اللاهوت الدستوري

القانون الثاني عشر



القانون الثاني عشر

القانون
الثاني عشر

نص القانون الثاني عشر

ان الذين دعتهم النعمة واظهروا حماسة بادىء الامر فنبذوا مناطقهم
العسكرية ولكنهم ما لبثوا ان رجعوا كالكلاب الى قيئهم، حتى ان البعض منهم استرجعوا
بالاموال والهدايا وظائفهم العسكرية، فامثال هؤلاء بعد بقائهم ثلاث سنوات مع
السامعين يجب ان يصرفوا عشر سنوات مع الراكعين ثم يدقق في امتحان ارادتهم وعزمهم
ونوع ندامتهم. فالذين يبرهنون ان ارتدادهم لم يكن ادعاءً بل هو ارتدار صادق بما
يرافقه من ادلة خشية ودموع ومواظبة على الاعمال الصالحة يجوز السماح لهم، بعد
انتهاء مدتهم كسامعين، بان يشتركوا في الصلوات، وللاسقف بعد ذلك ان يتخذ خطة اوفر
ليناً ورأفة. اما الذين يظهرون عدم المبالاة ويظنون ان تظاهرهم بالحضور الى
الكنيسة برهان كاف على صدق ارتدادهم فيجب ان يتموا مدة القصاص المعينة لامثالهم
بكاملها.


قوانين قديمة مشابهة:

مقالات ذات صلة

(انقيره 2 و5 و7، اللاذقية 1 و2، باسيليوس 2 و3 و64، غريغوريوس
النيسسي 4 و5 و7 و8، بطرس 9 و11)

 

خلاصة قديمة للقانون

ان الذين احتملوا الاضطهاد وناضلوا ثم استسلموا للشر وعادوا الى
الجيش ليفصلوا عن الكنيسة عشر سنوات. وتجب مراقبة كل شخص للتحقق من نوع ندامته.
والتائب الذي يبدي غيرة واخلاصاً في اتمام ما فرض عليه فعلى الاسقف ان يتلطف
بمعاملته ولا يبقى قاسياً عديم الاكتراث.


شروحات للقانون

1- لامبرت

ان
اساءة استعمال السلطة التي منحها هذا القانون، اي التساهل واللين في تنفيذ قصاص
التوبة في ظروف خاصة، قد برزت في منح الغفرانات مقابل رشى مالية.

 

2- هيفيله

ان
ليكينوس في معاركه الاخيرة مع قسطنطين اتخذ جانب الدفاع عن الوثنية فأمست النتيجة
النهائية في الحرب ليس مجرد انتصار احد المتنافسين على السلطة بل فوز واندحار احدى
الديانتين المسيحية او الوثنية. وهكذا فالمسيحي الذي كان يجاهد في جانب ليكينيوس
في هذه الحرب امسى مجاهداً في نصرة الوثنية فكان يُعدّ من الساقطين وان لم يجحد
المسيحية فعلاً. اما الذي يكون قد اعتزل الخدمة العسكرية (و طرح عنه النطاق الذي
يرمز اليها) ثم تراجع ووصل به الامر الى ان يرشو بالمال والهدايا ليضمن رجوعه الى
الخدمة لما توفره لصاحبها من الامتيازات فهو من باب اولي يجب ان يحصى مع الساقطين.
ويجب الا ننسى ان ليكينيوس كان على ما روى افسابيوس وزونارس يتطلب من جنوده
اعلاناً رسمياً بجحودهم لمذهبهم ويرغمهم على الاشتراك في تقديم الذبائح للاوثان في
المعسكرات. وكان يصرف من الخدمة كل من يأبى القيام بذلك.

 

3- برايت

ان
هذا القانون (الوارد في مجموعة بريسكه وفي النص الايسيدوري كجزء من القانون 11) قد
سنّ لحالات نشأت في القسم الشرقي بسبب تملك ليكينيوس الذي عزم على تطهير الجيش من
كل مسيحي غيور، فأمر كل الضباط المسيحيين ان يذبحوا للآلهة والا عوقبوا بالطرد من
الجيش. ويجب ان نشير هنا الى ان خدمة الجندية نفسها لم تكن تحسب مما يناقض تعاليم
المسيحية. ويكفي ان نقدم مثلالقائد كرنيليوس وقصة فرقة الرعد عن وجود جنود مسيحيين
في جيش ماركوس اوريليوس. على ان ما كان يضاف الى واجبات هذه الخدمة مما لا صلة له
بها هو الذي حمل الجنود المسيحيين على اتخاذ موقف خاص، كما حدث عندما اعترض على
ارتقاء مارينيوس الى رتبة قائد مئة لانه لا يذبح للآلهة (افسابيوس 7: 15). أخذ بعض
افراد من المسيحيين برأي مكسميليان الشهيد الذي رفض كل الرفض الانخراط في الجندية
على الرغم من وجود بعض المسيحيين في الجيش. ويقول بنغهام: ” ان القوانين
الذديمة لم تقل بان الجندية كدعوة هي مخالفة للشريعة. وليس هناك، على ما اعتقد،
حادثة رفض فيها قبول شخص او تعميده لمجرد انه كان جندياً الا اذا رافق خدمته هذه
عمل مخالف للشريعة كعبادة الاصنام ونحوها مما يجعل قبول هذه الدعوة خطيئة. وبعد
انتصار قسطنطين في الغرب قطع مجمع ارلس من الشركة في الكنيسة الذين طرحوا وقت
السلم سلاحهم (القانون 2). هذا وقد ثبت بعض الضباط المسيحيين في بادىء الامر ولم
يسقطوا في التجربة التي فرضها عليهم ليكينيوس. فقد دعتهم النعمة الى تضحية شخصية
وبرهنوا عن غيرتهم ملبين دافعاً الهياً ومستسلمين الى دعوة اشرف، فطرحوا عنهم
مناطقهم التي كانت شعار وظائفهم في الجيش. على ان غيرة كثيرين منهم كانت وليدة
ساعتها، فما لبثوا ان عدلوا عن عزمهم واذا بهم يظهرون حقيقة لها علاقة بالاخلاق
الفاضلة وهي ان العمل بما يوحيه التفكير الطويل لا يكون دائماً في جانب الصواب.
فأخذوا يقومون بمحاولات غير لائقة ويسترجعون بالرشى احياناً ما تخلوا عنه
مشرَّفين. ووضف المجمع عملهم بلغة مجازية قد يكون استعارها من قول بطرس الرسول
” قَدْ أَصَابَهُمْ مَا فِي الْمَثَلِ الصَّادِقِ: «كَلْبٌ قَدْ عَادَ إِلَى
قَيْئِهِ، وَخِنْزِيرَةٌ مُغْتَسِلَةٌ إِلَى مَرَاغَةِ الْحَمْأَةِ ” (2 بطرس
2: 22). على انه لا حاجة الى القول ان المجمع لم يعنِ بما قال ان الانخراط في
الجندية بحدّ نفسه امر منكّر. اما الذين عادوا من امثال من ذكرنا فقد صدر الامر
بان يقضوا ثلاث سنوات مع السامعين. وفي اثناء ذلك يدقق في الفحص عن صدق توبتهم لان
المجمع كان مصمماً على ان يكون التأديب عملاً اخلاقياً بحتاً وان يحول دون انتهاء
امره الى شكل رسمي رتيب. فاذا اظهر التائبون رجوعهم عن الضلال بالاعمال، لا
بالمظاهر الخارجية، بل بالدموع الحارة من الاحسان الى الفقراء ومساعدة الارامل
والايتام، على قدر الطاقة (كما يقول زونارس) يكون من الحكمة اذ ذاك قبولهم
للاشتراك في الصلوات مع السماح للاسقف بان يتخذ بعد التبصر خطة الرأفة بهم وقبولهم
في شركة الاسرار المقدسة. وقد اذن بمثل هذه السلطة للاسقف في القانون الخامس لمجمع
انقيرة والقانون 16 لمجمع خلقيدونية. وذكرها القديس باسيليوس في رسالته (217). على
ان البعض ممن سقطوا قد يستخفون بالجرم الذي ارتكيوه، على مثال الذين ذكرهم القانون
الرابع لمجمع انقيرة. اذ كانوا يأكلون من ذبائح الاوثان كأن ذلك لا يحسب عليهم من
الخطايا. وقد يظن من هم على مثال هؤلاء ان مجرّد دخولهم الى الكنيسة او وقوفهم في
النارثكس مع السامعين كافٍ ليكونوا في مصف التائبين المقبولين، في حين ان سلوكهم
خارج الكنيسة لم يبرهن عن اخلاص وانسحاق قلب. ففي مثل هذه الحال ليس هناك ما يجيز
للاسقف ان يختصر مدة توبتهم لانهم ليسوا في الحقيقة على استعداد للاستفادة من
التساهل.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى