علم التاريخ

59- مارتن لوثر



59- مارتن لوثر

59- مارتن لوثر

كان
أهم ما أثار مارتين لوثر
Martin
Luther
هو موضوع الغفران، فقد امن
الكاثوليك، ان كل أعمال الشر تنال جزاءها أما في هذه الحياة أو في تلك الفترة التي
تعقب الموت والتي سموها (المطهر) والتي تتأهب فيها النفس للسعادة الخالدة، وقد
آمنوا، البابا يستطيع، يقصرها نتيجة الغفران للأحياء والأموات، وكانت تلك
الغفرانات تباع بالمال على، وكلاء البابوية أساءوا استخدم هذه أيضاً، واتخذوانها
وسيلة لا تبزاز الأموال، وإلا وهى إنها قلب الله وتخجل الكنيسة، وقد دخل كثيرون من
أخيار الكاثوليك ضد هذه المساؤى، وسفهوا علينا تصرفات بائعى صكوك الغفران.

 

وفي
سنة 1517 اصدر البابا ليون العاشر غفرانا لما للشعب شاملا العالم المسيحي كله إن
“وكان الغرض منه الحصول على المال الازم لإتمام بناء كنيسة القديس بطرس في
روما، وكان رئيس الأساقفة البرت منيز وكيلا عن البابا في بيع الغفرانات في بعض
أجزاء الإمبراطورية الألمانية يومئذ، ولكن قبل، نصف الأموال التي جمعها من أبرشية
اغتصبها لنفسه وسدد بها بعض ديون التي كان قد افتراضها، ومن تم نري هذا النظام
الذي وضعته القرون الوسطى يتحول الآن إلى تجارة حقيرة كان لوثر في ذلك الوقت راهبا
حسب نظام القديس اغسطينوس كما كان أستاذ العلوم الدين وراعيا لكنيسة ويتبرج، وكان
يرى التائبين الذين يعترفون له بخطاياهم، والذين اشترط عليهم الندم والتوبة
وانسحاق القلب، يقدمون له صكوك غفرانهم بديلا، فأحس بأنه قد أهبه في خدمته وفي
أقداس واجباته، وكان قد لهم في صراعه الروحي، وبوحي رئيسه وبعض زملائه، الإيمان هو
الشرط الكافي الوافي للتبرير، ” وقد استمأزت طبيعته الدينية من تدنيس هذه
الظواهر الروحية الداخلية، ومن ” بيع النعمة بالذهب ” وفى عشرة حماسه
أعلن باب كنيسة ويتنبرج بحوته الخمسة والتسعين عن منح الغفران، وكان قد كتبها
باللاتينية، وعلى حسب عادة ذلك الزمان تحدى فيه الخصوم ودعاهم إلي حوار علني،
وكانت مكتوبة بأسلوب وصياغة تثير تفكير الخاصة من العلماء دون العامة في الشعب
الألماني، وقال، غفران الخطايا يمنح لكل مسيحي يتوب ويندم بدون الحاجة إلي صك، وإن
غفران البابا ليس ألا إعلانا للغفران الإلهي، وان إنجيل نعمه الله يابى التصرفات
المخزية التي يقترفها تجار منح الغفران ولم يكن لوثر يقصد مهاجمة البابا أو نظام
الكنيسة، ولكنه أحس، الحبر الأعظم حين يقف على المخازى التي يقترفها وكلاؤه في حق
الناس يؤثرا، تهدم كنيسة الفريسى بطرس وتحرق بالنار على، تبنى على دماء الشعب
وعظامه،

أحس
الراهب لوثر انه يدافع عهن وجهه نظر البابا ويفضح المتاجر به الاثنين، ولكن
المعركة التي اضطر إلى خوضها في سبيل عقيدته ساقته سوقا إلى الشطط الذي إليه فيما
بعد، واخطر إلى، يعلن جهرة، الإيمان الذي استقاه من الأسفار المقدسة، والذي بات
مصدر قوته وحياتها يناقض العقائد التي اندست في خلال القرون الوسطى وحسب ربل نظام
الكنيسة الحالي كله، على، مع ذلك ارتضى بناء على رجاء بوعدهم وطلبوا أقامه مناقشه
علينه له في ليبنرج، فأحس لوثر انه اصبح في حل من تعهده، وراح يقارع خصومه وجها
لوجه، واخطر، يصرح علانية، سلطة البابوية في ألمانيا، يصمت بشرط، يصمت خصومة أيضا
علي، هؤلاء لم يبروا بوعدهم وطلبوا إقامة مناقشة علنية له في ليبزج، فأحس لوثر انه
اصبح في حل من تعهده وراح يقارع خصومه وجهاً لوجه واخطر، يصرح علانية، سلطة
البابوية ليست ذات مصدر الهي وأنها من ابتكارات تطور التاريخ أشبه بسلطة
الإمبراطور الألماني وان الاعتراف بهذه السلطة ليس من مقتضيات الخلاص.

 

اتخذ
لوثر الخطوة الحاسمة وبعد، رفض المثول بين يدي البابا الذي استدعه في روما وبعد،
جاهر في مناظرة خصومه بان لا يؤمن بالسلطة البابوية وبعد، نشر عقائد إيمان الكنيسة
باللغة الألمانية لكي يفهمها الشعب وبعد كل هذا لم يكن بر من اللجوء إلى الشعب
الألماني ذاته بألفاظ تستعر بنار الحماس مناديا إياه، يطالب بحرية الفرد في الدين.

 

والذي
هدف إليه لوثر ألان هو أتشاء كنيسة ألمانية قومية مستقلة وحرية الإفراد في كثير من
الشئون الدينية فقد أعلن مثلاً، الرجال والنساء، يكونوا رهبانا وراهبات إذا شاءوا
ولكن من حقهم أيضا، يهجروا الأديرة إذا لم تطمئن نفوسهم إلى هذه الحياة واصر علي،
خلاص الناس رهين بالإيمان بالله لا بالأعمال الصالحة التي يعملونها.

 

وقال،
صلوات البشر واعمالهم ينبغي، تصدر عن وازع محبه الله والاعتراف بفضله وهو المشفق
الرحوم غافر الذنوب ولم يقبل، تكون الصلوات والأعمال الحسنة بمثابة رصيد حساب روحي
يستعين علي نيل الخلاص.

 

ومما
علم به، حياة الرهبان والراهبات ليست اسمي من الذين يخدمون الله بأعمالهم اليومية
في مفترق الحياة، أمن بان الكهنة رجال عاديون اختبروا لتمثيل الشعب وقيادته في
العبادة فقط وليسوا أشخاصا خلقت عليهم الكنيسة نقودا وخواصا لن تنزع منهم.

 

وكان
من جراء هذا كله، حرمة البابا وامر بإحراق كل كتاباته فما كان من لوثر ألا، احرق
كتاب (قانون الكنيسة) وانثني طلابه ومريدوه في انفعال شديد يحرقون الرسالة
البابوية ومؤلفات خصوم زعيمهم في مدينة ويتنبرج.

 

وعند
ذاك كان الأمراء الألمان السبعة الذين حولهم اختيار الإمبراطور قد بايعوا تشارلز
الخامس ملكا عليهم، فاستدعي تشارلز لوثر إليه ليجهر بعقائده أمام الجمعية الوطنية
(مجلس النواب الألماني) في مدينة (درمس)، فانطلق مع بعض أنصاره في عربة مغطاة
وأمامهم المنادي الإمبراطوري وقد رفع علمه الأصفر ذا النسر المزدوج دلاله علي انهم
في حصن الإمبراطور، وكان لوثر يخطب في الناس في كل مكان يقف فيه في الطريق، فأثار
حماس الجماهير الصاخبة واندفع الناس من بيوتهم يحيونه وهو داخل المدينة وفي أثناء
انعقاد مجلس النواب كتبت علي الجدران عبارات تهديد تنبئ بان الثورة ستكون مسلحة
إذا أصاب لوثر مكروه وعندما وقف لوثر أمام الإمبراطور في اليوم التالي قرر في غير
مواربة انه لا يتقيد لا بأوامر البابا ولا بقرارات المجامع العامة، وهو لا يخضع
ألا لضميره ولأسفار الكتاب المقدس وختم كلامه قائلاً ” علي هذا عاهدت نفس
وسأكون علي العهد مقيماً أعانني الله ”

 

ثم
عاد لوثر إلى مقره وكان الإمبراطور تشارلز الخامس يلتمس في ذلك الوقت فضلاً من
البابا فعزل الأمراء الالمان الذين انتصروا للراهب مارثن لوثر، تم استدعاء الباقين
أعلن فيهم، لوثر خارج علي القانون وقد حدث ذلك قبل، تمضي عشرون يوما علي منا درة
لوثر المدنية.

 

علي،
الضارة كانوا متأهبين وبينما كان في طريقه خرجت مجموعه الخيالة من غابه واوقعوا
العربة وحملوه معهم وهناك في قلعه ورتبرج الكبرى أخفاه آمر ساكوني ووضعه تحت
حمايته وقد بقي مدة متخفيا في بذله فارس فقير، ومن مخبأة كتب رسائل إلى أصدقائه
وأنصاره وهناك شرع أيضا في ترجمه العهد الجديد إلى اللغة الألمانية بعبارة سهله
الفهم وترجم فيما بعد بمعونة علماء آخرين أسفار العهد القديم أيضا.

 

وكانت
ألمانيا في ذلك الحين علي حال من الفوضي والاضطراب، فالإمبراطور كان اكثر الوقت
متغيبا في أملاكه، وكان يكون كل أمير مستقلاً في إمارته أما الفلاحين الكادحون
والفرسان الفقراء فقد انطوت نفوسهم علي التمرد والمرارة وعضد الناس لوثر سوقين إلى
ذلك بعوامل متباينة، فبعضهم ناصره لكراهيتهم الضرائب التي فرضها البابا ورغبتهم
في، يديروا ألمانيا الحرة المتحدة والبعض الأخر كالفلاحين توسموا، تكون مناداته
بالحرية المسيحية وسيله لإعتاقهم من أغلال العبودية واخرون يهدفون، يهدموا كل
الأشياء من النظم القديمة وخلق عالم جديد.

 

أغلقت
الجامعة في ويتبرج وعطلت العيادة في الكنيسة واضطهد الرهبان والراهبات وبات لوثر
في موقف حرج خانق، فهو لم يرد، يحطم كل النظم القديمة ولا، يفرض تعاليمه علي الشعب
فرضا وخشي نشوب ثورة اجتماعية تذهب بكل جهوده وتعاليمه، فاضطر، يخرج من مخبأة
ويهدئ ثائرة الشعب في ويتنبرج حتى عادت الأمور إلى مجاريها، وجاهد لإخماد ثورة
الفلاحين، علي انه حينما فشل في ذلك واشتدت الثورة وهاجم الثوار القلاع والأديرة
حرص الأمراء علي قتلهم وإخماد ثورتهم في غير هوادة ولا رحمه. ولكن لوثر ندم علي
ذلك فيما بعد وأنب نفسه علي هذه الغلطة.

 

غرست
الآراء التي أذاعها لوثر في أوراق كثيرة من ألمانيا، وراح هو بقيه حياته يعلم
وينشر دعوته وينظم الكنيسة الجديدة ويتعهد حياتها وثقافتها، وقد تزوج من (كاترين
فون بورا) التي كانت راهبة، وعاش وإياها حياة هنية مع أطفالها في البناء الذي كان
قبلاً ديرا له في ويتنبرج وهناك كتب المؤلفات الدينية ونظم الترانيم التي يرددها
البروتستانت ألان.

 

ولما
تفشي الطاعون ف ويتنبرج ظل لوثر فيها بين الشعب، وهكذا نشأت الكنيسة
البروتستانتينه نتيجة عيوب رجال الإكليروس الكاثوليك وشطرت الكنيسة الغربية شطرين
ولم ينقضي وقت طويل حتى ساءت العلاقات بين الفريقين وشك كل واحد في نوايا الأخر
وبدأت تفرق أوروبا في حروب دينية اتسعت بها الهوة وانتشر التعصب الديني.

 

وبعد
موت مارثن لوثر خرج شخص أخر ليخلق نظاما جديداً يؤكد به حق الكنيسة المطلق في
الحرية والاستقلال عن الدولة وهذا الشخص هو.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى