عهد قديم

الإصحاح الثامن عشر



الإصحاح الثامن عشر]]>الإصحاح الثامن عشر

 

نجدهنا خطاب بلدد وفيه يجدد الهجوم علي أيوب بأكثر قسوة، ونلاحظ ملاحظة هامة في خطبأيوب نلمح تقدماً من الظلمة إلي النور. . . . العكس في خطب الأصحاب نجدهم يزدادونقسوة.

الأيات1-4:- “فاجاببلدد الشوحي وقال، الى متى تضعون اشراكا للكلام تعقلوا وبعد نتكلم، لماذا حسبناكالبهيمة وتنجسنا في عيونكم، يا ايها المفترس نفسه في غيظه هل لاجلك تخلى الارض اويزحزح الصخر من مكانه“.

 نجدبلدد يتهم أيوب بالتحدث بكلام فارغ لا نهآية له ولا خير فيه. إلي متي تضعونأشراكاً للكلام= بلدد يتهم أيوب بأنه يدخلهم في محاورات خيالية، هي كأشراك تضل السامعين،وهي ليست سوي مجرد ألفاظ لا تحوي شيئاً( كأنها شرك يأتي إليه الصياد ويظن أن فيداخله صيداً ثميناً فيجده فارغاً). تعقلوا وبعد نتكلم= إتهمه بعدم الإهتمامبما قيل له، ويطلب منه أن يفكر فيما سمع قبل أن يرد بكلام فارغ. ثم إتهمهبالإزدراء بأصحابه= لماذا حسبنا كالبهيمة عندك= وأيوب لم يقل شيئاً كهذاولكنها مبالغة والمعني هل تحسبنا لا نفهم وكلامنا تافه كما لو كنا حيوانات. ثمإتهمه بالإنفعال والتهور

ياأيها المفترس نفسه في غيظه= كان أيوب قد إتهمالله بأنه يفترسه وهنا بلدد يرد عليه بأنه هو الذي في غيظه يفترس نفسه أي يمزقنفسه. وهذا كلام صحيح فالغيظ خطية تحمل قصاصها في نفسها، فإن سريعي الإنفعالوالتهيج يمزقون أنفسهم. هل لأجلك تخلي الأرض= هذا إتهام لأيوب بأنه فيغطرسته وكبريائه يظن أنه لكي يهرب من النظام الأدبي للكون، والذي يحتم عقوبةالأشرار، فلينقلب العالم رأساً علي عقب ويفرغ العالم من سكانه ليبقي أيوب وحدهويضع نظامه الخاص ويفلت من عقوبته. أو يزحزح الصخر من مكانه= من المستحيلزحزحة الصخر، ولكن هل نغير قوانين الطبيعة من أجلك. وإذا كان تغيير القوانينالأرضية (زحزحة الصخر، وإخلاء الأرض) مستحيل فبالأولي من المستحيل تغيير قوانينالله وهو مالك السموات والأرض وهو صخر الدهور.

الأيات5-10:- “نعمنور الاشرار ينطفئ ولا يضيء لهيب ناره، النور يظلم في خيمته وسراجه فوقه ينطفئ، تقصرخطوات قوته وتصرعه مشورته، لان رجليه تدفعانه في المصلاة فيمشي الى شبكة، يمسكالفخ بعقبه وتتمكن منه الشرك، مطمورة في الارض حبالته ومصيدته في السبيل”.

بعدأن أثبت بلدد سابقاً إستحالة تغيير القوانين، يذكر هنا القانون الذي إستمات الكل في الدفاع عنه وهو حتمية هلاك الأشرار، وهذا ينطبق علي أيوب.

نعم.نور الأشرار ينطفئ= نعم فيها رد علي شكويأيوب والمعني وإن إعترضت يا أيوب علي هذا لكنه صحيح. ونور الأشرار أي حتي ما هومنير وصالح فيهم سينطفئ سريعاً. فقد يكون للشرير نجاح بعض الوقت، كنور في حياتهولكنه سريعاً ما سينطفئ. ونجاحه هذا شئ وقتي كأنه نار مشتعلة وسريعاً ما ستنطفئ= ولايضئ لهيب ناره. النور يظلم في خيمته. وسراجه فوقه ينطفئ= كان العادةوضع السراج أعلي الخيمة حتي يضئ الخيمة كلها. والتشبيه معناه، أن نجاحه كسراجسريعاً ما ينتهي زيته وينطفئ وإذا فهمنا التشبيه الكتابي بأن الخيمة تشير للجسد،فهكذا الحياة ستنتهي سريعاً.

تقصرخطوات قوته= بمعني الإرتباك والتردد. وتصرعهمشورته= يسلمهالله لمشورته فهذا ما يستحقه،وتدفعه مشورته الفاسدة لهلاكه (فرعون وهلاكه). لأن رجليه تدفعانه في المصلاة=المصلاة تعني الشرك. والمعني أنه هو صاحب قرار هلاكه فهو الذي قرر هذا الطريقالمهلك لنفسه، وحين ينزع الله نوره أي الحكمة من الشرير فهذا يحدث فعلاً وتكونقرارات الشرير كلها خاطئة وتقوده عبر طريق مظلم من خراب إلي خراب، ولا يستطيع أنيتمم مقاصده. ويفشل في النجاة= ويمسك الفخ بعقبه وبينما هو يدبر الشرللأخرين سيقع هو في شبكة شره. مطمورة في الأرض حبالته الحبالة أو والأنشوطةهي نوع من الأشراك تخفي في الأرض، وتمسك برجل الفريسة فتتعلق الفريسة من رجلها فيشجرة. ومصيدته في السبيل= أي وهو في طريقه تمسك به هذه المصيدة، وهكذا نفهمأن إبليس يضع هذه الشراك في طريقنا، لكن من ينير الله عينيه يري هذه الشراك ويهربفينجو.

الأيات11-21:- “ترهبه اهوال من حوله وتذعره عند رجليه، تكون قوته جائعة والبوارمهيا بجانبه، ياكل اعضاء جسده ياكل اعضاءه بكر الموت، ينقطع عن خيمته عن اعتمادهويساق الى ملك الاهوال، يسكن في خيمته من ليس له يذر على مربضه كبريت، من تحت تيبساصوله ومن فوق يقطع فرعه، ذكره يبيد من الارض ولا اسم له على وجه البر، يدفع منالنور الى الظلمة ومن المسكونة يطرد، لا نسل ولا عقب له بين شعبه ولا شارد فيمحاله، يتعجب من يومه المتاخرون ويقشعر الاقدمون، انما تلك مساكن فاعلي الشر وهذامقام من لا يعرف الله”.

 بلدد يستمر ويسترسل في شرح نظريته. ترهبهأهوال من حوله، وتذعره عند رجليه= إذا أمسكت الحبالة (المصيدة) بقدميه يرتعب،ولن يجد ضميره راحة، بل يظن أن الخليقة كلها تحاربه، والسماء غاضبة عليه وهو وحدهفي رعب. تكون قوته جائعة ما إعتمد عليه من قوة وثروة وسلطان يخزيه يومبليته، ولا يفيده كل ما عنده. البؤار مهيأ بجانبه= أي يري خرابه يقترب.ويري موته يقترب يأكل أعضاءه بكر الموت، يأكل أعضاء جسده= المرضالذي فيه تتأكل أعضاء الجسد هو مرض البرص المخيف. وأسماه بكر الموت، فالبكر هوالأقوي والأغني فله نصيب الضعف، وبكر الموت هو أقوي الأمراض المميتة. ينقطع عنخيمته عن إعتماده= يؤخذ كل ما كان له الذي كان معتمداً عليه، ويذهب عنه حتيخيمته التي كان يسكن فيها. يساق إلي ملك الأهوال= ملك الأهوال هوالموت، فكأنه في حياته أحاطت به الأهوال، وأعظم الأهوال هو الموت فهو ينهي سعادةالأشرار في هذه الدنيا ولا أمل لهم في العالم الآخر. يسكن في خيمته من ليس له=حسب ترجمة(الإنجليزية) لأنها ليست له= أي أملاكه يرثها غيره فهو لايستحق ما أخذهمن الأبرياء بالظلم. يذر علي مربضه كبريت= إذا لم يأخذه أحد يحرقهالله بنار كما أحرق سدوم وهنا إشارة مؤلمة أوجع بها بلدد قلب أيوب لما حدث لأيوب حين إحترقت أملاكهبنار.

منتحت تيبس أصوله ومن فوق يقطع فرعه= أي كل ما لهسوف يباد، فبيت الشرير هنا مشبه بشجرة لها جذور(أملاكه/ صحته/ أمانه) ولها فروع(أولاده/ أحفاده/ أصهاره) والشرير كل ماله يزول. حتي أن ذكره يبيد من الأرض ولاإسم له علي وجه البر= حينما يموت وتموت عائلته كلها لا يوجد من يذكره(والبر هوالشارع في الإنجليزية) أي أن الناس في حياتهم العادية سوف ينسونه تماماً. يدفعمن النور إلي الظلمة= النور في عرف الناس هو النجاح والإزدهار والشهرة،والظلمة هي الخراب والموت في النهآية.

ومنالمسكونة يطرد= رسل الموت يطردونه من العالم. لانسل له ولا عقب= إشارة مرعبة لهلاك أولاد أيوب(هل هذا كلام تعزية) ولا شارد=فأسرته كلها تهلك يتعجب من يومه المتأخرون= ينذهل الجميع مما حدث له ذهولاًتماماً(المتأخرون= الذين سمعوا بقصته من أبائهم، أيأتوا بعده، والأقدمون من عاشوا في وقته).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى