الارشاد الروحى

سم الخصومة الذي يُطفأ الروح القدس ويمنع التوبة ومعرفة الله الحي

سم الخصومة الذي يُطفأ الروح القدس ويمنع التوبة ومعرفة الله الحي

احذروا الجدل – سم الخصومة مستتر في الجدل

أن تعريف الجدل [ object of disagreement or dispute , point of controversy or conflict ] في اللغة هو استمرار النقاش بلا توقف لإثبات إني على صواب حتمي والآخر على ضلال أكيد، وهذا يُسمى بالجدل العقيم الذي هو [ استمرار الجدل طول الوقت ]، وهو صراع بين اثنين أو بين جماعة ونتيجته هو شدة الخصومة التي تنشأ عداوه، وهو ينحصر عادة بين غالب ومغلوب، فالمجادل لا يكف عن النقاش إلا إذا كانت النتيجة لصالحه وخرج من هذا الجدل غالب ومنتصر على الآخرين، وهو عادة عيب في النفس يدعمه الكبرياء، والجدل يختلف عن الحوار بين أثنين للوصول للحقيقة عن دون تحيز، لأن لغة الحوار الحقيقي تتميز بالهدوء والروية مع سرد الوقائع للوصول للحقائق بصراحة وبدون مراوغة للالتفاف على الكلمات والمعاني بغرض الوصول للحقيقة التي تظهر ما يعتقد فيه الشخص ليقنع الآخر أن هذا هو الحق المُطلق الذي لا يوجد غيره حق، ولغة الحوار المسيحي الأصيل هو الحوار في المحبة بروح الإفراز والتمييز، بصراحة ووضوح وغرضه هو الشركة في الحق، وهو دائماً يُعلي المحبة فوق اي حديث أو كلام لأنها دائماً ما تكون المُحرك الرئيسي للسلوك…

عموماً وفي الواقع الروحي وبحسب إرشاد الآباء القديسين فأن سم الحية المُميت كامن في الجدل، لأن الجدل لا يعرف المحبة، بل يعرف فقط إظهار الذات والتشامخ على الآخرين عن دون قصد، لأن الجدل زلل الوقوع في عدم المحبة والانشقاق وعدم احترام الآخر في النهاية، وهو يجلب الفرقة ولا يستطيع أن يصنع وحدة أو يولد محبة على الإطلاق، لأن الجدل عادة مبني على أن أثبت للآخر أنه خطأ وانا وحدي الصح، فالمحبة الحقيقية التي من الله لا تعرف الجدل، بل تعرف الشهادة بالروح وإعلان الحق في الحب، لهدف أن يكون للآخر شركة معنا في البرّ وحياة الأبد في المسيح يسوع.

الجدل هو الذي أتعب البشرية كلها بل والكنيسة أيضاً، لذلك جلب الكثيرين على أنفسهم دينونة الله لأنهم لم يجمعوا بل فرقوا بسبب مشكلة الجدل التي طغت على حياتهم عوض المحبة وبرهان الروح والقوة، الذي تبدل بالمباحثات الغبية والسخيفة التي تجلب خصومات، وتهدم بنية النفس الروحية الصحيحة، لذلك كثيرون من أصحاب الجدل يسقطون في خطايا كثيرة ويجدون انفسهم تحت سلطان الأهواء التي تستمر تقوى فيهم، والسبب هي روح الجدل الذي لا يعون خطورته على حياتهم الشخصية مع الله والآخرين…
فحياتهم تهرأت لأنها قامت على روح الجدل الذي طوح بهم بعيداً عن الله بحجة أنهم يجاوبون من يسألهم عن سبب الرجاء الذي في قلبهم، مع أنه لا يوجد رجاء في القلب حقيقي وحي عن رؤية الله بالحق، بل مباحثات وجدل عقيم يُفسد النفوس عن البساطة التي في المسيح يسوع، فشهادتهم بهذه الطريقة لم تُبنى على صخر الدهور الذي رأيناه وشاهدنا ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة، فالشهادة ليسوع لا تخرج بمجرد دراسات وأفكار وجدل عقلي وإثباتات فكرية وتاريخية، بل من قلب تقي يحب الله بشدة وإيمانه حي عامل بالمحبة، ونفس تطبعت بالطبع الإلهي الحي وتشكلت على صورة وداعة يسوع لأنه لبست روحه وصار هو قائدها الحي…

ويقول الأب صفرونيوس: [ + لا تجادل أي إنسان محب للجدل، لأن حية الكبرياء كامنة في قلبه ولذلك يقول الرسول: لا تكونوا شغوفين بالتعليم الكثير ( أنظر يعقوب1: 1 و 2 )، لأننا جميعاً نعثر في أشياء كثيرة.
+ لا تتوانَ عن قراءة الأسفار المقدسة؛ لأنها المياه التي تغســـــل نجاسة القلب، وتكشف للإنسان مكامن الحية القديمة، أي الكبرياء.
+ أقول لك الحق، الكبرياء (يجرنا أو يشدنا) نحو طلب الأمور الزائلة؛ لأننا نظن أن فيها الحياة، ومع الكبرياء يدخل الخوف من الموت ] (رسالة الأب صفرونيوس إلى تلميذه تادرس، عن المئوية الأولى في التوبة من فقرة 46 – 48 صفحة 13و 14، مترجم عن المخطوطة القبطية)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى