اللاهوت الروحي

الفصل الثاني



الفصل الثاني

الفصل الثاني

بعض فوائد وبركات الصلاة بالأجبية

مقالات ذات صلة

14- إطالة الوجود في
حضرة الله

الذى اختبر جمال وعمق
الصلاة بالأجبية يستطيع أن يتعرف على بركاتها وفوائدها الكثيرة، ونورد هنا بعض هذه
البركات والفوائد.

 

1- إطالة الوجود في
حضرة الله

كم من شخص جرب صلواته
الخاصة (الارتجالية) فما كانت تستمر سوى دقائق معدودة ثم لا يجد شيئا يقوله
فيختمها ولا يكون قد وقف في حضرة الله سوى لحظات بسيطة.

 

أما صلوات الأجبية
فتعطى للإنسان فرصة أطول للوجود في حضرة الله والتلذذ بالعشرة معه حسب قول المرنم,
تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك (مز 37: 4) وتقدم له مادة غزيرة ليقولها في هذه العشرة
المقدسة.

 

15- تشمل كل أنواع
الصلاة

قد يقتصر الإنسان
العادى في صلاته على عنصر الطلب, أما الذي يصلى بالاجبية فان صلاته تشمل كل أنواع
الصلاة من شكر وانسحاق وتسبيح وتمجيد وطلب وغيرها حسب قول الرسول ” فأول كل
شئ أطلب أن تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس (1 تى 2:
1)”.

(أ) عنصر الشكر

(ب) عنصر التوبة
والانسحاق

(ج) عنصر التمجيد
والتسبيح

(د) عنصر الطلب

 

16- عنصر الشكر

له صلاة خاصة في
المقدمة الأجبية هى صلاة الشكر، نشكر فيها الله على كل حال ومن أجل كل حال وفى كل
حال على بركاته الكثيرة لأنه سترنا وأعاننا وحفظنا وقبلنا إليه وأشفق علينا وعضدنا
وأتى بنا الى هذه الساعة. ونكرر هذه الصلاة في بداية صلاة كل ساعة من صلوات
الاجبية وغيرها من الصلوات، هذا الى جانب عبارات شكر متعددة داخل المزامير
والطلبات بالاجبية فيها الاعتراف لله بحسناته الكثيرة وبركاته الغزيرة علينا ومن
أمثلتها:

 

1- فى صلاة باكر:

+ مقدمة مزمور الرب
نورى وخلاصى ممن أخاف.

 

2- فى الساعة الثالثة:

+ مزمور الرب يرعانى
فلا يعوزنى شئ.

+ مزمور أعظمك يا رب
لأنك احتضتنى.

+ مزمور فاض قلبى بكلام
صالح.

 

3- في الساعة السادسة:

+ مزمور رضيت يا رب.

+ مزمور أساساته في
الجبال المقدسة.

 

4 – في الساعة التاسعة:

+ مزمور هللوا للرب يا
كل الأرض.

+ مزمور اعترف لك يا رب
من كل قلبى.

+ مزمور أحببت أن يسمع
الرب صوت تضرعى.

+ مزمور آمنت لذلك
تكلمت.

 

5- في صلاة الغروب:

+ مزمور سبحوا الرب يا
جميع الأمم.

+ مزمور اعترفوا للرب
فانه صالح.

+ مزمور لولا أن الرب
كان معنا.

+ مزمور مرارا كثيرة
حاربونى منذ صباى.

 

6 – في صلاة النوم:

+ مزمور اعترف لك يا رب
من كل قلبى.

+ مزمور سبحى الرب يا
أورشليم.

 

7 – في صلاة نصف الليل:
عبارات لا تحصى من المزمور الكبير مثل:

+ في نصف الليل نهضت
لأشكرك على أحكام عدلك.

+ خيرا صنعت يا رب مع
عبدك حسب قولك.

+ لو لم تكن شريعتك
تلاوتى لهلكت حينئذ في مذلتى.

+ محبوب هو اسمك يا رب
فهو طول النهار تلاوتى.

+ علمتنى وصاياك أفضل
من أعدائى.

+ أبتهج أنا بكلامك كمن
وجد غنائم كثيرة.

+ هذا الى جانب عبارات
الشكر والحمد في الطلبات والتحليل في جميع صلوات السواعى.

 

17- عنصر التوبة
والانسحاق

له في مقدمة كل مزمور
هو المزمور الخمسون “ارحمنى يا الله كعظيم رحمتك ومثل كثرة رأفتك “, الى
جانب عدد كبير من مزامير التوبة والانسحاق في السواعى المختلفة:

 

1- باكر:

+ يا رب لا بغضبك
تبكتنى ولا برجزك تؤدبنى.

+ ارحمنى يا رب فانى
ضعيف.

+ خلصنى يا رب فان
البار قد فنى.

+ حتى متى تنسانى يا رب
الى الانقضاء. حتى متى تصرف وجهك عنى.

+ ليترأف الله علينا
ويباركنا وليظهر وجهه علينا ويرحمنا.

 

2- الثالثة:

+ نق قلبى وكليتى لان
رحمتك أمام عينى.

 

3- السادسة:

+ ارحمنى يا الله
ارحمنى فانه عليك توكلت نفسى.

 

4- التاسعة:

+ رحمة وحكما أسبحك يا
رب.

 

5- الغروب:

+ اعترفوا للرب فانه
صالح وأن الى الأبد رحمته. إليك يا رب صرخت في حزنى فاستجب لى.

+ رفعت عينى إليك يا رب
ساكن… كذلك أعيننا نحو الرب إلهنا حتى يترأف علينا… ارحمنا يا الله ارحمنا.

 

6- النوم:

+ من الأعماق صرخت إليك
يا رب.

+ على أنهار بابل هناك
جلسنا فبكينا عندما تذكرنا صهيون.

+ يا رب إليك صرخت
فاستمع لى.

 

7- نصف الليل:

+ لصقت بالتراب نفسى
فاحينى ككلمتك.

+ لتأت على رحمتك يا رب
وخلاصك كقولك.

+ تلقت نفسى الى خلاصك
يا رب.

+ أنظر الى تواضعى
(مذلتى) وانقذنى.

+ انجيل الخدمة الثانية
عن المراة التابئة التى بلت قدمى المخلص بدموعها

 

ومسحتها بشعر رأسها
فنالت غفران خطاياها. كذلك قطع الخدمة الثانية كلها عن التوبة والدموع والغفران.

 

18- عنصر التمجيد
والتسبيح

هناك قطع في الاجبية
مليئة بالتمجيد والتسبيح مثل الثلاث تقديسات وتسبحة الملائكة

ومزامير كثيرة منها:

 

1- في باكر:

+ أيها الرب ربنا ما
أعجب اسمك في الأرض كلها لأنه قد ارتفع عظم جلالك فوق السماوات. من أفواه الأطفال
والرضعان هيأت سبحا.

+ السماوات تحدث بمجد
الله والفلك يخبر بعمل يديه.

+ سبحوا الرب أيها
الفتيان سبحوا اسم الرب.

+ سبحوا الرب أيها
الفتيان سبحوا اسم الرب.

 

2- الثالثة:

+ يا جميع الأمم صفقوا
بأيديكم. هللوا لله بصوت الابتهاج.

 

3- السادسة:

+ الساكن في عون العلى
يستريح في ظل اله السماء.

 

4- التاسعة:

+ سبحوا الرب تسبيحا
جديدا. سبحى الرب يا كل الأرض.

+ الرب قد ملك فلتهلل
الأرض.

+ سبحوا الرب تسبيحا
جديدا لان الرب قد صنع أعمالا عجيبة.

+ الرب قد ملك فلترتعد
الشعوب.

+ هللوا للرب يا كل
الأرض. أعبدوا الرب بالفرح.

 

5- الغروب:

+ سبحوا الرب يا جميع
الأمم ولتباركه كافة الشعوب.

 

6- النوم:

+ سبحى يا نفسى الرب.
اسبح الرب في حياتى.

+ سبحى الرب فان
المزمور جيد ولإلهنا يلذ التسبيح.

+ سبحى الرب يا أورشليم
سبحى إلهك يا صهيون.

 

7- نصف الليل:

+ صالح أنت يا رب
فبصلاحك علمنى حقوقك.

+ كل الأشياء متعبدة لك
يا رب.

+ عادل أنت يا رب
وقضاؤك مستقيم. أوصيت كثيرا بالعدل والحق.

 

وهكذا نرى صلوات
الأجبية مملوءة من عنصر التسبيح والتمجيد الذي هو لغة السمائيين. وهو الذي يندر أن
يهتم به الإنسان في صلواته الخاصة الارتجالية، بينما التسبيح هو أعلى مراتب الصلاة
وهو عمل الملائكة والروحانيين.

 

19- عنصر الطلب

تشمل صلوات الاجبية كل
طلبات الإنسان واحتياجاته في كل الظروف، ولا تغفل منها شيئا، كما تتميز بتفاصيل
دقيقة لهذه الطلبات لا يمكن أن يذكرها إنسان يصلى صلاة خاصة ارتجالية ويتركز عنصر
الطلب في الأجبية على شيئيين أساسيين هما طلب المغفرة وطلب المعونة.

 

1- فمثلا في طلب
المغفرة:

نطلب من الله أن يغفر
لنا خطايانا وآثامنا وزلاتنا وأن يصفح عن سيئاتنا التى صنعناها بإرادتنا والتى
صنعناها بغير إرادتنا، التى فعلناها بمعرفة والتى فعلناها بغير معرفة، الخفية
والظاهرة، بالفعل أو بالقول أو بالفكر أو بجميع الحواس.

من ذا الذي يصلى في
صلواته الخاصة من أجل الخطايا الخفية وغير الإرادية والتى فعلها بغير علم؟!

 

2- في طلب المعونة:

نطلب من الرب أن يرفع
عنا وعن كل الناس كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان ومؤامرات الناس الأشرار وقيام
الأعداء الخفيين والظاهرين..

 

وفى تحليل النوم نطلب
من الله أن يحفظنا من كل قلق وكل شر وكل تجربة العدو.

 

وفى طلبة “ارحمنا
يا الله ثم ارحمنا” التى تقال في نهاية كل صلاة من صلوات الأجبية نجد مجموعة
من الطلبات المتنوعة التى يندر أن يجمعها مصل واحد في صلاة واحدة، مثل:

 

“يا رب اقبل منا
فى هذه الساعة وكل ساعة طلباتنا. سهل حياتنا. أرشدنا الى العمل بوصاياك.

 

قدس أرواحنا. طهر
أجسادنا. قوم أفكارنا. نق نياتنا. اشف امراصنا. اغفر خطايانا.

 

نجنا من كل حزن ردئ
ووجع قلب. أحطنا بملائكتك القديسين لكى نكون بمعسكرهم محفوظين ومرشدين”.

 

نذكر هذا كمجرد مثال
نثبت به أن صلواتنا الخاصة جدا إذا قيست بصلوات الاجبية التى صلاها الآباء بعمق
وفهم وبإرشاد الهي سواء كانت مزامير أو أناجيل أو قطع وتحاليل.

 

20- حفظ تذكارات مقدسة

1- في صلاة باكر:

الذي يصلى بالاجبية يضع
أمامه حياة السيد المسيح كل يوم يتأملها ويتغذى بها روحيا فيشبع ويرتوى وتنطبع فيه
صورة الرب يسوع واضحة جلية:

يتذكر ميلاد السيد
المسيح الازلى من الأب قبل كل الدهور، كما يتذكر تجسده من العذراء مريم وميلاده
البتولى وحلوله بيننا كنور حقيقى أشرق على الجالسين في الظلمة وظلال الموت لكى
ينير لهم السبيل الى الحياة الأفضل كما تنير الشمس للناس.

 

كما يتذكر قيامة الرب
يسوع في فجر الأحد منتصرا على الموت وظلمة القبر. وقد قام بقوة وهدوء كشعاع الشمس
الذي يمزق ظلمة الليل بقوة وهدوء.

 

2- في الساعة الثالثة:

يتذكر المحاكمة الظالمة
التى أجريت للرب يسوع وانتهت بإصدار الحكم عليه بالصليب وسط لصين وهو البار المنزه
عن كل شر لكى تتم النبوة “وأحصى مع أثمه” (مز 15: 28)”. لكى يحتمل
المؤمن كل ما يأتى عليه من تجارب أو ظلم ناظرا الى رئيس الإيمان ومكمله يسوع الذي
من أجل السرور الموضوع أمامه (فداء الإنسان) احتمل الصليب مستهينا بالخزى (عب 12:
2) “. كما يتذكر في هذه الساعة صعود المسيح الباهر الى السماء وجلوسه عن يمين
الأب في الاعالى على عرش مجده متذكرا وعده الالهى القائل ” من يغلب فسيجلس
معى في عرشى كما غلبت أنا أيضا وجلست مع أبى في عرشه (رؤ 3: 21) “. كما يتذكر
في هذه الساعة أيضا حلول الروح القدس على التلاميذ في شبه السنة نارية، فطهرهم
وشجعهم وأعطاهم المواهب الروحية اللازمة للكرازة والخدمة فيطلب لنفسه نصيبا من
مواهب الروح القدس لان الله ” يعطى حتى الروح القدس للذين يسألونه (لو 11:
13)”.

 

3- وفى الساعة السادسة:

يتذكر الفداء العجيب الذي
صنعه الرب على الصليب فيفيض قلبه بالشكر والامتنان والحب لذاك الذي أحبنا فضلا
وبذل ذاته لأجلنا راضيا.

 

4- وفى الساعة التاسعة:

يتذكر موت الرب من فرط
حبه لنا “لأنه ليس حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه” (يو 15:
13) “هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل
تكون له الحياة الأبدية” (يو 3: 16).

 

كما يتذكر وعد الرب
يسوع للص اليمين التائب ” اليوم تكون معى في الفردوس ” (لو 23: 43) فى
هذه الساعة صرخ الرب قائلا “الهى الهى لماذا تركتنى؟”(مت 27: 46)

 

وفيها اشتد العطش فطلب
أن يشرب فسقوه خلا (يو 19: 28، 29) ثم قال ” قد أكمل ” ونكس رأسه وأسلم
الروح (يو 19: 30).

 

يتذكر المصلى أيضا أن
الرب في هذه الساعة قد طعن في جنبه بالحربة بعد موته فنزل منه دم وماء تكفير
وتطهير لخطايا كل العالم (يو 19: 34).. وعندما مات الرب على الصليب في الساعة التاسعة
” إذا حجاب الهيكل قد انشق الى اثنين من فوق الى أسفل (مت 27: 51)

 

علامة على فتح الطريق
بين الله والإنسان ونقض الحاجز المتوسط وإتمام الصلح بدم المسيح وموته الكفارى عن
الإنسان. وفى هذه الساعة أيضا انقشعت الظلمة التى سادت الأرض كلها من الساعة
السادسة الى الساعة التاسعة (مت 27: 45) وهذا دليل على ابتعاد غضب الله عن الإنسان
وعودة رضاه عليه بعد أن أوفى المسيح العدل الالهى حقه وأتم فداء الإنسان بصلبه
وموته المحيى على عود الصليب.

 

أعلن الله غضبه بالظلمة
كنبوة عاموس “ويكون في ذلك اليوم السيد الرب أنى أغيب الشمس في الظهر وأقتم
الأرض في يوم نور (عا 8: 9). وعندما رفع الرب غضبه وأعلن رضاه انقشعت الظلمة وحل
محلها النور حسب قول المرنم “رضيت يا رب عن أرضك. رددت سبى يعقوب.غفر آثام
شعبك. سترت جميع خطاياهم. حللت كل رجزك. رجعت عن سخط غضبك” (مز 85: 1 – 3)
“قد أضاء علينا نور وجهك يا رب. أعطيت سرورا لقلبى” (مز 4: 6).

 

لو تذكر المصلى كل هذه
الحوادث أثناء صلاة الساعة التاسعة لامتلأ قلبه بالشكر للفادى ولتعمق في محبة الله
كثيرا جدا.

 

5 – أما في صلاة
الغروب:

فيتذكر المصلى إنزال
الرب عن الصليب وتكفينه بواسطة يوسف ونيقوديموس بعد وضع الحنوط والاطياب على جسده
الطاهر.

 

ويحاول المصلى أن يقدم
للرب عطر فضائله وطيب دموعه يسكبها عند قدميه في توبة وخشوع فيأخذ نصيب المرأة
التى سكبت الطيب على قدمى المخلص فمدحها قائلا ” قد سبقت ودهنت بالطيب جسدى
للتكفين. الحق أقول لكم حيثما يكرز بهذا الإنجيل في العالم يخبر أيضا بما فعلته
هذه تذكار لها” (مز 14: 8، 9).

 

كذلك يتذكر أصحاب
الساعة الحادية عشر الذين قبلهم الرب وعملوا بجد واجتهاد فأعطاهم أجرا كاملا
كالذين عملوا من أول النهار (مت 20: 12) فلا يصيبه اليأس من مراحم الله ومحبته
وحنانه.

 

6- فى صلاة النوم:

يتذكر الموت والدفن في
القبر، تلك الساعة الرهيبة المخوفة التى قال القديس أرسانيوس ” انى منذ جئت
الى الرهبنة وذكر ساعة الموت لم يفارق عقلى ” وبذلك يكون الإنسان مستعدا
دائما لهذه الساعة بالتوبة والنقاوة، ويكون مثل مار اسحق الذي كان يخاطب فراشه كل
ليلة عند النوم قائلا: ” أيها الفراش لعلك في هذه الليلة تصير قبرا لى
“.

 

7 – في الخدمة الأولى
من صلاة نصف الليل:

يتذكر مجئ المسيح
الثانى وكيف يجب أن يستعد له بالسهر والجهاد ويستقبله فرحا مثل الخمس عذراى
الحكيمات.

 

وفى الخدمة الثانية:

يتذكر المرأة التائبة
التى بلت قدمى المخلص بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها ويطلب إليه أن يعطيه ينابيع
دموع كثيرة وغفران خطاياه مثلها.

 

وفى الخدمة الثالثة:

يتذكر العبد الحكيم
والوكيل الأمين الذي جاء سيده فوجده يقوم بواجبه خير قيام فيقيمه على جميع ماله
قائلا له “نعماً أيها العبد الصالح والأمين. كنت أمينا على القليل فأقيمك على
الكثير. ادخل الى فرح سيدك” (مت 25: 21) ويحذر لئلا يتوانى في حياته الروحية
كالعبد الكسول غير الأمين فيحرم من الميراث الابدى ويكون نصيبه مع عديمى الأيمان
(لو 12: 46) “. تضع الكنيسة كل هذه التذكارات المقدسة أمام أبنائها كل يوم عن
طريق صلوات الأجبية حتى يتصور المسيح فيهم حسب قول معلمنا بولس الرسول ” يا
أولادى الذين أتمخض بكم الى أن يتصور المسيح فيكم ” (غل 4: 19) وهكذا تصير
صورة المسيح مرسومة في أذهانهم وحوادث وأقوال وأعمال مخلصنا الصالح حية دائما في
ذاكرتهم فيصدق عليهم قول الرائى ” لهم اسم الله مكتوب على جباههم ” (رؤ
14: 1).

 

” وهم سينظرون
وجهه واسمه على جباههم ” (رؤ 22: 4). أليس من الخطأ في حق أنفسنا أن نحرم
ذواتنا من مثل هذه التذكارات المقدسة حينما نهمل الصلاة بالاجبية، ونظن أنه يمكن
أن نقدم لله صلوات خاصة أعمق وأشمل مما وضعه الآباء القديسون بإرشاد الروح القدس،
ناسين تواضع معلمينا الرسل الذين على الرغم من معرفتهم وروحانيته صرخوا قائلين
“يا رب علمنا أن نصلى” (لو 11: 1).

 

21- طلب الرحمة بلجاجة

في نهاية كل صلاة من
صلوات السواعى يكرر المصلى صلاة كيرليصون 41 مرة، وهى مثل رائع للصلاة بلجاجة,
وصلاة اللجلجة لا ترجع فارغة كما علمنا رب المجد يسوع في مثل قاضى الظلم الذي قام
وأنصف المرأة من أجل لجاجتها (لو 18: 1 – 7) ومثل صديق نصف الليل الذي قال الرب في
نهايته “أقول لكم إن كان لا يقوم ويعطيه لكونه صديقه فانه من أجل لجاجته يقوم
ويعطيه قدر ما يحتاج، وأنا أقول لكم اسألوا تعطوا، اطلبوا تجدوا، أقرعوا يفتح لكم،
لان كل من يسأل يأخذ ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له” (لو 11: 8 – 10)”.

 

وكيرياليصون كلمة
يونانية معناها “يا رب ارحم” وتكرارها 41 مرة على عدد الجلدات التسعة
والثلاثين التى ألهبت ظهر المخلص من أجلنا مضافا إليها إكليل الشوك الذي وضعوه على
رأسه المقدس وطعنه الحربة في جنبه الطاهر..

 

هذه هى الآلام التى
تريدنا الكنيسة أن نتذكر ونحن نكرر هذه الصلاة القصيرة في مبناها القوية العظيمة
في معناها. نكررها ونحن نقول للرب: بحق هذه الآلام التى تالمتها من أجلنا ارحمنا
واغفر لنا خطايانا وباركنا…. الخ.

 

كررها يا أخى وأنت تقول
مرة يا من جلدت من أجلى ارحمنى، ومرة يا من كللت بالشوك ارحمنى… وهكذا. في هذه
الصلاة القوية اطلب الرحمة لنفسك وللآخرين، وحدد في كل مرة أمرا ترجو فيه مراحم
الرب مثل:

+ يا رب ارحمنى من
أفكارى الشريرة.

+ يا رب ارحم عبدك فلان
وخلصه من ضيقته… اشفه من مرضه. نجحه في امتحانه

+ يا رب ارحم أولادك
واحفظهم من مغريات الخطية وشرور العالم.

+ يا رب ارحم كنيستك
واحفظها من كل شر… الخ.

 

وهكذا يتصاعد بخور
صلواتك واحد في منظره (بتكرار كيرياليصون) ولكنه متنوع فيما يحمله من طلبات الرحمة
والمعونة والبركة.

 

ومن الملاحظ أن صلاة
كيرياليصون تشمل كل مطالب واحتياجات الإنسان:

+ فحياتنا من رحمة
الله.

+ وصحتنا من رحمة الله.

+ ونجاحنا من رحمة
الله.

+ كل البركات والنعم
التى نعيش فيها من رحمة الله.

 

22- صلوات حسب مشيئة
الله

كثير من الناس حينما
يصلون يطلبون طلبات لا توافق مشيئة الله، تلك التى قال عنها يعقوب الرسول
“تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون رديا” (يع 4: 3).

 

أما صلوات الأجبية
فكلها توافق مشيئة الله لأنها كلها أما مزامير وأناجيل كتبت بالروح القدس، وأما
طلبات كتبها الآباء القديسون بإرشاد الروح القدس، فالذى يصلى بالاجبية يضمن أن كل
صلواته مقبولة لأنها توافق مشيئة الله، والوعد الالهى لنا صادق وأمين حينما يقول
“ان طلبنا شيئا حسب مشيئته يسمع لنا ” (1 يو 5: 14).

 

ان كانت صلاتك وفق
مشيئة الله حينئذ “يستجيب لك الرب في يوم شدتك. يرفعك اسم اله يعقوب. يرسل لك
الرب عونا من قدسه ومن صهيون يعضدك. يعطيك الرب حسب قلبك ويتمم كل مشيئتك”.
(مز 20: 1 – 5).

 

23- درس في تعليم طريقة
الصلاة

من كثرة ممارستنا
للصلاة بالأجبية نتعلم كيف نصلى،

ماذا نقول،

وكيف نطلب،

وبأى أسلوب نخاطب الله،

وما هى آداب الصلاة.

 

فالمزمور الثانى يقول
“اعبدوا الرب بخشية، وهللوا له برعدة، الزموا الأدب لئلا يغضب الرب فتضلوا عن
طريق الحق”.

 

24- عنصر الوعظ

تشتمل صلوات الأجبية
على عنصر تعليمى وعظى إلى جانب العبادة والتأمل، ونحن في أشد الحاجة لهذا العنصر
الوعظى لنتعلم منه كل يوم حينما نمارس صلواتنا اليومية بالأجبية حسب نصيحة الرسول
“عظوا أنفسكم كل يوم مادام الوقت يدعى اليوم لكى لا يقسى أحد منكم بغرور
الخطية” (عب 3: 13)

 

وهذا العنصر الوعظى
الموجود بالأجبية يضع أمام المؤمن ارشادا روحياً يومياً يسلك في الحياة بمقتضاه،
ومن أروع الأمثلة على ذلك صلاة باكر إذ تقدم لنا فيها الكنيسة خطة روحية لسلوكنا
اليومى، فتبدأ صلاة باكر بقطعة من رسالة معلمنا بولس الرسول إلى أهل افسس تقول
“أسألكم انا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التى دعيتم اليها بكل
تواضع القلب وطول الأناة محتملين بعضكم بعضاً بالمحبة مسرعين إلى حفظ وحدانية
الروح برباط الصلح الكامل” (1ف 4: 1)

 

هذه خطة روحية يلزمنا
أن نعرفها قبل خروجنا من منازلنا لكى نعرف كيف نتعامل مع الناس بروح الاتضاع
والمحبة والاحتمال.

 

· يكملها المزمور الأول
فيحذرنا من السلوك في مشورة المنافقين ومن الوقوف فى طريق الأشرار والمشي معهم،
ومن الجلوس في مجالس المستهزئين ومشاركتهم خطاياهم وشرورهم، هذا من الناحية
السلبية، أما من الناحية الإيجابية فيدعونا ان نلهج ونتأمل في ناموس الرب نهارا
وليلا ويكون هو موضوع مسرتنا وتعزيتنا واهتمامنا فنصير نافعين لأنفسنا ولغيرنا
ومثمرين كشجرة مغروسة على مجارى المياه تعطى ثمرها في حينه وورقها لا ينتثر وكل ما
نصنعه ننجح فيه (مز 1) لأن الرب يكون معنا كما كان مع يوسف فكان رجلا ناجحا (تك
39: 2) وكما كان مع داود “فكان مفلحا في جميع طرقه” (1 صم 18: 14)

 

· يضاف إلى هذا مزامير
أخرى وعظية مثل مزمور “يا رب من يسكن في مسكنك أو من يحل في جبل قدسك. الا
السالك بلا عيب الفاعل البر المتكلم في قلبه بالحق الذى لا يغشى بلسانه ولا يصنع
بقريبه سوءا شرا على جيرانه..” (مز 15)

 

· وعبارات أخرى مشابهه
في مزمور 23 وهو من مزامير الساعة الثالثة “من يصعد إلى جبل الرب أو من يقوم
في موضع قدسه. الطاهر اليدين النقى القلب الذي لم يحمل نفسه إلى الباطل ولم يحلف
بالغش. هذا ينال بركة من الرب ورحمة من الله مخلصه”.

 

· كذلك نجد عبارات
وعظية مشابهة في مزمور 24 حيث يقول “لم أجلس في محفل باطل ومع مخالفى الناموس
لم أدخل.. ابتعدت عن مجمع الأشرار ومع المنافقين لم أجلس… أحببت جمال بيتك وموضع
مسكن مجدك.

 

· أيضاً نجد عبارات
نافعة عن كلمة الله الحية في مزمور 11 يقول فيها “شهادة الرب صادقة تعلم
الأطفال. فرائض الرب مستقيمة تفرح القلب. وصية الرب مضيئة تنير العينين عن بعد.
خشية الرب ذكية دائمة إلى أبد الأبد. أحكام الرب حق وعدل معا. عبدك يحفظها وفى
حفظها ثواب عظيم”.

 

· والمزمور 40 من
مزامير الساعة الثالثة عظة قوية عن الرحمة وبركاتها حيث يقول المرنم “طوبى
لمن يتعطف على المسكين، في يوم الشر ينجيه الرب. الرب يحفظه ويحييه ويجعله في الأرض
مغبوطاً، ولا يسلمه لأيدى أعدائه، الرب يعينه على سرير وجعه”.

 

· وباقى الصلوات الأخرى
لا تخلو من العنصر الوعظى مثال ذلك انجيل الساعة السادسة وما فيه من تطويبات
للمساكين بالروح أى المتواضعين، وللتائبين الحزانى على خطاياهم وللودعاء وللجياع
والعطاش إلى البر وللرحماء ولأنقياء القلب ولصانعى السلام وللمضطهدين من أجل البر
والحق والفضيلة.

 

· فى الساعة التاسعة
نتمتع بهذا الارشاد الروحى الجميل في مزمور رحمة وحكمة حيث يقول “كنت أسلك
بوداعة قلبى في وسط بيتى أى أن الوداعة عنده شئ طبيعى لا يتصنعه أمام
الآخرين” لم أضع أمام عيتى أمرا يخالف الناموس. صانعوا المعصية أبتعدت عنهم،
لم يلصق بى قلب معوج. الذي يغتاب قريبه سرا كنت أطرده. المستكبر بعينيه والمنتفخ
القلب لم أؤاكله. عيناى على جميع أمناء الأرض لكى أجلسهم معى. السالك في الطريق
بلا عيب هو كان يخدمنى.

 

· هذا من جهة المزامير
المركزة في التعليم، ولكن كل قطع الأجبية وأناجيلها ومزاميرها مملوءة بالتعاليم
والتأملات النافعة التى تبنى النفس وتنير لها الطريق الصالح القويم إذا صليناها
بتأن وبتأمل.

 

كان الآباء يستفيدون
كثيرا من تلاوة صلوات المزامير لما فيها من عنصر الوعظ والتعليم، ويحاولون تنفيذ
كل ما يتعلمونه من المزامير، ويوبخون أنفسهم بشدة إذا شعروا بتقصيرهم في تنفيذ
التعاليم التى يتلونها في المزامير أثناء الصلاة، والقصة التالية من بستان الرهبان
توضح ذلك.

 

* زار أخ شيخا وسأله
قائلا كيف حالك؟

* فأجابه الشيخ: أسوأ
الأحوال

* فقال له الأخ: لم ذلك

* فأجاب الشيخ قائلا:
لأن لى 30 سنة أصلي وصلاتى خلالها عليَّ لا لي…!

 

لأنى اقف قدام الله
وأقول ملاعين الذين حادوا عن وصياك. وأحيد عن وصايا الرب.

· أيضا افعل الآثام
وأقول في الصلاة “لا تتراءف على فاعلى الآثام”

· أكذب كل يوم وأقول
“انك تهلك كل من يتكلم بالكذب”

· أحقد وأقول
“أغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين الينا”

· أخطئ وأقول
“عندما يزهر الخطاه ويعلو جميع عاملى الأثم فهناك يستأصلون إلى الأبد”

· اعمل الاثم وأقول
“ابغضت جميع فاعلى الاثم”

· همى كله في الأكل
وأقول “نسيت أكل خبزى”

· أنام إلى الصباح
وأقول “فى نصف الليل كنت أنهض لأسبحك على أحكام عدلك”

فقال الأخ: يا معلم
“على ما يلوح لى أن المرنم قال ذلك عن نفسه.

فتنهد الشيخ وقال:
صدقنى يا أبنى ان لم نعمل نحن ما نصلى به قدام الله فأن صلاتنا تكون علينا لا
لنا”.

 

25- شغل النهار كله
روحياً

غالبية الناس قد يذكرون
الله فى بدء اليوم ونهايته، أما طول اليوم أثناء فترة المشاغل والمحاربات فتبقى
بدون صلاة واتصال بالله، وهذا خطأ، أما الكنيسة أمنا الرؤؤم التى يهمها سعادتنا
وخلاصنا فتدعونا للصلاة ورفع قلوبنا لله طول اليوم عن طريق صلوات الأجبية، فلا
تكاد تمر ثلاث ساعات بدون صلاة، فنجد صلاة الساعة الثالثة والسادسة والتاسعة…
الخ.

 

وكثرة الصلاة تحفظنا في
مخافة الله اليوم كله، كما تحفظنا من التجارب التى هى أقوى منا.

 

ألا يعطينا هذا تعليما
بأن تبقى صلتنا بالله مستمرة لا تنقطع طول اليوم حتى نتمتع بمعونة الرب ورعايته.

 

لو كنا مطيعين ونفذنا
قانون الكنيسة علة قدر طاقتنا لاحتفظت قلوبنا بالنقاوة والروحانية من دوام الصلة
بالله عن طريق صلوات الأجبية.

 

26- وجبة روحية دسمة

شبه أحد الآباء صلوات
السواعى فى الأجبية بوجبة دسمة ووليمة عرس فاخرة فيقول:

مقدمة الصلاة هى لباس
العرس الذى يؤهلنا ويوجه أفكارنا وأحاسيسنا إلى التمتع بأطايب هذه الوليمة، وهذا
اللباس مكون من ثوب ومنطقة وحذاء.

 

· فالثوب هو الصلاة
الربانية المهداة لنا من رب الوليمة نفسه الذي أوصانا وقال: “متى صليتم
فقولوا أبانا الذي في السموات” (لو 11: 2). ثوب يغطى كل أحتياجتنا من عند
الرأس إلى القدمين، يغطى شئون ابتهالنا إلى الله وشئون أنفسنا ومن يحيطون بنا، ثوب
كامل يطيب للنفس النقية أن ترتديه في هدوء (دون تعجل) وبعناية (دون أهمال) وببهجة
(دون ملل)

 

· والمنطقة هى صلاة
الشكر التى ينبغى أن تحيط بالمسيحى احاطة تامة في كل أموره وصلواته “شاكرين
كل حين على كل شئ في اسم ربنا يسوع المسيح (أف 5: 20) إذ بها يعترف الانسان بالفضل
لله على كل شئ، ويخلي نفسه من كل شئ، ويربط كل حواسه بالاقرار القلبى ان كل
المعونة والستر والنعمة والحفظ هى من عند ضابط الكل الرب إلهنا.

 

· أما عن الحذاء فانه
مزمور فانه مزمور التوبة “ارحمنى يا الله كعظيم رحمتك، ومثل كثرة رأفتك”
هو انسحاق وندم واستغفار عما لحق الانسان من أقذار العالم، وبذلك يمكننا أن
نستعمله ليعيننا على المسير في برية هذا العالم دون أن تنجرح أقدامنا، فهو بمثابة
الحذاء الروحى للمؤمن يلبسه علامة على رفضه زلات القدم إذ قد قدم مشاعر التوبة
والحزن والندم.

 

هذا هو لباس الوليمة
السمائية، به يدخل المصلى إلى أطايبها الروحية فيجد فيها:

1- طعاما شهيا 2- خبزا
سمائيا 3- ماء نقيا

 

1- طعاما شهيا:

على المائدة الروحية
أطعمة شهية كثيرة ومتنوعة يقدمها داود المرنم الحلو في مزاميره العميقة فهذا مزمور
للتمجيد وذاك للتسبيح وثالث للشكر وآخر للتأمل وغيره لطلب المعونة… الخ

 

وهكذا تمتلئ الوليمة
الروحية بأعظم الأطعمة الشهية التى أوصى بها الله نفسه.. فلا تكتفى يا ولدى
برؤيتها فقط، بل خذها لنفسك، كلها جيدا دون تسرع بل في اتقان ولذة تجدها في فمك
فائقة الحلاوة، وستكون في داخلك جزيلة الفائدة.

 

2- خبزا سمائيا:

وبجانب هذه الأطعمة
الروحية الشهية تجد خبزا سمائيا تختم به تأملاتك الروحية في المزامير وهو عبارات
الإنجيل التى تسند تأملاتك الروحية لأنها تناسب زمن الصلاة وتقوى عزيمتك المقدسة،
فياليتك تصلى الانجيل بتأن وفهم لكى تعمل عباراته بعمق في حياتك.

فإذا طابت نفسك بشهيات
العتيقه (المزامير) وتمتعت ببركات الحديثة تجد في الوليمة.

 

3- ماء نقياً:

تأملات مطابقة لزمن
الصلاة في هيئة قطع من الصلوات الآبائية ترطب بها جوفك وتؤكد دخول كلمات الصلاة والتأمل
داخل حياتك، فخذ من هذا الماء النقى في تؤده دون تسرع لكى تنال الفائدة العميقة
والغذاء الروحى النافع.

 

· ان لهذه الوليمة يا
بنى جوا روحانيا بديعا فائق الروعة

 

· ففيها عطور التقديس
والايمان: نرتل تقديسات وتردد قانون إيمان الآباء، وهذه عطور ثمينة ذات روائح
جزيلة العظمة، يحس خلالها المسيحي أنه لا يصلى وحده بل مع الملائكة يقدس ومع
الآباء القديسين يؤمن ويسبح ويمجد. والقداسة والايمان روائح زكية طاهرة نقية جزيلة
الفائدة والبركة.

 

· بخور زكى الرائحة:

وفى الوليمة بخور زكى
الرائحة، صلوات متماثلة متصاعدة إلى فوق في ترتيب كنسى بديع.

 

فتردد كثيرا صلاة
“يا رب ارحم” ولن يكفينا العمر كله في ترديد وطلب الرحمة الحنونة من
إلهنا المحب، فليكن تكرارها في صلاتك بخورا روحيا جميلا، لا ترديد بدون فهم، أطلب
الرحمة لنفسك في كل أمورك وللآخرين أيضا، حدد في كل مرة أمرا ترجو فيه مراحم الرب

+ يا رب ارحم من أفكارى
الشريرة

+ يا رب ارحم فلان في
ضيقته

+ يا رب ارحم أولادك من
تيار الشر والخطية

+ يا رب ارحم كنيستك من
كل شر

وهكذا يتصاعد بخور
صلواتك واحدا في منظره ولكنه متنوع فيما يحمله من طلبات الرحمة ليرتفع مقبولا أمام
الرب.

 

· ضياء الوليمة:

ها قد استنار عقلك
وقلبك من حسن ما لبست وشهى ما تناولت وطيب ما تمتعت. فلنختم الوليمة، بالضياء هو
الصلوات الأخيرة القلبية الخاصة (الارتجالية) تحدث الله حبيبك عن كل آمالك والآمك،
انها همسات القلب من الأعماق، شكرا ومحبة وفرحا وتسبيحا وتوبة وطلبا وعزما صالحا على
السير مع الله حتى النهاية.

 

27- حديث مُتبادَل مع
الله

نلاحظ في الصلاة
بالمزامير ان المزمور يبدأ بالطلب، ولما يحس المرنم بالاستجابة ينهى المزمور
بالشكر، مما يدل على حديث متبادل (ديالوج
dialogue) وشعور متبادل بين المرنم والله،
والأمثلة على ذلك كثيرة منها:

 

مزمور 3:

يبدأ المزمور بالقول
“يا رب لماذا كثر الذين يحزنوننى. كثيرون يقولون لنفسى ليس له خلاص
بالهه”

 

ثم تنتهى بالقول
“بصوتى إلى الرب صرخت فاستجاب لى من جبل قدسه… ضربت كل أعدائى على الفك.
هشمت أسنان الأشرار. للرب الخلاص وعلى شعبه بركته. هلليلويا”.

 

مزمور 4:

يبدأ بالقول “إذ
دعوت استجب لى يا ألهى برى.. في الشده فرج عنى” في آخره يقول “الرب
يستجيب إلى إذا ما صرخت إليه… أعطيت سرورا لقلبى ”

 

مزمور 6:

فى أوله يقول “يا
رب لا تبكتنى بغضبك ولا تؤدبنى بسخطك. تعبت في تنهدى أعوم كل ليلة سريرى وبدموعى
أبل فراشى”.

 

وعندما شعر المرنم
بقبول صلاته واستجابتها في ختام المزمور قائلاً “ابعدوا عنى يا جميع فاعلى
الاثم لأن الرب قد سمع صوت بكائى الرب يسمع صوت تضرعى الرب لصلاتى قبل”.

 

مزمور 12:

يبدأ بالقول “حتى
متى تنسانى يا رب إلى الانقضاء. حتى متى تصرف وجهك عنى”ولكن حينما أحس المرنم
بمساندة الرب له في ضيقاته أنهى المزمور بقوله “يبتهج قلبى بخلاصك. اسبح للرب
المحسن إلى وارتل لأسم الرب العالى”.

 

مزمور 29:

يقول في أوله
“إليك يا رب اصرخ وإلى الهى أتضرع…. ولما أتته الإجابة من الرب قال: سمع
الرب فرحمنى. حولت نوحى إلى فرح. مزقت مسحى ومنطقتى سروراً”.

 

مزمور 53:

يقول في أوله:
“اللهم باسمك خلصنى وبقوتك احكم لى. استمع يا الله صلاتى وأنصت إلى كلام
فمى”. ولما جاءه الرد أنهى المزمور بقوله “اعترف لأسمك يا رب أشكرك لأنك
صالح. لأنك من جميع الشدائد نجيتنى”.

 

مزمور 84:

يقول في أوله “اصرف
غضبك عنا فهل إلى الأبد تغضب علينا أو تواصل رجزك من جيل إلى جيل”. وفجأة
يقول “أنى أسمع ما يتكلم به الرب الاله لأنه يتكلم بالسلام لشعبه ولقديسيه
وللذين رجعوا إليه بكل قلوبهم لأن خلاصه قريب من جميع خائفيه”.

 

وهكذا نجد الحوار
المتبادل بين المرنم يبدأ مزموره بالضيق والألم والصراخ، وبين الله الذي يسمع له
ويفرج ضيقته فينهى مزموره بالشكر والتهليل لله السامع المجيب لكل صلاة ” يا
سامع الصلاة إليك يأتى كل البشر” (مز 65: 2) وإلى جانب هذا نجد مزامير
بأكملها يتحدث فيها الله للأنسان ويطمئنه ويعزيه وينصحه ويرشده مثل مزمور:

 

“يستجيب لك الرب
في يوم شدتك ينصرك اسم اله يعقوب. يرسل لك الرب عونا من قدسه ومن صهيون يعضدك.
يذكر جميع ذبائحك ويستسمن محرقاتك يعطيك الرب حسب قلبك ويتمم كل مشيئتك” وغير
ذلك أمثلة كثيرة من هذا النوع.

 

28- شكر لله على خلاص
المسيح على الصليب

11- صلوات الأجبية
تتحدث كثيرا عن الخلاص الذي صنعه المسيح على الصليب وتسبح الله وتشكره على ذلك:

 

يظهر خلاص المسيح واضحا
جليا فى صلوات الساعة السادسه والتاسعة حيث تم الخلاص على الصليب في هذا الوقت
بالذات، وتتكرر كلمة الخلاص كثيرا في هاتين الساعتين وإليك بعض الأمثلة:

 

من الساعة السادسة:

مزمور 53:

” أرسل من السماء
فخلصنى. أرسل الله رحمته وحقه وخلص نفسى من بين الأشبال”

 

مزمور 84:

“الرحمة والحق
تلاقيا. العدل والسلام تلائما. الحق من العدل أشرق والعدل من السماء تطلع “

 

وكل هذا طبعا حدث على
الصليب حينما أوفت رحمة الله للعدل الالهى كل حقوقه بموت المسيح الكفارى عن
الانسان الخاطئ، وبذلك نال الانسان الخلاص والصلح والسلام من الله.

 

+ كذلك قطع الساعة
السادسة مفعمة بالكلام عن الخلاص والفداء وتقديم الشكر لله على ذلك “صنعت
خلاصاً في وسط الأرض كلها أيها المسيح إلهنا عندما بسطت يديك الطاهرتين على عود
الصليب فلهذا كل الأمم تصرح قائلة “المجد لك يا رب”.. نسجد لشخصك غير
الفاسد أيها المسيح إلهنا لأن بمشيئتك سررت أن تصعد على الصليب لتنجى الذين خلقتهم
من عبودية العدو.. نصرخ إليك ونشكرك لأنك ملأت الكل فرحاً أيها المخلص لما أتيت
لتعين العالم يا رب المجد لك”.

 

صلاة الساعة التاسعة:

تتكرر فيها مشاعر الفرح
والشكر لله على خلاصه العجيب على الصليب، ويكثر المرنم من تقديم التمجيد والتسبيح
اللائقين بالمخلص العظيم…

 

مزمور 95:

“سبحوا للرب
تسبيحاً جديدا… بشروا من يوم إلى يوم بخلاصه، حدثوا في الأمم بمجده وفى جميع
الشعوب بعجائبه… قدموا للرب مجدا وكرامة.. قولوا في الأمم أن الرب قد ملك على
خشبة. فلتفرح السماوات وتبتهج الأرض”.

 

مزمور 96:

“الرب قد ملك (على
الصليب وعلى القلوب) فلتتهلل الأرض. لتفرح الجزائر الكثيرة. هللوا أمام الرب الملك
“.

 

“أعبدوا الرب
بالفرح أدخلوا أمامه بالتهليل…”

 

+ أما قطع الساعة
التاسعة فتفيض بمشاعر الشكر الحقيقي على الخلاص الذي صنعه الرب على الصليب: أيها
القادر على كل شئ والمحتمل كل شئ. اذكرنى يا رب متى جئت في ملكوتك.

 

وفى التحليل يقول
“يا الله الآب أبو ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح هذا الذي بظهوره خلصتنا
وأنقذتنا من عبودية العدو.

 

وهكذا نرى الشكر والفرح
الذي تفيض به صلوات الأجبية بهذا الخلاص العظيم الذي صنعه الرب على الصليب.

 

29- للصلاة بالأجبية
فوائد روحية عديدة

نصلى بالأجبية ونهتم
بها ونواظب عليها،

لأنها تعلمنا حياة
الايمان،

وتبث في قلوبنا السلام
والطمأنينة بكثرة ما نردده أثناء الصلاة من مواعيد الله الغالية والثمينة، الصادقة
والأمينة.

وبالاجمال فصلاة
الأجبية تعلمنا دروسا عديدة يعجز الانسان عن حصرها كلها.

فلنواظب يا أخوتى على
الصلاة بالأجبية على قدر طاقتنا،

حتى لا تفوتنا كل هذه
البركات والفوائد التى ذكرناها والتى لم نذكرها،

ولا نسمح للخداع القائل
بأن الانسان يستطيع أن يصلى صلوات شخصية أو ارتجالية أقوى وأعمق من صلوات الأجبية،

فهذا محض خيال.

وكما رأينا فان صلوات
الأجبية تهيئ الانسان،

وتعلمه كيف يقدم لله
صلوات موضوعة بالروح القدس،

وعلى ضوء ما فيها من
وعود إلهية وطلبات روحية عميقة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى