوحنا تلميذه. لاشك أن أولادها كانوا
أولي بها لو كان لها أولاد..

2)* نلاحظ في أسفار يوسف ومريم في الذهاب إلي
مصر والرجوع منها، لم يذكر اسم أي ابن لمريم غير (يسوع) (مت2: 14،20،21). وكذلك في
الرحلة إلي أورشليم وعمره 12 سنة (لو43: 2).

3)* وليس صحيحاً ما يقول البعض أن (أخوة يسوع)
هو أبناء ليوسف من أمراة أخري ترمل بموتها. فالكتاب يذكر أم مريم أم يعقوب ويوسى
كانت حاضرة صلب المسيح ودفنه كما ذكرنا (مر47: 15).

4)* وهناك نص كتابي واضح في نبوءة حزقيال يؤيد
دوام بتولية العذراء. لقد رأي حزقيال النبي باباً مغلقاً في المشرق. وقيل له (هذا
الباب يكون مغلق لا يفتح ولا يدخل منه أنسان. لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون
مغلقاً) (حز2: 44).

إنه رحم العذراء الذي دخل منه الرب، فظل مغلقاً
لم يدخله ابن آخر لها.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى