كتب

الموت المزيَّن والموت الفاسد



الموت المزيَّن والموت الفاسد

الموت
المزيَّن والموت الفاسد

17
(1) فنهض ابراهيم ومضى إلى بيته. فتبعه الموت إلى هناك. فصعد إلى غرفته. فصعد
الموت أيضاً. وتمدّد ابراهيم على فراشه. فجاء الموت ووقف عند قدميه. (2) فقال
ابراهيم: “ابتعد، ابتعد عني. أريد أن ارتاح على فراشي”. (3) فأجابه
الموت: “لن انسحب قبل أن آخذ روحك”. (4) فقال له ابراهيم: “باسم
الله الخالد، أسألك أن تقول لنا الحقيقة: هل أنت الموت”؟ (5) فأجابه الموت:
“أنا هو ذاك الذي يدمّر العالم”. (6) فسأله ابراهيم: “ارجوك، بما
أنك الموت، أن تقول لي: هل تسير هكذا أمام جميع البشر بمظهر جميل ومجد عظيم وجمال
رائع”؟ (7) فأجابه الموت: “لا، يا سيّدي. ولكن أعمال برّك وضيافتك التي
لا قياس لها ومحبتك العظيمة لله جعلت إكليلاً على رأسك. وهكذا اقتربُ من الأبرار
بجمال، وبكثير من السلام والسحر. (8) مقابل هذا، اقتربُ من الخطأة مغطّى بالفساد
والقسوة، مليئاً بالمرارة والنظرة الفظّة. أذهبُ إلى الخطأة بدون شفقة، لأنهم
كانوا بلا شفقة”. (9) فسأله ابراهيم: “أرجوك أن تسمعني: أرني قساوتك وكل
فسادك”. (10) فأجابه الموت: “لا تستطيع أن ترى قساوتي يا ابراهيم البار
جداً”! (11) فقال ابراهيم: “بل أستطيع أن أرى كل قساوتك بسبب اسم الله
الحيّ، لأن قدرة إلهي السماوي هي معي”. (12) حينئذ تعرّى الموت من كل شبابه
وجماله، ومن كل مجده وكل شكل الشمس الذي ارتداه، (13) وجعل عليه ثوب التسلّط، وأخذ
مظهراً نَفوراً، واكثر فظاظة من كل وحش، وأكثر احتقاراً من أي احتقار. (14) وأرى
ابراهيم سبعة رؤوس من التنانين مشتعلة وأربعة عشر وجهاً: وجهاً أشدّ حراً من النار
بوحشية كبيرة، وجه الهوّة المرعبة، وجهاً أظلم من الظلام، وجهاً أسود كله بسواد
الافعى، وجهاً أكثر فظاظة من الصلّ، وجه أسد مرعب، وجه حيّة بقرون. (15) وأراه
أيضاً وجه سيف يلمع، وجه خنجر مسلّح، وجه برق يلمع ويرعب، وصوت رعد هائل. (16)
وأراه أيضاً وجهاً آخر، وجه البحر الذي يرفع أمواجه بجنون، وجه نهر جامح وصاخب،
وجه تنين بثلاثة رؤوس وكؤوس مليئة بالسموم. (17) وهكذا أراه وحشيّة كبيرة ومرارة
لا تُحتمل وكل مرض يحمل الموت ويُميت قبل الأوان. (18) وهكذا مات سبعة خدّام وسبع
خادمات بسبب رائحة الموت ومرارته العظيمة ووحشيّته. (19) أما البار ابراهيم فشعر
باللامبالاة تجاه الموت إلى حدّ تخلّى عن روحه.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى