اللاهوت الدستوري

كتاب شريعة الزوجة الواحدة فى المسيحية



كتاب شريعة الزوجة الواحدة فى المسيحية

كتاب شريعة الزوجة الواحدة فى المسيحية

وأهم مبادئنا في الأحوال الشخصية

البابا شنودة الثالث

الفهرس

مقدمة

مصادر التشريع في المسيحية

(1)
إثبات شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية

أ- مقدمة عن الإجماع العام

ب- الإجماع من جهة التشريعات
المدنية

ج- الإجماع من الوجهة الكنسيّة

د- خاتمة الإجماع العام

(2)
هكذا كان منذ البدء

أ- اثنان، ذكرا وأنثى

ب- وضع إلهي منذ بدء الخليقة

ج- تعليق القديسين والعلماء -1

د- البشرية تكسر هذا الوضع الإلهي

ه- الله يُرجِع المبدأ.. أيام نوح

و- حتى الحيوانات والطيور بنفس
المبدأ

ز- تعليق القديسين والعلماء -2

ح- السيد المسيح يعمل على إرجاع
ما كان منذ البدء

(3)
بحث تعدُّد الزوجات في العهد القديم وإلغاءه في المسيحية

أ- فساد الجنس البشري وتدهوره

ب- كان لابد من سياسة تدرج لإنقاذ
الإنسان

ج- فكرة “شعب الله- وبركة
النسل

د- زيجات إبراهيم ويعقوب وفكرة
الرمز

ه- العنصر الروحي الأول لتعدُّد
الزوجات

و- لم يكن مناسباً أن يلغي تعدد
الزوجات في شريعة موسى

ز- سياسة التدرج التي ابتعها الله

ح- السبب الروحي الثاني لتعدد
الزوجات

ط- تطور الأمور وزوال أسباب تعدد
الزوجات

ي- الزمن الآن قد تغيَّر

(4)
تشريع المسيحية بخصوص الطلاق

(5)
فكرة الجسد الواحد

(6)
علاقة المسيح بالكنسية

(7)
نصوص أخرى بخصوص شريعة الزوجة الواحدة

(8)
قوانين كنسيّة صريحة بخصوص وحدة الزيجة

(9)
قوانين كنسية بخصوص التسري والزنى

(10)
نظرة المسيحية إلى الزواج الثاني بعد الترمل

(11)
عفّة الزواج المسيحي

(12)
نظرة المسيحية إلى البتولية

(13)
أقوال آباء الكنيسة وعلمائها بخصوص الزوجة الواحدة

(14)
رأي أساتذة القانون المسلمين

أ- رأي د. أحمد سلامة

ب- رأي د. توفيق فرج

ج- رأي د. جميل الشرقاوي

د- رأي د. اهاب إسماعيل

(15)
مذكرة البابا كيرلس السادس

أ- البابا كيرلس يؤكد على شريعة
الزوجة الواحدة

ب- وحدة الزيجة في المسيحية

ج- موانع الزواج في المسيحية

د- إتمام الزواج على يد كاهن

ه- تطبيق شريعة عقد الزواج
المسيحي

و- حكم الطاعة في المسيحية

ز- الطلاق والتطليق في المسيحية

ح- الفرقة بين الزوجين في حالة
تغيير الدين

ط- المصالحات بين الزوجين في
حالات الخلاف

ي- خاتمة مذكرة البابا كيرلس
بخصوص وحدة الزيجة

(16)
بعض نقاط في الأحوال الشخصية للأنبا غريغوريوس

أ- مقدمة الملاحظات في الأحوال
الشخصية للمسيحيين

ب- التطليق والطلاق في المسيحية

ج- شريعة العقد في القانون

(17)
المراجع

 

مقدمة:

ربما يكون شرح البديهيات هو إحدى المعضلات، كما
يقول المَثَل. وشريعة الزوجة الواحدة فى المسيحية هى إحدى هذه البديهيات، ولكن
شرحها لم يكن معضلة… بل كان فرصة جميلة للتأمل فى روحانية الزواج المسيحى، وحكمة
الله فى وضعه هذا القانون منذ بدء الخليقة، حينما خلق حواء واحدة لأبينا آدم…

وقد اتيح لى أن أكتب هذا البحث فى مايو سنة 1958
” أى منذ عشرين عاما تماما ” بناء على طلب من الكلية الإكليريكية، وكنت
وقتذاك راهباً فى دير السريان بوادى النطرون. وكانت قد اثيرت قضية فى ذلك الحين
بخصوص موضوع ” الزوجة الواحدة فى المسيحية”… وتأخر اخواتنا فى نشر
البحث، إلى أن طبعت طبعته الأولى فى الستينات، بعد سيامتى اسقفاً للمعاهد الدينية
والتربية الكنسية.

و لما أعيدت المشكلة فى هذه الأيام، رأينا أهمية
إعادة نشر هذا الكتاب بعد أن نفذت طبعته منذ عشر سنوات. وعلى الرغم من مرور عشرين
سنة على تأليفه، إلا أننى – بالنسبة لظروفى الصحية – أعدت نشره كما هو تقريبا، ما
عدا الباب الأخير الذى اصفته إليه، من جهة شهادة أساتذة القانون المسلمين التى
يثبتون بها أعتقاد المسيحيين جميعا بشريعة الزوجة الواحدة.

ولما كانت الطبعة الثانية لهذا الكتاب، قد نفذت
بعد صدوره باسبوعين، لذلك سارعنا إلى اصدار هذه الطبعة الثالثة، لتفى حاجة الطلبات
العديدة من الكنائس والهيئات والافراد.

إننى أهدى هذا الكتاب إلى جميع رجال القانون فى
بلادنا، وإلى كل المهتمين بالأسرة وكيانها…

كما أهديه إلى اللجنة التى ستقوم بالأشراف على
وضع قوانين الأحوال الشخصية.

وأصلى إلى الله أن يبارك كل أسرة، لمجتمع متماسك
نعيش فيه، تربطه عوامل الحب والألفة و التعاون. وفقنا الله جميعاً إلى مرضاته
والعمل بوصاياه.

 

مصادر التشريع في المسيحية

المصدر الأول الأساسى للتشريع فى المسيحية هو
الكتاب المقدس بعهديه. ثم هناك التقاليد والإجماع العام، وفى ذلك يقول القديس
باسيليوس الكبير (من آباء القرن الرابع الميلاد) فى “رسالته إلى
ديودورس” “آن عادتنا لها قوة القانون، لأن القواعد سلمت الينا من اناس
قديسين”.

 

وهناك أيضاً القوانين الكنسية سواء كانت من
الآباء الرسل أو من مجامع مسكونية أو مجامع اقليمية، او من كبار معلمى الكنيسة من
الآباء البطاركة والأساقفة. ومن هذا النوع الأخير قوانين أبوليدس وقوانين باسيليوس
وهى قوانين معترف بها ونافذة المفعول فى العالم المسيحى.

وكل هذه القوانين التى وضعها الرسل والمجامع
والآباء انما كانت بناء على السلطان الكهنوتى الذى منحه لهم السيد المسيح بقوله
” الحق اقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطا فى السماء، وكل ما
تحلونه على الأرض يكون محلولا فى السماء”.

 

فالسيد المسيح قد سلم تلاميذه روح التعليم، وترك
لهم كثيراً من التفاصيل لم يعطهم فيها تعليما، و اسند اليهم أن يتصرفوا فيها بحسب
الروح المعطى لهم. لأن المسيحية روح وليست مجرد نصوص. وقد دعا السيد المسيح إلى
التمسك بالروح وليس بالحرف. وفى ذلك يقول بولس الرسول فى رسالته الثانية الى
كورنثوس ” الذى جعلنا كفاة لأن نكون خدام عهد جديد. لا الحرف بل الروح. لأن
الحرف يقتل ولكن الروح يحيى” (6: 3).

 

وقد كانت للسيد المسيح أحاديث كثيرة مع تلاميذه
لم يرد منها فى الكتاب المقدس شئ (أعمال 3: 1). و هذا واضح، لأنهم لو سجلوا كل شئ
لما كان ذلك مستطاعا، كما شهد القديس يوحنا فى انجيله (21: 25).

 

وهكذا فى أشياء كثيرة جدا وجوهرية للغاية، سار
العالم المسيحى حسب التقاليد التى سلمت اليه، و لم ترد فى الإنجيل، اذ لم يكن
ممكنا آن تشمل الأناجيل كل شئ.

 

ومثال ذلك كل تفاصيل العبادة فى الكنيسة.
فالكتاب المقدس يذكر أن السيد المسيح أمر تلاميذه قائلاً ” تلمذوا جميع الأمم
وعمدوهم ” ” متى 19: 28″. أما طقس العماد، طريقته و صلواته، فلم
يذكر عنها شئ. وكذلك صلوات عقد الزواج، وصلاة القداس، وصلوات الجنازات.. الخ.

 

كل ذلك وغيره وصل الينا عن طريق التقاليد. وضع
بعضه رسل السيد المسيح، والبعض وضعته المجامع المقدسة، والبعض وضعه الآباء
البطاركة والأساقفة فصار تقليدا له قوة القانون.

 

ومثال ذلك تفاصيل أخرى فى موضع الزواج الذى نحن
بصدده، كالمحرمات فى الزواج مثلا. ليست كل القرابات المحرمة موجودة فى الكتاب
المقدس، ومع ذلك فهى كلها من الأمور المسلم بها، ليس فى الكنيسة القبطية فحسب،
وانما فى الكنائس المسيحية جمعاء.

 

فهل يمكن آن تسمح محكمة بزيجة محرمة شرعا فى
المسيحية، على اعتبار انه لا يوجد بخصوصها؟!

 

كلا، وانما نسأل نحن عن ديننا وعما نعتقده، ونحن
أعرف من غيرنا بشريعتنا ومصادرها، التى لا تقتصر على الإنجيل.

 

وانما هناك كما قلنا التقاليد والإجماع العام
والقوانين. وهناك روح الدين كما فهمها بنوه و معلموه، وكما شرحه الآباء القديسون
الأول الذين كانوا يتكلمون بروح الله، وكلماتهم لها فى قلوبنا هيبة القوانين ذاتها.

و لذلك لم نستطع أن نستغنى فى هذا البحث عن شئ
من هذا كله.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى