بدع وهرطقات

15- خطأ تحديد موعد مجيء المسيح



15- خطأ تحديد موعد مجيء المسيح

15- خطأ تحديد موعد مجيء المسيح

من
أهم المواضيع التي شغلت وتشغل خواطر القديسين في أجيالهم، مجيء المسيح ثانية. ولقد
أعطى الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد أهمية كبرى لهذا الموضوع الخطير، فذكره
في عدد عديد من فصوله.

 

والواقع
أنه ليس من أمل يراود الكنيسة ويبهجها كالأمل بمجيء فاديها ومخلصها ثانية. حتى أن
الرسول المغبوط بولس أطلق على هذا المجيء اسم الرجاء المبارك وظهور مجد الله
العظيم ومخلصنا يسوع المسيح (تيطس 2: 13).

مقالات ذات صلة

 

والحق
أن مجيء المسيح ثانية من الحقائق المسيحية التي لا تُنازع ولا تُجادل لأنها ظفرت
بإجماع المسيحيين في كل جيل وعصر، لأن المسيح نفسه أكدها بوضوح إذ قال:
«وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلامَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ
تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً
عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ… وَمَتَى جَاءَ ابْنُ
الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ المَلائِكَةِ القِدِّيسِينَ مَعَهُ،
فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ» (الإنجيل بحسب متى 24: 30، 25:
31).

 

بيد
أنه إذا كان الإجماع مستقراً على المجيء الثاني للمسيح، فإن الخطأ الذي ارتكبه
الأدفنتست وشهود يهوه في تحديد وتعيين وقت مجيئه كان فادحاً جداً، للأسباب
التالية:

 

1
– إن تحديد يوم مجيء المسيح ثانية، ليس له سند كتابي على الإطلاق. فلو تصفحنا
أسفار الكتاب المقدس وتأملنا في النصوص الخاصة بهذا المجيء، نراها ضد تحديد وتعيين
التاريخ الذي فيه يأتي السيد الرب. والمسيح نفسه قال: «وَأَمَّا ذالكَ اليَوْمُ
وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلا يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلا مَلائِكَةُ
السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ» (الإنجيل بحسب متى 24: 36).

 

وحين
سأله التلاميذ قبيل صعوده عن موعد مجيئه الثاني قال لهم: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ
تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ التِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ»
(أعمال الرسل 1: 7).

 

من
هنا يتبيّن لنا لما لا يقبل الجدل أنه لا الملائكة ولا رسل المسيح يستطيعون تعيين
وقت مجيء الرب. ومن ميزات هذا المجيء أن الرب شاء أن يجعله فجائياً وخاطفاً بحيث
يستحيل تحديد زمنه. وفي هذا قال الرب يسوع: «لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ البَرْقَ
يَخْرُجُ مِنَ المَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى المَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضاً
مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ» (الإنجيل بحسب متى 24: 27).

 

ولا
مراء في أن هذا السر الذي شاء الرب أن يكتمه عن الملائكة، ولم يبح به يسوع
لتلاميذه، لا يمكن أن يعطى سلطان كشفه لجماعة السبتيين أياً كان امتيازهم، ومهما
برعوا في دراسة النبوات.

 

2
– إن تحديد اليوم الذي يأتي فيه المسيح ثانية، يناقض فكرة الله، التي جعلت القصد
الرئيسي من سرية المجيء تنبّه الناس وسهرهم واستعدادهم لهذا المجيء، بدليل قول
المسيح: «اِسْهَرُوا إِذاً لأَنَّكُمْ لا تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي
رَبُّكُمْ. وَ
اعْلَمُوا
هذَا أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ البَيْتِ فِي أَيِّ هَزِيعٍ يَأْتِي السَّارِقُ،
لَسَهِرَ وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. لِذالكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً
مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لا تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ»
(الإنجيل بحسب متى 24: 42-44).

 

ويقيناً
أن تحديد الوقت من حيث قربه أو بعده، من شأنه أن يحدث ارتباكاً وضرراً كبيرين في
حياة المؤمنين، إذ يشل حركتهم، وربما يصرفهم عن الكثير من واجباتهم. وخصوصاً إذا
ما بدا لهم أن هذا الوقت قريب، الأمر الذي يحملهم على العزوف عن إتمام المشاريع
الموضوعة أمامهم. وقد حصل شيء كهذا فعلاً في مطلع المسيحية، حين ظن بعض المسيحيين
في تسالونيكي أن مجيء المسيح بات وشيكاً. فباعوا ممتلكاتهم، وتعطلوا عن أعمالهم.
مما اضطر الرسول بولس لإنذارهم قائلاً: «ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ
مِنْ جِهَةِ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيحِ وَ
اجْتِمَاعِنَا
إِلَيْهِ، أَنْ لا تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعاً عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلا تَرْتَاعُوا، لا
بِرُوحٍ وَلا بِكَلِمَةٍ وَلا بِرِسَالَةٍ كَأَنَّهَا مِنَّا: أَيْ أَنَّ يَوْمَ
المَسِيحِ قَدْ حَضَرَ» (تسالونيكي الثانية 2: 1-2).

 

أما
إذا بدا موعد المجيء المنتظر أبعد مما يتوقعون، فما من شك أنهم سيجربون بالتهاون
وعدم النشاط في الرسالة الموضوعة أمامهم. لذلك حرصت حكمة الله على الحيلولة دون
الفكر البشري ومعرفة هذا اليوم وتحديد ساعته.

 

3
– إن تحديد وقت مجيء الرب ثانية إذا لم يتيسر ضبطه ينشئ رد فعل سيئاً، كما حدث حين
توهم كثيرون أن مجيء الرب سيحدث سنة ألف ميلادية، وفقاً لما توهموه من أن الألف
سنة المذكورة في سفر الرؤيا، ستقع بين المجيئين، الأول والثاني. فتابوا وصلوا
وصاموا. ولكن لما مر الموعد الذي حددوه ولم يأت المسيح، غزت الشكوك قلوبهم. ولم
يلبثوا أن ارتدوا عن الإيمان وانغمسوا في الموبقات، وانحدروا إلى أسفل درجات
المجون والفساد.

 

4
– إن تحديد المفسرين لزمن عودة المسيح، إن لم تثبت صحته، يدفع غير المؤمنين إلى
السخرية من الكتابات المقدسة وعدم الإيمان بصحتها، لأنهم لا يفرقون بين أقوال
مفسري النبوات والعقيدة التي تضمنتها هذه النبوات. وشر ما في الأمر هو أنه يصبح من
الصعوبة اقناعهم بقبول الإيمان بما عمله المسيح عن مجيئه الثاني.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى