علم المسيح

18- إسكات الريح العاصف والبحر الهائج



18- إسكات الريح العاصف والبحر الهائج

18- إسكات الريح العاصف والبحر الهائج

إن ما
يقابل الكارز من مخاطر وعثرات مفاجئة تكون على مستوى أصعب من قدراته قادر أن يُربك
كرازته ويُقلِّل من فاعليته، لذلك ارتأى المسيح أن يجوز هذا الاختبار مع تلاميذه
حتى يقوِّي عودهم ويزيد من إيمانهم ورباطة جأشهم. فحينما كان التلاميذ ومعهم
المسيح مبحرين بسفينتهم الصغيرة من الشاطئ الغربي نحو الشاطئ الشرقي للبحيرة، كان
المسيح مجهداً للغاية فنام في “خُنّ” المركب. وبينما هو نائم هبَّت
عاصفة هوجاء عنيفة وعلا موج البحر وأخذ يتقاذف السفينة، وبلغ الخطر حد الغرق.
فاضطروا أن يوقظوه، فقام وانتهر الريح بسلطان وأمر البحر أن يصمت، فهدأت الريح في
الحال وصمت البحر وكأن الطبيعة أصبح لها آذان تسمع وإرادة تخضع. ثم عاد على
التلاميذ يوبِّخ عدم إيمانهم: أين ثقتكم في الله واعتمادكم عليه؟ ولكنهم ظلوا
مذهولين: “أي إنسان هذا. فإن الرياح والبحر جميعاً تطيعه؟” (مت 27: 8).
ولكن لم تكن تمثيلية هذه التي صنعها المسيح مع تلاميذه ولم يكن مجرَّد أمر للريح
والبحر، ولكنه تسليم وتسلُّم إذ منحهم إيمانه وصلابة سلطانه على الطبيعة كما على
باقي المخاطر والمعاثر. فالمسيح لم يكن معلم نظريات، بل مدرِّب روحيات ومواقف
لمعارك خفية ومنظورة. ولم يكن كمَنْ يُسلِّم مهنة وأسرارها، بل إنه يُعطي إمكانيات
وسلطات لرسل منوط بهم أن يؤسِّسوا معه ملكوت السموات، لذلك وبَّخ عدم إيمانهم!!

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى