علم الكتاب المقدس

الكتاب المقدس وقانون بقاء الطاقة



الكتاب المقدس وقانون بقاء الطاقة

الكتاب
المقدس وقانون بقاء الطاقة

يقول
قانون بقاء الطاقة: عند تحول الطاقة من صور إلى اخرة، فى اى نظام معزول، فإن
الطاقة الكلية “. ويعتبر هذا القانون هو القاعدة الأساسية التى تقوم عليها مل
العلوم الطبيعية. كذلك يوجد قانون آخر مشابه هو قانون بقاء المادة ونصه: ”
رغم أن شكل أو حجم أو حالة المادة ان تتحول من حالة إلى اخر. فان الكتلة الكلية
لاتتغير “. ومن هذين القانونين يمكننا أن نستتج أن المادة تفنى ولا تستحدث
ولا تخلق من العدم. وكذلك الطاقة أيضا ولئن كان قد تم إثبات ذلك علميا منذ حوالى
مائة عام، إلا أن السنين إذا علمنا أن عملية الخلق ليست مستمرة، ولكن الكون الحالى
هو نتيجة لعملية خلق إلهى بالفعل، فى الستة أيام للخلقة، فمثلا قال الله: ليكن نور
فكان نور ” (تك 1: 3) وهذه الأوامر الإلهية لاتخضع طبعا للدراسة العملية الآن.

ويعلمنا
القديس بولس الرسول فى رسالته إلى العبرانيين: ” مع كون الأعمال قد أكملت منذ
تأسيس العالم ” (عبرانيين 4: 3) أى أن عملية الخلق قد أكملت فى الماضى
ومانراه الآن هو مجرد تحول من صورة إلى اخرى.

فى
سفر التكوين: فاكملت السموات والارض وكل جندها. وفرغ الله فى اليوم السابع من عمله
الذى عمل ” (تكوين 2: 1، 2). فنستشف من كل ذلك أن عملية الخلق قد تمت وانتهت.
وهنا تثور نقطة خلاف بين الكتاب المقدس والعلماء الذين ينادون بفلسفة الخلق
التطورى المستمر، والتى لاتستند إلى اى سند معلمى، إذن ما هذا الذى يحدث كل يوم
أمامنا فى صورة التقدم والتطور إلا عملية تحول من صورة إلى أخرى للكتلة او الطاقة.
ويعرف قانون المادة والطاقة عند علما الفيزياء بالقانون الأول فى علم الديناميكا
الحرارية. ويعتبر هذا القانون أهم القوانين الأساسية فى كل العلوم الفيزيائية.
وكما رأينا، فقد تم النتبؤ بهذا القانون فى مواضع كثيرة من الكتاب المقدس، إذ يؤكد
ان السموات والأرض قد أكملت، أى لم تخلق فقط، بل وأكملت ” ” ورأى الله
أن كل ما عمله فإذا هو حسن جدا ” (تك 1: 31).

 

ويعلن
القانون الثانى للديناميكا الحراية أن هناك فناء أو انحلالا للطاقة يظهر فى عدة
صور أخرى. ففى أية عملية انتقالية يتم فيها تحول للطاقة من صورة إلى أخرى، وبالرغم
من ان الطاقة الكلية تبقى دون تغيير، لكن هناك دائما حقيقة ثابتة، هى أن كفاءة
الانتفاع بهذه الطاقة لايمكن أن يصل إلى 100%، لأنه لابد أن يكون هناك فاقد من
الطاقة بسبب الإحتكاك والتى تظهر على صورة حرارة، وتسمى هذه العملية بقانون زيارة
التترويبا. لذلك ففى أى نظام مغلق، بصرف النظر عن مدى كبره أو صغره فإن طاقة هذا
النظام تقل باستمرار. فمثلا لا يمكن، بل ومن المستحيل، أن تسير مركبة إلى بفعل
دفعة واحدة إذا أنها بعد فترة نتيجة احتكاكها مع الهواء، سوف تقل سرعتها تدريجيا
حتى تتوقف تماما. كذلك أيضا النووية، أتت من الشمس. إلا أن الجزء الأكبر من هذه
الطاقة الهائلة للتعويض. هذا الفاقد المستمر لطاقة الشمس لايمكن أن يستمر إلى
الأبد، فسوف يأتى الوقت الذى تستنفذ الذى الشمس كل طاقتها، وعندئذ نتوقف كل مظاهر
النشاط الانسانى والحياة على الأرض، مالم يحدث تدخل معجزى خارق من إله الطبيعة
وخالقها.

هذه
القاعدة عينها تتطبق على النجوم فى الكون كله. ويعنى ذلك أن هذا الكون الذى نعيش
فيه أخذ ولاشك فى الهرم والبلى والانهيار. غير أن هناك حقيقة عظمى عملها لنا
الكتاب المقدس وتشهد بها طبيعة الكون نفسه ألا وهى أن هناك بداية لهذا الكون. فحيث
أن الكون أخذ فى الهرم، فلابد أنه كان يافعا فى مرحلة زمنية سابقة، واذا كان آخذا
فى البلى فلابد أنه كان يوما ما جديدا واذا كان فى طريقه إلى الانهيار فلابد أنه
كان يوما متماسا. وباختصار، فإن قانون انحلال الطاقة يؤكد لنا حقيقة أساسية هى
وجود خالق أعظم لهذا الكون، كما يؤكد على أن هناك عملية خلق أكيدة تمت فى الماضى،
وأنها تبعا لقانون بقاء المادة والطاقة، تعتبر عملية غير مستمرة فى الوقت الحاضر.

 

والآن،
دعنا نرى تعاليم الكتاب المقدس فى هذا الصدد. فعلى سبيل المثال، قول المزمور: ”
من قدم أسست الأرض والسموات هى عمل يديك، وهى تبيد وانت تبقى وكلها كثوب تبلى،
كرداء تغير فتتغير و أنت أنت هو وسنوك لن تنتهى (مز 102: 25 – 27). وهناك العديد
من الآيات فى الكتاب المقدس لا تقل اهمية أو ووضحا عن الآيات السابقة ومن خلالها
يعلمنا الكتاب المقدس أن مااكتشفه العلم فى السنوات المائة الأخيرة، وبالرغم من
اكتمال عناصر الخلقة، إلا أن الكون آخذ فى الاتجاه نحو فناء مادى نهائى. وبالاضافة
إلى ذلك، فإن الكتاب المقدس كثيرا مايتحدث عن أشياء لم يكتشفها العلم للآن، مثل
تدخل مستقبلى خارق للخلق فى خليقته واندثار النظام الحالى وخلق سموات جديدة وأرض
جديدة سوف تيقى وتستمر. وقد ذكرت هذه الحقيقة فى سفر أشعياء النبى فى العهد القديم:
” لأنى هأنذا خالق سموات جديدة وأرضا جديدة فلا تذكر الأولى ولاتخطر علىبال
” (أشعياء 65: 17)، ” لأنه كما أن السموات الجديدة والأرض الجديدة التى
أنا صانع تثبت أمامى يقول الرب، هكذا يثبت نسلكم وإسمكم “(أشعياء 66: 22).
كذلك أكدها القديس بطرس فى رسالته الثانية: منتظرين وطالبين سرعة مجىء يوم الرب
الذى به نتحل السموات ملتهبة والعناصر مسحوقة تذوب، ولكننا بحسب وعده ننتظر سموات
جديدة وأرضا جديدة يسكن فيها البر ” (2بط 3: 13). وقد وردت هذه الحقيقة أيضا
فى سفر الرؤيا فى العهد الجديد: ثم رأيت سماء جديدة وأرضا جديدة (رؤيا 21: 1)
وهناك حقيقة علمية متوائمة مع تلك ذكرها الكتاب المقدس. ألا وهى التكافؤ بين
المادة والطاقة، وهى أحد أهم الاكتشافات فى القرن العشرين. فمن المعروف الآن أن
المادة هى فمن الواقع إحدى صور الطاقة المعروفة بالطاقة الذرية، فبالرغم من أن
الطاقة الهائلة الموجودة فى الذرة غير معروفة حتى الان، حتى ليعجز العلم اكتشافها،
غير أنه من المؤكد أن عددا هائلا من الطاقة من مصدر ما، غير معروف، لازم لبقاء
الحركة الرهيبة فى الكون، وكذلك لتوازن القوى المصاحبة للجسيمات المكونة للذرة.
ويمكن تخيل حجم هذه الطاقات من واقع قيمة الطاقة المنطقة من تحطيم ذرة واحدة (فلو
تصورنا أن رأس الدبوس يتكون من ملايين من الذرات لأمكن تقدير ضخامة هذه الطاقات)
والتى لانجد تعبيرا عنها أبلغ من قول القديس بولس الرسول: ” حامل كل الأشياء
بكلمة قدرته (عبرانيين 1: 2ن3) هذه الأية تعلمنا أن كل الاشياء، ومنها العالم
المادى، يزلمها، كى تبقى طاقة أو قوة، أن يكون مصدرها هو الخالق نفسه الرب يسوع
المسيح فى حين أن العلم عجز، كما رأينا، عن تفسيرالمصدر الدائم لحدوث واستمرار
الحركة الرهيبة فى الكون. ونفس الحقيقة الهائلة نجدها فى القول القديس بولس: ”
الذى هو قبل كل شىء وفيه يقوم الكل ” (كولوسى 1: 17). والتى يمكن كتابتها على
الصورة الآتية “.. وفيه (يسوع المسيح) تتماسك كل الأشياء ”

 

كذلك
هناك حقيقة علمية أخرى فى هذا الصدد فى قول القديس بولس:


بالإيمان نفهم أن العالمين أتقنت بكلمة الله حتى بم يتكون مايرى مما هو ظاهر
” (عبرانيينة 11: 3) أى أن مادة الكون ليست كلها مادية (أى ترى بالعين
المجردة) ولكنها تتكون من شىء غير ظاهر، فجمعع الوحدات غير المرئية، وان كانت
محسوسة بنتائجال، والغير مادية والتى يتعامل معها العلم مثل الكهرباء والمغناطيسية،
والجاذبية، وغيرها والتى بالرغم من أننا نستخدمها كل يوم، غلا أنها فى حد ذاتها
أشيا غير ظاهرة. ومع أننا نعرف الكثير عن خوصاها ومساراتها، لكننا عمليا لا تعلم
شيئا عن صفاتها المطلقة (فمثلا، لاأحد يستطيع أن يرى الكهرباء، لكننا جميعا يمكن
أن نرى المصباح الكهربائى فنحس بها أما الآن، فمن الممكن أن نفهم مثل هذه الأمور
التى كانت منذ أجيال قليلة مضت غير ممكن قبولها أو حتى تصورها، ذلك أن الأجيال
السابقة تصورتأنه من الممكن وصف جميع الأشياء تماما بالغة. إل أنه، بعد زيادة
المعرفة، ثبت أن الكتاب المقدس شديد الدقة فى كل التعبيرات العلمية التى استخدمها.

 

بذلك
نكون قد استعرضنا فى الثمانى نقاط البسيطة السابقة عددا من القضايا فى إطار
المعرفة الحديثة التى سجلها لنا الكتاب المقدس منذ الاف السنين، قبل اكتشافها
بواسطة العلماء، ولعلها أن تمثل قدرا كافيا من الأدلة المقنهة، التى أن دلت على
شىء فهى تدل على ارشاد وتوجيه الروح القدس.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى