علم المسيح

111- مريم تدهن المسيح بمسحة التكفين



111- مريم تدهن المسيح بمسحة التكفين

111- مريم تدهن المسيح بمسحة التكفين

ابتدأ
المسيح رحلته من أريحا إلى بيت عنيا قبل الفصح بسبعة أيام، وكان ذلك يوم الجمعة
فجراً على أن يصلوا إلى بيت عنيا قبل المساء، أي قبل دخول السبت، على أن يقضي يوم
السبت للاستراحة في بيت لعازر ومريم ومرثا. وكان عشاء السبت بشبه وليمة حيث أكل
المسيح مع الذي أقامه من بين الأموات. ولكن المفاجأة كانت من مريم، إذ بينما أختها
تخدم المائدة كالعادة، جاءت مريم من خلف المسيح وهو متكئ وسكبت زجاجة من طيب
“ناردين
Spikenard
غالي الثمن على قدميه ومسحتهما بشعر رأسها، وذلك بمثابة تكريم الضيافة، حيث كان في
الأصل يتقدَّم العبد ويغسل رجلي الضيف بماء دافئ ليزيل عنه التعب من وعثاء السفر.
وكان أن امتلأ البيت برائحة الناردين. وهنا ظهر التلميذ الذي تعيَّن أن يكون
خائناً لسيده، فلم يحتمل تكريم المسيح إلى هذا الحد، ونفَّث عن غيظه لمَّا رأى في
هذا البذخ إتلافاً للمال فقال: “لماذا لم يُبَعْ هذا الطيب بثلاث مئة دينار
ويُعطَ للفقراء” ويرد الكتاب هكذا: “قال هذا ليس لأنه كان يُبالي
بالفقراء، بل لأنه كان سارقاً وكان الصندوق عنده، وكان يحمل ما يُلقى فيه”
(يو 12: 5و6). فتحرَّك المسيح ليدافع عن عمل المحبة: “اتركوها. إنها ليوم
تكفيني قد حفظته. لأن الفقراء معكم في كل حين، وأمَّا أنا فلست معكم في كل
حين.” (يو 12: 7و8)

لم
يكن يهوذا الإسخريوطي على مستوى عمل المحبة، ولم يَطِقْ مشاعر الأمانة للمسيح لأن
فكرة الخيانة كانت تأكل قلبه. وكان ق. يوحنا أول مَنْ كشف في إنجيله عن اسم
التلميذ (يهوذا) الذي اعترض على هذا العمل وعن السبب الحقيقي الذي جعله يقول ذلك.
ويبدو أن ق. يوحنا كان يتكلَّم بما كان يعرفه بقية التلاميذ. ولكن المدهش أن
المسيح لم يعبِّر عن شعوره بشيء لأنه كان وديعاً وهادئاً هدوء الطفل، وهو عالم أنه
سيسلِّمه. أمَّا تعليق يهوذا الوقح على هذا العمل الخارج من مشاعر نبيلة، فكان
كشفاً لما يحسّه من انهيار روح الأمانة والتمجيد لمعلِّمه. أمَّا تعليق المسيح،
فكان محاولة لإيقاظ قلوب التلاميذ الغافلة على أنه سيؤخذ منهم وشيكاً!! إذ أشار أن
اليوم، وهو سبت، قد سبقت مريم وكفَّنت الجسد الذي سيقضي السبت القادم مسجَّى في
قبر!

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى