بدع وهرطقات

مرقيون – مركيون



مرقيون – مركيون

بدعة
مرقيون – مركيون

كانت
الغنوسية قد أصبحت أكثر الحركات الفلسفية الدينية انتشاراً وأوسعها ميداناًَ.
وكانت تعاليم مدرستها السامرية قد تسرّبت إلى مصر وعشَّشت فيها. يذكر كلسوس أن هذا
النوع من الغنوسية شاع في مصر في بعض ما كتب فيه. واوريجنس نفسه درس هذه الفلسفة
في الاسكندرية على أحد رجالها السوريين بولس الأنطاكي.

 

وأثر
الغنوسية ما يزال ملموساً إلى اليوم عن طريق ما وصلنا من صفحات الأدب القبطي وفي
بعض أوراق البردي والأناجيل الأبوكريفية. على أعظم ما جاءت به قرائح رجال هذه
المدرسة مربوط بأسماء اسكندريين ثلاثة صنفوا فيما يظهر في القرن الثاني في عصر
أدريانوس الامبراطور وبعده بقليل. وهؤلاء الثلاثة هم: فالنتينوس وفاسيليذس
وكربوكراتس. وقد فصّل ايريناوس القديس مذهب فالنتينوس من باب الرد عليه كما تكلم
عن فاسيليذس وآرائه وعن كربوكراتس وملائكته. ومما نقله عن كربوكراتس وعن رأيه في
المسيح المخلص أنه قال: أن يسوع كان ابن يوسف من صلبه وأنه تمكن بواسطة التقمص
وبما اختبره في “دوره” الأول وبما أوتي من مقدرة من فوق أن يسيطر على
حكام هذا العالم وأن يعود إلى الله الآب. وأضاف أنه بمقدور جميع الناس أن يفعلوا
ما فعله المسيح إن هم سلكوا سلوكه وتذرعوا بأساليبه.

 

ولم
يقتصر نشاط هذه القوة الدينية الفلسفية على سورية ومصر ولكنه انساب نحو الشمال حتى
شاطئ البحر الأسود. فقام في سينوب ابن اسقف يعظ ويبشر بمسيحية غنوسية ويعمل لها
بكل ما أوتي من مقدرة ونشاط. وهذا الشخص هو مركيون الذي نزع إلى الدين والفلسفة
بعد أن أثرى في التجارة البحرية. وقال مركيون بعنوسية مسيحية فغضب عليه والده
وقطعه من شركة الكنيسة. فخرج من سينوب وطاف آسية الصغرى مبشراً باستحالة التوفيق
بين التوراة والإنجيل موجباً التخير بين محبة المسيح التي لا نهاية لها وصلاحه
السامي وبين عدالة إله اسرائيل القاسية. مبيناً ان إله اليهود إله الخليقة
والناموس لا يمكن أن يكون هو نفسه غله الرحمة بل دونه مرتبة. “والمخلص”
في نظره كان مظهراً من مظاهر الإله الحقيقي الصالح وقد خلّص البشر بإظهاره حقيقة
الإله الصالح الذي جاء من عنده وبالصليب. ولما لم يكن له أي صلة بإله الخليقة فإنه
لم يكن بشراً ولم يولد ولم ينم ولكن شبه لهم في كنيس كفرناحوم أولاً في السنة
الخامسة عشرة لحكم طيباريوس قيصر، ثم في سائر الجليل واليهودية والسامرة.

 

وقال
مركيون بخلاص البعض لا الكل وأوجب الزهد الشديد في المأكل والمشرب ونهى عن الزواج
وسمح بمعمودية المتزوجين بعد موافقتهم على الافتراق.

 

ولم
يلجأ مركيون إلى النبوءات ليؤيد صحة مذهبة ولم يحاول أن يربط عقيدته بنصوص التوراة
ولم يعتمد سوى عشر رسائل لبولس الرسول وإنجيل لوقا بعد أن اقتطع منه ما لا يوافق
عقيدته. وقال بأن الرسل الأطهار لم يفموا الإنجيل فهماً تاماً لأنهم اعتبروا
المسيح رسول الإله الخالق فاصطفى يسوع بولس ليصحح التعاليم. وقال عما جاء في رسائل
بولس من إشارات إلى الإله الخالق أنها دست دساً. ومن هنا قول ترتيليانوس أن مركيون
قرض الأناجيل فاستحق اللقب “جرذ البونط”. وأضاف أتباعه فيما بعد إلى إنجيل
لوقا ورسائل بولس رسالة مركيون في التناقض بين التوراة والإنجيل
Antitheses فكان لهم كتاب مقدس خاص شاع استعماله في جميع كنائسهم.

 

واحتدم
الجدل بين مركيون والقديس بوليكاريوس فاعتبره هذا “أول خلق الشيطان”.
وذهب مركيون إلى رومة حوالي سنة 140 وكتم غنوسيته ونفح كنيسة رومة بهبة جليلة وعكف
على “قرض” إنجيل لوقا ورسائل بولس وعلى تصنيف كتابه في التوراة والإنجيل.
ولما تم له ذلك كشف عن وجهه الحقيقي ودعا إلى آرائه فالتف حوله عدد من المسيحيين
فطردته الكنيسة واطرحت هبته. واغتنم القديس بوليكاريوس فرصة وجوده في ورمة سنة 154
فأنقذ من الضلال عدداً من الذين اتبعوا مركيون.

 

ويقال
أن مركيون ندم وارتضى بما اشترطته الكنيسة عليه ولكنه توفي قبل أن يفعل. ومن
المرجح أن يكون قد مات قبل سنة 160 كما يرى العلامة الألماني هرنك.

 

إن
تحدي مركيون أجبر الكنيسة، وفقاً لرأي بعض البحاثة، على وضع لائحة بالكتب المقدسة
المقبولة لديها والتي يمكن اعتبارها مرجعاً لحياتها وتعاليمها. و السؤال الذي يطرح
نفسه الآن هو: هل كان وضع قانون العهد الجديد لولا الضغط الخارجي؟ سؤال مثيل يمكن
أيضاً طرحه حول عقيدة الثالوث التي جاءت كرد على الأريوسيين. من المؤكد أنه لم يكن
هناك دور للتأثير الخارجي في تحديد قانونية سفر من الأسفار. والتزمت الكنيسة
بكتبها التي كانت قد قبلتها دائماً. وبعملها هذا حددت الكنيسة الأساس الذي بموجبه
تحدد قانونية أسفار الكتاب المقدس. وكما أجابت الكنيسة عن السؤال حول هوية يسوع،
كذلك عبرت عن إيمانها في عقيدة الثالوث. وأنها لم تبتدع إيماناً جديداً بل أعطت
صيغة وتعبيراً ذاتياً عما كانت تعتقد به نتيجة الإعلان الإلهي.

 

إن
السلطة الرسولية المنوطة بالأناجيل سبقت قانونيته، إذ أن الكنيسة لم تعط الأناجيل
سلطة بل اعترفت فقط بسلطتها الذاتية. عوامل عدة ساهمت في تكوين العهد الجديد، ولكن
العامل الأكثر أهمية هو إلهام الروح القدس. والروح الذي ألهم الإنجيليين في كتابة
أناجيلهم هو نفسه الذي ألهم الكنيسة في قبول هذه الأسفار. لم يستطع مركيون، وهو
يعارض تقليد الكنيسة، أن يميز بين الأسفار الملهمة والأسفار غير الملهمة. والملهم
(
theopneustos) هو “الموصى به من الله” (2تيمو3: 16) الذي لا يرتكز
على إدراك بشري بل على عمل الله. فسلطة الأناجيل وأي جزء من العهد الجديد، ليست في
الكتب نفسه، ولا ترتكز على سلطة الكنيسة التي فيها وجدت، بل تأتي من المسيح الذي
تشهد له الأناجيل الملهمة من الروح وتعلنه في حياة الكنيسة.

 

لم
تقبل الكنيسة قانون مركيون ليس فقط لأنه ناقص بل لأن جامعه هو غنوسي سعى إلى تحوير
النص لكي يعكس الصورة التي يرغبها هو عن يسوع. واعتمدت الكنيسة في حربها ضد مركيون
الأناجيل الأربعة كي تظل صورة يسوع غير مشوهة.

 

مرقيون

من
فلاسفة الغنوسية الفليسوف مرقيون

مرقيون

كان
مرقيون السينوبي 140 – 160م، هو ابن أسقف سينوب في إقليم البنطس (على شاطئ البحر
الأسود) تأثر بالأفكار الغنوصية بعد أن أصبح غنياً فحرمه والده من الكنيسة، فخرج
من سينوب وطاف آسيا الصغرى حتى روما التي منح كنيستها هدية مادية قيمة، ونشر
تعاليمه وتجمع حوله الكثير من الأتباع فكانت كنيسته الغنوصية أكثر عدداً من جميع
الكنائس الغنوصية السورية، وكان معاصرًا لباسيليدس. وبحسب طرطليانوس فقد بدأ
مرقيون مسيرته كمسيحي أرثوذكسي – أيًّا ما كان معنى ذلك في تلك المرحلة الأولى من
بَسْط العقيدة المسيحية – لكنه سرعان ما صاغ مذهبًا مميزًا وجذريًّا أدَّى إلى
إلقاء الحرمان عليه من قبل كنيسة روما في تموز 144 م، وهو التاريخ التقليدي لتأسيس
الكنيسة المرقيونية (طرطليانوس، ضد مرقيون، 1.1؛ راجع: كورت رودلف، الغنوص، 1984،
ص 314).

 

 جاء
إلى رومة حوالي السنة 140 معلّم غنوصي أصلة من البنطس واسمه مرقيون. فعلّم نظامًا
ثنائيًّا يعارض فيه العهدان الواحدُ الآخر. رذل مرقيون كلَّ أسفار العهد القديم
واعتبرها من عمل العقل الخلاّق الشرّير ولم يحتفظ من العهد الجديد إلاّ بإنجيل
لوقا بعد أن شوّهه، وبقسم من رسائل القدّيس بولس. حُرم سنة 144 وناقضه يوستينوس،
ولكنّه ربح تبّاعًا كثيرين سيحاربهم ترتليانس بعد نصف قرن في كتابه “ضد
مرقيون” (دوِّن في نسخة أولى سنة 200، وثانية سنة 207، وثالثة سنة 211). هذا
الكتاب هو المرجع الأساسيّ للتعرّف إلى “النقائض” التي نشرها المعلّم
الهرطوقي ّ. أمّا ردّة الفعل على هذه المحاولة فكانت إجبار الأساقفة والمعلّمين
المسيحيّين على وضع لائحة كاملة بكتبهم المقدّسة وإبعاد الأسفار المنحولة
والمشبوهة

 

وتعليم
مرقيون أنيق البساطة: “الإله الذي تعلنه الشريعة والأنبياء ليس أبا سيدنا
يسوع المسيح. فإله [العهد القديم] معروف، ولكن الثاني [أبا يسوع المسيح] مجهول.
الأول عَدْل، بينما الثاني خيِّر.” (إيريناوس، 1.27.1) لقد اعتقد مرقيون بأن
هذا الكوسموس الذي نعيش فيه يشهد على وجود إله قاسٍ ومشرِّع، بل وحاقد ومنتقم
أحيانًا. إن هذا الرأي ناتج عن قراءة محض حرفية للعهد القديم، الذي يحوي فعلاً
العديد من المقاطع التي تصف الإله بعبارات لا تفضي إلى الألوهية – أو على الأقل لا
تفضي إلى فكرة الإله التي كانت شائعة في العصر الهلينستي. بناءً عليه، فقد أعلن
مرقيون، على غرار بولس (في الرسالة إلى الرومانيين 1: 20)، أن الإله يُعرَف عِبْرَ
خلقه. غير أن مرقيون، على خلاف بولس، لم يعتبر أن هذا “الوحي الطبيعي”
دليل على فرادة الله وخيره، بل على العكس تمامًا، اعتقد أنه عَرَفَ إله هذا العالم
حقَّ معرفته، وأن هذا الإله ليس جديرًا بما يطلبه من إخلاص وطاعة. ولذا فقد رفض
مرقيون تعاليم الكنيسة المسيحية الأرثوذكسية في عصره القائلة بأن يهوه هو أبو
الكنيسة؛ ومن خلال استئصال جريء لما سمَّاه “المدسوسات اليهودية” في
إنجيل لوقا وعَشر رسائل بولسية، طرح مفهومه عن “الإله الغريب” وفعله
الخلاصي، ورسَّخ أول دستور للأسفار المعتمَدة في الكنيسة “المسيحية”
(جوناس، ص 145-146).

 

لم
يكن مرقيون فيلسوفًا بالمعنى الذي قُيِّضَ لهذا المصطلح أن يؤدِّيه فيما بعد. فهو
لم يبسط قط، على حدِّ ما نستطيع أن نستخلص من الآثار الباقية، نظرية منهجية
ميتافيزيقية أو كوسمولوجية أو أنثروبولوجية، على غرار ما ذهب إليه باسيليدس أو
فالنتينوس (الذي سنناقشه لاحقًا)، ولم يُبرِزه التاريخُ كشاهد على معتقداته (وهذه
هي النقطة الأهم). فعلى خلاف غالبية الغنوصيين، الذين صاغوا نوعًا من السلالة
الإلهية (أسطورة صوفيا، على سبيل المثال) لتعليل وجود الفساد والنزاع في العالم،
طرح مرقيون في بساطة وجود إلهين متناقضين لا يقبلان الاختزال: الإله التوراتي،
والإله المجهول أو “الغريب”، الذي هو أبو المسيح. وبحسب مرقيون، فإن
الإله الذي يحكم هذا العالم هو كائن حريص على الحفاظ على استقلاليته وقدرته، حتى
على حساب الكائنات (البشرية) التي خلقها. الإله “الغريب”، الذي هو الخير
الأسمى، هو “إله الانبثاث”: إذ إنه ينبث في هذا العالم من الخارج لكي
يتبنَّى مجَّانًا أولئك البشر المرثيَّ لحالهم، الباقين تحت نفوذ الإله الأدنى
بوصفهم أبناءه. وهذا الفعل هو، بحسب مرقيون، أصل تجسُّد المسيح وعلَّته.

 

وعلى
الرغم من غياب قاعدة فلسفية أو ثيولوجية لهذه الصياغة البسيطة نوعًا ما، فإن فكرة
مرقيون تعبِّر، على كلِّ حال، في شكل خام ومباشر نوعًا ما، عن حقيقة أساسية للوجود
الإنساني: أنَّ رغبات العقل لا مقايسة بينها وبين طبيعة الوجود المادي (راجع: إيريناوس،
27.1: 2-3). مع ذلك، إذا تابعنا حجَّة مرقيون حتى نتيجتها المنطقية (وربما
“ضد المنطقية”)، لاكتشفنا تعبيرًا وجوديًّا (وليس فلسفة) عن الشعور
الأوليِّ ب”الهَجْر”
Geworfenheit. وهذا التعبير يقوم على التعارض الحاذق – لكن الممض – بين
“محبة الحكمة”
philosophia وبين “الحكمة التامَّة” pl?rosophia. نحن وحدنا في عالم لا يُسلِس ذاتَه لبحثِنا عن حقيقة لا تتبدَّل،
ولذلك فإننا نُصادِق الحكمة، باعتبار أن ذلك الطريق أو الأسلوب هو الذي يمكِّننا
من بلوغ هذه الحقيقة المحدوسة. وبحسب مرقيون، لن يتمَّ العثورُ على هذه الحقيقة في
هذا العالم: فكل ما يمكن العثور عليه هو الرغبة في تلك الحقيقة، التي تنشأ بين
البشر. غير أن هذه الرغبة، بما أنها، من جانب البشر، لا تنتج سوى فلسفات متنوعة ما
من واحدة منها قادرة على ادِّعاء الحقيقة المطلقة، خَلُصَ مرقيون إلى أن الكائنات
(البشرية) العارفة في هذا العالم لا تطيق أكثر من ظلٍّ من ظلال الحكمة. إذ إنه عن
طريق إرشاد إله غريب ومحض خيِّر ونعمته يمكن للإنسانية أن ترتقي إلى مستوى الحكمة
التامة
pl?rosophia (راجع: الرسالة إلى القولوسيين 2: 2 وما بعدها). وعلاوة على ذلك،
فقد قام مرقيون، عوضًا عن محاولة اكتشاف الارتباط التاريخي بين وحي المسيح وتعاليم
العهد القديم، بمجرَّد رفض الثاني لصالح الأول، اعتقادًا منه بأن الإنجيل وحده
(وقد تدبَّر مرقيون تحريره بنفسه) يدلنا على الحكمة التامة (إيريناوس، 27.1: 2-3؛
طرطليانوس، ضد مرقيون، 3.4).

 

وفي
حين أن مفكرين مسيحيين آخرين من ذلك العصر قد اشتغلوا على التفسير المجازي للعهد
القديم بغية التوفيق بينه وبين تعاليم العهد الجديد، أجاز مرقيون للعهد الجديد –
وإنْ في نسخته الشخصية منه – مخاطبتَه كصوت مرجعيٍّ فريد، فصاغ مذهبه وفقًا لذلك.
وهذا المذهب لم يشدد على غربة البشر الجذرية عن هذا العالم الذي اتَّفق لهم أن
يولدوا فيه وحسب، بل كذلك على افتقارهم إلى أية علاقة نَسَبية مع الإله الذي ضحَّى
بابنه لافتدائهم – بعبارة أخرى، صوَّر مرقيون البشريةَ كسلالة مُشرَّدة، من دون
أيِّ وطن حقيقي أصلاً (راجع: جيوفاني فيلورامو، تاريخ الغنوصية، 1992، ص 164).
والأمل في البحث عن وطن مفقود، أو أمل العودة إلى وطن طُرِدْنا منه، كان غائبًا عن
مذهب مرقيون. فمثله كمثل بيكو ديلاميراندولا، أعلن مرقيون أن طبيعة البشرية هي
طبيعة وسيط أبدًا، واقف وقوفًا غير مستقر بين السماء والأرض (قارن: بيكو
ديلاميراندولا، خطبة في كرامة الإنسان، 3). غير أن مرقيون، خلافًا لبيكو، دعا إلى
عَزْل جذري للبشرية – “قطيعة” – تصحو فيها الإنسانيةُ على ممكناتها
التامة (إن لم نقل الفطرية).

استمر
وجود أتباع مرقيون حتى القرن الرابع وهناك من يقول حتى القرن السادس.

 

بدعة
مرقس (مرقيون)

4
– ويذكر أيضاً أنه علاوة على هؤلاء الأشخاص الهراطقة فى ذلك العصر كان يوجد شخص
آخر أسمه مرقس (4) برع فى السحر، وقد وصف يوسابيوس تصرفاتهم الدنسة وأسرارهم
الكريهه فى الكلمات التالية:

5
– ” والبعض منهم يعدون أريكة للزواج، ويمارسون بعض الطقوس الرمزية، ويستعملون
بعش التعبيرات الموجهة إلى المبتدأين فى ممارستهم، ويقولون ان الزواج الذى يجرونه
روحى على مثال الزيجات العلوية، والبعض يأخذونهم إلى المياة، ويرددون الكلمات
التالية عند تعميدهم: إلى أسم أب المجهول (5) إلى الحق أم كل الأشياء، إلى من
أستقر على يسوع.. ويكرر غيرهم أسماء عبرانية لكى يزيدوا فى بلبلة المبتدئين ”

6
– وحدث أن مات هيجينوس فى نهاية السنة الرابعة من أسقفيته خلفه بيوس فى إدارة
كنيسة روما، وفى السكندرية عين مرقس (6) راعياً بعد أن ظل أومانيوس فى مركزه 13
سنة، ومات مرقس بعد أن ظل على كرسى ألسكندرية 10 سنوات، خلفه كالاوتيانوس فى كنيسة
الإسكندرية.

7
– وفى روما مات بيوس فى السنة الخامسة عشرة من أسقفيته ، فتولى أنيسيتوس قيادة
المسيحين هناك، ويقرر هيجيسبوس أنه هو نفسه كان فى روما فى ذلك الوقت، وانه ظل
هناك حتى أسقفية اليوثيروس.

8
– وفى تلك الأيام أشتهر يوستينوس بصفة خاصة، وإذ أنه أتخذ صورة فيلسوف بشر بالكلمة
الإلهية وناضل عن الإيمان بكتاباته، وكتب أيضاً كتاباً مؤلفاً ضد مركيون ذكر فيه
أن هذا الأخير كان حياً وقت أن كتب مؤلفة.

9
– وفيه قال الاتى:


وهناك شخص يدعى مركيون البنطى (7) لا يزال إلى الان يعلم أتباعه أن هنالك إلهاً
آخر أعظم من الخالق، وبمساعة الشياطين أقنع الكثيرين من كل جنس البشر لينطقوا
بالتجاديف، وينكروا أن الخالق هذا الكون هو أب المسيح ويعترفوا أن هنالك آخر أعظم
منه وهو الخالق، وكل اللذين تبعوهم يطلقون على أنفسهم مسيحيين كما قلنا، كما يدعى
أسم الفلسفة على الفلاسفة ولو لم تكن لديهم تعاليم مشتركة ”

10
– ويضيف إلى ما سبق ما يأتى: ” وقد كتبنا أيضاً مؤلفاً ضد كل الهرطقات التى
وجدت، ونحن مستعدين أن نقدمه إليك إن أردت الإطلاع عليه ”

11
– وقد نجح جداً يوستينوس هذا فى نضالة ضد اليونانيين، ووجه أحاديث متضمنة إحتجاجاً
ودفاعاً عن إيماننا إلى الإمبراطور أنطونيوس الملقب بيوس، وإلى مجلس الأعيان
الرومانى، لأنه كان يعيش فى روما، وفى دفاعة بين فى الكلمات التالية شخصيته ومن
أين كان:

 

الكتاب
الخامس ليوسابيوس القيصرى الفصل الثالث عشر

رودو
يصف بدعة مركيون

1
– فى ذلك الوقت كتب رودو، وهو من أهل آسيا، وتعلم كما يقول على يد تاتيان الذى سبق
أن ذكرناه (8) عدة كتب أحدهما ضد هرطقة مركيون (9). ويقول أن هذه البدعة كانت
تنقسم فى عصره إلى أربعة آراء مختلفة، ولدى التحدث عمن سببوا الإنقسام وفند بكل
دقة الأباطيل التى أخترعها كل منهم.

 

2
– وأسمع ما يقول:

ولذلك
أيضاً أختلفوا فيما بين أنفسهم، معتنقين آراء متناقضة، لأن أبلس، وهو واحد من
الشيعة (طائفة مركيون) إفتخر بنفسه بسبب طريقة حياته وسنة، ونادى بمبدأ واحد (10)
ولكنه قال أن النبوات هى من روح مضاد، وقد دفعه إلى هذا الإعتقاد فتاة تدعى
فيلومينا كان بها روح نجس.

 

3
– ” ولكن غيره، ومن بينهم بوتينوس وباسيليكوس، أعتقدوا بمبدأين كما أعتقد
مركيون نفسه ربان السفينة.

 

4
– وهؤلاء تبعوا ذئب (11) بنطس، وسلكوا مثله بطياشة غير قادرين على تفهم حقيقة
الأمور، ونادوا بمبدأين بدون تقديم أىة دليل، وإنحدر غيرهم إلى هوة ضلالة أشر، فلم
يكتفوا بطبيعتين بل نادوا بثلاث، من بين هؤلاء سينيروس، وهو قائدهم ورئيسهم، كما
يقول المدافعون عن تعليمه ”

 

5
– ويقول نفس المؤلف أنه دخل فى مناقشة مع أبلس و ويروى ما يأتى:

 


لأنه لما دخل ابلس، الطاعن فى السن، فى مناقشة معنا دحر فى أمور كبيرة تحدث عنها
باطلاً، ومن ثم قال أيضاً أنه ليس ضرورياً على الإطلاق مناقضة المرء فى عقيدته، بل
لكل واحد أن يتمسك بما يعتقده، وأكد بأن الذين يثقون فى المصلوب ينالون الخلاص إن
عملوا أعمالاً صالحة، ولكنه كما قدمنا كانت عقيدته نحو الإله غامضة جداً، لأنه
تحدث عن مبدأ واحد حسب تعليمنا ”

 

6
– وبعد أن تحدث بالتفصيل عن رأيه هو أضاف قائلاً: ” لما قلت له: أخبرنى كيف
تعرف هذا؟ أو كيف تؤكد أنه يوجد مبدأ واحد؟ أجاب النبوات ناقضت نفسها بنفسها لأنها
لم تذكر الحق، فهى غير متفقة وكاذبة، وتناقض نفسها، ولكنه قال أنه لا يعرف كيف
يوجد مبدأ واحد، وإنما هو مقتنع بهذا.

 

7
– ولما ناشدته بأن يقول الحق حلف بأن هذا ما هو فعله لما قال: بأنه لا يعرف كيف
يوجد إله واحد غير مولود، وإنما هذا هو ما يعتقده، عندئذ ضحكت ووبخته، لأنه بالرغم
من إدعائه أنه معلم لم يعرف كيف يثبت ما يعلمه!!! ”

 

8
– وفى نفس الكتاب يعترف الكاتب، موجهاً حديثه إلى كالستيو، أنه تعلم فى روما على
يد تلتيان (12) ويقول أن تاتيان أعد كتاباً عن ” المعضلات ” ووعد أن
يفسر فيها الأجزاء الغامضة فى الأسفار الإلهية، وقد وعد رودو نفسه بأن يقدم هو فى
كتاب حلوله لمعضلات تاتيان، ولا يزال يوجد له أيضاً تفسير عن أيام الخلقة الستة.

 

9
– على أن أبلس هذا كتب أشياء كثيرة، بطريقة سافلة، عن ناموس موسى، مجدفاً على
الأقوال الإلهية فى كثير من مؤلفاته، ويبدو أنه كان غيور جداً على هدمها ودحضها.
هذا ما يتعلق بهؤلاء

 

=====

المراجع:

(1)
حكم أدريان من 8 أغسطس سنة 117 إلى 10 يوليو 138 م

(2)
أفضل شئ عرف عن كردون أنه معلم مركيون وقد ذكر عنه أبيفانيوس أنه سورى.

(3)
أعتقد مركيون أن أله العهد القديم صارم عادل، وإله العهد الجديد صالح ورحيم
ويقولون أن كردون نادى بإلهين، واحد صالح وهو الأسمى، والآخر صارم وهو الذى خلق
العالم

(4)
وصف إيريناوس مرقس والمرقسيين فى ك 1: ف 13 – 21 وقد كان مرقس هذا مذهب اللادريين،
ومن شيعة فالنتينوس.

(5)
المجهول هو الأب نفسه

(6)
أو مركيانوس حسب تاريخ الكنيسة القبطية

(7)
بنطس ولاية فى شمال آسيا الصغرى متاخمة للبحر الأسود

(8)
ك 4 ف 29

(9)
راجع ك 4 ف 11

(10)
نادى أبلس ِحثممثس بإله واحد، وجعل الخالق ملاكاً تحت سلطة الإله الأعظم – أما
مركيون فقد نادى بمبدأين، وأن الخالق هو الإله الأزلى غير مخلوق ولكنه مستقل عن
إله المسيحيين الصالح.

(11)
الذئب لقب أطلقه الكتاب المقدس على أصحاب البدع ويقصد هنا مركيون

(12)
ك 4 ف 29

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى