بدع وهرطقات

صفات المسيح الإلهية



صفات المسيح الإلهية

صفات
المسيح
الإلهية

 

1
– الأزلية الأبدية

إن معني
كلمة «أزلي» هو لا بداية أيام له? وكلمة «أبدي» تعني لا نهاية أيام له والاثنان يقال عنهما سرمدي.

وهذه
الألفاظ لا يمكن أن تقال عن أي مخلوق من سائر المخلوقات لكنها تقال عن الله وحده.

فقد جاءت عن
الله في (دانيال 26: 6) «القيوم إلى الأبد». وعن
الروح القدس في (عبرانيين 14: 9) «روح أزلي» وعن
الابن في (رؤيا 12: 22, 13) «أنا الألف والياء والبداية
والنهاية. الأول والآخر
».

وحيث إن
الروح أزلي وهو «روح الآب», «روح ابنه» فبالتالي الآب والابن يكونان أزليين. يظن البعض أن ولادة المسيح هي بدء وجوده كأي إنسان آخر.
ومن هنا تبدأ المشكلة في أذهانهم فيفهمون أننا جعلناه إلها وهو إنسان بينما
الحقيقة عكس ذلك فهو الله قبل أن يكون إنسانا
, وقد تنازل ليصير إنسانا دون
أن يحدث أي تغيير في لاهوته, وهذا بحسب قدرته الفائقة. ولقد أوردنا في فصول سابقة
آيات كثيرة من العهد القديم والعهد الجديد تثبت أنه هو الله قبل أن يكون إنسانا.

إن العقيدة
الصحيحة هي أن «المسيح ابن الله» هو أقنوم إلهي
كائن منذ الأزل, ولكن في الوقت المعين اتخذ ناسوتا ظاهرا ليس له مثيل بطريقة
معجزية, اتخذه ليجئ إلى عالمنا هذا ظاهرا في الجسد, لغرض عظيم وهو تمجيد الله الذي
أهانه الإنسان بعصيانه والتكفير عن خطايا البشر.

ولإثبات أن
المسيح ابن الله هو الله الأزلي قبل أن يكون إنسانا دعنا نفتش معا في كلمة الله
لنرى هذه الحقيقة:

1
– الإعلان الصريح في مزمور 7: 2

في قول الرب
لمسيحه «أنت ابني» وهذا هو إعلان في الكتاب
المقدس عن الابن في بنوته الأزلية واسمه الشخصي. ولم يذكر هنا متى بدأت هذه
البنوة, أو كيفية حدوثها هل بالولادة أم بالخلق. لأنها أزلية بوجود الله.

ومن حيث إنه
لا بداءة له ولا هو مولود ولا مخلوق فهو ابن الله الأزلي. ثم إن اسم الآب يطلق على
الله قبل أن نولد نحن منه روحيا وقبل أن نوجد, لذلك يقول الرسول بطرس «المختارين بمقتضى علم الله الآب السابق» (1بطرس 1: 1
,2) يقول الابن في صلاته للآب في (يوحنا5: 17) «والآن
مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم
».

وهذا يؤيد
جليا أن بنوة الابن للآب قبل تجسده هي بنوة في اللاهوت منذ الأزل بغير ولادة. لذلك
لا يقال عنه «ولد الله»
ولا يقال عن الآب «والده» وفي الإرسالية لا يقال
إن الله أرسل ولده بل يقول «أرسل الله ابنه»
(غلاطية 4: 4). بعد أن يقول «أنت ابني» يقول «أنا اليوم ولدتك».. وهذه
الولادة لم تكن في الأزل لأنه لم يكن في الأزل زمان أو أيام أو يوم
,
فالمقصود بها هنا ولادته في الزمان بالجسد من العذراء والتي سطر عنها كثيرا في
العهد الجديد. قيل «ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب»
(لوقا11: 2) وهذا ما قاله الملاك للرعاة. وأيضا ما قاله الرسول بولس «ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة»
(غلاطية 4: 4). وأيضا القول في (لوقا35: 1) في بشارة الملاك للعذراء «القدوس المولود منك يدعى ابن الله».

2
– الإعلان الصريح في ميخا 2: 5:

حيث يقول «أما أنت يا بيت لحم أفراتة, وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف
يهوذا, فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام
الأزل
» هذا هو كلام الآب عن ابنه الذي هو وحيده والواحد معه ومع الروح
القدس كالله الواحد منذ الأزل وإلى الأبد.

لنلاحظ كلمة
«مخارجه» والمقصود بها دائرة
وجوده الأصلية
فهي ليست بيت لحم التي على الأرض في فلسطين والتي لها بداية.
لكن مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل وهنا يجب أن نلاحظ أن الأزل ليس هو أياما.
لأن الأيام مرتبطة بالزمان وهي هنا على الأرض نتيجة دوران الأرض حول الشمس, لكن
يقصد بها الأزل ذاته الذي كان هو فيه مع الآب والروح القدس في شركة سرمدية عجيبة,
لكنه بالولادة من العذراء مريم في بيت لحم في الزمان خرج ليرى في العالم.

3
– الإعلان الصريح من شهادة يوحنا المعمدان الذي و لد قبل ولادة الابن بالجسد من
العذراء (لوقا26: 1, 31, 32):

في (يوحنا26:
1 – 27) يقول المعمدان للمرسلين من الفريسيين الذين سألوه عن شخصه قائلين له «من أنت» (يوحنا19: 1). «فما
بالك تعمد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي?
» (يوحنا25: 1) أجابهم
يوحنا قائلا «أنا أعمد بماء ولكن في وسطكم قائم الذي
لستم تعرفونه هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامى الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه
»
(يوحنا26: 1, 27) وأكد هذا في الغد عندما رأي يسوع مقبلا إليه فقال «هذا هو الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي (أي متقدم
عليه في المقام والمنزلة) لأنه كان قبلي»
(يوحنا30: 1).

وهنا كان
قبلي يقصد بها طبيعته الإلهية لأنه و جد بطبيعته الإنسانية على الأرض بعد المعمدان
بستة شهور.

وهنا نلاحظ
أن المعمدان لم يحدد بدءا لأسبقية المسيح عنه مما يدل على أنه المسيح «الأزلي» كما نلاحظ أن المعمدان لم يقل يولد بعدي لكن قال «يأتي بعدي»
دلالة على وجود المسيح بلاهوته قبل تجسده.

4
– الإعلان الصريح في قول المسيح في (يوحنا56: 8 – 59):

بعد النقاش
الذي كان بينه وبين اليهود قالوا له «ألسنا نقول حسنا
إنك سامري وبك شيطان
» (يوحنا48: 8) فإذ به يعلن لهم هذه الحقيقة «الحق الحق. أقول لكم إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يرى الموت إلى
الأبد
» مما أثار فيهم الغيظ والغضب فقالوا له «الآن
علمنا أن بك شيطانا. قد مات إبراهيم والأنبياء وأنت تقول إن كان أحد يحفظ كلامي
فلن يذوق الموت إلى الأبد, ألعلك أعظم من أبينا إبراهيم الذي مات والأنبياء ماتوا.
من تجعل نفسك
» (يوحنا52: 8, 53) فأجابهم يسوع في ختام جوابه «أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأي وفرح» ونحن نعلم
أن إبراهيم كان قبل المسيح حسب الجسد بنحو ألفى سنة «فقال
له اليهود ليس لك خمسون سنة بعد. أفرأيت إبراهيم? أجابهم قبل أن يكون إبراهيم أنا
كائن فرفعوا حجارة ليرجموه
» (يوحنا56: 8 – 59).

هنا
لم يقل قبل أن يكون إبراهيم أنا كنت
بل يقول «أنا
كائن
» دون أن يحدد بدءا لكينونته هذه السابقة
لإبراهيم
إذ هو الكائن بلا بدء أو الكائن الأزلي.

يمكن لأي
مخلوق سابق لإبراهيم مثل ميخائيل رئيس الملائكة أن يقول: أنا كنت قبل إبراهيم أو
خلقت قبله لكنه لا يستطيع أن يقول «أنا كائن»أي
كائن أزلي لأن هذا من صفات الله وحده. أما الابن فهو الوحيد الذي يستطيع أن يقول «أنا كائن» وهذا التعبير هو التفسير لاسم الجلالة
العبراني «أهية» الخاص به له كل المجد والذي لم
يستعمل لغيره, والدال على التفرد بالذات والوحدانية.
لذلك إذ فهم اليهود ما يعنيه من قوله يقول الكتاب «فرفعوا
حجارة ليرجموه
». نعم لقد قال الرسول بولس عنه هذا القول المبارك «المسيح. الكائن على الكل إلها مباركا إلى الأبد» وفي الأصل الله المبارك إلى
الأبد. آمين
(رومية 5: 9).

5
– الإعلان الصريح عن أزلية المسيح في سفر الرؤيا:

يظهر جليا
في سفر الرؤيا أنه هو الله السرمدي الذي قال عن نفسه في (رؤيا 8: 1) إنه «الكائن والذي كان والذي يأتي القادر على كل شيء» والذي
قال عن نفسه (رؤيا 13: 22) «إنه الألف والياء والأول
والآخر
» هو الذي قال عن نفسه أيضا «إنه الأول
والآخر الذي كان ميتا فعاش
» (رؤيا 8: 2) وقال عن نفسه أيضا «أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتا وها أنا حي إلى أبد
الآبدين. آمين
» (رؤيا 17: 1, 18) فالذي مات وقام
(الابن المتجسد) هو الألف والياء البداية والنهاية الأول
والآخر الكائن والذي كان والذي يأتي والقادر على كل شيء
.أي الأزلي الأبدي
أي الله السرمدي.

6
– الإعلان الصريح في إنجيل يوحنا (1: 1 – 2) عن أزليته:

«في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله.
هذا كان في البدء عند الله
» من الجدير أن نلاحظ في هاتين الآيتين أنه لم
يقل: في البدء خلق الكلمة أو في البدء تكو ن الكلمة أو في البدء و جد الكلمة بل
يقال: «في البدء كان الكلمة»أي إنه لما وجد البدء كان الكلمة كائنا فهو لم يوجد مع
البدء بل يفهم من هذا أنه سابق للبدء, إن كان هناك بدء يقصد به في هذه الآية.
والسابق للبدء هو الأول أي أن الكلمة أزلي وليس أزلي إلا الله.

فالكلمة
أقنوم الابن هو الله الأزلي, هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى يقول عنه «كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان» فإنه كان هو
مصدر كل شيء وخالق كل الأشياء فماذا يعني هذا البدء في (يوحنا 1: 1) هو بلا شك بدء
لا بدء له أي الأزل. لذلك قيل عن المؤمنين إن الله اختارهم من البدء (2تسالونيكي
13: 2).

وبالتطابق
مع القول «اختارنا فيه (أي في الابن) قبل تأسيس العالم» (أفسس4: 1) فيكون هنا البدء قبل
تأسيس العالم أو الأزل, لذلك قيل عن وجوده السابق لكل شيء. «الذي هو قبل كل شيء» (كولوسي 16: 1) مع ملاحظة أن كلمة
«العالم» هنا لا تتضمن الجماد والنبات والحيوان
والبشر فقط بل والملائكة أيضا. وهذا واضح من قول الرسول بولس عن نفسه مع الرسل «صرنا منظرا للعالم للملائكة والناس» (1كورنثوس9: 4)
ولذلك يقال عنه «كون العالم به» (يوحنا10: 1)
وأيضا في (دانيال 9: 7) «وجلس القديم الأيام» وفي
(تثنية 27: 33) «الإله القديم ملجأ والأذرع الأبدية من
تحت
».

فالأولى
تعني الذي لا بدء له. والثانية تعني الدائم أو الأزلي.

كما يجب أن
نلاحظ القول «والكلمة كان عند الله» تدل بوضوح
على أن الكلمة كان ملازما لله لأنه أحد أقانيم اللاهوت أزليا. وبما أن الله لا بدء
له فبالتالي يكون الكلمة لا بدء له حيث إنه ملازم لله, كما إن كلمة «عند» لا يقصد بها المكانية أو الملكية بل يقصد بها الكينونة الأزلية التي لله ولكلمته, لذلك
تأتي في اللغة الإنجليزية بمعني (مع) وهي تدل على الارتباط والتوافق.

7
– الإعلان الصريح في إشعياء 16: 48في قول الابن:

«منذ وجوده أنا هناك والآن السيد الرب أرسلني وروحه».
التواجد معا في وقت واحد أي الله الأزلي. «منذ الأزل إلى
الأبد أنت الله
» (مزمور 2: 90).

8
– الإعلان الصريح في سفر الأمثال:

من (أم 20: 1)
يتضح لنا أن الحكمة التي تنادي الجهال محذرة إياهم من الجهل وتطالبهم بالرجوع ثم
تقول «وأفيض لكم روحي أعلمكم كلماتي».

«لأني دعوت… مددت يدي» (أم 20: 1 – 28) وفي (أم 12: 8
– 36) «أنا الحكمة أسكن الذكاء وأجد معرفة التدابير لي
المشورة والرأي… لي القدرة بي تملك الملوك… من يجدني يجد الحياة
» يتضح
لنا أن الحكمة مع أنها صفة من صفات الله نفسه. وبالرغم من الوضوح أن الحكمة هو
الله نفسه, لكنه في ذات الوقت يتكلم عن نفسه كشخصية متميزة عن الله فيقول «الرب قناني أول طريقه من قبل أعماله منذ القدم. منذ الأزل مسحت…
إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد… لما ثبت السموات كنت هناك أنا… كنت عنده صانعا
وكنت كل يوم لذته
» (أم 22: 8 – 35) فالحكمة مع أنه الله لكنه متميز عن الله
أو بمعني آخر هو أقنونم الابن, وهنا نلاحظ أنه مسح من الآب أزليا في عدد (23) «منذ الأزل مسحت» ومن هنا يتبين
قطعا أن الماسح أزلي والممسوح أزلي, والمسحة أزلية.

وهنا
نرى أزلية الأقانيم الآب, والابن والروح القدس.

 فأزلية
كل واحد منهم معادلة لأزلية الآخر وهي أزلية الله.

وفي (أم 4: 30)
«من صعد إلى السماء ونزل ومن جمع الريح في حفنتيه? من صر
المياه في ثوب? من ثبت جميع أطراف الأرض? ما اسمه? وما اسم ابنه? إن عرفت?
».

فالسؤال
الأول:

من
صعد إلى السموات ونزل?

 والجواب في (مزمور
17: 68, 18) «والرب فيها… صعدت إلى العلاء… أيها
الرب الإله
» وفي (يوحنا13: 3) «ليس أحد صعد إلى
السماء إلا الذي نزل من السماء, ابن الإنسان الذي هو في السماء
».

 

والسؤال
الثاني:

من
جمع الريح في حفنتيه? من صر المياه في ثوبه?

والجواب في (مزمور
5: 13, 6,7) «لأني أنا قد عرفت أن الرب عظيم وربنا فوق
جميع الآلهة كل ما شاء الرب صنع في السموات وفي الأرض وفي البحار وفي كل اللجج
المصعد السحاب من أقاصي الأرض. الصانع برقا للمطر. المخرج الريح من خزائنه
»
وأيضا في (مزمور 5: 104,6) يقول «المؤسس الأرض على
قواعدها فلا تتزعزع إلى الدهر وإلى الأبد كسوتها الغمر كثوب. فوق الجبال تقف
المياه
. وفي (أيوب 8: 26) «يصر المياه في سحبه
فلا يتمزق الغيم تحتها
». وأيضا في (عاموس 13: 4) «فإنه
هوذا الذي صنع الجبال وخلق الريح وأخبر الإنسان ما هو فكره الذي يجعل الفجر ظلاما
ويمشى على مشارف الأرض يهوه إله الجنود اسمه
» لذلك في (مزمور 23: 107 – 32)
يقول «النازلون إلى البحر في السفن… هم رأوا أعمال
الرب وعجائبه في العمق. أمر فأهاج ريحا عاصفة فرفعت أمواجه يهدئ العاصفة فتسكن
وتسكت أمواجها فيفرحون لأنهم هدأوا فيهديهم إلى المرفأ الذي يريدونه فليحمدوا الرب
على رحمته وعجائبه لبني آدم… وليرفعوه في مجمع الشعب وليسبحوه في مجلس المشايخ
».

وفي الإنجيل
عن الابن المتجسد «فقام وانتهر الريح وقال للبحر اسكت.
ابكم فسكت الريح وصار هدوء عظيم, فخافوا خوفا عظيما وقالوا بعضهم لبعض, من هو هذا?
فإن الريح أيضا والبحر يطيعانه
» (مرقس39: 4 – 41). وأيضا لما جاءهم ماشيا
على البحر وهم معذبون بسفينتهم من الرياح والأمواج, لما دخل السفينة ومعه بطرس
(الذي مشى على الماء لكن بسبب شكوكه ابتدأ يغرق لكن الرب يسوع نجاه) سكنت الريح «وللوقت صارت السفينة إلى الأرض التي كانوا ذاهبين إليها حينئذ
الذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين بالحقيقة أنت ابن الله
». (متى 22:
14 – 33 , يوحنا16: 6 – 21).

ونحن أيضا
مع القائل عنه «الماشي على أعالي البحار» (أيوب 8:
9) «والمتسلط على كبريائه» (مزمور 9: 89).

أما السؤال
من ثبت جميع أطراف الأرض فالجواب في (مزمور 5: 104). وفي (إشعياء 12: 48) «أنا هو أنا الأول وأنا الآخر, ويدي أسست الأرض, ويمين نشرت
السموات أنا أدعوهن فيقفن معا
»?

عن الابن
يقول في (عبرانيين 10: 1) «وأنت يا رب في البدء أسست
الأرض والسموات هي عمل يديك
».

أما
السؤال الأخير
:
ما اسمه? واسم ابنه إن عرفت ومن هذا السؤال يتضح لنا من التوراة أن الله (الآب) الخالق
العظيم والمعتني بكل خليقته له ابن موجود معه ومساو له في كل شيء
. لم يذكر له بداءة ولا ولادة ولا خلق فهو الابن الأزلي كأبيه,
والأزلي في وجوده مع أبيه وفي وحدته معه وفي الأعمال الإلهية
. وهذا السؤال
يكشف لنا أنه كما أن البحث جار والسؤال قائم عن الله (الآب) أبيه لأنه سام جدا فوق
العقول فكذلك هو أيضا.

9
– الإعلان الصريح في استخدام العبارات والألفاظ التي تدل على وجوده السابق لتجسده
مثل:

«جاء» التي تعلن عن وجوده بعيدا عن مرأى البشر ثم جاء
إلى الذين لم يروه لذلك قال عن نفسه في بيت زكا «لأن ابن
الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك
» (لوقا10: 19) وقال بولس الرسول «صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول أن المسيح يسوع جاء إلى
العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا
» (1تيموثاوس15: 1). كما استخدم لفظ «ظهر» الذي يعبر عن وجوده المخفي عن الأنظار ولكنه أعلن
نفسه بالتجسد. لذلك يقول (1تيموثاوس16: 3) «وبالإجماع
عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد
».

وفي
(2تيموثاوس 9: 1, 10) «الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة. لا
بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا في المسيح يسوع قبل
الأزمنة الأزلية. وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت
وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل
».

وفي (تيطس 9:
2) يقول «لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس»
وأيضا استخدمت كلمة «أرسل» مثل ما جاء عنها في
(غلاطية 4: 4) «ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه
مولودا من امرأة مولودا تحت الناموس
».

وفي (يوحنا2:
17) «وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله
الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته
».

وفي (رومية
3: 8) «لأنه ما كان الناموس عاجزا عنه في ما كان ضعيفا
بالجسد فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية, ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد
».
ومثلها كثير في العهد الجديد.

كما استخدمت
كلمة «أخلى» في (فيليبي 6: 2) «الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله
لكنه أخلى نفسه آخذا صورة عبد
» هذا ما يدل على وجوده قبل تجسده في مجد وعظمة
لاهوته لكونه هو الله.

كما إنه
استخدم لفظ خرجت فقال له كل المجد لتلاميذه (يوحنا27: 16, 28) «لأن الآب نفسه يحبكم لأنكم قد أحببتموني وآمنتم أني من عند
الله خرجت… خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم. وأيضا أترك العالم وأذهب إلى
الآب
» لاحظ أنه خرج من تلقاء ذاته وهي تعني ظهر بذاته. مما يدل على أنه ليس
جزءا من الآب وأخرجه الآب من ذاته, بل إنه كان معه أزلا ومعادلا له.

10
– الإعلان الصريح عن أزليته عن طريق الرمز (عبرانيين 1: 7 – 5):

«لأن ملكي صادق هذا ملك سالم كاهن الله العلي الذي استقبل
إبراهيم راجعا من كسرة الملوك وباركه, المترجم أولا ملك البر ثم أيضا ملك ساليم أي
ملك السلام بلا أب. بلا أم. بلا نسب. لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة. بل هو م
شبه بابن الله. هذا يبقى كاهنا إلى الأبد
».

والآن بعد
أن تأملنا في أزلية المسيح «ابن الله» التي منها
أثبتنا أن المسيح هو الله وجدت من اللازم أن نجيب على بعض التساؤلات الخاصة ببعض
آيات عسرة الفهم يحر فها غير العلماء وغير الثابتين
كباقي الكتب أيضا لهلاك أنفسهم
(2 بطرس16: 3). ويستند عليها المضادون الذين
يعرضون أنفسهم للهلاك بأفكارهم, وأيضا يبلبلون أفكار البسطاء عن معرفة الحق.

السؤال
الأول:

إن كان
المسيح «أقنوم» الابن هو الله الأزلي الأبدي فلماذا قيل عنه في (كولوسي 15: 1 –
17) «الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة»
ألا يدل هذا على أنه أول خليقة الله أو مولود منه. وعلى هذا لا يكون هو الله?

قبل أن أجيب
على هذا السؤال يلزم أن نتكلم عن كيفية تفسير آية عسرة الفهم, كمقدمة عامة للفائدة
لنفهم الآيات فهما يتفق مع كل الكتاب المقدس وهكذا نكون كما قال الرسول بولس
لتيموثاوس. «مفصلا كلمة الحق بالاستقامة»
(2تيموثاوس 15: 2). فأول كل شيء ينبغي أن نفسر الكتاب المقدس كما قال بولس الرسول
«قارنين الروحيات بالروحيات» (1كورنثوس12: 2, 13).

ثانيا: أن
يكون التفسير موافقا لكلمات ربنا يسوع المسيح الصحيحة كما قال بولس الرسول
لتيموثاوس «إن كان أحد يعلم تعليما آخر ولا يوافق كلمات
ربنا يسوع المسيح الصحيحة والتعليم الذي هو حسب التقوى, فقد تصلف وهو لا يفهم شيئا.
بل هو متعلل بمباحثات ومماحكات الكلام التي منها يحصل الحسد والخصام والافتراء
والظنون الردية ومنازعات أناس فاسدي الذهن وعادمي الحق يظنون أن التقوى تجارة تجنب
مثل هؤلاء
» (1تيموثاوس3: 6 – 5).

ثالثا: أن
نربط الآية المراد تفسيرها بالآيات السابقة واللاحقة لها و (بقرائنها).

رابعا: العودة
إلى أصول الكلمات في اللغات الأصلية.

والآن: دعنا
نوضح معني العبارة «بكر كل خليقة» التي يستخدمها
بعض المزورين لكلمة الله والقائمين بالتضليل بخصوص لاهوت ربنا يسوع المسيح وأزليته.
يقولون في سؤالهم:

إن هذه
العبارة تدل على أن المسيح «ابن الله» أول خليقة
الله أو أول مولود منه وعلى هذا لا يكون هو الله يهوه. وهذا الفهم الخاطئ يتعارض
مع سياق الحديث في هذا الأصحاح الذي ترد فيه هذه العبارة.

فالقرينة
تؤكد أن المسيح هو «الخالق» في عدد 16 «فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا
يرى سواء كان عروشا أم سيادات أم سلاطين أم رياسات. الكل به وله قد خلق
» فكيف يكون المسيح الخالق هو أول مخلوقات الله في ذات الوقت?

مع
ملاحظة أن الخليقة لم تخلق بالمسيح فقط بل خلقت أيضا فيه
,أي إنه له كل المجد لم
يكن خالقها فقط, بل كانت في تفكيره وعقله قبل خلقها وتصميمها وهي تدل أيضا على أن
الخليقة خلقت بمقتضى سلطانه الشخصي, وحقه الذاتي غير المكتسب, الأمر الذي يدل على
أنه في ذاته هو المبدع الأصلي للعالم وليس مخلوقا خلقه الله.

ثم يجب أن
نلاحظ بعد عبارة «بكر كل خليقة» تأتي كلمة «فإن فيه خلق» وحرف الفاء هنا في كلمة «فإن» إنما جاءت للسببية أي تعني «لأنه», ولذلك فالمسيح لم يدع بكر كل خليقة لأنه هو أول
شخص خلقه الله كما يقول هؤلاء القوم!. بل دعي بهذا الاسم
لأن كل الخليقة خلقت فيه وبه وله
(كولوسي 16: 1).

وإذا كان
الأمر كذلك فلا يمكننا أن نستخدم الكلمة حرفيا , بل ينبغي أن نفحص الأمر بأكثر
تدقيق لنعرف ما تعنيه هذه العبارة في كلمة الله.

ماذا
تعني كلمة بكر?

1 – نجد أن
كلمة البكر في الكتاب المقدس لا تعني دائما الأول في
الوجود
فقد قال الله عن الشعب القديم على فم موسى لفرعون «هكذا يقول الرب. إسرائيل ابني البكر» (خر 22: 4) ومن
هنا نسأل: ترى هل هذا الشعب هو أول الشعوب في خلقه?!! كلا بل تعني «الشعب المحبوب» لذلك قال لهم في (ملا 2: 1) «أحببتكم قال الرب». فالبكر هنا تعني المحبوب والمسيح هو
المحبوب من الآب كما قال هو بنفسه للآب «لأنك أحببتني
قبل إنشاء العالم
» (يوحنا24: 17).

ولذلك قيل
عنه في النص كالبكر «ابن محبة الآب» (كولوسي 13: 1).
كما أنها تعني أنه الشعب الذي تبناه, فقد قيل عنهم «ولهم
التبني
» (رومية 4: 9). وأيضا قيل عنهم في (تثنية 28: 13) «فيجعلك الله رأسا لا ذنبا» وعليه
تكون كلمة البكر تعني أيضا الأسبقية في المقام.

وهذا ما كان
لهذا الشعب من حيث مركزه بين الشعوب.

2 – البكر يعني القدرة والقوة كما قال يعقوب أبو الأسباط لابنه
رأوبين «رأوبين أنت بكر قوتي وأول قدرتي» (تكوين
4: 49).

وواضح أن
المسيح هو قوة الله كما قال بولس الرسول «فبالمسيح قوة
الله
» (1كورنثوس24: 1).

3 – البكر هو أعلى شخص كما قيل عن داود في (مزمور 27: 89) «أجعله بكرا أعلى من ملوك الأرض». فهل داود بكر بمعني
أول ملك يملك على الأرض? أو أنه أول مولود من يسى أبيه? مع أن ترتيبه الثامن بين
إخوته وأحدثهم سنا.

لكن
الواضح أنها تعني ما أخذه من الله في مركزه الملكي من أولوية.
الأمر الذي
تدل عليه كلمة «أعلى» في نفس العبارة, ومن
المعروف والواضح أن المسيح كإنسان هو أعلى شخص في الوجود «لذلك رفعه الله وأعطاه اسما فوق كل اسم» (فيليبي 9: 2).

4 – البكر: هو
الشخص الذي له نصيب اثنين في الميراث (تثنية 15: 21)أي إن الابن البكر له امتيازات
وحقوق خاصة. فهو الوكيل المفوض من أبيه في التسلط على كل
العائلة
, وواضح في (عبرانيين 1: 1 – 4) أن المسيح هو «الوارث لكل شيء» وأيضا «صائرا
أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم
».

ثم يجب أن
نلاحظ أن كلمة «بكر» جاءت في مواضع مختلفة
للدلالة على معان أخرى, مثل: ما قاله الكتاب عن الشرير في (أيوب 13: 18) «يأكل أعضاءه بكر الموت» فهل للموت مولود أول? أم إن
المعنى مجازي ومقصود به ما للموت من قوة تفوق على البشر?

وأيضا في
(عبرانيين 23: 12) يقول الكتاب المقدس عن مؤمني العهد الجديد إنهم «كنيسة أبكار» فهل كل منا أول
مولود أو أول مخلوق مع ملاحظة أن أول مولود فرد وليس أفرادا ?
هل نحن مؤمني العهد الجديد أول من آمن ولا يوجد قبلنا مؤمنون, مع
ملاحظة أن مؤمني العهد القديم سابقون لنا إذا هذه العبارة
مجازية وتعني أن الله جعل لنا الأولوية في المركز على غيرنا
كما قيل: «ويكون الآخرون أولين والأولون آخرين» (متى 16: 20).

يقولون بكل أسف إن
المعنى المجازي الذي تتكلمون به عن كلمة «بكر»
بالنسبة للمسيح ليس صحيحا ولا يصح معه إلا المعنى الحرفي. إذ إن كلمة بكر تعني
حرفيا (أول مولود) طبقا للأصل اليوناني (طبعاً وهذا قول
خاطئ قواعدياً كما سنرى بعد قليل).
؟؟؟ لذلك فإنه وحده مخلوق لأنه أول مولود.

ألا تتفق
معي في أنه إذا كان المسيح بكر كل خليقة بمعني أنه
المخلوق قبل غيره بولادته قبل غيره أيضا ,
هكذا
يتحتم معه أن كل خليقة مولودة بعده.
وهذا لم يحدث بالمرة, لأن كل خليقة هي
مخلوقة غير مولودة سواء كانت هذه الخليقة هي جماد أو نبات أو حيوان أو إنسان أو
ملاك.

لذلك قيل عن
الله أنه «أبو الأرواح» (عبرانيين 9: 12) ولم يدع والد الأرواح وعليه مادام كل خليقة ” غير مولودين من الله بل مخلوقين منه فالابن لم يكن «بكر كل خليقة»
بمعني أول مواليد أبيه, لأنه ليس لأبيه في كل الخليقة مواليد حتى ولا الملائكة.

خلاصة
القول

ليس لكلمة «بكر»أي معني حرفي يدل على ولادة أو خلق للابن إنما تعني:

أ – محبوب الله (كولوسي 12: 1).

ب – قوة الله (1كورنثوس24: 1).

ج – – الوارث لكل شيء (عبرانيين 1: 1) و «الكل له» (كولوسي 16: 1).

د –
الأولوية والأفضلية والرياسة. فهو رئيس وسيد الخليقة, وهو الذي أبدعها وأنشأها.
لذلك يرد عنه هذا القول «وفيه يقوم الكل» (كولوسي
17: 1). وبمعني أنه العلة في بقاء كل شيء, كما كان
السبب في وجود كل شيء.

ه- «الذي هو قبل كل شيء» (كولوسي 17: 1) بغير تحديد بدء, مما يدل على أنه البكر بمعني السابق
الأزلي لكل الخليقة, بما ينفى عنه الخلق والولادة.

و – من
الفاء في كلمة «فإنه»كما سبق الكلام تعني أن كل
الخليقة خلقت فيه وبه وله (كولوسي 15: 1 – 16) وبالتالي لا يمكن أن يكون مخلوقا أو
مولودا على الإطلاق.

ومن هنا
يتضح…

1 – العبارة
«بكر كل خليقة» عبارة مجازية تعني أمورا ذكرناها
ولا تعني حرفية المعنى ولا يفوتنا بهذه المناسبة أن نختم بالقول إن الابن كما أنه
«بكر كل خليقة» (كولوسي 15: 1) كذلك هو بكر من الأموات (كولوسي 18: 1, رؤيا 5: 1)أي إنه في
دائرة الخليقة الجديدة هو أيضا الأعلى مرتبة ومقاما. ولو أنه طبعا الأول زمنا كما
يفهم من العبارة «باكورة الراقدين» في قول الرسول
بولس «لكن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة
الراقدين
» (1كورنثوس20: 15).

نعم هو
الأرقى والأسمى بين كل المقامين من الأموات. إنه بكر من الأموات ولذلك ترد بعدها
عبارة «لكي يكون متقدما في كل شيء».

ونفس المعنى
السابق ينطبق أيضا على الآية التي وردت في (رومية 29: 8) وفي (عبرانيين 6: 1) ففي
الأولى يقول «ليكون هو (المسيح) بكرا بين إخوة كثيرين». إنهم كل الذين و لدوا ولادة
ثانية بالإيمان به (يوحنا11: 1, 12) ونالوا الحياة الجديدة فيه وكلمة البكر هنا
تعني أنه أصبح له حق الأولوية والسيادة عليهم. وأما العبارة الثانية «متى أدخل البكر إلى العالم يقول ولتسجد له كل ملائكة الله»
(عبرانيين 6: 1) فهي تشير إلى سموه وأفضليته عن كل الخليقة مما يستوجب سجود كل
الملائكة له عند ظهوره القريب وملكوته.

2 – إن
هؤلاء القوم الذين يدعون أنهم «شهود يهوه» لم
يكتفوا بالهجوم على لاهوت ربنا يسوع المسيح من خلال العبارة «بكر كل خليقة» قائلين: إنها تعني حرفيتها «المولود
الأول أو المخلوق الأول, لكنهم استخدموا عبارة أخرى جاءت في (يوحنا14: 1, 16: 3,
18 , يوحنا9: 4) وهي كلمة الوحيد والتي تعني حرفيا «المولود
الوحيد
» قائلين: إنه (أي المسيح ابن الله) هو المخلوق الأول والمخلوق
الوحيد, وبالتالي له بداية ولا يمكن أن يكون هو الله, وحيث إنه تبرهن في الكلام
السابق أن الابن ليس بكرا بمعني المولود الأول حرفيا , بل
تعني السمو رتبة والأفضلية مقاما وما له من حقوق على القياس الإلهي غير المحدود
نظرا لأنه الخالق
, نتج عن ذلك أيضا بالضرورة أن عبارة المولود الوحيد لا
يمكن أن تؤخذ حرفيا , بل مجازيا فقط كاستعارة مستمدة من أسلوبنا البشري لإيضاح
المعنى المقصود حسب فكر الله ليصل إلى قلوبنا وهي تعني ما للمولود الوحيد من نسبة
شخصية مع أبيه, من محبة فريدة ومن وحدة في الطبيعة والصورة والبهاء والجوهر.

3 – كما يجب
أن نلاحظ في (يوحنا14: 1) أن الروح القدس يؤيد قصده في استعماله هذه الكلمة للابن
على سبيل التشبيه في قوله «والكلمة صار جسدا وحل بيننا
ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب
» وأيضا في (يوحنا18: 1) أضاف إليها
كلمة أخرى تبرز التشبيه أيضا إذ قال الله لم يره أحد قط,
الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب
. فهل الآب له
حضن يحتضن فيه الابن بالمعنى الحرفي? أبدا
, إذا فليس الابن مولودا وحيدا
للآب بالمعنى الحرفي, بل هي تعبيرات مجازية تقرب المفهوم إلينا, ويؤيد ذلك ما جاء
عن إسحق في (تكوين 2: 22) حيث يقول الرب لإبراهيم «خذ
ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق
» وفي (عبرانيين 17: 11) قول الرسول بولس عنه «قد م الذي قبل المواعيد وحيده» مع العلم بأن إسحق لم
يكن الابن الوحيد المولود لإبراهيم. بل يوجد (إسماعيل من هاجر) وآخرون من قطورة
زوجته الأخرى (تكوين 25: 1 – 2). ومن هنا يفهم أن كلمة «الوحيد»
لإسحق (مع أنه ليس المولود الوحيد) تدل على انفراد إسحق
بمركز البنوة في أسمى معانيها
. إن كان هكذا أفلا يجوز أن نستعمل عبارة
الابن مجازيا للابن الوحيد الحبيب للدلالة على تفرده
دون غيره بمركز البنوة الحقيقية في أسمى معانيها الإلهية, وبما له من محبة خاصة في
قلب الآب.

نعود
لنتذكر أخيرا ما قيل عن الابن في تأملاتنا السابقة (هو الابن في الأزل بغير ولادة).


لا من أم طبيعية كولادته بالجسد في الزمان بقوة الله من العذراء.


لا من أم روحية كولادتنا نحن من الله (يوحنا12: 1, 13) بكلمة الله (1بطرس 23: 1).

 

وليس


الآب هو أبا الابن لأنه ولده ولا الابن هو ابن الآب لأنه و لد منه بل إن هذه
العلاقة هي علاقة إلهية أزلية.

لذلك:
لم يقل له الآب ولدى بل «أنت ابني» (مزمور 7: 2).

ولم يقل
الرسول عنه أرسل الله ولده بل «أرسل الله ابنه»
(غلاطية 4: 4) وفي (متى 17: 3) لم يقل الآب عن ابنه هذا هو ولدى بل «هذا هو ابني» وحتى بعد ولادته بالجسد من العذراء بقوة
الروح القدس سمي أيضا «ابن الله» (لوقا35: 1).

ولم يدع
أبدا ولد الله, لأن بنوته أزلية وبغير ولادة أما قول إشعياء (إشعياء 6: 9) «يولد لنا ولد» فهذا من ناحية بنوته للعذراء نفسها
كمولود منها بالجسد.

السؤال
الثاني:

«إن كان
المسيح ابن الله, هو الله الأزلي الأبدي فلماذا قيل عنه في سفر الرؤيا (رؤيا 14: 3)
«بداءة خليقة الله» أليس هذا يدل على أنه هو أول
خليقة حية خلقها الله وبالتالي لا يكون هو الله?

وللرد على
هذا الاعتراض نقول:

هذه الآية
لا تقول إن المسيح هو أول مخلوق خلقه الله, بل «إنه
بداءة خليقته
» وبداءة الخليقة تعني أصلها أو
مصدرها وهذا المعنى مستمد من معني الكلمة في الأصل اليوناني
فهذه الآية تدل
على أن «المسيح هو أصل الخليقة ورأسها ومصدرها»
سواء للخليقة الأولى أو الخليقة الجديدة, ولقد دعي
المسيح في (كولوسي 18: 1) البداءة -أي الأصل أو أصل كل شيء كان في البدء وأبدأ كل
شيء لذلك جاء عنه في (يوحنا3: 1) «كل شيء به كان وبغيره
لم يكن شيء مما كان
» وفي (كولوسي 16: 1) «فإنه
فيه خ لق الكل, الكل به وله قد خلق
» وفي الأصحاح الذي قال فيه عن نفسه إنه
«بداءة خليقة الله» (رؤيا 14: 3) أعلن فيه أنه
الله ذاته إذ أعلن:

1
– عدم محدودية علمه
(رؤيا 15: 3).

2
– أنه الله الديان
(رؤيا 16: 3).

3
– أنه الله الغني
(رؤيا 18: 3).

4
– أنه الرب المحب لشعبه وله أن يوبخهم ويؤدبهم
(رؤيا 19: 3, عبرانيين
5: 12).

5
– أنه المكافئ لشعبه
(رؤيا 21: 3).

6
– أنه الله الذي يجب أن يسمع ويخضع له الكل
(رؤيا 22: 3).

7
– أنه عريس شعبه الذي يطلب بعواطف القلب التعبدية له ويعد بالأفراح الناتجة عن ذلك
(رؤيا 20: 3,
نش 2: 5, 5).

8
– يعلن عن وحدته مع الروح القدس كالله الواحد في قوله: من له أذن فليسمع ما يقوله
الروح للكنائس
(رؤيا
22: 3).

 

السؤال
الثالث:

إن كان
المسيح ابن الله هو الله الأزلي, فلماذا قال عن نفسه بصفته الحكمة: «الرب قناني أول طريقه من قبل أعماله منذ القدم» (أم 22:
8) أليس المقصود بكلمة قناني هو «صنعني» وبالتالي يكون الابن مخلوقا وله بداية?

الرد:؟؟؟
(يجب زيادت الجدول)

قبل أن نوضح
التفسير الصحيح لهذا النص الكتابي نضع بين يدي القارئ مقارنة بين الحكمة في سفر
الأمثال والابن في العهد الجديد.

بالمقارنة
بين الحكمة في سفر الأمثال وابن الله في العهد الجديد يتضح لنا أن «الحكمة ليست
معني من المعاني أو صفة من الصفات, لكنها هي ذات الله أو «الله الابن» ومما يثبت أن «الحكمة»
المذكورة في سفر الأمثال هي «المسيح ذاته» القول:
«منذ الأزل مسحت», ومن
المعلوم أن الملك إذا مسح صار مسيحا من تاريخ المسحة
, ومسحة ربنا يسوع
المسيح منذ الأزل بلا تاريخ, لأنها قبل التاريخ قبل كون العالم. ولذلك في (مزمور 2:
90) يقول: «من قبل أن تولد الجبال أو أبدأت الأرض والمسكونة
منذ الأزل إلى الأبد أنت الله
». فمسحة الحكمة الذي هو المسيح أزلية بلا
بداية.

وهذا مؤيد
للقول «لما ثبت السموات كنت هناك أنا, لما وضع للبحر حده
فلا تتعدى المياه تخمه, لما رسم أسس الأرض كنت عنده صانعا. وكنت كل يوم لذته فرحة
قدامه
» (أم 27: 8 – 30).

وهذا ما
يجعلنا نقول إنه لا يمكن أن يقول أحد إنه يوجد مخلوق يعمل مع الله في الخلق ويكون
مع الله صانعا لأن المخلوق لا يكون قبل الخلق ولا يعمل
في الخلق إلا من كان سابقا في بدئه عن الخلق وليس قبل الخلق إلا الخالق
. ولا خالق إلا الله الأزلي الموجود منذ الأزل وإلى الأبد.

وعلى هذا
القياس فالحكمة الذي هو «ابن الله» هو الكائن
الأزلي العامل مع الآب في الخلق والذي كان لذته وفرحه قدامه قبل الخلق.

إن المتكلم
الذي يقول «الرب قناني» أو «اقتناني» أول طريقه بدأ حديثه بالكلمات «أنا الحكمة, لي المشورة والرأي, بي تملك الملوك أنا أحب الذين
يحبونني عندي الغني والكرامة
».

أليست هذه
الكلمات خارجة من فم الحكمة الذي هو الله الابن?

وهل
في استطاعة مخلوق حتى ولو كان أول الخلائق وأسماها وأعظمها أن يقول العبارات
السابقة?

كلا, لكن
الله وحده هو الذي في سلطانه هذا, فهو الذي له المشورة والرأي وبه تملك الملوك وهو
الذي يحب الذين يحبونه.

وفي الأصحاح
الأول «الحكمة تنادى في الخارج ارجعوا عند توبيخي هأنذا
أفيض لكم روحي, أعلمكم كلماتي
» (أم 20: 1 – 26).

فمن ذا الذي
له المشورة والرأي? إلا الذي تنبأ عنه إشعياء قائلا: «لأنه
يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه. ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها
قديرا أبا أبديا رئيس السلام
» (إشعياء 6: 9).

ومن هو ذاك
الذي يفيض بروحه على الراجعين إليه إلا ذاك الذي قال عنه بطرس «يقول الله ويكون في الأيام الأخيرة أني أسكب من روحي على كل
بشر
» (أعمال 17: 2).

ثم من جانب ثالث
نقول: إن الحكمة تلازم الله ملازمة أزلية, فأزلية الله
وأزلية الحكمة لا يفترقان..
ثم نسأل سؤالا لهؤلاء القوم الذين يقولون: (إن الحكمة خلق وله بداية) هل
الله كان بلا حكمة قبل أن يخلق الحكمة لنفسه?
إن الحكمة تقول في (أم 22: 8)
«الرب قناني أول طريقه» إن
كلمة «قناني» تعني اقتناني لنفسه, وليس صنعني أو أنشأني.

وهنا نرى
واضحا شخصين أزليين هما القاني والمقني أو المقتني
وهنا نرى وجود الابن مع الآب قبل الخلق أو في الأزل ونلاحظ في العبارة «الرب قناني» إعلانا عن وحدة الابن مع الله لأن الحكمة
هي ملك الله الخاص أزليا لا من وقت معين, والملازمة له أزليا.

ولذلك يقول
الرسول بولس في (رومية 27: 16) «حسب أمر الإله الأزلي
لإطاعة الإيمان لله الحكيم وحده بيسوع المسيح له المجد إلى الأبد آمين
».

فشخص الابن
هو الملازم الذاتي لله الذي لا يفارقه, لذلك قيل عنه «ابنه
الذي هو بهاء مجده
» (عبرانيين 2: 1,3) وأيضا في (زكريا 7: 13) يقول الله
عنه بخصوص بذله على الصليب بعد تجسده: «استيقظ يا سيف
على راعى وعلى رجل رفقتي يقول رب الجنود
».

وقول الحكمة
الذي هو الابن «الرب قناني أول طريقه» يدل على ما لحكمة الله من أهمية, بحيث إن الله لا يبدأ طريقه أو
يعمل أي عمل من أعماله إلا بها
. ولذلك يقول في (أم 7: 4) «الحكمة هي الرأس»أي رأس أو أول أو بداءة كل طريق لله.
ولنلاحظ ما جاء في (مزمور 24: 104) يثبت ذلك أكثر فيقول «ما
أعظم أعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت
» وأيضا في (أم 19: 3) يقول الحكيم «الرب بالحكمة أسس الأرض, أثبت السموات بالفهم» وهذا عين
ما جاء في العهد الجديد في (يوحنا3: 1) «كل شيء به كان
وبغيره لم يكن شيء مما كان
» وفي (عبرانيين 1: 1,2) «الله كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي به أيضا عمل
العالمين
» لذلك قيل عنه ما قيل عن الحكمة أنه الأول
(رؤيا 8: 2) , البداءة أو الأصل لكل شيء (كولوسي
18: 1) , المتقدم في كل شيء (كولوسي 18: 1) وبداءة (أصل ومصدر) خليقة
الله
(رؤيا 14: 3) هذا كله معناه أن: الحكمة الأزلية في (أم8) هو الابن الأزلي منشئ ومصدر الخليقة فهو سابق لها لأنه أصل
أصولها
, لذلك قيل عنه في (كولوسي 13: 1 – 17) «ابن
محبته الكل به وله قد خ لق الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل
» أبعد هذا
نقول: إن الحكمة هو ملاك أو رئيس ملائكة قد خلقه الله أول خليقته?

وهل يستطيع
الملاك أو رئيس الملائكة أن يقول «أنا الحكمة أسكن
الذكاء وأجد معرفة التدابير
» (أم 12: 8).

وهل يستطيع
ملاك إن كان هو حكمة الله أن يقول ما قاله الابن في (لوقا49: 11) «قالت حكمة الله, إني أرسل إليهم أنبياء ورسلا». في حين
أن المسيح نفسه يقول عن ذلك في (متى 34: 23) «ها أنا
أرسل إليكم
».

وهل ممكن
للملاك أن يقول «منذ الأزل مسحت» (أم 23: 8)
وكلمة مسحت تعني «تعينت من الله».

أنني لست
أدري ماذا يستفيد هؤلاء القوم من تضليلهم للناس? هل يأخذون أموالا؟. أم مراكز
للشهرة? ألا يعلمون أن «العالم يمضى وشهوته»
(1يوحنا17: 2).

ألم تصل
إليهم كلمات الحكمة «لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح
العالم كله وخسر نفسه?
» أينفعهم المال أو المراكز أو الشهرة بعد وصولهم
للنار الأبدية لأنهم أنكروا لاهوت ربنا يسوع المسيح بل جدفوا عليه أيضا. ونسوا
القول المكتوب في (يوحنا36: 3) «والذي لا يؤمن بالابن لن
يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله
» وأيضا «كل من
ينكر الابن ليس له الآب أيضا ومن يعترف بالابن فله الآب أيضا
» (1يوحنا22: 2).

ألم يدركوا
ما قيل عن إبليس في (يوحنا44: 8) «ذاك كان قتالا للناس
من البدء ولم يثبت في الحق لأن ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له
لأنه كذاب وأبو الكذاب
».

ولذلك يقول
الرسول يوحنا في (1 يوحنا22: 2) «من هو الكذاب إلا الذي
ينكر أن يسوع هو المسيح. هذا هو ضد المسيح الذي ينكر الآب والابن
». إن كل
من تعدى ولم يثبت في تعليم المسيح فليس له الله. ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا له
الآب والابن جميعا (2يوحنا9).

أخيرا

إن الآية
التي تقول إن «الرب قناني أول طريقه, من قبل أعماله, منذ
القدم, منذ الأزل
» لا تدل على أن أقنوم الابن قد ولد في الأزل ولا في
الزمان, بل تدل على أنه كان موجودا منذ الأزل. لأن قوله «قناني»
أو اقتناني منذ الأزل يدل على وجوده حينذاك. إذ إن
الشيء لا يقتني إلا إذا كان موجودا أولا. ليفتح الرب القلب أولا ثم الذهن لمعرفة الحق.
آمين.

السؤال
الرابع:

إن كان
المسيح هو «الله الابن» الأزلي, وإن كان هو
الحكمة. فكيف يقول في (أم 24: 8 – 26) «إذ لم يكن غمر
أبدئت. إذ لم تكن ينابيع كثيرة المياه. من قبل أن تقررت الجبال قبل التلال أبدئت.
إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد ولا البراري ولا أول أعفار المسكونة
» ألا يثبت
هذا كما نقوله إن المسيح ابن الله هو رئيس الملائكة ميخائيل المفوض من الله بعد
خلقه بكل شيء?

وللرد نقول:

في إجابتنا
على السؤال السابق برهنا أن الحكمة هو الله ذاته «أقنوم
الابن
». ولكونه يقول: «أنا الحكمة» ثم
يقول «مسحت» أو «عينت من
الله
» فهذا أكبر دليل على أن المتكلم أحد أقانيم
الله وهو الابن.

وبخصوص كلمة
(أبدئت) التي تكررت مرتين فهي لا تعني على الإطلاق أن الابن قد خلق في الأزل بل
بالعكس تدل على وجوده منذ الأزل, لأن الذي «يمسح» أو «يعين» لابد أن يكون موجودا
قبل أن يمسح أو يعين.

كما أن كلمة
«أبدئت» لا تعني خلقت على الإطلاق أو كونت أو أنشئت ففي الإنجليزية
Was Broughtforth وهي تعني «أظهرت» (تجليت في أعمال الخلق) أو أعلنت
أو استحضرت للعمل.

من جانب آخر
الذي قال «أنا الحكمة» يصف نفسه بصفات الله غير
المحدودة ولا يذكر عن نفسه شيئا يدل على أنه مخلوق لأن المتكلم هنا حكمة الله أو
الله متخذا لنفسه اسم «الحكمة» فهل من الممكن أن
الحكمة تقول عن نفسها أو يقول «الله الحكمة» عن
نفسه: إني ولدت أو أبدئت? هل لحكمة الله أو لله الحكمة بداية, حاشا. إذا فالكلمة
هنا تعني «أبديت (من
كلمة يبدو
) أو أظهرت» لأن الله بطبيعة
الحال موجود منذ الأزل ولما بدأ يخلق الخلائق ظهر بحكمته أو بدت حكمته في العمل أو
بمعني آخر إن وجود الله السابق لأعماله أمر طبيعي بالنسبة لله.

إذا حكمة
الله أزلية وأعمال الله أظهرتها من أولها, ليس ذلك فقط بل من النص نعرف أن الحكمة
نفسها لأزليتها بدت في الميدان للبدء في العمل قبل أن تظهرها أعمالها التي عملتها.

وهذا يدل
على أن الحكمة ليست صفة أظهرتها الأعمال بل شخصا له وجوده الذاتي. وبما أن
الملائكة من ضمن الأعمال التي عملتها حكمة الله أو المصنوعات والخلائق التي صنعتها
وخلقتها ينتج أن الشخص الذي «أظهر» أو «أبدي» لم يكن ملاكا بل هو الله الابن الأزلي الخالق
لأنه يقول «كنت عنده صانعا» (أم 30: 8) ويقول: الرب
عن نفسه في (أم 17: 15) «الصانع هذا كله» وفي
(إشعياء 24: 44) يقول «صانع كل شيء».

إذا الحكمة
الصانعة لا يمكن أن تكون إلا الله الصانع.

الملخص:

أولا – «بكر كل خليقة» (كولوسي 16: 1) تعني:

ما
لابن الله من أولوية وأفضلية وسيادة وكذلك تعني المحبوب من الآب وهو سيد ورئيس
الخليقة كلها لأنه مبدعها ومنشئها فهو الأزلي والسابق لكل الخليقة والخالق لها
وبالتالي لا يمكن أن يكون مخلوقا , أو مولودا على الإطلاق.

ثانيا –
الوحيد أو «المولود» الوحيد» (يوحنا14: 1, 18)
تعني:

ما
للمولود الوحيد من نسبة شخصية مع أبيه من محبة فريدة ومن وحدة معه في الطبيعة
والبهاء والجوهر.

ثالثا – بداءة خليقة الله (رؤيا 14: 3) تعني:

أنه أصل
الخليقة ومصدرها ومنشئها.

رابعا – «الرب قناني أول طريقه» (أم 22: 8) تعني:

أن
الابن كان موجودا منذ الأزل لأن قوله «قناني» أو «اقتناني» منذ الأزل يدل على
وجوده حينذاك, لأن الشيء لا يقتني إلا إذا كان موجودا أولا. والعبارة اقتناني أول
طريقه, فذلك لأن أقنوم الابن هو الذي يظهر الله ويعلن مقاصده ويتممها.

وهنا
لا يقصد بالاقتناء المعنى الحرفي الذي هو الحيازة والتملك بل يقصد المعنى الروحي
الذي يتوافق مع وحدانية الله وثباته.

خامسا – «منذ الأزل مسحت.. إذ لم يكن غمر أبدئت» (أم 24: 8 – 26)
تعني:

ظهور
الابن أو تجليه في ميدان العمل للبدء في العمل.

2
– عدم المحدودية

إن كل كائن
حي مخلوق سواء يرى أو لا يرى هو محدود بالمكان الموجود فيه وبالزمان أيضا ,أي
بداية ونهاية.

أما الله
الخالق, فهو لا يمكن أن يحد بالمكان ولا بالزمان. فهو لا يخلو منه زمان ولا مكان.
لذلك قال عن نفسه في (إرميا 23: 23, 24):

«العلي إله من قريب يقول الرب ولست إلها من بعيد, إذا اختبأ
إنسان في أماكن مستترة أفما أراه أنا يقول الرب? أما أملأ أنا السموات والأرض يقول
الرب
».

وفي (أفسس6:
4) يقول الوحي عن الآب له الكل, وأنه على الكل وبالكل وفي كل المؤمنين.

وكذلك الروح
القدس لأنه هو الله ذاته, قيل عنه للدلالة على عدم محدوديته «من قاس روح الرب ومن مشيره في علمه» (إشعياء 13: 20)
وقال صوفر النعماتي عن الله:

«أإلى عمق الله تتصل أم إلى نهاية القدير تنتهي. هو أعلى من
السموات فماذا عساك أن تفعل. أعمق من الهاوية فماذا تدرى. أطول من الأرض طوله…
وأعرض من البحر
» (أيوب 7: 11 – 9).

وقال أيضا
داود عن وجود الله في كل مكان في (مزمور 7: 139 – 12).

«أين أذهب من روحك, ومن وجهك أين أهرب. إن صعدت إلى السموات
فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية فها أنت. إن أخذت جناحي الصبح وسكنت في أقاصي
البحر فهناك أيضا تهديني يدك وتمسكني يمينك, فقلت إنما الظلمة تغشاني فالليل يضئ
حولي. الظلمة أيضا لا ت ظلم لديك والليل مثل النهار يضئ كالظلمة هكذا النور
».

هذا بالنسبة
لله سواء في أقنوم الله الآب أو أقنوم الروح القدس. فإن كان الرب يسوع له ذات
الصفات السابقة. إذا لابد أن يكون هو الله ذاته. ويتضح لنا ذلك فيما يلي:

1
– من جهة أن الرب يسوع ابن الله لا يخلو منه زمان:

فقد قال
للمؤمنين: «وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر»
(متى 20: 28).

2
– ومن جهة أنه لا يخلو منه مكان:

فقد قال
أيضا «حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في
وسطهم
» (متى 20: 18).

3
– وما يدل على أنه ذات الله:

قال أيضا عن
نفسه أنه يهوه غير محدود والموجود في كل مكان كالآب تماما وكالروح القدس أيضا: «وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان
الذي هو في السماء
» (يوحنا13: 3).

4
– ما يدل على وجوده في كل مكان وزمان وعنايته بكل الخليقة:

سواء كانت
سماوية أو أرضية حسبما ورد في (عبرانيين 3: 1) «حامل كل
الأشياء بكلمة قدرته
».

5
– مما يثبت وجوده في كل مكان ملازمته لكل المؤمنين في وقت واحد ولكل واحد على حدة:

قول الرسول
لتلميذه تيموثاوس «الرب يسوع المسيح مع روحك»
(2تيموثاوس 22: 4) وقوله «نعمة ربنا يسوع المسيح مع
روحكم أيها الإخوة
» (غلاطية 18: 6) وما قاله الرب يسوع عن نفسه في (متى 20:
28).

6
– ومما يدل على وجوده في كل مكان مع عدم التحيز بحيز:

هو سماعه
واستجابته لصلوات المؤمنين في وقت واحد حيث قال «ومهما
سألتم باسمي فذلك أفعله لكي يتمجد الآب بالابن
» (يوحنا13: 14, 14) وأيضا «تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت
الأرض
» (فيليبي 10: 2).

7
– في (مرقس20: 16):

«ثم إن الرب يسوع بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء وأما هم فخرجوا
وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة
» ففي هذه
الأقوال نرى:

أن المسيح
هو الرب الذي ارتفع إلى السماء, وفي الوقت نفسه كان يعمل مع تلاميذه في كل مكان
وفي كل وقت, ويثبت الكلام الذي يتكلم به على أفواههم بالآيات التابعة.

وكذلك في
(متى 19: 28, 20) وعدهم أنه يكون معهم كل الأيام إلى
انقضاء الدهر
. فكيف يكون معهم جميعا في وقت واحد ما لم يكن هو الله غير
المحدود والذي يملأ كل الوجود!.

3
– العالم بكل شيء

من المعروف
للجميع أنه لا يعلم كل شيء حتى الغيب سوى الله تعالى اسمه, فقال له داود في (مزمور
1: 139 – 6) «يا رب اختبرتني وعرفتني. أنت عرفت جلوسي
وقيامي, فهمت فكري من بعيد, مسلكي ومربضي ذريت وكل طرقي عرفت. لأنه ليس كلمة في
لساني إلا وأنت يا رب عرفتها كلها من خلف ومن قدام حاصرتني وجعلت على يدك. عجيبة
هذه المعرفة فوقي ارتفعت لا أستطيعها
».

وفي (1صم 3:
2) قيل عنه «الرب إله عليم».

وأيضا في
(إرميا 10: 17) قال عن نفسه «أنا الرب فاحص القلب,
ومختبر الكلى لأعطى كل واحد حسب طرقه, حسب ثمرة أعماله
».

فإن كان
المسيح عالما بكل شيء. فمن يكون هو? لابد أن يكون هو الله.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى