اللاهوت الطقسي

7- الأعياد في العهد القديم:



7- الأعياد في العهد القديم:

7- الأعياد في
العهد القديم:

6) عيد الكفارة (يوم الكفاره العظيم)

the Day of Atonement يقع فى اليوم العاشر من الشهر السابع المسمى ايثانيم.. يعتبر أهم
الطقوس التى ذكرت فى سفر اللاويين وتشير هذه الطقوس بصراحة ووضوح إلى أسرار العهد
الجديد كانت مراسيم يوم الكفارة رمزا لدخول المسيح رئيس الكهنة الأعظم إلى السماء
مرة واحدة بعد أن اكمل خلاص البشرية بدم نفسه (عب 9: 1 – 12، 24 – 28). يسمى أيضاً
Yom
Kippur
يوم كيبور.

 

و سنتكلم عن هذا العيد من ثلاث زوايا:

الشعب، ورئيس الكهنة، ثم الذبائح التى كانت تقدم
فى ذلك اليوم.

 

من جهة الشعب:

كان يحتفل بالفصح فى الشهر الأول والكفارة فى
الشهر السابع كان على اليهود – عدا المرضى والشيوخ والأولاد – أن يصوموا ذلك اليوم
من المساء إلى المساء أى من الغروب إلى الغروب. كان عليهم أن يمتنعوا عن الطعام
والشراب والاغتسال، ودهن الرأس ولبس الأحذية والعلاقات الزوجية. وكل نفس لا تنقطع
فيه للعبادة والتذلل والصوم تقطع من الشعب وكل نفس تعمل عملا تباد تلك النفس (لا
23: 29، 30) وكل من آكل أو شرب سهوا يقدم ذبيحة خطية، أما من فعل ذلك عمداً
فيقطع.. يوم الكفارة يرمز ليوم الجمعة العظيمة عندنا.. وهكذا نجد أن الكنيسة فرضت
على أبنائها الصوم والتقشف يوم جمعة الصلبوت، إذ هو يوم الكفارة الحقيقى. يوم
الكفارة هو اليوم الوحيد فى السنة الذى يدخل فيه رئيس الكهنة إلى قدس الاقداس
للتكفير عن خطاياه وعن خطايا الشعب.. وقدس الاقداس كان لا يدخله إلا رئيس الكهنة
مرة واحدة فى السنة وهذه المرة هى يوم الكفارة ويستعد لها استعدادات غير عادية.

 

من جهة رئيس الكهنة:

كان على رئيس الأحبار الذى يقوم بخدمة الكفارة
أن يعتزل زوجته سبعة أيام قبل يوم الكفارة ويقيم تلك المدة بمخدع فى الهيكل لئلا
يمس شيئاً دنساً، أو ما يمنعه عن القيام بخدمته.. والليلة السابقة للكفارة كان
يقضيها ساهراً فى قراءة الأسفار المقدسة خوفاً من التدنس بشيء من الأحلام إذا نام.
وكانت هذه الأسفار هى أسفار أيوب ودانيال وعزرا وأخبار الأيام الأول والثانى وإذا
لم يستطع قراءتها لشيخوخته مثلا قرأها له الشيوخ الجالسون معه.. وكان الكهنة
ينبهونه إذا رأوه مائلاً للنوم. وفى الصباح كان يغتسل جسمه كله بالماء النظيف
ويرتدى قميصاً وسروالا ويتمنطق بمنطقة ويضع على رأسه العمامة وكلها مصنوعة من
الكتان الأبيض النقى (لا 16: 4).. وتلاحظ أن رئيس الكهنة فى يوم الكفارة لا يلبس
شيئاً من ثيابه الفخمة الثمينة سوى القميص الكتان الذى يرمز إلى تجسد ربنا يسوع
المسيح رئيس كهنة الخيرات العتيدة الذى لما أخذ جسداً وجاء ليكفر عن خطايا البشر.
لم يظهر فى بهاء مجده بل وضع عليه فقط حلة طبيعتنا البشرية (أى تجسد) تلك التى
يرمز لها بالقميص الكتان الأبيض.. قبل يوم الكفارة كان شيوخ الكهنة “نواب
مجمع السنهدرين” يقرءون لرئيس الكهنة الطقوس الخاصة بهذا اليوم مدونة فى
أسفار التوراة ثم يمثلها أمامهم ليتأكدوا انه أتقن معرفتها بكل تدقيق.. وكان رئيس
الكهنة يبتدئ فى خدمة الكفارة بعد أن يكون قد أقسم أمام أعضاء مجلس السنهدرين على
أن يكون أميناً فى إتمام كل الطقوس لأنه لم يكن مأذونا لغيره بالتواجد معه.. وذلك
رمز إلى أن الكفارة الحقيقة يقوم بها ربنا يسوع المسيح وحده دون أن يشترك معه آخر
آيا كان.

 

من جهة الذبائح التى كانت تقدم فى ذلك اليوم:

كان رئيس الكهنة الذى يقدم الكفارة محتاجا أن
يكفر عن نفسه أولا، لأنه يخطئ كسائر البشر وبالتالى يحتاج إلى مغفرة خطاياه ورحمة
الله.. كان يقدم عن نفسه كبش محرقة وثور ابن بقر لذبيحة خطية.

 

كان يقدم عن الشعب كبش لمحرقة وتيسين من الماعز
أحدهما لذبيحة خطية، والأخر لعزازيل. ونلاحظ أن ذبائح رئيس الكهنة عن خطاياه اكثر
من التى عن خطايا الشعب. ونحن نعلم أن الكاهن عندما يصلى فى القداس يقول “عن
خطاياى وجهالات شعبك” لأن الذى يعرف اكثر يطالب اكثر..

 

كانت التقدمة التى يقدمها عن الشعب يشتريها
الشعب من مال جماعة إسرائيل.. وكانت ذبيحة الخطية أى الثور الذى هو عن خطية رئيس
الكهنة، والتيس الذى هو عن خطايا الشعب كانت تحرق بلحمها وعظمها وجلدها حرقا
كاملاً خارج المحلة، وليس على مذبح المحرقة داخل خيمة الاجتماع أما السبب فى ذلك
فيرجع إلى أن:

 

1- الخطية مكروهة جداً لدى الله لذا لا تقدم على
مذبح الله.

 

2- ليعلم الشعب أن جزاء الخطية هو الحرق بالنار
فالحيوان حرق عوضاً عن الإنسان.

 

3- حرقها بعيداً عن المحلة أو المدينة كان إشارة
إلى إزالة الخطية بعيداً “كبعد المشرق عن المغرب، ابعد عنا معاصينا” (مز
103: 12)

 

4- هذا جميعه تم فى المسيح الذى قدم ذاته عنا
ذبيحة خطية.. خارج أورشليم. الحيوانات التى يدخل بدمها عن الخطية إلى الاقداس بيد
رئيس الكهنة تحرق أجسامها خارج المحلة. لذلك يسوع أيضا لكى يقدس الشعب بدم نفسه
تألم خارج الباب.. (عب 13: 11، 12).

 

بعد أن يقدم رئيس الكهنة الثور عن خطيته يلقى
قرعة على التيسين وكانت القرعة تلقى بلوحين من الذهب مكتوباً على أحدهما واحد للرب
وعلى الآخر لعزازيل.

 

“عزازيل” اسم عبرى معناه عزل وهو يشير
إلى عزل الخطية أو الفصل ويشير أيضا إلى المكان الصحراوى النائى الذى كان التيس
يعزل فيه ويشير إلى الشيطان أو ملاك ساقط.. على أية حال كان تيس عزازيل رمز إلى
عزل الخطية وابتعادها عن البشر.. “التيس الأول” يذبح.. أما الثانى
لعزازيل فكان رئيس الكهنة يضع يده على رأسه ويقر بجميع ذنوب بنى إسرائيل وجهالاتهم
وهنا نتذكر ما قاله اشعياء بروح النبوة عن المسيح “الرب وضع عليه إثم
جميعنا” (أش 53: 6).

 

و كان هذا التيس يرسل إلى البرية القفر يبعد بيد
شخص مستعد.. أن ذهاب التيس حامل خطايا الشعب إلى البرية والقفر الموحش بكل أهواله
إنما يذكرنا بنبؤة اشعياء عن السيد المسيح: “انه قطع من ارض الأحياء انه ضرب من
اجل ذنب شعبى” (أش 53: 8).

 

فى يوم الكفارة كان رئيس الكهنة يدخل إلى قدس
الاقداس ثلاث مرات بمفرده.

 

المرة الأولى:

يدخل بمجمرة البخور التى من ذهب خالص بعد أن
يملأها جمر نار من على المذبح أى من النار الدائمة على مذبح النحاس. ويبخر ويبقى
فيه حتى يمتلئ المكان بالبخور ثم يترك المجمرة عند التابوت ويخرج بظهره “وجهه
جهة قدس الاقداس” كان فى قدس الاقداس لا يوجد إلا تابوت العهد ويظل عليه
كروبا المجد.. وتابوت العهد كان به لوحا الشريعة وقسط المن وعصى هارون التى أفرخت
ويخرج بظهره ووجهه لقدس الاقداس.

 

المرة الثانية:

يأخذ دم الثور فى وعاء الدم ويدخل به وينضح
بإصبعه من الدم سبع مرات على الغطاء والتابوت ويخرج ووجهه نحو قدس الاقداس.

 

المرة الثالثة:

يدخل بدم التيس وينضح على الغطاء والتابوت وبهذه
الطريقة يكفر عن آثامه وآثام بنى إسرائيل لمدة سنة، ثم يدخل بعد ذلك لأحضار المجمرة.

 

كفارة العهد القديم وكفارة المسيح:

كان يوم الكفارة يتكرر كل سنة.. دليلاً على أن
المشكلة قائمة وباقية، أما السبب فيذكره بولس الرسول لأنه لا يمكن أن دم ثيران
وتيوس يرفع الخطايا (عب 10: 4) وتبعا لذلك فإن طريق الاقداس لم يظهر بعد (عب 9:
8).. كل ذلك كان نبوءة على أن الحل الكامل والنهائى للكفارة عن الخطايا هو فى
المسيح وذبيحة نفسه (عب 9: 26) ويبين أن المؤمنين مقدسون بتقديم جسم يسوع المسيح
مرة واحدة (عب 10: 10) وأن المسيح بعدما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد
عن يمين الله (عب 10: 12) وانه بقربان واحد قد اكمل إلى الأبد المقدسين (عب 10:
14) وانه بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء اً ابدياً (عب 9: 12).

 

وتلاحظ في الكفارة:

1- كان الرب يترامي بمجده فوق غطاء التابوت الذي
يسمي كرسي الرحمة كما قال لموسي “لأني في المحارب اتراءي علي الغطاء”
(لا 16: 2).. علي أي أساس كان الرب يتراءى بمجده فوق غطاء التابوت، علي أي اساس دم
الكفارة الذي دخل به رئيس الكهنة ونضح منه سبع مرات علي غطاء التابوت.. ويوم
الكفارة وأن كان مذكوراً بين الأعياد لكنه كان يوم تذلل كما رأينا.. وأن تصالح
الإنسان مع الله مازال علي هذا الأساس دم المسيح والتزلل والتوبة.

 

2- كانت بركات يوم الكفارة لا تقتصر علي اليهود
وحدهم بل كانت تشمل الغريب أيضاً والنازل في وسطهم (لو 16: 29).. دبر الله
بالإيمان بيسوع المسيح هو إلي كل وعلي كل الذين يؤمنون لأنه لا فرق.. متبررين
مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه (رو
3: 22- 25).. أن كفارة المسيح للخليقة كلها (1: 0 2)

 

سنة اليوبيل

ويتصل بموضوع عيد الكفارة سنة اليوبيل والمعني
في العبرية قرن الخروف أو البوق. ويطلق مجازا علي الصوت الخارج نتيجه نفخ البوق.
سنة اليوبيل تأتي كل خمسين سنة، أي كل سبعة أسابيع سنين أي 49 سنة لكن سنة اليوبيل
لا تبدأ بالشهر الأول من السنة بل بالشهر السابع الذي فيه الكفارة بل أنها تبدأ في
يوم الكفارة ثم يعبر بوق الهتاف في الشهر السابع من عاشر الشهر في يوم الكفارة
تعبرون البوق في جميع أرضكم، وتقدسون السنة الخمسين وتنادون بالعتق في الأرض لجميع
سكانها. تكون لكم يوبيلا وترجعون كل إلي ملكه. وتعودون كل إلي عشيرته (لا 25: 8-
11).. لقد كانت سنة اليوبيل هي سنة عتق العبير ورد كل شئ. كان يعفي المدينون من
ديونهم، ويعتق العبيد ويعتبرون احرار، وترجع الأرض إلي من سبق أ باعها عن فقر
وعوز. أما السبب في ذلك فهو أن الكفارة هو الأساس الذي عليه تأتي أزمنه رد كل شئ
التي تكلم عنها الله بفم جميع انبيائه القديسين منذ الدهر (أع 3: 21).. وكما أن
الفصح هو نقطة البداءة للمؤمنين بموت المسيح، وهكذا كان يوم الكفارة هو بداءه
جديدة لذلك الشعب حينما تمحي خطاياهم بالتوبة: ألا تعود أنت فتحيينا فيفرح بك
شعبك؟ (مز 85: 6).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى