علم

التجارب

التجارب

إعداد أحد الرهبان

يتضمن أقوال
آبائية (ونسكية)

ومقتطفات من
كتب مختلفة عن تحمل الآلام والضيقات بصبر وفرح.

ليشدِّد كل
إنسان حامل للصليب.

 

مقتطفات عن التجارب

إن الألم الذي يُأخذ
بشكر يُعطي مرتبة الشهداء. ربنا يريد في عصرنا هذا أن يوجد شهداء، ولكن كيف ولا
يوجد اضطهاد كما كان في عصر الشهداء؟! يبقى يوجد الألم ويعطيه للذي يحبه وبذلك
يبقى ربنا أوجد شهداء جدد في هذا العصر.

 

 ” ولكن لما رأى الريح شديدة خاف وإذ ابتدأ يغرق.. ” (مت 14: 30)

 حدثت
المعجزة وسار بطرس فوق المياه. لكن فجأة أخفق بطرس وبدأ يغرق. لماذا يا سيدي؟ لأنه
حوَّل النظر عنك وبدأ ينشغل بالأمواج المحيطة والرياح وإذ وجدها شديدة خاف وبدأ
يغرق.

 سيدي
لقد فهمت الآن لماذا أفشل؟ ولماذا أخور أمام المشاكل؟ ولماذا أتراجع وأسقط؟ عرفت
السبب ؛ إنني احول النظر عنك إلى الأمواج، اركز في قوة الخطية وفي إبليس وفي ضعفي
أنحصر في نفسي ولا تعد أنت موضع انشغالي وثقتي.

 العجيب
أن السيد لم يُهدئ الأمواج لكي يسير بطرس على المياه، وإنما قال لبطرس: ” تعالى “ مهدئاً أمواج قلبه الداخلية
ليسير بالإيمان على الأمواج ولا يغرق.

 حقاً إن سر غرقنا ليست الأمواج الخارجية وإنما فقدان القلب
سلامه وإيمانه.

 

 ” ها أنا أرسلكم مثل حملان بين ذئاب “. (لو 10: 3)

 الحِملان
صورة للمؤمنين بالسيد المسيح في وداعتهم وبساطتهم. لكن ماذا يستطيع الحمل أن يفعل
أمام الذئاب؟! إنه منظر يبعث الرعب في النفس. إن ذئباً واحداً يكفي لافتراس قطيع
من الحِملان الصغيرة التي لا تقوى على الحركة أو الهرب. فهل يعقل أن مسيحنا المُحب
يرسل أولاده للعالم كحملان بين ذئاب؟!

 نعم
هكذا أرسلهم لأنه كان يعلم أنه قادر على حمايتهم من ضراوة الذئاب ووحشيتها والعجيب
أنه في النهاية أن الحِملان حولت الذئاب وجعلت منهم حِملاناً.

 

 قيل عن
السيد المسيح أنه:

” رجل أوجاع ومختبر الحزن “ (إش 53: 3)

هذه
صفة أصيلة في السيد المسيح.

 

 لن
تنسَ الكنيسة ولو للحظة واحدة حقيقة وضعها في العالم ورسالتها التي عليها أن
تؤديها وتكملها. الضيقات التي تأتي عليها من الخارج أمرٌ مُسلَّم به أن يحدث،
وتاريخ الكنيسة كله سلسلة متصلة الحلقات تجسم أمامنا صدق كلمات السيد المسيح:

” في العالم سيكون لكم ضيق.. وأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها
“.

 

 إن
خلقة العالم لم تكلِّف الله أتعاباً أو آلاماً، فقد خلق العالم بكلمة. أما تخليص
العالم وفداءه فقد كلَّف ابن الله أن ينزل إلى عالمنا ويحتمل ما احتمل من حزن
وإهانات وشدائد ومحقرات لذا يقول القديس امبروسيوس مناجياً الله:

 إني مديون
لكَ يا سيدي لأجل
الإهانات
التي بها
افتديتني أكثر مما
أنا
مديون لقدرتك
التي بها
خلقتني.

 

 إذا
رفض أحد أن يقبل توبيخاً محقاً أو غير محق، فقد رفض خلاص نفسه.
وإذا قبل التوبيخ
بتعب أو حتى بغير تعب، حظي سريعاً بغفران خطاياه. (يوحنا الدرجي)

 

 أثبت
أيها التلميذ بنقاوة ضميرك والرب يعرف كيف يدبر حياتك ويصنع معك ما ينفعك، فقد
تسمع لأُناس يريدون إزاءك وآخرون يسعون لهدمك وهدم ما بنيت وآخرون يذمون مادحيك،
وآخرون يتكلمون عليك بالهزء والازدراء بل قد صيروك لهم مثلاً وما لهم حديث سواك.
فأثبت أنت في البساطة ولا ترجع إلى الوراء من القصد الذي أنت ناظر إليه وأعلم أن
العدو يجمعهم ويضعهم قبالتك لكي يغير ضميرك عن حسن طويته ويسجس ويكدر نقاوتك لتكون
شبيهاً بأولئك المقاتلين قبالتك وتمتلئ غضباً مثلهم وتصير للعدو صيداً سهلاً.

 

 إذا
أنت أمسكت العصفور بجناحيه نزعت عنه حِملاً وكلما أمعنت في نزع هذا الحِمل عنه
كلما أبقيته لاصقاً بالأرض، إنه لن يطير لأنك نزعت عنه حِمله، أما إذا استعاده
فإنه يطير حالاً. هكذا هو حِمل الرب احمله ولا تكن كسولاً ولا تنظر إلى من يرفضون
حَمله. احمله بطيب خاطر. ما أخفه وأعذبه وأطيبه، إنه يقتلع من الأرض ويرفع إلى
السماء.

 إن كآبة المظلوم لأفضل من غبطة الظالم. القديس
أوغسطينوس

 

 إن
الألم والمسيحية لفظان يكاد يكون التطابق بينهما في المعنى تطابقاً تاماً. لأن
الألم خارج عن المسيحية يفقد رجاءه وتعزياته. كما أن المسيحية الحقة لا يمكن أن
تُفهم مجردة عن الألم لأن جوهرها الحقيقي هو يسوع
المتألم
.

 

 الآلام
في الخدمة تمحصنا كما تمحص النار المعادن. كلما ازداد لهيب النار تأججاً كلما زادت
نسبة النقاوة. فبقسط معين من النار يتحول الرمل إلى زجاج. وإذ تزداد قوته يتحول
الزجاج إلى كرستال غالي القيمة. وإذ اشتدت قوة النيران بصورة أكبر تحول الكرستال
إلى ماس تُرصع به التيجان. سيتحول كل جرح فيك إلى
لؤلؤة تُرصع إكليلك الأبدي
.

 

 لا
يمكن الألم أن يكون دائم ولكن الآلام أشبه بسحابة غيم لا تلبث أن تشرق الشمس خلفها
بأشعتها المشرقة وجوها المنعش المطهر وكل الأمر هو الزمن الذي تستغرقه الغيمة في
المسير. والله في زمان الألم يبذر في قلب الخادم بذاراً غالية. يرويها الخادم
بدموعه وجهاده منتظراً الحصاد.

 

” الذين يذرعون بالدموع بالابتهاج يحصدون “.

 كما
أن إهانة السفير الدبلوماسي تعتبر في القانون الدولي إهانة للدولة التي يمثلها
كلها بما يعطي لدولته بكل ما تملك من مؤسسات حق الدفاع عنه واسترداد حقه الذي هو
حق الدولة كلها. هكذا أيضاً إهانة خادم السيد المسيح إهانة للسيد المسيح ذاته.
يدافع هو بجلاله عنه ويقتص له قصاصاً كاملاً لائقاً بلاهوته وخدمته الإنجيلية.

 إن
أحسن أرض إذا لم تُزرع امتلأت من العشب والحشائش. كذلك أفضل أبناء الله فإنهم
يتجردون من الخير إذا لم يفلحوا فلاحة جيدة. والمحراث
لتربة القلب هو التجارب التي يرسلها الله
.

 

 نَقُص
كثيراً بعض الريش من الطير متى قدر على الطيران لنمنعه من الارتفاع أو الابتعاد عن
العش، وكثيراً ما يقص الله بعض ريش نجاحنا من غِنَى أو صحة أو أولاد حتى لا نبتعد
عن العش.

 

 القديس
بولس الرسول يلحُّ على الذين في الآلام أو الضيقات والذين يجوزون محنة المقاومة أن
يربطوا فكرهم وعقلهم ونفسهم في السيد المسيح، أي مسيح الآلام والمهانة والمقاومة
المستمرة. لأن ارتباط الإنسان، وهو متألِّم، بالمسيح وهو متألِّم، هي عملية انطباق
المثيل على المثيل، وإن كان هذا يتم في مسيح الآلام فحتماً سيتم مع مسيح القيامة
والنصرة والمجد.

 فلا
سبيل إطلاقاً إلى الخروج من الآلام والمحنة لبلوغ النصرة والراحة والمجد كنتيجة
حتمية، إلا مع السيد المسيح!! لأن حياة السيد المسيح هي في هذين الفعلين ” التألُّم، والراحة
“، وهذا من فم السيد المسيح نفسه لتلميذي عمواس
أما كان ينبغي (يتحتَّم) أن المسيح يتألَّم بهذا ويدخل إلى مجده “

(لو 24: 26).

 ثم،
وهل هناك حياة للمسيحي تخرج عن هذين الفعلين؟ لذلك وضعها بولس الرسول مترتبة على
بعضها هكذا: ” إن كنا نتألَّم معه { لكي}
نتمجَّد أيضاً معه. “
(رو 8: 17)

 الذي
لا يحبه الرب يقع تحت تأديب الناس، والناس لا ترحم. لأن ما أقسى الإنسان على أخيه الإنسان.

والقسوة
تُنشئ جفاءً ونقمة، أما محبة الله فهي إن أدَّبتْ فعن حكمة تؤدِّب، وأدب
الحكمة يُنشئ حكماء.

 

 إن غرض الله
من التأديب معروف ولا نناقش عليه. ولكن مع هذا فإن طريقة قبولنا نحن للتأديب هي
التي تحدِّد تأثير التأديب!! فاحتمالنا التأديب (برضى) هذا بحد ذاته يحوِّل الألم
إلى درس منفعة.

 

 قبول
التأديب من يد الله يضعنا في الحال موضع البنين، والعكس هو الخطر أي أن رفض
التأديب هو بمثابة رفض التعامل مع الله كأبناء أو بالتالي رفض البنوَّة لله، حيث
لا يكون من مفر إلا أن يحوِّل الله التأديب إلى عقوبة. لأن رفض البنوَّة معناه رفض
السيد المسيح: ” كل الذين قبلوه أعطاهم
سلطاناً أن يصيروا أولاد الله “
(يو 1: 12)، وبالتالي مَنْ يرفض السيد المسيح يمتنع أن يكون ابناً لله.

 

 “إذاً يتحتَّم علينا أن نفرح بالتأديب لأنه علامة بنوة
قانونية “.

القديس يوحنا ذهبي الفم

 

 ألا
يحتاج الطبيب الذي يعالج المريض أن يفتح الجلد بالمشرط أو يستخدم الكي ليستأصل
الألم؟ إنك لا تعارض الطبيب الذي يفعل هذا. بل تكافئه بمنحه هدية. الله الطبيب
السمائي بمشاعره الأبوية لديه الرغبة الأكيدة لمساعدة الذين خلصهم من الموت. لهذا
السبب يرسل لنا ضيقات وقتية حتى يحررنا من الموت الأبدي.

 إذا
رذلك الناس وافتروا عليك فلا تحزن لأن ربك
دعي ضالاً وبعلزبول وبه شيطان ولم يتذمر وسيق كخروف للذبح ولم يفتح فاه.

الأنبا باخوميوس

 

 الشياطين
إذا رأوا إنساناً قد شُتم أو أُهين أو خسر شيئاً ولم يغتم بل احتمل بصبر وجلد
فإنها ترتاع منه لأنها تعتقد وتعلم بأنه قد سلك في طريق الله. أبو مقار

 

 من هرب من الضيقة فقد هرب من الله. الأنبا بولا


كل الضيقات والأحزان التي ليس فيك عليها صبر واحتمال فإن عقابها متضاعف.


صبر الإنسان يزيل مصائبه لأنه أم العزاء. مار إسحق


مرشد إنعام الله إلى الإنسان هو الشكر.


مرشد التجارب إلى النفس هو التذمر. مار إسحق


إن الله يحتمل كل ضعف الإنسان وليس يحتمل إنساناً يتذمر دائماً دون أن يؤدبه. مار
إسحق


آلام اليوم إعداد للغد.

 

 من
يظن أنه يغير لأجل الحق ويحرن مع الناس فهو إلى الآن لم يعرف الحق، لأن الله (الحق)
مملوء سلام وهدوء. لأنه حيث يحل الروح فيوجد أيضاً الاتضاع والحب. مار إسحق

 متى
أحسست في نفسك بتغيير تجارب قوية مختلفة فاعلم أن نفسك على الحقيقة قد قبلت في تلك
أوقات منزلة أخرى عالية قبولاً خفيفاً وقد زادت فيها النعمة في الحال على الرتبة
التي كانت قائمة فيها. لأن الله بحسب عظم الموهبة يُدخل النفس إلى ضنك التجارب.

مار إسحق

 

 ومن
أين للوعاء الذي من الطين أن يحتمل سير الماء إلا أن تكون النار الإلهية تشده
وتقويه. مار إسحق

 

 كل
ابن لا يقبل التأديب فلا يستأهل غنى أبيه ليتقوى به.

مار إسحق

 

 الفضيلة
هي الأحزان. ومن الأحزان يولد الاتضاع. وللاتضاع تُعطى النعمة والمواهب. مار إسحق

 

 قل
لذاتك إن كان لسيدي إرادة أن يتسلط الأشرار عليَّ فلا أتصعب أنا بذلك كإنسان يريد
أن يبطل إرادة سيده. وبهذا تمتلئ فرحاً في تجاربك وبهذا تحس أنه بغمز تتدبر. مار
إسحق

 

 الحزن
الجواني هو لجام الحواس. مار إسحق

 

 لقد
رأينا خلال العام المنصرم أياماً مليئة بالمتاعب والأحزان ولو أردنا وصفاً دقيقاً
لها لأي يوم فيها لما وجدنا تعبيراً أنسب من قوله تعالى:

” يكفي اليوم شره “. فما من يوم وصوص علينا
من كوة الزمن إلا ولوحتنا شمس تجاربه القاسية حتى اسودت وجوهنا كخيام قيدار ولكن
من إحسانات الرب علينا إنه كان يعطينا خلال الأيام العابرة قوة ونعمة لكل يوم
بيومه لأن مراحمه جديدة في كل صباح.

 

 من
يفر من البلايا والتجارب يهرب من الفضيلة. لستُ أعني عن تجارب الشهوات بل تجارب
الشدائد. مار إسحق

 

 ينبغي
أن تثبت نظرك على الصليب حتى تفوز بالذي صُلِب عليه.

 

 ليس
أحد إلا ويشتد وقت الأدب عليه. وليس أحد لا يتوجع إذا شرب سم البلايا. إلا أنه
بدون هذا لا يكون لنا مزاج صحيح معتنى به.

 مار إسحق

 

 جميع
الذين يريدون أن يعيشوا لمخافة الله بيسوع المسيح يتضيقون وبعد ذلك يسلطهم على
خفايا كنوزه. مار إسحق

 

 سلِّم
ذاتك لجميع ما ينالك من الضوائق كإنسان وضع نفسه أن ينزل إلى الهاوية حياً. مار
إسحق

 

 زبل
وماء التوبة هو الضوائق والمحقرات. مار إسحق

 

 إذا
وثق قلبك على عملك فافهم إن مجيء التجارب قريب منك.

 مار
إسحق

 من
يدخل باب التجارب يأخذ تجربة عناية الله ويكون ملاصقاً بالملائكة. مار إسحق

 

 القلب
المؤمن لا يخاف من شيء ويصدق أن الله لسياسة منه جلب عليه. مار إسحق

 

 بالضوائق
توجد كل الخيرات. بالضوائق يقتني الخطاة درجات القديسين التي هي رسم التوبة. مار
إسحق

 

 طوبى
للمتوحد الذي اضغطته الآلام وعذبته الشياطين ولم يشتاق للعزاء الذي من خارج. مار
إسحق

 

 قبل
البلايا يصلي الإنسان إلى الله مثل غريب. وإذا دخل التجارب من أجل حب الله فحينئذ
يصير من أهل خاصته. مار إسحق

 

 الشجرة
الكثيرة الأثمار تنحني أغصانها من أثمارها ولا تتحرك لكل ريح. والشجرة العادمة
الأثمار تتشامخ أغصانها وتتحرك من كل ريح. مار إسحق

” لا تضطرب من التجارب “

 

 إن
الضيقة من أجل الله هي عيد عظيم. مار إسحق

 

 مضى
أحد القديسين إلى متوحد شيخ وهو مضنوك من الأحزان والتجارب. ولما سلَّم عليه جلس
عنده وقال له: صلي عليَّ يا أبي لأني مضغوط من تجارب الشياطين. ففتح عينيه وتميزني
جيداً وقال: يا أبني أنت شاب ولا يترك الله عليك التجارب.

 فقلت
له: أنا شاب ولكن تجارب الرجال الأقوياء عليَّ.

 فقال:
اعلم أن الله يريد أن يحكمك.

 فقلت
له: كيف أتحكم وأنا كل يوم أذوق الموت.

 أجابني
قائلاً: أسكت فالله يحبك فإنه مزمع أن يجود عليك
بموهبة
.

 مار إسحق

 

 يقول
السعيد بولس: لكي لا أتعظم بكثرة الاستعلان أُسلمت بجسدي لشماتة ملاك الشيطان لكي
يمقتني. وسألت سيدي من أجل هذا ثلاث مرات ليبعد عني التجربة. فقال: ” تكفيك نعمتي لأن قوتي بالضعف تكمل “.

 ولهذا
يا سيد إن كانت هذه إرادتك وهكذا تحتاج طفوليتنا
للمعلم أن يؤدب وينبه
بحيث إنه لم يكن إنسان قد شغف هكذا بمحبتك مثل
بولس الذي أوصلته محبته لك إلى أن يرى ويسمع أشياء لا ينطق بها ومع هذا جميعه: ليس فيه كفؤ ليحرس ذاته وهو محتاج لعصى التجارب لكي ينمو بها
حلولك عليه. ويحفظ بالقرب منك
لأنه عارف أن ليس عندك شيء محبوب أكثر من
نفعه. حتى وإن كان عمل البشارة ينمو ويزيد إذ كان هو مطلقاً من رباطات التجارب. ولكن لم تشاء أن يكون في العالم بلا ضيقة ولا هم.
ولم تعتني بأن يزيد عمل البشارة ومناداتك في العالم أكثر من انتفاعه هو بالتجارب
لكي تُحفظ لك نفسه صحيحة.

 انظر
أيها المفرز بولس ما أعظم موهبة التجارب
حتى ولو ارتفع الإنسان إلى الغاية في الروحانية كرتبة بولس فهو مفتقر إلى الاحتراس والتحفظ والمنفعة التي ينالها من مصادمات التجارب.
مار إسحق

 

 من يعتفي من
الضوائق التي لأجل الفضيلة فهو منحل وفاشل وعادم من الفضيلة ومغلوب من الشهوات.
مار إسحق

 

 كل كلمة
قاسية صعبة يحتملها الإنسان بإفراز من غير سبب ذنب كأنه يقبل على رأسه إكليل شوك
من أجل السيد المسيح. مار إسحق

 

 الصبر
الاختياري على الظلم يطهر القلب
. فضيلة الصبر على الظلم ما أصعب تقويمها
وما أكثر مجدها عند الله. مار إسحق

 

 مُر
التجارب أفضل من مرارة الخطية.
أبونا يوحنا باقي

 

 إنه قد ثبت
لي بالدليل على أن راهب لا يخدم الرب خدمة ترضيه ولا يجتهد في خلاص نفسه بل هو
مضطجع في عمل الفضائل فإن الله لا محالة يسمح أن يقع في تجارب لئلا يميل إلى الشر
من أجل كثرة العطلة.

 مار إسحق

 

 إن الرب ترك
أمماً عدة لئلا تُهلك ولم يسلمها في يد يشوع. لكي يجرِّب
بهم ويؤدب
بني إسرائيل ولتتعلَّم
قبائل بني إسرائيل تعرف القتال. مار إسحق

 إن كنت متواضعاً
بالحقيقة فإذا ظُلِمت لا تضطرب ولا تعتذر من أجل الأمر الذي جير عليك فيه. بل اقبل
مثلبة وكلام الظلم كأنهما حق. ولا تصرف الاهتمام إلى إقناع الناس بأنك قد قرفت بل
اسأل واطلب العفو. مار إسحق

 

 من دون التجارب لا يقتني المرء الأدب والحكمة. وبدون الحكمة لا يحصل
الاتضاع. لهذا السبب أطلق الرب تعالى علل الاتضاع وانسحاق القلب على القديسين.
وكثير منهم يفزعهم بآلام الطبيعة وبشتائم الناس
واستهزائهم
. مار إسحق

 

 الآلام كالسياج حول فضائل النفس الخفية. مار إسحق

 

 حقاً يارب إننا إن لم
نتواضع فلستُ تكُف عن تذللنا وتوضيعنا.

 مار إسحق

 النعم
بمقدار المحن
. مار إسحق

 

 كل الضيقات والأحزان
التي ليس فيك عليها صبر واحتمال فإن عقابها متضاعف. مار إسحق

 

 كُن مطروداً لا طارداً.
انصلب ولا تصلب. انظلم ولا تظلم. ليقع فيك ولا تقع أنت في أحد. مار إسحق

 

 أشكرك يارب لأني موضع
إنشغالك وحبك وعملك. لذلك لا تبخل عليَّ بالمرض. القمص بيشوي كامل

 أشكرك يارب لأنك أحضرت
لي هذه التجارب لأني مطمئن أن قصدك من هذه التجارب خيري. قصدك أني أوصل لك. فأنا
أشكرك لأنك مهتم بي لأنك تريد أن توصلني لك. فلما تحضر ليَّ التجارب لا أقول لماذا
هل لا يوجد غيري ربنا يجربه؟ اشمعنا أنا إلي أُجرب؟ أشمعنا أيه!! ده المفروض أن الناس
تحسدني. ده أنا واخد خير أكثر منهم يا بختي.

 ربنا كله خير وكله حب
وليس له مصلحة أنه يعزبني بالتجربة لكن له هدف وخير من وراءها. يمكن عايز يشعرني
أنه هو مصدر القوة وليس أنا. وحتى لا أستعفي بقوتي وأحس بها. وأتضع تحت يد الله
وأشعر أنه هو الكل في الكل. وأقول له أنا غلبان وبهذا تأخذ التواضع.

أبونا يوحنا باقي

 

 نصل إلى مخافة الله
إذا كان لنا طول الأناة في احتمال الإهانات.

 أنبا أنطونيوس

 

الاحتمال:

 المرض يكون نافع كما
في حالة الطوباوي لعازر ذلك الشحاذ المملوء بالقروح. إذ لا يشير الكتاب المقدس إلى
فضائل له سوى احتماله العوز والمرض الجسدي بصبر عظيم فاستحق أن يكون له نصيب مبارك
في حضن إبراهيم. كم تكون نافعة لنا تلك التجارب والآلام التي يحسبها البعض شريرة
فلا يحاول القديسون تجنبها بل بحق يطلبونها بكل قوتهم محتملين إياها بشجاعة. وبهذا
يصيرون أحباء لله ويحصلون على جعالة الحياة الأبدية. يوحنا كاسيان

 لا نترك فرصة لأفكارنا
أن تشرد في الوشايات وكثرة الكلام الباطل (القال والقيل) غير المنقطع. يوحنا
كاسيان

 

 قدوس القوي الذي أظهر
بالضعف أعظم من القوة.

(لحن أومونوجينيس)

 

 الرجل الكامل يُشبَه
في الكتاب المقدس بالأشول. إذ وُصف أهود في
قضاة 3: 15 بأنه يستخدم يده اليسرى كما لو كانت اليمنى. ويمكننا أن ننال هذه القوة
(أي تكون يدنا اليسرى قوية كاليمنى) باستخدامنا الأشياء السارة استخداماً سليماً ومفيداً هذه التي هي لليمين.

 واستخدامنا للأشياء المؤلمة استخداماً حسناً التي هي لليسار سلاحاً للبر ” بسلاح البر لليمين
ولليسار:

أي بمجد وهوان، بصيت
رديء وصيت حسن، كمضلين ونحن صادقون. كحزانا ونحن دائماً فرحون، كفقراء ونحن نغني
كثيرين ” (2 كو 6: 7 10)

 مثال يوسف:

 ففي أفراحه كان عزيزاً
جداً عند الله، محباً لإخوته. وفي ضيقاته كان عفيفاً مؤمناً بالله. وفي سجنه كان
أكثر شفقة على المسجونين. ومتسامحاً مع المخطئين، صافحاً عن أعداءه.

 الإنسان الروحي كالرجل
الأشول الذي يستخدم يده اليسرى كأنها يمنى.

 أ. فيستخدم الأفراح
وتمتعه بالبركات الزمنية كيد يمنى بها يشكر الله.

 ب. ويستخدم الأحزان
والضيقات كيد يسرى بها يحتمل بصبر شاكراً الله. يوحنا كاسيان

 

 حينما تسري
فيَّ لدغات الغضب والكآبة وأجد نفسي قد فقدت سلامي المحبب إليَّ يلزمني
أن أنطق:

يا الله ألتفت إلى معونتي يارب أسرع وأعني “. إذاً يجب
علينا أن نصلي بهذه الصلاة بغير انقطاع سواء في شدة بلوانا حتى تزول، أو في نصرتنا
لكي تدوم علينا ونحفظ من سقطة الكبرياء. يوحنا كاسيان

 

الخد الآخر:

 عندما
أشار مخلصنا إلى الخد الأيمن كان يقصد وجه الإنسان الداخلي لأن الإنسان حينما
يُضرب إنما يُضرب على خده الأيسر. أي يخضع الإنسان لمضايقات الضارب ولا يضطرب الإنسان
الداخلي وعلينا أن نحفظ هدوء القلب الداخلي مهما أصابانا من شرور، حتى أننا ليس
فقط نحفظ أنفسنا على الدوام بغير غضب مقلق بل وبخضوعنا نجبرهم أن يهدأوا عن
اضطرابهم بتتميمهم اللطم الثاني. وهكذا بلطفنا نقهر غضبهم ” لا يغلبنك الشر بل أغلب الشر بالخير “.
يوحنا كاسيان

 

 الذي يرغب
في حفظ مودة زملاءه دون أن تنحل بمعنى أنه عندما يثار بأي خطأ من الغير يلزمه أن
يحفظ شفتيه وصدره الداخلي بغير اضطراب. وإن وجد أنه اضطرب فليحفظ نفسه في صمت كامل
ويلزمه ألا ينظر إلى حالته الحالية ولا يعطي بالاً لما يقترحه عليه غضبه العنيف وذهنه
الثائر. إنما يجدر به أن يعيش في نعمة الحب الماضية أو يتطلع بذهنه إلى المستقبل
إلى السلام الذي سيعود ويتأمله في ساعة غضبه ذاتها كما لو كان قد عاد السلام
بينهما فعلاً. وبينما يحفظ نفسه ببهجة الاتفاق الآتي لا يشعر بمرارة النزاع الحاضر.
يوحنا كاسيان

 

 إذا
اضطربنا من أي إنسان يهاجمنا فإنه يكون من الواضح أن أسس الاتضاع غير موجودة فينا
بإحكام. لذلك: إن هبت أقل عاصفة يهتز البناء كله ويهلك لأن الصبر لا يستحق الإعجاب والتقدير إن احتفظ بالهدوء عندما لا
يهاجمنا عدو
بل يكون عظيماً ومجيداً إن بقى بلا تأثير عندما تُهاجمه
عواصف التجارب.

 لأن
كل إنسان يعرف أن الصبر يأخذ اسمه من الآلام والاحتمال. وبهذا يتضح أنه لا يمكن أن يدعى إنسان صبوراً إلا ذاك الذي يحتمل كل ما يحل به
من متاعب من غير أن يتضايق.
يوحنا كاسيان

 

 إذا
انهذم إنسان أمام خطأ واشتعلت فيه نيران الغضب وجب عليه ألا يعتبر أن مرارة
الإهانة الموجهة إليه هي سبب خطيته بل بالحري ظهور
ضعفه الخفي
. وذلك طبقاً لمثل ربنا ومخلصنا الذي تحدث فيه عن المنزلين
(مت 7: 24) أحدهما مؤسس على الصخر والآخر على الرمل. فقد قال عن الاثنين إن عواصف
المطر والسيول والرياح هبت عليهما بالتساوي، لكن المؤسس على الصخر لم يتأذَ على
الإطلاق من قسوة الصدمة. أما الذي تأسس على الرمل الناعم للحال انهار وسقط.

 فالقديس لا يختلف عن الخاطئ في أنه ليس مجرباً مثله بل يختلف
عنه في أنه لا يُقهر حتى من الهجوم العنيف، أما الآخر فينهزم من أقل تجربة.

يوحنا كاسيان

 

 الصبر يعتمد على قوة الإنسان الداخلي لا على مجرد
غلق باب قلايتنا أو التوغل في الصحراء ومصاحبة القديسين أو أي ضمان خارجي من أي
نوع ” لأن ملكوت الله داخلكم ” (لو 17: 21) فباطلاً
نظن
أننا قادرون على تفادي هجمات عدونا الخبيث (الشيطان) لمعاونة
الساكنين معنا أو نتخلص منها ببعد المكان أي الانعزال عن الناس أو نهرب منها
بحماية الجدران لنا. إذاً لسنا نحتاج إلى البحث عن سلامنا في الخارج ” ملكوت الله داخلكم “. يوحنا كاسيان

 

 أنه
لا يمكن أن يصيبني أي ضرر من أي إنسان مهما كان مؤذياً. ما لم أحارب نفسي بقلب
مجاهد.

 فإن
لحقني ضرر فإن الخطأ ليس بسبب هجوم الآخرين إنما لعدم
احتمالي
وذلك كالطعام الدسم جداً إذ هو مفيد للإنسان المتمتع بصحة جيدة
إلا أنه مضر للمريض.

يوحنا كاسيان

 

 قال
الكاروبيم لأبو مقار بعد إظهار حقيقة براءته من تُهمة السقوط مع الفتاة: حسناً عملت إذ احتملت هذه التجربة التي جاءت عليك لتأخذ الكمال
حتى إذا حلَّ بك تجربة أخرى من الجان بانطلاق من الله تكون مدرب وصبوراً
أيضاً.

 

 إني
أشبه ما يحدث بأمواج البحر. التي ما تلبث واحدة أن تتكسر لتعقبها الأخرى وتُهددنا
بأن تبتلعنا في ظلامها. هذا أيضاً ما يحدث في تجاربنا. فإن اللحظة التي تنتهي فيها
واحدة تلوح واحدة أخرى أمامنا.

ولا
نجد إلا إجابة واحدة وهي: دع الماضي يذهب. واهرب من تهديدات المستقبل. القديس
باسيليوس

 

 ” نهاية أمر خير من بدايته “ (جا 7: 8).
لا تنظر إلى أول أي مشكلة بل إلى أواخرها. فلا تنظر إلى عار الجلجثة فتيأس، إنما
انظر إلى أمجاد القيامة وأمجاد الصعود وأمجاد الجلوس عن يمين الآب.

 إن
أعظم مشكلة لا يمكن أن تستمر إلى الأبد. إنما لها مدى زمني محدد تنتهي فيه. إن
آلام أيوب الصديق على الرغم من عنفها جاء الوقت الذي انتهت فيه ورد الرب سبيه.
البابا شنوده الثالث

 

 الإنسان
القوي هو إنسان صامد أمام المشاكل العويصة. أمام التهديدات. هو قوي من الداخل مهما
كان الضغط من الخارج.

 أما
الضعيف فإنه يتخيل مخاوف وينزعج بسببها. وربما لا يكون لها وجود ولكنه بسبب خوفه
الداخلي يتوقع أن تأتيه المتاعب فيتعب بدون سبب! البابا شنوده

 

 إن
التجربة معلِّم شاذ…. تمتحنك أولاً ثم تعطيك الدرس بعد ذلك.

 

 كل
من ضبط نفسه حمل نوعاً ما صليبه. أوغسطينوس

 إني
رأيتُ رهباناً يعرضون ذواتهم طوعاً للتعيير والهوان من أجل الله لكي يُهيئوا بهذا
أنفسهم ولا يعودون يخشون الهوان العارض لهم من الآخرين. الدرجي

 

 إذا
هُزئ بك فاسكت وتقبل هذه النار المحرقة بل المطهرة والمنيرة لنفسك. ومتى سكن حنق
الطبيب فحينئذ تُب إليه واستغفره فلعله لا يقبل اعتذارك في غضبه. الدرجي

 

 إن
التعيير هو غسل لأهواء النفس. إذ اعتاد قوم من أهل العالم إذا ما رشقه أحد
بمسباتهم في وجهه أن يتباهوا بذلك قائلين: (إننا غسلنا فلاناً) وهذا قول صدق.
الدرجي

 

 القوة
ليست أن تهزم غيرك بل أن تهزم قلقك ومخاوفك.

البابا شنوده الثالث

 

 بل
من لا يقدر أن يُكابد الهموم فليسكن وحده منفرداً.

الأنبا باخوميوس

 

 حامل
الأموات يأخذ الأجرة من الناس. وحامل الأحياء (المحتمل) يأخذ الأجرة من الله.

 

 ليكن
لديك الرغبة في أن تكون محتقراً من الآخرين واعلم أنه بدون هذه الرغبة يستحيل أن
تتولد فيك فضيلة جحدك لذاتك. الدرجي

 

 من
يضبط فمه فإن أفكاره الشريرة تموت كما إن كان في جرة حيات وعقارب وسدت فوهتها
فإنها تموت. الأنبا بيمن

 

 احرص
جداً أن لا تُظهر الوجع الذي يثور في داخلك لأنك بهذه المحاولة تمنع تقدمه. وبمجرد
ما ينتهي طيار الضغطات الشريرة اسرع بالدخول إلى قلبك واطرد الحية التي زحفت إلى
قلبك.

 

 إن
كآبة المظلوم لأفضل من غبطة الظالم. أوغسطينوس

 

 المحنة
كالنار إن وجدتك ذهباً نزعت ما فيك من أوساخ. وإن وجدتك تبناً حولتك إلى رماد.

أوغسطينوس

 

 تقابل
أنبا باخوميوس مع أحد الإخوة المتوانيين وسأله عن حاله؟ أجابه الأخ بنعمة الله
الآن نحن نحيا في سلام وراحة.

 فقال رجل
الله: إن الشيطان مثل الجندي الذي يريد أن يدخل بيتاً ليحتله فإنه أولاً يسبب
اضطراباً لذلك المنزل من الخارج ولكن لن يقدر على الدخول مادام الباب موصداً من
الداخل بإحكام. ولكن متى خاف الذين بالداخل وفتحوا الباب فحينئذٍ سوف يدخل ويستريح
ولن يسبب إزعاجاً. لأنه قد دخل وامتلك فهكذا الحال معك.

 فإنك عندما
كنت غالقاً باب قلبك ومقاوماً أعمال إبليس كان يضايقك ويسبب لك قلقاً. أما الآن
فبعد أن فتحت له الباب أصبح مسيطراً عليك من الرأس إلى القدم. ولأنك تتمم مشيئته
على الدوام لذلك فهو لا يضايقك ألبته.

 الجبناء
ينقصهم الشجاعة. وما هي الشجاعة المقصودة هنا؟

 أنها
الشجاعة لاحتمال الألم. لاحتمال الهوان والعار. الشجاعة لمجابهة كافة الاحتمالات
حتى خطر الموت. الجبن ليس أكثر من نتيجة الخوف من حِمل الصليب.

 

 المحراث لتربة القلب هو التجارب التي يرسلها الله. مار إسحق

 

 الذين
أخطئوا ولو في حق الله. لا يرغب في معاقبتهم انتقاماً لنفسه. لأنه لا يصيب لاهوته
ضرر. إنما يفعل ذلك لأجل نفعنا. لكنه يمنع انحرفنا الذي يتزايد باستهتارنا وعدم
مبالاتنا به فكما أن الذي يبقى خارجاً بعيداً عن النور لا يضر النور في شيء بل تقع
الخسارة العظمى عليه بكونه في الظلام. هكذا من اعتاد أن يحتقر القوة القادرة. لا
يُضر القوة بل يُضر نفسه بأكبر ضرر ممكن. لهذا السبب يهددنا الله بالعقوبات. وقد
يصبها علناً. ليس انتقاماً لنفسه بل كوسيلة لجذبنا إليه. ذهبي الفم

 

 س. كيف نوفق بين الآية التي تقول لا تدخلنا في تجربة (مت 6: 13) وبين الآية التي تقول
احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة.
(يع 1: 2)

 

 ج.
للتوفيق اعرف أن هناك نوعين من التجارب:

 

(1) تجارب
بمعنى الضيقات والآلام وهذه نفرح بالوقوع فيها.

(2) تجارب
للوقوع في الخطية وهذه نصلي أن لا ندخل فيها.

 احتقرني الناس أنا
الرب إلهك وأنت تطلب منهم أن يكرموك. لا
تطلب لنفسك بما لا يتحقق فيَّ. لأن ليس التلميذ أفضل من معلمه ولا عبد أفضل من
سيده. لا تسبقني بل اتبعني. لا تعطني نصائح بل اقبل نصائحي. عد إلى الوراء وسر خلفي. أوغسطينوس

 

 إن
الله لا يهب المؤمنين به مناعة تقيهم
تقلبات الحياة الإنسانية، إنما يسبغ عليهم نعمة
لكي يدركوا معنى الاتكال على الله. ويجتازوا في بوتقة المحن
إلى أن يبلغوا ميناء الأمان برعاية الله وإرشاده.

 

 ما أنفع الشدة لجلاء صدأ الرذائل. ولتطهير النفس.
مار إسحق

 

 س. ” هذا هو ابني
الحبيب الذي به سررت “
ومع ذلك قال:
لقد سُر الله أن يسحقه بالحزن “
. كيف يتفق هاتين الآيتين معاً؟

 ج. ليس هذا الألم ألم انتقام وليس ألم كثمن لخطايا لكن
الألم له بركات سُر الله أن يعطيها له.

 

ليل التجارب طويل:

 ينبغي
أن نلتزم بالمكوث زماناً ولو طويلاً في المكان الذي حدده الله لنا للتنقية والتطهر
من الضعفات.

في
وادي الدموع هذا. والله يعرف الوقت المناسب ولا ريب سيأتي
به
.

 وقد
فسر لنا القديس أنطونيوس ذلك حين تكلم عما صنعه السيد المسيح مع ليعازر حبيبه
وأختيه لما أرسلتا تخبرانه أنه مريض. وتطلبان منه ليحضر ليشفيه. ثم تأخر يومين
ليُظهر محبته ومجد الله فيه.

 وقد
ظهر لنا أنه أهمل يوسف في السجن مدة طويلة ولكن ليخرجه أخيراً بكرامة أعظم.

 

 إن
الفاخوري عندما يصنع آنية الفخار يضعها في الأتون وهو يعرف كمية الزمان الذي يجب
أن تستمر فيه في ذلك الأتون لتُشوى كما ينبغي فلا يتركها في النار أكثر لئلا تحترق
وتنفسخ ولا يدعها مدة أقل من اللازم لئلا تكون سريعة العُطب بأيدي من يستعملها. بل
يتركها في الأتون وقتاً مناسبة. مار أفرام السرياني

 

الصبور لا يُعرف إلا من
الاحتمال

 

 الله
حينما يتخلى عنك أحياناً لتعرف ذاتك ولينظر صبرك ومثابرتك على الخير. فتلاميذ
المسيح وقت العشاء أظهر كل واحد نفسه بأنه أكثر شجاعة من الآخر ولكنهم حينما
امتحنوا وقت الشدة هربوا جميعاً وحتى بطرس الذي وضع نفسه في الأول بينهم أنكر.

 

 إن
البحر الهادي لا يُصير الملاح حاذقاً. والجندي الذي لا يشهد المعارك لا يكون
جندياً مدرباً. والجسد الذي لا يتحمل المشاق لا يكون قوياً. والحبوب العطرية لا تفوح
رائحتها إلا إذا سُحِقت وفركت. والقمح لابد أن يُطحن ويدخل النار قبل أن يصير
طعاماً. والأوتار إن لم تُشد لا تُعطي صوتاً عذباً. هكذا المؤمن إن لم يُجرب ويتألم مع المسيح لا يتمجد معه.

 

 لم
يرضَ الله أن يجعل لأولاده وسادة لينة في العالم لئلا تُطيب لهم الإقامة فيه. لهذا
يسمح الله بتأديب أولاده ويجعلهم يتألمون.

 

 في
الألم يعلن الله حضوره معنا كما أعلن أيوب
بالسمع كنتُ أسمع عنك. أما الآن فقد رأتك عيناي “.

 

 لنذكر
قصة الراهب الوديع الذي كان يُطارده الشيطان عن طريق إثارة حسد الآخرين له. كان
بصبر يحتمل جميع الانتهارات مقاوماً فكرة ترك الدير. ولما تزايدت المضايقات جداً
كتب ورقة يحث فيها نفسه على البقاء وكان يقرأها كلما انتهره أحد: ” من أجل اسم يسوع ومحبته سأبقى وأعاني كل شيء حتى
النهاية “.

 

 الأنبياء
جميعاً تعرضوا للضيقات. كم من ضيقات لاقاها داود النبي ويوسف الصديق ودانيال النبي
والثلاثة فتية وبطرس وبولس ألقي بهما في السجن وأستفانوس. فلا يظن أحد إذاً أن التجارب والضيقات هي للخطاة بسبب خطاياهم.
وإنما هي لجميع الناس وبالأكثر للأبرار والقديسين
” كثيرة هي بلايا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب “
(مز 34: 19) البابا شنوده

 

 إن
الله لا يمنع النار عن أولاده. ولكنه يمنعها من أن تحرقهم. التجارب تأتي ولكنها لا تؤذي. البابا شنوده

 

 إن
المؤمن لا يمكنه أن تتعبه التجربة أو الضيقات ذلك لأنه يؤمن بعمل الله وحفظه.
ويؤمن أن الله يهتم به أثناء التجربة أكثر من اهتمامه هو بنفسه. إنه يؤمن بقوة
الله الذي يتدخل في المشكلة ويؤمن أن حكمة الله لديها حلول كثيرة. مهما بددت
الأمور معقدة. لذلك فالمؤمن لا يفقد سلامه الداخلي مطلقاً أثناء التجربة. ولا يفقد
بشاشته بل يتذكر في ثقة كبيرة قول الرسول:
احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة “
(يع 1: 2)
البابا شنوده

 

 أربع
شروط للتجارب:

1)
لا يسمح الله بتجربة هي فوق طاقتكم البشرية.

2)
تأتي التجربة ومعها المنفذ.

3)
التجارب التي يسمح بها الله هي للخير.

4)
التجارب لها زمناً محدداً تنتهي فيه.

 

 قُل
” مصيرها تنتهي “، [ تأخذ دورها وتعديسيأتي
عليها وقت تعبر فيه بسلام
، إنما خلال هذا الوقت ينبغي أن تحتفظ بهدوئك
وأعصابك. فلا تضعف ولا تنهار ولا تفقد الثقة في معونة الله وحفظه.

 البابا شنوده

 

 التجربة
شيء نافع. ولولا منفعتها ما كان الله الشفوق يسمح بها. البابا شنوده

 

 كثيرون
يريدون أن يكون طريق الملكوت سهلاً مفروشاً بالورود! ولكن هذا عكس التعليم الذي
شرحه لنا الإنجيل المقدس. إذ قال لنا الرب فيه:

 “
ما أضيق الباب وأكرب الطريق “.

 “
في العالم سيكون لكم ضيق “.

 “
بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله “.

 هذه
الضيقات نحتملها لكي نثبت أننا جادون في سيرنا إلى الملكوت. ولكي ندخل هذا الملكوت
باستحقاق لأننا بذلنا وتعبنا من أجله.

 إن
كان التلميذ يتعب ويكد لكي يحصل على شهادة دراسية، وإن كان صاحب عمل لابد أن يتعب
لكي ينجح في عمله. هكذا الطريق الروحي ينبغي أن نتعب فيه لنستحق الملكوت ” كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه “ (1
كو 3: 8) البابا شنوده

 

 من
يحتمل ظلماً من أجل الرب يعتبر شهيداً.

 

 إذا
وضعنا قالباً من الطوب اللبن (الطين) في أساسات أحد المنازل. فإنه ينهار. أما إذا
احترق بالنار فإنه يكون كالصخر هكذا حال الإنسان الذي لم ينصهر في بوتقة التجارب
والآلام. الأنبا أرسانيوس

 

 اعلم
وانظر واحترس يا أخانا الذي تعمل في برية المجمع إن حيات كثيرة في البرية تلدغ
أفكارك أعني بذلك: الشتم، والعار، والهزء، والقمقمة، والخصومة، والنميمة التي تلقى
عليك، الظن السيئ، والظلم من الشياطين ومن بني جنسك. يجب عليك أن تحتمل ثقل عمل
المجمع. فإن شئت أن تتخلص من تلك الحيات التي تلسع عُمالي المجمع فاعمل كما عمل
بنو إسرائيل أولئك الذين أطاعوا الطوباوي موسى وكان كل من تلسعه الحية كان يقوم
وينظر إلى الحية التي صلبها موسى على رأس الجبل وكان كل من يكمل الطاعة وينظر
إليها كان يشفى من مرارة لدغ الحيات.

 وأنت
أيضاً يا أخي المطيع إن لسعتك إحدى الحيات التي قلت عنها أنفاً فاشخص بنظر ضميرك
إلى ربنا يسوع المسيح وهو مُعلَّق على عود الصليب من أجل الطاعة وبذلك تُشفى من
مرارة الحيات العقلية الملقاة في قلبك.

 إن كنت لا تحتمل لسع
الحيات الرديئة فإنك لا تستحق أن تدخل أرض الميعاد.

 وأما كيف يجب لك أن تنظر إليه إذ لسعت من الحيات فاسمع باختصار:

 إذا
شُتمت فانظر واعلم أنه أيضاً شُتم من أجلك ودعي مجنوناً وسامرياً.

 وإن
كانوا يعيرونك ويستهزئون بك فانظر إلى مخلص الكل كيف كانوا يستهزئون به ويعيرونه
ويتفلون على وجهه ويسقونه الخل والمرارة وكانوا يقرعون رأسه بقصبة.

 

 من فَقَدَ صليبه فَقَدَ مسيحيته. أبونا بيشوي كامل

 

 الراهب
نجاحه في عمله مرهون بقدرته على تحمل شدائد العمل وضيقاته ومهانته.

 

 قوة
الحق التي تهز الجبال لا تكمن في إحداث أي أذى للغير بل بتقبلك إحداث الأذى بك أنت.

 

 اعلم
أنك قد نصبت نفسك هدفاً للشدائد والأحزان يوماً بعد يوم إن أردت أن تكون راهباً.
القديس أقليمادوس.

 

 الشياطين
إذا رأوا إنساناً قد شُتم أو أُهين أو خسر شيئاً ولم يغتم بل احتمل بصبر وجلد
فإنها ترتاع منه لأنها تعتقد بأنه قد سلك في طريق الله. أبو مقار

 

 إذا
تكلم الإخوة جميعاً في جواب المسائل صار بينهم سجس. فليس
لكل أحد أن يتكلم
. القديس باسيليوس

 

 الحق إني اضطربت ولكني لم أتكلم شيئاً.

الأنبا
موسى الأسود عندما طُرد من المجمع.

 

 ليكن
قلبك نحن الأفكار شجاعاً جداً فتخف عنك حدتها. أما الذي يخاف منها فإنها ترعبه
فيخور.

 

 احرص
جداً أن لا تظهر الوجع الذي يثور في داخلك لأنك بهذه المحاولة تمنع تقدمه.

 

 عندما
تسمع إهانة تشتاق إلى الانتقام وتُسر بضرر الآخر فتهلك. لماذا يحدث هذا؟ لأن
المسيح نائم فيك…. إنك نسيت المسيح! أيقظه فيك. أي تذكره بتذكر آلامه وكلماته
ووصاياه.

 

 السيد
المسيح لم ينزع الألم عن تلاميذه إنما أعطاهم أن يغلبوا به. إرادة الله لا أن
يخلصك من المخاوف بل يحثك على ازدرائها. فإن هذا أعظم من التخلص منها. ذهبي الفم

 هروب
المسيح لمصر يقدِّم لنا منهجاً روحياً أساسه عدم مقاومة الشر بالشر ” إن النار لا تُطفأ بالنار بل بالماء “.

 

 صورة
الحياة التقوية الحقة هي مزيج مستمر من الضيقات مع الأفراح فبالضيقة نتزكى أمام
الله. وبالفرح نمتلئ رجاء في رعاية الله وعنايته المستمرة.

 

 لنكن
محتملين تعيير إخوتنا لنخلص من العظمة.

 

 إن
كنت في قلايتك وتذكرت أن إنساناً أساء إليك وأحزنك، فقم في الحال وصلي من أجله من
كل قلبك أن يغفر الله له وبذلك تنطفئ عنك مكافئة الشر بالشر.

 

 لا
تضطرب يا صديقي فهذه أوجاع المخاض لأنك الآن على وشك أن تولد ولادة ثانية. فاثبت
مثابر على الصوم والصلاة وأستنجد بالآب السماوي معلناً له حقك في مراحمه وستتلاشى
التجارب من أمامك.

الأنبا
إيسوزورس.

 

 كل
ما تصنعه في سبيل الله لا تبالي بقول الناس إزاءه.

الأنبا سيرابيون

 

 إن
الراهب إذا كان يغتم من الشتيمة والهوان فقد دلَّ على أنه علماني لم يترهب
بعد.

 

 التجارب تحيط بنا ولا تدخل فينا: كما أحاطت مياه الطوفان
بفلك نوح. تثور ضدنا لكنها ترفعنا كما رفعت المياه الفُلك. ويبقى المؤمن خلال
التجارب يرتفع في عيني الرب حتى متى انتهت الضيقات يستقر على أعلى قمة جبل. القديس
برصنوفيوس

 

 الله
يُضيق علينا ويسمح بتجربتنا وظلمنا حتى نتحول من العالم إليه.

 

 حذار أن تُكوِّن فكرة عن نفسك أنك شيء مهم. وإنه لولاك لتوقفت الأمور وتعطلت الأعمال.
فتبدو ذاتك في عينيك أنها عظيمة وكبيرة. ولكن اعلم أن الله يمكنه أن يعمل بغيرك أفضل منك.

 فكل
ما هو جيد ونافع فيك هو من الله وليس منك. وإذا لم تسلمه إلى الله وتسلمه إليه في
دخل ضميرك فإنه ينزعه عنك. وإذا افتخرت بذكائك أو صلاحك يتخلى عنك الله فيتحول إلى
فساد وخسارة وضرر.

 

 إذا كرهت ذاتك الخضوع لله وتهربت من الاستسلام له وتعظمت بقدرتك ونسبت ذكائك وصلاحك ونجاحك لنفسك،
الله يسلمك لتأديب متواصل. تأديب تلو تأديب.
وضيق بعد ضيق، حتى تخضع صاغراً وتستسلم.
فإذا رفضت التأديب وكرهت احتمال الضيق يتخلى عنك الله إلى الأبد.

 

 اعلم أن الخضوع لله والتسليم الكامل لمشيئته وتدبيره هو في
الواقع هبة ونعمة.

 ليكن قلبك
من نحو الأفكار شجاعاً جداً فتخف عنك حددتها، أما الذي يخاف منها فإنها ترعبه
فيخور.

 

 إذا
وقعت تحت التأديب فاعلم أن هذا خير عظيم، لأن الله يسوق التأديب على النفس التي
سهيت عن ضعفها وتعظمت بقدرتها ونجاحها حتى تدرك ضعفها خصوصاً إذا لم يعطِ مع
الضيق منفذاً وحاصر الذات من كل جهة ومررها بالإهانة الداخلية أو الخارجية.
بالخطيئة أو بالفضيحة حتى تكره نفسها كرهاً وتلعن ذكائها لعناً وتجحد مشورتها
جحداً. وأخيراً تستسلم له صاغرة منسحقة.

 وفي
هذا الوقت يصبح سهلاً على الإنسان أن يبغض ذاته
بل يشتهي أن يبغضها الجميع. وهذا هو طريق الاتضاع الحق الذي يوصل إلى الاستسلام
الكامل للتدبير الإلهي.

 

 انسحاق
الروح لا يتفق ألبته مع الغضب والأخذ بالثأر ومقابلة الشر بالشر.

 

 إذا
وقعت تحت التأديب فاعلم أن هذا خيرٌ عظيم
لأن الله يسوق التأديب على النفس التي سهيت عن ضعفها وتعظمت بقدرتها ونجاحها حتى تدرك ضعفها خصوصاً إذا لم يعطِ مع الضيق
منفذاً وحاصر الذات من كل جهة مررها بالإهانة الداخلية أو الخارجية. بالخطيئة أو
بالفضيحة حتى تكره نفسها كرهاً وتلعن ذكائها لعناً وتجحد مشورتها جحداً. وأخيراً
تستسلم له صاغرة منسحقة.

 في هذا الوقت يصبح سهلاً على الإنسان أن يبغض ذاته
بل يشتهي أن يبغضها الجميع. وهذا هو طريق الاتضاع الحق الذي يوصل إلى الاستسلام الكامل للتدبير الإلهي.

 

 انسحاق
الروح لا يتفق ألبته مع الغضب والأخذ بالثأر ومقابلة الشر بالشر.

 

 الإجابة
القاسية واستعمال الكلمات اللاذعة الشديدة دليل كبرياء النفس.

 

 ارفض
كل إحساس بمسئوليتك عن النجاح والفشل (الروحي) وحوله في الحال إلى إحساس بمسئولية
متابعة العمل بأمانة فقط.

 

 بقدر
ما تقتصر في جهادك على تسليم إرادتك في هدوء الخضوع وعناد المثابرة والتغصب لقبول
كل تدبيرات الله. بقدر ما تحس بيقين عمل الله وعنايته وتدبيره لحياتك.

 

 لا
توقف جهادك وتغصبك في طاعة وصايا الله مهما كان فشلك ومهما كانت تجاربك لأن خلف
نفسك المنهزمة يقف المسيح وفي يديه إكليل الجهاد فأنت
غير مسئول عن النجاح بل مسئول عن الجهاد
.

 

 المسير في
حياة التسليم لإرادة الله لا يكون فيه لوم للإرادة
مطلقاً
كأنها هي المسئولة عن السقوط والتعثر! فالسقوط والعثرات لا تنشأ
عن ضعف الإرادة بل تنشأ عن قوتها وتدخلها!
وهذا يتضح من كون النصرة والخلاص والبركة لا تنشأ عن قوة الإرادة بل عن اختفائها وراء النعمة.

 

 فإن كنا
نلوم إرادتنا ونلعن مشيئتنا ونحزن ونكتئب عندما نعثر ونخطئ فهذا يعني إننا نقر
ونعترف أننا نسير بإرادتنا وليس خاضعين لله. ثم عندما نحاول بعد السقوط أن نستجمع
الإرادة ونقويها فكأنما نحن نهيئ أنفسنا لسقوط آخر أشد ونمعن في جعل الإرادة
مسئولة على المسيرة الروحانية.

 

 أما
إذا كنا نريد أن نتحاشى العثرات والخطايا والسقطات فعلينا لا أن نلوم إرادتنا
ونستحثها على النشاط والقوة بل علينا أن نفرط في
إرادتنا
ونيأس منها نهائياً ونبدأ في الحال في إخضاعها وتسليمها لله بكل عزم تسليماً نهائياً.
وإلزامها بالخضوع لاحتمال التعب والمشقة
أما كل عطف على الذات فهو محاولة شيطانية لإحياء إرادتها ومشيئتها الخاصة.

 

 يظن بعض
الناس أن طريق حياة العبادة والتأمل والخلوة محفوف بالورود والرياحين…. كلا….
فالطريق صحراء قفر لا جمال له فنشتهيه في ذاته! ويكفي أن المسيح وصفه بأنه باب ضيق
ومسلكه شاق وكرِب. حتى أنك بعد أن تسير فيه تأخذك الرعدة
ويدخلك الشك وتقول أحقاً أنا سائر إلى
الله؟ ولكن أين هو؟

 هذه
هي بداية امتحان الطريق الذي تجوزه نفسك بعيداً عن كل
معونة من أي إنسان. وخلواً من أي مسرة روحية وعلامة.
ومن أجل جفاف هذه
البداية وبسبب هذا الامتحان ومنظر الطريق وصعوبته. رجع الكثيرون إلى الوراء….
كثيرون تحيروا جداً فوقفوا يسألون أين نحن؟
وما هو عملنا في هذا الطريق؟ وما هي رسالتنا من وراء ذلك؟ ولكن هذه هي أسئلة الشك وهتاف التقهقر…. وهكذا عاد كثيرون من منتصف الطريق
لأنهم أرادوا أن يحيوا بالعيان وطلبوا
لأنفسهم معجزة وآية فبرهنوا على خلوهم من
الإيمان.

 

 بحسب
ما تسير في طريق الملكوت وتقترب من بلدة
الله تعالى لتكن لك هذه العلامة:

إن
التجارب تلم بك إلماماً قوياً

 وبقدر
ما تنجح على ذلك الحد تتوفر عليك التجارب. مار إسحق

 

 إذا
وجدت في طريقك سلاماً دائماً لا يتغير فخف، فإن ذلك معناه إنك سائر بعيداً عن السبل المستقيمة التي وطأتها أقدام القديسين ذات
التعب. مار إسحق

 

 إن
كانت نفس ما ضعيفة وليست كفؤاً لمصادمة التجارب العظيمة والتمست من الله
جلَّ اسمه أن لا يدخلها إليها واستمع الله لها، فاعلم واضحاً أنه بمقدار ما
هي غير ناهضة بحمل الضيقات الصعبة على هذا الحد هي أيضاً غير كافية بالظفر للمواهب
والنعم وكما مُنع عنها وقود الشدائد الهائلة هكذا
تنعاق عنها الفوائد الجليلة
. لأن الباري قد رأى بحسن حكمته أن تكون:

النعم بمقدار المحن. مار
إسحق

 

 كل
من لا يحتمل الشتيمة فلن يُبصر المجد. القديس برصنوفيوس

 

التجارب النفسانية:

+ إحساس
قوي بحركات الزنا.

+ تنفيذ
المشيئة.

+ سرعة
الغضب.

+ محبة
الغلبة بالكلام.

+ أفكار
التجديف.

+ القطع
في الأمور بنبوات كاذبة.

+ الاعتداد بالذات.

+
الانتهار بشدة.

+
الازدراء بالناس.

+ الهزر
بكلام جهالة.

+ محبة
الخلطة.

+ التبشير
بوعود فوق المقدرة.

مار إسحق

 

 صبر
الإنسان يزيل مصائبه. مار إسحق

 

 الصبر قوة تتولد من سعة القلب وهذه القوة عسير أن
يحصل عليها الإنسان وهو في محنته بدون توسط النعمة
الإلهية
التي تأتي للإنسان من مواصلة
الصلاة والدموع والطلبة
. مار إسحق

 

 متى
أراد الله أن يُحزن النفس كثيراً لتنقيتها فإنه يسمح أن تدخل في صغر النفس وهذا الأمر يولد فيها ضجراً قوياً يذوق به الاختناق
النفساني
وهذا هو ذوق جهنم.

 ويأتي
عليه روح الحيرة والاختباط (عدم اتزان التفكير) والغضب والافتراء ومحبة الانتقام
والتنقل من مكان إلى مكان. وإن سألت عن علة هذا كله أجبتك هو توانيك لأنك ما حرصت على التماس شفاء نفسك! إن طب
هذه كلها واحد الذي به يمكن للإنسان أن يسترد عزاء نفسه وهو تواضع القلب والعقل. مار إسحق

 

 الذين
يقصرون في تثقيف نفوسهم وفي اقتناء الحياة الأبدية بمحض إرادتهم وعزمهم فإنه
بالأحزان التي من غير إرادتهم تُقوِّم نفسهم بالفضيلة. مار إسحق

 

 إن أجر
الثبات في الحرب، أفضل من الأعمال الفاضلة.

الشيخ الروحاني

 

 يوحنا
الحبيب هو الوحيد الذي رافق الرب إلى الصليب فسلمه أمه العذراء مريم.

 يوحنا
أول من تبع المسيح وآخر من تركه عشية آلامه من بعد موته.

 

 كما
تُختبر المعادن بالنار كذلك تُختبر الفضائل بالآلام والضيقات.

 

 قد
يتكلم الإنسان كثيراً عن الفضائل لكن هذا لا يُعني أنه إنسان فاضل. إلا إذا برهن على الفضيلة عملياً بحياته وبخاصة في محنة آلامه.

 لا تحاول أن تطلب نياحاً خارجياً وتهرب من الثبات في المعركة التي من أجلها تُعطى
مواهب الروح.

 

 أنه
أمر خارج عن حدود المنطق وفائق لطبيعة البشر المألوفة. إن الأحزان تنشئ أفراحاً. والضيقات
تولد تعزيات
. لكنها المسيحية بمفاعيل النعمة الإلهية بعمل الروح القدس
في المؤمنين هي التي تفعل ذلك.

 

 اجعل
نفسك مكنسة للنظافة ومنشفة لتقبل فيها الرذل والذل والهوان التي يأتي عليك من
إخوتك مثل عبد عند مواليه (سادته) وليس كأخ بين إخوته.

 

 الظلام
كان قبل النور. هكذا ينبغي لنا أن نصبر على التجارب وحينئذٍ تُشرق في نفوسنا معرفة
الحق.

 

 إن كثيرين
عندما خفت عنهم القتالات تهاونوا بأنفسهم. لكن إذا خفت القتالات لنكثر الشكر
لله
ونثبت في الطلبة لئلا نقع في تلك الأوجاع أو غيرها.

 

 لقد
دهمك هذا المرض لئلا تمضي إلى الله خالياً من الثمار. إنك إن احتملت وقدَّمت شكراً
لله فهذا المرض سيحسب لك كعمل.

الأنبا باخوم

 

 يحدث
أن يكون الإنسان في غاية السعادة والسلام بسبب عنايته من الله. عناية شاملة من جهة
كافة أعوازه الجسدية ورعايته في الداخل والخارج وحمايته له حماية ملموسة في كل
المواقف فيطمئن الإنسان جداً إنه محفوظ بيد الله وملحوظ بعنايته وتزداد ثقة
الإنسان ويتقوى إيمانه بالله على أساس الدليل المادي الواضح والبرهان الملموس.
فتكون النتيجة أن الله دفعة واحدة يحبس جميع معوناته
المنظورة ويوقف حمايته الملموسة
ويسحب عنايته الظاهرة بالإنسان. فتبدأ
الضيقات تتراءى على النفس ويصير الإنسان مكشوفاً
لأعدائه. هدفاً لكل ضارب ومتقول ومستهزئ
ليس للأعداء الظاهرون فقط بل
وللعدو غير المنظور أيضاً مخترع كافة الشرور.

 فتبدأ
تقترن الأتعاب الخارجية بالأتعاب الداخلية حتى ليكاد يذهل
الإنسان
من كثرة الضربات وتنوعها. وفي البداية يحسب الإنسان أنها أمور عابرة وسريعاً ما تنقشع الغمامة وتعود
الحياة إلى سلامها واستقرارها الأول ولكن إذ بهذه
الضيقات تزداد عنفاً وتتسع حلقتها
بدلائل يتضح منها أن الأمر فوق الطاقة وفوق التصور…. فيجلس الإنسان في
التراب محطماً عاجزاً عن أن يفهم شيئاً عن هذا كله!!
ماذا حدث؟ ولماذا حدث؟ وما هي النهاية؟

 يعود
الإنسان إلى نفسه لعله يجد فيها بارقة أمل لمعاودة الحياة الأولى فلا يجد إلا حطاماً في حطام ونفساً ممذقة مشدودة
بألف تجربة. وقد تشعر النفس بوقوف الله نفسه كعدو لها
يُسر بآلامها وحزنها!!

 

 هذه
المحنة نراها على أشدها في تجربة أيوب ” فهمني لماذا
تخاصمني؟..
أحسن عندك أن تظلم؟ لماذا تحجب وجهك وتحسبني عدواً لك؟
“.

 

 صورة
الحياة التقوية الحقة هي مزيج مستمر من الضيقات مع الأفراح فبالضيق نتزكى أمام
الله وبالفرح نمتلئ رجاء في رعاية الله وعنايته المستمرة.

 

 وعد
الله إبراهيم بنسل كثير. وآمن بالله حتى ولدت له سارة ولداً…. وكان لابد من
تجربة لامتحان هذا الإيمان وهذا شأن الله دوماً فلابد من عذاب لنظهر حبنا الحقيقي
لله. فأمر الرب إبراهيم:

” خذ ابنك وحيدك الذي تحبه واذهب وقدمه لي محرقة “. وبهذا قطع
الله قلب إبراهيم إرباً إرباً. وبهذا انهار كل ذلك الجبل من المواعيد لكن أطاع
إبراهيم لذلك كوفئ مكافئة كبرى. فقد تم الوعد ومنه خرج المسيح وأصبح إبراهيم أباً
لأمم كثيرة.

 

 وأيضاً
تكرر هذا المثل مع المرأة الشونمية التي كان ليس لها أولاد وعندما أضافت أليشع
بكرم زائد وعدها أليشع بولد دون أن تسأله وفعلاً أعطاها الرب. ولكن بعد حين أخذ
الولد منها ومات فذهبت المرأة لأليشع وقالت له:
هل طلبت من سيدي أن أنجب ابناً؟ ألم أقل لا تخدعني “.
ثم أقام لها
الولد.

 هذه هي
طريقة الرب يعطي العطية ثم يسحبها لحين أن يختبر الإنسان ثم يردها. البابا شنوده

 ارفض الرد
على من يبغضك. لا تقاتل أحداً وإن استفزك باطلاً فلا تغضب. الأنبا أنطونيوس.

 احذر من أن
تكون صغير النفس لأن صغر النفس يجلب الأحزان. الأنبا أنطونيوس

 

 اصبر للبلايا حتى يرفعها الرب عنك. الأنبا أنطونيوس

 

 تقبل كل التجارب بفرح عالما بالمجد الذي يتبعها فإنك إن تحققت من ذلك فلن تمل من
احتمالها. بدرجة أنك تطلب من الله أن لا يصرفها
عنك. جيد لك أن تتنهد وتبكي فتخلص. الأنبا
باخوميوس

 

 لنفحص
بانتباه ونميز متى ينبغي أن نحتمل طعن الآخرين بنا لدى الراعي شاكرين صامتين ومتى
ينبغي أن نوضح له حقيقة الأمر. ويروح لي أن علينا أن نصمت
في كل الحالات
التي تسبب لنا الهوان. لأنها مناسبات ربح لنا. أما في
الوشايات التي تسيء إلى شخص آخر غيرنا فيجب الدفاع عنه. يوحنا الدرجي

 

 إذا
رزلك الناس وافتروا
عليك فلا تحزن لأن ربك دعي ضالاً وبعلزبول
وبه شيطان ولم يتذمر. فاقتني لك وداعة القلب
واذكر أن ربك وإلهك سيق كخروف للذبح ولم يفتح فاه.
الأنبا باخوميوس

 

 إن
افترى عليك أحد فلا تفترِ أنت عليه بل افرح
واشكر الله.

 

 إذا أكرمك إنسان فلا
يفرح
قلبك بل احزن لأن بولس
وبرنابا لما أكرمهما الناس شق ثيابهما. وبطرس وباقي الرسل لما افتروا عليهم
وجلدوهم فرحوا لأنهم حسبوا أهلاً لأن يُهانوا من أجل الاسم العظيم.

 الأنبا
باخوميوس

 لقد
طلبت حواء مجد الألوهية فتعرت من المجد الإنساني. كذلك من يلتمس مجد الناس يحرم من مجد الله.
الأنبا باخوميوس

 

 الأحزان
هي مكاوي يسوع. فمن أراد أن يبرأ من أسقامه يلزمه حتماً أن يصبر على ما يرد عليه
من الطبيب. ولعمري أن المريض ليس من شأنه أن يستلذ الكي والبتر أو شرب الدواء
النقي بل من طباعه أن يبغض الأدوية ولكنه لإقانه أنه بلا علاج لن يحصل على الشفاء
لذلك نجده يدفع ذاته للطبيب عالماً أنه
بالأدوية المُرة يتخلص من الأخلاط الضارة
الرديئة.

 فمكوى يسوع هو ذاك الذي يهينك
إلا أنه يريحك ويخلصك من السبح الباطل فإن لم تحتمل شرب الأدوية تظلم نفسك. الأنبا
باخوميوس

 

 تأمل
دائماً في البلايا الصعبة والذي في شدة ومذلة وبهذا التأمل يمكنك أن تقدم الشكر
إزاء البلايا الصغيرة التي تنتابك وحينئذ تستطيع أن تصبر عليها بفرح. مار إسحق

 

 وصية لمن يريد الدخول في سلك الرهبنة:

 اسمع
يا ابني كلامي واحفظه واعلم أنك منذ الآن قادم لتقاتل السباع والتنانين ورؤساء
الشياطين في طريق التوبة التي هي كربة وصعبة. واعلم أنك قد نصبت نفسك للشدائد والأحزان يوماً بعد يوم إن أردت أن تكون
راهباً
. لأنه مكتوب: توقع يا ابني الشدة
بعد الشدة
من وقت لآخر وهيئ نفسك لذلك. اعلم أنك ذاهب لتقاتل الذئاب
والنمور والسباع والوحوش الضارية وليس ذلك لأيام ولا لشهور ولا لسنين قلائل بل حياتك كلها حتى تظفر بالعدو. القديس أكليمادوس

 

 محب الصلاح هو الذي يحتمل البلايا بفرح. مار إسحق

 

 لا
تسأل أن تجري الأمور حسب هواك لأنه اعرف منك بالأصلح لك. مار إسحق

 

 لا
تكره الشدائد فباحتمالها تنال الكرامة وبها تقترب إلى الله لأن النياح الإلهي
كائن داخلها. مار إسحق

 

 ليكن
قلبك من ناحية الأفكار شجاعاً جداً فتخف عنك حدتها أما الذي يخاف فإنها ترعبه
فيخور. كما أن الذي يفزع منها يثبت عدم إيمانه بالله حقاً.

 

 سقطت
النفس هي مكابدة الهموم. الأنبا موسى الأسود

 إذا
صليت إلى الله فلا تقل له ارفع عني هذا وهبني ذاك بل قل:

 “
يا ربي يسوع أنت عوني ورجائي وأنا في يديك وأنت تعرف ما هو صالح لي فأعني ولا
تتركني أخطئ إليك أو أتبع هواي. ولا ترفضني فإني ضعيف ولا تسلمني لأعدائي فإني
لجأت إليك فخلصني بتحننك ليخزى كل الذين يقومون عليَّ “.

 

 حدث
مرة أن القديس يوحنا القصير كان جالساً مع الإخوة قدام الكنيسة وكان كل واحد منهم
يكشف له أفكاره فنظر أحد الشيوخ وامتلأ حسداً عليه فقال: يا يوحنا أنك ممتلئ سحراً.

 فقال:
الأمر هكذا كما تقول يا أبتاه ولكنك بنيت حكمك هذا على ما نظرته في الظاهر. فما
عساك كنت تقول لو علمت بالخفاء.

 ومرة أخرى كان جالساً
في الإسقيط وقد ألتف به الإخوة يكشفون له أفكارهم فلما رآه أحد الشيوخ قال له: يا
يوحنا لقد زينت ذاتك كالزانية التي تُكثر من عشاقها.

 فضرب
له يوحنا له ميطانية وما اضطرب قد.

 

 إن
الثبات في الجهاد والصبر على البلايا هو أيضاً أفضل من كل الأمور. وكلما
استمر السكوت ضعفت الأوجاع وكلما ضعفت
الأوجاع قوى العقل قليلاً قليلاً إلى أن يصح ويستريح وحينئذ لا يذكر الإنسان
أوجاعه وأحزانه السالفة وذلك كما قال ربنا عن المرأة التي تلد.

 يوحنا القصير

 

 إن
كنت تريد أن تنتفع وتكون متضعاً فاحتمل ما
يأتيك من الاغتمام من الآخرين. الأنبا
سربيون

 

 علينا أن
نتعلم هذا الدرس العميق: لو فقدنا كل شيء. ولم يبقَ معنا سوى الله. فالله وحده يكفي لحياتنا.

 

 جاء
أحد الإخوة إلى شيخ وشكى أخاه إليه قائلاً: ماذا أصنع يا أبي فإن أخي يحزنني؟ قال
الشيخ: احتمله يا حبيبي فإن الله قادر أن يرده إذا ما رأى تعبك وصبرك وأخذك له
بالرفق واللين. وإياك والقساوة. فإن شيطاناً لا يطرد شيطاناً. وبرفقك وصبرك يرجع
لأن الله إنما يرد الإنسان بطول روحه وطيب قلبه واحتماله.

 قال
شيخ لأخ: فما سميت راهباً. إلا لتتحمل الضرب والطعن والأحزان.

 إن
لي في الإسكيم إلى يومنا هذا سبعين سنة لم تخلُ يوماً
واحداً من الأحزان المُرة.

 

 تأمل
دائماً في البلايا الصعبة والذين في شدة ومذلة وبهذا التأمل يمكنك أن تقدِّم الشكر
إزاء البلايا الصغيرة التي تنتابك وحينئذ تستطيع أن تصبر عليها بفرح. مار إسحق

 

 سُئل
البابا ثاؤفيلس من الأم ثاؤدورة الراهبة عن الكلمة التي قالها بولس الرسول: ” اشتروا الزمان فإن الأيام شريرة “.

 فقال
لها: [ المقصود بالشراء هنا الربح ]

 +
فإذا ما نظر الراهب زماناً بشتيمة فإنه
يشتريه بالتواضع وطول الروح ويأخذ الربح
المستحق له.

 +
فإذا ما نظر الراهب زماناً بهوان فإنه
يشتريه بعدم الشر ويأخذ الربح المستحق له.

 +
فإذا ما نظر الراهب زماناً بكذب ونفاق
فإنه يشتريه بالصبر والرجاء ويأخذ الربح
المستحق له.

 هكذا
كل الأشياء تُشترى بضدها. فاجتهدي أن تدخلي
من الباب الضيق. لأن الشجرة لا تستطيع أن تثمر ما لم تصلها الرطوبة والأمطار. فهذا
العالم يُعتبر شتاء للنفس وبغير أحزان وتجارب لا
يمكننا أن نرث ملكوت السموات.

 قيل
عن شيخ كان في زمانه يشتكي إلا أنه في سنة من سني حياته وُجد غير مُشتكِ إذ
لم يصبه خلالها مرض. فمكث تلك السنة حزيناً جداً وكان يبكي ويقول: لقد أسلمتني يا الله ولم تتعهدني بالطعام الذي كنت قد عودتني عليه
من الأمراض التي كنت تجلبها عليَّ.

 

 أننا
إذا أخطأنا فإن الله قد ينهض علينا أعدائنا ليؤدبونا. وعلى ذلك فلا ينبغي لنا أن نحاربهم. بل يجب أن نحاسب أنفسنا
ونثقفها. ولكونه أطلقهم علينا لأجل خطايانا فمتى
حاربناهم نصرهم علينا
. ولهذا أمرنا ألا
نكافئ أعدائنا
فلنقبل إذاً الامتحانات كقبول الأدوية من الحكيم لنخلص.
القدس يوحنا ذهبي الفم

 

 إن كل إنسان
يسلم نفسه لشدة بهواه من أجل الله فلي إيمان أن الله يحسبه مع الشهداء. وذلك لأن
البكاء الذي يأتيه في تلك الشدة يحسبه الله عوض الدم.

 

 عجبي
على فيليستاس التي اشتهت أن تلد سريعاً في السجن حتى لا يمنعها حملها من الاستشهاد.
أ بهذا المقدار صار الاستشهاد أعظم من البنين والبنات؟! والموت من أجل المسيح
بالعذاب والتمزيق أسعد من حمل الأطفال على الصدور؟! أه يا يسوع يا لك من إله عجيب
تستطيع أن تسلب القلوب والعواطف حتى قلوب الأمهات المرضعات! م. س

 

 قال
شيخ: إذا حلت بلية بإنسان فإن الأحزان تحيط به من كل
ناحية
لكيما تضجره وتزعجه.

 وبيان
ذلك إن كان أخ في القلالي. هذا جاءت عليه بلية لدرجة أنه إذا أبصر أحد ما، كان لا
يسلم عليه ولا يدخله قلاليته. وإذا احتاج إلى خبز ما كان أحد يقرضه وإذا جاء من
الحصاد ما كان أحد يدعوه للكنيسة لأجل المحبة كالمعتاد. وحدث أن جاء مَرة من
الحصاد فلم يجد في قلايته خبزاً ومع ذلك كله كان يشكر الله على ما يأتي عليه من
الأحزان. فلما أبصر الله صبره رفع عنه قتال
البلية. وإذا إنسان يضرب باب قلايته ومعه جمل موثق خبزاً جاءه من مصر. فبدأ الأخ
يبكي ويحزن ويقول: ” يارب ما أنا بأهل أن تتركني أحزن قليلاً. لكني يارب أنا
مستوجب لذلك ولست أهلاً لشيء من النياح ” فلما جازت عنه تلك البلية سار
الإخوة يأخذونه وينيحونه في قلاليهم وفي الكنيسة.

 

 لا تنحل في الشدائد لتكون مرضياً لله. عالماً أنه لو أراد لدفع عنك الشدة. وإذا لم يرفعها عنك فإنما يريد نفعك. فاشكر
في كل حال
. كما أن الذهب لا يمكن أن يُعمل منه إناء مختار للملك بدون
سبك وصياغة. وكذلك الشمع لا يقبل الانطباع بالصورة الملكية بدون تلين. هكذا النفس لا تصلح لأن تنقش فيها صورة
المسيح الملك بدون أدب كثير ظاهر وباطن ومحن شديدة.

 

 إذا
صرنا في السلام غير مقاتلين فسبيلنا أن نتضع كثيراً لئلا ندخل علينا فرحاً غريباً.
فنفتخر وننسب ذلك إلى جهادنا. ونتعظم في أنفسنا فيتركنا من عنايته فنسلم إلى
القتال فنسقط لأن الله لأجل ضعفنا مراراً كثيرة يرفع
عنا القتال.

 من
يريد أن يضبط لسانه فليسد أذنيه لئلا يسمع كثيراً. ومن يريد أن يحصل على خوف الله
فليمقت راحة الجسد ويحب الضيقة والحزن. فعلى هذه الصفة يمكنك أن تعبد الله بإخلاص.

 

 الغيرة الإلهية حسنة وثمنها اضطهاد وظلم.

 

 سأل أخ شيخ: يا تُرى هل
كان الشيطان يضطهد القدماء هكذا؟

 أجابه
الشيخ: بل اليوم يضطهد أكثر لأن زمانه قد قرب. فهو لذلك قلق.

 

 صر مهاناً واطرح
مشيئتك وراءك
وصر بلا هم تجد نياحاً.

 

 جهاد
عظيم وتعب يلقى المتقدمين إلى الله في البداية. وبعد ذلك فرح لا يلفظ به كمثل الذين
يلتمسون أن يوقدوا ناراً. ففي أولها تدخن وتدمع عيونهم. وفيما بعد ينالوا المطلوب
لأنه قد قيل أن إلهنا نار آكلة.

 

 إن
وقع بينك وبين أخ حزن. وجحد ما قاله فيك فلا تلاججه. وإلا فمصيره أن يتوقح. الأنبا
أور

 

 قال
أنبا بيمن عن أنبا يوحنا القصير. أنه طلب إلى الله فرفع عنه الآلام وصار بلا هم.
فلما توجه إلى الشيخ قال له: ها أنا كما تراني
يا أبي مستريحاً وليست لي أشياء تقاتلني بالجملة فقال له الشيخ: ” امضِ اسأل الله أن يرجع إليك القتال لأنه بالقتال
تنجح النفس وتفوذ “.

 فلما جاءه القتال لم يصلِّ كي يرتفع عنه. بل كان يقول: “
اعطني يارب صبراً على الاحتمال.

 

 إذا
قامت عليك تجربة في الموضع الذي تسكن فيه في البرية. لا تترك هذا المكان من أجل
التجربة. لأنك إذا تركت موضع سكناك لا تعلم إلى أين تمض لأنك سوف تجد نفس التجربة
بل أثبت وحينئذ سوف يخف عنك القتال.

 

 إن نحن ذكرنا
السيئات التي تحل بنا من الناس فإننا نقطع قوة ذكر الله من قلوبنا. الأنبا مكاريوس

 

 سأل أخ
شيخاً قائلاً: ماذا أفعل يا أبي فإن الخوف يتبعني إذا لحقتني أفكار؟

 فقال
له الشيخ: إن جندي الملك إذا خرج للحرب قبالة الأعداء فكلما رموه وجرحوه ينهض
مسرعاً لمقاتلتهم دفعات كثيرة. فما لم يترك الحرب ويهرب فإن الملك لن يغضب لأجل
أنهم جرحوه بل يفرح له بالأكثر لكونه قبل الجراح في
سبيل مقاتلة أعداء سيده
هكذا أنت أيضاً كلما قاتلتك الأفكار انتصب
بالأكثر لمقاتلتها.

 

 اذكر
ابن الله. أنه من أجلك عُلق على خشبة. ومن أجلك شُتم. ومن أجلك سقي خلاً. ومن أجلك
سُمر بمسامير ومن أجلك قبل اللعنة.


عليك باحتمال كل شيء يلم بك بطيبة نفس “

 

 لا تقلق إذا شتمك جميع الناس فهم يشبهون الغبار الذي
تحمله الريح فهوذا الناس يموتون وتموت شتيمتهم معهم.

 

 إن
شئت أن تصادق الله فلا تُحزن أحداً من الناس
حتى ولو أكثر الإساءة إليك بل أترك الأمر لله.
أما أنت إذا صادقت الله فسوف يقوم الكل عليك
ويرفعون عقبيهم على رأسك وأخيراً إكليلاً من ياقوت
يضعونه على رأسك.

 

 فخر القديسين
هو طول الروح في كل شيء وبهذا حسبوا قديسين.

 

 إن قاتلك
فكر ضجر من أخيك فعليك باحتماله بطول روح
حتى ينيحك الله فيه.

 

 أهتم
بعمل الخير حسب قوتك من أجل الله لاسيما مع المسيئين إليك ومبغضيك لكي تغلب الشر الذي فيهم من نحوك. الأنبا أثناسيوس

 

 الذي
يحب الكرامة لا يستطيع أن ينجو من علل الهوان. مار إسحق

 

 من
احتمل عدوه عند شتمه إياه فهو قوي وحكيم، أما من لا
يحتمل الشتيمة فلن يحتمل الكرامة
لأن الشتيمة أقل ضرراً من الكرامة.

 

 اسلك
طريق الحق والصواب فإنها وإن كانت ضيقة حزينة ضاغطة لكنها تُخرج إلى السعة والحياة
والنعيم الدائم. أنبا إبراهيم

 سأل
أخ شيخاً ماذا يصنع الإنسان في بلية تأتي عليه؟

 فأجابه:
ينبغي أن يبكي قدام الله ويطلب منه أن يعينه.

 

 قال
الأنبا أنطونيوس إني أبصرتُ مصابيح من نار محيطة بالرهبان وجماعة من الملائكة
بأيديهم سيوف ملتهبة يحرسونهم وسمعت صوت الله القدوس يقول: لا تتركوهم ماداموا هم
مستقيمي الطريقة.

 فلما
أبصرت هذا تنهدت وقلت: ويلك يا أنطونيوس عن كل هذا العون محيط بالرهبان والشياطين
تقوى عليهم!

 فجاءني
صوت الرب قائلاً: إن الشياطين لا تقوى على أحد. لأني من حين تجسدتُ سحقت قوتهم عن
البشر، ولكن كل إنسان يميل إلى الشهوات ويتوانى بخلاصه فشهوته هي التي تسرعه
وتجعله يقع.

 فصحت
وقلت: الطوبى لجنس الناس وبخاصة الرهبان لأن لنا سيداً هكذا رحوماً ومحباً للبشر.

 

 صلي ألا
تأتيك البلايا فإن أتتك فاصبر لها.

 إن أفضل ما
تقتنيه أن تكون متأنياً لكل بلية تأتيك حتى آخر نسمة. أنبا أنطونيوس.

 

 قال
شيخ: في أي شيء تحزن الذي يظلمك وتبغض الذي يحزنك فاعلم أنه ليس هو الذي ظلمك
وأحزنك ولكنه هو الشيطان. فيجب عليك أن تبغض المرض ولا
تبغض المريض
.

 

 إن
الله يحفظنا في حروب الخطية: وكما يقول الرسول: ” ولكن حيث كثرت الخطية
ازدادت النعمة جداً ” (رو 5: 20) هذه هي النعمة الحافظة التي تقف إلى جوار
الإنسان كلما ضغطت عليه الخطايا فتساعده لكي لا يسقط.

 

 جاء
أحد الرهبان إلى دير من أعمال الصعيد. فبعدما قام عندهم أياماً قال لرئيس الدير: لستُ
أريد البقاء ههنا.

 فقال
له: لأي شيء يا ابني؟

 فأجابه
قائلاً: إنه لا يوجد تعب ههنا والآباء كلهم قديسون، وأما أنا فإني خاطئ أريد أن
أمضي إلى موضع حيث أهان وأشتم، لأن بالازدراء والإهانة يخلص الخطاة.

 

 أنت
يا من أمرت البحر والرياح فسكتت. تعالى وأمشي على أمواج قلبي فيهدأ. فيهدأ ويطمئن
كل ما بي. ويتاح لي أن أغمرق يا خيري الأوحد وأن أتأملك يا نور عيني. فلا تحجبك عني ظلمة خواطري القلقة ولتحتمي نفسي يارب
في ظل جناحيك من وهج تجارب هذا الدهر.

 أوغسطينوس

 

 من ذا الذي يحتمل الإحساس بهجران الله. احترس لنفسك
من الاعتداد بالذات لئلا تدخل نار الهجران التي انعصر واحترق بها أعاظم القديسين
وانهاروا أمام عنفها، واشكر الرب على وصاله والتصق به ولا تتركه حتى لا يتركك.

 

 من لا يقبل أن يحمل الصليب فكيف له أن
يُصلب عليه؟

 

 أننا
نُظهر صدق نيتنا في الموت مع المسيح بأن نحمل نيره.

 

 أنها
إرادتك يارب. ولأنها إرادتك فهي صالحة على الدوام. إنني أحب إرادتك وإنني لا أعير
بالاً. إن كنتَ تأتي لي بالمعاناة أم بالأفراح ولو أن هذا بطبيعتي يمس مشاعري.
إنني أحب إرادتك لأنها جزء من ذاتك وأنا اعرف أن مقاصدك من نحوي للخير حتى ولو لم
أفهم يا سيدي قيادتك لي. إنني اعرف يقيناً أن إرادتك هي الخير والصلاح لي.

 لابد أن تذوب إرادتنا في إرادة إلهنا لئلا يقام حاجز
بيننا وبين الله ذلك لأننا حينذاك نقاوم الله.

 إن المَثال يقوم في
نحت وجه جميل من قطعة من الحجر. إنه يعمل بإزميله ويدق الحجر دقات متتالية. حتى
يُخرج التمثال إلى الوجود. فإن كنا نحتمل تهذيب الرب ونسمح له بأن يستمر في عمله.
فإن صورته سوف تصبح واضحة فينا. إذ نتشكل يوماً بعد يوم لنصبح على شبهها.

 

 إن
سمح الله للشيطان أن يجربنا فذلك بسبب عدالته الكاملة إلا أنه يقف ليرقبنا أثناء
التجربة ويسندنا بالنعمة لئلا يصيبنا خطر فوق طاقتنا.

 

 أعظم
علامة تدل بحق على أننا قد غلبنا الشيطان هي أن نراه يحاربنا محاربة شديدة. لأنه
لا يحاربنا إلا إذا تمردنا عليه وألقينا عنا نيره.

 

 إن
التجارب تأتي للمؤمنين ليس لسبب نقصهم بل لتفوقهم فإنه بغير التجارب لا تستطيع
النفس أن تصعد إلى موضع الحياة.

 ليس
الجميع يستفيدون من التجارب:

 لأنه
توجد مادة إذا وضعناها في النار تلين حالاً وتذوب مثل الشمع، وتوجد مادة أخرى إذا
وضعناها في النار تتصلب كالفخار. هكذا حال الأتقياء الصالحون فإنهم إذا دخلوا نار
التجارب والضيقات لانوا سريعاً لأنهم يتنقون بمعرفة ذواتهم. أما الأردياء
والطالحون فإنهم يزدادون صلابة وقساوة بنار التجارب.

 

 كما
أن البحر وقت هيجانه يلقي خارجاً ما قد يوجد بنجاسات وأقذار. هكذا النفس عند هيجان
التجارب والضيقات عليها تتطهر من نقائصها التي فيها.

 

 كأس الألم لا تتقبلها من يد إنسان بل من يد الرب، قال يسوع لبيلاطس: ” لم يكن لكَ عليِّ سلطان إن لم يعطَ من فوق “.

 

 إن أمر الله
نافذ في أي تجربة. ومهما حاول الإنسان أن يتخلص من تجربة معينة الله سمح بها لا
يقدر أن يتخلص طالما سمح الله بهذه التجربة بل أن مضايقته ستضاعف من آلامه وللأسف
الشديد إن أمر الله نافذ. ويكون هذا الإنسان قد خسر الاستفادة من هذه التجربة ومن
عزاء الله له.

 

” من يتذمر على التجارب تتضاعف عليه “.

 

” أمر الله نافذ وفي الوقت المناسب سيذيل المتاعب “.

 مهما
حصل لنا من تجارب وضيقات لابد أن نقول: ” نحن
بعدل قد جوزينا “.
نحن نستاهل. وإذا قلت لا ذنب لي لأجازى. أقول
المسيح لم يكن له خطية وتحمل عنا.

 

 كان المسيح
خلال الاتهامات التي توجه إليه هادئاً وردوده ليس بها أي انفعال. فإذا حاول أحد أن
يستفزنا نكون هادئين.

 

 ما
إن سمع إبليس قول الرب له: هوذا كل ما لأيوب في يدك ولكن إليه لا تمد يدك. حتى
انطلق بسرعة البرق وهجم على أيوب كمثل انقضاض الوحش على فريسته. فأكال له ما
استطاع من البلايا والتجارب دفعة واحدة. لعله يفقد
القوة والإيمان
فيصبح غير قادر على شيء. ومع ذلك نرى الشيطان أبو
الكذاب ينسب كل ذلك إلى الله الصالح بقوله لأيوب: ” نار الله سقطت “
كأنه أراد أن يوعز إلى أيوب أن الله قد تحول له عدواً
وحاربه.
لأن إبليس أراد له من جراء هذا أن يجدف على الله. إذ مات
أبناءه في الوقت الذي كان هو يعبد الله ويصلي لأجلهم ومع ذلك حلت بهم الكارثة. نعم
لقد تملكه الحزن الشديد وانكسار القلب ولكن ليس اليأس القاتل الذي يفقده التعذيات
الروحية التي قال عنها بولس: ” كحزانى ونحن دائماً فرحون ” هكذا يعمل الإيمان.

 

 لقد علمنا
الرب ألا نكون سلبيين أمام التجارب ننتظر
حتى يأخذ منا الآخذ شيئاً بل أن نسبق فنقدم كل شيء عن
طيب خاطر
” من أراد أن يخاصمك ويأخذ
ثوبك فاترك له الرداء أيضاً “
(مت 5: 40)

 

 إبليس لا
يهدأ أبداً عن اضطهاد القديسين فهو ” يشتكي
عليهم نهاراً وليلاً أمام إلهنا “
(رؤ 12: 10)

 

 خطة
إبليس دائماً يرسل تجاربه على أيدي أقرب الناس إلينا لكي لا نحتاط من جهة ولكي
تألمنا أكثر من جهة أخرى.

 ما
أقسى كلمات زوجة أيوب على نفسه المجربة؟! ” ألا
تزال متمسك بتقواك؟! “
لأن الله المتمسك به لم يكافئه بشيء من أجل
عبادته له أو حتى أظهر له رضاه عنه. ولم يبدِ أي مسرة في أن يشفيك. فكيف تجعل هذا
الإله جديراً بأن تستمر في محبته. تأملوا! كيف جعل إبليس الشرير من امرأة أيوب
المعينة له مؤذية له، وكأن إبليس لما فشل في أن يحصل على الإذن بقتله حرض زوجته
لكي تدفعه بأن يقضي على حياته بنفسه. وهذا أعنف وأشر تجارب إبليس. أن يحرض إنسان
على التجديف والانتحار.

 

 من
يحب الامتيازات التي يتمتع بها يجب أن
يستعد للحرمان منها أيضاً.

 

 ” خذوا لكم مثالاً لاحتمال المشقات ”

 كأن الرسول يعقوب
يوبخنا لأنه قد اقترب مجيء الرب علينا ونحن لم نتعب. ولم نعتد بذاك الذي احتمل
الصليب. فلا أقل من أن نقتني برجال العهد القديم. ومع أن الأنبياء عاشوا خلال
الرموز والظلال إلا أنه مع ذلك لم يفلت أحد منهم من الآلام والمشقات التي حلت بهم.
أفلا يليق بنا نحن أن نحتمل في العهد الجديد؟! ذهبي الفم

 إن الله
القدوس يسلم قديسيه ليصلب إنسانهم العتيق. فترك بطرس يسقط ليكتشف حقيقة ضعفه
وليبحث عن الذات التي كان يتمنطق بها. حتى إذا اكتشف ضعفه سهل عليه أن يموت عن
كبرياءه ويقدم توبة بدموع كثيرة وبعدها رفعه الله وتمجد فيه وأقامه من عثرته
إنساناً جديداً ” يمد يده وآخر يمنطقه “.

 

 إن
لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير.
فلا تخشى الآلام والتضحيات والسير في وادي ظلال الموت لأننا لا نخاف شيئاً. فإنما
رحمة وخير يتبعاني كل أيام حياتنا.

 

 لم
يطلب الله من أيوب نظير رضاه عليه وبركته له سوى أن يصفح عن أصدقاءه ويصلي لأجلهم
مقدماً ذبائح حتى يصفح الله عنهم. وبهذا سُرّ الله جداً من أيوب بفعله هذا وامتدحه
بأنه “عبدي أيوب” ورفع وجهه
قبالة أصحابه وكرمه.

 أنها
صورة لخادم الله بعد التفحيص وبعد اقتناء انسحاق الروح. صار أهلاً لأن يرحم
الآخرين ويشفع فيهم. مع أنهم أتعبوه سابقاً فقدم من أجلهم الذبائح. وهكذا يبتدئ
السفر ” بأيوب الذي قدم الذبائح عن أولاده ” وينتهي بتقديم الذبائح عن
أصدقاءه.

 أنها
علامة رضى الله عن أيوب أنه رجع إليه أصدقاءه بعدما فقدهم وأرجعهم إليه أكثر حكمة
وأفضل صداقة بنيت على أمر إلهي.

 لقد
اتضع أصحابه الثلاثة الآن وانكسر كبرايائهم الروحي. فبدلاً من جلوسهم كقضاة يدينون
أيوب ويصدرون الأحكام عليه. أخذوا مكان التائبين الذين يتطلعون إلى الله بندامة
ويطلبون من أيوب أن يستعطف الله لأجلهم! وبعدما كانوا قد انصرفوا عنه، رجعوا إليه
ليصلي لأجلهم. وقد ردَ لهم الخير بدل الشر مصلياً لأجل الذين أساءوا إليه.

 

 لقد
اخترت لي هذا الرجل إناء يحمل اسمي إلى الأمم والملوك وبني إسرائيل. وسأريه كم
ينبغي أن يتألم من أجل اسمي! أي سأعطيه بركات كثيرة لكن من خلال الآلام. لأن الله
لما يعطي نعمة يعطي معها كل الضمانات ” الآلام التي تحافظ على هذه النعمة
“.

 

 نار
أتون الثلاث فتية لم تحرق الفتية ولم تلتصق رائحتها بثيابهم لم تحرق شعرة من
رؤوسهم إنما حررتهم. فكت الأغلال من على أيديهم والقيود التي حول أرجلهم. عملية
تحرير. هذا هو الألم الذي يسمح به الله وأنه يحررنا من قيود الخطية والعادات
الرديئة التي نكون مستعبدين لها.

 

 إن
كان الله قد أعطاكم سلطاناً عليَّ فمن أنا حتى أقف ضد الله؟ وإن كان الله لم يعطكم
سلطاناً عليَّ فلم يستطيع أحد منكم أن يؤذيني. الأنبا أنطونيوس

 

 جيد
أن تُظلم وأنت غير مخطئ. ورائع ومبارك حقاً حينما تظلم وتكون قد أديت كل واجبك.

 

 مارس
المحبة من نفس مُرَّة ومجروحة لكي تشترك في مجد الصليب. لا تنسى أن أجرك محفوظ في
السماويات.

 مسيحية
بلا صليب كعروس بلا عريس، يعني إذا شلنا الصليب من المسيحية بالضبط ذي حفلة عرس
كده الناس المدعوين جم وكل حاجة والعروسة وجهزوا كل شيء بس العريس لم يأتي تساوي
أد إيه حفلة العرس دي؟ حفلة مخزية علشان كده الصليب في المسيحية هو كل حاجة.

 

 الارتداد يساوي هروب من الصليب.

 الارتداد
أن يبقى فيه صلبان في حياة الواحد العملية العادية، أي في عملك في كليتك في البيت
فأنت بتحاول تحل الصلبان دي وتخلص منها أو تتذمر عليها. هنا يكون الارتداد. لكن
المسيح قال لم أرد وجهي عن البصاق فمحصلش ارتداد بالنسبة للمسيح.

 المسيح
قابل العنف بتاع الناس دول وما ارتدش للوراء.

 

 الهروب من الصليب هروب من المجد.

 الهروب
من الصليب هروب من المجد لأن المسيح قبلها قال: قد أتت الساعة لكي يتمجد ابن
الإنسان.. ما هي الساعة؟ قال سوف أدخل داخل الصليب مجرد ساعات محدودة وأدخل داخل
القبر وأطلع للمجد. أهو الصليب كان جواه المجد.

 

 (طو
12: 11) ” وإذ كنت مقبولاً أمام الله كان لابد أن تمتحن بتجربة “.

 

 يبدأ
الله منذ لحظة المعمودية بمحاصرة الذات لكبتها ثم إبطال سلطانها ثم تجريدها
وإماتتها.

 وهذه
العملية من أشق ما يمكن. لذلك يستخدم الله كافة الوسائل الممكنة المباشرة ضد الذات
أو غير المباشرة التي تؤثر على الذات من بعيد. مع ضغط الله المتزايد الذي لا يكف
ولا يهدأ. تتغير وسائله ولكن لا يتوقف عمله.
والهدف واحد وحيد وهو تحطيم كبرياء الذات وسلطانها.

 والذي ألزم الله بهذا
كله هو حبه الفائق للإنسان من أجل خلاص نفسه وتوريثه الحياة الأبدية وضمه إليه في
مجده. الإنسان في البداية بسبب جهله يرتبك ويكتئب وتتوه أفكاره فيحسب أن الله نسيه
أو تخلى عنه وقد يلعن الظروف والناس والأهل والأصدقاء والرؤساء معتقداً أنها مجرد
حظ سيئ أو ظلم أو اضطهاد أو قسوة. وفي هذا يقف الإنسان أمام الله مرة معاتباً
ومخاصماً ومرة شاكياً باكياً ومرة مصلياً صائماً متوسلاً. لعل الأمور تنجلي ويكف
الله عن ظلمه واضطهاده؟ وهكذا يتصاعد الأمر ويزداد مشقة بسبب عدم وعي الإنسان بخطة
الحكيمة المملوءة حباً ورحمة وحناناً لإبطال الجسد العتيق وسحق النفس المتكبرة
العنيدة.

 إذا
رفض الإنسان هذه الوسائل فهو لا يمنع الله من تكميلها بل كما يقول مار إسحق: ” إن الذي يتذمر على التجارب تتضاعف عليه “.

 أما
لماذا تتضاعف عليه؟ فلأن تذمر الإنسان يعني تصلب النفس ورفضها الانكسار تحت تأديب
الله مما يضطر الله إلى تأديب أقصى وأشق! أما هذه القسوة والمشقة الجديدة التي
يضيفها الله إلى وسائله بسبب تذمر النفس وعنادها فمرجعه أيضاً إلى محبة الله
المتضاعفة إزاء خلاص الإنسان.

 

 ” فزيادة التذمر
لا تعمل شيئاً إلا أنها تزيد من رحمة الله. فتزداد الضربات لضمان خلاص النفس
“.

 هناك
وسائل مضادة يقوم بها الإنسان بسبب جهله وعماه لوقف وإبطال وسائل الله لإهلاك
الذات. منها: التهرب من قبول التأديب. والفرار من الضيقات بالكذب أو الرشوة أو
الانتقال من الوظيفة أو المكان أو البيت أو الطلاق أو المحكمة أو الاستسلام للباطل
أو تغيير العقيدة أو تصنع الغضب أو باستخدام القسوة. كل هذا لكي يتهرب الإنسان من
مواجهة التأديب الذي يرسله الله. وهذا يغضب الله جداً ويجعله يزداد قسوة على هذه
الذات المراوغة. وهذا كله يطيل من الزمن اللازم للإنهاء على سلطان الذات.

 

 كما
أن حِمل الصليب هو شرط للحياة مع الله. كذلك أيضاً هو اختبار للجدية والثبات في
طريقه. لهذا وضعت الكنيسة الشهداء في أعلى مراتب القديسين لأنهم كانوا أكثر الذين
تحملوا الصليب لأجل ثباتهم في الإيمان.

 

 سمعان سمعان
هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة. لكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك
(لو 22: 31).

 لاحظ
هنا قول المسيح: ” الشيطان طلبكم “
فهو له أن يجرب ولا يمنعه الله. المسيح هنا لم يعد بطرس أن ينجيه من التجربة. بل
يستطيع فقط أن يطلب لكي لا يفنى إيمانه بعد أن يسقط في التجربة. ولقد سقط فعلاً في
التجربة بعد ساعات قليلة من تحذير الرب فحصد ثمن نومه وعدم طاعة الوصية ” عدم الصلاة والسهر “. معنى هذا أن
المسيح لا يتدخل في منع التجربة لأنها تأتي بقياس دقيق بسماح من الله. ولكن الذي
عمله المسيح هو أنه أعطانا أن نصلي باسمه فلا ندخل التجربة.

 

 لا
تحزنوا إذا أصبتكم أي خسارة. لأن الحزن هو كأس الشيطان الذي يبث فيه قطع الرجاء.
فليذهب كل شيء ويبقى الإيمان.

 

 ما
أروع الجندي الذي يسقط في الميدان وجروحه تنزف ويده قابضة على السلاح! إن جروحه
تحكي قصة نضاله الشجاع. ويده المستميتة على السلاح تشهد بأمانته وشرف جنديته!

 الجندي
لا يموت في الميدان إلا مرة واحدة. أما إذا تجنبنا المسيح ” فمن أجلك نمات كل
النهار “!! ” في الميتات مراراً كثيرة ” (2 كو 11: 23)

 

 الخدمة
سخرة. ولكنها سخرة محبة. لأن أنا الذي أقبلت عليها مسروراً كرامة للذي دعاني.
وقبلتها مقهوراً. مقهوراً من حبه ومن حبي. لأنه هو سبقني وقبل هذه السخرة نفسها
عني. ولكن بعد أن سخرت نفسي لخدمة محبته ما عاد لي سلطان أن أستعفي ولا أطلب أجرة!

 

 تستخدم
النعمة نار الممحِص والتجارب والأحزان التي تكون بمثابة النار التي نشعلها تحت
البخور فتفيح رائحة الخادم وفضائله.

 والعجيب أنه
في اللحظة التي يقرر فيها الإنسان أنه لم يعد يصلح لشيء ولا لمذبلة. معتقداً أن
التجارب التي أحاطت به هي بسبب خطاياه. ويظن أنها حتماً تخلية من الله. تكون
النعمة قد أكملت خطتها والتحمت النار بالبخور وأفاحت رائحة المسيح التي فيه!

 

 الذي
يحمل لصليب ونير الخدمة لم يعد له ما لباقي الناس من حقوق الراحة الجسدية
والاستمتاع بالخيرات الزمنية والمسرات الطبيعية. البقرة التي تحمل النير وتخصص
للحرث باستمرار ولإدارة السواقي. لا تعود تجلب لبناً مثل باقي البقرات المستريحة
طول النهار في الحظيرة تأكل وتنام. بل يقل لبنها جداً وتنحني رقبتها وتهزل وتتحول
كل عضلاتها إلى عضلات عاملة تناسب خدمتها. وبمضي المدة لا تعود تقبل ذكراً ولا
تحبل ولا تلد!. هكذا في بداية حمل النير يتململ الإنسان جداً بسبب حرمانه من كثير
من الحقوق الطبيعية ثم بعد مسيرة مناسبة تبتدئ تعزف نفسه عن هذه المسرات وأخيراً
يسموا الخادم فوقها ولا يعود يحس قط بالحرمان. بل بالعكس فإنه يحس بالبركة
والعناية الإلهية وتعزيات الروح التي تفوق كل مسرات الدنيا. وثقل نير الخدمة
الإلهي كفيل بالصبر مع الأمانة أن يخلق تحولات جوهرية في طبيعة الإنسان ومزاجه.

 

عثرة قلة الصبر:

 هذه
العثرة قد واجهها بولس الرسول مرات عديدة إنما بشجاعة وعناد وصلابة لا تقهر
“فإننا لا نريد أيها الإخوة أن تجهلوا ضيقتنا التي أصابتنا.. فإننا تثقلنا
جداً فوق الطاقة حتى يئسنا من الحياة أيضاً
لكن كان لنا في أنفسنا حكم الموت…. لم يكن لجسدنا شيء من الراحة بل كنا مكتئبين في كل شيء. من خارج خصومات ومن داخل مخاوف
لكن الله الذي يعزي المتضعين عزانا “.
(2 كو 1 8) (2 كو 7: 5 و6)

 إذاً الأمر محتاج إلى صبر كثير.

 

 كان
أحد الآباء الشيوخ يسكن لديه أحد الإخوة وكان مبتلي بالتجارب. وذات مرة لما تضايق
منه الشيخ طرده ودفعه خارج القلاية. ولكن هذا الأخ المبتدئ جلس خارجاً في أسفل
القلاية وانتظر الأب الشيخ وحينما يفتح الشيخ باب قلايته يجد هذا الأخ مازال
موجوداً ولم يمض. وبعد فترة تأثر هذا الشيخ من الأخ الذي ظل محتملاً ذلك بطول أناة
وصبر. فقال له الشيخ من الآن أنت أبي لأنك صبرت واحتملت باتضاع حقيقي. ارجع من
الآن وأنت الشيخ والأب وأنا الشاب المبتدئ.

 

 ضريبة
المسيحي الذي ينجو بنفسه نوع، وضريبة الذي يجول كل يوم يبحث عن السائرين في طريق
الموت ويردهم إلى حضن الله نوع آخر. وإذا أردنا أن نقارن ونميز بين خادم أمين
وخادم أمين آخر فلا وسيلة لنا لمعرفة مقياس نقيس به قامات الخدمة إلا بانتباهنا
لنوع الضرائب التي يدفعها الخادم الأمين ” فثقل الضريبة يكشف عن مدى نشاط
الخادم وخطورته في نظر الشيطان ” وهذا المبدأ نجده واضحاً في قول بولس الرسول:
” فهم خدام المسيح أقول كمختل العقل فأنا أفضل في الأتعاب أكثر في الضربات
أوفر في السجون أكثر ” (2 كو 11: 26)

الضرائب
التي يتحتم على الخادم أن يكون مستعداً لدفعها فهي تأتي من عدة مصادر:

 

 المصدر
الأول:
الإثارة
التي يفتعلها الشيطان في نفوس الناس من كل صنف لمقاومة الخدمة. فهو يستخدم الرؤساء
والزملاء والأصدقاء والأعداء على حد سواء فيثير الأحقاد والحسد والبغضة والوشاية
والوقعية. إما سافرة كحرب علنية وإما في صورة نقد وافتراء لتشويه عمل الخادم
والنيل من سمعته أو إيمانه أو طهارته أو تقواه.

 وهنا
يواجه الخادم حرباً مُرة خبيثة ذات أسلحة شيطانية مهلكة يستحيل عليه أن يخوضها
بإمكانياته الشخصية بل أن مجرد الانتباه الفكري لهذه المقاومات كفيل أن يفقِد
الخادم هدوءه وسلامه وبالتالي يوقعه في القلق والحزن والإضراب.

 وهنا ينبهنا
بولس الرسول إلى السلاح الفعال الذي ينبغي للخادم أن يتمرن عليه لمثل هذه الحروب: “
بقوة الله بسلاح البر لليمين ولليسار ” (2 كو 6: 7) فاليمين بالنسبة لسلاح
البر هو المناداة بالكلمة لتبكيت الخطاة وتعزية التائبين. أما اليسار فهو انتخاب
الأقوال اللطيفة اللينة لإسكات ألسنة الأعداء وقطع خط الرجعة على المفتريين
والمنتقدين:


نُشتم فنبارك. نضطهد فنحتمل يفترى علينا فنعظ ” (1 كو 4: 12) وكل ذلك على
أساس أننا قبلنا الإهانة والاضطهاد والافتراء قبولاً كاملاً بسرور كضريبة واجبة
الدفع في الحال “أنتم مكرمون أما نحن فبلا كرامة” (1 كو 4: 20)

 

 المصدر الثاني: الإثارة التي يفتعلها الشيطان في فكر الخادم وفي
نفسه وجسده محاولاً إفساد اتزان رأيه وعمله وسلوكه عن طريق إثارة غرائزه الطبيعية
من شهوة وغضب. وحب وبغضة، وأمل ويأس، وطموح وانحصار. وذلك ليشككه في صلاحياته أو
لياقته للخدمة أو ليشككه في دعوته كلها جملة واحدة. وذلك بأن يضع أمام عينيه
باستمرار عثراته وضعفاته ويثقل على ضميره حتى يبلغ به حافة اليأس.

 وهنا
أيضاً ينبهنا بولس الرسول إلى ضرورة استخدام سلاح البر لليسار ليقطع الخادم بكلمة
الوعد كل وساوس الشيطان وهياجه داخل الجسد الترابي: ” فإننا لسنا نكرز
بأنفسنا…. ولكن لنا هذا الكنز ” الكرازة بالمسيح ” في أوان خزفية
” الجسد ” ليكون فضل القوة لله لا منا. مكتئبين في كل شيء “
مضغوطين من كل جهة من الخارج إلى الداخل ” لكن غير متضايقين ” محصورين
” متحيرين لكن غير يائسين. مطروحين لكن غير هالكين، حاملين ” بسبب
الغرائز والانفعالات الميتة ” في الجسد كل حين إماتة يسوع لكي تظهر حياة يسوع
أيضاً في جسدنا. لأننا نحن الأحياء نسلم ” بواسطة الشيطان ” دائماً
للموت ” كل النهار ” من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا
المائت ” أو الذي مات بسبب الخطية “. (2 كو 4: 5 و7 11)

 

 على
أننا غير مخيرين جميعاً من جهة قبول هذه الضرائب. إذ يتحتم دفعها ونحن صاغرون
أولاً بأول. كما تفرض علينا تماماً سواء دفعة واحدة أو أقساط طويلة الأجل دون أن
نهتز أو نتذمر. يدنا ممسكة بالمحراث في استماتة ووجهنا مصوب نحن السماء. لأن أي
محاولة للإفلات من الضريبة يضعنا في موضع الهاربين من الطريق الضيق المختلسين
للمجد السماوي.

 

 علماً
بأن مظهر الخادم وهو منحني أمام عنف الأشرار وطغيان والسلطان بدفع الضريبة
المستحقة عليه أولاً بأول. بصبر وبدون شكوى أو تذمر. يسجل عليه في نظر العالم
كحالة ” ضعف “! ولكن مرحباً
مرحباً بهذا الضعف الذي من خلاله يتسجل لنا نصيبنا السماوي في المجد.

 وما
أروع هذا الضعف الضريبي الذي دفعه المسيح من قبلنا دون أن تفلت يده من على المحراث
” لأنه صلب من ضعف “ (2 كو 13:
4)

 

الفرح بسر الألم:

 ليس
كل من يتألم يستطيع أن يذوق الفرح المتولد من الآلام. بل يبدو لكثيرين كأنه أمر
غير معقول…. لأن الألم والفرح من وجهة النظر الطبيعية نقيضان…. ولكننا نقول
أنه سر! والسر دائماً يفوق الطبيعة. الخادم هو أولاً وقبل كل شيء خادم لسر آلام
المسيح. لا يستطيع أحد أن يكرز بسر آلام المسيح دون أن
يكون شريكاً في هذا السر
.

 وسر
آلام المسيح يقوم مسبقاً على سر فرحه ” الذي من أجل السرور الموضوع أمامه
احتمل الصليب مستهيناً بالخزي ” (عب 12: 2)

 شركة
الحياة بين صديقين أو بين عروس وعريس معناها تبادل الأحزان والأفراح وكشف أعمال
أسرار القلب. الرب لا يكشف سر آلامه إلا لأحبائه الأخصاء جداً. ولا يكشفه بالكلام
ولا بالمعرفة ولا بالكتابة ولا بالخطابة ولكن بأن يهبهم جزء أو نصيباً مماثلاً
لآلامه يتناسب مع الفرح والمجد الذي ينتظرهم.

 

 لابد
أن نعتبر جو العمل كله بما فيه من زملاء طيبين وأردياء ومسئوليات خطيرة أو حقيرة
وواجبات وأتعاب ومضايقات هو جزء لا يتجزأ من خطة خلاصنا الذي يشرف عليها الرب بكل
دقائقه ويستخدمه كأحد الوسائل الفعالة لتهذيب نفوسنا وقيادتها. حاسباً بكل ثقة أنه
لا يمكن أن يحدث حادث مهما كان صغيراً أو مؤلماً أو مجحفاً له إلا وتكون يد الله
قد صاغته لتوجيه حياته وإنذاره ورفع بصيرته وتوثيق علاقته بالله.

 فليثق
الإنسان المسيحي أن كل شذوذ في طبائع زملاءه هو دعوة من الله لقبول شيء جديد تجاهه.
فالزميل المشاغب الكثير الصخب دعوة للاحتمال والصبر.

 

 أحرج
ساعات الإيمان هي التي يقف فيها الإنسان أمام الرؤساء الظالمين الحاقدين سواء
كانوا من طبقة الفريسيين الذين يصطادون بالكلمة. أو طبقة حنان وقيافا الملفقين
للتهم وشهود الزور. مثل هذه الساعات الحرجة التي يدعى لها الإنسان المسيحي تعتبر
لدى الذين يطلبون ملكوت الله وبره ليست هي ساعات محسوبة ضمن دوسيه خدمة الموظف
لتقاريرها السرية المجحفة الظالمة بل هي لحظات من الأبدية تنفتح على الإنسان لينال
فيها ما لا يمكن أن يناله في 100 سنة جهاد وصلاة وصوم.

 عليك أن لا
تجزع من الرؤساء الظالمين لأن هذا هو الباب الضيق الذي انفتح أمامك. فلا تفر منه
ولا تحاول إغلاقه لأنك تكون كمن يقفل باب الحياة الأبدية أو كمن يلقي سلاح الإيمان
بمجرد إعلان الحرب. واعتبر أن هؤلاء الرؤساء الظالمين رسل موفدون من قبل الله
ليكملوا إيمانك ويفكوا روحك من الأمان الكاذب الذي يربطك بالأرض. هم رسل تنغيص
لنفسك وعوامل لتهدأ حتى تجعل مسرات الدنيا كلها سوداء مقرفة لروحك. لا تحقد عليهم
إذا غفلوا حقك وابتلعوا نصيبك ورفضوا دعواك وافتروا على حقك وداسوا اسمك لأنهم ليس
من أنفسهم عملوا هذا بل الله الذي أعطاهم هذا السلطان من فوق.

 

 قال
شيخ: رجال هذا الجيل سوف لا يعملون وصايا الله ويتركون قواعد السلوك والوصايا
الرهبانية. وفي ذلك الزمان يسود الشر وتبرد محبة الكثيرين وسوف تأتي على أولئك
اختبارات صعبة. وإذا وجد هؤلاء مستحقين بعد هذه الاختبارات سوف يكونوا أفضل من
آبائنا لأنهم سيكونوا مثال للثبات في الفضيلة.

 

 لو
لم يكن يحبكم الله لما سمح بإدخالكم في التجارب
لأن الذي يحبه الرب يؤدبه وكأب بابن يسر به ”

 الذي
له تجربة حقيقية في كل أمر تجده لا يحب ذاته لأنه يكون قد انعتق من العوارض
الجالبة التعبد (للناس) فهو لا يخاف مذمة ولا يخشى وقيعة.

 

 المسيح
تألم كأعظم المجرمين، فكل ما احتمله المسيح أحتمله حباً بكم ليحميكم ويرفع عنكم
سلطان الخطية ويهدم صروح الشيطان ويكسر قوة الموت ويرفع اللعنة ويفتح باب السماء.
فالآن لم يبقَ شيء على الأرض يحزننا لا سخرية ولا عار ولا دعاوي باطلة ولا اضطهدات
ولا موت ولا شر آخر يقع علينا. لأن يسوع قد اختبرها جميعها وشارككم فيها وقهرها
كلها وهو يأمركم أن لا تخافوا شيئاً بعد. ذهبي الفم

 

 لستُ
أقطع الرجاء مهما أشتد عليَّ الخطب والعناء لأنه وإن كان سبحانه لم يسرع في إنقاذ
المتضايقين من مصائبهم فما ذلك إلا بحكمته الغير المدركة. لأنه لما تشتد أزمة
الأمور وتعاظم الشرور وتحيق بالإنسان كل المصائب والأحزان، حتى متى قطع الآمال
وأيقن بعدم تحويل الحال. عندئذ يدركه الإله بتدابيره العجيبة وأعماله المدهشة
مظهراً قوته مستعمراً قدرته. فينقلب الحال وتزول الأهوال فتتحول الشرور إلى سرور،
والأتراح إلى أفراح. ذهبي الفم

 إن
كنت في قلايتك وتذكرت أن إنساناً أساء إليك وأحزنك فقم في الحال وصلي من أجله من
كل قلبك أن يغفر الله له وبذلك تنطفئ منك محبة مكافئة الشر بالشر. الأنبا إشعياء

 

 الإنسان
عندما يكون إيمانه صحيحاً حياً لا يميل ولا يشتهي معونة بشرية في وقت الضيق والخطر.
لأن اعتماده على الإيمان بالله يكفيه جداً. لذلك لا يلوم الناس إن هم تركوه وحده.
ولا يدين الإخوة أو الأصدقاء لأنهم كفوا عن معونته. بل يجد معونة الناس له في هذه
الأوقات معوقة وخطرة على إيمانه بالله. لذلك فهو إذا لم يستطع أن يمنعها فهو لا
يطلبها.

 

 هناك
فرق بين قبول التجربة من الله وبين احتمالها لأنه لا فرار منها. ففي الحالة الأولى
يشعر الإنسان بمعونة الله تقويه في التجربة ويشعر بسلام داخلي وينال بركات وفيرة.
أما في الحالة الثانية فالإنسان يحتمل لأنه ليس أمامه تصرف آخر. وإذا اعتمد على
ذاته وليس الله فيسقط في الضيق والاكتئاب والتذمر وأحياناً اليأس ويسيء للآخرين.

 

 من
العادات النفسية السيئة البكاء على الكرامة المجروحة.

 

 لا
تحزن عليَّ فقد بلغت درجة يتعذر عليَّ فيها التألم. لأن كل ألم أصبح في نظري عجباً.
لا يحق لنا أن نفكر فيما قد يطرأ في المستقبل من ألم. وإلا نكون كمن يتدخل في أمور
الخلقة. أننا نود شيئاً واحداً في هذه الدنيا: أن نداعب يسوع بزهور الإماتات
ونربحه بهذه المداعبة.

 من
حيث أن النفس تكون كالطفل لذلك يدربها الرب بالحرب: بالنور والظلمة، الراحة والشدة،
ساعة صلاة وهدوء وساعة قلق عظيم. وثورة الحرب عليك ليس هذا معناه بسبب ذنب فيك
ولكن عليك أن تبغض أعمال العدو. فإذا رأى الرب عقلك ودفاعك ومحبتك له فحينئذ يبطل
الموت من نفسك في ساعة ويأخذك إلى حضنه ويدخلك نوره وفي لحظة يختطفك من الظلمة
وتنقل إلى ملكوته. الأنبا مكاريوس

 

 انظر
أن أجر الثبات في الحرب هو أفضل من الأعمال الفاضلة. وانظر لا تخلي قلبك من الحزن
قبل أن تحل عليك النعمة وتفكك من رباطات الأوجاع. الشيخ الروحاني

 

 النفس
الحكيمة تظل في وسط المصائب والشدائد قائمة ولا تيأس أبداً بل تثبت فيما تعلقت به
وتتحمل كل ما يحل بها من التجارب التي لا تحصى قائلة على الدوام:

(ولو مت فلا أطلقه)

 

 الله
يحبنا فيعطينا ما نريد ويحبنا أكثر عندما يمنع أحياناً بعض ما نريده. فالأب يحب
ابنه ويقدم له الطعام ويحبه أكثر عندما يمنع عنه الطعام الضار رغم اشتياق الابن له.

 إن إيماننا
بمحبة الله تزداد أكثر عندما تُسد أمامنا الأبواب لأن هذا دليل موجود خطر يبعده
الله عنا. أ. بيشوي كامل

 

 لا
تفكر في أن تطلب فضيلة بغير ألم. فإن مثل هذه الفضيلة تكون غير مأمونة متى جاءت
بسهولة

 تدعى
الضيقة غير المتوقعة ” تجربة “
لأنها تُخضع الإنسان لامتحان يكشف عن أحواله السرية.

 

 لماذا
يحدث في بعض الأحيان أن يسمع شخص شتائم ولا يهتم بها بل يحتملها بدون اضطراب كما
لو أنه لم يسمع بينما في أوقات أخرى يضطرب في الحال عند سماعها؟

 ج.
لا يضطرب الناس بعد الصلاة أو بعد القيام ببعض التداريب الصالحة. إذ يكون الإنسان
في حالة داخلية حسنة. فيتساهل مع أخيه ولا يضطرب بسبب أعماله.

 قد
يحدث أيضاً أن يشعر الإنسان بمحبة نحو أخيه. فيحتمل كل ما يأتي منه بدون ضيق.
ويضطرب الناس من الأسباب العكسية. إما لأنه ليسوا في حالة داخلية صالحة أو لأنهم
يكرهون الذي يسيء إليهم. ولكن السبب الرئيسي لاضطرابنا هو أننا لا نلوم أنفسنا.
القديس دوروثيؤس

 

 على
قدر شدة الألم تشتد التعزية إلى أن يبلغ الإنسان الفرح وهو في صميم الألم. والفرح
في الألم هو برهان الروح والقوة. هو انفجار نور النهار في ظلمة الدنيا وهو مبددها.
حيث يبقى الألم في الفرح كما يبقى الليل في النهار. لأن الليل موجود دائماً في
النهار ولكنه متبدد القوة. مستعد دائماً أن يستعيد سلطانه وقوته إن انحصر عنه
النهار.

 

 يقول
أوريجانوس: عندما تحل التجربة إن كان ليس في استطاعتنا تجنبها يلزمنا أن نحتملها
بشجاعة عظيمة. أما إذا كان في استطاعتنا تجنبها ولم نفعل ذلك نحسب متهورين.

 

ملخص كتاب

موقف الله من أمور عثرة الفهم

 

 +
لماذا سمح الله بأن يحدث لي هذا؟

 هذا
السؤال اجتهد مؤمنون كثيرون وخطاة أيضاً أم يجيبوا عليه. ولكن ليس من عادة الله أن
يسرع بأن يفسر الأمور التي يفعلها. وإذا كنت تعتقد أن الله ملزم بأن يفسر أفعاله
لنا فمن الأفضل أن تتأمل الأجزاء الكتابية التالية:

 مجد
الله لإخفاء الأمر (أم 25: 2)

 كما
أنك لست تعلم ما هي طريق الريح كذلك لا تعلم أعمال الله الذي يصنع للجميع (جا 11: 5)

 أحكام
الله بعيدة عن الفحص وطرقه غير قابلة للاستقصاء (رو 11: 33)

 لأنه
من عرف فكر الرب فيعلمه (1 كو 2: 16)

 فإننا
ننظر الآن في مرآة في لغز. لكن حينئذ وجهاً لوجه. الآن اعرف بعض المعرفة. ولكن
حينئذ اعرف كما عرفت (1 كو 13: 12)

 

 أنه
من الخطأ أن نظن أننا سنكون دائماً فاهمين ما الذي يصنعه الله. أو ما هي العلاقة
المباشرة بين آلامنا وبين خطته. فإننا عاجلاً أم آجلاً لابد أن نصل في يوم من
الأيام إلى نقطة فيها يبدو لنا كما لو كان الله قد فقد السيطرة أو الاهتمام بأمور
البشر. وهذه فكرة خادعة. ولكنها ذات تأثير خطير على سلامة الإنسان الروحية
والعقلية. وبالحقيقة فإن الألم ليس في حد ذاته هو مصدر
الخطر. بل الحيرة والتشويش هما اللذان يحطمان الإيمان.

 فالنفس
البشرية قادرة على تحمل أعظم الشدائد حتى مواجهة ألم الموت ولكن بشرط أن تكون
ملابسات القضية مفهومة. فإن الكثيرين من الشهداء والأسرى السياسيين وأبطال الحروب
واجهوا الموت بكل شجاعة وثقة وذلك لأنهم كانوا يفهمون قيمة التضحية التي يقومون
بها وكانوا مقتنعين بها.

 لكن
على العكس من ذلك. فإن المؤمنين الذين يقعون في الحيرة والتشكك من جهة الله لا
يتمتعون بمثل هذا العزاء. فإن [فقدان المعنى] هو الذي يجعل حالتهم غير محتملة.

 وفي
الواقع فإن اكتئابهم يفوق أحياناً الحزن الذي يشعر به غير المؤمنين الذين لم
يتوقعوا شيئاً ولم ينالوا شيئاً. وفي حالة الارتباك هذه من الشائع أن نسمع من
أشخاص مؤمنين كلمات تدل على التوتر العنيف والغضب أو حتى التجديف. لأن المؤمن متوقع
ومتعشم في الله فكلمة السر هنا هي كلمة (التوقع) فإن التوقع هو الذي يهيئ الطريق
إلى التشكك. فليس هناك مأساة في الاختبار البشري أعظم من أن يبني الإنسان حياته
بأكملها على مفهوم لاهوتي معين. ثم يرى هذا المفهوم وهو ينهار في لحظة ألم أو ضيق
مفاجئ. فالشخص يواجه في هذه الحالة أزمة تزعزع الأساسات. إذ أن الله الذي تحبه
وتعبده وتخدمه أصبح فجأة إلهاً صامتاً وبعيداً وغير مبال في أكثر الأوقات حرجاً.

 فأيوب
تعرض لسلسلة من الخسائر المروعة والمتتالية خلال بضعة ساعات لكن جميع هذه المآسي
مع بشاعتها لم تسبب له القدر الأعظم من التوتر إذ قال: ” عرياناً خرجت من بطن
أمي وعرياناً أعود إلى هناك. الرب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركاً “
(أي 1: 20 و21) لكن السبب الرئيسي الذي جعل أيوب يُصاب بأشد الإحباط هو (عجزه عن
أن يجد الله) هذه هي النقطة الرئيسية في القصة. وقد عبر أيوب عن شدة كربه بهذه
الكلمات ” من يعطيني أن أجده فآتي إلى كرسيه! أحسن الدعوى أمامه وأملأ فمي
حججاً. فاعرف الأقوال التي بها يجيبني وأفهم ما يقوله لي. ها آنذا اذهب شرقاً فليس
هو هناك. وغرباً فلا أشعر به. شمالاً حيث عمله فلا أنظره. يتعطف الجنوب فلا أراه
“. (أي 23: 2 9)

 ولابد أن
الملك داود كان يشعر بنفس مشاعر أيوب حين سأل الرب بشغف عظيم قائلاً: ” إلى
متى يارب تنساني كل النسيان؟ إلى متى تحجب وجهك عني؟ ” (مز 13: 1)

 ” هل
إلى الدهور يرفض الرب ولا يعود للرضى بعد؟ هل انتهت إلى الأبد رحمته؟ ” (مز
77: 7 و8)

 ويسوع نفسه
سأل عن السبب الذي من أجله تركه الله في ساعاته الختامية فوق الصليب.

 فمن الواضح
أن الرب يسمح لمعظم المؤمنين أن يجتازوا في أودية مظلمة روحياً ومعنوياً بهدف
اختبار إيمانهم في بوتقة النار. لماذا؟ لأن الإيمان يأتي على رأس قائمة الأولويات
في نظر الله. وقد قال أنه ” بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه ” (عب 11: 6)

 وما
هو الإيمان؟ أنه الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا تُرى (عب 11: 1).

 فإن هذا
الإصرار على الإيمان مع غياب الأدلة. ومع بقاء الأسئلة بدون إجابة. هذا الإيمان هو
محور علاقتنا مع الله. ولن يفعل الله شيئاً أبداً لكي يلغي حاجتنا إلى الإيمان. بل
أنه في الواقع سيقودنا بصفة خاصة في الامتحان لكي يزرع فينا هذا الإيمان ويعلمنا
الاعتماد عليه.

 إن
المؤمنين الذين يفقدون الله في فترات الارتباك الروحي يشبهون الغصن الذي يُقطع من
أصل الشجرة ستجد بعد يومين أن أوراقه بدأ لونها يتغير من أخضر إلى بني ثم يبدأ
الورق يتساقط ثم يجف العرق ويسقط. فالمؤمنون الذين يحرمون أنفسهم من الرعاية
والقوة قد يبدون في البداية أنهم متماسكون ولكن جرحهم في الواقع هو جرح قاتل
وسرعان ما سيذبلون في حرارة الشمس فإنهم ينقطعون عن الكنيسة ويفارقون الكتاب
المقدس والصلاة. فإنه في الحقيقة ليس هناك بين البشر أتعس من الشخص الذي يشعر
فبالاغتراب عن الله بسبب أنه لم يعد يفهمه أو يثق فيه.

 “
أنا الكرمة وأنتم الأغصان. الذي يثبت فيِّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير….
إن كان أحد لا يثبت فيِّ يُطرح خارجاً كالغصن فيجف فيجمعونه ويطرحونه في
النار فيحترق ” (يو 15: 5 و6)

 

 الخطر
الأكبر الذي يواجه الأشخاص الذين يختبرون الألم هو أن الشيطان يستخدم ألمهم لكي
يجعلهم يشعرون بأن الله متربص بهم. ويا له من فخ مميت! فعندما يبدأ الشخص يشعر أن
الله القدير يبغضه ولا يهتم به. فإن الدمار الكامل أصبح على الأبواب.

 ثق
أن الله الذي عَلق الكون كله في الفضاء هو يستطيع أن يتعامل بسهولة مع الأثقال
التي تعيي كاهلك.

 كثيراً
نظن أننا نعرف ما الذي نحتاج إليه في لحظات الأزمة ولكن الله غالباً ما يكون له
رأي آخر.

 وقد
يستحسن الرب ألا يمنحنا طلبة معينة قد نظن أنها في منتهى الأهمية وفي لحظات معدودة
ينهار العالم من حولنا ويبدأ الذعر يطاردنا ويبدأ القلب يخفق معبراً عن القلق
الداخلي: أين الله؟ لماذا تحولت السماء إلى القتام والصمت؟ ما الذي فعلته لكي
استحق هذا الترك؟ ألم أخدمه بقلب كامل؟ ما الذي ينبغي أن أفعله لكي أستعيد رضاه؟

 ثم
مع تراكم الخوف والإحباط تنسحب الروح الإنسانية وتنكمش في تشكك وارتباك. أنه لم
يوجد في الحياة حالة مؤلمة أكثر من حالة الإيمان المحطم فإن هذه الحالة في الواقع
تنشأ من جوف الجحيم. وأن جميع المؤمنين بدون استثناء يجتازون في وقت من الأوقات في
مرحلة فيها يبدو الله وكأنه يخذلهم. وقد يحدث هذا الاختبار بعد إيمانهم بفترة
قصيرة وربما بعد أن يخدم الله بأمانة بسنوات عديدة تبدأ الحياة فجأة تتبعثر وتفقد
جميع الأشياء معناها وتبدوا الأمور غير عادلة بالمرة ويكون رد الفعل الطبيعي هو
هذا ” يارب هل هذه هي الطريقة التي تعامل بها خاصتك؟ لقد كنت أظن أنك ستعتني
بي. ولكن يبدوا أنني كنت مخطئاً. لن أستطيع فيما بعد أن أحب إلهاً كهذا “. يا
له من سوء فهم عظيم.

 والكتاب
المقدس في سفر الخروج حيث يأمر الله موسى بأن يطلب من فرعون أن يطلق بني إسرائيل.
ففعل موسى كما أمره الرب. فما كان من فرعون إلا أن استشاط غضباً وزاد في تعذيبه
للشعب فأصبح يضربهم ويستخدم العنف معهم ليرغمهم على المزيد من العمل. وقد أرسل
الشعب التماساً للحاكم لكي يرحمهم قليلاً لكن فرعون اتهمهم بالكسل وأمرهم بالعودة
إلى أعمالهم وإلا…. فغادر الرجال القصر في ضيق وكرب شديدين وذهبوا مباشرة إلى
موسى وهارون وقالوا لهما:

 “
ينظر الرب إليكما ويقضي! لأنكما أنتنتما رائحتنا في عين فرعون وفي عيون عبيده حتى
تعطيا سيفاً في أيديهم ليقتلونا “.

 وقد
كان من الطبيعي أن يشعر موسى بأن الله قد وضعهُ في مأزق ثم تخلى عنه. وقال: “
يا سيد لماذا أسأت إلى هذا الشعب؟ لماذا أرسلتني؟ فإنه منذ دخلت إلى فرعون لأتكلم
باسمك. أساء إلى هذا الشعب. وأنت لم تخلص شعبك. ” (خر 5: 22)

 ويمكننا
اليوم أن نرى كيف أن موسى أساء فهم الأشياء التي كان الله يعملها ولكن من منا
يستطيع أن يلومه فقد كان يبدوا أنه قد وقع ضحية لخدعة قاسية لكن تمسك موسى بإيمانه
حتى بدأ يفهم الخطة…. إن معظمنا لا يستطيعون أن يتصرفوا بنفس الحكمة. فإننا
نحاول أن نخرج من المأزق بأي ثمن قبل أن تتضح الصورة الكاملة ولكننا للأسف نظل بعد
ذلك لفترة طويلة نعاني من الألم والإحباط ويعاق الإيمان بسبب هذا الاختبار المرير
ولا نستطيع نسيانه بسهولة. وأن الشيطان كما نعلم ” أسد زائر يجول ملتمساً من
يبتلعه هو ” (1 بط 5: 8) إن هدفه المحدد هو أن يفشلنا وأن يشوه الحق. فهو
دائماً يظهر في أعظم لحظات الإحباط لكي يهمس بأفكاره الخبيثة ويزيد من عذاب المؤمن
المجروح. لذلك يجب علينا أن نعترف بأن رجال الله يواجههم المحن ونستعد للتعامل مع
هذا النوع من الاختبارات ولا نعتمد على قدرتنا الشخصية في فهم ظروف الحياة التي
بلا تفسير ” على فهمك لا تعتمد ” (أم 3: 5)

 ولا
نضغط على الله لكي يوضح لنا وجهة نظره. حتى لا ينهار كل شيء. إن التجارب والآلام
هي من مكونات الحياة البشرية. فجميع كتبة الوحي المقدس وجميع عمالقة الإيمان
اجتازوا في آلام مشابهة. انظر مثلاً إلى يوسف الصديق فلقد ظلت حياته كلها ممزقة
إلى أن جاء يوم لقاءه المجيد بأسرته بعد سنوات عديدة. لقد كان مكروهاً من إخوته
الذين فكروا في قتله قبل أن يبيعوه كعبد. وأثناء وجوده في مصر اتهموه باطلاً بأنه
قد حاول اغتصاب امرأة فوطيفار فألقوا به في السجن وكان مهدداً بالإعدام. وليس
لدينا أي إشارة إلى أن الله قد شرح ليوسف ما الذي كان يفعله خلال هذه السنين
العديدة المؤلمة. ولا كيف أن الأمور ستؤول في النهاية للصالح. ولكن كان متوقعاً
منه كما هو متوقع أيضاً منك ومني أن يعيش أيامه يوماً
بيوم
مكتفياً بما لديه من فهم غير كامل. والشيء الذي جعل الله يُسر من
يوسف هو أمانته حتى عندما لم تكن الأمور مفهومة
لا تهتموا بالغد يكفي اليوم شره “.

 

 (عب
11: 35 39) ” هؤلاء لم يكن العالم مستحقاً لهم. تائهين في البراري والجبال
ومغاير وشقوق الأرض. فهؤلاء كلهم مشهوداً لهم بالإيمان لم ينالوا المواعيد “.

 اقرأ
هذه العدد الأخير مرة أخرى ولاحظ أن هؤلاء القديسين كانوا يعيشون في انتظار وعد لم
يتحقق حتى يوم مماتهم. فإنهم لم يحصلوا أبداً على الفهم
الكامل
. ولكن كان لديهم فقط الإيمان ليسندهم ويثبتهم في وقت محنتهم.

 فمن أين إذاً أتينا بمفهوم أن المسيحية
هي قطعة من الحلوى؟

 على
العكس تماماً ” في العالم سيكون لكم ضيق “
(يو 16: 33)

 هذا
هو التوقع الحتمي الذي يقدمه لنا الكتاب ومع ذلك فعلى ما يبدوا أننا مصممون على
كتابة نصوص أخرى. وهذا يجعلنا بلا شك فريسة لخداع الشيطان.

 إن
ما يقلق حقاً هو أن مؤمنين كثيرين يشعرون بأن الله مُلزم بأن يمنحهم رحلة هادئة أو
على الأقل تفسيراً كاملاً عن جميع الصعوبات التي تصادفهم في حين أننا ينبغي ألا
ننسَ أن الله قبل كل شيء هو الله. أنه كلي القداسة والقدرة. ليس له أن يعطي حساباً
لأحد. هو ليس العبد الذي يطيع أوامرنا بل نحن عبيده. والهدف الأساسي من وجودنا هو
أن نمجده ونكرمه ومع ذلك فأنه أحياناً يصنع المعجزات العظيمة من أجلنا. وأحياناً
يُسر بأن يفسر لنا معاملاته في حياتنا. أحياناً يكون حضوره واضحاً كما لو كنا
نلتقي معه وجهاً لوجه. ولكن في أوقات أخرى عندما يكون كل شيء غير مفهوم وعندما
نشعر أن الأوضاع التي نجتازها [ غير عادلة
] وعندما نشعر أننا نجلس بمفردنا تماماً في غرفة انتظار الله. فإنه يكون لنا بكل
بساطة [ ضع ثقتك فيه ].

 فحتى
لو كان الله يبدوا بعيداً جداً وغير مبال بأمورنا. فإنه في الواقع قريب جداً إلى
حد أننا نستطيع أن نلمسه. وأروع تصوير لهذا الحضور غير المرئي نجده في قصة تلميذي
عمواس…. إذ كانوا منذ ثلاث أيام قد رأوا سيدهم مصلوباً بصورة بشعة فكانوا في
غاية الاكتئاب. كانت كل أملهم قد ماتت فوق هذا الصليب الروماني. وكل الأشياء
العظيمة التي كان يسوع قد مات بها وعملها أصبحت الآن تبدو غير صحيحة. لقد تكلم
بسلطان عجيب ولكنه الآن ميت ومدفون في قبر مستعار. لقد قال أنه ابن الله. ولكنه
سمعوه يصرخ في ساعاته الأخيرة قائلاً: ” إلهي إلهي لماذا تركتني “. (مت
27: 46) لذلك كان التلاميذ واقعين في حيرة ليس لها مثيل. فما هو إذاً معنى الوقت
الذي قضوه مع ذلك الشخص الذي قال عن نفسه أنه المسيح؟ ولكن الشيء الوحيد الذي خفيّ
عن إدراكهما هو أن يسوع نفسه كان يسير معهما على نفس الطريق المترب في هذه اللحظة
عينها. وأنهما كانا على وشك الحصول على أعظم أخبار يمكن لأذن أن تسمعها. ولكن في
تلك اللحظة كان كل ما يرونه أمامهم هو مجرد مجموعة من الحقائق لا يوجد بينها أي
تناغم أو انسجام. لقد كانوا في حقيقة الأمر يعانون من مشكلة الإدراك.

 

 إن توقيتات الله
مضبوطة حتى عندما يبدو أنه قد تأخر تأخيراً مأساوياً:

 

 إن
أحد العوامل المدمرة جداً للإيمان هو عامل التوقيت عندما لا نجده مضبوطاً مع
أفكارنا المسبقة. فنحن مستعجلون ونريد طلباتنا أن تتحقق في التو واللحظة. ولكن
الله لا يعمل بهذه الطريقة. أنه لا يتعجل أبداً. بل أنه في الواقع يكون أحياناً
أبطأ كثيراً مما ينبغي في حل المشكلات التي نضعها أمامه.

 ودعونا
نلقي نظرة على قصة مريم ومرثا (يو 11) كانت هذه الأسرة الصغيرة من أقرب الناس
ليسوع أثناء مدة خدمته على الأرض ” كان يسوع يُحب مرثا وأختها ولعازر “
وقد كان من الطبيعي نظراً لهذه المحبة. أن يتوقعوا منه بعض الخدمات خاصة إذا كان
الأمر يتعلق بحالة طارئة تُهدد بالموت. فقد أرسلوا ليسوع ليحضر لأن لعازر مريض.
وقد كان لهما كل الحق في أن يتوقعا من يسوع أن يلبي الدعوة في الحال. وظلت مريم
ومرثا تنتظران وتراقبان الطريق في انتظار اللحظة التي يأتي فيها يسوع. ولكنه لم
يأتي. وامتدت الساعات إلى أيام مليئة بالقلق. ويسوع ليس له أي أثر. وفي هذه
الأثناء ازدادت حالة لعازر سوءاً حتى أنه أوشك على الموت. فأين إذاً يسوع؟ ألم
تصله الرسالة؟ ألم يدرك خطورة المرض؟ ألم يبال؟ وبينما الأختان تجلسان بجوار
أخيهما المريض. فإذا به يغمض عينيه ويسلم الروح. وانسحقت الأختان من الحزن. ولابد
أنهما كانتا أيضاً تشعران بالإحباط لشديد تجاه يسوع. فإنه بكل تأكيد موجود في مكان
ما يصنع المعجزات لأُناس غرباء تماماً. يفتح أعين العُميان ويشفي المفلوجين بينما
كانت هناك حاجة شديدة إليه هنا ومع ذلك فإنه لم يكلل نفسه عناء الحضور. ويمكنني أن
أتخيل مريم ومرثا تتهامسان معاً قائلتين: ” لا يمكنني أن أفهم هذا. كنتُ أظن
أنه يحبنا. لماذا تخلى عنا بهذه الصورة؟ “. ولفوا لعازر في الأكفان وساروا به
في جنازة صغيرة يكسوها الحزن العميق ولم يحضر يسوع إلى الجنازة.! وبعد الدفن
بأربعة أيام وأجرى واحدة من أعظم معجزاته إذ أقام لعازر من الأموات. وكما نرى أنه
لم يكن هناك في الواقع أي تأخير من جانب السيد ولكن هذا ما كان يبدو فقط بحسب
الظاهر. لقد أتى في اللحظة المضبوطة المحددة بدقة لإتمام مقاصد الله. وهذه هي
عادته دائماً. أَلم تلاحظ أن يسوع يصل غالباً متأخراً أربعة أيام عن المتوقع؟ فهو
يصل بعد أن نكون قد بكينا وقلقنا وزرعنا الطرقات جيئاً وذهاباً. بعد أن نكون بذلنا
كل جهودنا. لكن المهم أن نعرف أن الله في الواقع لا يتأخر أبداً. وكل ما في الأمر
هو أن جدوله الزمني مختلف عن جدولنا.

 

 هيا ننظر
بتعامل الرب مع داود لقد اختاره من وسط جميع الفتيان ليصير ملكاً بعد شاول. لكن
لقد سمح الله لشاول أن يطرد داود إلى البرية حيث قضى 14 سنة من عمره هارباً من وجه
شاول. وحسب المنظور البشري فإن سنوات الهروب هذه تمثل خسارة كبيرة مفقودة من سن
شباب داود. فلقد كان من الممكن أن يذهب إلى دورة تدريبية يتعلم فيها فن قيادة
الشعوب أو أن يقوم بأي إنجازات مفيدة أخرى بدلاً من الجلوس في المخابئ. لكن من
الواضح أن الله يعمل بحسب برنامجه المنظم الخاص.

 

 إبراهيم صدق
مواعيد الله بإعطائه النسل. لكن كانت معاملات الله غير مفهومة كانت الحقائق تقول
بوضوح أنه من المستحيل أن يتحقق هذا الأمر. كان الرب يعطي وعوداً مجردة لمدة تقرب
من 25 سنة. ولم تبدر أي بادرة لتحقيقها. كانت الأسئلة الحائرة والتناقضات المؤلمة
تتراقص أمامه في الهواء. ومع كل هذا لم يقع إبراهيم في الارتياب بعدم إيمان.
لماذا؟ لأنه كان متيقناً أن الله يستطيع أن يتخطى المنطق والواقع. ولهذا السبب
فلقد سمي ” أبو المؤمنين “.

 

مبدأ الشدائد:

 +
الشدائد يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على الشخص لأنها تساعد على بناء شخصيته.
ويقول الكتاب المقدس: إن الشدائد تنمي وتزكي الإيمان (يع 1: 2 4)

 وينطبق مبدأ
الشدائد على عالم الحيوان والنبات. فنجد أن الحيوانات الهزيلة تجدها في حديقة
الحيوانات. والطعام يقدم لها بانتظام وهي لا تحتاج أن تعمل أي شيء سوى أن تنام
وتتثاءب. أو تأمل شجرة مغروسة في غابة من الأشجار مشبعة من الأمطار فهي تحصل على
المياه بسهولة وبذلك فهي لا تحتاج أن تعمق جذورها أكثر من بضعة أقدام تحت سطح
الأرض. وبهذه الطريقة فإن أضعف العواصف لن تجد صعوبة في اقتلاعها. أما الشجرة
المزروعة في صحراء جرداء فإنها تضطر أن تعمق جذورها أكثر من 30 قدم بحثاً عن الماء.
ولذلك فإن أقصى العواصف لا تستطيع أن تقتلعها. فالمناخ الصعب الذي تعيش فيه يساعد
على ثباتها وصلابتها.

 وينطبق
هذا أيضاً على الجنس البشري فإن أسمى أمثلة الشجاعة حدثت في البلاد التي تعرضت
لأقصى الضغوط. فإن أوقات الشدة تقود إلى الصلابة المعنوية والجسمانية. والعكس
أيضاً صحيح فإن الوفرة وسهولة العيش تؤدي غالباً إلى نوع من الضعف والنعومة وقلة
التحمل والانحلال والتذمر لأتفه الأسباب حتى الكنيسة تكون أقوى في البلاد التي بها
اضطهاد. لذلك يسمح لنا أبينا السماوي بالضيقات لكي يضمن لنا القوة لذلك قال يعقوب:
” احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة ” (يع 1: 2)

 

 ويقول بولس: “
نفتخر أيضاً في الضيقات ” (رو 5: 3)

 هذه الكلمات لا تترك
مجالاً للشك أن يسوع يريدنا أن نكون منضبطين وملتزمين وأقوياء. ولقد حذرنا أيضاً
من مخاطر الحياة السهلة. واعتقد أن هذا ما كان يعنيه بالقول: ” مرور جمل من
ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله ” (مر 10: 25) فهو بالطبع لم
يكن يعني أن الله سيحاسب الأغنياء بمقايس أصعب من غيرهم. ولكنه فقط كان يقر بأن
الغنى والوفرة يجعلاننا نعتمد على حياة الراحة والرفاهية. والشخص الذي ينشأ
معتاداً على مباهج الحياة لن ينجذب بطبيعته إلى طريق الصليب المليء بالتضحية. مثل
الشاب الغني الذي ذهب مبتعداً عن يسوع. قد يكون من الأصعب على الأغنياء أن يتبعوا
ذلك السيد الذي يطالبنا بتقديم أغلى التضحيات.

 إن
الثروة ليست فقط لها مخاطرها. لكن المديح للبشر أيضاً له مخاطره. فإذا كنت تريد أن
تعرف معدن أي إنسان ضعه في أرفع المستويات الاجتماعية وقدم له أكبر قدر من التقدير
والإعجاب. وسرعان ما سيظهر طبعه الخفي ويصير واضحاً للجميع. يقول سليمان الحكيم: “
البوتقة للفضة والكور للذهب. كذا الإنسان لفم مادحه ” (أم 27: 21) أي كما أن
الفضة تختبر في البوتقة والذهب يختبر بالنار كذلك فإن الإنسان يختبر من خلال المدح
الذي يتلقاه.

 من
هذا يتضح لنا أن الحياة المسيحية لم يقصد منها أبداً أن تكون نزهة في بستان من
الزهور. فإن هذه الحياة الرومانسية قد انتهت منذ أن خرج آدم وحواء من جنة عدن. ومن
هذه اللحظة أصبحت الحياة تمثل تحدياً لنا جميعاً.

 دعونا
نراقب يسوع وتلاميذه في البحر (مر 6: 45) إن يسوع قد أمر تلاميذه بأن يدخلوا إلى
السفينة ثم اتجه إلى الجبل ليصلي. لكن تعذر التلاميذ في الجدف لأن الريح كانت ضدهم
ويخبرنا الكتاب أنه نحو الهزيع الرابع من الليل أتاهم ماشياً على البحر. فمن بداية
الليل حتى الهزيع الرابع تقدر الفترة بسبع ساعات. لمدة سبع ساعات كان يسوع يراقب
تلاميذه وهم يصارعون الرياح العنيفة. ومع ذلك لم يأتي لنجدتهم. فمع أنهم كانوا
أمام عينيه وتحت رعايته طوال الليل إلا أنه سمح لهم بأن يشعروا باحتياجهم إليه قبل
أن يسرع لمعونتهم. حتى يتقوى إيمانهم وينضج وبمجرد أن تتحقق مقاصده ويحين الوقت.
فإنه سيأمر البحر العاصف أن يهدأ ويقودنا آمنين إلى الشاطئ.

 

فوائد
التجارب

+
الله يؤدبنا دائماً من أجل منفعتنا لكي نشترك في قداسته (عب 12: 10)

 +
بدون التجارب لا يكون لنا مزاج صحيح معتنى به. (مار إسحق)

 +
بالتجارب يسلطنا على خفايا كنوزه (مار إسحق)

 +
بضغط التجارب نقدر أن ندخل ملكوت الله. (مار إسحق)

 +
من يدخل باب التجارب يأخذ تجربة عناية الله ويكون ملاصقاً بالملائكة. (مار إسحق)

 +
بعصا التجارب ينمو حلول الله علينا { قوتي في الضعف
تكمل
}

 +
نتألم لكي نتعلم.

 +
بدون التجارب لا يقتني المرء الأدب والحكمة. (مار إسحق)

 +
الآلام كالسياج حول فضائل النفس الخفية. (مار إسحق)

 +
التجارب هي اختبار حقيقة إيمانكم. (1 بط 1: 6)

 +
يسمح الله بالآلام لئلا يطيب لأولاده الإقامة في العالم.

 +
الضيقات نحتملها لكي نثبت أننا جادون في سيرنا إلى الملكوت، ولكي ندخله باستحقاق
لأننا بذلنا وتعبنا من أجله.

 +
كثيرون عندما خفت عنهم القتالات تهاونوا بأنفسهم.

 +
لا غلبة بدون قتال ولا إكليل بدون غلبة.

 +
التجارب تمنع المديح الباطل والكلمات الزائفة.

 +
لتصيروا أقوياء قادرين على مواجهة جميع الأحوال. (يع 1: 2)

 +
الآلام هي الضمانات التي تحافظ على النعم.

 +
الآلام تذكرنا بآثامنا السابقة (مراجعة النفس).

 +
لابد أن تدخل الامتحان وتنجح. وإن هربت من الامتحان لن تحصل على شهادات.

 +
ليذلكم ويمتحنكم فيحسن إليكم في آخرتكم. خوفاً من أن تقولوا في قلوبكم: لقد أحرزنا
هذا الثراء بفضل قوتنا وقدرة أيدينا ولكن اذكروا أن الرب إلهكم هو الذي يمنحكم
القوة. (تث 8: 16)

 

 “
وبعد أن تتألموا بفترة قصيرة. فإن الله…. لابد أن يجعلكم كاملين وثابتين ومؤيدين
بالقوة وراسخين ” (1 بط 5: 10)

 

 لئلا
يطيب لنا الإقامة في العالم.

 

 

آيات عن التجارب

 

 “
طوبى لكم متى أهانكم الناس واضطهدوكم وقالوا فيكم من أجلي كل سوء كاذبين. افرحوا وتهللوا. فإن مكافأتكم في السماوات عظيمة.
فإنه هكذا اضطهدوا الأنبياء من قبلكم “. (مت 5: 11)

 

 “
إنه من إحسانات الرب إننا لم نفنَ “.

 

 “
اظهر ليَّ غوامض حكمتك ومستوراتها ” (مز 50)

 

 من
سفر أيوب:

 “
أريد أن أكلِّم القدير وأن أُحاكم إلى الله. فاسكتوا عني فأتكلَّم أنا وليصبني
مهما أصاب. إنما أمرين لا تفعل بي فحينئذ لا أختفي من حضرتك. ابعد يديك عني ولا
تدع هيبتك ترعبني. ثم أدعُ فأنا أُجيب أو أتكلم فتجاوبني. كم لي من الآثام
والخطايا. أعلمني ذنبي وخطيتي لماذا تحجب وجهك عني
وتحسبني عدواً لك؟
الإنسان مولود المرأة قليل الأيام وشبعان تعباً.
كزهر ينبت ثم ينتثر. وكالظل يبرح ولا يقف. فعلى مثل
هذا حدقت عينيك؟
وإياي قدتَ إلى المحاكمة معك. فأشح بوجهك عنه ليستريح. إلى أن يسر كالأجير بانتهاء
يومه. ليتك تواريني في الهاوية وتخفيني إلى أن ينصرف
غضبك.

 كما
أن الجبل يسقط وينهار والصخر يزحزح من مكانه والحجارة تبليها المياه وتجرف سيولها
تراب الأرض كذلك أنت تبيد رجاء الإنسان. تتجبر عليه دفعة واحدة فيتلاشى. إن تكلمت لم
تمتنع كآبتي. وإن سكت فماذا يذهب عني. إن الله قد
مزقني حقاً وأهلك كل قومي. وغضبه افترسني واضطهدني. طعنني بنظراته الحادة. فتح
الناس أفواههم عليَّ. تضافروا عليَّ جميعاً.
دفعني الله إلى
الظالم وفي أيدي الأشرار طرحني.

 كنت
مستريحاً فزعزعني وأمسك بقفاي فحطمني ونصبني له هدفاً. أحاطت بي سهامه. شق كليتي
ولم يشفق. سفك مرارتي على الأرض. يقتحمني اقتحاماً على
اقتحام. يعدو عليَّ كجبار.
روحي تلفت. أيامي انطفأت. إنما القبور لي.
أدعو وليس من منصف. أزال عني كرامتي. ونزع تاج رأسي. هدمني من كل جهة فتلاشيت.
وقلع مثل شجرة رجائي. وأضرم عليَّ غضبه. وحسبني كأعدائه. قد أبعد عني إخوتي ومعارفي زاغوا عني. أقاربي قد خزلوني. والذين
عرفوني نسوني.
“.

 

 “
ويل لي من أجل انسحاقي. فجرحي لا شفاء منه. ولكني قلت: حقاً هذه بلية وعليَّ أن احتملها “. (إر 10: 19)

 

 “
أنت دائماً عادل حين أعرض عليك دعواي ولكن دعني أحدثك بشأن أحكامك: لماذا تُفلح
طريق الأشرار؟ ولماذا يتمتع الغادرون بالعيش الرغيد؟ ” (إر)

 

 “
اعتزلت وحدي لأن يدك كانت عليَّ. وقد ملأتني سخطاً. لماذا لا ينقطع ألمي؟ وجرحي لا
يشفى، ويأبى الإلتآم؟ ” (إر 15: 17)

 “
الرب ملجأ للمظلوم. ملجأ في أزمنة الضيق. ويتكل عليك العارفون اسمك لأنك لم تترك
طالبيك يارب ” (مز 9: 9)

 

 “
الرب يثأر للدماء لا ينسى ولا يتجاهل صرخ المتضايقين ”

(مز
9: 12)

 

 “
قم يارب لا تدع الإنسان يسود ” (مز 9: 19)

 

 “
يارب لماذا تقف بعيداً. لماذا تختفي في أزمنة الضيق…. قم يارب. يا الله ارفع يدك.
لا تنسى المساكين. لماذا يستهين الشرير بالله قائلاً في قلبه أنك لا تحاسب؟ “
(مز 10: 1، 12)

 

 “
بظل بجناحيك استرني من وجه الأشرار الذين يبطشون بي ومن الأعداء الذين يحاصرونني
طالبين نفسي ” (مز 17: 7)

 

 ” إلهي إلهي
لماذا تركتني…. إلهي في النهار أدعو فلا تستجيب في الليل أدعو فلا راحة لي
“.

 

 ” ارحمني يارب
لأني في ضيق. خسفت من الغم عيني…. الذين رأوني في الشارع هربوا عني. إني كميت
نسيته القلوب ” (مز 31)

 

 ” خاصم يارب
مخاصمي. قاتل مقاتلي. أمسك مجناً وترساً وانهض إلى معونتي. قل لنفسي خلاصك أنا.
يارب إلى متى تنظر…. استرد نفسي من تهلكاتِهم. لا تسكت يا سيد لا تبتعد عني.
استيقظ وانتبه إلى حكمي. يا إلهي وسيدي إلى دعواي. أقض لي حسب عدلك يارب فلا
يشمتوا بي ” (مز 35)

 “
أحبائي وأصحابي يقفون تجاه ضربتي. وأقاربي وقفوا بعيدا ”

(مز
38)

 

 “
غير مرتعبين في شيء من الذين يقاومونكم فإن في مقاومتهم دليلاً على هلاكهم هم وعلى
خلاصكم أنتم ” (في 2: 8)

 

 “
دع عنك الخوف مما ينتظرك من آلام ” (رؤ)

 

 “
واجهتنا الضيقات من كل جهة. إذ كثر حولنا النزاع وزاد في داخلنا الخوف ” (2
كو 7: 5)

 

 “
لم يقف أحد بجانبي بل تركني الجميع.. إلا أن الرب وقف بجانبي وأمدني بالقوة.. وقد
نجوت من فم الأسد وسينجيني الرب من كل عمل شرير ويحفظني سالماً لملكوته السماوي
” (2 تي 4: 16)

 

 “
الصعوبات تضيق علينا من كل جهة ولكن لا ننهار. لا نجد حلاً مناسباً ولكن لا نيأس.
يُطاردنا الاضطهاد ولكن لا يتخلى الله عنا. نُطرح أرضاً ولكن لا نموت. وحيثما
ذهبنا نحمل موت يسوع دائماً في أجسادنا لتظهر فينا أيضاً حياة يسوع. ” (2 كو
4: 8)

 

 “
لا أتركك ولا أتخلى عنك أبداً! فلنستطيع إذاً أن نقول بكل ثقة وجرأة: [ الرب معيني
فلن أخاف. ماذا يصنع بي الإنسان؟ ]

(عب
13: 5)

 ” لا تخشوا تعيير
الناس ولا ترتعبوا من شتائمهم ” (إش 51: 7)

 “
يا إخوتي عندما تنزل بكم التجارب والمحن المختلفة اعتبروها سبيلاً إلى الفرح الكلي.
وكونوا على ثقة بأن امتحان إيمانكم هذا ينتج صبراً. ودعوا الصبر يعمل عمله الكامل
فيكم لكي يكتمل نضوجكم وتصيروا أقوياء قادرين على
مواجهة جميع الأحوال
” (يع 1: 2)

 

 ” حقاً إن ما
قسيته من مرارة كان من أجل خيري. فقد حفظتني بحبك من حفرة الهلاك وألقيت جميع
خطاياي خلف ظهرك ” (إش 18: 17)

 

 “
لا تصيبك الشرور ولا تدنوا ضربة من مسكنك.. لأنه عليَّ أتكل فأنجيه. أستره لأنه
عرف اسمي. يدعوني فأستجيب له. معه أنا في الشدة. فأنقذه وأمجده ” (مز 66)

 

 “
ليذلكم ويمتحنكم. فيحسن إليكم في آخرتكم. خوفاً من أن تقولوا في قلوبكم لقد أحرزنا
هذا الثراء بفضل قوتنا وقدرة أيدينا لكن اذكروا أن الرب إلهكم هو الذي يمنحكم
القوة “. (تث 8: 16)

 

 “
الرب قريب. لا تقلقوا من جهة أي شيء “
(في 4: 4)

 

 “
لا تجزع لأني افتديتك. دعوتك باسمك. أنتَ لي إذا اجتزت في وسط المياه أكون معك وإن خُضت
الأنهار لا تغمرك. إن عبرت في النار لا تلدغك. واللهيب لا يحرقك. لأني أنا هو الرب
إلهك ”

(إش
43: 1)

 

 “
أنتَ عبدي لقد اصطفيتك ولم أنبذك لا تخف لأني معك. لا تتلفت حولك جذعاً لأني إلهك
أشددك وأعينك وأعضدك بيمين بري. يعتري الخزي والعار كل من يغتاظ منك. ويتلاشى
مقاوموك كالعدم. تبحث عن خصومك ولا تجد أحد منهم. ويصبح محاربوك كلا شيء. لأني أنا
الرب إلهك الذي يمسك بيمينك قائلاً لك: لا تخف سأعينك ”

(إش
41: 9)

 

 “
أنا أنا هو معزيكم. فمن أنت حتى تخشى إنساناً فانياً أو بشراً يبيدون كالعشب.
ونسيت الرب صانعك. فتظل في رعب دائم من غضب المضايق حين يوطد العزم على التدمير.
” (إش 51: 12)

 

 “
أقسمت أن لا أغضب عليك أو أزجرك. إن الجبال تزول والتلال تتزحزح. أم رحمتي الثابتة
فلا تفارقك وعهد سلامي لا يتزعزع يقول الرب راحمك ” (54: 7)

 

 “
لا تخف البتة مما أنت عتيد أن تتألم به…. كن أميناً إلى الموت فسأعطيك إكليل
الحياة ” (رؤ 2: 10)

 

 “
تقووا وتشجعوا. لا تخشوهم ولا تجزعوا منهم. لأن الرب إلهكم سائر معكم لا يهملكم
ولا يترككم ” (تث 31: 6)

 

 “
هوذا الرب يتقدمك. هو يكون معك. لا يهملك ولا يتركك. لذلك لا تخف ولا ترتعب “
(تث 31: 8)

 

 “
فتأملوا ملياً ما قاساه بتحمله تلك المعاملة العنيفة التي عامله بها الخاطئون لكي
لا تتعبوا وتنهاروا! ” (عب 12: 4)

 

 “
الله يؤدبنا دائماً من أجل منفعتنا لكي نشترك في قداسته. وطبعاً كل تأديب لا يبدو
في الحال باعثاً على الفرح بل على الحزن ولكنه فيما بعد ينتج بسلام في الذين
يتلقونه ثمر البر ” (عب 12: 10)

 

 “
لن يقدر أحد أن يقاومك كل أيام حياتك لأني سأكون معك كما كنت مع موسى. لن أهملك
ولن أتركك. تقوَّ وتشجع. كن شديد البأس. ثابت القلب…. لا تجزع لأن الرب إلهك معك
حيثما تتوجه “

 (يش
1: 5)

 

 “
ألصق لسانك بحنكك فتبكم وتكف عن تقريعهم لأنهم شعب متمرد “. (حز 3: 26)

 

 “
أ فلا ينصف الله مختاريه الصارخين إليه نهاراً وليلاً وهو متمهل عليهم؟ أقول لكم
أنه ينصفهم سريعاً “. (لو 18: 7)

 

 “
لا ترهب وجوههم لأن الرب إلهك في وسطك إله عظيم ومخوف. ولكن الرب إلهك يطرد هؤلاء
الشعوب من أمامك قليلاً قليلاً. لا تستطيع
أن تفنيهم سريعاً لئلا تكثر عليك وحوش البرية (الكبرياء) ويدفعهم الرب إلهك أمامك
ويوقع بهم اضطراباً عظيماً حتى يفنوا “.

(تث
7: 21)

 

 “
القلب وحده يعرف عمق مرارة نفسه “. (أم 14: 10)

 

 “
لا تشمت لسقوط عدوك ولا يبتهج قلبك إذا عثر لئلا يشهد الرب فيسؤ الأمر في عينيه
ويصرف غضبه عنه ” (أم 24: 17)

 “
من حيث أن هذا الشعب قد نقض عهدي الذي عقدته مع آبائهم وعصوني. فإني لن أطرد من
أمامهم أي إنسان من الأمم الذين تركهم يشوع عند موته بل سأبقي عليهم

(1) لأمتحن بِهم إسرائيل لأرى أَ يحفظون طريقي ليسلكوا
فيها كما حفظها آبائهم أم لا…. وقد فعل هذا فقط.

(2)
ليدرب ذرية الإسرائيليين على الحرب ممن لم
يمارسوها من قبل.

(قض
2: 20)

 

 “
البطيء الغضب خير من الجبار. ومالك روحه خير ممن يأخذ مدينة “

 (أم
16: 31)

 

 “
طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة لأنه إذا تزكى ينال إكليل الحياة “

 (يع
1: 12)

 

 “
هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة وعمود حديد وأسوار نحاس…. فيحاربونك ولا يقدرون عليك لأني أنا معك يقول لأنقذك ”

(إر
1: 18)

 “
أنت المدافع عني والمحامي لي. عضدني كما وعدت فأحيا ولا تخيب أملي. اسندني فأخلص
” (مز: أعترف لك صلاة النوم)

 “
أحبوا أعدائكم. باركوا لاعينكم. احسنوا معاملة الذين يبغضونكم. صلوا لأجل الذين
يسيئون إليكم ويضطهدونكم. فتكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات. فإنه يشرق بشمسه
على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار وغير الأبرار “. (مت 5)

 

 “
ما أضيق الباب وأعثر الطريق المؤدي إلى الحياة وقليلون هم الذين يهتدون إليه
” (مت 7: 14)

 

 “
من لا يحمل صليبه ويتبعني فهو لا يستحقني ” (مت 10: 28)

 

 “
كل واحد سوف تملحه النار ” (مر 9: 49)

 

 “
نفتخر أيضاً في وسط الضيقات لعلمنا أن الضيق ينتج فينا الصبر ”

(رو
5: 3)

 

 “
إننا من أجلك نمات طول النهار وقد حسبنا كأننا غنم للذبح ”

(رو
8: 36)

 

 “
إن بي حزناً شديداً وبقلبي ألم لا ينقطع ” (رو 9: 2)

 

 “
عيشوا في سلام مع جميع الناس. لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء بل دعوا الغضب لله.
لأنه مكتوب لي الانتقام أنا أجازي يقول الرب ”

(رو)

 “
لا تدع الشر يغلبك بل أغلب الشر بالخير ” (رو 12: 8)

 “
فلا يدعكم تجربون فوق ما تضيقون. بل يدبر لكم مع التجربة سبيل الخروج منها لتطيقوا
احتمالها “. (1كو 10: 13)

 

 “
أشهد أيها الإخوة إني أموت كل يوم ” (1 كو 15: 31)

 

 “
أريد أن لا يخفى عليكم أمر الضيقة التي مررنا بها…. فقد كانت وطأتها علينا شديدة
جداً وفوق طاقتنا. حتى يئسنا من الحياة نفسها. ولكننا شعرنا في قرارة أنفسنا أنه
محكوم علينا بالموت. حتى نكون متكلين لا على أنفسنا بل على الله الذي يقيم الأموات.
وقد أنقذنا من هذا الموت الشنيع. ومازال ينقذنا حتى الآن. ولنا ملئ الثقة بأنه
حقاً سينقذنا فيما بعد. ” (2 كو 1: 8)

 

 “
الصعوبات تضيق علينا من كل جهة ولكن لا ننهار لا نجد حلاً مناسباً ولكن لا نيأس.
يطاردنا الاضطهاد ولكن لا يتخلى الله عنا. نُطرح أرضاً ولكن لا نموت. وحيثما ذهبنا
نحمل موت يسوع دائماً في أجسادنا لتظهر فيها أيضاً حياة يسوع ” (2 كو 4: 8)

 

 “
في تحمل الكثير ؛ في الشدائد ؛ والحاجات ؛ والضيقات ؛ والجلدات؛ والسجون ؛
والاضطرابات، والأتعاب. بأسلحة البر في الهجوم والدفاع. بالكرامة والهوان. بالصيت
السيئ والصيت الحسن. نعامل كمضللين ونحن صادقون. كمجهولين ونحن معروفون. كمائتين
وها نحن نحيا. كمعاقبين ولا نقتل. كمحزونين ونحن دائماً فرحون ”

(2
كو 6: 3 10)

 “
حذارٍ أن يبادر أحدكم شر غيره بشر مثله ” (1 تس 5: 14)

 

 “
فمن العدل عند الله حقاً أن يجازي بالضيقة أولئك الذين يضايقونكم ” (2 تس 6: 5)

 

 “
شارك في احتمال الآلام كجندي صالح للمسيح يسوع ”

(2
تي 2: 3)

 

 “
وكم احتملت من اضطهادات والرب أنقذني منها جميعاً. وحقاً إن جميع الذين يعزمون أن
يعيشوا عيشة التقوى في المسيح يسوع يواجههم الاضطهاد ” (2 تي 3: 12)

 

 “
إسكندر النحاس قد أساء إليَّ إساءات كثيرة فيجازيه الرب حسب أعماله ” (2
تي 4: 14)

 

 “
بما أنه هو نفسه قد تألم وتعرض للتجارب فهو قادر أن يعين الذين يتعرضون للتجارب
” (عب 2: 18)

 

 “
فتأملوا ملياً ما قاساه بتحمله تلك المعاملة العنيفة التي عاملوا بها الخاطئون لكي
لا تتعبوا وتنهاروا ” (عب 12: 4)

 

 “
يا ابني لا تستخف بتأديب الرب ولا تفقد العزيمة حين يوبخك على خطأ. فإن الذي يحبه
الرب يؤدبه. وهو يجلد كل من يتخذه له ابناً ”

(عب
12: 5)

 ” لا أتركك ولا
أتخلى عنك أبداً. فنستطيع إذاً أن نقول بكل ثقة وجرأة الرب معيني فلن أخاف. ماذا
يصنع بي الإنسان؟ ” (عب 13: 5)

 

 “
طوبى لمن يتحمل المحنة بصبر ” (يع 1: 12)

 

 “
مع أنه لابد لكم الآن من الحزن فترة قصيرة تحت وطأة التجارب المتنوعة! إلا أن غاية
هذه التجارب هي اختبار حقيقة إيمانكم. فكما
تختبر النار الذهب وتنقيه. تختبر التجارب حقيقة إيمانكم ” (1 بط 1: 6)

 

 “
فما أجمل أن يتحمل الإنسان الأحزان حين يتأمل مظلوماً

(1
بط 2: 19)

 

 ” ومع إنه أُهين
فلم يكن يرد الإهانة. وإذا تحمل الآلام لم يكن يهدد بالانتقام بل أسلم أمره لله
الذي يحكم بالعدل ” (1 بط 2: 23)

 

 “
فما أن المسيح قد تحمل الآلام الجسمية لأجلكم. سلِّحوا
أنفسكم بالاستعداد دائماً لتحمل الآلام
. فإن من يتحمل الآلام الجسمية
يكون قد قاطع الخطيئة ” (1 بط 4: 1)

 

 “
وبعد أن تتألموا بفترة قصيرة. فإن الله…. لابد أن يجعلكم كاملين وثابتين ومؤيدين بالقوة وراسخين ” (1 بط
5: 10)

 

 “
ولأنك حفظت كلمتي وصبرت. فسأحفظك أنا أيضاً من ساعة التجربة ” (رؤ 3: 9)

 “
إني أوبخ وأؤدب من أحبه ” (رؤ 3: 19)

 

 “
يمسح الله كل دمعة من عيونهم ” (رؤ 7: 17)

 

 “
مهما نابك فاقبله وكن صابراً ” (سي 2: 4)

 

 “
لا تنتصب في وجه الشاتم لئلا يترصد لفمك في الكمين ”

(سي
8: 14)

 

 “
الجاهل يُظهر كل غيظه والحكيم يسكنه أخيراً ” (أم 29: 11)

 

 “
إذا نفخت في شرارة اضطرمت وإذا تفلت عليها انطفأت وكلاهما من فمك. ” (سي 58: 14)

 

 “
لا تخف منهم لأنني قد أسلمتهم إلى يدك. ولن يجرؤ رجل منهم على مقاومتك ” (يش
10: 8)

 

 “
أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً. إن انحرف أُسلط عليه الشعوب الأخرى لأقوِّمه
بضرباتِهم “. (2 صم 7: 14)

 

 “
دعوه يشتم لأن الرب قال له اشتم داود. فمن يقدر أن يسأل لماذا تفعل هذا؟ دعوه يشتم
لأن الرب أمره بشتمي. لعل الرب ينظر إلى مذلتي ويكافئني خيراً عوض شتائمه في هذا
اليوم ” (2 صم 16: 10)

 

 “
قد ضاق بي الأمر لكن خير لي أن أقع في يد الرب لأن مراحمه كثيرة من أن أقع بين يدي
إنسان ” (2 صم 24: 14)

 

 “
أحبب نفسك ولا تضيق صدرك بأفكارك. فرج عن قلبك. وأنفِ الحزن عنك بعيداً
” (سي 30)

 

 “
ومكثوا جالسين معه على الأرض سبعة أيام وسبع ليالي لم يكلموا فيها أحد منهم بكلمة
لشدة ما كان عليه من كآبة ” (أي 2: 17)

 

 ” يقول سبيلك حسن ثم يقف تجاهك
ينظر ماذا يحل بك ”

(سي
37: 11)

 

 “
من يسلك باستقامة يسير مطمئن ” (أم 10: 9)

 

 “
الصديق ينجو من الضيق. وفي مكانه يحل الشرير ” (أم 11: 8)

 

 “
بالإيمان تحمل كثيرون العذاب والضرب وماتوا رافضين النجاة لعلمهم أنهم سوف يقومون
إلى حياة أفضل. وكثيرون غيرهم تحملوا المحاكمات
الظالمة
تحت الإهانة والجلد والإلقاء في السجون مقيدين بالسلاسل “
(عب 11: 35)

 

 ” لا تخف أيها القطيع الصغير
” (لو)

 

 “يبدي
الأحمق غيظه في لحظة أما العاقل فيتجاهل الإهانة ” (أم 12: 16)

 “
الرجل العاقل لا يتذمر ” (سي 10: 28)

 

 “
الحكيم يخشى الشر ويتفاداه. والجاهل يتصلف ويدعي الثقة بالنفس “

 (أم
14: 17)

 

 “
في الانفراد يتشدد الحزن ” (سي 38: 20)

 

 “
البطيء الغضب ذو فهم كثير. أما السريع إلى السخط فيبدي حماقة “

 (أم
14: 29)

 

 “
في كل شيء صنعه الرب غرض في ذاته. حتى الشرير ليوم الضيق “

 (أم
16: 4)

 

 “
تعقل الإنسان يقبح غضبه، وبهاؤه في العفو عن الخطأ ”

(أم
19: 11)

 

 “
من دواعي شرف المرء أن يتفادى الخصومة والأحمق يخوض معترك النزاع ” (أم 20: 3)

 

 “
ذو البصيرة يرى الشر فيتوارى ” (أم 27: 12)

 

 “
محتقر ومنبوذ من الناس. رجل آلام ومختبر الحزن. مخذول كمن حجب الناس عنه وجوههم.
فلم نأبه له. ولكنه حمل أحزاننا وتحمل أوجاعنا ونحن حسبنا أن الرب قد عاقبه وأذله.
إلا أنه كان مجروحاً من أجل آثامنا ومسحوقاً من أجل معاصينا. حلَّ به تأديب سلامنا
وبجراحه برئنا. ظُلم وأُذل ولكنه لم يفتح فاه بل كشاه سيق إلى الذبح. وكنعجة صامتة
أمام جازيها لم يفتح فاه ” (إش 53: 3)

 

 “
فتضايق في كل ضيقاتهم. وملاك حضرته أنقذهم. وبفضل محبته وحنانه افتداهم ودفعهم
وحملهم طوال الأيام الغابرة ” (إش 63: 9)

 

 “
لا تخف من حضرتهم لئلا أفزعك أمامهم. انظر ها أنا جعلتك اليوم قوياً كمدينة حصينة.
وكعمود من حديد وكأسوار من نحاس لتجابه كل أهل الأرض…. فيحاربونك ولكن لا
يقهرونك لأني أنا معك لأنقذك يقول الرب ” (إر 1: 17)

 

 “
أسلمني إلى يد لا طاقة لي على مقاومتها…. عيناي عيناي تفيضان بالعبرات. إذ ابتعد
عني كل معزي ينعش نفسي…. انظر يارب فإني في ضيقة. أحشائي جائشة. وقلبي متلاطم في
داخلي…. جميع أعدائي عرفوا ببليتي فشمتوا بما فعلت…. حاصرني وأحاطني بالعلقم
والمشقة. أسكنني في الظلمة…. سيج حولي حتى لا أفلت…. وتر قوسه ونصبني هدفاً
لسهمه….

 خيرٌ
للرجل أن ينتظر بصبر خلاص الرب، خيرٌ للرجل أن يحمل النير في حداثته. ليعتكف
وحيداً في صمت لأن الرب قد وضع النير عليه ”

(ميراثي
31: 28)

 

 “
وآزره وأعانه وقواه بصورة مدهشة وعندما بلغت قوته أوجها امتلأ قلبه بكبرياء أدت
إلى هلاكه ” [ عن عزيا الملك ] (2 أخ 26: 15)

 

 “
والآن بعد كل ما جرى علينا من جراء أعمالنا السيئة وآثامنا العظيمة نعلم أنك عاقبتنا يا إلهنا بأقل من آثامنا. ووهبتنا نجاة مثل
هذه أَ نعود بعد ذلك ونتعدى على وصاياك..؟ آلا تسخط علينا اينئذٍ حتى تفنينا فلا
تبقى منا بقية ولا نجاة؟ أيها الرب إله إسرائيل أنت عادل لأننا مازلنا بقية ناجية
إلى هذا اليوم. وها نحن نمثل أمامك في آثامنا. مع أنه لا حق لنا في ذلك ” (عز
9: 13)

 

 ” إن وقعت في فخ
أقوال فمك وعلقت بكلام شفتيك. فأفعل هذا يا ابني ونج نفسك. لأنك أصبحت تحت رحمة
صاحبك. اذهب تذلل إليه وألح عليه. لا يغلب عليك النوم ولا على أكفانك النعاس. نج
نفسك كالظبي من يد الصياد أو كالعصفور من قبض القناص ” (أم 6: 2)

 

 ” لا تذهب إلى بيت قريبك في يوم بؤسك “
(أم 27: 7)

 

” غيرة بيتك أكلتني
وتعيرات معيريك وقعت عليَّ “

 

 “
لما سمع إيليا أن إيزابل تريد قتله هرب لينجوا بنفسه
وهام وحده في الصحراء مسيرة يوم وتمنى الموت لنفسه
وقال: قد كفى الآن يا ربي. خذ نفسي فلستُ
خير من آبائي واضطجع ونام تحت الشجرة.

 فقال
الرب لإيليا ماذا تفعل هنا يا إيليا؟ فأجاب غرت غيرة
للرب
الإله القدير. لأن بني إسرائيل تنكروا لعهدك…. وبقيت وحدي وها هم يبغون قتلي أيضاً ” (1 مل 19:
3 9)

 

 ” اللعنة من غير
علة لا تستقر فهي كالعصفور الحائم ” (أم 26: 2)

 

 “
لا تكترث لكل كلام يُقال لئلا تسمع عبدك يشتمك لأنك تدرك في قرارة نفسك أنك كثيراً
ما لعنت غيرك ” (جا 7: 21)

 

 “
إذا ثار غضب الحاكم عليك فلا تَهجر مكانك.
فإن الهدوء يسكن السخط على خطايا عظيمة
“. (جا 10: 4)

 

 “
مبارك هو الرجل الذي يتكل على الرب ويتخذه معتمداً له فيكون كشجرة مغروسة عند
المياه. تمد جذورها إلى الجداول ولا تخشى اشتداد الحر المقبل إذ تظل أوراقها خضراء
ولا يفزعها القحط لأنها لا تكف على الإثمار ” (إر 17: 7)

 

 “
يارب قد أقنعتني فاقتنعت. أنت أقوى مني فغلبت فأصبحت مسار سخرية طوال النهار. كل
واحد يستهزئ بي لأني كلما تكلمت أصرخ مردداً وأنادي [ ظلم واغتصاب ] فجلبت عليَّ
كلمة الرب الاحتقار والعار طوال النهار. إن قلت سأكف عن ذكره ولا أتكلم باسمه بعد
صار كلامه في قلبي كنار محرقة محصورة في عظامي فأعياني كتمانه وعجزت عن كبته. لأني
سمعت نفثات تهديد من كثيرين وأحاط بي رعب من كل جانب. يقولون اشتكوا عليه فنشتكي
عليه. حتى جميع أصدقائي الحميمين يرقبون كبوتي قائلين: لعله يتعثر فنتغلب عليه
وننتقم منه. لكن الرب معي كمحارب جبار. لهذا يعثر كل مضطهدي ولا يظفرون بي يلحق
بهم عار عظيم لأنهم لا يفلحون ويظل خزيهم مذكوراً إلى الأبد…. دعني أشهد انتقامك
منهم لأني إليك فوضت قضيتي ”

(إر
20: 7)

 

 “
تأملوا وانظروا هل من ألم كألمي. الذي ابتلاني به الرب في يوم احتدام غضبه؟ من
العلاء صب ناراً في عظامي فسرت فيها. نصب شركاً لقدمي فردني إلى الوراء. جعلني
أطلالاً أئن طول النهار…. أوهن الرب قواي وأسلمني
إلى يد لا طاقة لي على مقاومتها. بدد الرب جميع جبابرتي في وسطي. وألب عليَّ حشداً
من أعدائي
. عيناي عيناي تفيضان بالعبرات. إذ ابتعد عني كل معز ينعش
نفسي…. انظر يارب فإني في ضيقة أحشائي جائشة وقلبي متلاطم في داخلي…. جميع
أعدائي عرفوا ببليتي فشمتوا بما فعلت بي
أسرع بيوم العقاب الذي توعدت به فيصير مثلي. ليأت كل شرهم أمامك فتعاقبهم كما
عاقبتني على كل ذنوبي لأن تنهداتي كثيرة وقلبي مغشى عليه.

 أنا
هو الرجل الذي شهد البلية التي أنزلها قضيب سخطه قادني
وسيرني في الظلمة من غير نور. حقاً أنه يمد يده عليَّ مرة تلو مرة طول النهار.
أبلى لحمي وجلدي هشم عظامي. حاصرني وأحاطني بالعلقم والمشقة. سيج حولي حتى لا أفلت.
أثقل عليَّ قيودي. حتى حين أصرخ وأستغيث يصد صلاتي…. هو لي كدبٌ متربص وكأسد
مترصد في مكمنه. أضل طرقي ومزقني إرباً. دمرني وتر قوسه ونصبني هدفاً لسهمه أخترق
كليتي بنبال جعبته صرت مثار هزء لشعبي وأغنية لهم اليوم كله. أشبعني مرارة.
وأرواني
أفسنتياً. فتناءت نفسي عن السلام. ونسيت طعم الخيرات. فقلت: [ تلاشت قوتي وكل ما
كنت أرجوه من الرب ].

 من
احسانات الرب أننا لم نفنى لأن مراحمه لا تزول. تتجدد كل صباح. فائقة أمانتك. تقول
نفسي: [ الرب هو نصيبي فلذلك أرجوه ] الرب صالح لمن يرجونه وللنفس التي تلتمسه.

 خير للرجل أن ينتظر بصمت
خلاص الرب.

 خير للرجل أن يحمل النير في حداثته.

 ليعتكف وحيداً في صمت لأن الرب قد وضع النير عليه ليوار وجهه
في التراب تذللاً عسى أن يكون هناك رجاء. يبذل خده للاطم ويُبع تعييراً لأن الرب لا ينبذ إلى الأبد. [ فإنه ولو أحزنه يرأف ]
بمقتضى رحمته الفائقة لأنه لا يتعمد أن يبتلي أبناء البشر بالبؤس والأسى…. من ذا الذي يقضي بأمر فيتحقق إن لم يكن الرب قد أمر به؟ أليس من
فم العلي يصدر الضرر والخير؟ فلماذا يشتكي الإنسان الحي حين يعاقب على خطاياه؟

 لنفحص
طرقنا ونختبرها ونرجع إلى الرب لنرفع قلوبنا وأيدينا إلى الله في السموات.

 قد
تعدينا وتمردنا وأنت لم تغفر. التحفت بالغضب وتعقبتنا. قتلت من غير رحمة. التحفت
بالسحاب حتى لا تبلغ إليك صلاة. قد جعلتنا أوساخاً وأقذاراً بين الشعوب. فتح كل
أعدائنا أفواههم علينا. وحل بنا الرعب والهلاك والدمار والسحق. لن تكف عيناي عن
البكاء أبداً حتى يشرف الرب من السماء ويبصر….

 اقتربت
حين دعوتك. إذ قلت [ لا تخف ] قد دفعت عن دعواي يارب وافتديت حياتي. أنت شهدت ما
أساءوا به إليَّ يارب فأقض في دعواي. قد رأيت انتقامهم كله وسائر مؤامرتهم
عليَّ. سمعت تعييرهم يارب وجميع مؤامرتهم عليَّ. وسمعت كلام أعدائي وتدبيراتهم ضدي
اليوم كله. راقب جلوسهم وقيامهم فقد أصبحت أغنية لهم. جازهم يارب بمقتضى ما جائته
أيديهم. أجعل على قلوبهم غشاوة ولتكن لعنتك عليهم. تعقبهم بسخط وأهلكهم من تحت
سمواتك يارب “.

(ميراثي
3)

 

 ميخا
7: 7 ” أما أنا فأرتقب الرب وانتظر إله خلاصي فيسمعني إلهي. لا تشمتي بي يا عدوتي. لأني إن سقط أقوم وإن جلست في الظلمة
يكون الرب نوراً لي.
إني أخطأتُ إلى الرب فلذلك أتحمل غضبه إلى أن يدافع عني ويثبت استقامتي فيخرجني إلى النور لأشاهد عدله. عندئذ ترى ذلك عدوتي ويعتريها الخزي إذ
قالت لي (أين هو الرب إلهك؟) ستشهدها عيناي تداس كطين الشوارع والأزقة “.

 

 “
وإذا عاصفة شديدة قد هبت على البحيرة حتى كادت المياه أن تبتلع القارب وكان هو نائماً. فأسرع التلاميذ إليه
ليوقظونه قائلين:….
يا سيد نجنا! أننا نهلك! فقال لهم لماذا أنتم خائفون يا قليلي الإيمان؟ ثم نهض وزجر
الريح والبحر فساد هدوء تام ” (مت 8: 24)

 “
تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والرازحين تحت الأحمال الثقيلة وأنا أريحكم. احملوا
نيري عليكم وتتلمذوا على يدي لأني وديع
ومتواضع القلب فتجدوا الراحة لنفوكم. لأن نيري هين وحملي خفيف “.

(مت
11: 28)

 

 وكان
قارب التلاميذ قد بلغ وسط البحيرة والأمواج تضربه لأن الريح كانت معاكسة لهم وفي الربع الأخير من الليل جاء يسوع إلى التلاميذ ماشياً
على ماء البحيرة…. وقال: ” تشجعوا أنا هو لا تخافوا “.

(مت
14: 24)

 

 شعر
(بطرس) بشدة الريح ” خاف
وبدأ يغرق ” وصرخ: يارب نجني فمد
يسوع يده في الحال وأمسكه. وقال له: يا
قليلي الإيمان لماذا شككت؟ وما أن صعد إلى القارب حتى سكنت الريح. (مت 14)

 

 إن
أراد أحد أن يسير ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني.

 ومن
أراد أن يخلص نفسه يخسرها.

 ومن
يخسر نفسه لأجلي فإنه يجدها.

 فماذا ينتفع الإنسان
لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟

(مت 16: 24)

 

 يارب
إله خلاصي. بالنهار والليل صرخت أمامك فلتأتي قدامك صلاتي. أمل أذنك إلى صراخي.
لأنه قد شبعت من المصائب نفسي وحياتي إلى
الهاوية دنت. حسبت مثل المنحدرين إلى الجب. صرت كرجل لا قوة له. بين الأموات فراشي….
وضعتني في الجب الأسفل في ظلمات في أعماق. عليَّ استقر غضبك. وبكل تياراتك ذللتني.
أبعدت عني معارفي.
جعلتني رجساً لهم. أُغلق عليَّ فما أخرج. عيني ذابت
من الذل لماذا يارب ترفض نفسي. لماذا تحجب
وجهك عني. أنا مسكين ومسلم الروح منذ صباي. احتمت
أهوالك. تحيرت.
عليَّ عبر سخطك. أهوالك أهلكتني. أحاطت بي كالمياه
اليوم كله. امتلكتني معاً. أبعدت عني محباً وصاحباً.
معارفي في الظلمة.
(مز 88)

 

 “
إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين “.

 

 “
دفعت لأسقط والرب عضدني…. يمين الرب رفعتني ” (مز 118)

 

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى