كتب

إنجيل برنابا



إنجيل برنابا

إنجيل
برنابا

 

دوّن
في القرن الرابع عشر وفي اللغة الإيطاليّة. إنّه عمل رجل مسيحيّ ارتدّ إلى الإسلام
فأظهر أن يسوع هو السابق بالنسبة إلى المسيح محمّد. ملاحظة أولى: يشير الآباء في
مقطعين قصيرين إلى إنجيل برنابا. ملاحظة ثانية: هناك إنجيل برنابا المنحول وهو مؤلّف
غنوصيّ يعود إلى القرن الثالث وقد بقي لنا منه بعض المقاطع. برنابا (رسالة) مؤلّف
منحول من القرن الثاني. نجد فيه مقاطع قريبة من اللاهوت البولسيّ. كما نجد فيه
هجومًا عنيفًا على العالم اليهوديّ. قد يكون ألّف هذه الرسالة مسيحيٌّ من
الإسكندريّة.

 

هو
مؤلَّف بشرى، يدّعي بعض المغرضين أنه هو الإنجيل الحقيقي، أو على الأقل أحد
الأناجيل الحقيقية. ولقد بدأت قصة* هذا الكتاب عندما عثر كريمر (مستشار ملك
بروسيا) في سنة 1709 على نسخة إيطالية لهذا (الإنجيل) المزعوم، مكتوب في مقدمتها
أن راهباً لاتينياً اسمه فرامينو عثر على رسالة لإيريناوس يندد فيها بما كتبه
الرسول بولس ويستند في ذلك على إنجيل برنابا، فصلى إلى الله ليهديه إلى الإنجيل
المذكور. وحدث أنه لما كان عند البابا سكتس الخامس، أوقع الله سباتاً على البابا،
فانتهز الراهب الفرصة وبحث في مكتبته، فعثر على ذلك الإنجيل فأخفاه في ثيابه وبعد
ذلك طالعه واقتنع بما جاء فيه!

والأدلة
على زيف هذا المؤلَّف البشرى كثيرة:

أولاً:
رواية اكتشافه نفسها، لأن كتابات إيريناوس موجودة إلى الآن، وليس بينه وبين بولس
تلك الخصومة المزعومة، بل إنه يقتبس كثيراً من كتاباته وكذا من الأناجيل الأربعة
المعتمدة.

ثانياً:
أن النسخة الوحيدة المكتشفة له هي باللغة الإيطالية (بالإضافة إلى نسخة أخرى
أسبانية، مترجمة عن الإيطالية، وقد فقدت فيما بعد). ولم يُعثَر على أي نسخة باللغة
اليونانية التي هي لغة العهد الجديد.

ثالثاً:
التاريخ الذي ترجع إليه النسخة الوحيدة المكتشفة، والموجودة حالياً، هو القرن
الخامس عشر على أبعد تقدير.

رابعاً:
لم يُشَر إلى هذا الإنجيل المزعوم ولا إلى مضمونه في الجداول المنتشرة من القرن
الثاني فصاعداً، ولا في ملخصات العهد الجديد أو أقوال الآباء، ولا في المجامع
المختلفة محلية كانت أم مسكونية، ولا حتى من أصحاب البدع والهرطقات على مر العصور.

خامساً:
عندما تُرجِم هذا الكتاب إلى العربية، بادر المفكرون – حتى من غير المسيحيين – إلى
رفضه. وفي مقدمة هؤلاء المفكرين الدكتور خليل سعادة مترجم هذا المؤلَّف نفسه، كما
ذكر في مقدمة الترجمة. وأيضاً الأستاذ عباس العقاد*، وغيرهم كثيرون.

سادساً:
يذخر هذا الإنجيل المزيف بأخطاء عديدة تُسقِط عنه لا صفة الوحي الإلهي فحسب، بل
وتنزله حتى من مرتبة الكتب المحترمة. وسنلخصها في النقاط الآتية:

1-
أخطاء تاريخية: قوله إن بيلاطس الوالي، وكذا حنان وقيافا رئيسي الكهنة كانوا أيام
ميلاد المسيح (فصل3: 2)، والصحيح أنهم كانوا في عهد صلبه بعد نحو 33 سنة. كما يشير
إلى جماعة الفريسيين في زمان إيليا (حوالي 900 ق.م) ويقول إنهم كانوا 17 ألفاً
(145: 1)، مع أن جماعة الفريسيين لم يُعرفوا في التاريخ إلا بعد الرجوع من السبي
(أي بعد زمان إيليا بمئات السنين)، ولم يظهروا كحزب ديني إلا في القرن الثاني قبل
الميلاد فقط.

2-
أخطاء جغرافية: يقول إن مدينة الناصرة تقع على البحر (20: 1، 9)، والواقع أنها في
جبل. كما يذكر أن في فلسطين مقاطع للأحجار(109: 9)، مما يثبت جهله، وأنه لم يرَ
فلسطين في حياته.

3-
أخطاء لاهوتية: إذ يتحدث عن بكاء الشياطين، وعن بصقهم (55: 14، 35: 26)، فمن أين
للشياطين – وهى أرواح – بالماء للدمع أو للبصاق؟! كما يتحدث عن بكاء النباتات
والأعشاب دماً (53: 19)، فمن أين للنباتات بلازما أو دم!! كما يقول إن من لا يصلى
هو أشر من الشيطان (36: 2)، فهل هناك من هو أشر من الشيطان؟! ثم أن الشيطان لا
يصلى!

4-
أخطاء روحية: فهو يحرِّم كل أنواع الحب كحب الأب لابنه (99: 10-14) أو الأم
لابنها، وكذا محبة التلاميذ ليسوع (220: 18)، ومحبة الشعب للهيكل (99: 7-9). ثم
يتجاسر فيستخدم تعبيراً غير لائق عن الله جل مجده وهو أنه يحب إسرائيل كعاشق (99:
3). ومن روحيات هذا الكتاب تمجيده للقذارة (57: 14، 19)!!

5-
أخطاء كتابية: فينسب أقوال آساف فى مزمور 73 إلى داود (25: 10)، وكلمات حزقيال 18:
23 إلى يوئيل (165: 1)، وكلمات ملاخي 2: 2 إلى ميخا (158: 4). بالإضافة إلى أخطاء
أخرى مثل قوله إن اليوبيل كل مائة عام (82: 18)، والصحيح أنه كل خمسين عاماً (لا
25: 11)، وأن داود قضى على مفيبوشث (50: 35) والصحيح أنه أشفق عليه (2صم21: 7)،
وأن يونان حاول الهرب إلى طرسوس (63: 5، 6) مع أنه هرب إلى ترشيش وهي ميناء في
أسبانيا بينما طرسوس في تركيا! وأن كورش طرح دانيآل في جب الأسود (50: 36) والصحيح
داريوس المادي لا كورش (دا 6)، وأن الذين نجوا من الطوفان هم نوح وثلاثة وثمانون
شخصاً (115: 7) والصحيح أنهم جميعاً ثمانية (تك 7: 1، 7، 13و1بط 3:) وغيرها الكثير
جداً.

6-
مبالغات ساذجة: فيعتبر أن السموات تسع عاشرها الجنة. بالإضافة إلى مبالغات خاوية
من أي معنى دقيق، إذ يحدد بُعد السماء الأولى عن الأرض بمسيرة 500 سنة(!)، وكذلك
كل سماء عن التي تليها. ونسبة الأرض إلى السماء كرأس إبرة(!)، وكذلك حجم الجنة إلى
كل حجم الأرض والسموات (فصل 105، 178). وفى قصة خلق آدم يأتي بخرافات تافهة، إذ
يقول إن الله خلق كتلة من التراب وتركها 25 ألف سنة دون أن يعمل شيئا!! (35: 7).
وأن إيزابل قتلت 10000 نبي في سنة واحدة، فكم كان عدد الأنبياء وقتها؟! (18: 5،
148: 7). كما يذكر أن مليون ملاكاً كانوا يحرسون ثياب الرب يسوع!(13: 10)..الخ.

7-
تناقضات مكشوفة: فيذكر عدد الشياطين في المجنون 6666 وأنها لما خرجت من المجنون
دخلت في 10000 خنزير (21: 6، 10، 12)!! أي أن الشياطين انقسمت ليكون نصيب كل خنزير
جزءاً من شيطان! ومرة أخرى يذكر أن الرب قال: تعزيتي هي في مجيء الرسول الذي سيبيد
كل رأى كاذب فىَّ، وبعدها – مشيراً إلى من سينادون بالمسيح – يقول إنه سيأتي بعد
رسول الله عدد غفير من الأنبياء الكذبة!! (97: 4-10).

8-
خرافات عجائزية: فقصة الخلق كما ذُكِرت في فصل 35 مليئة بالخرافات التي لا يقبلها
أكثر الناس سذاجة ولا نستصوب مجرد ذكرها الآن. وفي فصل 40 يعزو العلامة المسماة
بتفاحة آدم إلى أكل آدم من الشجرة المحرمة، وفاته أن العيوب المكتسبة لا تورث.
ويشير إلى خرافة المسخ (27: 5) وإلى تعليم المطهر(136، 137)…الخ.

9-تعاليم
تجديفية: وهى أسوأ ما فيه إذ هي تناقض تعاليم المسيحية تماماً. فالرب له المجد في
نظره ليس أكثر من إنسان ويلعن من يسميه الله (53: 34، 35)، ويذكر أن الذي صُلِب هو
يهوذا لا الرب يسوع (14: 10، 216 – 220)، وأن الرب له المجد كان محتاجاً لفدية،
وأنه قال للملاك “سمعاً وطاعة” (13: 15 – 18)…الخ الخ.

هذه
نبذة سريعة على ذلك الإنجيل المزعوم ومحتوياته. والواقع إن سِرَ تهليل البعض لهذا
المؤلف وإعجابهم به لا يرجع إلى قيمة إيجابية فيه تجعلهم يؤمنون بما يحتويه، بل
ترجع إلى ما فيه من سلبيات، أعنى بها تلك التجاديف التي كومها المؤلف ليحط بها من
قدر المسيح، ولينكر الصليب. الأمر الذي يذكرنا بقول بولس الرسول « وكما قاوم ينيس
ويمبريس موسى كذلك هؤلاء أيضاً يقاومون الحق، أناس فاسدة أذهانهم ومن جهة الإيمان
مرفوضون. لكنهم لا يتقدمون أكثر لأن حمقهم سيكون واضحاً للجميع كما كان حمق ذينك
أيضاً » (2تى 3: 8، 9).

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى