علم الانسان

الشباب وحياة الطهارة



الشباب وحياة الطهارة

الشباب
وحياة الطهارة

الأنبا
موسى – أسقف الشباب

الفهرس

1 مقدمة

مقالات ذات صلة

2 لماذا الجنس؟ متى ينحرف؟

3 لماذا خلق الله الجنس؟

4 لماذا ينحرف؟

5 لماذا ينحرف: 1- الذاتية

6 لماذا ينحرف: 2- المادية

7 لماذا ينحرف: 3- الفراغ

8 لماذا ينحرف: 4- التوتر

9 ضمانات حياة الطهارة

10 الحقائق العظمى للطهارة

11 الضمانات الأكيدة للطهارة

12 الضمانات الأكيدة للطهارة: 1- عمل النعمة

13 الضمانات الأكيدة للطهارة: 2- روح الرجاء

14 الضمانات الأكيدة للطهارة: 3- الحياة المليئة

15 الضمانات الأكيدة للطهارة: 4- الصفاء النفسي

16 الضمانات الأكيدة للطهارة: 5- الحياة الأمينة

17 اختيار شريك الحياة

18 توقيت اختيار شريك أو شريكة الحياة

19 سمات الاختلاط السليم

20 أسلوب اختيار شريك أو شريكة الحياة

21 أهداف الزواج المسيحي

22 مبادئ عامة في اختيار شريكة أو شريك الحياة

23 استمرار الزواج المسيحي

24 الخاتمة

 

1- مقدمة

1-
الجنس هو قدس اقداس الجسم الإنسانى، ولذلك ينبغى إن نقترب إلى موضوعاته بخشوع شديد،
ووقار كامل، ويستحسن عدم طرح هذه الموضوعات في الاجتماعات بطريقة متبسطة أو منطلقة،
بحيث تثير تعليقات الشباب وضحكاتهم، بل لابد من قدسية الحديث ووقار النقاش وعفة
الالفاظ، فالعرض الخاطىء يحرمنا من حضور الله الذي السماء ليست بطاهرة قدامه والى
ملائكته ينسب حماقة.

 

2-
الجنس شركة في الخلق ونحن عن طريقه نشترك مع الله في استمرار النوع الإنسانى،
فالامكانيات التي استودعها الله فينا في إعجاز فائق إنما هى وسيلة مقدسة لاستمرار
خلق الله لكائنات أخرى تعمر الأرض وتخلد في السماء.

 

3-
كما إن الزواج المسيحي اتحاد روحى، بحيث يصير الفرد زوجا والاثنان واحدا بالروح
القدس. انه حب باذل سخى وليس اتفاقا بشريا ماديا، وهناك مواصفات اساسية فيمن ينوى
الدخول إلى هذا السر المقدس وفى اسلوبه في أختيار الشريك.

 

4-
وبالنسبة للشباب المبكر – في المرحلة الثانوية واوائل المرحلة التالية – يستحسن
اعطاء أفكار علمية روحية في هذه الموضوعات ليحتصن الشباب ضد التيارات المختلفة
والمنحرفة، ولاشك إن ” الوقاية خير من العلاج ” فالشباب حين يدرك مفهوم
الجنس، بأسلوب ضبط العاطفة وضرورة التسامى بالغرائز والانتباه إلى مشاغل الحياة
الاخرى والسلوك بقداسة مع نفسه ومع غيره.. هذه كلها حين تدخل اقتناعه، وحين يدخل
هو إلى خبرة روحية حقيقية وشركة في المسيح، تحميه من انحرافات خطيرة.

 

5-
ولابد من التنبيه إلى ضرورة فتح القلب للشباب والشابات، ليتحدث الجميع إلى آبائهم
في الاعتراف وخدامهم وخادماتهم بكل ما يجول بأذهانهم من تساؤلات وأفكار، وعلى
الخدام والخادمات إن يكون دورهم هو قيادة النفوس إلى المسيح والى أب الاعتراف، دون
إغراق في سماع اعترافات من الشباب، فهذا له رد فعل عكسى في النهاية غير سليم روحيا
وكنسيا، إن إشعال الضوء أمام الشبان والشابات ليميزوا الغث من الثمين والنصيحة
الصادقة من الغواية الآثمة، والعطف المسيحي من العطف الخداع، والعاطفة الروحية
النقية من العاطفة الهابطة إلى مستوى الجسد.. هذا كله من شأنه إن يسدد خطى شبابنا
في الطريق السليم بنعمة المسيح.

 

لذلك
فالرعاية الفردية وممارسة الاعتراف تحل الكثير من المشاكل قبل إن تستفحل، وربما
قبل إن تبدأ.

 

6-
ولا يليق بالمرشد إن يصعب الطريق على الشباب، أو إن يجعلهم يركزون على هذا النوع
من الخطايا دون ذاك، فلا شك إن نهر النعمة يجرف كل شىء أمامه وعمل روح الله يقدس
الكيان بأسره. لذلك فكثرة الحديث في هذه الامور قد تعطى انطباعا بأنها مشاكل عسيرة
الحل مع انها سهلة وميسرة في المسيح، المطلوب هو الدفع الايجابى نحو الحياة
المسيحية، الحياة اليومية، أكثر من التركيز المريض على السلبيات.

 

7-
ولا شك إن الرب يقدر ظروف أولاده، فسن الزواج يتأخر باستمرار، وظروف المعيشة تزداد
صعوبة، والتقاليد القديمة في “الشبكة” و”الجهاز” تحتاج إلى
تطوير جذرى وهذا كله أضاف صعوبة إلى حياة الطهارة، خصوصا اذا تذكرنا دور وسائل
الاعلام والسفر إلى الخارج والاثارة المستمرة لذلك يجدر بالخدام ألا يدعو الشباب
يسقط في اليأس، بل عليهم إن يسكبوا في قلوبهم من لدن الرب، روح الرجاء “لأن
الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح” (2تى1: 7)

 

2- لماذا الجنس؟ ومتى ينحرف؟

ترتفع
صيخات كثيرة – هذه الايام – لتتساءل “لماذا خلق الله فينا هذه الغريزة التى
تتعبنا؟ ها نحن نرى مع بدايات تكوين البشرية، وكيف كانت هذه الغريزة سببا فى مشاكل
وحروب: كخطايا سدوم وعمورة، ومحاربو زوجة فوطيفار ليوسف، وانواع الانحرافات
المختلفة المسجلة في سفر الللاويين، وسبط بنيامين وداود الخ.

 

وفى
العصر الحديث نسمع ونرى تيار الاباحية وهو يكتسح العالم، سواء في العلاقات او
وسائل الإعلام، وفى بلادنا نشعر بوطأة المشكلة وهى تخرج من مكان الظلام، لتسير في
الطرقات ترفع رأسها بلا حياء.

 

فهل
خلق الله الجنس ليعذبنا؟

كم
من شباب يخاف الله ويتطلع إلى الملكوت ويهتم بخلاص نفسه، ولكنه يتعثر أمام هذه
المشكلة ويتصور إن خلاصه عسير، وربما مستحيل، بينما الرسول يقول “خلاصنا الآن
أقرب مما كان حين أمنا” (رو13: 11).

 

3- لماذا خلق الله الجنس؟

كان
من الممكن – لو أراد الله للبشرية إن تستمر – أن خلقنا بتكوين آخر يسمح بامتداد
النوع وحفظه دون الحاجة إلى هذه الشركة دون جنسين مختلفين ونحن نعرف – علميا – ذلك
الذي نسميه: التلقيح الذاتى مثلا أو إن يخلق الله الإنسان بغريزة تتحرك في وقت
معين بهدف حفظ النوع وترقد هادئة بقية العام، لكن الله – في الواقع – اراد بالجنس
ما هو ابعد من مجرد حفظ النوع وذلك ما انفرد به الإنسان دون سائر المخلوقات لقد
اراد بالجنس نوعا من الحب والشركة والاتحاد بين الإنسان والله، وبين الإنسان
والآخر.

 

وهذا
يتحقق – بصورة خاصة – في سر الزواج المقدس، حينما يعطى الإنسان المؤمن نفسه للآخر
بلا تحفظ، ويتحد الاثنان بالروح القدس ليصيرا واحدا، ويصير كل واحد منهما زوجا.

لذلك
فكل انحراف بالجنس عن ذلك المسلك الطبيعى المقدس هو تعبير عن انحراف في ”
تيار الحياة”.

 

4- لماذا ينحرف الجنس؟

ان
خطايا الجنس لا تبدأ من الجسد وحواسه المختلفة، بقدر ما تبدأ من تيارات دفينة تعمل
في باطن الإنسان، وتوجه سلوكه وشهواته وغرائزه.. أما الجسد فهو مجال التعبير
الخارجى المحسوس ليس إلا. فما هى هذه القوى الباطنية التي تجعل الإنسان ينحرف
بالجنس؟ هذه بعض الامثلة:

1-
الذاتية

2-
المادية

3-
الفراغ

4-
التوتر

 

5- لماذا ينحرف الجنس: 1) الذاتية

ليس
من شك إن الله خلق الإنسان ليحيا في شركة معه، ولذة الطرفين تكمن في هذه الشركة،
لذتى مع بنى آدم ” لكن مشكلة الإنسان تحدث حين ينعكف على ذاته، وينحصر داخل
نفسه، لا يعطى شيئا للغير ولا حتى لله. هذه الاكتفائية بالذات هذه الانانية
والعزلة هى القوة الاولى التي تنحرف بالجنس ليصير ضارا.

 

هنا
يبدأ الشباب يحصل على لذته من نفسه، ويتعبد لذاته وكبريائه، ويحطم الآخرين ليرتفع
هو هذا الانغلاق الانانى هو المحرك الاول لشهوات الجسد سواء ما كان منها ذاتيا
(كالعادات الشبابية) أو مع الآخرين (كالعلاقات المنحرفة) الذات هى المحرك فهو يحب
نفسه ويريد إن يمتعها ولو على حساب آخر.

 

لذلك
فالاحساس بالمسيح، والاقتراب منه، والانفتاح لعمل السماء والنعمة، يصحح تيار
الحياة وهذا امر ضرورى لحفظ الجنس في إطاره الصحيح والتخلص من هذه الانحرافات
المسيح يخرج النفس من عزلتها لتتحد به وبالبشرية كلها ” أفتحى لى يا أختى يا
حبيبتى يا حمامتى يا كاملتى” (نش5: 2).

 

المسيح
ينادى نفسك يا أخى الشاب. فهل تفتح له قلبك؟ وهل تدخل في حوار واقعى معه؟ وهل تسلم
له حياتك ليخلصها من كل أنانية بغيضة فتعيش بالمحبة وللمحبة؟

 

إن
الإيمان بشخص المسيح، والحديث الهادىْ معه في الانجيل أو المخدع أو القداس، هو
دواء لكل الشهوات الرديئة: “عند إصعاد الذبيحة على مذبحك، تضمحل الخطيئة من
أعضائنا بنعمتك ” (قسمة القداس الالهى).

 

لذلك
فالسؤال الاول المطروح أمامى كشاب هو:

هل
عرفت المسيح حقا؟ وهل دخلت في حديث معه؟ وهل احبه لصفاته العذبة وعمله الفدائى
لأجلى، إن لم تكن قد دخلت في هذه الشركة فهيا الآن اجلس في هدوء وتصور رب المجد
أمامك وأبدأ حديثا معه، وإن بدأ الحديث فلن ينته.

 

6- لماذا ينحرف الجنس: 2) المادية

يحس
الإنسان بنشوة خاصة في ممارسة الجنس سرعان ما تتحول إلى ضيق وفراغ، إن هو مارس
الجنس خلوا من المحبة النقية الكائنة في سر الزيجة، لذلك فهذه النشوة الشعورية
الحسية، التي كثيرا ما تشد الشباب للانحراف، تحتاج إلى أختبار لنشوة روحية هادئة
تنقل الإنسان من مستوى الجسدانيين إلى مستوى الروحانيين.

 

مشكلة
الشباب انهم لا يريدون إن يحيوا الحياة في ملئها ونقاوة قصدها وهم إن تذوقوا هذه
الحياة سيتأكدون أنها أفضل وأعمق وأبقى من لذة الخطية، التي تنفي عن الحياة جديتها
وعمق مصيرها.

 

وهذا
السقوط إلى المستوى الحسى والمادى ينسحب إلى (او هو في الحقيقة ينبع من) الاستعباد
للمادة بوجه عام، وعدم قدرة الإنسان على رؤية غير المنظور من خلال المنظور، إن
الوهم الذي يقع فيه معظم الناس هو إن المادة في ذاتها تقدر إن تهب الحياة والسعادة
وهذا الوهم كان نتيجة سقوط آدم لكن ابن الله الكلمة الذي خلق كل شىء حسنا، صحح هذه
الرؤية بتجسده إذ لبس المادة ولمسها واكل منها وهكذا تقدست المادة أو بالحرى
استعلنت نعمة الله من خلالها، ومن ثم وهبنا بصيرة جديدة هى عطية الإيمان: إن نرى
ونطلب بالإيمان مجد الكلمة من وراء الجسد والمادة.. هذا الإيمان نختبره ونمارسه من
خلال الاسرار الكنسية، وفى ممارستها تتجدد فينا قوة هذه البصيرة وتشحذ وهكذا
نستطيع إن نعيش في الخليقة الجديدة، بالحياة الروحية أي بروح الله المنسكب علينا
من العلاء، فلن نقف بحسنا ومشاعرنا عند حد المادة، ولن نظن إن سعادتنا وكفايتنا
كامنة في المنظور، بل في ابن الله الكلمة واهب الحياة وغاية الحياة.

 

هل
ذقت يا أخى الشاب حلاوة صفاء الحياة الروحية هذه؟ وهل ترن في اذنيك أنغام اورشليم؟
التي سبقنا اليها انطونيوس وبولا وأغسطينوس؟ تلمس في هدوء بصيرة الإيمان التي فيك،
حتى ترى الله في كل خليقة وكل إنسان، فيتنقى العالم أمامك ويتطهر.

 

7- لماذا ينحرف الجنس: 3) الفراغ

يستحيل
إن يعيش الإنسان في فراغ، والفراغ هنا ليس فراغ الوقت بل خلو الحياة، حين تكون
الحياة خلوا من رسالة. هنا الضياع والسقوط في العبث الذي طبع الادب الفرنسى لزمان
غير قليل، وأنتشر في بقاع كثيرة بعد ذلك. إن مَنْ يقرأ لصموئيل بيكيت
Samuel Beckett أو اونسكو سيشعر بمرارة ما يعانيان من ضياع معنى الحياة والوجود
في نظرهما وحين يفقد الإنسان رسالته في الحياة إلى مأساة ويتحول الآخرون إلى جحيم،
لأنهم سيعطلون طوح الذات.

 

لكن
الرب يفتح لنا هنا أفقا رائعة: “أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم أنا”
الإنسان هنا، وجد لكي يخدم ويتحد بالمحبة مع البشرية كلها، وحين يشعر الإنسان انه
“رسول محبة” للإنسانية ينسى ذاته ويتذكر أخاه فلا يعد أنانيا بل محبا
للجميع من قلب طاهر بشدة.

 

لا
تجلس متباكي على بعض المتاعب الجنسية عندك، لكن أخرج إلى الطرقات لتبحث عن الخراف
الضالة والمجهدة، وتدعوها إلى وليمة المحبة في بيت الرب، والى شركة الوجود في حضرة
الله، هل تشعر يا أخى الشاب أنك ” رسول محبة “؟ تقدم الخدمة لكل فقير أو
بعيد، وتقدم من حبك لكل محروم ومتضايق، هل تخدم الرب بأمانة وأتساع قلب؟ أم أنك
تحيا لتكون نفسك ماديا، وتمتع نفسك بما في هذا الدهر وتترك أخوة لك – فقراء في
الروح أو المادة – يتضورون جوعا.

فلتكن
لك رسالة وخدمة، واخرج من بيتك لتزرع الحب والسلام في كل الأرض.

 

8- لماذا ينحرف الجنس: 4) التوتر

حين
يعانى الشباب توترا وقلقا نفسيا من اجل المستقبل مثلا، أو من اجل متاعب مادية أو
اجتماعية في محيط الاسرة، ينعكفون على الخطية لاستجلاب لذة تعويضية عن المرار الذي
يعيشونه.

 

لذلك
يلزم للشباب الذي ينشد الطهارة ألا يترك نفسه لأى سبب أو لأى مشكلة، بل يسلمها في
هدوء بين يدى الله، واثقا أنه أبن لأب يرعى إحتياجاته ويعطيه الطعام فى حينه الحسن،
ويعمل كل شىء حسنا في وقته.

 

ان
لحظات المخدع التي تتحاور مع الله بخصوص مشاكلك المادية والعلمية والعائلية.. تهدى
نفسك وتسكب السلام في داخلك، فلا تشعر بجوع عاطفى، ولا بتوتر نفسى يدفعك للسقوط،
خصوصا في الافكار الشريرة أو العادات الضارة كالعادة الشبابية أو عادة التدخين أو
غيرها.

والآن
يا أخى الحبيب..

مزيدا
من الحب للمسيح والتطلع للسماء، والمحبة للآخرين، والسلام الداخلى.. وهكذا تحصل
على الطهارة والقداسة التي بدونها لن يرى احد الله.


من لى في السماء ومعك لا اريد شيئا على الأرض” (مز73: 25).

 

9- ضمانات حياة الطهارة

يتصور
بعض الشباب إن حياة الطهارة اصبحت أمرا مستحيلا هذه الايام، فهناك بالفعل قوة
جبارة تدفع الإنسان نحو السقوط: الغريزة بنداءاتها الملحة التي لا تهدأ، والمجتمع
بعثراته الخطيرة التي لا تنتهى، والشيطان كرئيس شرير يعمل في هذا العالم ضد الله
وضد القداسة، ليحاول قد إمكانه إفساد خطة الله من خلق الإنسان، وقصده المبارك من
نحوه.

 

النغمة
الشائعة في هذه الايام هى نغمة “روح العصر” فالمجتمع الحالى يجرى ليلاحق
التطور العصرى في مجلاته العلمية والفكرية والتقدمية، والمجتمع الكنسى يجتهد في
استيعاب التغيرات التي طرأت على هذا الجيل، والنزعات المختلفة التي تحركها مثل: نزعة
الكبرياء العقلية، ونزعة القلق، ونزعة التحرر، ونزعة الانحلال، ونزعة الانفتاح
الفكرى.. الخ

 

ولكن
ثمة خدعة يحاول الشيطان إن يتسلل بها إلى قلوب شبابنا هذه الايام، مؤداها ان هذا
العصر يختلف كثيرا عما سبقه من عصور، بحيث اصبحت القداسة سرابا لا داعى للاجتهاد
في السير نحوه.

 

10- الحقائق العُظمى حول الطهارة

*
الحقيقة الاولى: التي لا يرقى اليها شك إن كل مجتمع كان في عصره مجتمعا عصريا،
فمجتمع القرن الاول كان عصريا بالنسبة لما قبل الميلاد وهكذا..

 

*
والحقيقة الثانية: إن التغيير الذي يطرأ على المجتمعات لا يصيب جوهر الامور إطلاقا،
بل هو تغير فكرى وعملى وسياسى واجتماعى، ولكنه يستحيل إن يفترق عن أي مجتمع سابق
أو لاحق من جهة موضوع الخطية والقداسة، هذا الموضوع روحى محض، والروح ابدى خالد لا
يخضع للزمن ولا للتطور بل هو خارجهما معا.

 

*
والحقيقة الثالثة: انه لا تغيير يمكن إن يطرأ على جوهر الإنسان فغرائزه هى بعينها
كما كانت منذ القديم، وطبيعته الساقطة هى بذاتها كما ورثها عن آدم، وتطلعاته
الابدية وضميره الالهى، أمور لا تتغير من جيل إلى جيل، إلا بقدر أمانة الإنسان في
استخدامها أو تجاهلها.

*
والحقيقة الرابعة: أنه حتى إذا أفترضنا جدلا سهولة السقوط وصعوبة الخلاص في هذا
العصر، فيجب أى ننسى أنه ” حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدا” (رو5: 20)
فليس خلاص الإنسان في يده وحده، ولكنه في يد الله حينما تمتد لتنتشل الإنسان
الباحث عن الحق باجتهاد القلب وعزم صادق.

 

ولعلنا
لو طلبنا من شباب هذا الجيل إن يقيم الآن في عمورة وسدوم لما وجد فرقا بينهما وبين
أحداث المجتمعات الآن، مع أن اربعين قرنا تفصل بين المجتمعين.

 

ولعلنا
نذكر ايضا كيف كانت القداسة مزدهرة في العصر الرسولى، بينما كان السحر منتشرا
بصورة مذهلة، وكانت الاوثان تعبد بطقوس نجسة شائنة.

إذن
فلا جديد تحت الشمس، الجديد هو في تخاذل نيتنا كشباب إن نحيا للمسيح، ومن هنا
نلتمس المعاذير تحزيرا لضمائرنا حين تنحرف.

 

11- الضمانات الأكيدة للطهارة

إذن
فنحن في حاجة إلى إستيعاب الضمانات الاكيدة التي تسندنا كشباب في جهادنا المقدس إن
كنا قد عقدنا العزم على الجهاد ضد الخطية ولو حتى إلى الدم.

 

12- الضمانات الأكيدة للطهارة: 1) عمل النعمة

ليس
من شك إن مجهوداتنا البشرية مهما عظمت، لا تقدر إن ترفعنا فوق قامتنا ولو الى ذراع
واحد. هذه خبرة حياتنا اليومية، وليس من شك إن قوى البشر اعلى من إن نواجهها
ببشريتنا الهزيلة.

 

لذلك
جاء تدبير النعمة ليحل المشكلة ويلغى التناقص المروع، الكائن بين إله قدوس وبشر
خطاة، النعمة عمل إلهى باطنى، به يصير الإنسان شريكا للطبيعة الالهية، وهى قوة غير
محدودة في أحشاء الإنسان فتنبط الغريزة، وتهدأ النفس، ويستنير الفكر، ويخشع الكيان،
النعمة طبيب إلهى يشفى النفس من انحرافاتها وأوجاعها.

 

لذلك
فالشباب الذي يستودع نفسه لعمل النعمة، يحس بتغير صادق في نفسه وحواسه وأفكاره
ومشاعره ونزعاته، وهذه معجزة لابد من أختبارها.

 

النعمة..
طاقة جبارة ترفع النفس فوق معاكسات الجسد وإغراءات العالم، وإيحاءات العدو أنها
ببساطة الله ساكنا في إنسان.

 

أما
وسيلة الحصول على هذه النعمة فهى: الطاعة والقبول الصادق للرب يسوع رئيسا للحياة،
والشركة المستمرة معه، للتعبير عن هذا الاختبار عمليا، بالصلاة والشبع بالانجيل
والاتحاد المستمر بجسده ودمه الاقدسين.

 

إذا
كانت لدينا نية صادقة للحياة حسب المسيح، فلنترجم هذا عمليا بالشركة الحية والطاعة
العملية لتعليمات الرب، وهنا يأتى دور الجهاد الذي به نحصل على النعمة اللازمة
لخلاصنا.

 

هيا
يا أخى الشاب أقترب من السيد، وأنسكب تحت قدميه، وسلمه حياتك المسكينة المائتة،
لتخرج كل مرة من مخدع الصلاة وفى يديك زوفا جديدة تغسل بها خطاياك، وذخيرة جديدة
تحارب بها في اليوم الشرير.

 

13- الضمانات الأكيدة للطهارة: 2) روح الرجاء

إياك
والاستسلام لخدعة العدو: “لا فائدة!” وليكن ردك باستمرار: (لا فائدة فىّ
ولكن كل الفائدة في السيد الرب ” الذي يفتدى نفسى من الموت وحياتى من الحفرة
“).

 

تشدد
بالحب المذهل الذي في قلب المسيح من نحوك، وثق في الحنان الذي بلا حدود المنسكب من
احشائه تجاهك أنت الضعيف المستعبد: ” ثق قم هوذا يناديك ” فلا تتأخر ولا
تستسلم لماضيك ولا لضعفك ولا لخداعات العدو إنه دوما في أنتظارك، يفرح بعودة
التائب مهما كان ماضيه.

 

14- الضمانات الأكيدة للطهارة: 3) الحياة المليئة

من
أخطر الامور على طهارتك يا أخى الشاب “فراغ الحياة” لا اقصد فراغ الوقت
فحسب، بل الحياة التافهة، التي بلا رسالة ولا مسئولية ولا تطلعات. خذ من يد الرب
رسالتك كخادم للمسيح. ينبغى إن تستجيب لمحبته الخالدة، وتبحث عن اولاده البعيدين..
مسئوليتك كطالب، هى أن تشهد للرب بأمانتك وتطلعاتك المقدسة، حتى تمتلىء حياتك
بالاهداف المباركة والآمال النقية، التي تهدف إلى خدمة الرب واولاده.

 

ضع
أمامك اهدافا مقدسة مثل: التدريب على الصلاة الدائمة، وإستيعاب الانجيل المقدس،
وإستيعاب روح الكنيسة في آبائها وتاريخها وعقائدها وصلواتها، وإستيعاب روح العصر
وفكره وثقافته، حتى تسخر هذا كله لخدمة المسيح والبحث عن النفوس البعيدة واجتذابها
إلى الحظيرة.. وهكذا.

 

كذلك
اهتم بدراستك ومهنتك، فأدرس بحب وشغف ولا تدرس للامتحان فقط، بل اهدف إلى النمو في
حب عملك لتؤديه بفاعلية وسعادة.

 

إن
إنشغال قلبك بأهداف طاهرة يسكب الطهارة في احشائك، أما تفاهة الحياة وفراغ القلب
فلا منفعة فيهما!!

 

15- الضمانات الأكيدة للطهارة: 4) الصفاء النفسي

لعلك
تلاحظ ان الانسان لا يلجأ الى الخمر والمخدرات والتدخين الا بسبب القلق، كنوع من
البحث الخاطىء وراء السعادة المفقودة، كذلك ايضا فى موضوع الطهارة، نجد ان الشقاء
النفسى الناتج عن الفشل الدراسى او الاجتماعى، او المتاعب المادية، يجعل النفس
تلجأ الى الغريزة كوسيلة متيسرة للتعويض، لذلك يلزمنا كشباب ان نقتنى – بنعمة
المسيح – النفسية الصافية التى تتعامل بإيجابية، مع مصادمات الحياة اليومية
ومشاكلها، فتأخذ منها عيرا ودروسا للمستقبل، وتتجاوزها لتحول الفشل الى نجاح،
والمشكلة المادية الى وسيلة لاختبار يد المسيح الامينة من نحو اولاده، وفقد
الوالدين او الاخوة الى نافذة مفتوحة على السماء، من خلالها نتعرف على الله، وعلى
الابدية، وعلى زيف هذا الدهر.

 

وهكذا
اذ تهدأ نفسيتنا بين يدى الله لا تبقى لدينا حاجة الى التعويض باللذة الضارة.

 

16- الضمانات الأكيدة للطهارة: 5) الحياة الأمينة

يجب
إن تكون امينا في حياتك من كافة زواياها: الدراسية والاجتماعية والروحية.. الخ.
ويجب إن تكون دوافعك في السير وراء المسيح نقية، تهدف اليه في ذاته لا إلى عطاياه..
وان تكون مدققا في مشاعرك وعواطفك، فترفض إن تدخل في علاقة تظنها مقدسة، ثم تنتظر
لنفسك حياة الطهارة، لذلك دقق في حواسك وافكارك واتجاهاتك، حتى لا تتحول إلى منافذ
للعدو، منها يتسلل إلى قلبك.

 

وثق
إن الرب الذي يرى جهادك من السماء سوف لن يتخلى عنك، بل سيسندك بقوته الفائقة.
انشغل به اساسا فتنحل الخطية من اعضائك بسهولة، إن صراعنا ليس ضد الخطية لنصرعها،
بقدر ما هو مع المسيح لنقتنيه، واذا اقتنينا المسيح أخذنا كل شىء.

 

17- أختيار شريك الحياة

لاشك
إن قضية أختيار شريك الحياة لها أكبر الاثر، في حياة كل من يدعوهم الرب لارتياد
طريق الزواج المقدس، وهم الغالبية العظمى من المؤمنين ولكن هذه القضية بعينها،
تحتاج إلى دراسة سليمة، في أبعادها المختلفة.. ومن المناسب إن يدرك الشاب في السن
المبكر بالذات أبعاد هذا الموضوع، حتى يصحح ما قد يتسلل إلى فكره البسيط، من
مبادىء أو سلوكيات، ليست في مصلحة الطرفين بأى حال.

 

18- أختيار شريك الحياة: 1) توقيت الاختيار

يجب
إن يدرك الشاب – من الجنسين – إن هناك وقتا مناسبا للتفكير في هذا الموضوع، وذلك
للاسباب التالية:

 

أ)
يجتاز الشاب في بدء المرحلة طورا جنسيا يسميه العلماء “الجنسية الغيرية العامة”
فيبدأ يحس بالجنس الآخر، ويلمح زوايا معينة في هذا الشخص أو ذاك، ويعجب بواحد لسبب،
ثم ينتقل إلى آخر لسبب آخر، وتتدخل العاطف أحيانا، والجسد غالبا، في هذا الاستحسان
المتنقل بسرعة، لذلك فحين يظن أي من الطرفين إن هذا الاحسان أختيار حقيقى لشريك
الحياة، فهو يخطىء قطعا، لأنه في مرحلة الجنسية الغيرية الاحادية، وذلك في سن
العمل، وتحمل مسئوليات الحياة.

 

ب)
هذا التنقل السريع يحدث مصادمات عاطفية ونفسية كثيرة، تتعب الجهاز النفسى في
الطرفين، اذ يحس احدهما أنه ظالم، ويحس الآخر انه مظلوم.

 

ج)
كما أنه يسىء حتما للطرفين، فالايام لا تنسى – خصوصا للفتاة – ارتباطها باسم ما
دون خطوات رسمية.

 

د)
ويستحيل إن ننكر – وهذا علمى ايضا – إن العاطفة جزء من الجسد، لأنها جزء من مكونات
الشخصية الإنسانية، لهذا فأن بدأت في نقاوة إلا انها سريعا ما نكشف عن إيحاءات
أخرى غريزية لا تخلو من مخاطر.

 

ه)
واخيرا.. فالشاب حين يرى تجاوبا من الشابة التي ارتبط بها عاطفيا، سرعان ما يشك
فيها ويتركها، حتى بعد الاقتراب من الخطوات الرسمية، ذلك لان اكثر الشباب انحرافا
يختار اطهر الفتيات حين يقدم على الزواج.

 

لهذا
كله يجب إن يحرص الشاب والشابة، على السلوك المقدس، وعدم الخضوع لإيحاءات العاطفة
والغريزة والحواس، وذلك بأن يكون أختلاطهم مسيحيا مقدسا. فما سمات الاختلاط
السليم؟

 

19- أختيار شريك الحياة: 2) سمات الاختلاط السليم

الاختلاط
بين الجنسين شىء طبيعى موجود الآن في البيوت والمدارس والجامعات وميادين العمل،
وخطورة الاختلاط تكمن في الانحراف به عن حادة الصواب سواء انحرفنا به نحو الانفلات
كما يحدث في المجتمعات الغربية، أو نحو التزمت كما يحدث احيانا في المجتماعت
الشرقية، بالفصل المتشدد بين الجنسين.

 

أما
الاختلاط المسيحي فله سماته وحدوده، وهذه بعضها:

أ)
هو أختلاط في حضرة المسيح، فكلا الطرفين مرتبط بالمسيح، شبعان بنعمته، مقدس بروحه،
لذلك فهو يختلط لدواعى طبيعة العمل والحياة، في روح أخوية مقدسة، ومن يقرأ فليبى 4
أو رومية 16 يرى نموذجا مقدسا للاختلاط المسيحي، فالخدام والخادمات يعملون معا في
كرم المسيح، في نقاوة وعفة وتحفظ، والجميع اسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة.

 

لذلك
فالشاب المسيحي لا ينزل من بيته دون إن يطمئن انه في يد المسيح، وان المسيح في
قلبه، وبهذا السلاح ينزل إلى الميدان، وفى كل المواقف يشعر إن المسيح هو نوره
(يفرز له الغث من السمين) وهو قوته (يعطيه المعونة في لحظات الاحتياج)، وهكذا يصيح
دائما: “يعظم أنتصارنا بالذى أحبنا”.

 

ب)
وهو أختلاط في حدود العمل، فالاحاديث تجرى دون داع، أو في أي موضوع أو دالة مفسدة،
أو احاديث هامة، ولكن في محيط العمل، وفى مكان العمل لا خارجه، انها علاقة عمل
وزمالة مسئوليات، فأذا ما احس الإنسان – بالمسيح المنير الساكن فيه – ان الخط
سينحرف، يتحرك سريعا نحو الطريق السليم، مستعينا بالمخلص الامين، الحاضر معه في كل
حين.

 

ت)
وهو أختلاط في إطار الجماعة، فالكل يتعاون في نقاوة وبراءة، أنها كنيسة أي جماعة
متحدة بالروح، تعمل لمجد المسيح ولسعادة الكل، لذلك فالتركيز الفردى مرفوض تماما،
فهو خروج عن الخط السليم، وعن الجماعة المترابطة بالمسيح وداخل إطار القداسة، أي
إن علاقة فردية بشخص معين هى نذير بخطر يحدق بالطرفين، أما اذا كان ذلك في إطار
أختيار الشريك، فليكن هذا بأسلوب مقدس ورسمى، وتحت إرشاد أب الاعتراف، وفى النور الواضح.

وهنا
يبقى سؤال، ما هو الاسلوب السليم في أختيار شريك الحياة.

 

20- أختيار شريك الحياة: 3) اسلوب الاختيار

الإنسان
يتخذ قراراته عموما كمحصلة لثلاثة قوى تعمل في داخله هى:

*
الروح: اى صوت الله داخل النفس البشرية.

*
الفكر: اى المنطق الهادىء الدارس للامور.

*
العاطفة: اى الاحاسيس التى تتملك الإنسان نحو موضوع معين.

 

والخطأ
الاكبر يحدث حينما تنقلب الموازين، فلا شك أن الترتيب السابق هو الترتيب السليم
للقوى: الله يضبط العقل، والعقل يضبط العاطفة، لكن انقلاب الموازين يحدث حينما
تقود العاطفة كل الكيان الإنسانى، فالعقل يجب أن يصمت، والله يجب أن يوافق على ما
احس به!

 

وواضح
أن العاطفة ليست مؤهلة لقيادة الإنسان فهى متقلبة عموما، وهى جزء من النفس
الإنسانية العتيقة المعرضة للخطأ، وهى جزء من الجسد، اى تيار الاثم العامل في
غرائز الإنسان ومكوناته، لذلك فالانسياق للعاطفة خطأ خطير، فربما لا يوافق المنطق
على هذا الاختيار، بل ربما لا يوافق الله نفسه عليه وهو أدرى بمصلحتنا ومستقبلنا.

 

لهذا
فالاسلوب السليم لاختيار شريك الحياة يجب أن يبدأ بالله، بالصراخ المستمر اليه،
لكى يكشف لنا معالم الطريق، بعدم التشبث بفكر معين أو مشاعر معينة أو شخصية معينة،
اى بالتسليم الصادق، الخالى من المشيئة الذاتية.

 

وبعد
قيادة الله، يفكر الإنسان في هدوء، هل هذا الموضوع مناسب؟ يفكر بمفرده يفكر مع
ابيه الروحى، ويفكر مع اسرته وأحبائه، فلا شك أن التفكير بصوت مرتفع، يعطى قرارات
سليمة اذا صاحبها التسليم لله، وطلب مشورته وتدبيره.

 

أما
العاطفة، فيكفى القليل منها، بأن تكون العاطفة هادئة ورزينة، خير من أن تكون حارة
مشبوبة، تخفى عنا صوت العقل، بل حتى وصوت الله.

 

والمحبة
المسيحية محبة إلهية تبدأ هادئة وتزداد، وفيها بذل وعطاء سخى تنازل عن كل ما يتعب
الطرف الآخر، وهكذا يلتقى الاثنان في المسيح، فيصبح الفرد زوجا والزوج (أثنان)
واحد بفعل الروح القدس في سر الزيجة المقدس.

 

21- أختيار شريك الحياة: 4) أهداف الزواج المسيحي

هل
لابد من الزواج لغالبية الناس؟ ولماذا؟

نحن
نرى في المسيحية أهدافا ثلاثة للزواج:

(أ)
الاتحاد المقدس:

ليس
جيدا إن يبقى آدم وحده، أصنع له معينا نظيره (تك2: 18)، إنها وحدة ح بطاهرة مقدسة
في المسيح، على مثال اتحاد المسيح بالكنيسة.

 

(ب)
الاشتراك مع الله في الخلق:

فالزوجان
يشتركان مع الله في عملية الخلق، وهذا مجد عظيم للإنسان أنها ليست أمورا حسية وحسب،
بل هى تحوى في طياتها مهمة حفظ النوع الإنسانى، ولقد أوجد الله في الإنسان الابوة
والامومة، قبسا منه، لكي يستمر البشر على الأرض، ويزداد عدد اولاد الله المتمتعين
بحبه.

 

(ج)
طريق خلاص:

“التزوج
أصلح من التحرق” (1كو7: 9) أي إن غالبية البشر طريقم للخلاص هو الزواج، ففيه
استخدام مقدس للغرائز في إطار الطهارة والعفة والانضباط المسيحي، أما البعض الذين
“أعطى لهم” (مت19: 11) فهم يشعرون إن خلاصهم هو في البتولية، ليكونوا
الله بكل كيانهم ن وهم مدعوون لهذا، ولا فضل لاحد على الآخر، لأنه لا خلاص بدون
المسيح، وان كانت البتولية تعطى فرصة اكبر للانطلاق الروحى والكرازى، إلا أنها
دعوة خاصة، لا يشتهيها الإنسان أو يفتعلها، بل يتقبلها من الرب كموهبة، “لانى
اريد إن يكون جميع الناس كما انا لكن كل واحد له موهبته الخاصة من الله. الواحد
هكذا والآخر هكذا” (1كو7: 7) وما عليه الا إن يجاهد ليحافظ عليها.

 

22- أختيار شريك الحياة: 5) مبادئ عامة في الاختيار

يجب
إن يلتزم الشاب المسيحي بمبادىء عامة وهامة في الاختيار مثل:

(أ‌)
الزاوية الروحية: هل الطرف الآخر قريب من المسيح ويسلك في طريقه ام لا؟ هل هو روحى
النزعة ام انه علمانى القلب؟

(ب‌)
الزاوية المادية: تقارب المستوى المادى افضل ن بسبب أنماط السلوك المختلفة فى
المعيشة والسكن والثياب وخلافه، وما تحتاجه هذه الانماط من مصروفات.

 

(ج‌)
الزاوية الاجتماعية والثقافية: يستحسن التقارب الاجتماعى والثقافى ايضا، فبيئة
الريف تختلف عن بيئة المركز، وهذه تختلف عن المحافظة، فالمشارب مختلفة، ويستحسن إن
يكون الطرفان ذوى مشارب متقاربة اجتماعية وثقافية.

(د)
الزاوية الجمالية: يجب إن تأخذ اكبر من حجمها، فهو شىء مؤقت سرعان ما يزول كزهر
العشب، وكثيرا ما يكون الجمال الجسدى سبب متاعب وغيرة، بل إن الملاحظ انه يكون
أحيانا سبب تأخر ذهنى وثقافى وروحى، بسبب إنشغال الإنسان بنفسه.

 

23- أختيار شريك الحياة: 6) استمرار الزواج المسيحي

هو
رهن بأمور كثيرة أهمها:

(أ)
المذبح العائلى:

الالتفاف
اليومى حول الانجيل والصلاة المشتركة والتناول معا، فهذه وسائل أساسية لتدعيم
الحياة المسيحية في الاسرة، كما إن الاطفال يشربونها ببساطة مع اللبن.

 

(ب)
روح العطاء:

فما
لم يخرج كل طرف عن أنانيته، يستحيل أن يبنى البيت، يجب أن يلتزم كل طرف بأن يعطى
من حبه للطرف الآخر في بذل سخى، ولاشك إن اتحاد كل طرف بالمسيح، يوحده بالطرف
الآخر تلقائيا. أما إنحصار الإنسان في نفسه فهو ارتداد من مركز الدائرة الى محيطها
الواسع، حيث التفرق والانقسام.

 

(ج)
روح التفاهم:

فما
لم يقتنع كل طرف انه قد يكون مخطئا في تفكيره، ويتحاور مع الطرف الآخر في سعى صادق
إلى الافضل، سرعان ما يتشبث كل منهما برأيه، ولو كان خاطئا، وتتمزق الاسرة..
التفاهم الهادىء، والاسترشاد برأى المسيح والآباء أساس لحفظ كيان الاسرة.

 

(د)
عدم تدخل الاسرتين إلا للبنيان:

فما
أكثر ما تتفاهم المشاكل بسبب التعاطف المريض مع الطرف القريب لى، والمطلوب بدلا من
ذلك إن يكون تدخل الاسرتين محدودا وللبنيان فقط ن بغض النظر عن انتماءات الطرفين،
واذ ترفع الاسرة المسيحية شعارا واحدا هو: “المسيح رب هذا البيت”، تصمد
دائما أمام كل الزوابع.

 

24- خاتمة كتاب الشباب وحياة الطهارة

ختاما
يجب إن ندعو الشباب المسيحي إلى القداسة والعفة، فالحياة الطاهرة خير صون لهم في
الطريق وأثناء الحياة الزوجية، اما الانحراف فهو أمام الله والناس، وغالبا ما يدفع
الإنسان ثمنه مرارة وهوانا، بالاضافة إلى رفض المسيح لصور الانحراف المختلفة،
باعتبارها تدنيسا لهيكل الله الذي هو نحن:


آفأخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية؟ حاشا!” “وأم لستم تعلمون إن
جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله، وأنكم لستم لأنفسكم؟”
(1كو6: 15، 19).

“أما
تعلمون انكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم؟ إن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده
الله، لان هيكل الله مقدس الذي أنتم هو” (1 كو 3: 16، 17).

 

مسكين
اذن من يتصور إن الاباحية حرية أو راحة، فهى صميم العبودية للجسد والشيطان، ولا
سعادة فيها، بل لذة آثمة تزيد الإنسان عطشا وجوعا وتملأ حياته مرارة واكتئابا،
فهؤلاء مثل الذين “حفروا لأنفسهم آبارا مشققة لا تضبط ماء”، “لأن
من يشرب من هذا الماء يعطش ايضا، ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه انا فلن يعطش
إلى الابد” (يو4: 13، 14).

من
يشرب من الماء الذي أعطيه انا فلن يعطش إلى الابد ” (يو4: 13، 14).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى