علم المسيح

مَثَل الملك الذي سامح



مَثَل الملك الذي سامح

مَثَل الملك الذي
سامح

 

«لِذٰلِكَ
يُشْبِهُ مَلَكُوتُ ٱلسَّمَاوَاتِ إِنْسَاناً مَلِكاً أَرَادَ أَنْ
يُحَاسِبَ عَبِيدَهُ. فَلَمَّا ٱبْتَدَأَ فِي ٱلْمُحَاسَبَةِ قُدِّمَ
إِلَيْهِ وَاحِدٌ مَدْيُونٌ بِعَشْرَةِ آلافِ وَزْنَةٍ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ
مَا يُوفِي أَمَرَ سَيِّدُهُ أَنْ يُبَاعَ هُوَ وَٱمْرَأَتُهُ وَأَوْلادُهُ
وَكُلُّ مَا لَهُ، وَيُوفَى ٱلدَّيْنُ. فَخَرَّ ٱلْعَبْدُ وَسَجَدَ
لَهُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ ٱلْجَمِيعَ.
فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذٰلِكَ ٱلْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ، وَتَرَكَ لَهُ
ٱلدَّيْنَ. وَلَمَّا خَرَجَ ذٰلِكَ ٱلْعَبْدُ وَجَدَ وَاحِداً
مِنَ ٱلْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ، كَانَ مَدْيُوناً لَهُ بِمِئَةِ دِينَارٍ،
فَأَمْسَكَهُ وَأَخَذَ بِعُنُقِهِ قَائِلاً: أَوْفِنِي مَا لِي عَلَيْكَ. فَخَرَّ
ٱلْعَبْدُ رَفِيقُهُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ قَائِلاً:
تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ ٱلْجَمِيعَ. فَلَمْ يُرِدْ بَلْ مَضَى
وَأَلْقَاهُ فِي سِجْنٍ حَتَّى يُوفِيَ ٱلدَّيْنَ. فَلَمَّا رَأَى
ٱلْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُ مَا كَانَ، حَزِنُوا جِدّاً. وَأَتَوْا وَقَصُّوا
عَلَى سَيِّدِهِمْ كُلَّ مَا جَرَى. فَدَعَاهُ حِينَئِذٍ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ:
أَيُّهَا ٱلْعَبْدُ ٱلشِّرِّيرُ، كُلُّ ذٰلِكَ ٱلدَّيْنِ
تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ طَلَبْتَ إِلَيَّ. أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ
أَنْتَ أَيْضاً تَرْحَمُ ٱلْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟
وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى ٱلْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ
مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ. فَهٰكَذَا أَبِي ٱلسَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ
بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَلاتِهِ»
(متى 18: 23-35).

 

لما
كان ضرورياً أن يبيّن المسيح أساس هذا القانون الصعب ليقنع تلاميذه بصوابه، أوضح
لهم ذلك بواسطة مثل العبد الظالم، الذي بعد أن ترك سيده الملك ديناً عظيماً
للغاية، لا يمكنه أن يوفيه مطلقاً، قبض ذلك العبد على أحد رفقائه العبيد بسبب ديْن
زهيد كان عليه، وزَجَّه في السجن، رغم كل الاستراحامات والمواعيد وإحسان مولاه
إليه، بتركه له هذا الدين العظيم. لم يلن قلبه ليصبر على رفيقه، بل أخذه بعنقه
وألقاه في السجن حتى يوفي الدين. فلما أبلغ العبيد رفقاؤه مولاهم الملك بهذا
الأمر، اغتاظ الملك جداً، وأحضر هذا العبد الظالم وأنّبه، وسلّمه إلى المعذِّبين
حتى يوفي كل ما كان له عليه. فإن كان مفلساً قبل سجنه، فأي أمل له أن يفي الملايين
وهو سجين؟ فلا مناص من بقائه إلى الأبد بين أيدي المعذِّبين!

 

في
هذا المثل شبَّه المسيح الله بالملك، وشبَّه الخطاة بالعبيد المديونين. ولما كان
الدَّين الذي على الخاطئ لله عظيماً، يستحيل على الخاطئ أن يوفيه. لكن الله
برحمته، وبناءً على عمل الفداء، يغفر لأعظم الخطاة متى اعترف له وطلب منه الرحمة
وتعهَّد أن يصلح أمره فيما بعد. أما دَيْن الخاطئ لرفيقه البشري فزهيد بالنسبة إلى
دَيْن الرفيق لربه. فمتى حصل إنسان على الغفران الإلهي، لا حقَّ له أن يمسك عن
رفيقه المغفرة على زلاته، مهما تكاثرت وتكررت. ولا يحق لإنسان أن يدين أخاه قبل
مقابلته واستماع عذره. لعله أخطأ سهواً، أو ظلمه واشٍ. فما أرهب العبارة التي ختم
بها المسيح جوابه على سؤال بطرس بقوله: «فهكذا أبي السماوي يفعل بكم إن لم تتركوا
من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته».

 

ولنا
في الصلاة الربانية برهان أهمية وجوب ترك الحقد، لما نصلي: «اغفر لنا ذنوبنا كما
نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا». لا ينتظر البريء أن يأتيه المذنب ليستغفر منه، بل
يسبقه، إتماماً للقول: «اذهب وعاتبه بينك وبينه». تمثُّلاً بالمسيح الذي لم ينتظر
الخاطئ إلى أن يتوب ويأتي إليه، بل قد أتى من السماء ليطلب ويخلص ما قد هلك.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى