علم المسيح

ضلالات شيطانية والرد عليها



ضلالات شيطانية والرد عليها

ضلالات
شيطانية والرد عليها

الباب الثالث ضلالات شيطانية والرد عليها

والآن
بعد التأملات السابقة, ترى ما هو القول عن شخص المسيح المبارك?

 هل هو مجرد إنسان عادي?

 هل هو إنسان عبقري, ومعلم عظيم?

 هل هو نبي مقتدر ظهر على أرضنا مثله مثل العباقرة والأنبياء على
السواء?

 هل هو ميخائيل رئيس الملائكة, أو أحد الملائكة?

 هل هو أسطورة خرافية لم يكن لها وجود في التاريخ?

 أم إن المسيح هو «الله» الذي تجسد في صورة إنسان?

إن غرضنا الأساسي من هذه الدراسة هو فحص الأمور بأكثر تدقيق في هذه
القضية الخطيرة
,
وكأننا نقول ما قاله هيرودس الملك للمجوس افحصوا بالتدقيق في هذه القضية عن الصبي
(متى 8: 2). وبمعني آخر نفعل ما فعله, أهل بيرية «فاحصين
الكتب كل يوم هل هذه الأمور هكذا
» (أعمال 11: 17) فندرك
على أساس صحيح حقيقة شخص المسيح
, حتى نجيب على كل
من يسألنا عن سبب الرجاء الذي فينا بوداعة وخوف
(1 بطرس15: 3).

ولكي يكون فحصنا دقيقا وسليما لابد لنا أن نرجع إلى الكتاب المقدس
لدراسة شخصيته العظيمة المباركة في أقواله وأعماله وأوصافه.

فإذا
تبين لنا أن المسيح مجرد إنسان قبلناه كإنسان.

وإذا
تبين لنا أنه عبقري عظيم قبلناه هكذا كما هو.

وإذا
تبين لنا أنه نبي مقتدر وأعظم المرسلين قبلناه كنبي أو
كرسول
.

وإذا
تبين لنا أنه رئيس الملائكة أو ملاك قبلناه هكذا.

أما إذا تبين لنا من كلمته الحية عن طريق أقواله ومعجزاته وأوصافه
أنه هو «
الله الذي ظهر في الجسد». أفلا يليق بنا أن نسجد
له كل واحد منا في حضرته قائلا من قلبه وبأعلى صوته مع توما «
ربى
وإلهي
» (يوحنا28: 20) ?!!

وسنتأمل
في نهاية هذا الفصل في المقارنة العجيبة بينه وبين ميخائيل رئيس الملائكة
والملائكة معا. وسيتضح لنا أن المسيح «ابن الله»,
ليس هو ميخائيل رئيس الملائكة, ولا هو ملاكاً.

إن كانت بعض الألسنة تتطاول فتقول إن المسيح شخصية خرافية لم يكن
لها وجود في التاريخ
. مثلما قالت جماعة ظهرت في بداية المسيحية يطلق عليها
«جماعة دوكيون» فإننا نقول لهؤلاء القوم: كفاكم تضليلا بغير سند فالمسيح شخصية
حقيقية تاريخية والأدلة على ذلك ما أكثرها نذكر البعض منها:

أولا:
إن المسيح ولد من العذراء مريم في مدينة «بيت لحم».
لم يظهر في عالمنا بغير أدلة أو مقدمات. وإنما سبق ظهوره الكثير من النبوات والتي
تتكلم عن ولادته وكيفيتها ومكان حدوثها ورسالته ومداها وطريقة موته وقيامته وصعوده
ومجيئه الثاني وملكه الأبدي السعيد.

ثانيا:
إن المسيح شخصية حقيقية تاريخية تحققت فيه كل النبوات التي ذ كرت عنه في العهد
القديم عند اليهود الذين رفضوه في مجيئه الأول كما يخبرنا العهد الجديد.

ثالثا:
إن السجلات التاريخية قد أثبتت حياة وتعاليم شخص المسيح, وكذلك أعداؤه وأصحاب
البدع. تثبت أنه شخصية حقيقية وليست أسطورة.

رابعا:
وجود المسيحية وامتدادها. والنفوس التي يتعامل معها كل يوم من مختلف أنحاء العالم
ويغير حياتها الفاسدة والتي تعتبر أكبر معجزة فهي تعبر عن أن المسيح شخصية حقيقية
وليست أسطورة خيالية.

خامسا:
المبادئ السامية التي نطق بها لا يمكن أن تكون أقوال بشر, إن سمو ها يدل على سمو
قائلها.

وأرجو
من كل قارئ أن يعود بنفسه لقراءة إنجيل متى الأصحاح الخامس والسادس والسابع بتمعن
وتأن ليكتشف بنفسه سمو هذه التعاليم والمبادئ ومن هنا نسأل:

ترى هل في وسع إنسان بشرى مهما كانت عبقريته أو سمت أخلاقياته, أن ينطق
بمثل هذه المبادئ ويسلط نوره علينا فيكشف ما فينا من شر ونجاسة?

ثم
هل من نبي يستطيع أن يقول «قيل.. أما أنا فأقول»?

كلا
بل دائما الأنبياء يقولون «هكذا قال الرب».

لكن
الرب يسوع وحده يقول «أما أنا فأقول لكم». يفهم
من هذا أن المسيح ليس شخصية خيالية أو إنسانا عاديا أو عبقريا أو نبيا من الأنبياء
ولكنه هو «الله الذي ظهر في الجسد» (1تيموثاوس16:
3).

ولقد
لاحظنا في بداية الكلام في المقدمة من هم السائلون لهذا السؤال «من هو يسوع?» ثم
أقوال البشر بمختلف فئاتهم وأقوال الله بعد ذلك. وفي النهاية قد أدركنا أن يسوع هو
الله, أقنوم الابن الذي ظهر في الجسد. هذه الحقيقة ينكرها
الكثيرون من البشر?
لكن لا ننس أن وراء كل نكران
عملا شيطانيا لإبعاد النفوس عنه لأنه
«ليس بأحد
غيره الخلاص
» (أعمال 12: 4).

ومن
الملاحظ في كلمة الله أن الشيطان الذي يملأ قلوب المضادين بالنكران لشخص المسيح
وعمله, هو بذاته الذي اعترف جهرا وقهرا بمن هو يسوع!!

فهو
يعرفه لكنه يبعد الناس عنه ليكون نصيبهم في النار الأبدية. إنه عدو النفوس الكذاب,
والقتال للناس (يوحنا44: 8).

فبالبحث نجد أن الشيطان قد اعترف وصرح بالآتي:

1-
في حادثة تحرير مجنون كورة الجدريين كانت اعترافات لجيئون (فرقة شياطين تقدر بنحو
5900 شيطان) عن يسوع هي:

أ-
الاعتراف بناسوته: إذ ناداه باسمه الذي لقب به كإنسان «يا
يسوع
».

ب-
الاعتراف بلاهوته: إذ قال وهو يصرخ «ابن الله العلي»
(مرقس14: 5) مع ملاحظة أن الشياطين لا تخاف ولا تصرخ من الملاك أو حتى من
رئيس الملائكة
(دانيال 7: 10- 12) ورسالة (يهوذا9) لكنها تخاف وترتعب وتصرخ وتسجد أمام الله الخالق العظيم ولكون المسيح
هو الله الابن, مكتوب «والأرواح النجسة حينما نظرته خرت
له وصرخت قائلة إنك أنت ابن الله
» (مرقس11: 3) وأيضا في (لوقا 41: 4) «وكانت شياطين أيضا تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول أنت المسيح
ابن الله
».

فلقد
عرفته الشياطين في ظهوره بالجسد في قولهم «أجئت إلى هنا
قبل الوقت لتعذبنا
» (متى 9: 8). (رغم عدم
إدراكها الكامل لشخصه العظيم لأنه
«ليس أحد يعرف
الابن إلا الآب
» (متى 27: 11).

ج-
اعتراف الشياطين بأنه ابن الله صاحب السلطان في القول «أطلب
منك أن لا تعذبني
» (لوقا 28: 8).

د-
اعتراف الشياطين بأنه هو الذي يلقيهم في الهاوية «وطلبوا
إليه أن لا يأمرهم بالذهاب إلى الهاوية
» (لوقا 31: 8). لأنه-أي الرب يسوع
بأمره سيقيد الشيطان ألف سنة في بداية ملكه (رؤيا 1: 20) ثم يطرحه في بحيرة النار
والكبريت بعد الملك والزمان اليسير (رؤيا 10: 20).

2-
في حادثة الرجل الذي كان في المجمع وبه روح نجس اعترف الشيطان:

أ-
أنه ابن الله الديان كما هو في قوله «آه مالنا ولك يا
يسوع الناصري أتيت لتهلكنا
» (مرقس24: 1).

ب-
أنه القدوس في قوله «أنا أعرفك من أنت قدوس الله»
(مرقس24: 1) ومعروف أنه ليس قدوسا غير الله
(إشعياء 3: 6).

ج-الخضوع
المطلق لسلطانه الفائق عندما قال له الرب يسوع:

«اخرس واخرج منه. فصرعه الروح النجس وصاح بصوت عظيم وخرج منه»
(مرقس25: 1, 26).

 

مما سبق يتضح لنا:

أن ما ينكره البشر بخصوص لاهوت المسيح وعمله عن طريق الشيطان. اعترف
به الشيطان نفسه جهرا وقهرا. ولكنه جعل الناس ينكرونه بطرق متنوعة حتى إنه لم يكتف
بما ذكرنا في التأملات الأولى, لكنه تسيد على أناس يطلقون على أنفسهم أنهم شهود
يهوه ويهوه نفسه برئ منهم, وآخرون يطلقون على أنفسهم الأدفنتست أو السبتيين الذين
يقولون إن المسيح هو ميخائيل رئيس الملائكة الذي أرسله الله, لذلك نسأل الآن سؤالا
هو:

 

سؤال (4)

هل يسوع المسيح هو ميخائيل رئيس الملائكة? أو ملاك من الملائكة?

وردا
على ذلك نقول:

إن
المسيح ابن الله لم يكن ملاكا أو رئيس ملائكة أرسل من ق بل الله بل هو يهوه بذاته
بأوصافه وأسمائه وأفعاله.

فلا
يمكن أن يكون هو ميخائيل رئيس الملائكة ولا ملاكا آخر, والأدلة على ذلك:

1-
في رسالة يهوذا9 قيل عن الملاك ميخائيل: «وأما ميخائيل
رئيس الملائكة فلما خاصم إبليس محاجا عن جسد موسى لم يجسر أن يورد حكم افتراء بل
قال لينتهرك الرب
». أما المسيح فهو صاحب السلطان. هو
الذي قيد القوي
(الشيطان) عندما دخل إلى داره (لوقا
22: 11) وهو الذي هزمه في الصليب (يوحنا31: 12) وهو الذي قريبا سيسحق الشيطان تحت أرجل المؤمنين
(رومية 20: 16) بل وسيطرحه إلى أبد الآبدين في بحيرة
النار باعتباره الديان الذي كل الدينونة أعطيت له
(رؤيا 10: 20)، (يوحنا22:
5).

2-
في سفر دانيال التمييز بين ميخائيل رئيس الملائكة وبين ابن الله الوحيد واضح جدا
فقيل عن ميخائيل رئيس الملائكة «ميخائيل واحد من الرؤساء
الأولين
» (دانيال 13: 10) وأما عن ابن الله فقد قيل «المسيح الرئيس» (دانيال 25: 9) لاحظ أداة التعريف (ال) تدل على أنه هو المسيح ولقد جاء عن هذا القول في
(لوقا 11: 2) المسيح الرب أي الرب الوحيد وهذا ما
لم يمكن أن نقوله عن ميخائيل رئيس الملائكة.

3-
من مطالعتنا لنبوة دانيال (12: 10) قيل عن الملاك ميخائيل لدانيال «ميخائيل رئيسكم
أي الرئيس الملائكي المقام من الله لخدمة بني إسرائيل فقط الذين هم شعب دانيال»
وفي (دانيال 10: 12) «ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني
شعبك
». أما ابن الله, يسوع المسيح فهو المخلص للكل والملك العتيد على الكل
لذلك قيل عنه في (يوحنا52: 11) عن طريق قيافا رئيس الكهنة الذي تنبأ قائلا «يسوع مزمع أن يموت عن الأمة (إسرائيل) وليس عن الأمة فقط بل ليجمع أبناء الله المتفرقين (في
كل الأمم) إلى واحد». وأيضا في (يوحنا29: 1) «حمل الله الذي يرفع خطية العالم» وفي (1تيموثاوس6: 2) «الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع» وإن كان هكذا فلا يمكن
لرئيس الملائكة الخاص بشئون الأمة الإسرائيلية فقط أن يكون هو الابن الوحيد,
المدفوع له كل سلطان في السماء وعلى الأرض والموجود مع كل المؤمنين كل الأيام إلى
انقضاء الدهر (متى 18: 28- 20).

4-
في كل المرات التي ذ كر فيها رئيس الملائكة ميخائيل لم يذكر عنه إطلاقا اسم من أسماء
الله ولم يوصف بوصف من أوصاف الله, ولم ينسب له عمل من أعمال الله لكن أقنوم الابن
له ذات أسماء الله وصفاته وأعماله كما سنرى فيما بعد.

5-
بينما يقال عن أقنوم الابن (رؤيا 5: 12) إنه اختطف إلى الله وإلى عرشه مع ملاحظة
ما قيل في (رؤيا 3: 22) عن العرش إنه «عرش الله والخروف»
قيل عن الملاك ميخائيل بعد الاختطاف «وحدثت حرب في
السماء, ميخائيل وملائكته حاربوا التنين
» (رؤيا 7: 12).

فبينما
كان الابن الوحيد على عرشه الإلهي جالسا كان الملاك ميخائيل واقفا أمام الخروف
والله محاربا إبليس وملائكته. إذا لا يمكن على الإطلاق أن يكون ميخائيل الجندي
المحارب هو «ابن الله» الجالس في ذات الوقت مع
الله أبيه في عرشه الإلهي.

6-
كل الملائكة بما فيهم رؤساؤهم وميخائيل معهم كلهم مخلوقون ويقال عن مجموعهم «بنو الله» (أيوب 6: 1, 1: 2, 7: 38) ولا يقال عن أحدهم
بمفرده «ابن الله, أو الابن الوحيد, أو العجيب,
أو الحبيب مما يدل على أنه لا يوجد منهم من يتميز عن الآخر في بنوته., وفي حالة
الإشارة إلى واحد منهم يشار إليه كعبد كما قال الملاك ليوحنا الرائي «أنا عبد معك» (رؤيا 10: 19) ثم يكشف الوحي لنا أيضا
أنهم أرواح بلا أجساد.

ففي
(عبرانيين 7: 1) يرد هذا القول «وعن الملائكة يقول
الصانع ملائكته رياحا وخدامه لهيب نار
» وفي عدد 14 من نفس الأصحاح يقول
«أليس جميعهم أرواحا خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص».

أما
عن الابن الوحيد فقد قيل عنه في (عبرانيين 2: 1) «ابنه الذي جعله وارثا لكل شيء
بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي صائرا أعظم من
الملائكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم».

كما
أنه ليس مخلوقا لكنه الخالق «كل شيء به كان وبغيره لم
يكن شيء مما كان
» (يوحنا3: 1) وهو ليس له بداية لكنه أزلي (ميخا 2: 5) «مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل».

7-
وفي (فيلبى 6: 2,7) قيل عن المسيح ابن الله هذا القول الخالد «الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله
لكنه أخلى نفسه آخذا صورة عبد
» من المعروف من الكلام السابق أن الملاك أصلا
عبد ويقول عن نفسه أنا عبد (رؤيا 10: 19) فكيف يقال عن
الملاك وهو عبد
«آخذا صورة عبد» فهذا دليل على أن الذي قيل عنه آخذا صورة عبد, لم يكن على
الإطلاق عبدا. فكيف يقال بعد ذلك عن الابن إنه ملاك?

نعم إنه ابن الله. الله المتجسد الذي بالتجسد أخذ صورة عبد لله وهو
سيد الكون كله.

ثم
يجب أن نلاحظ أيضا القول «وضع نفسه وأطاع»
(فيليبي 8: 2) الذي يدل على أنه لم يكن في مركز من يطيع بل من يطاع.أي لم يكن هو
عبدا لله يطيع الله بل هو ذات الله, الذي يطيعه العبيد, ولكن حتى يكون هو نفسه
مطيعا كان لابد له أن يضع نفسه في مركز العبيد مع أنه السيد العظيم. كقول الرسول
بولس عنه «مع كونه ابنا تعلم الطاعة مما تألم به»
(عبرانيين 8: 5).

8-
في (عبرانيين 5: 2- 9) إن الآب لم يخضع العالم العتيد
الذي نتكلم عنه لملائكة وإنما أخضعه للابن وهذا ما يميزه كل التمييز عن الملائكة

لأنه صاحب السيادة من الأزل إلى الأبد تبارك اسمه إلى أبد الآبدين.

9-
في رسالة العبرانيين الأصحاح الأول يضع الرسول بولس مسوقا من الروح القدس مفارقة
بين الابن الوحيد والملائكة. ليبرهن على أن أقنوم الابن قبل تجسده لم يكن ملاكا بل
الله نفسه من حيث الأزلية والسجود له حتى من الملائكة إذ يقول ولتسجد له كل ملائكة
الله (ع 6: 1) فكيف يسجد ملاك لملاك بينما مكتوب في
الوصية المقدسة
«للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد»
(متى 1: 4) ثم من حيث الملك الأبدي الخاص به ع 8, ثم خلقه للخليقة ع 2, 10, ودوامه
الأبدي في ع 11, 12.

نعم ما أمجده وما أعظمه هذا الشخص العظيم المعلن في كلمته الحية والذي
لا يمكن أن يتساوى به أحد
. إني أتعجب من شخص يقول لماذا الظلمة حالكة??
بينما الشمس في كبد السماء وفي منتصف النهار ولا يوجد ما يحجب ضوءها, نعم إن السبب
واضح فهو أعمى لا يرى النور.

هكذا
كل من ينكر لاهوت ربنا يسوع المسيح ويجهله فهو يعيش في الظلام ويسلك في الظلمة والظلمة
أعمت عينيه ومستعبد تحت سلطان الظلمة ونهايته الظلمة الأبدية ما لم يرجع إلى الرب
من قلبه لأنه مكتوب عن الرب أنه «يصنع دينونة على الجميع
(جميع الأشرار) ويعاقب جميع فجارهم على جميع
أعمال فجورهم التي فجروا بها وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلم بها عليه خطاة
فجار
» (يهوذا 15).

10-
تميزه الخاص والواضح عن الملاكين اللذين ظهرا معه في (تكوين 18) لإبراهيم إذ
استطاع إبراهيم أن يميزه عن الملاكين, ففي العدد الأول يقول «وظهر له الرب عند بلوطات ممرا». وفي العدد الثاني يقول
«فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه». يظن البعض مخطئين أن الثلاثة هم الله في أقانيمه وهذا غير صحيح لأن كل الظهورات الإلهية هي لأقنوم الابن
فالثلاثة رجال هم الرب الله الابن والاثنان الآخران هما
ملاكان تابعان للرب صاحب المجد العظيم.
لذلك فبعد الحديث مع إبراهيم بخصوص
ولادة إسحق يقول في ع 22 وانصرف الرجال من هناك وذهبوا نحو سدوم وأما إبراهيم فكان لم يزل قائما أمام الرب وفي الأصحاح
19 من نفس السفر يتضح أكثر أن من ذهب إلى سدوم هما الملاكان فجاء الملاكان إلى
سدوم مساء ويواصل الكلام بعد ذلك عن حديث الملاكين مع لوط, وتتكرر كثيرا كلمة
(الرجلان) عن الملاكين في ع 5, 8, 10, 12 وفي كلامهما عن القضاء قالا: «لأننا مهلكان هذا المكان إذ قد عظم صراخهم أمام الرب فأرسلنا
الرب لنهلكه
» ع 13 فهذان الأخيران هما طوع أمر الأول ومن هو الأول, هو
العجيب الذي ميزه إبراهيم من وسط الثلاثة وسجد له وقال: «يا
سيد إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك
» نعم يسجد له ويمسك
ويكرم بسببه الاثنين الآخرين, وهو الذي قال لإبراهيم «إني
أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة امرأتك ابن
». وهو الذي قال لإبراهيم
عندما ضحكت سارة في باطنها وهي في داخل الخيمة لا ترى ولا يسمع صوتها مع أنها تكلمت
في قلبها «لماذا ضحكت سارة? قائلة أفبالحقيقة ألد وأنا
قد شخت
» ع 13 وهو الذي أرادت سارة أن تخفي عنه إذ ظنته رجلا كسائر الرجال
فقالت «لم أضحك» ع 15 «فقال
لا بل ضحكت
».

نعم هذا هو المسيح ابن الله الذي لا يمكن أن يكون ملاكا أو رئيس
ملائكة. بل الله ذاته, يهوه القدير.

11-
إن كان المسيح له المجد رفع مركز المؤمنين به أعلى بما لا
يقاس عن الملائكة فكيف يكون هو رئيس ملائكة أو ملاكا
?!

فإن
كان الإنسان في مقامه الأول مكتوب عنه في سفر المزامير (4: 8,5), (عبرانيين 6: 2)
«وضعته قليلا عن الملائكة» لكن بالإيمان بالمسيح
والاحتماء في دمه ر فع مقامه جدا فصار «ابنا لله ووارثا
له
» (رومية 16: 8, 17). «الروح نفسه يشهد
لأرواحنا أننا أولاد الله فإن كنا أولادا فإننا ورثة أيضا ورثة الله ووارثون مع
المسيح
».

لاحظ
ووارثون مع المسيح بصفته «ابن الله» والوارث لكل
شيء وهذا ما لم يمكن أن يكون لرئيس ملائكة أو ملاك, ثم إنه لم يذكر إطلاقا عن
الملائكة أنهم ورثة الله بل هم خدام الله وعبيد له كما سبق الكلام وليسوا خداما له
وحده بل أيضا للمؤمنين في (عبرانيين 14: 1) «أليس جميعهم
أرواحا خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص
».

فإن
كان ابن الله رفع مركز ومقام المؤمنين به فوق الملائكة بما لا يقاس نظير المقارنة
بين الأبناء والعبيد, فكيف يتساوى هو أو يكون ملاكا ? بل مكتوب أيضا عن الأمور
التي أعلن لنا عنها «إن الملائكة تشتهى أن تطلع عليها»
(1 بطرس12: 1).

12-
ما تسببت فيه الخطية من دمار وخراب للإنسانية وانفصالها
عن الله? هل يستطيع رئيس ملائكة أو ملاك أن يلاشيها
?

على
سبيل المثال: نحن نعلم من رسالة يوحنا الأولى 4: 3 أن
الخطية هي التعدي
ولذلك قيل في (رومية 1: 5) «ونحن
أعداء
» ولكوننا هكذا, فهل نستطيع أن نقترب إلى الله ونصير أحباء ما لم يتم
الصلح معه وهل يمكن أن يتم هذا التصالح ما لم يكن هناك مصالح أو وسيط? وهل المصالح والوسيط يمكن أن يكون أقل من أحد الطرفين. بالتأكيد
لا
.

وأنت
تعلم أن الملائكة خلائق فكيف يتساوى المخلوق مع الخالق, وإن كان لا يتساوى فكيف
يصلح أن يكون مصالحا ? وإن كان لا يصلح فكيف يكون «ابن
الله
». ملاكا أو رئيس ملائكة ونحن نعلم أن الله قد صالحنا بموت ابنه (رؤيا
10: 5) ? إذا لا يمكن أن يكون ابن الله ملاكا أو رئيس ملائكة بل هو الله ذاته.

13-
خطية الإنسان كانت ذنبا عليه أمام الله ولإيجاد حل لتلك المشكلة, به يتمجد الله
دون أن يفقد صفة من صفاته كان لا بد من وجود البديل الضامن هو الذي يطالب نيابة عن
المضمون ويأخذ كل مسئوليته على نفسه فما يطالب الله به الإنسان يطلب من هذا البديل
الضامن وبعبارة أخرى إن عدل الله كان لابد أن يأخذ كل حقوقه التي على الإنسان من
هذا البديل الضامن لكي يطلق الإنسان حرا.

وهل من الممكن أن يكون هذا البديل الضامن عبدا أي ليس له حرية التصرف
في شيء إطلاقا ?

بالطبع
لا, لذلك لا يجوز أن يكون الضامن من الملائكة
لأنهم وإن كانوا ليسوا خطاة من نسل آدم إلا أنهم جميعا عبيد لله وليس منهم من هو
حر لذاته بل وليس لهم حق التصرف في شيء بل كل شيء يعملونه بأمره والذين منهم من لم
يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم الله إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية
تحت الظلام (يهوذا 6).

ثم
أيضا نظرا لمحدودية الملائكة مع أن «الدين» نتيجة الخطية ضد الله هو دين غير
محدود, كان يلزم أن يكون أيضا وفاء الدين من غير محدود.
وهذا ما لا يمكن أن يتوافر في الملاك أو رئيس الملائكة فكيف يكون بعد ذلك ابن الله
ملاكا أو رئيس ملائكة?.

نعم
إن الأدلة والبراهين واضحة كوضوح الشمس في منتصف النهار على أن المسيح ابن الله لم
يكن رئيسا للملائكة ولا ملاكا، لكنه هو ذات الله.

14-
من الملاحظ في رسالة يهوذا العدد التاسع أن ميخائيل رئيس الملائكة مكلف من قبل
الله لدفن جسد موسى لكنه لا يستطيع أن يحييه. ولم يقرأ في الكتاب أو سمع عن ملاك
أو رئيس ملائكة أنه أحيا وأقام ميتا إطلاقا بل هنا في هذه الرسالة: رئيس الملائكة
مكلف من قبل الله لدفن جسد موسى.

وفي
(لوقا 22: 16) نرى الملائكة مكلفين من الله لحمل روح ونفس لعازر بعد موته إلى حضن
إبراهيم. هؤلاء هم الملائكة ورئيسهم.

أما
المسيح «ابن الله» فلم يرسل للدفن أو حمل الأرواح
والأنفس، لكن أرسل ليعطى حياة أبدية لذلك يقول عن نفسه «أما
أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل
» جاء ليحيى الموتى ويخرجهم من
القبور لذلك:

يذكر
عنه أنه أقام الموتى بكلمة سواء بنت يايرس أو الشاب
المحمول على الأكتاف أو لعازر الذي كان في القبر بعد أن أنتن.
نعم ما أبعد
الفارق بين هذا وذاك. أبعد هذا نقول: إن المسيح هو رئيس الملائكة ميخائيل أو
ملاك!!!

15-
في (مزمور 6: 89, 7) يقول أيثان الأزراحي, النبي الملهم «لأنه
من في السماء يعادل الرب. من يشبه الرب بين أبناء الله إله مهوب جدا في مؤامرة
القديسين ومخوف عند جميع الذين حوله
».

نفهم
من هذا أنه لا يمكن أن يشابه الله أو يعادله أحد سواء من بين الملائكة في السماء
أو البشر على الأرض. لكن قيل عن الابن الوحيد ربنا يسوع (فيليبي 6: 2) «إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله»
وقال في (يوحنا18: 5) عن نفسه إن الله أبوه معادلا نفسه بالله.

من هذا نستنتج أن أقنوم الابن المعادل لأقنوم الآب ولأقنوم الروح
القدس لا يعادله كائن إذ ليس من م عادل له حتى بين أبناء الله الذين هم أسمى
خلائقه.

16-
لذلك نلاحظ تمييز بنوته عن الملائكة أو البشر أو المؤمنين فهم جميعا محدودون.. أما
هو فلأنه الله الابن الوحيد غير المحدود فقد قال «وليس
أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء

(يوحنا13: 3).. وأيضا: «ها أنا معكم كل الأيام إلى
انقضاء الدهر
» (متى 20: 28) وقال أيضا «حيثما
اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم
» (متى 20: 18).

17-
مع أن الأقانيم (أقانيم الله) واضحة تماما في صيغة الجمع ولاسيما في العبارات:

«نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» (تكوين 26: 1). وأيضا

«هوذا الإنسان قد صار كواحد منا » (تكوين 22: 3).

لكن
أضداد المسيح قالوا إن الله كان مخاطبا للملائكة جامعا وموحدا إياهم معه في عمل
الإنسان. وهذا ما لا يمكن أن يقبله عقل للأسباب الآتية:

أ-
لا يمكن للملائكة أن يشتركوا مع الله في الخلق لأن هذا ليس في قدرتهم كخلائق ولا
من شأنهم لكن هذا ما قام به الآب والابن والروح القدس.

فقيل
عن الآب إنه خالق الجميع بيسوع المسيح (أفسس9: 3) وعن الابن إنه «الكل به وله قد خلق» (كولوسي 16: 1) وعن الروح القدس
إنه «روح الله صنعني ونسمة القدير أحيتني» (أيوب 4: 33).

وهذا
سر الجمع في كلمة «نعمل».

ب-
لا يمكن للملائكة أن يكونوا مشابهين الله في الصورة والشبه لأنهم مخلوقون أما الله
فأزلي وهو الخالق لذلك قيل «من يشبه الرب بين أبناء الله»
(مزمور 6: 89).

ج-
إن كان الله قد خلق الملائكة أرواحا (عبرانيين 14: 1) والله ذاته روح (يوحنا24: 4) لكنه لا يمكن أن ينزل إلى مستواهم لأنه لا يمكن أن يتساوى
المخلوق مع الخالق ولا يمكن أن يتساوى العبد مع سيده.
ثم لا يمكن للملائكة أن يكونوا في مستوى الله في المعرفة.
فكيف بعد ذلك يكون المتكلم معه الله
قائلا «نعمل
الإنسان على صورتنا كشبهنا
» ملاكا أو رئيس ملائكة. نعم هذا ما يرينا الله
الجامع في وحدانية أقانيمه.

18-
ويجب أن نلاحظ أن رئيس الملائكة قد خلقه المسيح ابن الله كما هو وارد في (كولوسي
16: 1) فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما
يرى وما لا يرى سواء كان عروشا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق

فالمسيح خالق للعروش والرياسات. فكيف يكون هو ميخائيل أحد الرؤساء الأولين?! 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى